الحمدلله رب العالمين نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان من سعادة المرء ان يرتبط بكتاب الله بقراءته وفهمه وتدبره وتأمل معانيه واستنباط الاحكام منه. ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه. ولعلنا ان شاء الله في درسنا الثاني من دروس تفسير سورة الاسراء نقرأ عددا من الايات من هذه السورة العظيمة. فليتفضل القارئ اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا وان الذين لا يؤمنون بالاخرة اعتدنا لهم عذابا امام ويدعو بالخير وكان الانسان عجولا وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصر وجعلنا اية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من رب لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب باب وكل شيء فصلناه تفصيلا وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. من اهتدى فانما اهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم اهلكنا من القرون من بعد نور وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا هذه الايات في سورة الاسراء تتحدث بخطاب موجه الى المسلمين وغير المسلمين. تنوه بامور عظيمة يغفل عنها كثير من الناس فمن ذلك بيان مزية هذا الكتاب القرآني العظيم. فهذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وسماه قرآنا لانه يقرأ ويتمكن الناس من قراءته سواء قرأوه من او من صحائف المصحف وقوله ان هذا القرآن فيه بيان ان الذي بين ايدينا هو القرآن الذي انزله الله جل وعلا وهو عين كلام الله سبحانه وتعالى وقوله يهدي اي انه يرشد ويبين الحق من الضلال. وبالتالي من تمسك به وسار على هديه فانه يحصل على اقوم الاحوال وافضلها. واقوم من القيام كأنه قد قامت حياته واخرته على احسن الامور وافضلها. فان احوال الناس من يوصف حاله بان فمن الناس من يوصف حاله بانه حال قائم بمعنى ان انه قد وجدت عنده كل مطالبه. بينما يقال عمن لم يتمكن من الوصول الى مطالبه حاله منبسطة وحاله غير قائمة. وقوله ويبشر اي ان هذا الكتاب اجاء بشارة بالخبر السار الذي يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات فلا بد من دخول في هذا الدين وعمل صالح حتى يكون الانسان من اهل هذه البشارة الصالح يشمل اربعة امور. اولها فعل الواجبات وثانيها فعل المندوبات. وثالثها ترك المحرمات ورابعها ترك المكروهات. فهؤلاء يبشرهم الله بان لهم اجرا كبيرا اي ثوابا جزيلا ولم يعين هل هذا الثواب في الدنيا او في الاخرة؟ والاظهر انه يشمل الدارين لكن نعيم الدنيا منغص. واما نعيم الاخرة فانه صاف لهم يقابل هؤلاء اولئك الذين لا يؤمنون بالاخرة اي كذبوا بيوم الميعاد الذي يحاسب فيه العبادة وبالتالي لم يستعدوا لذلك اليوم واقدموا على اعمال سيئة لانهم لم يخشوا من عقوبة الله في يوم القيامة. فهؤلاء قال الله عنهم اعتدنا اي هيأنا ازنا ووظبنا لهم عذابا اليما. اي انهم يتعذبون بعذاب مؤلم. يؤلمهم قال تعالى ويدعو الانسان بالشر في هذه الاية بيان ان بعض الناس يستعجل ما ايعود عليه بالسوء والشر في الدنيا سواء باقدامه على العمل السيء او بدعوته على نفسه وعلى من تحت يده بدعوات السوء التي تصيبهم بالسوء والشر في دنيا بينما دعاء بينما بينما المؤمل من الانسان ان يدعو الله جل وعلا الخير وان يعمل الاعمال الصالحة التي تعود عليه بالخير. فقوله ويدعو الانسان بالشر معنيين احدهما اقدامه على المعاصي والسيئات. والثاني طلبه من الله ان ينزل والشر به او بمن سواه. وكان الانسان عجولا ان يستعجل الامور. وبالتالي تغره الدنيا فينظر اليها وينسى الاستعداد للاخرة. فانه لما ذكر ان هؤلاء ايؤمنون بالاخرة كانوا من قبيل من استعجل النتيجة في الدنيا فكان ذلك من اسباب خسارته للدنيا والاخرة. ثم ذكر الله جل وعلا ايات عظيمة تدل على عظمته سبحانه الا وهي اية خلق الليل والنهار. فقال وجعلنا الليل والنهار ايتين. اي على عظيمتين يستدل بهما على قدرة الله جل وعلا فتكون سببا من اسباب اقدام على طاعة ربه فان قدرة الله على تغيير ما في الكون في لحظات يسيرة بينما هو نهار مشرق وضياء مستمر ينقلب الكون الى ان يكون مظلما لا نور فيه. وهذا في كل يوم مما يدل على قدرة رب العزة والجلال. ويترتب على ذلك عدد من منافع الخلق من ذلك انهم يجعلون النهار محلا للمعايش والليل قال لي الراحة والنوم. ومن ذلك ايضا ان يجعلوها سببا من اسباب العدد والحساب بحيث يجعلون اجالهم مرتبطة بالايام والشهور ويجعلون واعوامهم مرتبطة بهاتين العلامتين. ولذا قال فمحونا اية الليل اي جعلنا مظلمة جعلنا الليل مظلما. ليكون ذلك محلا للراحة. وجعلنا اية النهار مبصرة اي مظيئة يتمكن الانسان من مشاهدة معالم الارظ فيها. ثم ذكر شيئا من الحكم التي تترتب على ذلك. فقال لتبتغوا فضلا من ربكم اي تتمكنوا من المكاسب والمعايش في نهاركم فتطلبوا فضل الله عليكم في هذه المكاسب. وفي هذا اشارة الى ان الغنى ليس بجهد الانسان ولا بقدرته. وانما الغنى بفظل الله ورحمته وفي هذا بيان ان ما يرزقه العباد من الخيرات محض احسان من الله تعالى ان العباد مهما قاموا به من عمل صالح فان اعمالهم الصالحة لا توافي ولو جزءا يسيرا من نعم الله جل وعلا. ومن فوائد جعل الليل مبصرا. والنهار جعل الليل مظلما والنهار مبصرا ان يعلم الناس عدد السنين. فان السنوات مرتبطة كم سوى القمر فان القمر لما كان يتغير حاله ما بين اول الشهر ووسطه اخره كان ذلك منطلقا لحساب الاشهر. ولذا قال طائفة بان قوله محونا اية الليل اي بان القمر يذهب ضوءه ويبقى مظلما في عدد من ايام الشهر قال ولتعلموا عدد السنين وفي هذا دلالة على اعتبار السنة القمرية. وقد جاءت النصوص ببيان ان السنة القمرية يعتمد عليها في عدد من شعائر الاسلام كصيام رمضان وحج لبيت الله الحرام واداء الصلوات كصلاة العيدين وغيرها من الاحكام. وهكذا قد جعل الله الليل مغايرا للنهار من اجل ان يعلم الناس الحساب فيعلم عدد الايام وبالتالي يجعلون مواقيت لاعمالهم واجالهم وعهودهم وعقودهم نية على ذلك. قال تعالى وكل شيء فصلناه تفصيلا. اي ان الله من رحمته ومن احسنا الى العباد بان بين لهم هذه النعم في كتابه. ثم هو دبرها على التفصيل فهناك تفاصيل في آآ اية الليل واية النهار لا يعلمها كثير من الناس قد فصلها الله جل وعلا. ثم قال تعالى وكل انسان الزمناه طائره في عنقه. من الناس من يكون من اهل الخير ومنهم من يكون من اهل الشر وقد جعل لكل واحد منهم فلن يتعلق به بحسب عمله الذي يؤديه. وكانت العرب تطلق على حظوظ الناس الطير ولذا خاطبهم بما يفهمون في لغتهم. ولذا قال وكل انسان الزمناه طائره في عنقه وفي هذا ابطال لعقائد الاهل الجاهلية في الطيرة حيث كانوا يعتقدون ان الطيور يكون بسبب قدومها من اليمين او من الشمال بسعادة الانسان او بؤسه وهذه الاعتقادات اعتقادات باطلة بل مرد ذلك الى فضل الله اولا وعمل الانسان ثانيا. فمن اقدم على الخيرات فان ان الله يجازيه بمثل عمله ومن اقدم على السيئات فان الله جل وعلا يجازيه بمثل عمله كما في قوله جل وعلا ان احسنتم احسنتم لانفسكم. وان اسأتم فلها ثم قال ومن هنا قال في هذه الايات من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ظل انما يظل عليها. قال تعالى ونخرج له اي في يوم القيامة يجعل الله عز وجل لكل واحد من العباد كتابا ومنشورا مكتوبا قد سجلت فيه اعماله وسجلت حسناته وسيئاته يلقاه منشورا اي مفلولا يتمكن من من قراءته ويقال له اقرأ كتابك اي ان اعمالك قد سجلت وبالتالي هذا كتاب قد احصى جميلا جميع اعمالك. ولذا قال الله تعالى قالوا يا ويلنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احد قال الله كفى بنفسك اي انت عندما تشاهد كتابك الذي نشر مام عينيك فانك ستحاسب نفسك وستعلم كم في الدنيا وكم فوت على نفسك من اوقات لم تستعملها في طاعة الله جل وعلا فحينذاك تحاسب نفسك على ما كان منك من تقصير ومخالفة ثم قال تعالى من اهتدى اي من اخذ بهذا القرآن الذي يهدي للتي هي اقوم فانما يهتدي لنفسه فالله غني عن العباد غني عن طاعاتهم وانما يريد ان تليهم وان يختبرهم. وفي المقابل من ضل اي من ترك الاهتداء بالقرآن. ولم يرجع الى كتاب الله فانه يظل عما يكون نافعا له وعما يكون مصلحا وعما يجعل حياته قائمة على احسن الاحوال واكملها ومن ظل فانما يظل عليها. قال ولا تزر وازرة وزر اخرى. اي ان الاعمال التي يؤديها الانسان ان السيئة لا يؤاخذ بها غيره متى كان ذلك الغير لم يكن سببا في تلك اعمال وهكذا لا يتمكن احد من اخذ السيئات التي تكون على غيره. ثم قال على اظهار العدل منه سبحانه. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. اي لا يلحق الله عذابا في الدنيا ولا في الاخرة. لعبد من العباد حتى تقوم عليه الحجة فهذه سنة الله في الكون ان من ظلم اذا لم يعلم بشرع الله فان العقوبات لا تلحق ولذا قال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. اي يرشدوا ويبين لهم شرع الله ويوضح لهم الحق من الباطل. فمن اهتدى كان ذلك من اسباب صلاحه احواله وهدايته للتي هي اقوم. ومن ظل فانما يظل عليها يتنزل به العقوبة في الدنيا والاخرة وهذه الايات من سورة الاسراء ايات مكية. خاطب الله بها اهل مكة. يحذرهم من ان يتركوا الاهتداء بالقرآن ويبين لهم ان ذلك من اسباب نزول العقوبات بهم في دنيا وفي الاخرة. ولذا قال تعالى واذا اردنا اي قدر الله جل وعلا. واراد ارادة كونية ان يهلك قرية يعني من فيها من الساكنين. امرنا مترفيها اي جعلنا وجهاءها والمتنفذين فيها ومن توفرت لهم مطالبهم الدنيوية يقدمون على انواع المعاصي والفسق. قال ففسقوا فيها اي في تلك القرية. فحق عليها القول اي استحقت ان تعذب وان تنزل بها انواع العذاب. فحينئذ يدمرها الله تدميرا. اي يهلكهم ويهلك ما عندهم من انواع الحضارة على اختلاف ما لديهم من النعم. ثم ذكر الله من يقرأ القرآن وذكر اهل مكة بما فعله بالامم سابقة التي كذبت ولم تهتدي بما انزل الله من الوحي حيث نزلت بهم العقوبات العظيمة ولذا قال وكما اهلكنا من القرون كم هنا للتكثير اي هناك قرون كثيرة عديدة قد اهلكها الله جل وعلا بسبب ذنوبهم وبسبب فسقهم وبسبب اعراضهم عن الاهتداء بكتب الله ولذا قال وكما اهلكنا من القرون وجاء بلفظ القرون ليبين انهم امم كثيرة. عاش فيهم من جاوز وزل مئة سنة ومع كونهم امما كثيرة وجد فيهم اعداد وفيرة ومنهم كبار السن وصغاره الا انه ذلك لم يغني عنهم من الله شيئا. وانزل بهم العقوبة. قال من بعد نوح ليذكر العباد بقصة نوح عليه السلام وكيف اغرق الله قومه بعد ان كذبوا نوحا عليه السلام ولم يهتدوا به. فالقادر على اغراق قوم نوح قادر على اهلاك اهل مكة وقادر على اهلاك من كان يعرض عن الوحي ولا يهتدي بهداها. قال تعالى وكفى بربك. اي ان الله قد احصى ذنوب العباد. وقد اطلع عليها ولم يخفى عليه شيء من افعالهم فهو يعلم قليل الافعال وكثيرها وهو سبحانه يعلم الظواهر روى البواطن ويعلم ما تجرحه الجوارح ولذا قال وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا. اي يعلمها ويطلع عليها ويراها. وهذا من قدرته جل وعلا. حيث يشاهد احوال العباد على مدار الارض في جميع السنين لا يفوته شيء من احوالهم. فكل افعالك وكل واقوالك وكل حركاتك مسجلة قد شاهدها الله جل وعلا ورائها وسيحاسبك عليها فالبدار البدار بتوبة صدوقة فهذه الايات العظيمة اشتملت على معان كبيرة. فاولها ان الهداية الحقيقية تكون القرآن العظيم وانه كلما ارتبط الانسان بالقرآن ازدادت هدايته. وفي هذه الايات ان قوام الحياة الدنيا على الاهتداء بشرع الله وبوحيه. فمن تمسك شر فان الله جل وعلا يتولى شأنه ويكون معه. وفي هذه الايات بشارة اهل الايمان والعمل الصالح بان يكون لهم الاجر الكبير. والثواب الجزيل. وعطف وقوله المؤمنون لله وقوله ويبشر المؤمنين ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات فيه اشارة الى دخول العمل الصالح في مسمى الايمان وفي الاية دلالة على انه ليس كل عمل مقبولا. وانما يقبل من الاعمال ما كان صالحا اه ولا يكون العمل صالحا الا بامرين اولهما ان يكون خالصا لله لا يراد به احد سوى وثانيهما ان يكون العمل على وفق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ام فان العمل لا يكون مقبولا الا بهذين الشرطين. ومتى تخلف احد هذين الشرطين العمل يرد على صاحبه ولا يكون مقبولا عند الله عز وجل. ولذا قال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه وقال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد اي انه غير مقبول عند الله جل وعلا. بل هو مردود عنده. وفي الايات تحذير الانسان من ان يختار الاعمال تا اياه ويقدمها على الاعمال الحسنة. وان وتحذيره من ان يستعجل ثواب الدنيا بما يفوت عليه الاخرة. وفي هذه الايات تحذير الانسان من ان يدعو الله بنزول الشر على نفسه او على غيره. بل الذي ينبغي به ان يدعو بالخير. وهنا مسألة انبه وهي ان بعض الناس اذا وقع عليه ظلم من احد من العباد دعا على ظالمه وبذلك يفوت وعلى نفسه الخير والفضل. فان المظلوم له دعوة مستجابة. كما اخبر النبي صلى الله عليه فاذا استعملها فيما يعود على نفسه بالخير كان كان حاصلا على سعادته في دنياه وفي اخراه. ولذا اذا دعا المظلوم فليدعو الله بما يجلب عليه الخير ويدفع عنه الشر. واما الدعاء على الظالم بما يلحق الظالم من شر لا يستفيد منه المظلوم فانه لا ثمرة له فيه. وفي هذه الايات دعوة الانسان الى المقارنة بين الدنيا والاخرة. بحيث لا يستعجل الانسان في اموره فيطلب ثمرة الدنيا بما يفوت عليه نجاح الاخرة. وفي هذه الايات التنويه بالايتين العظيمتين الا وهوما ايتا الليل والنهار فهما علامتان عظيمتان على قدرة الله سبحانه وتعالى. كيف يغير احوال الكون؟ وكيف يفصل ذلك تفصيله بكونه بكون النهار والليل في اوقات محددة معلومة يعلم متى وقت دخول النهار ووقت دخول الليل؟ وما ذاك؟ الا ان الله قد اتقن هاتين الايتين العظيمتين وقوله في هذا وجعلنا الليل والنهار ايتين. فيه انه ينبغي بالانسان ان يتفكر في العلامات الكونية التي جعلها الله عز وجل في الكون. ليكون ذلك من اسباب فخافته من الله وتعظيمه له سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات فظل الله على العبادة بان مايز بين الليل والنهار وجعل لكل منهما وظيفة يقتص به تتناسب مع حاله. قال فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة وفي هذه الايات جواز اكتساب الانسان وسعيه في الاكتساب. وان ذلك لا ينقص من مرتبته بل متى نوى بذلك التقرب لله كان مأجورا على اكتسابه اذا امتن الله على العباد بان يسر لهم النهار ليبتغوا فيه الفضل من الله جل وعلا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير وقد قال الله تعالى فابتغوا عند الله الرزق. وقال جل وعلا على لسان موسى عليه السلام ربي اني لما انزلت الي من خير فقير. وقد امتن الله على العباد بما انزله عليهم من الخيرات في الدنيا. ولو هذه الخيرات وهذه الاموال مجرد امر مذموم لما امتن الله على عباده بها. فلما ذكرها الله على سبيل التعريف بنعمه كان الاكتساب للوصول اليها من الامور المحمودة متى نوى بذلك الاستعانة بها على امور على امور اخرته وفي هذه الايات استحباب ان يكون ما يتعارف عليه الناس في حساب السنين شهور على حساب سير القمر ليكون ذلك من اسباب سير الانسان على ما جعله الله من ناية وعلامة كونية ظاهرة بتغير احوال القمر حيث يطلع الناس على ذلك عاميهم وعالمهم صغيرهم وكبيرهم. وفي هذه الايات ان علم الكوني وتدبيره لما في الكون يشمل تفاصيل الاشياء واجزاءها كما يشمل عظائمها وكبارها فالله جل وعلا هو المدبر للامر وهو المصرف للكون وهو الذي خلق كالعباد وخلق افعالهم فهو الذي علم ما سيكون في الكون وهو الذي كتم هذه الحوادث الكونية في اللوح المحفوظ وهو الذي شاه وارادها وهو سبحانه الذي خلقها ثم قال ثم وفي هذه الايات من الفوائد ان الناس يتفاوتون في منازلهم بحسب اعمالهم القلبية والبدنية. وفي هذه الايات ان جميع ما لبني ادم مسجلة عليه وستعرض عليه في يوم القيامة في كتاب ينشر بين يديه ليتمكن من قراءته. وفي هذه الايات ان العبد يتأسف يوم القيامة على ما كان منهم من تفريط ومن مخالفة لامر الله جل وعلا. ومن ثم يبدأ بمحاسبة نفسه. وفي هذه الايات الترغيب في الاهتداء وبيان ان الهداية يعود نفعها لصاحبها. وان الله تعالى غني عن هدى عن ما يفعله العباد من انواع الطاعات. وفي هذه اشارة الى ان اعظم الهداية ما كان مرتبطا بالقرآن ومستدلا به وسائرا على تعاليمه وفي هذه الايات ان ظلال ابن ادم وتركه للصراط المستقيم يعود بالظرر وقد مثل الله جل وعلا السير على الحق والهدى والعمل الصالح وفي مقابله السير على العمل السيء بالهداية والضلال. فان العرب تعرف في سيرها واسفارها اه ان بعض الناس قد يهتدي للطريق الذي يريده فيصل الى البلد الذي هو مطلوبه بين ما هناك من يضل الطريق ولا يتمكن من الوصول الى مطلوبه ضرب لهم ان يعرفونه ويحسونه في حياتهم وتجاربهم. وفي هذه الايات لا يؤاخذ عبد بمعصية غيره. وانما يؤاخذ كل انسان بما كان منه من معصية وفي هذه الايات انه لو ادعى بعض الناس انه يتمكن من حمل الذنوب والمعاصي التي تكون على غيره فانه كاذب في دعواه. كما قال تعالى وقال الذين كفروا للذين امنوا اتبعوا سبيل ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء وفي هذه الايات عدل الله الشامل حيث لا ينزل عقوبة دنيوية ولا يعذب عذابا اخرويا الا من وصلت اليه اوامره ووصل اليه شرعه وبعث اليه نبي. وفيها هذه الايات دلالة على ان الله قد بعث لجميع الامم انبياء يرشدونهم الى الحق والهدى وفي هذه الايات ان اهل الفترة الذين لم يصل اليهم دين من عند الله عز وجل لا يعذبون وقد ورد ان من كان كذلك يبتلى ويختبر في يوم العرظ فمن نجح في ذلك الاختبار نجا وفاز ومن لا فله خيبة والحرمان وفي هذه الايات التحذير من الفسق. وبيان انه من اسباب نزول العقوبات الدنيوية والعقوبات الاخروية. وفي هذه الايات انها لا كالامم انما كان بقدر من الله وقضاء فهو الذي قدر ذلك واراده. ارادة كونية وفي هذه الايات ان الهلاك له اسباب تعود الى العباد. وان الله لا ينزل حدن هلاكا يفنيه الا اذا كان هناك اسباب من العبد. كما قال تعالى ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم وفي هذه الايات ان العبادة متى اظهروا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتناصحوا فيما بينهم ودعا بعضهم بعضا الى الاقدام على الاعمال الصالحة كان ذلك من اسباب زوال العذاب عن العبادة. وفي هذه هي الايات انه لا يعاقب العباد بعقوبة عامة. الا اذا ظهر المنكر وفشاء واطلع الناس عليه فلم ينكروه. وفي هذه الايات التذكير بقدرة الله جل وعلا. حيث اهلك امما كثيرة وفي هذه الايات التذكير بما نزل على قوم نوح من الغرق الذي لم يسلم منه احد احد وفي هذه الايات ان الله مطلع على ما يفعله العباد وهو يعلم ذنوبهم معاصيهم سواء كانت صغيرة او كبيرة. وقال ذنوب فاستعمل الجمع لبيان ان جميع الذنوب محصاة ووضعه بصيغة التنكير ليكون مطلقا شاملا لجميع بافعالهم الصغيرة منها والكبيرة. وفي هذه الايات اطلاع الله وعلمه لما يكون من العبادة من الافعال الحسنة او السيئة. جعلني الله واياكم موفقين في كل امورنا جعلنا الله ممن ينعمون في دنياهم ويسعدون في اخرتهم. اللهم جنبنا اسباب الهلاك والدمار. اللهم جنبنا اسباب الهلاك والدمار. برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم اجعلنا ممن اهتدى بالقرآن وسار على مقتضاه. اللهم اجعلنا ممن اقمت حاله باهتدائه قرآن يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعلنا ممن يبشر بالاجور العظيمة والثواب الكبير. اللهم انا نعوذ بك من احوال اهل البوار ومن اعقوبة النار. اللهم اجعلنا ممن اقدم على العمل الصالح ولم يدعو على نفسه بسوء ولا على من تحت يده اللهم اجعلنا ممن تأمل في الامور ورفق فيها برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم اجعلنا ممن شكرك على نعمك واذنابها عليك واستعملها في مراضيك برحمتك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعلنا اذا انشر الكتاب بين ايدينا ان نلقى ايمانا وتقوى وعملا صالحا فنلقى الثواب ونلقى النعيم العظيم. اللهم يا حي يا قيوم نسألك بفضلك واحسانك ان تجعل لنا من الموفقين لكل خير. اللهم وفق ولاة امرنا للهدى واجعلهم ممن اعتصما بكتاب الهدى يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعلهم محكمين لشرعك. عاملين بسنة نبيك. صلى الله عليه وسلم هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا