ويتركون الاستجابة لداعي الايمان الا وهو ان بعضهم قد يكون عنده من امور الدنيا وزينتها زخارفها ما يظن انه بذلك قد حاز كل شيء. ومن ثم لا يتفكر في دعوات الانبياء والدعاة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد ففي هذا اليوم في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك من عام الف واربعمائة واثنين واربعين نبتدئ بدراسة سورة الكهف وهي سورة عظيمة عنونت بعنوان القصة التي وردت في هذه الايات وهذه الايات فيها بيان ان اصحاب المنهج الحق يكون الله جل وعلا معهم فينجيهم من اعدائهم وفيه ايظا بيان شيء من القصص العجيب الذي مر من سبق ليكون شاهدا لهذا الكتاب ولهذا النبي وهذه السورة فيها قصتان عظيمتان هما قصة اصحاب الكهف وقصة ذي القرنين وذلك ان اليهود كانوا يريدون ان يعجزوا النبي صلى الله عليه وسلم فطلبوا منه ان يفصل لهم هاتين القصة العجيبتين وقد ورد ان اهل مكة ارادوا ان يسأل اليهود عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن رسالته فقال اليهود سلوه عن اهل الكهف واسألوه عن ذي القرنين. وفي لفظ سلوه عن فتية ناموا سنين عديدة وعن ملك جاب الارظ وهذه السورة من السور المكية عند جماهير اهل العلم نزلت بمكة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله جل وعلا في اولها الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب يمدح الله نفسه ويثني عليها وينسب الثناء الكامل الذي لا يتطرق اليه نقص من جانب من جوانبه له سبحانه حيث انه تفظل على العباد ان ارسل محمدا صلى الله عليه وسلم وانزل عليه الكتاب. فقال الحمد لله اي ان الصفات الجميلة الكاملة تكون لله جل وعلا. ومن ذلك انه انزل على عبده الكتاب. فالقرآن الكريم قد نزل من عند الله جل وعلا. وانزله على عبده يراد بذلك محمد صلى الله عليه وسلم فوصفه بمقام العبودية التي هي سبب كل خير في الدنيا والاخرة ثم ذكرا شيئا من الصفات التي لهذا الكتاب حيث امتن الله على عباده بانزاله ومدح نفسه بانزال هذا الكتاب. فقال لم يجعل له عوضا وجاء ولم يجعل له عوجا. اي ان هذا الكتاب لا ميل فيه عن افضل الامور واحسن فلا يوجد فيه تناقض فيما بين اياته. ولا يوجد فيه ظلم ولا انقاص من حقه وكذلك وصفه بانه قيما بانه قيم وقيمة هنا مفعول به لفعل محذوف تقديره وجعله قيما. اي ان حياة الناس تقوم به على اكمل الوجوه واتمها فهذا الكتاب لا يسبب شيئا من النقص ولا من الظلم وفي نفس الوقت ويحقق الكمال وسعادة الدنيا والاخرة ثم بين غاية من غايات هذا الكتاب. فقال لينذر بأسا شديدا من لدنه. اي ان من اسباب انزال هذا الكتاب وبعثة هذا النبي ان يخوف العباد من العذاب الاليم الشديد الذي يأتي من عند الله جل وعلا وذلك ان العقوبة التي تكون من المخلوق مهما بلغت فانها ضعيفة. بالنسبة للعقوبات التي ينزلها الله جل وعلا. ولذا حذرهم من عقوبة تنزل عليهم من الله جل وعلا وهكذا من شأن هذا الكتاب ان يبشر المؤمنين فيأتي لهم بالخبر السار الذي يبين لهم ان العاقبة الحميدة ستكون لهؤلاء المؤمنين الذين اذعنوا لله وسلموا له واطاعوه في امره. وذكر من صفاتهم انهم الذين يعملون الصالحات. فهم يقدمون على العمل الصالح والصالح يشتمل على امرين ان يكون عبادة خالصة لله جل وعلا ان يكون على وفق ما جاء في شرع الله عز وجل فمن كان كذلك فان الله يبشرهم ان لهم اجرا حسنا. اي سيكون لهم الثواب الجزيل الذي يحسن وهذا كما يشمل اجر الاخرة يشمل اجر الدنيا ايضا ولا يقتصر ذلك على الامور الظاهرة. فان عند اهل الايمان من اليقين والرضا وطمأنينة النفوس الا تجده عند غيرهم وتجد انهم ابعد الناس عن الامراض النفسية ثم قال ماكثين فيه ابدا اي سيبقون في هذا النعيم ابد الاباد لا ينقطع عنهم بما يشمل اجر الاخرة وثوابها وفي نفس الوقت ينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا اي يحذر الله من العقوبة الشديدة لاولئك الذين يفترون على الله الكذب فينسبون له سبحانه الولد ومن اليهود الذين يقولون عزير ابن الله والنصارى الذين يقولون المسيح ابن الله بعض العرب الذين يقولون الملائكة بنات الله ثم استنكر الله جل وعلا عليهم مقالتهم هذا فقال ما لهم به من علم ولا لابائهم. اي لا يوجد دليل يدل على مقالتهم الفاسدة التي نسبوا بها الولد لله جل وعلا. وانما شأنهم ان يقلدوا ابائهم مع ان ليس عندهم علم ولا دليل و ثم استعظم الله جل وعلا هذه المقالة الشنيعة المشتملة على نسبة الولد لله عز وجل. فقال كبرت اي عظمت وتفاقمت كلمة اي هذه اللفظة التي ينسبون فيها الولد لله جل وعلا. كبر كلمة وذلك انهم بهذه المقالة ينسبون الى الله ما لا يناسبه وما لا يليق به سبحانه وتعالى ومن ثم فهذه المقالة مقالة شنيعة باطلة فهي كلمة تخرج من افواههم ولا يستندون فيها الى دليل بل هم كاذبون فيها. ان يقولون الا كذبا فهذا خبر كاذب لمخالفته الواقع ثم قال تعالى فلعلك باكع نفسك اي يمكن ان تقوم اسف شديد بسبب عدم ايمان هؤلاء حتى انك تكاد تقتل نفسك اذا لم يؤمنوا بهذا الحديث فلعلك اي هل ستستمر على هذه الطريقة من الشفقة على الذين لم يؤمنوا حتى انك تصل الى حال قد تصل بها الى الموت بسبب انك تطلب ان يؤمنوا ان يذعنوا لما جئت به من الرسالة والله جل وعلا حكيم وهو الذي يصرف احوال العباد كيف يشاء فيهدي من يشاء الى صراط مستقيم ويضل من يشاء ومن ثم فايمان من امن وكفر من كفر انما هو بقضاء من الله جل وعلا وقدر. فقد علم ذلك وكتبه عنده وهو الذي شاء ذلك وخلقه ومن ثم فمهمة العبد ان يبلغ رسالة وان يعرف الناس بمنهج الله. واما مهمة هداية التوفيق. فهي الى الله جل وعلا يهدي بها من شاء ثم ذكر الله جل وعلا شيئا يجعل بعض الناس يغترون فيستمرون على حالتهم المصلحين. ولذا قال الله جل وعلا لهم انا جعلنا ما على الارض زينة لها. فكل ما في هذه الدنيا من المآكل والمشارب والمراكب والمساكن و المأوى انواع النبات والحيوانات ونحو ذلك من النعم والخيرات. هذه عطايا من الله جل وعلا. ومن ثم لا ينبغي بالعبد ان ينشغل بها عن المهمة العظمى التي خلق من من اجلها الا وهي عبادة الله جل وعلا. فان هذه الامور انما اعطيت للعباد من اجل ان يستعملوا في طاعة الله وان يقدموا بها على ما يرضي الله جل وعلا. ولذا قال انا جعلنا اي وضعنا ما على الارض جميع ما في هذه الارض زينة لها فيزينها وتزدان حياة الناس بها. ثم قال لنبلوهم اي لنختبرهم ايهم احسن عملا؟ من هو افضل الناس الذي يحوز الاجور العظيمة والثواب الجزيل باداء مال الحسنة حينئذ يسعى الانسان الى ان يرضي الله بعمل صالح ثم قال وانا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا. اي ان هذه الارض لن تستمر زينتها عليها بل ان الله جل وعلا قد قدر لجميع ما في هذه الارض اياما تزول زينة الناس فيها. وبالتالي يجعل الله ما عليها صعيدا. اي خاليا ليس فيه شيء من هذه النعم جرزا اي حصيدا زائلا. ثم قال تعالى ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من اياتنا عجبا هناك قصة اهل الكهف قصة عجيبة ولكن ليست هي الاولى ولا الاخيرة في القصص العجيبة، بل ان هناك ما هو اعجب منها. واندر منها، ولذلك لا تحسبن قصة الكهف فهي الوحيدة في هذا الباب وانما هناك قصص كثير يدل على فضل الله واحسانه. فقال ام حسبت اي هل قدرت وظننت ان اصحاب الكهف اي قصة اصحاب الكهف والكهف فضاوة تكون في اثناء الجبل يتمكن من دخل فيها من ان يستظل وان يبتعد عن شدة في الهواء والرقيم قيل بانه قد رقمت اسماؤهم وكتبت ما على الكهف واما في لوح ونحو ذلك وقال بعضهم بان الرقيم هو كلبهم كانوا من اياتنا عجبا. فقصتهم ليست اعجب القصص بل هناك قصص كثير اعجب من قصتهم. ثم جل وعلا ذكر صفة اصحاب الكهف قال اذ اوى الفتية الى الكهف كان هناك ملك في ذلك الزمان يجبر الناس على ترك طاعة الله الاشراك به جل وعلا. فلذلك كان من لا يستجيب له في ذلك يقتله. ومن هنا لما امن هؤلاء الفتية وخشوا على انفسهم من ذلك الملك الظالم تركوا تركوا بلدهم وذهبوا الى الكهف من اجل ان يتمكنوا من عبادة الله جل وعلا والفتية اي لجأ الفتية الى ذلك الكهف ليسلموا من عذاب ملك زمانهم ودعوا الله جل وعلا فقالوا ربنا اتنا اي ايها المنعم علينا يا ايها الملك الاله نطلب منك ان تؤتينا وان تعطينا من لدنك اي من عندك رحمة اي ترحمنا ولا تمكن ذلك الملك الظالم منا وهيئ لنا من امرنا رشدا. اي قدر لنا امرا رشيدا نسير عليه لنكون من اهل التوحيد والطاعة ولان اتمكن منا اصحاب عبادة غير الله جل وعلا فقدر الله جل وعلا عليهم النوم اكثر من ثلاث مئة سنة. ولذا قال فضربنا على اذانهم اي جعلناهم ينامون ولا يستمعون لاي صوت حولهم في الكهف سنين عددا. سيأتي ذكر عدد هذه السنين ثم بعثناهم اي جعلناهم يستيقظون بعد ان ناموا المدة الطويلة في السنوات العديدة ثم بعثناهم لنعلم اي الحزبين احصى لما لبثوا ومدى. اي جعلناهم يحيون من اجل اختبار بني اسرائيل في هؤلاء الذين الكهف كم بقوا في الكهف ليختبر الله جل وعلا احوالهم فهذه هي الايات في اول سورة الكهف فيها فوائد ومواعظ كثيرة. فمن ذلك اتصاف الله جل وعلا بالصفات الحسنة الجميلة. ولذا كان الثناء الكامل والحمد التام له سبحانه وتعالى دون من سواه ومما يحمد الله عليه ان بعث الانبياء وارسل الرسل ليعلموا الخلق وليكونوا سببا من اسباب صلاح احوالهم في والاخرة وفي هذه الايات اثبات الصفة العلو لله تعالى. حيث قال انزل على عبده والانزال لا يكون الا من العلوم وفي هذه الايات شرف النبي صلى الله عليه وسلم. وعظم مكانته عند ربه والثناء عليه بكونه قد قام بمقام العبودية لله جل وعلا وفي هذه الايات فظل القرآن العظيم الكتاب الكريم وما فيه من الخير العميم وفي هذه الايات ثناء الله جل وعلا على القرآن بانه ليس فيه اعوجاج فاخباره كلها صدق لا كذب فيها. واوامره كلها عدل لا ظلم فيها وفي هذه الايات ان من تمسك بهذا الكتاب قامت حياته على اكمل الوجوه واتمها. لقوله لقوله لم يجعل له عوجا قيما. وقد قال الله جل وعلا الرجال قوامون على النساء. وقال ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وفي هذه الايات ان الدعوة كما تكون بالبشارة تكون بالتخويف والنذارة فمن ظن انه لا دعوة من الله الا بالتبشير والتحبيب فقد اخطأ والعباد يحتاجون الى ان يكون عندهم داعيان داعي خوف وداعي رجا ومن لم يكن عنده داع فان كثيرا من الناس من لم يكن عنده داعي الخوف فان كثيرا من الناس لن يستجيب لدعوته وفي هذه الايات مشروعية البشارة بالخير كما قال ويبشر المؤمنين وفي هذه الايات تبشير اهل الايمان ووعدهم بالخلف الجميل والحياة السعيدة في الدنيا والاخرة وفي هذه الايات ان النعيم المرتبط بهذه الشريعة. كما يكون لاصحابه في الاخرة يكون لاصحاب في الدنيا وان كانت الدنيا ليست دار كمال وتمام. وفيها من النقص ما الله به عليم وفي هذه الايات نفي الولد عن الله جل وعلا والرد على من؟ خالف ذلك بتحذيرهم ونذارتهم من ان ينزل بهم العقوب واتوب من ان ينزل العذاب الاليم والعقوبة الشديدة وفي هذه الايات ان من نسب الى الله الولد فانه لا يوجد عنده علم ولا دليل. وانما الذي لديه تقليد اباءه واباؤه لا يوجد عندهم علم ولا دليل وفي هذه الايات شناعة نسبة الولد لله جل وعلا فانها مقالة كاذبة مبنية على ظن السوء بالله جل وعلا في ظن انه يحتاج الى الولد والله جل وعلا غني بذاته لا يحتاج الى ولد وفي هذه الايات حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق وارشادهم حتى ليطرأ عليه الاسف الشديد الذي يخشى معه ان يهلك نفسه وفي هذه الايات انه لا ينبغي بالانسان ان يصل الى درجة من درجات التأسف التي تجعله قد يتمنى موتنا وغير ذلك وفي هذه الايات ان الله جل وعلا قد هيأ لمن على الارض ما عليها من انواع المخلوقات مما يدل على ان في الاشياء هو الاباحة حتى يأتي دليل يدل على خلاف ذلك وفي هذه الايات ان الدعاة لا ينبغي بهم ان يتأثروا لعدم استجابة الناس لهم. لان مهمتهم في البلاغ واما ما عدا ذلك فليس من مهامهم ابتداء بل الهداية الى الله جل وعلا يهدي بها من يشاء وفي هذه الايات ان الله جل وعلا يختبر العباد فيما يؤدونه من الاعمال وفي هذه الايات ان من كان محسنا في عمله قبل الله منه. والاحسان في العمل يكون بافراد الله بالعبادة على وفق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذه الايات ان الله جل وعلا يفاضل بين العباد بحسب اعمالهم. ولذا قال ايهم احسن عملا اي من هو الذي هو اكثرهم عملا وفي هذه الايات ان الله جل وعلا سيجعل الارض قاعا صفصفا صعيدا جرزا ويلغي ما فيها من النبات وفي هذه الايات ان القصص الذي اورده الله في كتابه قصص عظيم وعجيب ينبغي بالانسان ان يتفكر فيه وان يتأمل وفي هذه الايات التذكير بقصة اصحاب الكهف مما يقتضي الثناء عليهم وفي هذه الايات ان القصص التي فيها تعجب ومخالفة للمألوف كثيرة متعددة وفي هذه الايات ان صغار القوم والفتية اقرب الى ان يدخل الايمان في قلوبهم وفي هذه الايات استحباب الاكثار من دعاء الله جل وعلا. خصوصا في مواطن الحاجة والضرورة. ولذا لما اوى الفتية الى الكهف قالوا ربنا اتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من امرنا رشدا وفي هذه الايات استمرار اهل الكهف في النوم المدة الطويلة فوق الثلاثمائة سنة وفي هذه الايات ان النوم من الله جل وعلا وهو قادر ان يرفعه عن العبد وقادر ان يجعل العبد يستمتع به السنين الطويلة وفي هذه الايات ان الله جل وعلا هو الذي جعل اهل الكهف ينامون هذه السنوات الطوال وفي هذه الايات ان الله جل وعلا بعث على الكهف بعد النوم الطويل من اجل ان يعلم اي الحزبين احصى لما لبثوا امدا اي انه قد وقعت وقد وقع خلاف في بني اسرائيل في مدة بقايا اصحاب الكهف في كهفهم ولذا كانوا يتنازعون في ذلك بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. هذا والله اعلم صلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين