وان يجزيهم خير الجزاء وان يبارك فيهم وان يجعلهم من اسباب الهدى والتقى هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين نحمده على نعمه ونشكره على مزيد فضله ونسأله ان يوفقنا لصالح في عبادته واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يسبغ عليكم الخيرات وان يوالي عليكم الفضائل والمبرات. وان يغفر لكم الذنوب والزلات وبعد في درس جديد نتناول فيه تفسير سورة الرعد فلعلنا باذن الله عز ديال ان نبتدأ باول هذه السورة لنستمع ايات منها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم الف لام ميم تلك ايات الكتاب والذي انزل اليك من ربك الحق ولكن اكثرن الناس لا يؤمنون نون. الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترون ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كله يجري لاجل مسمى. يدبر الامر يفصل الاية لعلكم بلقاء ربكم توقنون وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا. ومن من كل الثمرات. جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليلا انها في ذلك لايات لقوم وفي الارض قطع متجاورات وجنة من عنابر. وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان قاب ماء واحد ونفضل بعضها على بعض في وكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون وان تعجب فعجب قولهم ائذا كنا ترابا وان تعجب فعجب قولهم ائذا كنا ترابا ائنا لفي خلق جديد اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في اعناقهم واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة. وقد خلت من قبلهم المثلات. وان ربك لذو مغفرة الناس على ظلمهم وان ربك لشديد العقاب سورة الرعد الاظهر انها سورة مكية لانها تعالج الموضوعات المكية من اثبات المعاج و اثبات صحة هذا الكتاب والاستدلال على ذلك كله بالايات الكونية هناك من رأى ان هذه السور ان هذه السورة من السور المدنية ولكنه لا يتوافق مع ما في سياق هذه السورة وسورة الرعد تتحدث عن الاستدلال بالايات الكونية العظيمة على اثبات صحة هذا الكتاب وبيان حسن عاقبة من تمسك به دنيا واخرة وقد ابتدأها الله جل وعلا بحروف مقطعة ليبين للعرب ان هذا الكتاب انما جاء بلغتهم وبحروفهم التي يتكلمون بها وليكون ذلك فاتحا للاسماع لاستماع ايات كتاب الله عز وجل ولذا عقب هذه الحروف بالاشارة الى هذا الكتاب. فقال تلك ايات الكتاب اي ما سيأتيكم هي ايات ودلائل وبراهين مما اشتمل عليه هذا الكتاب وجاء بالكتاب يراد به القرآن العظيم. لانه مكتوب وسيبقى مكتوبا واتى فيه بالألف واللام الدالة على العهدية كأنه الكتاب العظيم الكتاب الذي له شأن كبير. الكتاب الذي يكون له الاثر العظيم في حياة الخلق. ثم قال تعالى والذي انزل اليك من ربك يعني ان هذا الوحي الذي يأتيك وهذه الرسالة التي اصطفاك الله بها. وهذا القرآن الذي ينزل من عند رب العزة والجلال امر حق لا باطل فيه ومن ثم فان العقلاء يدركون ما فيه من هذا الحق. فيؤمنون به ولكن الاشكال في الناس فانهم لا يؤمنون. وعدم ايمانهم اما لغفلتهم اعراضهم وعدم التفاتهم لهذه الايات البينات. واما لعنادهم لتقديم مصالحهم الدنيوية فيما يظنون على الاستجابة لداعي الحق ثم اشار الى شيء من ايات الله في الكون على جهة التعريف به سبحانه. ليعبد وحده وليصدق في مقاله. وعلى جهة التخويف لاعدائه ليحذروا من سوء عاقبة تكذيبهم واعراضهم عن وحي الله فقال الله الذي رفع السماوات فنحن نشاهد هذه السماوات العظيمة التي فوق رؤوسنا وهي بناء محكم رفعه الله عز وجل رفعا عظيما لم يحتج في رفعه الى ان يجعله على عمد. فانتم اذا رفعتم اي امر لابد ان تضعوا فيه عمد انت لا بد ان تضعوا له عمدا يستند اليها. فسقفها هذا المسجد احتاج الى ان يجعل له عمل يستند اليها. اما هذا البناء العظيم فقد رفعه الله عز وجل بغير عمد. وقد وضع له من الخصائص الكونية التي لا يحتاج معها الى هذا العمد قال ثم استوى على العرش فالعرش مخلوق عظيم السماوات والاراضين فيه بمثابة بمثابة دراهم القيت في صحراء اواسعة وهذا العرش من اعظم مخلوقات الله جل وعلا. وقوله ثم استوى ضمير ويعود الى الله جل وعلا والسواب معنا على وارتفع ثم قال وسخر الشمس والقمر اي انه ذلل الشمس والقمر وجعلهما يعملان ليكون الانسان مستفيدا مما فيهما فتضيء الشمس للعباد ارضهم ويتمكنون من التنقل ومن اداء اعمالهم ومن الاكتساب. وجعل القمر في ليلهم ليكون معرفا بالسنين والحساب. وليضي اضاءة يسيرة في ليلهم. وليهتدوا بالشمس والقمر وجعل لكل من الشمس والقمر مدارات يسيران عليها. ولذا قال كل يجري لاجل مسمى. اي هذه الكائنات لها مدار تسير عليه بتدبير رب العزة والجلال. ومسيرها سيستمر الى يأتي الاجل الذي سماه الله عنده. بقيام الساعة. ثم قال يدبر الامر. اي ان الله جل وعلا يتصرف في الكون فيرزق هذا ويمنع ذاك ويرفع هذا ويخفض الاخر ويصرف الكائنات من انس وجن وحيوان وطير وسمك في في البحر فهو الذي يدبرها ويتولى شأنها وهكذا تدبير ما في هذا الكون من امور الجمادات يدبره رب العزة والجلال. ثم قال يفصل الايات اي ينزل ايات علامات تكون موضحة بينات. مظاهر تفصيل الايات انه في الايات الشرعية ليجمع بين قدره وشرعه. فان الله عز وجل هو الذي يتصرف في الكون بقدره وهو الذي جعل شرعا للعباد يلزمهم ان يعملوا به ليكون من عمل به فائزا دنيا واخرة. ويكون من تركه خاسرا في الدارين ثم قال لعلكم بلقاء ربكم توقنون. اي ان هذه الايات تدلكم على صدق ما ذكره الله جل وعلا لكم من وجود يوم اخر تحاسبون فيه على اعمالكم و تجازون فيه على ما قدمتموه في دنياكم ثم ذكر ايات كونية متعلقة بهذه الارض التي تحت اقدامنا. فقال سبحانه وهو الذي مد الارظ اي جعلها مترامية الاطراف لا حد فيها وانما قد مدها بحيث لا تنتهي هذه الارض. واعظم درجات المد الا يكون لها انقطاع ولا يكون كذلك الا اذا كانت الارض كروية الشكل لان ايكون فيها انتهاء لطرفها وقال وجعل فيها رواسي اي وضع فيها جبالا ترسو الارض بها وتثبت وهذه الجبال جبال عظيمة لها تأثير في هذه الارض وجعل فيها ايضا انهارا بان جعل المياه الحلوة تجري في ارجاء هذه الارض ليكون ذلك من اسباب شرب الناس وسقيهم لزروعهم واستفادتهم منها بالتنقل ولا اسفار ولتكون محلا لي الى اسماكي التي يأكلها الناس ثم قال ومن كل الثمرات. اي ان الله عز وجل قد قدر في هذا الكون ثمرات مختلفة للاشجار التي تكون فيها. وقد جعل لهذه الاشجار تنوعا. فهناك اشجار فهناك انواع مختلفة. ولذا قال ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين. قال طائفة كما يكون من ابن ادم الذكر والانثى يكون كذلك من الاشجار ثم قال يوشي الليل النهار. اي انه قدر في الكون ليلا يسكن الناس فيه. وقدر في الكون نهارا يخرج الناس لمعايشهم فيه. وجعل الليل يغطي بظلامه فهذه اية عظيمة. ولذا قال ان في ذلك اي في هذه المذكورات ايات اي علامات واضحات لقوم يتفكرون فيعيدون افكارهم وتأملهم ليعرفوا قدرة الله جل وعلا فيخظعوا له ويعبدوه وحده ولا يجعلون له واندادا ثم ذكر ما على هذه الارض من امور وعجائب تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى. ولذا قال وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان. فوجود هذه الايات الكونية في الارض. دليل على قدرة رب العزة والجلال. فان الله عز قد جعل هذه العلامات دلائل تدل على قدرته سبحانه وتعالى يستفيد الناس منها وجوب من عمل هذه الامور وجوب افراد من عمل هذه الامور بالعبادة. بحيث لا يعبدون احدا سواه جل وعلا. فهذه ايات عظيمة تدل على قدرة رب العزة والجلال. تجعل الانسان يوقن بقدرته جل وعلا. وبحكمته اذ لا يخلق الخلق الا لغاية وحكمة. ولا يتركهم يعيشون هملا ويتركهم عبثا وانما ارسل الرسل لتكون لتكون هادية للعباد الى ما فيه صلاحهم واستقامة احوالهم مما يدل على قدرة رب العزة جلال فجعل في الارض قطع متجاورات اي اراض متماثلة او اراض اقاربه لكنها متغيرة متنوعة. فهذه جبال وهذه اودية وهذه سهول مما يدل على قدرة رب العزة والجلال. ومن قدرته ان نوع انواع الزروع والثمار في الارض. فارض واحدة يخرج منها ثمار متعددة. فهذه اعناب وتلك زروع يخرج منها القمح والشعير والذرة وتلك نخيل. يخرج منها التمر باختلاف انواع قال صنوان وغير صنوان. الصنوان الاشجار المتعددة التي لها اصل واحد وغير صنوان يعني ان كل شجرة منها مستقلة باصلها وجذعها لتكون كل واحدة على انفرادها فانظر الى عجيب خلق الله كيف نوع بينما ينبت على هذه الارض فهذه زروع وتلك اشجار والاشجار متنوعة مختلفة فهناك كاشجار يستخرج منها انواع الثمار ومنها اشجار ليست كذلك. وهناك اشجار متعددة لها اصل واحد واشجار واشجار كل شجرة منها لها اصل مستقل. مع ان هذه الاشجار على اختلاف انواعها تسقى من ماء واحد. فانظر الارض واحدة والماء واحد. ومع ذلك هي في جنسها وكذلك متنوعة في انواعها. فالاعناب آآ انواع متعددة هذا اخضر اللون وذاك اصفر اللون وذاك اسود اللون ومنها الكبير ومنها ومنها ما له بذر ومنها ما ليس في وسطه بزر مما يدلك على الله وهكذا انواع النخيل متفاوتة متعددة تصل الى انواع كثيرة بعدد المئات مع ان ارضها واحدة وما ها الذي تسقى به واحد مما ايدلك على قدرة الله ثم هذه الثمار متنوعة مختلفة ليست بطعم واحد ولذلك تتفاوت انظار الناس فيها. فيرجحون بعظها على بعظها الاخر ويفضلون بعض انواعها على انواعها الاخرى مما يدلك على قدرة رب العزة والجلال فاصحاب العقول الذين يستعملون عقولهم ويفكرون بها يعرفون ان هذه ايات عظيمات تدل على قدرة الله جل وعلا. ومن ثم نوقن بانه في خبره وفي وعده ووعيده. وبالتالي نستعد لما ذكره من وجود الجنة والنار بان نفرده بالعبادة فلا نصرف شيئا من العبادات لغير الله جل وعلا فقدرة الله على ايجاد هذه المخلوقات تدل على قدرته على بعث الناس بعد موتهم فلا يعجز الله ان يبعث الخلق بعد مماتهم. ولذا قال وان تعجب اي اذا كان هناك مقالة ليست مقبولة ولا محل لها من التقبل والتصديق فهي مقالة هؤلاء. فان نبي الله لما دعاهم الى التوحيد وامرهم بافراد الله بالعبادة قالوا هذا شيء عجيب. اجعل الالهة الها واحدا رد الله جل وعلا عليهم بان العجيب ان تشككوا في قدرة الله عز وجل على البعث واعادة الحياة للاجساد مع انكم تشاهدون الايات العظيمة هذا التي الدالة على قدرة الله جل وعلا. ولذا قال وان تعجب اي اذا كان هناك مقالة تتندر منها وتخرج عن ان تكون مقبولة عقلا فهي هؤلاء الذين استنكروا استنكروا الايمان بالبعث بعد الممات. ولذا قال فعجب قولهم ائذا اكنا ترابا؟ اي اذا دفنوا في الارض بعد مماتهم. وتحولت اجسادهم لان تكون ترابا قالوا اذا كنا كذلك ائنا لفي خلق جديد. اي هل نعاد مرة اخرى؟ و نحيا حياة جديدة بعد ان اصبحنا ترابا. ولم يلتفتوا الى ايات الله في الكون وقدرته جل وعلا على تصريف هذا الكون والمغايرة بين ما اصله فيختلف في جنسه ونوعه. ولم يعجبوا من هذه السماوات العظيمة التي رفعت بغير عمد يرونها. ولم يلتفتوا الى هذه الشمس والقمر وما فيها من الايات العظيمة ومن مد الارض فهو قادر على استخراج ما فيها من الابدان ليعيدها خلقا اخر ثم انظر الى من احيا هذه الثمار وزرع واوجد ها بعد ان كانت ترابا وماء حتى اصبحت شجرة عظيمة فيها انواع الثمار فما قدر على استخراج هذه الاشجار من هذا التراب قادر على احيائك يا ايها الانسان من التراب الذي تحللت اليه. ومن ثم فهؤلاء الذين ينكرون البعث انما اوتوا من كونهم لم يشاهدوا قدرة الله في الكون ولم يعقلوها ويتفكروا بها ولذا قال اولئك اي هؤلاء الذين انكروا البعث هم الذين كفروا بربهم. اي قدرته ولم يعترفوا بها كان ذلك من اسباب الوباء عليهم. ولذا قال واولئك الاغلال في اعناقهم الاغلال الحبال الغليظة والسلاسل التي يغل بها الانسان. فقيل بان المراد بهذا في يوم القيامة فان الكفار تغلوا اعناقهم في ذلك اليوم. وقيل بل المراد انها اولى القوم قد اغلقت اذهانهم وسكر عليهم في عقولهم. ولذا اصبحوا بمثابة من جعل على عقله قفل وجعل على ذهنه غل بحيث لا يستطيع ان يتفكر ترى في عجيب خلق الله وفي عظمة رب العزة والجلال. ثم قال اولئك اصحاب النار اي هم اي هم الذين سيدخلون في نار جهنم فيلازمونها ولا يتركونها صاحب الشيء من لازمه وبقي معه هم فيها خالدون اي سيستمرون فيها ابد الاباد بلا انقطاع وكان من شأن هؤلاء القوم الا يدركوا العواقب بحيث كانوا يطلبون من النبي ان يعجل لهم العذاب. فقالوا ان كنت صادقا فيما تزعمه من وجود البعث وفيما تدعون اليه من افراد العبادة انزل علينا العقوبة واحضر لنا عقوبة تستأصلنا. وذاك من نقص عقولهم وعدمي ادراكهم فان العقوبة اذا جاءت لن يمكنوا من الايمان بعدها. فهم انما طلبوا هذه الاية على جهة التحدي لا من اجل ان تكون دليلا لهم يقنعهم بصدق كي ما يدعوهم اليه هذا النبي. ولذا قال ويستعجلونك اي يطلبون منك ان انزل عليهم العقوبة باسرع وقت ان كنت صادقا فيما دعوتهم اليه من توحيد ووجوب الاستعداد ليوم المعاد. فقال ويستعجلونك بالسيئة اي انهم يطلبون منك ان كنت صادقا فعجل علينا العقوبة. وكان الاولى بهم ان يطلبوا ان يكون لهم الخير والحسنات الدنيوية حتى يكون هذا من اسباب قناعتهم ويقينهم بصدق هذا النبي كون البعث من الحق ورد الله جل وعلا عليهم برد عظيم فقال انظروا الى من قبلكم من الامم. تشاهدونهم وتعرفون مساكنهم. جائتهم انبياؤهم دعوهم الى التوحيد فنفروا من دعوة التوحيد فنزلت بهم العقوبات وهذه قراهم ومساكنهم تمرون عليها في اسفاركم. ولذا قال وقد خلت اي مضت من قبلهم المثل اي الاقوام الذين يماثلونهم ويشابهونهم في انكار البعث وتكذيب الرسل ولاشراك بالله عز وجل فنزلت بهم العقوبات ولذا ينبغي بهم ان يتعظوا بغيرهم فالسعيد من وعظ بغيره لان لا ينزل بهم من العقوبة مثل ما نزل باولية الاقوام والله جل وعلا رحيم بالعباد. ولذا فانه يؤخرهم يؤجلهم لعلهم ان يعيدوا النظر فيتفكروا في الكون وفي خالقهم وفي انفسهم يكون هذا من اسباب استجابتهم لدعوة الحق والايمان بما في هذا الكتاب. ان بكى لذو مغفرة للناس على ظلمهم فمع ما يوجد عند الناس من انواع الظلم سواء في حق الله بان ظلموا انفسهم استمرارهم في طريق الشرك او بالظلم في حقوق العباد. فيسلبونها ولا يؤدونها الى اهلها. ومع ذلك يؤخر الله العقوبة ولا يعاجلهم بها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته ثم قرأ قوله تعالى وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديدة ومن هنا فان الانسان يحذر من عاقبة فعله السيء. لان لا تنزل به العقوبات فهذه ايات عظيمات فيها احكام وحكم وفوائد عديدة. فمن تلك الايات فمن تلك الفوائد ان هذا الكتاب كتاب عظيم فيه هداية الخلق وسعادتهم دنيا واخرة يجب ان يولى من العناية ما يكون لائقا بهذا الكتاب وفي هذه الايات صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به عن ربه وصحة الرسالة التي جاء بها صلى الله عليه وسلم وفي هذه الايات انه لا ينبغي الاغترار بكثرة اهل الضلال. فالله جل وعلا له حكمة في وجود هؤلاء الصادين عن دين الله المعرضين عن شرعه. ولذا قال ولكن ان اكثر الناس لا يؤمنون. ولذلك لم تكن الكثرة سبيلا لمعرفة الحق. وانما يعرف الحق بدليله وبما عليه من براهين لا بكثرة لا تعرف صحة الطريق بكثرة السالكين له وفي هذه الايات التذكير بعظيم خلق الله في الكون. ومن اعظم ذلك خلق السماوات مع رفعها اه بدون ان يكون لها عمد يراها الناس وفي هذه الايات الايمان باستواء الله تعالى على العرش. فان الايات القرآنية المتعاقبة في ستة مواطن من كتاب الله تثبت هذا المعنى ثم استوى على العرش والاستواء في لغة العرب الارتفاع والعلو فان قال قائل بان كلمة استوى قد قد استعملت في غير هذا المعنى. قيل له بان استوى اذا عديت بالحرف على لم تدل الا على العلو والاستقرار لا فيما اذا عديت بالايلاء فانها تكون بمعنى قصد. وبخلاف ما اذا لم معها تعدية فانها يراد بها نضج الشيء وكماله. وبخلاف ما اذا كان الهاء اثنين فانها تدل على المماثلة بينهما. فاما اذا جاءت استوى عديت بالحرف على فانها انما تدل على العلو وفي هذه الايات التذكير بايتي الشمس والقمر وعظم ما فيهما من دلالة على قدرة رب رب العزة والجلال. وفي هذه الايات ان ما في الكون مسخر مدبر وانه يجب في افلاك معينة قد قدرها رب العزة والجلال. وانها تستمر في جريانها حتى يأتي الاجل المسمى يوم يقوم العباد لربي المعاد. وفي هذه الايات اثبات الامر الكوني والامر الشرعي لله جل وعلا. وانه لا يقع في الكون شيء من الوقائع الا والله خلقه. والله قدره والله عالم به وفيها اثبات وجوب افراد الله بتشريع الاحكام. فالحكم له سبحانه فلا يتولى اصدار الاحكام الا هو جل وعلا. واما تطبيق الاحكام على مواطنها ومحالها فهذا يعمله الفقهاء المجتهدون وفي هذه الايات وجوب الايمان بيوم البعث. وانه واقع لا محالة مما يجعل الانسان استعدوا لذلك اليوم العظيم وفي هذه الايات جواز الانتفاع بما على هذه الارض. حيث سخرها الله جل وعلا لبني ادم وفي هذه هي الايات آآ تنوع ما خلقه الله في الكون ما بين الجبال الرواسي انهار والاودية والاراضي المسطحة مما يدلك على قدرة الله عز وجل على خلق متنوعات وفي هذه الايات ايضا ان التفكر في الكون ربط هذا الكون بخالقه والتعرف على قدرته عبادة من العبادات. وان التفكر في خلق الله وعظمه مما يكون من اسباب حصول الانسان على الاجر والثواب وفي الايات ان الاصل فيما ينبت على الارض من الحبوب والثمار انه على الحل. والجواز لان الله امتن بها ولا يمتن لا بما هو مباح. وفي الايات التنويه الى قدرة الله عز وجل على خلق انواع المختلفة المتغايرة في الصفة من اصل واحد سواء في الاعناب او الثمار او الزروع او النخيل وفي الايات قدرة الله جل وعلا على تنويع الثمار من الاشجار المتقاربة وفي الايات ايضا التذكير بان الله قد جعل هذه الاشجار من اصل واحد وانبتها في واحدة وسقاها بماء واحد. ومع ذلك نوع بين انواع هذه الثمار والحبوب مما يدلك على قدرة الله عز وجل ان يخلق الاشياء مختلفة من اصل واحد وفي هذه الايات ان الانسان ينبغي به ان يعمل عقله بان يتفكر في عواقب الامور وان يستعد لها وفي هذه الايات ان المقالة التي يتندر منها ويستغرب مما فيها ويتعجب منها مقالة الذين يشاهدون قدرة الله في الكون وفي انفسهم ومع ذلك يشككون في البعث فيقولون هل يمكن ان يتحول التراب ليكون بشرا يحاسب على اعماله وهم يشاهدون كيف جعل الله تعالى التراب يخرج انواعا مختلفة من الثمار و الحبوب وفي هذه الايات ان ذهن الانسان قد يغلق عليه فلا يتأمل ولا يفكر في الايات على عظم الله جل وعلا. وفي هذه الايات ان من اعظم ما يكون صادا للناس عن الاستجابة لطريق الهدى هو ما عندهم من تقليد لمن سبقهم بدون تفكير في صحة ما ورثوه منهم وفي هذه الايات ان الانسان قد يغلق على ذهنه. وبالتالي لا يتأمل في الايات الكونية ولذا فان من اعظم اسباب ظلال الخلق ان يغلقوا على اذهانهم لا يتأملون في ايات الله في الكون ولا ينظرون الى العواقب العظيمة التي نزلت بمن يخالف طريق الحق وفي هذه الايات ذكر ما اعترض به المشركون من طلب اية تكون وطلب عقوبة عليهم ان كان صادقا في مقالته. وهذه تدلك على نقص عقولهم. وقلة ادراكه فان من كان عاقلا طلب الحق وسعى لان يكون من اهله وفي هذه الايات انه ينبغي بالانسان ان يسأل الله الخير وان لا يسأله الشر. لان لا لنفسه ولا لغيره وفي هذه الايات مشروعية قراءة التاريخ للتأمل في احوال من مضى وكيف كانت سنن الله معهم. بينما هي امم عظيمة قادرة يعرضون عن الله وشرعه فيكون هذا من اسباب نزول العقوبات التي تستأصلهم وفي هذه الايات ان العبد ينبغي به ان يسعى لتحصيل مغفرة الله جل وعلا. ليكون ذلك من اسباب من العقوبات الاخروية والدنيوية وفي هذه الايات انه لا ينبغي للانسان ان يغتر بعفو الله جل وعلا. فان الله يمهل العباد ولكنه سبحانه شديد العقاب. وبالتالي يعاقب المعرضين عن شرعه. وعدم له بانواع العذاب. بارك الله فيكم. وفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم اياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يرزقها فهما لكتابه وعملا ما فيه ونسأله جل وعلا ان يجعلنا من اصحاب العقول الذين يفكرون في بديع خلق الله الذين يستدلون بهذه الايات الكونية على عظمة الله جل وعلا. مما يورثهم الخضوع والعبودية له سبحانه وتعالى. كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امور المسلمين بما فيه الخير والصلاح والنفع وان يوفق ولاة امرنا هنا في هذه البلاد بلادي مكة والمدينة