وفي هذه الايات بيان فضل الله على اهل الايمان بما اعده لهم من الثواب الجزيل في جنات عدن دائمة باقية وما يتفضل عليهم بان يجعل قراباتهم يقارنونهم في جنان الخلد الحمد لله رب العالمين. نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله اصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فبالامس اخذنا تفسير قوله تعالى قل من رب السماوات والارض قل الله واخذنا المعاني التي اشتملت هذه هي الايات وارجعنا النظر فيما يستفاد منها من احكام وفوائد لهذا اليوم نسأل الله جل وعلا الإعانة على ذلك وبعده فان من الفوائد التي يستفاد من هذه الايات انقسام التوحيد الى توحيد الربوبية الذي هو اقرار لله بافعاله من الخلق والرزق وتدبير الامور ونحو ذلك ذلك و بيان ان هذا التوحيد لا يكفي وحده فلابد معه من توحيد الالوهية بافراد الله بالعبادة وعدم صرف شيء منها لغير الله تعالى ولذا نجد ان مشركي العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية فلم يغنهم ذلك بل استدل باقرارهم بتوحيد الربوبية في هذه الايات وفي ايات اخرى على وجوب افرادهم لله في توحيد الالوهية كما في هذه الايات فانه سألهم من رب السماوات والارض؟ وبين لهم ان ربوبيته وتصرفه وايجاده ولهذه المخلوقات العظيمة يقتضي ان تعبدوه وحده. وان لا تشركوا به شيئا وفي هذه الايات ان المتصرف في الكون هو الله فهو النافع الضار فلا نفع الا من عنده جل وعلا ولا ضر الا منه سبحانه وتعالى. والعباد انما هم اسباب يقدر الله على ايديهم الخير والشر والنفع والضر ولد على الانسان الا يجزع من تصرف احد تجاهه بمنع خير او استجلاب شر بانه لن يخرج عن قضاء الله جل وعلا. وعن قدره. والمؤمن يجزم بان كل قضاء قضاه الله عليه فهو خير له وهو لي مصلحته وفي هذه الايات بيان بطلان عبادة المعبودات من دون الله. سواء كانت من الاصنام او الاحجار او كانت من الناس او كانت من الملائكة فان الله جل وعلا قد اخبر ان لا يملك نفعا ولا ظرا لنفسه. فلا يملكه لغيره وفي هذا اقامة الحجة على اولئك الذين يتوجهون لاصحاب القبور يدعونها من دون الله اه ويطلبونها حوائجها فان الله قد بين لهم ان هؤلاء لا ينفعون انفسهم لم يدفعوا عن انفسهم الموتى. ولم يدفعوا عن انفسهم المرض. ولن يدفعوا عن انفسهم في قبورهم ان يأكلهم الدود وان ترم اجسادهم. ولذا قال فاتخذتم من دونه اولياء لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا وفي هذه الايات بيان ان البصر نعمة من عند الله جل وعلا. وانها من كان تصفا بها فحاله يفارق حال الاعمى بمراحل كثيرة مما يستوجب ان يشكر لسان ربه على هذه النعمة وفي هذه الايات تشبيه تشبيه من صرف العبادة لغير الله بالاعمى. وان من صرفها لله وحده يكون بمثابة البصير الذي يبصر ما امامه. وفي هذه الايات ان الله بين العباد فيما اتاهم من النعم. ولا يعتبر ذلك ولا يعتبر ذلك تركا فان الله يتفضل على من يشاء من عباده سواء بالبصر او بالنور او بالهداية والتوحيد او بغيرها من نعم الله جل وعلا وفي هذه الايات بيان ان الله جل وعلا يتفضل على العباد بنعمة النور سواء كانت في النهار او ما هيأها ما هيأه الله في ازماننا من انواع الاضاءة التي تنير للناس مواطنهم ومحالهم. فهذه نعم من الله وعلا واجبة الشكر وفي هذه الايات ظرب المثال بين الموحد والمشرك من يكون في النور ومن يكون في الظلمات. وظرب المثال للتوحيد بالشرك بالنور والظلمات. وفي هذه الايات التذكير بان الله جل وعلا هو الخالق للكون والخالق لمن على هذه الارض من انس وجان وحيوان واشجار وجبال وغيرها من الكائنات. وفي الايات الاستدلال على انفراد الله بالخلق على وجوب افراده بالعبادة وفي هذه الايات التذكير بان المعبودات التي تعبد من دون الله لم تخلق ولن تخلق شيئا من الكائنات. ولذا قال ام جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم فهم ليس لهم خلق حتى يظن انهم يماثلون الله ويشابهونه ومن انفرد بالخلق كان له حق العبادة دون من سواه. قل الله خالق كل شيء وفي الايات ان الله جل وعلا واحد في ربوبيته صرف نعمه ونفعهم والحاق الظرر بهم. وهو واحد في خلق المخلوقات. ومن كان كذلك وجب ان يكون واحدا في افراده بالعبادة من صلاة ودعاء وخشية وانابة ونحو ذلك وفي هذه الايات قدرة الله جل وعلا على قهر كل من يقابله او يحاول ان يضاده فان الله لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى. والناظر في ما صرفه الله على الامم السابقة حيث اوجد اسبابا يسيرة بما او بهوى او بصوت مجرد فاهلك امما كاملة. وفي هذه الايات فضل الله جل وعلا على العباد بانزال الامطار فهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى وهو المنفرد بانزال المطر. ومن انفرد بانزال المطر كان ذلك دليلا على وجوب افراده بالعبادة وفي هذه الايات ان من رغب في المطر ونزول الغيث فعليه ان يتوجه الى الله فهو الذي الامطار سبحانه وتعالى وفي هذه الايات تمثيل الوحي النازل بالسماء بالمطر النازل من السحاب. كيف يحيي الله به ارض بعد موتها فهكذا القلوب تحيا بالوحي بعد موتها. وفي هذه ايات ان الناس يتفاوتون فيما يستفيدونه من الوحي النازل من عند الله جل وعلا كما ان الاودية تتفاوت في مقدار الماء الجاري فيها النازل من الامطار. وفي هذه الايات ظرب المثال للحق والباطل بما يحمله السيل من المياه النافعة اه ما يكون معه من انواع الخيرات فالحق بمثابة هذا الخير النازل الذي يستفيد الناس معه من هذه الامطار والشر بمثابة هذا الزبد الذي يكون في اعلى المياه والفقاعات التي تكون على الماء ما اسرع ان تزول سريعا. وفي هذه الايات ان الباطل مهما كان عنده من القوة الدنيوية لا يقوى على مصادمة الحق والوقوف في مهما كان عند اهل الباطل من انواع القوى والامكانات وفي هذه الايات من الفوائد بيان ان الاصل في مياه الامطار الحل والاباحة فيجوز شربه ويجوز الوضوء منه. ويجوز استعماله. وفي هذه الايات في من الفوائد جواز اتخاذ الحلي واحراق النار من اجل صهر الحلي ليتشكل على وفق ما يريده اصحابه. وفي هذه الايات جواز التمتع بنعم الله في الدنيا ومن انها الامطار النازلة والنبات الذي يكون على الارض. والحلية التي تكون عند الناس وفي هذه الايات تقوية اهل الحق اشد بازرهم من اجل ان ينشروا ما عندهم من الحق وان يدلوا الخلق على ما فيه صلاحهم وسعادتهم وفي هذه الايات وجوب الاستجابة لله تعالى فيما يأمر به وفيها ان من استجاب لله كانت له العاقبة الحميدة والحسنى في الدنيا وفي الاخرة فانه قال للذين استجابوا لربهم الحسنى فالالف واللام هنا للاستغراق ولم تقيد بالاخرة. فدل هذا على ان من استجاب لله تنعم في الدنيا وان كان العبد لا يقصد بادائه للاعمال. واستجابته لامر الله المجرد الامر الدنيوي. بل تكون مقاصده اخروية. وفي هذه الايات التحذير من العاقبة السيئة لمن يعصون اوامر الله جل وعلا ولا استجيبون لشرعه وفي هذه الايات ان هؤلاء الذين لا يستجيبون لله يكون مصيرهم مصيرا يوم المعاد. وتكون عاقبتهم سيئة بدرجة انهم يعجزون عن فداء نفوسهم ولو كان معهم الخير الكثير. ولو كانت الدنيا كلها في حوزتهم وفي هذه الايات بيان صفات اهل الحق الذين استجابوا لامر الله. ومعرفة ان اعظم خاصية لهم انهم كانوا موقنين بصدق الله جل وعلا فيما اخبر به من المعاد والحساب والجزاء وفي هذه الايات ان من لم يصدق بهذه الرسالة فهو فهو بمثابة ابت الاعمى لا يدرك حقائق الاشياء وفي هذه الايات ان العقل الصحيح من كان يعمل لاصلاح عواقب امره. فيفكر في العواقب ويسعى لاستجلاب باحسنها وافضلها. ولذا يفرق بين العقل والذكاء. فالذكاء القدرة على التصرف واما العقل فهو العمل جلب العقائد المحمودة و مراعاة مآلات الافعال. وما تكون عليه وفي هذه الايات وجوب الايمان بما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب العظيم ومن الحقائق الدينية الواردة في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي هذه الايات وجوب الوفاء بعهد الله تعالى. سواء كان في ذلك ما جاء به الانبياء والرسل من وجوب الانقياد لله او ما اخذه الله على بني ادم في ظهر ابيهم من ان يقوموا عبودية الله وحده وان يقروا بربوبيته سبحانه تعالى وفي هذه الايات النهي عن نقض العهود والمواثيق. سواء كانت عقود تجارة او عقود صلح او كانت عقود نكاح او كانت عقودا بين الانسان وبين ربه كالنذور والاوقاف ونحوها وفي هذه الايات دلالة على وجوب بر الوالدين وصلة الارحام ولاقدام على الفعل الجميل وفي ذلك تحذير من قطيعة الارحام وفي هذه الايات فضيلة الخشية من الله بان يكون الانسان خائفا من ربه جل وعلا مطلعا على اوصافه وصفاته. وفي هذا دلالة على انه يستحب للانسان ان يسعى لتعلم اسماء الله الحسنى وصفاته العلا ان العبد متى ازداد معرفة بربه ازداد خشية له وانابة في هذه الايات وجوب ان يجعل الانسان الاخرة على باله فيستعد لها بانواع الاستعداد. فان العبد المؤمن يسعى لالفكاك من نار جهنم. والى دخول الجنان وما ذاك الا باداء عمل في الدنيا يقصد العبد به نجاته يوم القيامة كما قال تلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون وفي هذه الايات ان العباد يحاسبون يوم القيامة. ولكنهم يتفاوتون في طريقة الحساب وفي درجته وفي الايات الترغيب في الصبر سواء كان صبرا في اداء الواجبات الشرعية او كان في ترك المنهيات او كان صبرا على اقدار الله المؤلمة. واو كان صبرا على اذية الخلق. وفيها اشارة الى عظم اجر الصابرين. وفي هذه الايات ان الصبر لا ينال الانسان به اجرا الا اذا كان يبتغي به وجه الله ويريد بذلك رضاه فالناس الذين يزاولون الاعمال الشاقة على نوعين منهم من صبر لله فيكون مأجورا ومنهم من تحمل الاذى ولكنه لم يقصد وجه الله بذلك فهذا ليس له شيء ولكن يكفر من ذنوبه وسيئاته. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يصيب العبد المؤمن من هم ولا وصب ولا نصب. حتى الشوكة يشاكها الا كان كفارة لذنوبه وآآ في هذه هي الايات اثبات صفة الوجه لله جل وعلا. فانه لا لا يطلق ولا يستعمل الجزء ويراد به الكل الا اذا كان لذلك الجزء معنى حقيقي منسوب الكل. وفي هذه الايات الامر باقامة الصلاة محافظة عليها في اوقاتها وقياما باركانها وواجباتها وشروطها وتركا لما ينقص اجرها وقوله اقاموا الصلاة فيه اشارة الى مشروعية صلاة الجماعة وفضل اداء هذه الصلوات الجماعة وفي هذه هي الايات في قوله الصلاة يراد بها الصلوات الخمس. لان الالف واللام اذا لم يرد بها العموم والاستغراق تكون للعهد والعهد السابق هو الصلوات الخمس. وفي هذه الايات الرغيب في النفقات سرا وجهرا. بحيث يستمر الانسان في النفقة اطلع عليه الاخرون او لم يطلعوا لانه يريد بذلك ان يرضي الله ويدخل في هذا الزكاة الواجبة والنفقات الواجبة ادخلوا في ذلك ما يتعلق به معنى ظروري لا يستغني عنه ان الناس وفي هذه الايات مشروعية اتباع السيئة بالحسنة. بحيث اذا عمل العبد شيئا من المعاصي شرع له ان يعمل اعمالا صالحة يكون لها حسنات فيمحو الله بفضله تلك السيئات بهذه الحسنات وفي الايات امر من اساء اليه العباد بان يحسن اليهم فيقابل اساءتهم الاحسان وفي الايات ان من كان كذلك وكان متصفا بهذه الصفات فان الله جل وعلا يورثه عاقبة الحميدة الدار الكريمة في جنان الخلد فيرفعون في درجاتهم ليصلوا درجة قريبهم وفي هذا ترغيب الانسان بان يسعى لان يكون في قرابته وفي ذريته من يكون من اهل الاستقامة ومن ينال الاجر العظيم بنشر العلم او بالدعوة الى الله او بغيرها من الاعمال الصالحة فانه متى ارتفع قريبك في جنان الخلد كان هذا من اسباب ارتفاع درجتك فيها لان الله عز وجل يجمعك به وفي هذه الايات الحرص والسعي على الامور التي تصلح الاباء والزوجات والابناء والذريات ليكون ذلك كمن اسباب رفع درجاتهم وفي الاية ان اهل الجنة يتنعمون فيها بامن وسلام وانه لا يأتيهم ما ديروهم في هذه الدار التي اعدها الله لاولياءه وفي هذه الايات وفي هذه الايات التذكير بان من اعظم اسباب دخول الجنان الصبر وفي هذه الايات التحذير من نقض العهود والمواثيق. وبيان سوء عاقبتها في الدنيا والاخرة وفي هذه هي الايات من الفوائد تحريم قطيعة الرحم وبيان سوء عاقبتها دنيا واخرة. وان من تركها وان من ترك صلة الرحم فيخشى عليه من العقوبة الدنيوية والعقوبة الاخروية وفي هذه الايات التحذير من الافساد في الارض. سواء بظلم العباد او بصرف العبادات لغير الله. فاصلاح الارض يكون بالتوحيد و السنة والطاعة والعدل والاجتماع واما افسادها فيكون بالشرك وصرف العبادات لغير الله. وبالبدع والخرافات والمعاصي والسيئات من افسادها ظلم العباد وعدم وفائهم لحقوقهم وفي هذه الايات تحذير المؤمن من ان يكون من اهل اللعنات الذين يلعنهم الله عز وجل وتلاحظ هنا ان ما ورد في القرآن من ذكر اللعن فانه اما ان يكون لغير معين واما ان يكون من يقضي الله عز وجل عليه بدخول ناره جهنم هذا شيء من فوائد هذه الايات واحكامها رزقكم الله علما نافعا وعملا صالحا ونية خالصة واستقامة على الطريق المستقيم. واسأله جل وعلا ان احوال المسلمين وان يبارك لهم في جميع امورهم. وان يغفر لهم ذنوبهم كما اسأله جل وعلا وفق ولاة امرنا لكل خير وان يبارك فيهم وان يجعلهم هداة مهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله وعلى نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين