ثم ذكر جل وعلا شبهة اخرى يطعنون فيها يطعنون بها في كتاب الله جل وعلا. فقالوا بان النبي صلى الله عليه وسلم قد زار رجلا اعجميا من اهل الكتاب عنده علم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فقد قرانا من قوله تعالى ويوم نبعث من كل امة شهيدا. ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم اعتبون ففي تلك الايات انه لا يقبل اعتذار من اهل الكفر ولا استعتاب يوم القيامة وفي وفي تلك الايات ان عذاب نار جهنم دائم ابدا لا ينقطع عن عن اهلها وفي وفي الايات ايضا ان دعاء غير الله لا ينفع اصحابه. وانما يعود عليهم بالوبال. حيث يتبرأ المدعو من الداعين في ذلك اليوم ليستسلمون لامر الله جل وعلا. وفي تلك الايات ان دعاء غير الله انما هو افتراء على الله تعالى وفي الايات تحريم الافساد في الارض. ومن اعظم اعظم انواع الافساد الشرك والصد عن سبيل لا وفي الايات ايضا ان هذه هي الشريعة كاملة لم تترك شيئا مما يحتاج اليه الناس الا تبينت حكمه وفيها ان هذه الشريعة جاءت بالرحمة للناس قاطبة وجاءت تبي تبشير اهل الاسلام البشارات العظيمة في الدنيا والاخرة وفي الايات ان من اعظم معالم هذه الشريعة انها تأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وفي الايات وجوب الوفاء بعهد الله تعالى. ووجوب الالتزام بالايمان والعهود. التي يعقدها الانسان على نفسه وفي هذه الايات تحريم اقدام الانسان على ما يؤدي الى بطلان اجره وحبوط عمله وفي هذه الايات ان الهداية بيد الله جل وعلا يؤتيها من يشاء من عباده. وفي هذه الايات ان العباد يوم القيامة يسألون عن جميع اعمالهم بلا استثناء ولعلنا ان نقرأ شيئا من الايات في هذا اليوم نسأل الله جل وعلا ان يفتح علينا معرفة معانيها واحكامها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا انما عند الله هو خير لكم ان كنتم انتم تعلمون ما عندكم ينفد وما عند الله ولنجزين الذين صبروا اجرهم باحسن ما كانوا يعملون من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن وهو مؤمن فلنحيينه انه حياة طيبة ولنجزي اجرهم باحسن ما كانوا يعملون فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم مم انه ليس له سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولونه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون واذا بدلنا اية مكان اية والله اعلم بما ينزل انما انت مفتر بل اكثرهم لا يعلمون قلنا روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين امنوا ليثبت الذين امنوا وهدى وبشرى للمسلمين ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذين يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين ان الذين لا يؤمنون بايات الله لا يهديهم الله لا يهديهم الله ولهم عذاب اليم انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بايات الله واولئك هم الكاذبون ينهى الله تعالى ان نشتري بعهده ثمنا قليلا فقوله لا تشتروا اي لا تستبدلوا ولا تقدموا شيئا مقابل شيء اخر في عهد الله اي بالميثاق الذي واثق الله عليه ادم وذريته بالايمان والاسلام ولا تشتروا بعهد الله اي بي الالتزام بشرعه والالتزام بما اوجبه الله تعالى ويدخل في عهد الله ما عاهد العبد عليه ربه بالنذور التي يعقدها فلا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا. اي مقابل امور دنيوية زائلة عما قريب. وتنفد قريبا ثم علل ذلك فقال انما عند الله هو خير لكم فما عند الله من الجنة ومن رضوانه من وعده الصادق خير لنا مما نطلبه من امور الدنيا. لو كان الناس يعلمون حقيقة الامر ثم قال تعالى ما عندكم ينفد اي ان امور الدنيا ستنتهي قريبا فان اعمار الناس قليلة وما عندهم من امور الدنيا ينتهي عاجلا. فكم من انسان بدل الله اله بعد الغنى فقرا بخلاف ما عند الله من الثواب الجزيل. فانه باق ابد الاباد. ثم قال تعالى آآ ولنجزين الذين صبروا فالصابرون الذين التزموا بامر الله وعهده والذين تركوا ما نهى الله عنه والذي والذين احتملوا مصائب الدنيا والذين تحملوا اذى الاخرين هؤلاء سيجازيهم الله اجرهم يثيبهم على صبرهم باحسن اي بافضل ما كانوا يعملون فان الانسان في حياته يمر باحوال مختلفة مرة يزيد في نشاطه في الطاعة ومرة ينقص نشاطه فيها فوعد الله الصابرين بان يجازيهم باحسن اعمالهم وحينئذ يتجاوز عن سيئاتهم وينيل لهم الثواب الجزيل وهذا الثواب والجزاء ليس مقتصرا على جزاء الاخرة بل حتى في الدنيا يجازيهم الله احسن الجزاء ولذا فان من صبر فان الله جل وعلا ينيله النجاح والظفر. ولذا قال تعالى من عمل صالحا اي من اقدم على الاعمال الصالحة التي يرضي بها والتي يتبع فيها نبيه والتي تكون عائدة بالخير على الاخرين صلاحا لاحوالهم سواء كان ذلك العامل من الرجال او النساء الصغار او الكبار فان الله تعالى يقبل منه ذلك العمل. فان كان مؤمنا من اهل الاسلام اناله الله ثواب الدنيا وثواب الاخرة. ولذا قال فلنحيينه اي لنجعلنه يعيش عيشة سعيدة وحياة طيبة تطيب في نفسه فيكون مستقرا مطمئنا قائما باموره وتطيب في حق غيره. لانه سيعاملهم بافضل التعامل تن التعاملات. هذا في الدنيا وفي الاخرة يجازيهم الله الجزاء الافضل احسن ما كانوا يعملون وحينئذ نبه الله جل وعلا الى هذا القرآن العظيم الكتاب الذي احتوى على مصالح الخلق فان الله قد اثنى عليه في مواطن من هذه السورة كما في قوله ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى رحمة وبشرى للمسلمين. فمن اراد الحياة السعيدة ومن اراد ان يكون الله معه يقوم حوائجه فعليه بالرجوع الى هذا الكتاب. والاشكال في ان بعض الناس يتلفت يمينا وشمالا ويترك هذا الكتاب والاستماع اليه. وحينئذ لا يعود عليه بالنفع اي ومن اعظم ما يجعل الناس يلتفتون عن هذا الكتاب عدوهم الشيطان الرجيم. ولذا امروا عند ارادة قراءة القرآن ان يستعيذوا وبالله من الشيطان الرجيم لئلا يصدهم عن هذا الكتاب. فهو مرة يملهم ومرة يصرف عن هانهم عن الاستفادة منه. ولذا قال تعالى فاذا قرأت القرآن اي اذا ابتدأت بقراءة القرآن واردت قراءته فاستعذ بالله. اي اطلبوا اللجأ والاحتماء بالله تعالى من الشيطان الرجيم. فان هذا العدو يبتعد عنك متى التجأت الى الله؟ ولذا سمي الشيطان لانه مبعد من الله ويبعد عن من التجأ الى الله تعالى ويكون مرجوما رجيما متى يلتجأ الناس الى ربهم سبحانه وتعالى. ولذا قرر الله هذا المعنى انا فقال انه يعني الشيطان ليس له سلطان. اي قدرة ولا تسلط على الذين امنوا فلا يستطيع ان يظلهم ولا يستطيع ان يصرفهم عن فهم القرآن متى كان مؤمنين يتوكلون على ربهم ان يعتمدون عليه ويلتجئون اليه سبحانه وتعالى اه انما قدرته وتسلطه على اولئك الذين يتخذونه وليا. وصاحبا ولا يستعيذون بالله منه وانما يتسلط على اولئك الذين يطيعونه ويستجيبون لامره وهنا ذكر الله جل وعلا طريقة من طرائق اهل الباطل في صد الناس عن كتاب الله فان هذا الكتاب قد ورد فيه نسخ فنسخت بعض اياته بعض الايات نسخ لفظ وحكمها وبعضها نسخ لفظ نسخ حكمها وبقي لفظها. فحاول بعظ الناس التقليل من القرآن بدعوى انه قد ورد او قد الغي بعظه. فقال تعالى واذا بدلنا اية مكانة اية اي اذا نسخنا اية ووظعنا بدلها اية اخرى فهذا الى الله تعالى والعالم بمصالح العباد وهو العالم بما يحقق مقصود الشرع. والله اعلم بما ينزل فاذا فعل ذلك اتخذوا هذا حجة للطعن في القرآن. فقالوا هذا دليل على انه ليس من عند الله تعالى. ولذا يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم اما بالافتراء فقالوا انما انت مفتر بدلالة انك ازلت هذه الايات من كتاب الله. فرد الله عليهم بانهم لم يقولوا بذلك الا انهم لا يعلمون الحكمة التي قصدها الله تعالى من هذا النسخ. ولذا فهذا الكتاب ليس من هذا النبي انما هو كلام الله جل وعلا نزله روح القدس. فالله جل وعلا هو الذي انزله وامر جبريل عليه السلام بان ينزل هذا الكتاب. وسمي ابريل باسم الروح لان الحياة الحقيقية تحصل بالاستجابة لما جاء به هذا النبي ففيه تنويه تنويه بمكانة هذا الكتاب انه تحصل به الحياة الحقيقية بدلالة ان من امر بانزاله وهو جبريل يسمى باسمه الروح. وقال روح القدس والقدس من القداسة يعني الطهارة. فهو من ان يفتري وطاهر من ان ينسب الى الله جل وعلا ما لم يقله وانما به من عند الله جل وعلا. ولذا قال قل نزله روح القدس من ربك بالحق فقوله من ربك اشارة الى انه من عند الله وهذا الاله الذي لا زال ربيكم بنعمه فنعم الله عليكم تترى. وبالتالي عليكم ان تلتزموا بما جاءكم من عند الله ونزوله بالحق ومن فوائد هذا النسخ تثبيت اهل الايمان بحيث يعطون من الاحكام في كل وقت ما يتناسب معهم وينزل منجما من اجل ان يتمكن الناس من حفظه والعمل به وهو كذلك هدى فيهتدي به الناس وهو بشارة لاهل الاسلام بصلاح احوالهم في دنيا والاخرة كما قال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه انه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون بالتوراة فيمكن ان يكون هو الذي علمه هذا القرآن. فرد الله جل وعلا عليهم فقال ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر اي قالوا بان الرجل ذلك الرجل الاعجمي الذي يقرأ التوراة هو الذي علم محمدا هذا الكتاب. فرد الله جل وعلا عليهم فقال لهم هذا الذي تنسبون اليه تعليم القرآن لا يعرف اللغة العربية بل هو اعجمي. فكيف ينسب اليه هذا القرآن العربي الفصيح الذي تعجزون عن الاتيان اني بمثله. فقال ولقد نعلم انهم يقولون اي يتهمونك بهذه التهمة بقوله انما اي غاية ما جاء به ان يكون قد اخذه من ذلك الرجل الذي الذي زاره انما يعلمه بشر فرد الله عليهم فقال لسان الذي يلحدون اليه اعجمي. هذا الذي نسبتم اليه انه علم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن اعجمي لا يعرف اللغة العربية. فكيف تنسبون اليه هذا الكلام العربي الفصيح المعجز وقال يلحدون اي يميلون في حكمهم ولا يأتون بحكم واضح قيمة بينما هذا القرآن قد جاء بلسان عربي مبين اي رايحين لا لبس فيه ثم ذكر الله جل وعلا ان هؤلاء الذين صدوا عن الحق ولم يستجيبوا له وبدأوا يتهمونك بالاتهامات الكاذبة الجائرة ليس لديهم الا الكذب وليس لديهم شيء. والله جل وعلا يقدر للدعوة خصوما ليكون ذلك من اسباب التفات الناس الى الدعوة وتأملهم فيها. فان الله تعالى يهيئ لدعوات الحق من يعاديها ويتكلم فيها ليكون ذلك من اسباب وصول هذه الدعوة الى اناس كثيرين. ولذا قال ان الذين لا يؤمنون بايات الله. اي هؤلاء الذين صدوا عن سبيل الله ولم يتبعوا رسول الله قد قدر الله عليهم عدم الهداية. فلذا قال لا يهديهم الله ولكن سيكون لهم عذاب اليم. اي موجع وقوله ولهم عذاب اليم يشمل عذاب الدنيا وعذاب الاخرة. ثم قال تعالى انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بايات الله فهؤلاء الذين يتكلمون بهذا الكلام فقدحا في رسول الله وفي كتاب الله هم الكذب هم المفترون. فهم الذين ينسبون هذا القرآن الى ذلك الرجل الاعجمي كذبا وافتراء ومن ثم قال تعالى انما يفتري الكذب ان يخترعه ويأتي به اولئك الذين لا يؤمنون بايات الله واولئك هم الكاذبون على الحقيقة. فهم الذين يخبرون بخلاف الواقع اي كما قالوا بان هذا القرآن انما اتى به ذلك الرجل الاعجمي الذي لا يتقن لغة العرب. فعلم حينئذ ان الذين يفترون الكذب هم اولئك الذين ضادوا هذا النبي صلى الله عليه وسلم. ولذا اه من نظر في عواقب الامور وجد ان الله تعالى يجعل العاقبة للمتقين ويجعل صلاح الاحوال واستقامتها بالتمسك بهذا الدين وبهذا الشرع الناظر في احوال الناس يجد هذا جليا واضحا ان من تمسك بدين الله اعقبه الله العاقبة الحميدة في الدنيا مع ما انتظره من الثواب الجزيل في الاخرة. فانظر ما هي عاقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاقبة اصحابه نصرهم الله بدلهم بدل القلة كثرة. وبدل الذلة تعزة وبدل الفقر غنى وبدل الخوف امنا ورفع الله درجة جاتهم واصبحوا ائمة يقتدى بهم في الخير الى قيام الساعة بينما اولئك الذين قابلوهم لم يستجيبوا لدعوة الانبياء وصدوا عن سبيل الله كانت العاقبة السيئة لهم ذهبوا كأن لم يكونوا ولم يكن لهم ولم يكن لهم مكانة ولا منزلة ولم تكن لهم عاقبة حميدة في هذه الدنيا مع ما ينتظرهم من العذاب الاليم يوم المعاد ففي هذه الايات التحذير من عدم الوفاء بعهد الله. سواء بترك الالتزام بشرعه او كون الانسان يقوم مخالفة ما عاهد الله عليه من نذر او نحوه وفي هذه الايات ايضا بيان ان ثواب الله في الدنيا والاخرة اعظم من اما ترغبه النفوس الخاطئة بتقديم امور الدنيا على امر الاخرة. وفي هي بيان ان من اراد الاخرة وعمل لها فان الله جل وعلا يجمع له بين ثوابي الدنيا والاخرة. وان من قدم الدنيا على الاخر اخرة فانه يمتع قليلا ثم تكون له العاقبة السيئة في الدنيا والاخرة وفي هذه الايات الترغيب في ان تكون نية الانسان ارضاء الله جل وعلا والسعي فيما يحقق وامره وفي هذه الايات ثواب الترغيب في الصبر. وبيان حسن ثوابه في الدنيا الاخرة بحيث يصبر الانسان في امتثال امر الله ويصبر على ما يناله من المصائب ويصبر على اذى الخلق ويتحمل ما يكون منهم وفي هذه الايات ايضا ان الانسان ان العبد يجازى باحسن ثواب اعماله متى كان مؤمنا مقدما على الاعمال الصالحة وفي هذه الايات فظل الله على عباده المؤمنين حيث يتجاوز عن سيئاتهم فان الله قال لنجزين الذين صبروا اجرهم باحسن ما كانوا يعملون وفي هذه الايات الامر بقراءة الامر تقديم الاستعاذة من الشيطان قبل قراءة القرآن والامر هنا عند اهل العلم على الاستحباب لورود عدد من الاحاديث التي قرأ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عددا من الايات ولم يقدمها بالاستعاذة وان كان الغالب من احوال النبي صلى الله عليه وسلم ان يقدم استعادة على القراءة وقوله هنا فاذا قرأت القرآن فاستعذ ظاهرها ان الاستعاذة تكون بعد القراءة. لان الفاء تفيد التعقيب ولكن ذلك ترك بدلالة فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان قدموا الاستعاذة على القراءة وفي هذه الايات ان العبد كلما التجأ الى الله وتوكل عليه حماه من عدوه الشيطان الرجيم. وانه متى ابتعد العبد عن الله وعن ذكره والتوكل عليه تسلط عليه الشيطان ففي هذه الايات حصن حصين لاهل الايمان يلتجئون اليه ليحميهم الله به من هذا العدو الشيطان الرجيم الا وهو بالتوكل على الله والاستعاذة من هذا الشيطان وفي هذه الايات ان اقدام العبد على شيء من المعاصي يكون سببا من اسباب تسلط الشيطان عليه وجعله يقدم على غيرها من المعاصي قيمة لم يتب الى الله تعالى منها وفي هذه الايات ان النسخ وارد في الشريعة. وان النسخ قد يرد الى ايات كتاب الله جل وعلا. لحكم عظيمة يراها لحكم عظيمة قصدها الشرع بهذا النسخ فان مصالح العباد قد تختلف من وقت الى اخر. فحين اذ يعلم وبان نسخ الاحكام من الامور الممهدة واذا كانت الشرائع ينسخ بعضها بعضا. فقد نسخت شرائع الانبياء السابقين بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم فاذا كان ذلك بين الشرائع فلا يبعد ان يكون هناك نسخ في ما بين احكام الشريعة الواحدة وفي هذه الايات التنويه بهذا الكتاب. وانه من عند الله الذي لا يزال ينعم على العباد بصنوف النعم. وان الذي نزل به ملك يكونوا او يسمى بالروح لما ينزل به من وحي تكون به حياة الناس وفي هذه الايات التنويه احكى ابي حكم نسخ الايات ان يكون ذلك من اسباب الهداية. ومن اسباب البشارة ومن اسباب التثبيت على الحق والثبات عليه وفي هذه الايات بيان ان الشبهات التي يلقيها اهل الكفر للصد عن سبيل الله شبهات لا قيمة لها ولا وزن لها لمن تأملها. ومن امثلة ذلك انهم ينسبون هذا الكتاب الى رجل اعجمي. بينما هذا الكتاب ورد بلسان عربي مبين وفي هذه الايات ان الهداية بامر الله بمشيئته فهو يهدي من يشاء ويظل من يشاء وكان من اسباب عدم الهداية امور تعود الى العباد. فان عدم قبول الانسان للحق وعدم اذعانه له وعدم سماعه لدعاة الهدى من اسباب عدم هدايته وفي هذه الايات ان اهل الحق ودعاة الخير قد يتهمون بما لا تصح نسبته اليهم. من مثل اتهامهم بالكذب. بينما الذي يكذب هم اولئك الذين يظادون انبياء الله ودعاة الحق. ولذا قال انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بايات الله واولئك هم الكاذبون. فهذه ايات عظيمة اشتملت على احكام كثيرة وفيها تنويه بهذا الكتاب العظيم وفيها بيان حسن العاقبة في الدنيا والاخرة لاهل الايمان. بارك الله فيكم. وفقكم الله لكل خير وجعلنا الله واياكم من الهداة المهتدين. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين