تهم البطانة الصالحة هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله اصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. هذا والله اعلم. وصلى الله على امحمد الحمد لله رب العالمين. نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلمت تسليما كثيرا اما بعد فلا زال الكلام في سياق قصة يوسف عليه السلام حيث غير الله احواله من حال الى حال وجعل لذلك اسبابا خفية يسيرة ولعلنا نأخذ نماذج من ذلك بقراءة ايات من هذه السورة العظيمة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقال الملك اني ارى سبع بقرات سماني يأكل سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات يا ايها الملأ افتوني في رؤياي ان كنتم للرؤيا اتعبرون قالوا اضغاث احلام وما نحن بتأويل الاحلام عالمين وقال الذين نجى منهما ودكر بعد انبئكم بتأويله فأرسلوه يوسف ايها الصديق افتنا في سبع بقرات سماني يأكل كلهن يأكلهن سبع عجاف وسبع سمبلات خضر واخر يابسات. لعلي ارجع الى الناس لعلهم قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سم مم بولة فذروه في سنبله. الا قليلا من ما تأكل ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليل لا الا قليلا من ما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ففيه يصرون وقال المليء وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع الى ربك فاسألهما النسوة ما بال النسوة اللاتي قطعن ايديهن ان ربي بكيدهن عليم قال ما خطبكن يوسف عن قلنا حاشا لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الان حصحص الحق انا راودته عن نفسه. وانه لمن الصادقين ذلك ليعلم اني لم اخنه بالغير وان الله لا يهدي كيد الخائنين وما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم وقال الملك ائتوني به وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي فلما كلمه قال انك اليوم لدينا مكين امين قال اجعلني على خزائن الارض. اني حفيظ عليم وكذلك مكن. وكذلك مكننا ليوسف في الارض يتبوأ ومنها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع اجر المحسنين. ولاجر الاخرة خير الذين امنوا وكانوا يتقون لما ذكر الله جل وعلا كيد النسوة وانهن توصلن بكيدهن الى ان يسجن يوسف عليه السلام وقدر الله جل وعلا ان بعض حاشية ملك ذلك الزمان يدخلون معه في السجن لتهمة وجهت اليهم فقدر الله ان يريا رؤاهما فيفسرها لهم يوسف يقع كما فسر عليه السلام وطلب ممن ظن نجاته ان يذكر قضيته ومظلمته للملك لعله يخرجه مما هو فيه بذلا للسبب لكن الله جل وعلا قدر ان يبقى يوسف في السجن ليكون ذلك ليكون ذلك سببا من اسباب التجائه الى ربه. وتضرعه بين يديه وتفرغه لذلك فلبث في السجن بضع سنين فقدر الله جل وعلا امرا عظيم الشأن مبادئه يسيرة ولكن له نهايات كبيرة الا وهي تلك الرؤية التي رآها الملك. فالملك رأى رؤيا عظيمة هذه هي الرؤيا هذه هي الرؤيا كانت سببا من اسباب تغيير امر هذا الكون وتيسيره هي قال الملك اني ارى سبع بقرات سمان كبيرات الحجم خرجن من هذا النهر ثم جاءت سبع عجاف هزيلات ظعيفات الا ان هذه البقرات الهزال اكلن هذه السبع البقرات تا السيمان وكان هذا امرا مستغربا ثم رأى ان هناك سبع سنابل خضراء مينعة وهناك سبع يابسة قد التفت اليابسة على الخضراء فكانت هذه الرؤيا رؤيا عجيبة هانت الملك وافزعته جعلته يسأل عنها لانه رآها كأنها فلق الصبح واصبحت تتردد بين عينيه لا يرى الا هذه جمع من يعرف من ينسب الى العلم من اهل زمانه سواء من اقباطهم او من قساوستهم او من كهانتهم او من عرافيهم ومنجميهم وبدا يسأل كل واحد منهم الا انه لم يجد جوابا على هذه الرؤيا ولم يجد تعبيرا لها وجه السؤالين اليهم على جهة تبيين الامر وتوضيحه. ولذا سماه فتيا فقال يا ايها الملأ يعني انه خاطب عموم الناس بطلب تفسير رؤيا هذه مما جعل الخبر يشيع في الناس ان الملك رأى هذه الرؤيا من في زمانه من الكهنة والقساوسة والمنجمين والعرافين لم يستطيعوا ان يفسروا هذه الرؤيا وقالوا عنها بانها مجرد اظغاث احلام. لا حقيقة لها وليست رؤيا صحيحة فكان في هذا مضادة لكلام الملك فانه قال لهم هي رؤيا افتوني في رؤياي. فقالوا له ليست رؤيا انما هي غاثوا احلام ثم قالوا الاحلام التي هي مجرد اضغاث ترد على النفوس لا تفسير لها. ولذلك قالوا وما نحن بتأويل الاحلام يعني بعالمين. انما شأننا ان نفسر الرؤى. وفي هذا موقف جهل منهم ومن جهة وفي نفس الوقت موقف اتهام لتلك رؤيا بانها ليست الا مجرد اظغاث احلام لكن ذلك الملك بحصافته وذهنه لم يلتفت الى قولهم وعرف انهم لا يتكلمون عن علم وانما الذي عندهم ام جهل فاصبح يبث هذا السؤال في الناس حتى انتشر خبر الرؤيا و فاهمت الرؤيا الناس كلهم حينئذ قال ساقي الخمر الذي نجا سابقا من التهمة والذي ادخل السجن وسبق ان فسر له يوسف رؤياه السابقة قال الذي نجا منهما يعني الرجل الذي نجا من السجن وخرج من التهمة ونجا من القتل وادكر بعد امه اي تذكر يوسف بعد بظع سنين حيث كان يوسف اوصاه ان يوصل مظلمته للملك ولكنها لم تصل. هذا الرجل قال هناك رجل يعلم تأويل الرؤى وقد علم من تأويل الاحاديث اليه فانني ساجد عنده التأويل الصحيح لهذه الرؤيا. وقال انا انبئكم جزم جزما قاطعا بان التأويل سيكون عند يوسف عليه السلام اذا قال هذا الرجل انا انبئكم بتأويله فارسلونا ولاحظوا انه لم يخاطب الملك بذلك. وانما خاطب بالجمع فقال لقومه اهل المجلس ولعموم الناس انا انبئكم للجمع بتأويله فارسلون حينئذ تم ارساله من قبل المجموع الى يوسف من اجل ان يفسر هذه الرؤيا ولانه قد ابطأ عليه وجلس سنين طويلة في السجن حينئذ احتاج ان يمهد لسؤاله ببعض الثناء على يوسف. ولذا قال يوسف ايها الصديق خاطبه باسمه ليكون ذلك معرفا بالعلاقة السابقة بينه وبينه ثم اثنى عليك فقال ايها الصديق يعني الذي لم يعرف عنه الا الصدق. في اقواله فليس من اهل الكذب ولم يعرف عنه الا الصدق في افعاله فهو ممن الخير والاحسان الى الاخرين توجه له بالسؤال عن تلك الرؤيا قال له افتنا لان تعبير الرؤى نوع من انواع الفتيا. ولذا قال له افتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات. فهذه الرؤية عظيم قدر قدرها من رآها ولم تنسب هنا الى الملك من اجل ان يبين ان يوسف عليه السلام عالم بتفسير الرؤيا وان لم يطلع على من رآها في منامه فقال هذا الرجل ليوسف على وجه الترجي له والطلب الخفيف اللطيف لعلي ارجع الى الناس. لان الخبر قد شاع في الناس واهتم الناس له. ولذلك فان هذا السؤال ليس خاصا بالملك وانما هو لعموم الناس لعلهم يعلمون ما هو تأويل هذه الرؤيا؟ والى اي امر ستصير اليه؟ فان الملك قد علم انها رسالة عظيمة له من اجل ترتيب امور مستقبلية لما سمع يوسف عليه السلام بالرؤيا مباشرة. قام تعبيرها قبل ان يوجه اللوم للرجل الذي نسيه السنوات الطويلة وقبل ان يتكلم معه ببراءة نفسه وانما مباشرة قام بالتفسير وبين لهم خطة مستقبلية مبنية على تعبير هذه الرؤيا. فقال تزرعون سبع سنين والزراعة هي النبات الذي لا شجر فيه وكأنه امرهم بمضاعفة الجهد في الزراعة في سنوات القادمة ولذا قال تزرعون سبع سنين اي سبع سنوات تمظونها في زراعة كل ما تستطيعون زراعته. دأب اي بعمل فاصل وجهد كثيف لا تقفون فيه فما حصدتم اي ما اخذتم بعد نضجه فذروه في سنبله اي لا تفصلوا حبوب القمح والحبوب التي زرعتموها عن سنابلها اه زرعها الذي كانت فيه. بل ابقوها في الزرع لئلا يسرع اليها الفساد فانها اذا بقيت الحبوب في سنابلها لم تأتي الافات والحشرات اليها اه الا قليلا مما تأكلون. اي لا بأس ان تستخدموا شيئا يسيرا منها في اكلكم. حتى ان اكلكم قم بتنظيمه وترتيبه فلا تأكلون الا اليسير. استعدادا للسنوات التي تكون بعد ذلك. اذ سيأتي سبع سنوات شداد اي انه لا ينزل فيها مطر ولا ينبت فيها نبات ولن تتمكنوا فيها من ان تقدموا من زراعتها شيئا. وبالتالي تعودون الى ما حصدتموه في السنوات السبع الاولى فتأكلون منها. يأتي من بعد ذلك اي من بعد السنوات السبع التي زرعتم فيها زراعة كثيرة سبع سنوات شداد. يأكلن ما قدمتم لهن. اي جميع ما اخذتموه في السبع الاولى فانكم تأكلونه في هذه السنوات السبع واشار اليه انه سيتمكن في هذه السبع السنوات من بيع محصول الحبوب بالاثمان الكثيرة مما يرد على مما يرد على بيت ما له فيكون من اسباب غناه وغنى دولته لانه سيبيع هذه الحبوب على الناس باثمان كثيرة لكونهم في زمان قحط فقال يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحسنون. اي ما تجعلونه في حصونه لعدم الحاجة اليه ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس. اي في السنة الخامسة عشرة ستكون عام ما خصب وزراعة كثيرة يغاث الناس فيه بانواع الامطار بالامطار المتعددة وبانواع النبات. لدرجة انهم سيفظل عن مآكلهم من ما يتمكنون من عصره. فانه لا يعصر الشيء الا عند عدم الحاجة اليه ومع وجود الوفرة سواء في الاعناب او في الحبوب او في الزيتون او في غير ستجدون فاضلا لكم ما تتمكنون من عصره من اين اخذ يوسف عليه السلام هذه المعلومات من الرؤيا فانه قد سرى السبع السمان من البقر بالسبع السنوات الاولى. فان البقر دليل على ما يحتاج اليه الناس في مآكلهم ومشاربهم. خصوصا ان اهل كذلك الزمان يعتمدون على الابقار في حرثهم وفي نقل بعض ادوات ولذا كانت علامة على الزرع ثم استدل بالسنابل على هذه السنوات التي يأكل اولها يأكل اخرها او اول واولها واستدل على واستدل بهذه الرؤيا على وجود عام يغاث فيه الناس. لانه لا يمكن ان تنتهي ازمة سبع سنوات عصيبة سنوات جدب وقحط الا بسنة ينزل فيها كثيرة فاستدل بي ان السنوات السبع سنوات القحط تنتهي على وجود عام بعدها تتعدد فيه الامطار وتكثر فيكون ذلك سببا من اسباب زوال هذا القحط نقل الرسول تفسير الرؤيا الى مجلس الملك وحين اذ بدأوا يتحدثون عن يوسف فعرفهم هذا الرجل بما لدى يوسف من الصدق ومن الاحسان ومن العبادة وما لديه من العلم والمعرفة بتأويل الرؤيا فتاقت نفس الملك الى مشاهدته فطلب منهم ان يحظروه. فقال ائتوني به. اي احضروه عندي في مجلسي لاشاهده فارسل رسولا الى يوسف اما الرجل السابق واما غيره والظاهر انه غيره لانه هو الذي يتمكن من اظهاره فجاء الرسول المرسل من قبل الملك كان الاول مرسلا من قبل من حول الملك اني قد ارسله الملك لحكمة يراها الله تعالى فجاء الرسول الى يوسف ومن حكمة يوسف وصبره انه لم يبادر الى الخروج. بل اراد ان تظهر عفته وبرائته من مما نسب اليه سابقا واراد ان يعلم الناس جميعا بقصته وبالتالي يلتفتون اليه ويعرفون هنا قدره وما لديه من العلم وليكون ذلك سببا من اسباب قدرته على نشر مبادئ التوحيد التي كان يدعو اليها كما كان شأن يوسف حينما دعا الفتيان حينما دعا رجلين الذين دخلا معه السجن سابقا فقال يوسف مذكرا بالقصة العجيبة الا وهي قصة تقطيع الايدي فان النسوة قطعن ايديهن وهذا لا يمكن ان يكون الا لسبب معقول. وبالتالي يثير الاستفهام ويجعل الناس يتساءلون ولم يرد ان يتكلم في زوجة سيده ولم يرد ان يشري اليها. وانما ارى الى النسوة فقال يوسف للرسول ارجع الى ربك يعني سيدك الذي رباك والذي هو مولاك فاسأله اي توجه اليه بالسؤال والاستفهام ما بالنسوة اللاتي قطعن ايديهن اي ما شأنهن وما السبب الذي دعاهن الى ان جرحنا ايديهن او قطعن جزءا من ايديهن وحينئذ قال ان ربي بكيدهن عليم. اما انه كان يشير الى سيده السابق الذي اشترى فقال انه كان مطلعا على حقيقة الامر ويعرف ان ما به من توجيه الاتهام انما هو على جهة المكر والكيد وهو يعلم او ان ما قالوه ليس بصحيح. وحينئذ استدعى الملك هؤلاء النسوة. واجرى التحقيق في الموضوع. واعاد السؤال مرة اخرى فسأل لم قطعتن ايديكن. وما الذي كان وراء هذه القصة؟ فبدأت فبدأت المعلومات تتوافد اليه حتى انه علم من هؤلاء النسوة انهن كن يراودن يوسف عن نفسه وان الاشكال منهن وليس منه. فقال الملك لهن ما خطبكن اي ما هو السبب العظيم الذي جعلكن تراودن يوسف عن نفسه. اي تحاولن فيه ان يحقق مرادكن باختيار منه مع انه كاره لذلك. فكنتن تراودنه عن نفسه وتردن منه ان يفعل ما لا يريد ان يفعله باختياره فحينئذ تبدت فصول هذه القضية وظاهرت البراءة بان اعترفن بان يوسف بريء مما نسب اليه. وبالتالي قلنا حاشا لله حاشا لله اي انهن تبرأن من ان يكن قد علمن سوءا او خبرا عن يوسف فقلنا حاشا لله ما علمنا عليه من سوء اي ما علمنا عنه الا اه والا النزاهة والا حسن الخلق والتصرف. ولم يكن منه تجاهنا اي فعل مشين وانما كان الامر منا فنحن الذين قمنا رده عن رغبته في الاستمرار في العفاف حينئذ لم يكن من امرأة العزيز الا ان تعترف وتقر فانها سبق ان قالت للنسوة السابقات بانه بريء وبانه اعصم ولم يستجب لها. وبالتالي كان من شأنها هنا ان تعترف الحق الواضح فقالت الان حصحص الحق اي ظهر ووضح بعد تردد في ايضاحه قالت انا راودته عن نفسه اي الاشكال مني وانا اعترف بما كان مني. واما هو فانه كان بريئا وكان صادقا في كلمته السابقة حينما قال هي راودتني عن نفسي. ولذا قالت وانه لمن الصادقين وهنا اعترفت لسيدها بانها قد راودت. ولكنها بريئة من ان يكون قد حصل منها شيء في خيانة فراش زوجها وافساده وقالت ذلك اعلى زوجها العزيز بانها لم تخنه في فراشه ولم تدخل عليه في فراشه من لا يحل ولكنها اعترفت بانها بانها ارادت الخيام بدون ان تفعلها وبانها قد اجرت انواع الكيد والمكر لكن هذا الكيد لم الله له نجاحا. ولذا قالت وان الله لا يهدي اي لا ينجح يرى جل وعلا وقال هنا نصيب برحمتنا من نشاء عبر بالاصابة بمعنى ان الامر المقدر قد يكون في اللحظات اليسيرة كالاصابة بالسهم او حماية ولذا قال نصيب برحمتنا من نشاء. فالاصابة تكون في اللحظات ولا يثمر كيد الخائنين. اي تدابيرهم الخفية. وخططهم السرية حينئذ قالت امرأة العزيز بانها لا تبرئ نفسها. لكن في نفسها مجرد الرغبة والمراودة. ولذا قالت ان النفس لامارة بالسوء. اي تأمرها بتحقيق شهوتها ولو كان في مخالفة ومعصية الا ما رحم ربي اي الا النفوس التي الله جل وعلا. او ان المراد بان النفس اذا كان عندها وساوس عصمها الله برحمته فانها حينئذ تكون لها البراءة وقائد كان للعلماء موقفان من مثل هذه الاية بالنسبة للنفوس. فمنهم من قال الامر بالسوء واللوم والاطمئنان صفات للنفوس. بحيث قد تكون النفس مرة مطمئنة ومرة تلوامة ومرة امارة بالسوء واخرون قالوا بان النفوس تنقسم الى ثلاثة اقسام قسم امار بالسوء وقسم لوام وقسم مطمئن. وعلى كل فالعبد المؤمن يسعى لان تكون مطمئنة لامر الله جل وعلا حينئذ طلبت المغفرة ورغبت في ان يعفى عنها ما مضى من حالها. فقالت ان ربي غفور رحيم. ان يتجاوز عما اكنت قد هممت به لم يذكر ما هي عاقبة هؤلاء النسوة؟ هل عاقبوهن هل سجن؟ هل عفي عنهن؟ لان الامر لا يهم. لان الامر لا يهم. المهم المهم ما على ماذا كانت على ماذا كانت احوال يوسف عليه السلام لما ظهرت براءة يوسف وانتشر العلم بما عنده من العفة والنزاهة وعلم الناس ما لديه من العلم وما لديه من المعرفة تأويل الاحاديث تداولوا سيرته السابقة عندما كان عند سيده يدبر امر بيته ويحسن في امر ذلك البيت. وما كان لديه من توجيهات تدل على عقل وحكمة وتداولوا كيف انه قد صبر في السجن حيث لم يبادر الى الخروج بمجرد ما اتاه الرسول. وانما اراد ان يظهر براءته. قال الملك حينئذ احضروه عندي. واتوني به من اجل ان اجعله خالصا لنفسي. استفيد منه في اموري وفي تدبير امر دولة ولذا قال استخلصه لنفسي اي يكون لي وحدي حينئذ جاء يوسف عليه السلام وبدأ يكلمه الملك وشاهد من نفسه ومن كلامه ما يدل على العقل الرزين. ويدل على القدرة التحدث وما يدل على الصفات العظيمة والنجابة الكبيرة عند يوسف فاكتشف رجلا لا كالرجال حينئذ قال مكنه الملك من ما لديه من الملك. فقال الملك ليوسف انك اليوم لدينا مكين امين. اي تتمكن من التصرف والامر والنهي وكذلك انت امين لدينا نصدقك في كلامك ونأمن لتصرفاتك ونعلم انك عندك من القدرة ذكاء وعلما وتصرفا ما يكون جالبا للخير للناس حينئذ طلب يوسف ان يجعل على الخزائن التي تحفظ فيها الاموال والزروع لا لنفسه وانما اراد اصلاح احوال الناس. فقال يوسف للملك اجعلني اي وظفني على خزائن الارض اي على المستودعات التي تحفظ فيها الاموال من الزروع والثمار فانك حينئذ ستعلم باني حفيظ عليم. اي عندي قدرة على حفظ الاموال وعدم تبذير بها وصرفها فيما لا يناسب لها. وانا كذلك عليم اي عندي من العلم بتدبير الامور وتصريفها ما يجعلني اضع الاموال في الهاء استجاب الملك لطلبه فجعله وزيرا خاصا وقائما بامور الخزائن لحفظ الاموال قال حينئذ لم يكن هذا بمجرد هذه الاسباب وانما هو بتصريف رب العزة والجلال. فالله هو الذي قدر له ان يؤتى به من البادية الى ان يكون عند الملك. اولها وضع في غيابة الجب. وثانيها اخذته القافلة وثالثها اصبح مملوكا يباع ويشترى. ورابعها كان من في بيت سيده الاول وخامسها كانا متعرضا لانواع المكر كيد من نساء اهل زمانه وامره الاخر ان يوضع في السجن من اجل ان يحقق الله عز وجل له سبب الانتقال ليكون ليكون عزيزا رفيع الشأن بعد ان يعلم ما لديه من قدرة على تأويل الاحاديث وما لديهم من صدق وصلاحية حال. فالله هو الذي يسر هذه الاسباب. وهو الذي جعلها تنتج نتائجها. ولذا قال الله مكنا ناسبا الامر لنفسه فاصبح ليوسف تمكين في الارض بتدبير الله جل وعلا. وحينئذ اصبح يتبوأ منها حيث يشاء. اي يسكن ويبقى ويستقر في اي يريد وفي اي محل هو في اي محل يقصد ثم قال جل وعلا نصيب برحمتنا من نشاء فالله هو المعطي والله هو الرزاق والله يرفع من يشاء. والله جل وعلا يمكن في الارض لمن يشاء ومن ثم فعل لا عبدي ان يعلم ان هذه الامور الى الله سبحانه وتعالى فيوقن بذلك تمام اليقين ويجزم به ويعلم ان التمكين والنصر من قبله جل وعلا. ويعلم ان ما يقدر عليه انما هو لحكم قاتل يسيرة والثواني القليلة. فهكذا اذا اراد الله عز وجل بعبد تغيير حال غيره في اللحظات اليسيرة بتدبير منه جل وعلا. ثم قال مبينا اسباب ذلك ولا نضيع اجر المحسنين. فمن كان من اهل الاحسان الى عباد الله فان الله جل وعلا يسارع له بالخيرات. ويجعل له العاقبة الحميدة دنيا واخرة. ثم قال تعالى ولا اجر الاخرة يعني اذا شاهدتم هذا النصر الذي يقدره الله جل وعلا لاهل الاحسان. فاعلموا بان ما جعله الله لهم في الاخرة اعظم ولذا قال ولاجر الاخرة خير. اي افضل واحسن. فانه لا يحتاج الى مقدمة مات بلاء ولا يأتيهما يكدره او ينغص نعمته بل نعيم الاخرة كامل تام. لا موت فيه ولا نوم فيه ولا مرض معه ولا حاجة لي ولا حاجة للانسان يحتاجها الا وييسرها الله جل وعلا لهم ما يشاؤون واما في الدنيا فانه لا يوجد احد من الناس كائنا من كان الا وعنده مطالب ورغبات لا تتحقق له بخلاف الجنة فكل ما يشاؤه اهلها ييسره الله جل وعلا لهم ثم قال تعالى الاخرة ولاجر الاخرة خير للذين امنوا فالايمان يشمل اعتقادات القلوب ويشمل ايظا اقوال اللسان واعمال الجوارح. فكلما ازداد الانسان منها لله جل وعلا زاد ايمانه. ثم قال وكانوا يتقون اي يبتعدون عن معاصي الله عز وجل خوفا منه وخوفا من عقابه. وفي الايمان استعمل الفعل الماضي لتأكد بقائه. وقال امنوا وفي التقوى استعمل الفعل الى المضارع فقال وكانوا يتقون لبيان انهم مستمرون على ذلك مواصلين عليه فهذه هي الايات فيها فوائد عديدة فمن فوائد هذه الايات ذكر شيء من امور تعبير الرؤيا. وان الرؤى قد يترتب عليها امور عظيمة وقد جاء في الاحاديث ان الرؤيا جزء من من ست واربعين جزءا من اجزاء نبوة وفي هذه الايات ذكر بعض قواعد تفسير تعبير الرؤى. وفي هذه الايات الله جل وعلا قد يجعل الامور العظيمة والحوادث الكبيرة باسباب يسيرة لم يكن الانسان يتصورها وفي الحديث انه لا ينبغي آآ للانسان ان يغفل اي معلومة او اي خبر لديه بل عليه ان يمحصه وان يسعى ان يكون حسن التصرف معه فلا يهملوا شيئا من ذلك. وانظروا لو ان ملك ذلك الزمان استجاب لقول هؤلاء الندما والجلساء بعدم الالتفات الى هذه الرؤيا لحدثت المصيبة العظيمة والجفاف الكبير. وبالتالي لكان هناك موت عظيم بسبب هذا التصرف من جلساء ذلك الملك وفي هذه الايات ان شأن تعبير الرؤيا عظيم. فان الرؤيا جزء من اجزاء النبوة كما تقدم لذلك على الانسان ان يتحرز فيه. فلا يتكلم فيه باثبات ولا بنفي الا بناء على علم صحيح. ولذلك سمى الله الحديث فيها وتعبيرها فتوى قال افتوني في رؤياي وقال الاخر افتنا وفي هذه الايات بيان ان مما يشاهده الانسان في منامه رؤيا لها تفسير وحقائق ومنها ما يكون من اضغاث الاحلام وفي هذه الايات عفو الانسان عمن اهمل في حقه وكما عفا يوسف السلام عن هذا الرجل الذي لم يذكر قصته لاصحاب زمانه وفي هذه القصة ايضا ان الواحدة من الناس قد يرسله الجماعة من اجل تحقيق مرادهم. وبالتالي يدل هذا على جواز وكيل الجماعة للواحد. وفي هذه الايات ايضا سعي الانسان الى ما يحقق والمصالح العامة وفي هذه الايات جواز الزراعة وجواز العمل الدائب في تحصيلها وفيه ايضا خزنوا انواع الزروع وحفظها. وفي الايات ان ابقاء الحبوب في سنابلها يؤدي الى حفظها للسنوات الطويلة وعدم قدرة الحشرات والافات من اثيري عليها وفي هذه الايات تحصن الانسان عند سنوات الجدب والقحط. بحيث يقلل من استعمال ما اتاه الله من الخير من المآكل والاموال. وفي هذه الايات ايضا مشروعية ان يدخر الانسان لمستقبل ايامه مما يخشى معه من حصول حاجة قد لا يجد ما يسدها بعض اهل العلم استدل بهذه القصة على جواز ان يبقي الانسان عنده حاجته او لمدة سبع سنوات. واخرون قالوا بان الافضل في هذا ان يأخذ ان يأخذ تكاليف سنة واحدة. فان النبي صلى الله عليه وسلم يدخر من يدخر من حاصل ما يزرعه ما يكفيه لسنة وفي هذه الايات فضل الله على العباد بما ينزله عليهم من الامطار انواع الغيث مما يكون له الاثر في حفظ الماء وبقاءه ونباتا والقدرة على الزراعة ورعي الحيوانات وتمكينها من الشرب وفي هذه الايات جواز ان يستعمل الانسان بعض الاستعمالات التي فيها رفاهية في نعم الله جل وعلا متى توفرت عنده كما اصبحوا يعصرون من ما اتاهم الله بسبب وجود عام الغيث. وفي هذه الايات تحلي الانسان بالصبر وعدم استعجاله في الامور بما يكون سبب خير له. وفي هذه الايات مشروعية يسعى انسان لاظهار براءته وابراز ما لديه من الصدق والعفة ونزاهة السمعة وفي هذه الايات ان الحوادث الغريبة ينبغي ان يفسر ان يتأمل فيها وان يحسن في تفسيرها فان تقطيع الايدي من العلامات الغريبة ولذا كان يحسن باهل زمانه ان يفكروا في ما حدث في ذلك. وفي الايات ايضا مشروعية ان يجرى التحقيق عند وجود الادعاءات والاتهامات والجرائم كما حقق ملك ذلك الزمان مع الاطراف التي في هذه القضية وفي هذه الايات ان سنة الله اظهار براءتي اهل البراءة ولو بعد حين. وان من سنن الله في الكون ان يبطل احتيالات الماكرين والا يجعل لها اثرا. ولا يحيك المكر السيء الا باهله وفي هذه الايات حذر الانسان مما يقع في نفسه من مخالفة امر الشرع مما تأمره به النفس. والتجاء الانسان الى الله جل وعلا. ان يحميه من امر نفسه له بالسوء وفي هذه الايات مشروعية ان يسعى الانسان الى تطهير نفسه من ارادة السوء والرغبة فيها والرغبة فيه بتعويدها اعلى ان تتصرف بناء على مخافة الله ورجائه جل وعلا واستشعار رقبته وفي هذه الايات ان الولايات ينبغي توكيلها واسنادها لمن يكون مشتملا على صفات الامانة وصفات العلم وبحيث يكون نزيها امينا عالما بمهام عمله وعالما بكيفية الافضل فيها وفي هذه الايات جواز ان يطلب الانسان العمل العام متى ظن ان المصلحة العامة تتحقق بتوليه لتلك الاعمال. اما من ظن من نفسه عدم القدرة على الاحسان في هذه الاعمال فانه يحرم عليه ان يطلبها. فينبغي به ان اعتذر منها وفي هذه الايات ان من وجد من نفسه الكفاءة والقدرة والامانة ووكل اليه شيء من الاعمال ينبغي به ان يقبلها وان يحتسب الاجر فيها. وان يكون مراده ان يصلح لا ان يكون مراده مجرد علو نفسه وارتفاعها على الاخر ارينا وفي هذه الايات جواز ثناء الانسان على غيره بما فيه من الصفات كما وصف هذا الرجل ليوسف بالصديق وكما قال ذلك الملك ليوسف بانه امين ونحو ذلك من الصفات وفي هذه الايات جواز ان يثني الانسان على نفسه بما يعلمه منها اذا اترتب على ذلك مصلحة؟ ولذا قال يوسف اني حفيظ عليم وفي هذه الايات ان ما يحصل للناس من تمكين في الارض او رغد في العيش او علو منزلة ومنصب. انما هي هبات من الله جل وعلا. يهبها لمن يشاء. وبالتالي لا يعجب الانسان بصفاته ولا يظنن ان ما وصل اليه بجهد بجهد مجرد منه وانما هي نعم من الله على العبد. وليستشعر الانسان بان من يماثله وفي صفاته كثير من الخلق. ومع ذلك لم يصلوا الى ما وصل اليه وفي هذه الايات ان ما يوصله الله من الخير والرحمة الى الناس. قد يكون قد ليأتيهم في لحظات قليلة يغير الله بها من حال الى حال فانها زمة الامور بيده وقلوب العباد عنده يتصرف فيها كيف يشاء. وقد يقلب الله جل وعلا البغضاء محبة يقلب الفقر غنى ويقلب الضعة والذلة عزا وشرفا فانه جل وعلا قادر على ذلك كله وفي هذه الايات تذكير العباد بان تكون مقاصدهم اخروية بحيث ينون بكل ما يؤدونه من اعمال نفع انفسهم في الاخرة. فانها هي الدار الباقية وفي الايات المقارنة بين نعيم الدنيا القليل والمكدر والمحدود بوقت بنعيم الاخرة الدائم ابدا. الذي لا ينقطع والذي لا يوجد عنده شيء من ولا يوجد له حد. فكل ما يطلبه اهل الجنان يحقق لهم فلهم ما يشاؤون وفي هذه الايات امر الانسان بالاستمرار على التقوى في حياته. ليحصل لذلك على رفعة الدرجة في الاخرة فهذا شيء من فوائد هذه الايات. بارك الله فيكم واسعدكم دنيا واخرة. وجعلكم الله ممن رفع شأنهم واعلى منازلهم دنيا واخرة. كما نسأله جل وعلا ان يكسبكم الصفات جميلة وان يجعلكم من اهل الامانة ومن اهل العلم. كما نسأله جل وعلا ان يصلح احوال امة محمد صلى الله عليه وسلم. وان يهيأ لهذه الامة امر رشد امر رشد فيه خيرها وصلاحها وسعادتها. كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا لكل خير خير وان يبارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء وان يجعلهم موفقين في كل امورهم وان يهيئ