الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الامين اما بعد في لقاءات جديدة من لقاءات الايمان والتقوى نتدارس فيها شيئا من ايات كتاب الله عز وجل نبتدأ في هذا اليوم بقراءة سورة إبراهيم عليه السلام وهذه السورة سورة مكية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة وموظوعها الاساسي يتحدث عن الهداية التي تكون للانبياء واتباعهم ما يقدره الله لهم من العاقبة الحميدة عزا ومجدا ورفعة وبيان حال اولئك المعرضين عن انبياء الله فانه مع عظم ما لديهم من الامكانات وما عندهم من المكر العظيم الا ان العواقب السيئة تكون لهم فلعلنا نقرأ شيئا من الايات من بداية هذه السورة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الف كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور نور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد والله الذي له ما في السماوات وما في الارض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا اولئك في ضلال بعيد وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه الا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء اه فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ولقد ارسلنا موسى باياتنا ان اخرج قومك من الظلمات الى النور وذكرهم بايام الله ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور واذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم اذ انجاكم. من آل فرعون اذ انجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون ابنائكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد وقال موسى ان تكفروا انتم ومن في الارض جميعا انتم ومن في الارض جميعا فان الله لغني فان الله لغني حميد. ابتدأ الله جل وعلا هذه السورة في الحروف المقطعة الف لام ر لبيان ان هذا الكتاب كون من حروف عربية وجاء بلغتكم ايها العرب ومع ذلك تعجزون عن الاتيان بمثله ولذا نوه الله بذكره فقال كتاب انزلناه اليك فهذا القرآن سيبقى مكتوبا الى قيام الساعة وانزاله من عند الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم لحكمة عظيمة وغاية كبيرة الا وهي اخراج اجناس من الظلمات الى النور ظلمات ماذا ظلمات الجهل والشك والشرك و البدع والمعاصي الى نور التوحيد ونور السنة والطاعة والهداية فمن تمسك بهذا الكتاب كان هو المهتدي. ولذلك كانت ايات الكتاب حكما وتبيانا لكل شيء وربط ذلك بمشيئته سبحانه فقال باذن ربهم اي انه لن يتمكن احد من الهداية ومن الخروج من الى النور الا بتوفيق من الله. واذن منه جل وعلا. من اجل ان يتوجه اليه فيطلبوا منه ان يهديهم وان يخرجهم من الظلمات الى النور. ثم قال لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد. اي الواضح الذي يهتدي به الناس. ويكون سببا من اسباب نجاتهم دنيا واخرة واتى باسمي العزيز والحميد لمعنى عظيم. فالعزة في مقابل الذلة مما يفيد القوة والنصرة والحميد بمعنى انه المحمود سبحانه وتعالى. لنستفيد اريد من ذلك ان من تمسك بطريق الله كانت له العزة وكان محمودا دنيا واخرة وبالتالي فان الدعايات الكاذبة والمظللة التي يبذلها اعداء الله تجاه اولياءه لا تجدي شيئا لان الله يجعل العزة لاولياءه ويجعل لهم الثناء والحمد ولذا قال تعالى الله الذي له ما في السماوات وما في الارض. فهو المالك لكل ما في الكون ومن كان مالكا للكون كله بما فيه فانه لا يعجز ان ينصر اولياءه ان يوجد لهم الثناء الحسن. وفي مقابل هؤلاء من اعرض عن سبيل الله وكان من كافرين فقد توعده الله بالكلمة الشديدة. فقال وويل للكافرين من عذاب وهذا العذاب كما يكون في الاخرة يكون ايضا في الدنيا. ما هي صفة هؤلاء الذين توعدهم الله بالعذاب الشديد لهم صفات. اولها انهم يستحبون الحياة اتى الدنيا على الاخرة. بمعنى ان انظارهم وافكارهم كانت منحصرة في الدنيا وغفلوا عن الاستعداد للاخرة. ولذا لم يكن لهم في الاخرة من نصيب ومن صفاتهم انهم يصدون عن سبيل الله. بمعنى انهم يبذلون الاسباب التي تجعل الخلق لا يستجيبون لدعوة الحق ومن ثم تكون ثم ومن ثم فيكونون من اهل الضلالة. واما صفتهم الثالثة فانهم يبغونها عوجا العوج المائل عن الطريق المستقيم. وهذه تشمل ثلاثة معان فهم يريدون ان يبتعد الناس عن الصراط المستقيم. فيعوج بهم الطريق. وهم كذلك يصفون اهل الايمان بالصفات القبيحة من اجل ان يميل الناس عنهم ولا لدعوتهم. ومن شأنهم ايضا انهم يحرفون الامور عن مقاصدها آآ فكانما ان الله قصد الدنيا لتكون مزرعة للاخرة جعلوا الدنيا غايتهم التي لا يرجون غاية ورائها. ولذا قال اولئك في ضلال بعيد الظلالة ضد الهدى فقد ابتعدوا عن الحق والنور الى الظلمات ضلالات ووصفهم بانهم قد ابتعدوا جدا عن الحق فقال في ضلال بعيد ثم ذكر الله جل وعلا ما يتعلق اللغات التي يكون الانبياء او يتكلمون بها. فكل نبي يتكلم بلسان قومه. وكل كتاب نزل فانه نزل بلغة من نزل عليهم الكتاب. ولذا نزل كتاب الله القرآن العظيم بهذه اللغة العظيمة لغة العرب. فقال وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم اي ليكون موافقته لهم في اللغة سببا من اسباب وضوح الحق عندهم. وتبين سبيل الهدى فاذا قامت الحجة على العباد انقسموا ما بين مهتد يهديه الله جل وعلا الى سبيل الحق بفظله واحسانه والى تارك لسبيل الهدى عنادا وجحدا وكفرا بمشيئة من الله عدلا منه سبحانه وتعالى بياء الله من وظيفتهم البيان والتوظيح واما الهداية فهي الى الله جل وعلا ولذا قال وهو العزيز الحكيم. فهو عزيز قوي منيع ينصر اولياءه ويقف معهم وهو كذلك حكيم بمعنى ان حكمه نافذ وانه اذا لقضى شيئا فلا بد ان يقع. كما انه حكيم له الحكمة فيضع الامور فيما يناسبها من الاقدار. ولذا قد يتأنى بنصب يا اهل الايمان لمعان يراها وحكم يجعلها لتقديراته سبحانه وتعالى ثم ذكر الله جل وعلا قصة نبي من انبيائه الا وهو موسى عليه السلام فقد جاءت قصته مفصلة في سور اخرى مثل سورة طه والقصص. ولكنه اورد هذه القصة باختصار ليحقق المعنى الذي من اجله جاءت هذه السورة ليبين ان اهل الهدى من انبياء الله واتباعهم اخرجهم الله من الظلالة ومن الظلمات الى النور. فكان هذا من اسباب نصر الله عز وجل لهم مع انه قد وقع عليهم البلاء الشديد وكانوا مستضعفين في الارض قبل ذلك فقال تعالى ولقد ارسلنا موسى باياتنا اي بعثه الله نبيا بالعلامات الواضحة والدلائل والبراهين التي من تفكر فيها وكان مريدا للحق ان قاد لها شأنه ان يخرج قومه من الظلمات الى النور. وفي هذا دلالة على عمومية رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. فانه في اول الايات قال لتخرج الناس من الظلمات الى النور. وفي موسى قال ان اخرج قومك من الظلمات قيل النور وقوله وذكرهم بايام الله. اي عرفهم بالايام التي اوقع الله عز عز وجل فيها العواقب الحميدة لاهل الايمان والعواقب السيئة لاهل الكفر والعناد ان في ذلك اي في هذه الايات التي سبقت. وفي قصص موسى عليه سلام الايات اي لعلامات لكل صبار شكورا. جمع بين الامرين الصبر والشكر وذلك ان العبد في الدنيا لا يخلو من حالين حال الظراء يناسبها الصبر وحال السراء والنعم التي يناسبها الشكر. ولذا فان يجمع بين هاتين الصفتين الصبر والشكر ولذا لم يحسن سؤال اولئك الذين سألوا هل الافضل في حال العبد ان يكون صابرا ام ان يكون شاكرا؟ لان المؤمن لا بد ان يجمع بينهما كما قال صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير وليس ذلك الا للمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. والحالة الثالثة لاهل الايمان انهم يتوبون ويستغفرون لما يكون منهم من خطأ وزلل. ولذلك جاء بصيغة المبالغة صبار وشكور فلم يقل صابر شاكر لانه يستمر على حالتي الصبر والشكر ثم ذكر الله جل وعلا بما كان عليه بنو اسرائيل في اوائل امرهم سواء قبل بعثة موسى او بعد ان بعث قبل ان يهلك الله عدوهم فقال واذ قال اي واذكر اذ قال موسى لقومه من بني اسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم يذكرهم بالنعم التي جاءتهم وبما اورده الله اليهم من الخيرات ومن النجاة من اعدائهم. ولذا قال اذ انجاكم. اي رفع عنكم ما فعل له بكم عدوكم اذ انجاكم من ال فرعون اي من فرعون واتباعه. حيث كانوا يسومون سوء العذاب يسومونكم يعني يجعلون فيكم عذابا شديدا بحيث يكون علامة عليكم يعرفها كل واحد من الناس فالسمة هي الصفة والعلامة. فقد جعل هؤلاء بني اسرائيل يتعذبون ليكون العذاب سمة ظاهرة عليهم. ثم قال ويذبحون ابناءكم اي لم يقتصر لم يقتصر ما يسومونه من العذاب عليهم بل وصل الى ابنائهم. فقال ويذبحون ابناءكم والابناء هم الذكور. بينما الاناث يتركونهن ليكون هؤلاء القوم عاجزين مستضعفين وليكون نساؤهم خدما لبني اسرائيل. فقال ويذبحون ويستحيون نسائكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. في ذلكم قيل في هذا العذاب الشديد الذي وقع بكم بلاء وشدة قدرها الله عز وجل عليكم وكذلك يشمل هذا المعنى وفي ذلكم اي في نعمة الله عليكم بانجائكم من عدوكم بلاء واختبار يختبركم الله. هل تشكرون الله جل وعلا على ذلك ولذا انظر حالتي الصبر والشكر في ما قصه الله جل وعلا من بنيه اسرائيل ثم قال تعالى واذ تأذن ربكم اي اعلمكم الله واوضح لكم وبين لكم وجعلكم تسمعونه باذانكم لئن شكرتم اي اذا كان من شأنكم ان تشكروا الله على نعمه بان تعترفوا بان ان الله هو المنعم بها وبان تتحدثوا بها وبان تصرفوها في مرض الله فان ان الله قد وعدكم بالزيادة من هذه النعم وفي ذلك فضل من الله عليكم. لانه متى زادت نعم الله عليكم زاد شكركم لربكم ثم قال ولئن كفرتم اي اذا كان من شأنكم كفر نعم الله بعدم بانها من عند الله او بصرفها في مساخط الله ومعاصي الله. فحين ليكن من شأنكم ان تحذروا من عقوبة الله وعذابه فان عذاب الله شديد المؤلم ضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان. فكفرت ينعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. وخاطب موسى عليه السلام قومه فقال لهم ان تكفروا انتم ومن في الارض سواء كان ذلك الكفر ضد الايمان او كان الكفر الذي هو ضد فقال ان تكفروا انتم ومن في الارض جميعا فان الله لغني حميد. فهو سبحانه غير محتاج لعبادة العباد ولا لشكرهم وانما المحتاج للشكر هم العباد انفسهم ولذلك فان الله جل وعلا لا ينتفع بطاعة الطائعين ولا يتضرر بمعصية العاصين وانما الامر يقع عليهم انتفاعا او تضررا فهذه ايات عظيمة فيها معان واحكام كثيرة. فمن ذلك بيان ان هذا المكتوب هو المنزل من عند الله جل وعلا. وانه هو كلام الله حقيقة. تكلم به سبحانه وتعالى فالقرآن العظيم هو المتلو بالالسن وهو المحفوظ في الصدور. وهو المكتوب في صاحف فكله كلام رب العزة والجلال. وفي هذه الايات اثبات الصفة العلو ولله جل وعلا فانه لم يذكر انه انزل الا لكونه جاء من العلو الى الخلق وفي هذه الايات ان الهداية باذن الله عز وجل. وانه سبحانه يظل من يشاء ويهدي من يشاء لحكم يراها. وفي هذا ترغيب العباد في ان يتوجهوا الى الله تعالى ويسألوه ان يهديهم وان يجعلهم ممن يخرج من الظلمات الى النور. وفي هذه الايات ان اهل الهداية بمثابة من يكون في النور الذي اتضح له الطريق. وان من يضادهم منفي الظلمات. ولذلك كان سبيل اهل الايمان واحدا. لانهم يشاهدون الطريق بنور من عند الله عز وجل. وكان اهل الظلالة على طرق شتى ومناهج مختلفة لانهم في ظلمات فهم لا يستبصرون الطريق. وفي هذه الايات ده ان من اسماء الله جل وعلا العزيز والحميد والحكيم فهو العزيز قوته وقدرته وعلو شأنه. ومن ثم فهو يعز اولياءه. وهو الحميد المحمود لصفاته ولشرعه ولتدبير كونه وهو جل وعلا الذي يجعل الحمد لاولياءه وهو الحكيم الذي يجعل الامور فيما يناسبها ويفعل ما افعال لحكم عظيمة تتحقق بها المصالح الكبيرة وفي هذه الايات ان ملك الله شامل لكل ما في السماوات وما في الارض. ومن ثم ما فهو المتصرف في الكون فاذا وعد بنصر اوليائه وبزيادتهم من النعم فهو قادر على ذلك لا يعجزه شيء من هذا. وفي هذه الايات بيان حال كافرين ومآلهم. فهم الى عذاب شديد. وهم لا يتنعمون بما يعطيهم والله من النعم في دنياهم ولا يتنعمون في اخرتهم. وفي هذه الايات ترغيب الانسان ان يكون مستعدا لاخرته. وان ينوي باعماله الدار الاخرة. والثواب الاخرى قروي فان تلك الدار هي الدار الباقية ابد الاباد. واما هذه الدنيا فانما هي هي مزرعة للاخرة وفي هذه الايات انه انما تستعمل الدنيا لتكون خادمة للاخرة. لا لتكون صادتا عنها مشغلة عن الاستعداد لها وفي هذه الايات بيان ان الحق في احد الاقوال. وان ما عداه من الاقوال فهو باطل. ولذا وصف الله جل وعلا طريقه بانه سبيل الله. والسبيل واحد. اما طرائق الظلالة فهي كثيرة متعددة وفي هذه الايات تحريم صد الناس عن سبيل الله. سواء بصدهم عن اصل الدخول في الاسلام او بصدهم عن التوحيد وخصاله او بصده مع اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم او بابعادهم عن شيء من الطاعات التي يطاع بها رب العزة والجلال لا وفي هذه الايات تحريم تشويه سمعة اهل الحق. سواء كان ذلك بمجرد الظنون او اصرار على الكذب والتمويه. وفي هذه الايات تحريم وصف طريق الحق بالاوصاف المنفرة منه. وفي هذه الايات ان الواجب على العباد ان يقفوا مع اهل الايمان وان يجعل لهم العاقبة الحميدة وفي هذه الايات ان الانسان قد يسير على طريق يظن ان عزته فيها ويكون ذلك الطريق سببا لظلاله وذلته في الدنيا والاخرة وفي هذه الايات فضل اللغة العربية فان الله عز وجل قد اخبر ان الانبياء يبعثون بلسان اقوامهم ولسان هذا النبي و اللغة التي جاء بها كتاب الله وكلام الله هي اللغة العربية وفي هذا دلالة على استحباب تعلم اللغة العربية واستحباب نشر هذه اللغة ليفهم كلام رب العزة والجلال وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وفي هذه الاية الترغيب في تعلم العلوم التي تعين على لغة العرب. وتكون وسيلة لفهمها من مثل دراستي معاجم اللغة ودراسة النحو والبلاغة وغيرها من العلوم العربية التي تعين على فهم كتاب رب العزة والجلال وفي هذه الايات استحباب ايصال الدعوة الاسلامية الى الناس جميعا كل لغته بحيث يوضح له ما في هذا الدين من اصول واركان. ويبين له ما جاء به من الحجج والبراهين التي تجعل الناس ينقادون له وفي هذه الايات استحباب بيان احكام الشريعة وفيها الرد على اولئك الذين يقولون بان من الشريعة ما هو ظاهر وما هو باطن بل كل الشريعة ظاهرة بينة واضحة وقد امر انبياء الله بان يبينوا شرائعهم انما عليك البلاغ المبين. بيان الشريعة وتوضيحها هو مهمة نبي الله ومهمة اتباعه وفي هذا بيان انه لا يوجد ما يخفى و يجعل خفيا على الخلق من احكام الله عز وجل وفي هذه الايات التذكير بقصة موسى عليه السلام. وكيف كانت استجابة بني اسرائيل سببا من اسباب عز الله لهم وانتصارهم ورفعة شأنهم وسلامتهم من عدوهم الشيطان الرجيم. وفي هذه الايات فضل موسى عليه السلام ومكانته ومكانة قومه وفي هذه الايات ان وظيفة انبياء الله اخراج الناس من الظلم متيل النور وانبياء الله كل نبي يبعث الى قومه خاصة وان محمدا صلى الله عليه وسلم قد بعث الى الناس عامة. ولذا قال لتخرج الناس من من الظلمات الى النور. وقال في موسى ان اخرج قومك من الظلمات الى النور وفي هذه الايات نسبة الحوادث الى اسبابها فان النبي صلى الله عليه وسلم وموسى عليه السلام لم يكوناهما من يخرج اقوامهم من من الظلمات الى النور. وانما الله هو الذي يهدي من يشاء. ويخرجه من الظلمات الى النور وانما هم اسباب هداية. ومن ثم وصف او نسب الفعل الى ان هو سبب له وفي هذه الايات استحباب التعرف على تواريخ الامم الماضية. وعواقب تلك الامم ليكون من اسباب معرفة سنة الله في الكون عندما يتوجه الناس الى التمسك بشريعة لله يكون هذا من اسباب توارد النعم والخيرات عليهم. وعندما يعرض عن سبيل لا تنزل بهم العقوبات وانظروا في زمانكم هذا وفي ما تشاهدونه من تواريخ امم قد مضت قبلكم. كيف يجعل الله العاقبة الحميدة لمن بشرعه واراد ان يستعد للاخرة فيعطيه الله تعالى الدنيا تبع وان لم يكن قاصدا لها وفي هذه الايات الترغيب في الصبر على ما يصيب الانسان من العقوبات والمصائب في الدنيا. وان الصبر من اسباب فهم الله في الكون. فاذا اردت ان تفهم سنن الله في الكون. وان تفهم ما حكاه الله عز وجل من تاريخ الانبياء واقوامهم فليكن من شأنك ان تكون من اهل الصبر وفي هذه الايات الترغيب في شكر الله عز وجل على نعمه. ومعرفة ان الله جل وعلا انعم على العبد بالنعم الكثيرة المتتابعة. وفي الايات ان شأن المؤمن ان يجمع بين حالتي الشكر والصبر وانه لا يمكن ان يتخلى عن احدى هاتين الصفتين لابد من الجمع بينهما. وفي هذه الايات المنع من جهد نعم الله وعدم الاعتراف بها وفي هذه الايات المنع من الجزع والتسخط من اقدار الله المؤلمة والصبر اربعة انواع. اولها صبر في طاعة الله. بان يربط الانسان نفسه في انواع العبادات والطاعات. والساني صبر عن المعاصي والمحرمات. فلا يستجيب شهوته لارتكابها والاقدام عليها. والثالث الصبر على اقدار الله اه المؤلمة التي قدرها رب العزة والجلال. واما النوع الرابع فالصبر على اذية الخلق فانه لن يسلم احد منها. ثم قال تعالى مذكرا بنعمة الله على بني اسرائيل. فقال واذ قال موسى لقومه وهم بنو اسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم. اي ليكن من شأنكم ان تتذكروا ما ما تفظل الله به عليكم حيث نقلكم من حال سيء الى حال جيد حسن. فاذكر لما كنتم في الحال السابق يسومكم يسومكم فرعون واله سوى العذاب. و كذلك يفعلون انهم يذبحون ابناءكم. وكأن هذا الذبح متكرر متعاود اذا استعمل فيه صيغة المبالغة. فلم يقل ويذبحون وانما قال ويذبحون ابنائكم وفي هذه الايات التذكير بان ما يعطيه الله للعباد من ابناء فهو نعمة منه سبحانه وتعالى وبقاء الابن حتى يشب وحتى يكبر فينفع والديه نعمة من الله جل وعلا وفي هذه الايات وفي هذه الايات بيان ان النساء يحتجن الى الرجال ليكونوا لهم في اموري دنياهم. وفي هذه الايات ان الله تعالى يختبر العباد بما يقدم عليهم من المصايب هل يصبرون ويختبرهم فيما يقدره عليهم من الخيرات والنعم هل ليشكرون وفي هذه الايات ترغيب الناس في شكر الله على نعمه بان يعترفوا بان النعم من الله سبحانه وتعالى ونحن نجد ان كثيرا من الناس يغفل عن هذا فتجده ينسب نعم الله الى نفسه فاذا قيل له كيف اكتسبت هذه الشهادة العالية؟ قال بجدي واجتهاد وسهري لليالي وينساني ينسب ذلك الى الله. واذا قيل له كيف اكتسبت هذا المال قال بتخطيطي ومهارتي ومعرفتي نحو ذلك من صفاته وينسى ان الله هو الذي اعطاه هذه النعم وانه انما قدر الله له هذه الخيرات. وكم من انسان يماثله في هذه الصفات ومع ذلك لم احصل له مثل ما حصل له. واذا قيل لصاحب المنصب الرفيع ما الذي اوصلك كي لا ما وصلت اليه نسب الامر الى نفسه فكان ذلك جحدا لنعمة الله عز وجل عليه وعدم اعتراف بها. كما قال كما قال قارون انما اوتيته على علم عندي فنسب ذلك الامر الى نفسه ولم ينسبه الى ربه جل وعلا. فكانت العاقبة الشنيعة له ان جعل الله داره مخسوفة به. ومن ثم فان الانسان لابد ان يعترف بان النعم التي حصل عليها انما هي هبة من الله جل وعلا. سواء كانت نعما دنيا كما ذكرت او كانت نعما دنيوية بان يهدى الانسان الى السنة او بان هنا المرء من اهل الاسلام والتوحيد فاستشعر كيف اختصك الله فجعلك من اهل هذا الدين العظيم الذي به النجاة. ولم يجعلك من عباد الاشجار. او عباد حجار او عباد الابقار او عباد غيرها من انواع مخلوقات الله جل وعلا اه وانظر كيف امتن الله عليك؟ فجعلك لا تخضع الا له سبحانه وغيرك خضع بالذل والسؤال لغيره سبحانه وتعالى. ولذلك عليك ان استشعر ان الله قد تفظل عليك بان جعلك من اهل هذه النعمة التي اختصك بها دون كثير من عباد الله وحينئذ عليك ان تعترف بقلبك ان هذه النعم من عند الله جل وعلا وكذلك عليك ان تشكر الله بلسانك. فتتحدث بان هذه النعم من عند الله وتتحدث شكرا وثناء على الله جل وعلا. كما قال سبحانه واما بنعمة ربك فحدث ومن اركان الشكر ان تستعمل هذه النعم في مرض الله. كما قال تعالى اعملوا ال داود شكرا وقليل من عبادي الشكور ومتى كان العبد شاكرا لربه زاده الله من النعم ليمكنه من الاستمرار في طريق بالشكر والعبادة لله عز وجل. ومن كان من اهل الشكر رظي الله عنه كما قال الا وان تشكروا يرضه لكم. ومن كان من اهل الشكر ازال الله عنه انواع العذاب في الدنيا والاخرة. كما قال تعالى ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم. وكان الله شاكرا علي ما من شكر الله على نعمه شكره الله عز وجل على قيامه بعبودية الله سبحانه وتعالى وفي هذه الايات التحذير من الكفر اما كفر اما الكفر المقابل للايمان واما الكفر المقابل لشكر النعمة. فعلى العبد ان يكون من اهل شكر النعم يصرفونها في مراض الله والا يكونوا من ضدهم ففي هذه الايات ان من كفر نعم الله ولم يعترف بانها من عند الله فان الله جل وعلا يعذبه ومن سنة الله في الكون ان من لم يقم بعبودية الله في نعمه جعل الله تلك النعم تنقلب وبالا عليه. يعذب بها. وتكون سببا من اسباب وباله في الدنيا والاخرة. انظروا كم من شخص ارداه ما له في بانواع من انواع السيئات والسوء. جعله ذلك يدخل في ابواب الخمور والمخدرات التي اردته واردت حياته. وكم من عباد الله من اوتي من مكن من علم بعض ما في الدنيا فلم يشكر الله على هذه النعمة فكان علمه عليه جعله يسلك مسالك المجرمين فتنزل به العقوبات والعذاب الشديد دنيا واخرة وفي هذه الايات ان شكر العبد انما يعود الى نفسه. والله تعالى غني عنا. وغني عن شكرنا وان كان سبحانه يرضى عن الشاكرين ويحب الشاكرين ويحب شكرهم الا انهم اذا الا انه لا ينتفع بشكرهم. وهكذا لا يتضرر سبحانه كفر من كفر من عباده بل لو كفر الناس جميعا وكفرت جميع المخلوقات بانسها وجنها ببشرها وحيوانها بنباتها واحجارها لكان ذلك غير مؤثر في ملك الله عز وجل. والله جل وعلا غني حميد. فهو محمود على كل حال. وفي هذا بيان ان كلا من شكر الشاكرين وكفر كافرين كان لحكم يراها سبحانه وتعالى. فمن حكمة الله في ايجاد ابليس وايجاد الكافرين الذين يصدون عن سبيل الله ان يوجد عبادات لا يتمكن الناس من فعلها بدونهم. فمن تلك العبادات عبادة الدعوة الى الله وعبادة النصيحة وعبادة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبادة الجهاد بالتالي يكون من اسباب بقاء الحق هذا الصراع الذي يكون بين الحق والباطل قلب كما ذكر الله جل وعلا في كتابه العزيز ان من اسباب بقاء الحق تلك المدافعة بينه وبين الباطل. قال تعالى ولولا دفع ولولا دفع الله الناس بعضا قم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين. وبالتالي نستشعر ان جود بعض المعاصي ووجود الكفر في بعض اقطار الارض له حكم لله فيها احكمة بان يظهر الحق وليميز بين الحق والباطل. وليكون ذلك من اسباب استمرار اهل الحق في تعلم الحق وفي نشره والدعوة اليه فيبقى الحق ظاهرا اريزا بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهدى المهتدين اللهم اخرجنا من الظلمات الى النور. اللهم يا حي يا قيوم اجعلنا ممن استعد للاخرة. اللهم اجعلنا ممن دعا الى دينك. اللهم اجعلنا ممن قال بالحق وعمل به. اللهم يا حي يا قيوم احمنا من الضلال. اللهم يا حي يا يا قيوم اجعلنا ممن بين احكام شرعك ودعا الناس الى دينك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعلنا من صابرين الشاكرين. اللهم اجعلنا ممن اذا ابتلي صبر. واذا اعطي شكر. واذا اذنب تاب واستغفر برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم يا حي يا قيوم وفقنا لشكر نعمك وزدنا منها وجعلنا من المثنين بها عليك. المستعملين لها في طاعتك. المقرين بانها من عندك يا ارحم الراحمين. اللهم اصلح احوال امة محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم الف ذات بينهم اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات. اللهم اجمع كلمتهم على الحق. اللهم اكفهم شر اعدائهم. اللهم انشر فيهم العلم اللهم اخرجهم من الظلمات الى النور. اللهم اجعلهم من اهل التوحيد والسنة. برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم تولى شأنهم كله. اللهم يا حي يا قيوم اصلح ذراريهم. وبارك لهم في ارزاقهم. وامنهم في اوطانهم. اللهم وفق ولاة امورنا لكل خير. اللهم بارك فيهم واجزهم خير الجزاء. واجعلهم موفقين في كل امورهم هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه به واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين