الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لولا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فهذا هو لقاؤنا الثالث من لقاءاتنا في تفسير النحل اسأل الله جل وعلا ان يرزقنا فهما فيها واستنباطا لاحكامها فلنستمع لايات من هذه السورة العظيمة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم والقى في الارض رواسي ان تميل بكم وانهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وبالنجم هم يهتدون افمين يخلق كمن لا يخلق. افلا تذكرون وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. ان الله طه لغفور والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون اموات غير احياء. وما يشعرون ان يبعثون الهكم اله واحد. فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون انه لا يحب المستكبرين واذا قيل لهم ماذا ان انزل ربكم قالوا اساطير الاولين ليحملوا اوزارا كاملة يوم القيامة. ومن اوزاري الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون قدمك الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم. واتاهم العذاب من من حيث لا يشعرون. ثم يوم القيامة يخزيهم فيقول ويقول اين شركائي الذين كنتم فيهم قال الذين اوتوا العلم ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين الذين تتوفاهم الملائكة ظالمين انفسهم فالقوا السلام ما كنا نعمل من سوء بلى ان الله عليم بما كنتم تعملون خالدين فيها لا بأس مثوى المتكبر. يذكر الله جل وعلا شيئا من بديع صنعه في هذا الكون. وكيف انه قدره بهذا التقدير البديع. فبعد ان ذكر جل وعلا خلقه لهذه المخلوقات العظيمة التي ينتفع الناس بها وتكون سببا من اسباب صلاح احوالهم. فقد ارسل الرسل وخلق السماوات والاراضين وجعل للناس الانعاما والمركوبات وانزل من السماء الامطار وانبت النبات وسخر ما في الكون لهذا الانسان بل سخر البحر بما فيه ليكون مما ينتفع به الانسان ذكر اشياء اخرى مما ينتفع بها الناس وتكون مما يوضح قدرة رب العزة والجلال. فقال جل وعلا والقى في الارض رواسيا تميد بكم الاشياء الثابتة التي لا تتحرك والمراد بها هنا الجبال. فقد جعل الله جل وعلا الجبال على الارظ من اجل ان تثبت هذه الارض ولا تتحرف في سيرها ومشيها. ولذا قال والقى اي انه جل وعلا قد قدر جود هذه الجبال وقد خلقها لتكون رواسي اي ثابتة من اجل الا تحيد الارض عنك طريقها كما انه جعل في هذه الارض الانهار وهي المياه الجارية التي تجري على مدار العام. وهكذا ايضا جعل فيها السبل وهي الطرقات التي يسلكها الناس ذلك لامور منها ان منها ما ذكره بقوله لعلكم تهتدون فقد يكون المراد تهتدون في الارض بحيث لا تتيهون فيها. ولا تضلون السبيل وقد يكون المراد تهتدون بهذه المخلوقات على خالقها فتستدلون بالمخلوق على وجود الخالق سبحانه وتعالى قال وعلامات اي ان الله جعل على هذه الارض علامات يستدل بها الناس على الطرقات من اجل الا يتيهوا فيها ولا يضيعوا. قال وكذلك جعل لهم النجم جعل لهم النجوم التي يهتدون بها فيعرفون بها الجهات. فان النجوم على انواع كل نوع منها تعرف يعرف الناس وقت اتيانه ووقت ذهابه والجهة التي يكون فيها وبالتالي يستدلون بها على معرفة الجهات و هكذا جعل الله النجوم لهذه الفائدة العظيمة ثم قال تعالى مقارنا بينه وبين تلك المعبودات التي يعبدونها من دون الله فقال سبحانه افمن يخلق اي من اوجد هذه الاشياء واوجد الموجودات من عدم اليساوى بمن لا يخلق وليس له اي اثر في الكون. افلا تذكرون. ايا فلا هذا طريقا وسبيلا للاهتدائي الى الله وصرف العبادة له بتذكركم بين الخالق الواحد الماجد سبحانه وبين تلك المعبودات التي تعبدون فانها فانها اوثان لا تتكلم ولا تنفع ولا تضر ثم قال تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. اي ان نعم الله عليكم كثيرة متعددة لو ان احدكم اراد ان يعددها لم يستطع ان يعدد نعم الله جل وعلا بمجرد ذكر العدد فقط فظلا عن ذكر تفاصيلها. والناظر في نفسه وفي الكون يجد النعم الكثيرة ويجد انه كل يوم يكتشف ان لله نعما عليه عظيمة فان الله تعالى قد هيأ لنا في هذا الكون منافع كبيرة ننتفع بها. وانظر يا ايها الى بدنك وما فيه من الايات العظيمة التي تدلك على عظم نعم الله عليك فانظر الى سمعك وبصرك وانظر الى فمك الذي تتكلم به وتذوق به الطعام وتدخل به انواع المأكولات والمشروبات. وانظر الى هذا الهواء الذي تتنفسه يسره الله جل وعلا لك ليكون ليكون سبيلا لا بقاء حياتك في بدنك. وانظر الى نعم كثيرة لا تستطيع ان تقوم بعدها فظلا عن احصائها. ولذا قال وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. اي لا تتمكنون من عدها كاملة ولا تتمكنون من معرفة عددها. ثم قال تعالى ان الله الرحيم الغفور العفو المتجاوز عن ذنوب العباد. بمعنى انه يصفح عن ويتجاوز عن الخطايا ومن مغفرته انه مع عصيان العباد يمدهم بانواع من بانواع من النعم يستفيدون منها في حياتهم. ولذا وصف نفسه بانه رحيم فهو ارحموا الخلق ولا يزال يمدهم بانواع النعم. وفي هذه الاية لما كان السياق في كري فضل الله على العباد وبيان شيء من النعم الكبرى على الانسان. قال تعالى ان الله لغفور رحيم. بينما في سورة ابراهيم قال تعالى واتاكم من كل ما فسألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. ان الانسان لظلوم كفار. فان انه لما ذكر ان الله انعم على الانسان واعطاه من كل ما سأل. وكثرت نعم الله على العبد الا ان العبد لم يقابل ذلك الاحسان الا بالظلم والكفور اساءتي ولذا ناسب في سورة ابراهيم ان تذكر صفات العبد وناسب في النحل ان تذكر صفات الرب سبحانه وتعالى. ثم ذكر جل وعلا شيئا من من صفاته التي تجعل النفوس تجعل النفوس تخاف منه وترجوها وتستشعر مراقبة فقال والله يعلم ما تسرون اي ما تبطنونه وتجعلونه وفي صدوركم سواء من الاعتقادات او من الانطباعات والعواطف او من وكذلك يعلم ما تعلنون. اي جميع ما تظهرون فان الله يعلمه. ولا يخفى عليه شيء من اموركم سواء كان ما تعلنونه من الافعال او من الاقوال او من غيرها من ما يتعلق بعملكم. وهذا يجعل الانسان يستشعر مراقبة الله تعالى. ثم وقال سبحانه مقارنا بين نفسه وبين اولئك المعبودات من دون الله. فقال والذين يدعون من دونه الا اي تلك المعبودات التي تعبد من دون الله من الاوثان والاصنام حيوانات وحتى من البشر ومن الصالحين ومن الانبياء عليهم والسلام لا يخلقون شيئا بل هم يخلقون. فالله هو الخالق وهذه المعبودات مخلوقاته لا تخلق شيئا. وبالتالي ليكن من شأن الناس ان يستدلوا بامر طلق على امر العبادة. فالخالق هو المستحق للعبادة. اما المخلوق فعليه ان يقوم بالعبادة. وقد فسر ابن عباس قوله تعالى لا يخلقون شيئا يخلقون بان المراد به خلق النعم. فالله جل وعلا هو الذي يخلق النعم يهبها للعباد. اما تلك المعبودات فانها لا تهب هذه النعم لاحد ثم قال قال تعالى اموات غير احياء اي هؤلاء الذين تدعون من دون الله امواتا. فان الاصنام وولى اوثان ليس فيها حياة. فبالتالي من لم يكن فيه حياة فكيف يتوجه له بالدعاء والعبادة وكيف يطلب منه ان يحيي الناس اما بالرزق واما بالعلم والوحي ثم قال وما يشعرون ايان يبعثون اي لا يعلمون وقت البعث الذي يبعثون فيه وقوله وما يشعرون اي ان يبعثون استشكلها طائفة من اهل العلم. فقالوا هذا الحديث عن الاصنام والاوثان وهي لا تبعث لانها اصلا ميتة فقال طائفة في جواب هذا بان هذه اللفظة تشمل جميع المعبودات. ومن ذلك من يعبد الاولياء والصالحين والانبياء فانه يصدق عليهم هذا المعنى وقال اخرون بل تلك الاوثان تبعث يوم القيامة. ويطلب منها ان تشهد على من عبد لها بانها لم تأذن له في تلك العبادة. قد ورد ان ما من دون الله سيكون من حصب جهنم. ثم قال تعالى مقارنا بين هذا المعبودات وبين الله تعالى الهكم اله واحد. اي المعبود الذي عليكم ان تتوجهوا اليه بالعبادة معبود واحد ولا يصح لكم ان ان تعددوا فتصرف العبادة لغير الله جل وعلا. ثم قال فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم منكرة اي ان اولئك الذين لا يؤمنون بوجود يوم معاذ يحاسب فيه العباد لينكرون ان تصرف العبادة لله وحده. ويتوجهون بعباداتهم لغير الله تعالى ولذا نجد انهم يستكبرون عن دعوة الحق دعوة التوحيد التي تطالبهم بافراد الله بالعبادة. ثم قال لا جرم اي من الامور الحقة التي لا شك فيها ولا تردد ان الله يعلم ما يسرون اي ما يخفون وما يعلنون ان يظهرون انه لا يحب المستكبرين. فمن كان من اهل الكبر والتكبر عن عبادة فانه حينئذ يدخل في زمرة من لا يحبهم الله جل وعلا. ثم ذكر من صفة اعراضهم عن دعوة الحق. فمع ان الانبياء قد وردوا اليهم بالحجج الواضحة والبراهين البينة التي من تفكر فيها علم انها الحق الا انهم اذا جاءتهم هذه البراهين اعرضوا عنها ووصفوها باوصاف على جهة التخرص من اجل ان ان ينفروا الناس منها. فقال تعالى واذا قيل لهم اي اذا سئلوا ماذا ربكم اي ما هذا هذا الكتاب الذي وصل اليكم؟ وما هذا القرآن العظيم الذي يستمعون لحججه وبراهينه ما كان منهم الا ان وصفوه باوصاف تنفر الناس منه قالوا اساطير الاولين اي انها قصص خيالية لا تمت للواقع ولا حقي بشيء ولذا يقولون اساطير الاولين. اي القصص التي قصها السابقون. قام محمد بتسجيلها في هذا الكتاب ولم يلتفتوا الى ان هذا الكتاب قد اشتمل انا الادلة الواضحة والاحكام المصلحة. واشتمل ايضا على قصص الانبياء اشتمل ايضا على المواعظ العظيمة التي تهز القلوب هزا وحينئذ كان عليهما اوزار كبيرة يأخذونها ويتحملونها. ولذا قال ليحملوا اوزارهم اي الاثام والذنوب التي نتجت عن افعالهم كاملة اي لا ينقص منها شيء. وذلك لانهم استمروا على التكبر. ولم ينقادوا لدعوة حقي فسيحملون اوزارهم يوم القيامة كاملة لا ينقص منها شيء لانهم لم يقدموا على افعال تغفر بها ذنوبهم بخلاف اهل الايمان فانهم اذا جاءوا يوم القيامة يكفر عنهم من سيئاتهم ولا يحملون هنا اوزارهم كاملة. ولذا قال ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة. ويوم القيامة يوم الساعة الذي تقوم فيه الاجساد فتنفخ فيها الارواح مرة اخرى وكذلك يحملون من ذنوب واوزار الذين يضلونهم اي كانوا سببا في عدم استجابتهم لدعوة الحق بغير علم اي ان من تبعهم تبعهم على جهات التقليد وليس على جهة الاستدلال والنظر والتعرف على الادلة الا فقوله بغير علم اي انهم تركوا سبيل الحق واتبعوا سبيل هؤلاء المضلين على جهة التقليد بدون ان يكون منهم رغبة في اتباع العلم الذي ورد في في كتاب الله جل وعلا. ثم قال الا ساء ما يزرون فما حملوه من الذنوب سيسوء وجوههم يوم القيامة فتكون سيئة رديئة في ذلك اليوم بسبب ما حملته من الاوزار ثم بين تعالى ان معارضة انبياء الله والوقوف في دعوة الحق. ليس امرا بل هو من الامور التي وجدت في تاريخ البشرية من اوائلها. ومع ذلك فالعاقل عندما يشاهد حال اولئك الذين عارضوا دعوات الحق يجد انهم كان عندهم امكانات وعندهم قوى وعندهم عدد كثير. وقد مكروا دعوة الحق. فكادوها بانواع المكائد الا ان ذلك لم ينجهم شيئا. ولم يسلمهم من عقوبات الله تعالى فقال سبحانه قد مكر الذين من قبلهم قد للتحقيق مكر المكر يراد به التدابير الخفية التي لا يعلم الاخرون بها. فقد دبروا خططا كثيرة الذي قد خطط الذين من قبلهم ومع ذلك لم تنفعهم تلك التدابير ولم ينجهم ذلك وانما ارتدت الامور عليهم فجعل الله العاقبة عليهم. ولذا قال سبحانه فاتى الله نيانهم من القواعد اي انه قد جاءهم من حيث لا يشعرون. فاوقع عليهم ديانهم بافساد القواعد التي بني عليها ذلك البنيان وقد اتى الله جل وعلا بذكر البنيان لينبه بالبنيان الحسي على البنيان المعنوي فان تدابيرهم ومكرهم بنيان معنوي ومع ذلك قد اتى الله جل وعلا على ذلك البنيان. فانزل الله جل وعلا العقوبات الشنيعة بهم فقال سبحانه فاتى الله بنيانهم من القواعد. اي جاءهم من حيث لا يشعرون. وفي في مكان لم يكونوا يتوقعون ان يأتيهم فيه عقوبة. فقال فاتى الله او بنيانهم من القواعد. وحينئذ خر عليهم السقف من فوقهم. اي ان ما اقدر انه يقيهم من انواع المخاوف وهو الذي وقع عليهم. ولذا قال الراي سقط عليهم السقف من فوقهم واتى بهذه اللفظة من فوقهم مع ان من المعلوم ان السقف يكون فوق الانسان ليبين ان سقوط هذا السقف لم ينحرف يمينا ولا شمالا وانما على من كان تحته. وحينئذ يكون اثره على من تحته اعظم من اثر من يصيبهم على جنب ثم قال واتاهم اي ارسل الله عليه عذابه من حيث لا يشعرون. اي من الجهة التي لم يكونوا يتوقعون ان ان العذاب يأتيهم منها ثم قال اهذا العذاب الذي جاءهم في الدنيا ليس هو العذاب الاخير. بل العذاب الاشد سيكون يوم القيامة. ولذا قال ثم يوم القيامة يخزيهم اي يجعل لهم الذل والخزي والندامة في ذلك اليوم حينئذ ينادون ويقال لهم اين الذين تعبدونهم من دون الله؟ يقول الله عز وجل لهم اين شركائي بزعمكم الذين كنتم تشاقون فيهم؟ اي تكونون بها في ناحية وشق تقابلون به دعوة اهل الحق. وتجعلون الناس يعرضون ونعم الحق واهله. ويقول الله لهؤلاء المشركين على جهة التبكيت لهم. اين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم حتى يتمكنوا من نصركم ومن ابعاد العذاب عنكم وحتى يتمكنوا من اخراجكم من نار جهنم. وفي ذلك اليوم يستشهد الله علماء الشريعة فيقول قال الذين اوتوا العلم اي ان العلماء يشهدون في ذلك المقام. ويبينون حكم الله تعالى. ان الخزي اي الذل والندامة. اليوم والسوء اي العاقبة السيئة التي تسوء صاحبها ها وتجعله يندم عليها ستكون على الكافرين الذين لم يقوموا بعبودية الله تعالى اولئك الذين تتوفاهم الملائكة. اي ان الملائكة تقبض ارواحهم وظالمي انفسهم اي ماتوا على الشرك والكفر ظالمين لانفسهم. لان شركهم وظلمهم وكفرهم انما تعود انما تعود غائلته واثاره والا فان الله تعالى غني عن العباد غني عن عباداتهم. ثم ثم قال فالقوا السلم اما السلام او الاستسلام في ذلك اليوم. وكان من قولهم فان انكروا انهم اشركوا وانكروا انهم اذنبوا وانكروا انهم كفروا فقالوا ما كنا نعمل من سوء اي لم نكن في الدنيا نشرك ولم نكن في الدنيا نكفر خالفوا بذلك ما كان منهم في الدنيا ولم يعلموا ان الله مطلع عليهم. عالم بهم بل عالم باسرارهم ثم تشهد عليهم تلك المعبودات. فتبين انهم قد بدوها ثم تتبرأ منهم. ثم ان الله ينطق ابدانهم وجوارحهم فتشهد عليهم السنتهم وايديهم وارجلهم بما كانوا يعملون بل تشهد عليهم جلودهم فيقولون يا ايها الجلود انما حاججنا عنكم من اجل الا يلحقكم العذاب في نار جهنم. فيقول الجلد انطقنا الله الذي انطقكم اول مرة وهو بكل خلق عليم. فان الله مطلع على احوالكم لا يخفى عليه شيء من اموركم. ولذا قال ان الله عليم بما كنتم مالون في الدنيا ولذا قال فادخلوا ابواب جهنم. اي ان الله يحكم عليهم بانهم من اهل النار خالدين فيها اي سيبقون في نار جهنم ابد الاباد لا يخرجون منها وحين اذ يقال فلا بأس مثوى المتكبرين اي ان المقام الذي يؤول اليه اهل التكبر عن عبادة الله مقام بئيس بغيض لا ترضاه النفوس ولا تقبل به فهذه ايات عظيمة فيها فوائد كثيرة وحكم واحكام. فمن ذلك فظل الله جل وعلا على العباد بان ارسلهم هذه الارض باقامة الجبال فيها. وفي به الايات ان من فضل الله على بني ادم ان جعل لهم في هذه الارض الانهار التي يشربون منها ويسقون بهائمهم. وفي هذا دلالة على ان مياه الانهار طاهرة يجوز شربها ويجوز الوضوء بها وفي هذه الايات جواز الاسفار لان الله جل وعلا قد امتن على العباد بان قال لهم في الارض سبلا وطرقا يسلكونها وفي هذه الايات ان من فوائد هذه الجبال والانهار والطرقات ان يهتدي الناس في طرقاتهم وفي هذه الايات بيان فائدة من فوائد النجوم الا وهي معرفة الجهات بمعرفة مواطني هذه النجوم وفي هذه الايات الاستدلال بتوحيد الربوبية بان الله هو الخالق على توحيد الالوهية بان الله هو المستحق للعبادة. فمن خلقني ورزقنا فيجب علينا ان نعبده جل وعلا وفي هذه الايات كثرة نعم الله على العباد. بحيث لا يتمكنون من احصاءها. وفي هذه الايات مغفرة للعباد على ما يحصل منهم من تقصير وزلة متاع عادوا اليه جل وعلا وفي هذه الايات عموم علم الله لما في الكون. وخصوصا ما يعمله بنو ادم. مما يظهرونه او يسرون به وفي هذه الايات بيان ان المعبودات التي تعبد من دون الله لا تخلق شيئا. ومن انا لا يخلق شيئا فلا يجوز صرف شيء من العبادة له. وفي هذه الايات بيان ان المعبودات التي عبدت من دون الله خلق من خلق الله خلقها الله تعالى. وبالتالي فهي مربوبة مخلوقة. فمن اراد ان يعبد فليعبد خالق هذه المعبودات وفي هذه الايات بيان ان الاصنام ميتة وليست بحية وفي هذا دلالة على وصف الجمادات بالموت وانه لا حرج في مثل ذلك. وهناك طائفة قالت بان الجمادات لا توصف في حياة ولا بموت. لانها لا تقبل الصفتين. وهذا كلام خاطئ. فان الله تعالى هنا قد اثبت لها الموت واذا نفينا عنها الموت فانه يلزم علينا ان نثبت لها الحياة لان الحياة وصفة الموت صفتان متقابلتان نقيضان اذا انتفت احداهما الاخرى ولا يتصور اجتماعهما كما لا يتصور زوال كلا الصفتين في وقت احدا وفي هذا دلالة على ان الله جل وعلا حي فهو الحي وله الحياة الكاملة التي لا تطرقوا اليها ما يضادها بوجه من الوجوه فلا موت ولا نوم ولا سنة وفي هذه الايات ذكر بعث الله للعباد. وانه سيبعثهم. وفي هذه الايات اثبات حق الله في العبودية والالوهية. وانه واحد في هذا الباب. وبالتالي لا يجوز ان تصرف العبادات لغير الله تعالى. فعبادة الصلاة لله وحده لا اي صلى لاحد سواه وعبادة السجود لله وحده لا يسجد على جهة العبادة لغير لا عبادة الركوع انما تكون لله تعالى وحده عبادة والنذر لا تكون الا لله وحده عبادة الذبح لا تكون الا لله وحده والخوف الذي هو لا يجوز ان يكون الا لله والتوكل لا يكون الا على الله جل وعلا وفي هذه الايات ان من اعظم ضلال الخلق ان من اعظم اسباب ضلال الخلق غفلتهم عن الاخرة بحيث لا يستعدون لها ولا يؤمنون بها. فالغفلة عن الاخرة من اعظم الاسباب التي تجعل الانسان لا يصرف عبادته على جهة التوحيد كما ان التكبر عن طاعة الله من اعظم الاسباب في ذلك وفي هذه الايات اثبات صفة المحبة لله تعالى. فانه لما قال لا يحب مستكبرين معناه انه يحب طوائف اخرى. فدل هذا على اتصاف الله بصفة المحبة فهو يحب ويحب وفي هذه الايات تحريم الكبر وبيان سوء عاقبته وفي الدنيا والاخرة. ولذا قال ان انه لا يحب المستكبرين وفي هذه الآيات الاعراض الكفار عما نزل من الوحي مع ان فيه من الادلة المقنعة والبراهين الواضحة ما لو استمع اليه البشر مع عقول حاضرة لكان ذلك من اسباب ايمانهم وفي هذه الايات ان اهل الباطل والكفر يعرضون عن الوحي فلا يستمعون للقرآن بل يصفونه باوصاف تجعل الناس ينفرون منه وهو وفي هذه الايات ايضا ان اهل الشرك يصفون ما جاء من الوحي بانه مما ورث عن الامم السابقة من القصص التي تكون بينهم. وما وما شعروا انه من عند الله تعالى. وفي هذه الايات ان اهل الكفر والشرك لا يغفر لهم فيأتون يوم القيامة وذنوبهم ومعاصيهم على ظهورهم كاملة غير ناقصة بل يتحملون ايضا من كانوا سببا في ظلاله. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من ان في الاسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها وفي هذه الايات ان ما يحمله الكفار من الاوزار يوم القيامة. يسوء ويجعل وجوههم ذليلة خاضعة وما ذاك الا للسوء ما يحملون انه وفي هذه الايات بيان ان من صد عن طريق الحق لم يصد عن دليل وانما اصد عن جهل وعن اعراض وتكبر. ولذا قال تعالى ولذا قال تعالى يظلونهم بغير علم اي انهم انهم يجعلونهم يتركون سبيل الحق بدون ادلة واضحة وفي هذه الايات تذكير الامم الحاضرة بالعقوبات التي حصلت على الامم الماضية من اجل الا ينخدعوا فيكون من اثار ذلك ان يستعدوا لآخرتهم وفي هذه الايات ان الاشكال على اهل الاسلام ليس بسبب قوة اعدائهم. ولا بتخطيطهم ومهارتهم ولا بما لديهم من العدد والعتاد والعدد وانما الاشكال الو من عمل اهل الاسلام فالمصائب انما تحل عليهم بسبب ذنوبهم ولا يسلط عليهم عدوهم الا بسبب اعراضهم وذنوبهم وفي هذه الايات التذكير بان مكر الامم السابقة بانبيائهم لم يسلمهم من عذاب الله جل وعلى وفي هذه الايات قدرة الله جل وعلا على اهلاك الامم الاسباب التي يظنون انها هي قوتهم وسر اه قدرتهم. ولذا ذكر ان الله يأتي الى هؤلاء الى القواعد من بنيانهم وفي هذه الايات ان قدرة الله على هزيمة اعداء الاسلام عظيمة. ولكن الاشكال ليس في القدرة وانما في قابلية اهل الاسلام لان ينصرهم الله بسبب ما كان عندهم من مخالفة امره وفي هذه الايات بيان ان القدرة الالهية تشمل جميع المخلوقات بلا استثناء وفي هذه الايات ان الله تعالى يمهل ولا يهمل. فقد يؤخر العذاب على بعض الناس ولكنه لابد ان يوقع بهم العقوبة لا محالة وان تأخر الامر وفي هذه الايات ذكر شيء من احوال يوم القيامة. ومن وقوف اهل الباطل والزيغ والمنكر في ذلك الموقف الرهيب من اجل ان يغفر لهم ولم يكن معهم من الصلاة ولا من العبادة شيء ينجيهم في ذلك اليوم. ولذا قال ثم يوم القيامة. ثم ثم اي بعد ذلك هم من هؤلاء الكفار يوم القيامة يخزيهم الله اي ينزل بهم الذلة والصغار والاحتقار وبالتالي ينادي على جهة التبكيت لهم اين شركائي؟ اين اين معبوداتكم التي صرفتم لها بعظا. العبادة اين هؤلاء قال اين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم؟ وفي هذه الاية بيان ان اهل الباطل يحاولون ان يكونوا في جهة منفصلة عن اهل الاسلام. لان لا يلزموا بشيء من قرايعي الظاهرة. وفي هذه الايات ان الله جل وعلا فيدوا اهل العلم في ذلك الموقف العظيم وفي هذه الايات التنبيه لاهل العلم بان ما اعطوه من العلم هو منة من الله تعالى فالله هو الذي اعطاهم هذا العلم. قال تعالى قال الذين اوتوا العلم في هذا دلالة على ان اسم العلم اذا اطلق في الشرع فالمراد به العلم بالعلوم الشرعية الدينية وفي هذه الايات ان العبد المشرك ظالم لنفسه. وان صاحب الذنب والمعصية ظالم لنفسه وفي هذه الايات اثبات وفاتي اثبات وفاة هؤلاء الكفار وان الملائكة هي التي تتوفاهم وفي هذه الايات بيان ان الشرك من الظلم ظلم الانسان لنفسه وفي هذه الايات ان من القى السلام او شعار السلم ينبغي ان يصدق في ذلك الا ان في القرائن ما يعارضه وفي هذه الايات ان الكذب وانكار ما فعل من انواع الذنوب والمعاصي لا ينجي ان انكار ذلك لا ينجي صاحبه شيئا. فان الله تعالى مطلع على احوال الانسان عالم بها وفي هذه الايات اثبات عموم علم الله بالكائنات. فلا يخفى عليه شيء منها سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات بيان مصير الكافرين والمشركين انهم يسيرون الى نار جهنم اعاذنا الله واياكم منه اه وقوله خالدين فيها اي انهم يستمرون في نار جهنم لا ينقطعون عنها وفي هذا رد قول بعض السلف بانهم في اخر الامر يجمدون ورد لقول بعضهم بانهم يفنون اخر الامر. وقول بعضهم بانهم ينقلون الى الجنة فظواهر النصوص تدل على ان الكفار يخلدون في نار جهنم ابد بادي وقد ذكر الله جل وعلا هذا في عدد من ايات كتابه ان اهل النار يكونون فيها خالدين ابدا كما ذكر الله تعالى ذلك في اواخر سورة النساء واواخر سورة الاحزاب واواخر سورة الجن وفي هذه الايات ان اهل الباطل يبكتون على ذلك فانهم يطلبون الخروج من نار جهنم فلا لهم في ذلك. وفي هذه الايات تحريم الكبر بالترفع عن الخلق باستصغار الاخرين والاستنقاص من مكانتهم ففي فهذه ايات عظيمة فيها ايات كثيرة واسأل الله جل وعلا ان يوفقني واياكم لكل خير. وان يجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه طباعة وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين