الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فنبتدء باذن الله عز وجل في هذا اليوم المبارك بتفسير سورة النحل وهذه سورة عظيمة نزلت بمكة الا ايات يسيرة من اخرها الخطاب فيها يتعلق بالتذكير بنعم الله لينطلق من ذلك الى اثبات وجوب صرف العبادة لله وحده ولذا قال في اولها ان تعالى عما يشركون وقال فيها انا انذر انه لا اله الا انا فاتقونا وهذه السورة العظيمة جاءت بعد سورة الحجر التي كان في اخرها واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. اي استمر على العبادة حتى اذا جاءك الموت جاءك وانت على هذه الحال وقد قال طائفة بان قوله اتى امر الله تفسير لذلك اليقين الذي قبله وهناك اختلاف فيما المراد بامر الله هنا ولعلنا نتناوله بعد ان نقرأ شيئا من ايات هذه السورة واوائل السورة في اصول النعم التي هي الامور التي يحتاج اليها واواخر السورة في متممات النعم في متممات النعم ولهذا في اول السورة قال جل وعلا عن والانعام خلقها لكم فيها دفء يذكر بان الثياب التي تؤخذ من هذه الانعام يحتاج اليها الناس في نعمة الدفء. بينما في اواخر هذه السورة قال جعل لكم سرابيل تقيكم الحر لان اللباس الذي فيه ايام الحر متمم بخلاف اللباس الذي يكون في وقت البردي فانه من اصول النعم لا من متماتها. لعلنا نقرأ شيئا من هذه الايات باذن الله لو على اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم اتا امر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون. ينزل ملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده على من يشاء من عباده ان انظروا انه لا اله الا انا فاتقون خلق السماوات والارض بالحق. تعالى عما يشركون خلق الانس من نطفة فاذا هو خصيم مبين والانعام خلقها لكم فيها ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون. وتحمل اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا الا بشق الانفس ان ربكم لرؤوف والخيل والبغال لتركبوها وزينة. ويخلق ما لا تعلمون على الله قصد السبيل ومنها جائر ولو جاء لهداكم اجمعين. هو الذي انزل من السماء ماء لكم من شراب ومنه شجر فيه تسيمون. ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل الثمرات. ان في ذلك لآية لقوم يتفكرون وسخر لكم الليل وسخر لكم قم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون وماذا رأى لكم في الارض مختلفا الوانه. ان في ذلك لاية لقومي وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا. وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواقر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. يقول الله جل وعلا في مقدمة هذه السورة اتى امر الله اتى فعل ماظ يدل على امر قد وقع ثم قال بعده فلا تستعجلوه وما يستعجل معناه انه لم يأتي بعد ولذا وقع التردد في تفسير هذه الاية وكان هذا اللفظ من الاستهلال البارع لانه يحرك النفوس وينشط الاذهان ومن ذلك ايراد هذا الاشكال الذي ذكرته لكم فتصور عندما يأتيك هذا اللفظ اتى امر الله فلا تستعجلوه حينئذ ستطرق بسمعك لسماع هذا الخبر فقال فيه اتى اي جاء ووقع وحصل وهو فعل ماض فقال طائفة استعمل الماضي واراد به المستقبل لانه محقق الوقوع فلما كان متيقنا منه كانه قد وقع بحيث لا تترددوا فيه وفسروا امر الله بان المراد به يوم القيامة الذي وعد الله جل وعلا الناس به ليجازيهم على اعمالهم بالاحسان او بالاساءة ثم قال فلا تستعجلوه اي لا تستعجلوا هذا الوقع وهذا الحادث الكبير الا وهو يوم القيامة قال اتامر الله فلا تستعجلوا. وقال طائفة المراد بامر الله نصر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وبالتالي لا يكون من شأنكم ان تستعجلوا فان العبرة بالعواقب. والعاقبة للمتقين. وقد قدرها الله جل لو على لهم وقال طائفة امر الله هنا لا يراد به الشأن الذي هو مفرد لي الامور وانما امر الله مفرد من الاوامر فاراد بامر الله الامر الشرعي وليس الكوني فقال اتى امر الله يعني ان الله يخبركم بانه قد انزل شرعه وديانته بهذا القرآن. فاتاكم امر الله. وبالتالي فلا تستعجلوا اي لا تستعجل الاثار المترتبة على شرع الله جل وعلا فقال في وبالتالي امر الله لا بد ان يقع لا محالة واثاره وخيرات ما يترتب على هذا الامر لابد واقعة. ولذا قال سبحانه اي ننزه الله من ظنونكم ما هي ظنونهم؟ ظنوا ان الله لن ينزل شرعا يصلح الله به احوال العباد والله جل وعلا منزه عن ان يترك العبادة عبثا وانما يجعل لهم شرائع تنظم احوالهم وهكذا ينزه الله عن ان يكون عادلا في خلقه فيجازيهم بحسب اعمالهم والله جل وعلا منزه من ان يظن به انه سيخذل اوليائه. بل الله جل وعلا سينصرهم ويجعل العاقبة لهم ثم قال وتعالى عما يشركون اي يترفع عن طريقتكم يا ايها الجاهلية. حينما تصرفون شيئا من العبادات لغير الله اهي تعالى وبالتالي ننزه الله عن ان يظن به انه قد اشرك في العبادة معه غيره فهو سبحانه لا يحتاج لاحد من الخلق بل هو الغني ويدلك على ان المراد بامر الله الامر الشرعي قوله بعد هذا ينزل الملائكة الروح على من يشاء من عباده فالتنزيل كون الشيء ياتي من الاعلى الى الاسفل وذلك ان هذا الكتاب قد جاء من عند الله من فوق سبع سماوات. نزل به جبريل عليه السلام قام واستعمل لفظ الجمع هنا واراد به جبريل لمكانة هذا الملك وقوله بالروح اي بالوحي فجبريل نزل بالوحي الذي تحصل به حياة الناس. ولذا سمي هذا الوحي روحا لان الحياة لا تكون الا بروح وهكذا حياة الناس لا تصلح الا بوحي من عند الله جل وعلا ثم قال ينزل الملائكة بالروح من امره اي الامر الشرعي اي التكاليف الشرعية وهذا يؤيد تفسير من فسر قوله اتامر الله لان المراد به هي الامر الشرعي الذي نزلت به الملائكة من عند الله سبحانه وتعالى ثم قال على من يشاء. اي ان هذا الوحي انما يأتي وانما ينزل على انبياء قد اختارهم الله. فالله يصطفي من رسله من يشاء وبالتالي لا حق لكم في اعتراضكم يا اهل مكة عندما تقولون لما جاء الوحي على محمد ولم يأت على فلان ولا فلان لو نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ونحو ذلك فهذا امر الله والله جل وعلا هو الذي يختار من عباده من يكون حاملا لشرعه مبلغا لدينه الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. فالله هو الذي اصطفاه فاذا كانت هذه منحة من الله فلا حق لاحد من العباد ان يعترض على ذلك قال على من يشاء من عباده واستعمل لفظة العباد ولم يستحمل لحظة العبيد بان العباد يقومون بالعبادة عن اختيار ورغبة سم قال ان انذروا اي خلاصة هذه الرسالات التي جاء بها هؤلاء الانبياء وخلاصة الوحي الذي نزل به الملائكة الدعوة الى شهادة ان لا اله الا الله الاقرار بان العبادة حق خالص لله سبحانه وتعالى ان انذروا اي حذروا وخوفوا العباد من ان يخالفوا هذه المقالة. وليكن من شأنكم ان تنذروهم من مخالفتها وعليهم ان يلتزموا بها انه لا اله الا انا ما معنى اله ايلاف لغة العرب تعني معبود فكأنه قال لا معبود بحق الا الله وبالتالي نقره نثبت امرين امر فعلي بالا نصرف شيئا من عباداتنا لغير الله لا يسجد الا لله ولا ينذر ويذبح عبادة الا لله. ولا يدعى الا الله. ولا يصلى الا لله فهذا هو لب الرسالات التي جاء بها انبياء الله عليهم السلام ثم قال فاتقون اي ليكن من شأنكم ان تحذروا من الله جل وعلا حذفت الياء ليه سياق الكلام فاتقوني. اي احذروا مني ان انزل عليكم العقوبات في الدنيا بسبب اشراككم او عدم اقراركم بدعوة التوحيد لا اله الا الله وعدم استجابتكم لانبياء الله عليهم السلام ثم جاء السياق في تعداد نعم الله جل وعلا. فقال سبحانه خلق السماوات الله جل وعلا خالق قبل ان توجد المخلوقات ولكنه اراد ان يذكركم بشيء تشاهدونه وهو بين اعينكم فهذه السماوات العظيمة التي لا يدرك طرفها من الذي اوجدها وخلقها هو الله وبالتالي عليكم ان تعبدوه ولا تشركوا به ثم هذه الارض التي تحت اقدامكم والتي تعيشون فيها ويعيش عليها الخلق الكثير عشرات المليارات بل اكثر. كم العدد؟ ها الله اعلم ما نعلم البشر باعداد والجن باعداد الحيوانات البحرية والبرية والطيور اعداد هائلة خلق السماوات والارض بالحق. اي لم يخلقها عبثا وانما خلقها امر صحيح بحيث تكون حجة على العباد ودليلا على خالقها سبحانه وحينئذ كرر ترفعه عن عمل اهل الجاهلية حينما يصرفون شيئا من عبادات لغير الله جل وعلا. تعالى عما يشركون ثم ذكر بخلق الانسان فقال خلق الانسان انت وانت وكان مبدأ الخلق من نطفة لو وقعت على الثوب لاستقذرها الانسان لكنه طورها حالا بعد حال حتى اصبحت انسانا متكامل الخلقة وهذه نعمة عظيمة من الله للانسان ومن ثم عليه ان يشكر الله على هذه النعمة بجعل العبادة له وحده سبحانه ثم قال فاذا قال خلق الانسان من نطفة والنطفة شيء يسير ثم قال فاذا هو خصيم مبين ما هو الا وقت يسير ولذا استعمل الفاء التي تفيد التعقيب فتحول من كونه نطفة الى كونه خصيما مبينا ما معنى فاذا هو خصيم مبين للعلماء فيها قولان يمكن ان يكون كل منهما مرادا. الاول انه يحاجج الله ويجادله كما ورد في سورة ياسين حينما ذكر الله جل وعلا عن الانسان بانه نسي خلقه ومع ذلك يجادل ويقول من يحيي العظام وهي رميم يجادل من يخاصم الله يعتقد انه بهذه المثابة وقال اخرون بان قوله فاذا هو خصيم اي يتمكنوا من المخاصمة مع الاخرين فبينما هو نطفة لا شيء اذا به بشر سوي يخاصم الاخرين ويقاتلهم وذلك على جهة الوضوح والبيان منه فانظر كيف غير الله حاله افليس الذي غير حال الانسان هو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى وبالتالي كلمة مبين تختلف فان كنا على الاول فهو يكون اسم فاعل خصيم مخاصم يبين في لفظه. وعلى الثاني يخاصم الاخرين وهم يتبينون ما لديه من صومه فيكون اسم مفعول ثم ذكر نعمة اخرى فقال والانعام خلقها هذه الانعام بهيمة الانعام يراد بها الابل والبقر والغنم وهي التي عليها المعول الكبير في تغذية الناس ولذا ذكر الله جل وعلا الخلق بهذه النعمة ونعمة والنعمة فيها متعددة فاول ذلك لكم فيها دفء اي انكم تبعدون البرد عن ابدانكم بهذه الابل من خلال صنع صنع اللباس من ثم قال خلقها لكم والانعام خلقها لكم اي انتم المستفيدون منها يا ايها المكلفون فالفائدة لكم ابتداء بهذه الانعام ثم ذكر فيها نعمة اخرى الا وهو انهم يتدفئون جلودها. لكم فيها دفء ثم قال ومنافع. كيف كان فيها الدفء بما يصنعه بجلودها من انواع الثياب من الاقمصة الى الاردية الى او خفاف الى ما يغطى به الرأس فهذه نعم كبيرة قال ومنافع اي ان لكم فيها فائدة لكم في الانعام منافع اخرى مثل ماذا؟ مثل الحليب الذي تشربونه ومثل الذرية التي تأتي اليها فتنتفعون منها ومثل الركوب عليها ثم قال ومنها تأكلون اي من بعض هذه الانعام تأكلون وتتغذون ثم ذكر فيها معنى اخر فقال ولكم فيها جمال وقدم الجار والمجرور لكم لافادة الاختصاص من الذي يستفيد من جمال الانعام هو الانسان اما الحيوان في نفسه فهو لا يستفيد من هذا الجمال ولذا قال ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون والجمال المنظر الحسن قال حين تريحون اي حين تتوقفون عن العمل وحين تسرحون اي حين تنتقلون من مكان الى مكان فالناس يتخذون او يعجبون بما في الانعام من المنظر الحسن والزينة حين تريحون اي حين ترتاحون او او في الوقت الذي تردون الانعام فيه الى مواطن راحتها وحين تسرحون اي حين تذهبون بها لمكان الرعي في اول النهار ثم ذكر نعمة اخرى انعم بها على الانسان بسبب بهيمة الانعام. فقال وتحمل وتحمل اثقالكم واثقال جمع وظيفة الى معرفة فافاد العموم وتحمل اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس. يعني انه بعيد جدا لا تصلونه على غير الابل لله بشق الانفس اي بما لديها من قدرة ومهارة ثم قال ان ربكم لرؤوف رحيم رأف بمن في الانسان وخلق هذه الانعام رأفة به ثم قال تعالى والخيل والبغال والحمير. هذه ثلاثة اصناف من المركوبات قريب بعضها من بعض وقد امتن الله جل وعلا بها على عباده وذكر شيئا من فوائدها فقال لتركبوها وزينة تتجملون بها ومع ذلك قد يوجد الات جديدة في الزمن المستقبلي ويخلق ما لا تعلمون. ثم قال وعلى الله قصد السبيل اي ان الطريق الذي يفظي بالانسان لا الاستجابة لشرعه ودينه فان الله جل وعلا يتكفل به ويقوم بامره ثم قال ومنها جائر اي هناك طرق مائلة لا توصل الى المقصود ولو شاء اي لو اراد الله ارادة كونية لهدى الخلق جميعا ولم يترك منهم احدا فانه هداهم مع اختلاف اجناسهم واختلاف اشكالهم ثم قال تعالى وعلى الله قصد السبيل وعلى الله اي ان الله تعالى تكفل ببيان قصد السبيل يعني جادته وطريقه الاصلي والسبيل هنا يراد به هدف الخير والطاعة فهذه الاية وعلى الله قصد السبيل تدلك على ان الهداية بيد الله لا يهدي احدا احدا شيئا الا باذن من الله جل وعلا والله جل وعلا قد وضح السبيل في شرعه وبينه وبالتالي الامر متضح وعلى الله قصد السبيل اي بيان الطرق الموصية الى رضوان الله ومنها اي من الطرق ما هو جائر اي مائل وبالتالي يحيكوا عن الاستقامة ويحيد عنها قال ولو شاء الله لهداكم اجمعين اي لو قدر الله عز وجل انكم ستهتدون لابد ان تهتدوا رضيتم ام اتخضتم ثم قال تعالى مبينا ان الهداية من عنده ولو شاء لهداكم اجمعين قال هو الذي انزل من السماء ماء اي ان هذا الذي صرفت له العبادة في الاصل كانا من اولياء الله. ولذا كانت تستجاب دعوته ومن هنا قال وعلى الله قصد السبيل اي ان الله سيهديه ليسلك الطريق الموصل والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون. وعلى الله قصد السبيل ان يختار ما يكون موصلا الى الصراط المستقيم قال ومنها اي من هذه الانعام ومنها جائر او من هذه السبل والطرق فلا اصل ان الانسان يختار الطريق للاسرع الموصل فاذا جعل بينه وبين هدفه محطات فقد يأتي بعض الاشخاص فيفسدون عليه هذه المحطة ثم امتن الله على عباده بما انزل من المطر فقال هو الذي انزل من السماء ماء لكم فيه شراب اي تشربون من ماءه ومنه شجر فيه تسيمون يجعل انعامه ترعى ثم قال تعالى ذلكم بانه الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل الثمرات هذه الاية فيها تذكير بنعمة نزول الامطار وهي نعمة عظيمة اصلية لا يستغني الناس عنها ولذا قال هو فقدم الظمير ليفيد الاختصاص هل ينزل الغيث احد غير الله قل لها فان قال قائل بدأوا يستعملون معها مواد تجعل الامطار تنزل من الوحي تنزل من السحاب تنزل من السحاب شو الجواب من الذي ساق السحاب بدون سحاب لن يجدي فعلهم شيئا ثم من الذي سخر لهم هذه الامكانات ومكنهم من وظع هذه المواد في السحاب هو الله تعالى. وبالتالي هم لا يستقلون بها. فانزال السماء المطر من السماء وامر من الله جل وعلا ولذا اتى بالظمير الذي يفيد الاختصاص هو الذي انزل من السماء ماء ثم قال لكم منه شراب فقال منه بافادة التبعيظ ومنه شجرة ينبت بعد هذه الامطار اشجار وهذه الاشجار ترعون انعامكم فيها ولذا قال فيه تسيمون اي فيه هذا الماء او هذا الشجر المسقى بالماء تسيمون اي ترعون انعامكم ثم قال تعالى واصفا نفسه ينبت لكم من الذي يخرج الزروع؟ هو الله ينبت لكم به الزرع وهي ما رق ملبسه ولم يخشن كانت ثمرته مؤقتة قال وسخر لكم يثبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل الثمرات ففي الجنة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وفي الدنيا نعم من نعم الله يؤتيها بعض عباده ومن ذلك هذا المطر الذي ينزل فتنقلب الارض بدل كونها جرداء فاذا بها خضراء منع مورقة وكان مما ينبته الله جل وعلا بهذا المطر اشياء مختلفة فمرة ياتي الزرع الذي يشمل القمح وما مات له مما ليس بشجرة ويشمل الزيتون ويشمل النخيل والاعناب وهي محتاجة للسقي فاذا نزلت عليها الامطار اغنتها ثم قال تعالى ومن كل الثمرات اي يوجد في الارض جميع ثمرات المتصورة بتدبير من رب العزة والجلال ان في ذلك اي في خلق هذه الاشياء لاية علامة كبيرة وواضحة تدل على قدرة الله وانه المستحق للعبادة وحده سبحانه وتعالى ولذا قال ان في ذلك لاية اي علامة لقوم يتفكرون ان يتأملون في الامور فيستنتجون منها ثم قال وسخر يمتن على العباد بان جعل البحر مسخرا وجعل الليل والنهار دائبين. قال وسخر لكم الليل والنهار فهما تجريان والشمس تطارد القمر وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر فالشمس سخرها الله تعالى الناس ليستضيئوا بها ويعملوا في نهارها ويتجروا ويكتسبوا وسخر القمر ليكون الحساب وتحسب الايام والليالي وهكذا النجوم مسخرات بامره الامر هنا الامر الكوني وليس الامر الشرعي فالنجوم التي في السماء مسخرات تسير بامر الله بدون اعتراض منها وتنفذ ما امرت به وفي هذا اشارة الى شيء وهو ان يقال للانسان الله الذي خلق هذه الاكوان قد سخرها لطاعته فهي سائرة في الطاعة فليكن منك انت الذي خلقك الله كما خلقها افراد بالعبودية لله وكما انها سخرت لك فهي انما سخرت لك لتعبد الله بها ثم قال ان في ذلك اي في تسخير هذا الكون للانسان لاياتي علامات عظيمة لقوم يعقلون اي يدركون عواقب الامور ويفكرون فيها ثم ذكر الله جل وعلا شيئا اخر من نعمه على العباد فقال وما ذرأ لكم في الارض مختلفا الوانه وما ذرى لكم في الارض مختلفا الوانه فنحن نشاهد ان ما ينبت في هذه الارض من انواع الثمار مختلف الالوان كل منها له لون مغاير الالوان الاخرى وذرى بمعنى اوجد من العدم وخلق وذرع وما ذرع اي ان الله سخر لكم جميع ما خلق في هذا الكون وقوله في الارظ هذه الارض التي نسير عليها قد اشتملت على انواع كثيرة من الحيوانات ومن الزروع قال مختلفا الوانه فمرة ياتي اسود ومرة ياتي ابيض ومرة ياتي احمر جميع الالوان الممكنة ثم قال تعالى وهو الذي سخر البحر لتأكلوا سخر البحر اي انه قد ذلل للانسان ليستفيد منه. ولذا لا زال الناس يستفيدون منه فمرة يجرون على ظهره بالسفن العظيمة الكبيرة التي لم تكن في الزمان الاول وهكذا سخر لكم البحر لتتمكنوا من ركوبه في السفن وسخر لكم البحر لتستفيدوا مما فيه من انواع النعم ولذا قال لتأكلوا منه لحما طريا اي انه يؤخذ من البحر السمك الذي هو لحم طري فكيف يكون لهذا السمن السمك هذه الخاصية. اذا وضع في الماء حيا والماء محل الغرق وبالتالي نتفكر في قدرة الله جل وعلا علينا قال وهو يعني وحده الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا يعني تأكل الاسماك التي تستخرجونها قال وتستخرجوا منها او منه وتستخرج منه حلية يعني الحلي الذي يلبس تلبسه النساء ومطلقة ولا يلبسه الرجال الا في مواطن الحاجة ومن انواع الحلية التي تستخرج من البحر اللؤلؤ والمرجان وما قد يدفن في البحار قال لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها اي انواع من انواع الحلي يلبسها النساء للتجمل لازواجهن قال وتستخرجوا منه يعني من البحر حلية تلبسونها فتكون سببا من اسباب محافظتكم على نعم الله تعالى قال وترى الفلك مواخر فيه اي ان الله لما خلق ادم جعل ابليس لي يكون فتنة للعباد قال وترى الفلك مواخر فيه اي تبحر في البحر تبحر في البحر وتقطع المسافات البعيدة وهو كذلك مما يستخرج به حلية النساء وقوله ترى الفلك مواخر فيه الفلك يعني السفن ومواخر فيه ايت تجعل الماء يشقق هذه الارض بجريها فيه قال ولتبتغوا اي لتطلبوا وتأمل في لتبتغوا من فضله اي من احسان الله جل وعلا. ولعلكم تشكرون فهذه ايات عظيمة فيها معاني كبيرة ولعلي اشير الى بعض الاحكام الواردة فيها اولها ان امر الله اتي لا محالة وثانيها انه لا يعلم احد بوقوع الساعة كائنا من كان الا رب العالمين وثالثها امكان ادخال اشياء تكون عبادة لله جل وعلا. وفي هذه الايات وجوب السمع والطاعة لامر الله الكوني. لامر الله السمعي وفي هذه الايات الحظ على عدم الاستعجال في انتظار النتائج فلله سنن في الكون وفي هذه الايات الترغيب تنزيه الله جل وعلا ورفع مكانته وفي هذه الايات اثبات وجود الملائكة ومنهم جبريل الذي ينزل بالوحي وفي هذه الايات وجوب افراد الله بالعبادة فيقول بانه من خلق هذه الاشياء فهو المستحق للعبادة سبحانه دون من سواه وفي هذه الايات وجوب الاقرار بشهادة التوحيد لا اله الا الله. وفي هذه الايات ان خلق المخلوقات انما كان من اجل ابن ادم وقوله والانعام خلقها كما تقدم الانعام الابل والبقر والغنم من الذي اوجدها من العدم وخلقها هو الله جل وعلا قال خلق السماوات والارض بالحق تعالى عما يشركون فيه تنزيه الله عن الشرك وفي هذه الايات ان اصل الانسان نطفة وان اخر امره ان يكون مقرا بشهادة التوحيد لا اله الا الله وظاهر هذه الاية ان من لم يكن من اهل التقوى لم يدخل في الخطاب الوارد في الاية و قوله خلق السماوات والارض بالحق فيه بيان ان خلق هذه المخلوقات لحكمة وليس لامر عبثي في هذه الايات تأكيد على وجوب تنزيه الله عما لا يليق به من الظنون او الاوهام او الكلام وفي هذه الايات عظم خلق السماوات والاراضين. وانها مما يدل على اثبات الخالق سبحانه وتعالى وفي هذه الايات ان مبدأ خلق الانسان من شيء يسير وهو النطفة ولكن الله جل وعلا يمن على من يشاء من عباده وفي هذه الايات الامتنان على الخلق بوجود الانعام وبهيمة الانعام تشمل الابل والبقر والغنم وفي هذه الايات تحديد منافع بهيمة الانعام لكم فيها جمال حين تريحون اي حين تنقلكم وانتقالكم من مكان لاخر وحين تسرحون اي تنتقلون لعلنا نقف على هذا ونترك بقية التفسير ليوم اخر بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين