الذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء الا كباسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه اي ليصل الماوي الى فمه وما هو ببالغه اي لن يصل الماء ابدا. لكون هذا الفعل الحمد لله رب العالمين له الفضل وله الثناء وله المجد واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا اما بعد تزيل لقاء سابق اخذنا اوائل سورة الرعد مما فيه ذكر صفات الله عز وجل في الكون التي يشاهدها كل عاقل ويقر بها كل مبصر يتفكر في الامور مما يدعوه الى ان يعظم مدبر هذه التدبيرات والاوامر الالهية فثنى الله عز وجل بعد ذلك امور كونية تتعلق بصفاته جل وعلا قد يغفل عنها بعض عباد الله من مثل اطلاعه وعلمه جل وعلا بجميع ما في هذا الكون ومن مثل حفظه الانسان من كل العوارض التي قد تعرض له. فلعلنا نأخذ بعض هذه الايات لننطلق منها للاستدلال على وجوب افراد الله بالعبادة بحيث لا يعبد احد سواه ولا يدعى غيره جل وعلا لانه سبحانه هو المتصرف في في الكون وله دعوة الحق. فلعلنا نستمع لعدد من الايات في ذلك اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه اية من ربه ربي انما انت منذر ولكل قوم الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيظ الارحام وما تزداد. وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير سواء من اسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من من امر الله ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما انفسهم واذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له. وما لهم من دونه من وآآ هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا اه وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده من خيفته. ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم ادلونا في الله وهو شديد محال له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيب لهم بشيء الا كباسط كفيه الا كباسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه وما هو بالغه وما دعاء الكافرين الا في ضلال ولله يسجد من في السماوات والارض طوعا وكرها آآ وظلالهم بالغدو والاصال. يذكر الله جل وعلا عن شأن الكفار انهم اذا عرض عليهم الحق وبين لهم السبيل السوي الذي فيه الهداية التامة اصبحوا يتشرطون بطلب ايات تتوافق مع اهوائهم وتحقق رغباتهم. فكأنهم يقولون لن نؤمن للحق الذي معك الا اذا نفذت شروطنا وطلباتنا التي نطلبها منك وليس هذا من العقل في شيء فلو قلت لانسان هذا هو الطريق الذي يوصلك الى المدينة التي تريد الوصول اليها. فقال لك لن اصدق ان هذا هو الطريق حتى اجد ذهبا انتفع به في طريقي. فيقال له هذا امر وذاك اخر. وليس من العقل ان تشترط في الحق ليكون كون حقا تحقيق رغباتك ثم كيف تشترط على الله وهو الذي خلقك وهو الذي يتصرف في الكون جل وعلى فليس الشأن بما يقترحونه من علامات وايات. ولذا يقول قائلهم لو كان صادقا لحول الصفا ذهبا ولو كان صادقا لفعل كذا ولفعل كذا فكان الجواب بان سلوك طريق الحق لانه طريق الحق وليس لانه كيكو طلباتكم التي تطلبونها. ثم ذكر ان هذا الامر انما هو الى الله جل وعلا فالله هو المعطي وهو المانع وهو المتصرف في الكون. ومن ثم فوظيفة الانبياء انما هي ارشاد الخلق ودلالتهم على ما فيه نجاتهم وصلاح احوالهم واما الاستجابة لهذه الامور فهي الى الله الذي خلق الانسان والذي يمده بانواع النعم الذي سيحاسبه عما قريب ولذا قال جل وعلا انما انت منذر. اي ليس من شأنك ان تحقق طلباتهم ولا ان تستجيب لرغباتهم وانما وظيفتك ان تكون منذرا تخوفهم من العقوبة الشديدة دنيا واخرة. متى اعرضوا عن طريق الحق ولست وحيدا في هذا السبيل. بل انبياء الله السابقون كلهم على ذلك انما ان يرشدوا الخلق وان يوضحوا لهم الطريق الى الحق ليكونوا بذلك ممن قام بما اوجب الله عليه. ولذا قال ولكل قوم هاد ان لكل ولكل جماعة من البشر من يرشدهم الى الحق ويدلهم عليه وهذه غاية وظيفتهم اما الاتيان بالايات والمعجزات التي يطلبونها لتكون على وفق اهوائهم فهذا ليس اليهم وانما هو الى الله جل وعلا. مع ان انبياء الله قد جاءوا بالايات ما من نبي الا وقد جاء بي من جاء بايات على مرسلها يؤمن البشر. وقد كان هناك معجزات ارسلها الله عز وجل لتكون دليلا على صدق هذا النبي. ومن اعظمها القرآن العظيم الذي بلغ اعلى درجات البلاغة وعجز العرب عن الاتيان بمثله الذي فيه من المواعظ ما يؤثر على القلوب والذي فيه من الاحكام ما يصلح احوال الخلق الذي فيه من ذكر الحقائق العلمية والكونية والتاريخية ما يكون دليلا على الى صدق هذا النبي مما لا يحتاج معه الى ادلة او ايات اخرى. ثم كر الله جل وعلا سعة علمه وانه مطلع على كل شيء لا يخفى عليه شيء من وللخلق ومن ذلك انه يعلم بالاشياء الخفية التي لا يطلع عليها ومن هذا انه يعلم ما تحمل كل انثى. فهو يعلم ما تحمله النساء من الاجنة هل هي ذكور او اناث؟ وهل ستكون سليمة او تكون مريظة وهل ستتمكن الام من ولادة ما في بطنها او انها لن تتمكن من ذلك فالله يعلم ما تحمل كل انثى. وما تغيظ الارحام. اي ما تنقصه ارحام سواء مما يسقط من من الاجنة من من ارحام امهاته. او ممن يتأخر نموه او ممن يفقد بعض اعضائه وبعض ما يقيم انا هو فالله عالم بذلك. كما انه يعلم ما تزداد الارحام. سواء التوائم التي تأتي بها الارحام او كثرة الاولاد جيلا بعد جيل او ما يعطيه الله لبعض الاجنة من انواع القوى التي لا تكون لغيرها او ما ييسره الله من كمال لاجساد بعض الاجنة ليولد سويا. وكل شيء عنده بمقدار فالله جل وعلا قدر المقادير سواء في الاجنة فهو قدر وقت حملها وقت ولادتها وجميع مقاديرها. كما انه وقت اوزانه اوزانها ووقت احجامها وقت اعضاءها فالله هو الذي يعطي لهذه الاجنة ما فيه قواها. كما انه جل وعلا قدر مقادير الكون. فكل ما في الكون انما يجري بمقادير قد علم الله جل وعلا وجعلها محددة اوقاتها. قال عالم الغيب والشهادة فالله كما انه يطلع على ما يكون حاضرا بارزا كذلك هو مطلع بخفايا الامور سواء ما اخفته الصدور او ما اخفته الدور او ما خفي تحت الارظ او في اي مكان فهو المطلع على كل ذلك. وهو الكبير فله العظمة التامة وله العلو الكامل على ابي ذاته وعلى بقدره وعلى بقهره وعلى بقدرته جل وعلا فعلو الله شامل ككله علم الله لجميع الكائنات على اعلى درجات الوضوح والبيان ليس فيه خاف ولذلك يستوي عنده من كان ظاهرا ومن كان خفيا فالله عالم بهم جميعا. ولذا قال سواء منكم ان يستوون سواء منكم من القول اي جعل اقواله خفية بنجوى لا يسمعها الا من كان قريبا او من جهر بالقول ورفع صوته به فان الله يستوي عنده علمها علم هذا وذاك وذاك من سعة علمه جل وعلا وكذلك يستوي عنده ومن هو مستخف بالليل قام باخفاء نفسه باغلاق باغلاق البنيان او بستر نفسه بانواع الاغطية. فالله جل وعلا عالم بما فعل العبد تحت هذه الكتب من امور الخفاء. ويستوي عنده من هو ومستخف بالليل ومن هو سارب بالنهار قال بعض اهل العلم الشارب بالنهار المظهر المعلن الذي يشاهده كل احد. فالله فالله عالم به كما هو عالم بمن هو مستخف. فهم على جعل ناحية سواء وقال اخرون بان المراد به ايضا من استخفى في النهار ولم يطلع عليه احد ولا يمتنع ان يكون الجميع مرادا. فان الله عز وجل قد يستخدم اللفظ ويريد به عن المتقابلة ولا شك ان علم الله محيط بكل شيء لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ثم قال تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه جماهير اهل العلم على ان الظمير في قوله له يعود للانسان اي واحد من بني فان الله قد جعل له ملائكة يتعاقبون عليه يحفظونه ليلا ونهارا من انواع الاقدار. فبعضهم يكون بين يديه وبعضهم يكون من خلفه يحفظونه من امر الله. اما ان حفظهم جاء من امر الله لهم. فالله قد فامرهم ان يحفظوه امرا كونيا واما ان يكون المراد انهم يحفظونه من الاقدام ار التي قدرها الله عز وجل ان تكون في الكون. وقد امر بحصولها فيه ثم بين الله جل وعلا ان تغيير امر الانسان يعود اليه جل وعلا فهو الذي يغير حالك من الفقر الى الغنى ومن المرظ الى الصحة ومن الذلة الى العزة ومن الضعف الى القوة. كما انه يقلب حالك بضد ولذلك ينبغي للانسان ان يسند هذه الامور الى ربه جل وعلا. والا ينسبها الى نفسه والله قد بين ان هذا التغيير له اسباب تعود الى الانسان. فقال ان الا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. تغيير الحال وتبديله من امر برميل اخر انما هو الى الله ولكن هناك اسباب من بني ادم تقتضي او تكون موصلة الى هذا التغيير باذن رب العزة والجلال. فمن بدل حاله من التوحيد الى الشرك ومن السنة الى البدعة ومن الطاعة الى المعصية. بدل الله حاله من الرغد الى شدة ومن تيسير الامور الى تعسيرها ومن بدل حاله بضد ذلك غير الشرك واستبدله فليكون من اهل التوحيد. ومن ترك البدعة سلك طريق السنة ومن ترك المعاصي الى طريق الطاعات فان الله يبدل حاله ويغيرها من السوء الى الخير ومن الشر الى النعم ليكون ذلك من اسباب تقوى العبد لربه وشكره له سبحانه وهذه اللفظة مع اقتصارها قلة الفاظها الا انها قد اشتملت على جانبي الوعد والوعيد وجانب بيان سنن الله في الكون. لتكون عظة وعبرة لكل امل فيها. ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم الذي بالنفس يشتمل على امرين اولهما وهو الاهم ما في القلوب فان ما في القلوب له اثر عظيم في حياة الانسان فان من علق قلبه بالله ورجاه وحده وامل منه الخير فان الله جل وعلا يجعل له من عاقبة الامور ما مروا به وينعم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء. وقال سبحانه يا ايها النبي قل لمن في ايديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم. فانظر لهؤلاء اعداء الذين كانوا اسرى ومع ذلك يقال لهم اصلحوا ما في قلوبكم يؤتيكم الله وينعمكم به المعنى الثاني من معاني لفظة ما بانفسكم يتعلق بتصحيح الانسان لعمله. فمن احل عمل كان ذلك من اسباب نعم الله عز وجل له في الدنيا مع ما ينتظره من الثواب في الاخرة. قال تعالى من عمل صالحا من ذكرنا وانثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون ومن هنا فعل الانسان ان يصلح ما في قلبه بان يجعل نيته لله وعمله لله الله معه في غير حاله من السوء الى الخير وليحذر من ان يكون ما في باطنه او ان يكون عمله مخالفا لما في شرع الله وينزل الله عليه العقوبة ثم بين الله جل وعلا ان عقوبة الله انما ينزلها لمن قدر الله عز وجل عليهم مخالفة امره. قال واذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له يعني ان الله اذا قدر تقاذير تلحق العذاب ببعض بني ادم او تكونوا سببا للهلاك عندهم فانه لا يستطيع احد كائنا من كان ان يرد عذاب الله وحين حينئذ فانظر الى غيرك يا ايها الانسان. كم من صحيح كان يماثلك؟ جاءته يسيرة فغيرت حاله وابدل الله صحته مرضا فاصبح لا يستطيع ان يتحرك بادنى حركة. وانظروا الى هذه الامراض التي تأتي بعض بني ادم. هذه امراض السرطانات على اختلاف انواعها وامراض القلوب وامراض الجلطات على اختلافها تأتي الانسان في لحظة يسيرة فتبدل حاله بدل ان كان نشيطا يتحرك فاذا به عاجز عن اي حركة. وانظر الى ذلكم الشخص الذي يتنفس الهوى متنعما بنعمة الله عليه بذلك تأتيه حشرة يسيرة من هذه الحشرات المعدية التي لا ترى بالعين المجردة فتدخل في بدنه فيعجز عن ادخال الهواء الى بدنه فانظر الى قدرة الله جل وعلا واعلم بان من اجرى ذلك على غيرك قادر على اجرائه عليك. ولذلك ليكن من شأنك ان تعلق قلبك بالله وجل وتعلم انه اذا اراد الله اي قدر وشاء بقوم سوءا. اي مقادير لا يرغبونها فحين اذ لابد ان يقع قدر الله ولن يتمكن احد من رد قدر الله او الوقوف في وجهه وما لهم من دونه من وال اي ايوجد هناك من يتولى امورهم ليدفع قضاء الله وقدره الذي قدره عليهم في حال من اعطاه الله القدرات والامكانات الدنيوية من رؤساء الدول و من اصحاب الاموال ممن لديهم امكانات عظيمة لم يغني ذلك عنهم شيئا فقدر الله لما جاءهم اتاهم مع ما هم فيه من امكانات دنيوية مادية. فقدر الله اغلب. قضاؤه اوجب ولذلك على الانسان ان يستشعر ان كل تصرف في الكون فانما هو من الله وان الله هو الذي قدره جل وعلا ثم ذكر جل وعلا اية عظيمة تستدعي انتباه النفوس وخوفها من الله جل الا وطمعها له سبحانه وتعالى. فقال هو الذي يريكم البرق. فالبرق هذا الضوء عظيم الذي يحدث عند استكاكاك السحاب بعضه ببعض فيحدث نور عظيم صاعقة كبيرة تصل الى ما وصلت اليه فتحرقه في لحظات يسيرة. هو الذي يجعلكم ترون هذا البرق في الكون ويغير احوالا الخلق. انتم تنظرون اليه بعين الخوف فانكم ان يصل الى شيء مما لكم فيحرقه. وكذلك تنظرون اليه بعين الطمع. لانكم واملون في نزول الامطار التي تحيا بها بلادكم وتنعش ويخرج بها الربيع سببا من اسباب سقياكم وانعامكم. ومن اسباب تمكنكم من زراعة انواع والزروع فهو الذي يريكم البر خوفا وطمعا. وهذا يدلك على قدرة الله حيث جعل علامة كونية واحدة تستوجب شعورين متظادين متناقضين احدهما الخوف والثاني الطمع تخاف من الله وتطمع في فظله جل وعلا ثم ذكر اية عظيمة الا وهي انكم تشاهدون السماء مصحية صحوا لا سحاب فيها. فما هي الا لحظات حتى ينشأ السحاب تغير الجو وتصبح الغيوم قد ضللت على الارض مما يجعلكم تطمعون في امطارها فهو سبحانه ينشئ السحاب الثقال اي عظيمة المقدار بمثابة الجبال العظيمة الكبيرة وهكذا يسبح الرعد بحمده والرعد الصوت الذي يظهر الذي يسمع عند استكاكاك انواع السحاب في السماء حتى يسمعه الناس بالصوت المرعب الذي يحرك القلوب ويجعل تخاف من عواقب ذلك. هذا الرعد الذي يخيفكم انما هو تسبيح بالله جل وعلا. فهذا الرعد ينزه الله عن طريقة اولئك المشركين. الذين ويخضعون لغير الله ومن ثم فهذا الرعد يسبح الله ويسبح بحمده اي بصفاته العظيمة الجليلة وكذلك الملائكة يسبحون الله عز وجل من خيفته. فهم يخافون الله اها جل وعلا. وهكذا من الايات الكونية. هذه الصواعق التي يرسلها الله يجعلها تهلك بعض المخلوقات. فيرسل الصواعق طيب بها من يشاء. فتحترق الاشجار تتكسر الجبال وتنهدم البيوت ويهلك بعض بني ادم بهذه الصواعق التي يقدرها الله عز وجل هذه الايات الكونية التي يشاهدها الانسان ويطلع عليها ينبغي ان تزرع في قلبه خوفا دائما من الله جل وعلا. وان لا يأمن في اي حال من احواله واذا تأملت في حال الانسان وجدته يجادل مجادلات الباطل تجده يقدم حججا واهية ليسلك طريقه الظال وليبتعد عن الحق بينما هو يجادل في الله بحيث يريد ان يصرف العبادة لغيره. وينسب بعض الايات الكونية لغيره الا ان الله عز وجل هو المتصرف في احوال الناس وهو شديد المحال ان يغير حالهم من حال الى حال فهو يغير حال الانسان في لحظات يسيرة الى ظد حاله الاول كما ذكرنا في حال المرظ وحال وحال الفقر وحال الامن كم من انسان كان امنا وفي لحظة تبدل حاله. وكم من انسان كان غنيا في لحظة افتقر وكم من انسان كان صحيحا وفي لحظة مرظ وما ذاك الا من علامات قدرة الله على العبد فهو يحول حاله من حال في لحظات وهو شديد حالة ثم قال تعالى له دعوة الحق اي ان العبادة الحقة انما هي لله عز وجل بحيث لا يصح ان يعبد احد سواه. فان كلمة الدعاء قد يراد بها دعاء العبادة كما انه قد يراد بذلك دعاء المسألة فالذي اذا دعي استجاب هو الله جل وعلا. فهو سبحانه قد وعد الداعين بان يجيب دعواتهم لكن من يدعى من دون الله سواء من الاصنام او الاحجار او الاشجار او بعض بني ادم او ممن يسمون بالاولياء او حتى من الانبياء او الملائكة فكل هؤلاء ليس من شأنهم ان يجيبوا دعوات من دعاهم ولا من شأنهم ان تصرف لهم عبادة دون الله جل وعلا. ولذا قال والذين يدعون من دونه اي اولئك الذين يدعون من قبل المشركين من دون الله عز وجل ايستجيبون لهم بشيء؟ اي لا يحققون مطلوبهم ولا يستجيبون لدعواتهم لان التصرف في الكون انما هو الى الله جل وعلا. ثم ضرب الله مثلا بديعا في هذا هناك رجل وقف على رأس البئر الماء في جوف البئر فمد يديه يطلب ان يصل الماء الى يديه. فهل يصل الماء الى يديه فهكذا دعاء هؤلاء الذين يدعون من دون الله ليس له اثر ولا يحقق شيئا من مطلوبهم. وهكذا عندما يكون هناك كماء ينزل من علو الى اسفل. فيأتي من يتلقاه بيد مبسوطة غير مقبوضة قد فلت اصابعها فانها لا تمسك شيئا من الماء فهكذا دعاء من دعا من دون الله جل وعلا اصحاب القبور لم يدفعوا عن انفسهم الموت ليتمكنوا من دفع الظر عن غيرهم كيف يدعون من دون الله جل وعلا. وهؤلاء الاولياء والانبياء اذا دعوا فانما يدعون ان الله جل وعلا فمن اراد ان يسلك طريقهم فليدعو بمثل ما دعوا دعوا الله جل وعلا وعرضوا حوائجهم على رب العالمين. الحي الذي لا يموت. والقادر الذي لا يعجزه شيء والذي وعد الداعين بان يجيب دعواتهم. ولذا قال لا يوصل ما انيل الفم. ولذا قال وما دعاء الكافرين الا في ظلال اي ان هذا الدعاء الذي يصرفه هؤلاء الى غير الله عز وجل. انما هو دعاء لا فائدة منه ولا يتحقق به رجاء ولا يستجاب له. وهكذا عبادة المشركين لمن يعبدونهم من دون الله. لا تنفعهم شيئا ثم ارشد الله جل وعلا الى ان الكون كله يسجد لله وحده. ومن ثم علينا ان نتوجه بقلوبنا اليه سبحانه وتعالى. بحيث نصرف عباداتنا جميعا لله سبحانه فلا نصرف شيئا منها لغيره. ويكون دعاؤنا لله وحده دون من سواه ولذا قال ولله يسجد من في السماوات والارض. بما يشمل عبوداتكم التي تعبدونها من دون الله فان الله جل وعلا يجعلها تسجد الله اعلم بحقيقته. وهذه هي المخلوقات بعضها يسجد طوعا لله عز وجل كسجود اهل الايمان لربهم سبحانه وتعالى. بينما هناك مخلوقات تسجد لله بغير اختيارها ولا ارادتها وظلالهم اي ان المخلوقات التي لها ظلال تسجد لله وظلها يسجد لله جل وعلا. وقوله بالغدو يعني في اول النهار والاصال اخر النهار وهذا وقت وجود ظل كل شيء فان الظل انما يكون عند او عند بدء بداية النهار وعند نهايته. فكما ان هذه المخلوقات تسجد لله جل وعلا. فهكذا ظلالهم يسجد له سبحانه في اول النهار وفي اخره. فهذه ايات فيها معان جليلة واحكام كثيرة. فمن تلك الاحكام ان انزال المعجزات والايات الدالة على صدق الرسل الى الله جل وعلا وليست بحسب مطالبات الاقوام وقد بينت ايات اخرى انه لو استجيب لمن اخترع وطلب الات وايات ثم لم يستجب فان ذلك يكون سببا من اسباب هلاكهم. ولذا كان من رحمة الله بالعباد الا يستجيب لهم في تحقيق ما طلبوه من الايات والمعجزات. وفي هذه الايات ان وظيفة الانبياء واتباع الانبياء النذارة وتخويف الاقوام دعوتهم وهدايتهم الى الله جل وعلا. وفي هذه الايات ان استعمال سبيل الانذار تخويف في الدعوة الى الله جل وعلا. بحيث يخوف العباد من ربهم سبحانه وتعالى طريق مشروعة سائر عليها انبياء الله عليهم السلام وفي هذه الايات دلالة على عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. فانه قال ولكل قوم هادئ يعني ان الانبياء السابقين يدعو كل واحد منهم قومه وحينئذ نعلم ان قبل لهم وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور شأنه في قوله انما انت منذر تختص نذاراته ودعوته قومه بل تعم من في الارض وفي هذه الايات ان الله مطلع على كل ما في الكون. وانه لا تخفى عليه شيء من امور الكون ومن ذلك علمه بالاجنة التي تكون في بطون النساء. فهو يعلم من حملت ومن لم تحمل بمجرد حملها بل يعلم بذلك قبل حصوله. ويعلم كانه جريان احوال الاجن في بطون امهاتها. فيعلم من يكمل ومن ينقص يعمل ويعلم وقت ولادته. ويعلم من يسقط ومن يبقى. فلا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات ان احداث الكون ووقائعه قدر الله عز وجل له مقادير في احجامها وصفاتها وكيفياتها واوقاتها واماكنها فهذه المقادير قد قدرها الله جل وعلا فهو عالم بها وهو الذي قدرها سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات استواء علم الله في الامور الظاهرة. مع علمه بالامور باطنة الخفية وفي هذه الايات وصف الله جل وعلا بصفة العلو فهو عال بذاته. كما اخبر انه فوق سماواته وهو عال بقدره. فهو اعظم من كل شيء. وما قدروا الله حق قدره والمؤمن يقول الله اكبر. وكذلك هو عال بقدرته. فلا يعجزه شيء وهو عالم بقهره فهو الذي ذلت له المخلوقات وخضعت لامره سبحانه وتعالى وفي هذه الايات وجوب ان يتحفظ الانسان في مقاله فلا يتكلم بكلمة الا وهو اعلم حسن عاقبتها دنيا واخرة. سواء اسر بها ولم يطلع عليها الا الخاصة او جهر بها واعلنها حتى علمها العامة. ومن هنا فان الانسان يختارها طايب القول ليكون بذلك مرضيا عند ربه سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات ان نتخفي الانسان لا يخفيه ولا يستر اموره واحواله عن رب العزة والجلال. بل هو مطلع على السرائر عالم بها. وفي هذه الايات رحمة الله بالانسان. بحيث جعل له له ملائكة يحفظونه من المقادير التي يقدرها الله جل وعلا. وكذلك هم يحفظون اعماله فيسجلونها ويكتبونها لتعرظ عليه في يوم المعاد. وفي هذه الايات ان تغيير احوال الكون انما هو الى الله جل وعلا. وانه لا يستطيع احد كائن من من كان ان يغير في الكون فالله المنفرد بعلم الغيب. والله المنفرد بالإعطاء والله منفرد بالمنع والله جل وعلا هو المتصرف في الكون والعباد انما هم قاسمون بامر الله جل وعلا. وان يردك الله بظر فلا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفضله. يصيب به من يشاء من عباده. وهو الغفور وهو الغفور الرحيم وفي هذه الايات ان الجزاء من جنس العمل. فمن احسن في عبادة الله احسن الله اليه في دنياه واخراه ومن اساء في عبادة الله اساء الله حاله دنيا واخرة وفي هذه الايات انه لا يحل لعبد ان يذل ويخضع لاحد من المخلوقات كائنا من كان خوفا منه وانما لا يخاف العبد من الله ان يسلط عليه من في الارض. فوالله لو كان من في الارض كلهم جميعا على منوال واحد وطريقة واحدة وارادوك بادنى سوء فانهم لن يصلوا لذلك الا بتدبير من الله وقدر منه. كما قال صلى الله عليه وسلم واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله عليه واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف ولذا على الانسان ان يتوجه بقلبه الى الله طمعا في فضله وخوفا من عقابه ورغبة فيما عنده ليكون هذا من اسباب صلاح اخرته فتأتيه الدنيا تبعا وما ذكر في الاية انما هو بيان سنة كونية. ان من احسن في عبادة الله يرى الله حاله الى الاحسن. وليس معنى هذا ان يريد للانسان الدنيا او ان يقصدها بعمله ولكنه يعمل للاخرة. ويريد ثواب الاخرة فتأتيه الدنيا تبعا. وفي هذه الايات التذكير بايات الله الكونية فيما يتعلق بالسحاب. فالله هو الذي ينشأ هذا السحاب بينما هي صحو فاذا بها تنقلب الى سحاب كثيف غليظ حمل المياه الكثيرة وكذلك هو الذي يجري هذا السحاب ويرسله الى ما شاء من الاراضي وهو سبحانه الذي يجعل البرق في السماء. ويصرفها لتكون صواعق. تصيب من شاء من مخلوقات الله على الارض. وهكذا هذا الرعد العظيم بصوته الكبير تدبير الله وهو مسبح لله منزه له من ان يراد احد سوى الله او يعبد غير الله جل وعلا. وفي هذه الايات ان العبد ينبغي به الا يخاف من الايات الكونية والا يطمع فيها. وان يكون خوفه وطمعه لله جل وعلا. فيخاف من الله ويطمع في فضل الله جل وعلا وفي هذه الايات من الفوائد ذكر شأن الملائكة الذين يسبحون الله في كل احوالهم من اجل ان يقتدي العباد بهم فيكون من اهلي تنزيه الله وتسبيحه سبحانه وتعالى وفي هذه الايات ذم حال اولئك الذين يجادلون بالباطل في الله تعالى وبيان ان جدالهم ما يزعمونه من حجج لا يغني عنهم من الله شيئا ولا عنهم عقوبة رب العزة والجلال القادر على كل شيء شديد القوة وشديد العقاب شديد المحال يحول العباد من حال الى حال وفي هذه الايات ان العبادة الحقة انما هي لله سبحانه وتعالى. وانه لا يجوز صرف شيء من العبادات لغير الله سبحانه وتعالى كما ان فيها ان الدعاء المستجاب هو الدعاء الموجه الى الله جل وعلا. واما دعاء الموجه لغيره من الاولياء والانبياء والملائكة او من غيرها مما يعبد من دون الله فانه لا يستجاب لصاحبه ولا يحقق له مراده. وفي هذا ترغيب في دعاء الله جل وعلا والتضرع بين يديه وعرض الحوائج عليه سبحانه تعالى وفي هذا ظرب الامثلة التي تقرب الحال وتوظح للانسان ما يخفى عليه ويغمض من وقائع الحياة. وفي هذه الايات ان المقادير تحتاج الى بذل الاسباب الموصلة اليها. وان ترك السبب ليس مما تقبل عقلا فان الانسان وان علم ان الله المتصرف في الكون الا انه قد جعل للمقادير ابى فمن اراد تدبير الله في الكون فعليه ببذل الاسباب. ولذا من لم يبذل الاسباب الصحيحة الموصلة الى الاهداف التي يرجوها فان تلك الاسباب لا فيده شيئا ولذا لا يجعل شيء من الاشياء سببا لاخر الا بدليل من الشرع او بدليل من الواقع والتجربة. ولا يجوز لنا ان نقول بان هذا الامر سبب في غيره. او انه تلوا اليه بدون احد هذين الامرين فمن جاءنا وزعم ان بعض الاشياء تدفع بعض تدفع الظرر الذي قد يقع على الانسان قيل له ما دليلك؟ ائت به من شرع الله او من دلائل التجربة والحس فمن امثلة ذلك ان النصوص جاءتنا بان من حافظ على اذكاره فان الله جل وعلا يدفع عنه ما قد يكرهه من مقادير الله في الكون كلام والتجربة والواقع عرفنا بها ان من تناول الادوية ان تلك الادوية تدفع المرض باذن الله جل وعلا. فمن جاءنا واتى بامور يزعم انها من الاسباب ابي الموصلة الى بعض النتائج بدون ان يكون عليها دليل من الشرع او من التجربة لم يقبل منه فمن جاءنا مثلا وقال بان هذه بان هذه التمائم التي تعلق ادفعوا شيئا من قدر الله قيل له ما دليلك على هذا من الشرع او من الحس والتجري فما لم يكن عليه دليل فانه لا يقبل من ممن ادعاه. وفي هذه ايات بيان ان الواجب افراد الله بالعبادة. فان العبادة الحقة يجب ان تكون لله وحده وفيها تحريم صرف شيء من العبادات لغير الله جل وعلا وفي هذه الايات ان ادعية الكافرين وعباداتهم لا تنفعهم شيئا بل تكونوا وبالا عليهم وفي هذه الايات صرف انظار بني ادم الى تسخير الله للكون مما يجعلهم ان من سخر هذا الكون يجب افراده بالعبادة وبالتالي لا بد من الخضوع له والذل له سبحانه وافراده بالعبادة. وفي هذه الايات ذكر سجود من في السماوات ومن في الارض لله تعالى. فبعضهم يسجد طوعا وبعضهم اسجدوا كرها. وفي هذه الايات وجوب افراد الله بعبادة السجود. فلا يجوز ان يسجد لغير الله تعالى. ولذا قال ولله يسجد. فانه اذا قدم المتعلق وهو هنا الجار والمجرور افاد ذلك الاختصاص والحصر. فلما قال ولله يسجد معناه انه لا يسجد لغيره سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات التمعن في بديع صنع الله في جعلي اوائل للنهار واواخر يكون فيها الظل ساجدا لله سبحانه وتعالى. بارك الله وفيكم ووفقكم لكل خير وجعلكم من الهدى المهتدين ورفع الله درجاتكم وجعلكم ممن وحدون الله في دعائه وعبادته. اسأل الله ان يستجيب لدعواتكم وان يبارك فيكم وان يجعل العاقبة الحميدة لكم دنيا واخرة. كما اسأله جل وعلا لعموم المسلمين ان يكفيهم الله شر ان انفسهم وشر غيرهم وان يبارك فيهم وان يوفقهم لانواع الطاعات. كما نسأله جل وعلا ان يجعل نصفنا الثاني من شهرنا خيرا من نصفه الاول بفضله واحسانه. كما نسأله ان يبارك لنا في اوقاتنا وفي اعمالنا وفي اذهاننا وفي حفظنا وفي قراءتنا وفي سائر اعمالنا جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا لكل خير. وان يبارك فيهم. وان يجعلهم من اسباب الهدى والتقى وان جزيهم خير الجزاء هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين