فلما اعتزلهم وتركهم وذكنا ذلك بعد ان القي في النار وما يعبدون من دون الله اه يعني الاصنام التي تعبد من دون الله حينئذ عوضه الله جل وعلا بان وهب له الزم ان يستجاب للانسان في دعوته فان الله جل وعلا قد يعلم من حال العبد ان الخير والصلاح له في عدم اجابة دعوته ولد لا يستدل على انسان بضعف حاله لعدم اجابة دعوته الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد لا زلنا في سياق ايات سورة مريم حيث نأخذ في هذا اليوم الدرس الثالث من هذه السورة وفي اولها ذكر الله جل وعلا قصة زكريا ويحيى ثم قصة مريم وعيسى من اجل ان يتكلم عن اثبات الولد وعن ان الله جل وعلا غني عن ان يكون له ولد فذكر ان زكريا ولد له الولد بعد كبر سنه ومع كونه عاقرا ومن ثم لا يستغرب ان يرزق الله جل وعلا مريم ابنا بعد ان نعرف ان الله قد خلق ادم من غير اب ولا ام وقد اوجد ابناء لمن هم كبار في السن ولمن هو عقيم ومن ذلك ما يتعلق بقصة ابراهيم عليه السلام فان ابراهيم لم يأته الولد الا على كبر في سنه وكان في امرأته ما كان ولذلك وهبت له هاجر فجاءت او فحملت باسماعيل فامرته زوجته ان يبعدها عنه فامره الله عز وجل ان يجعلها في مكة ثمان الله جل وعلا رزق ابراهيم من زوجته سارة ابنه اسحاق مع كبر سنهما ومع كون سارة عقيما كما في الاية الاخرى حينما قالت االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخ كبير مما يدلك على قدرة الله عز وجل على ان يمنح الاولاد لمن بعد اتيان الولد منه. فهكذا لا يستغرب ان يمنح الله جل وعلا مريم ابنها عيسى فيكون من ابنائها قال تعالى في هذه الايات واذكر في الكتاب اي سنذكر لك في هذا الكتاب العظيم القرآن الكريم المشتمل على خيري الدنيا والاخرة قصة ابراهيم عليه السلام فيما يتعلق والده وبولده فلما ذكر الولد ناسب ان يذكر الوالد وابراهيم كان صديقا نبيا. والصديقية مرتبة عظيمة. تشتمل على يقين تام وعلم بالله واحكامه. وعبودية لله جل وعلا. فكان صديقا وكان نبيا قد نبهه الله جل وعلا وارسل له الوحي ثم ذكر من قصته ما يتعلق دعوته لابيه وكان ابوه من عبدة الاصنام. فقال ابراهيم لابيه يا ابتي وانظر كيف كرر ابراهيم هذا النداء من اجل ان يكون ذلك من اسباب لين قلب الوالد. فقال يا ابتي لم هنا اتى بصيغة الاستفهام وهو يريد ان يخبره لما تعبد اي تتذلل وتخضع لهذه الاصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عنك شيئا فلا تنفعك ولا تدفع عنك مضرة. وبالتالي كيف تعبدها وكيف تعبدها وانت اشرف منها فانت تسمع وتبصر وكيف تعبدها وهناك من مخلوقات الله جل وعلا من هو اعظم حالا وافضل حالا واحسن مالا منها ثم ناداه مرة اخرى بعد ان اقام الدليل على بطلان عبودية لهذه الاصنام ذكره بانه عنده علم من الله جل وعلا فقال يا ابتي اني قد جاءني من العلم علم النبوة علم بالله عز وجل ما لم يأتك ولذلك امره ان يتبعه فانه متى اتبعه دله وهداه على الصراط والطريق السوي المستقيم ففي الاولى بين له فساد حاله وفي الثانية بين له البديل الذي يكون سببا من اسباب صلاح احواله ثم ناداه نداء ثالثا فقال يا ابتي لا تعبد الشيطان. يقول ان حقيقة عبادتك لهذه الاصنام انما اهي طاعة للشيطان عدوك وعبودية له هذا الشيطان الذي يريد السوى والشر بك. وقد اخرج اباك من الجنة ولا الا يحاولوا ان يجعل ذرية ادم من اهل النار. ولذا قال ان الشيطان كان للرحمن عصيا فهو عاص غير مطيع لله جل وعلا. وذكر باسم الرحمن لبيان ان الرحمن قد رحم العباد. ومن ثم ينبغي ان يطاع لا ان يعصى ومن اطاع الشيطان فقد عصى الرحمن لان الشيطان عاص للرحمن ثم نادى نداء ثالثا باسم الابوة من اجل ان يكون ذلك سببا من اسباب لين قلب الوالد. فقال يا ابتي وخوفه من العاقبة السيئة التي تكون له ان استمر على عبادته للاصنام فقال اني اخاف ان يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا اي اخشى ان تنزل بك العقوبة بسبب عبادتك بهذه الاصنام مع ان الله يرحمك وينزل عليك الخيرات الا انك تعبد غيره. واذا كان لك الامر كذلك فيخشى عليك من ان يوقف الله عنك رحمته ونعيمه وبالتالي تكون للشيطان وليا. اي سائرا على طريقته مقارنا له في الدنيا وفي وفي نار جهنم يوم القيامة فما كان من والده الا ان يرد دعوة ابنه ولا يستجيب لهذه الدعوة. فقال اراغب كن انتعنا الهتي يا ابراهيم فلم يناده باسم البنوة ولم يذكر صلة القرابة بينه وبينه وانما ناداه باسمه المجرد يا ابراهيم، وقال له اراغب اي هل من شأنك ومن طريقتك ان تترك ما انا عليه فكأنه انما عاب عليه ترك عبوديته للاصنام وترك طريقة والده وقومه. وفي هذا تذكير لاهل مكة والمشركين من العرب بان لا يكون من شأنهم ان يستدلوا بطرائق الاباء فان ابراهيم وهو مقدم عند العرب وله مكانته وبيته له منزلته عندهم لم يسر على طريقة ابائه واجداده لما علم بان الحق يخالف طريقتهم فكيف لكم يا ايها العرب ان تستدلوا على ترك الحق بكونكم تسيرون على طرائق الاباء وابراهيم معظم عندكم. فقال والده اراغب اي هل من شأنك ومن طريقتك ان تترك الهتي ومعبوداتي والاصنام التي انا اعبدها فلم يستدل عليه الوالد بدليل مقبول وانما الزمه بالتقليد لاباءه واجداده ثم بعد ذلك هدده بالعقوبة. وهكذا شأن المعرضين عن الحق ان يهددوا من لم يسر على طريقتهم بانواع العقوبة. فقال لان لم تنتهي اي اذا لم تترك طريقتك في ترك عبودية الاصنام واذا لم تترك طريقتك وما سرت عليه من عبودية الله وحده لارجمنك. اي ساخذ الحجارة واقذفها عليك حتى تموت وحينئذ امره ان يفارقه. فقال له واهجرني مليا. اي اتركني وابتعد عني لن اقوم بشيء من شؤونك ولن اتولى شيئا من اعمالك مدة من الزمان لعل ذلك يكون من اسباب رجوعك الى دين ابائك وتركك كما انت عليه قابله ابراهيم بالكلام اللين الحسن فقال سلام عليك اي ارجو ان تكون سالما من هذه الطريقة الفاسدة ومن عبودية هذه الاصنام. وارجو ان يسلمك الله من العذاب الشديد في الدنيا والاخرة. ولذلك فاني سادعو لك بالمغفرة ان يغفر الله لك ما قابلت به دعوة الحق من الرد وعدم القبول انه كان بي حفيا توسل ابراهيم الى الله جل وعلا بمكانته ومنزلته عند ثم قال ابراهيم واعتزلكم اي اترك عبادتكم التي تعبدون بها اصنامكم وما تدعون من دون الله وادعو ربي بدعاء العبادة بان اعبده وحده. وبدعاء المسألة فاطلب من ربي حوائجي وادعو ربي عسى ان لا اكون بدعاء ربي شقيا فان من دعا الله فانه مفلح في الدنيا والاخرة. متى كان موحدا من اهل الايمان والتقوى وحينئذ علم ابراهيم ان الدعوة التي يدعو الله بها ستكون من اسباب سعادته. ولكن لا اسحاق ومن ورائ اسحاق يعقوب والذي يظهر ان ابراهيم عمر طويلا حتى شاهد ابن اسحاق وهو يعقوب ولذلك صدق عليه ان الله قد وهبه يعقوب كما وهبه اسحاق ولم يذكر هنا اسماعيل لان اسماعيل نشأ في مكة ولم يكن تحت عين ابراهيم عليه السلام و درءا لما قد يظن من الظنون الفاسدة افرد اسماعيل بذكر واحد له بعد هذه القصة قال وكلا جعلنا نبيا اي جعل الله اسحاق ويعقوب انبياء عليهم السلام. وهكذا كانت النبوة تتوارث في بني اسرائيل كلما هلك نبي قام اخر. ووهبنا لهم يعني ان الله جل وعلا لاعطاهم بفظله ورحمته خيرا عظيما وجعل لهم لسان صدق عليا. فلا زال الناس يذكرونهم بالخير ويدعون لهم ويثنون عليهم ويذكرون مآثرهم. ولذا لا زال لسان الصدق الذي يثني عليه مستمرا في الناس يعلي مكانتهم ويعرف بمنزلتهم ولما ذكر الله جل وعلا قصة عيسى وابراهيم وهم من اولي العزم وهما ممن يتبعهم من في الارض في ذلك الزمان ناسب ان يذكر موسى عليه السلام لان طائفة من اهل الارض يسيرون على طريقته فلذلك قال واذكر يا قارئ القرآن في الكتاب اي في هذا القرآن العظيم المشتمل على خيري الدنيا والاخرة. نبي الله موسى عليه السلام فانه قد كان مخلصا اي خلصه الله جل وعلا من المحن الشديدة وانواع الفتن التي سارت عليه في فمرة قلصه من وعد فرعون بان يقتل ابناء بني اسرائيل حين القته امه في اليم وخلصه الله منه الغرق لما القته امه وخلصه الله من فرعون اول امره حينما هم بقتله لما وجدوه خلصه الله من القبط حينما قتل فيهم من قتل فهموا بقتله. وخلصه الله لما سار في براري الى مدين وخلصه الله في مدينة عندما جاء لذلكم الرجل الصالح وخلصه الله اه من فرعون حينما هم بقتله بعد ان جاءه داعيا الى الله جل وعلا وخلصه الله من فرعون عندما لحقه بقومه وخلصه الله من البحر حينما شق افواجا عظيمة ولذلك قد خلصه الله من محن عظيمة وكذلك هو من اهل الاخلاص نيته خالصة لله جل وعلا فهو مخلص كان مخلصا وكذلك كان رسول نبيا ففيها الرسول من امر بتبليغ الشرع والوحي الذي جاء اليه قد قيل بان الرسول من اتى بشرع ديانة جديدة. واما النبي فمن جاءه الوحي ولم يأتي بشرع جديد وهكذا تفظل الله جل وعلا عليه بان ناداه من رب العزة والجلال وخاطبه من جانب الايمن والطور الجبل المشهور في سيناء والايمن يعني على يمين موسى حينما جاء ذاهبا من مدينه الى مصر وقيل بانه اراد اليمنى والبركة في ذلك الطور قال وقربناه نجيا اي جعلناه قريبا حينما ناديناه وناجيناه مناجاة عن ووهبنا له اي تفضل الله عليه ومنحه هبة ان جعل اخاه هارون نبيا من الانبياء يسير على طريقة موسى في شرعه ثم ذكر جل وعلا اسماعيل وهو اب للعرب وذلك انه لم يذكر في قصة ابراهيم فناسب ان يفرد بالذكر وحده. واشار الى وجود الذرية التي كان يأمرهم. فقال واذكر في الكتاب اي القرآن العظيم نبي الله اسماعيل انه كان صادق الوعد. فلم يكن من شأنه ان يخلف المواعيد لا ما يعقده مع الله ولا ما يعقده مع عباده ومن صدقه في الوعد ان اباه حينما رأى انه يذبحه في المنام سلم نفسه مكن والده من ان يذبحه لان رؤيا الانبياء وحي من عند الله. وكان اسماعيل نبيا قد جاءه الوحي وامر بتبليغ ذلك الوحي وظاهر ذلك ان له شريعة مستقلة ولهذا السبب افرد اسماعيل بالذكر لان له شريعة مستقلة بخلاف اسحاق ويعقوب فكانوا يتبعون اه فكانوا يتبعون شريعة ابراهيم تماما ولذا كان من شأن اسماعيل ان يعظم البيت وان يحج البيت وان يؤدي عنده صلواته وكان اسماعيل اي من طريقته التي استمر عليها انه يأمر ان يرغب ويحث اهله حثا جازما اه واهله زوجه وابناءه بالصلاة والزكاة بدفع شيء من اموالهم وكان عند ربه مرضيا. اي قد رضي الله عنه وارضاه واذكر في الكتاب ادريس ونبي من انبياء الله اختلف في زماني بعثته انه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا. ايعلى الله جل وعلا درجته وجعل له منزلة رفيعة. وبعضهم يقول انه قد رفع الى السماء ومثل هذا القول يحتاج الى دليل وبرهان ثم قال تعالى مزنيا عليهم اولئك الذين انعم الله عليهم اي تفضل عليهم بالنعم الدنيوية والاخروية فاتاهم النبوة وجعل لهم الذكر الحسن واعلى درجاتهم في الاخرة تكفل بامورهم الدنيوية فانعم الله عليهم من النبيين. ثم ذكر سلالتهم فقال من ذرية ادم. فان بني ادم فان البشر كلهم من ذرية ادم وممن حملنا مع نوح فنوح والد ثان البشر وقد انجي الله نوحا في يوم الفيضان ويوم الغرق بان ركب في السفينة. ولذا قال وممن حملنا مع نوح ثم ذكر ابراهيم وهو اب ثالث لذرية امم الانبياء ثم ذكر اسرائيل وهو يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم وممن هدينا اي هؤلاء الذين تم ذكرهم هم ممن هدى الله وارشدهم الى طريق الحق واجتبينا يختارهم الله واصطفاهم اذا تتلى عليهم اي اذا قرأت عليهم ايات الرحمن قرروا سجدا وبكيا. اي اطاعوا لها واسلموا واذعنوا لها. وكان من شأنهم ان يقروا بان يسقطوا من علو الى الارض سجدا لله جل وعلا يبكون من خشية الله سبحانه وتعالى فهذه ايات عظيمة فيها عدد من المعاني والحكم. فمن فوائد هذه الايات فظل ابراهيم عليه السلام ومكانته عند الله عز وجل حيث اثنى الله جل وعلا عليه وذكر عنه بانه صديق النبي ومن فوائد هذه الايات علو مرتبة الصديقية وانها منزلة عالية وفي هذه الايات ان الانسان ينبغي به ان يختار الالفاظ اللينة السهلة في دعوته الى الله كما فعل ابراهيم مع ابيه ومن فوائد هذه الايات ان المدعو اذا كان قريبا للداعي فينبغي به ان يذكره بصلة بينه وبينه ليعلم ليعلمه بانه مشفق عليه وفي هذه الايات بطلان عبودية الاصنام والاوثان لكونها لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا انتظر وفي هذه الايات دلالة على اثبات صفة السمع والبصر لله جل وعلا وانه يدفع الظر عن اوليائه ويقدم النفع لهم وفي هذه الايات التذكير بان العلم قد يأتي للابناء وان لم يكن الاباء على علم بذلك وفي هذه الايات ان كبر سني الرجل لا يعني ان الحق معه دائما وكون الشخص له حق في بر او صلة لا يعني ان تترك دعوته الى الله جل وعلا وفي هذه الايات ان من عصى الله اطاع الشيطان. ومن عبد غير الله فهو في الحقيقة عابد للشيطان وفي هذه الايات ان الله جل وعلا هو المتفضل المنعم فهو الرحمن. ومن كان كذلك فينبغي ان يعبد وفي هذا دلالة على ابطال عبادة الاصنام حيث انها لا رحمة لديها. بل هي لا تدفع عن فيها ضررا فكيف تدفعه عن غيرها وفي هذه الايات تحذير الانسان من صرف العبودية لغير الله. لان ذلك من اسباب نزول العقوبات في الدنيا او الاخرة وفي هذه الايات ان المعرضين عن الدعوة يقابلون الدعاة بالجفاء. لكن لا ينبغي ان يكون هذا صادا للدعاة عن للاستمرار في دعوتهم الى الله جل وعلا وفي هذه الايات ان عمدة دعاة الباطل على شيئين اولهما تقليد الاباء والاجداد وثانيهما التحذير من انزالهم للعقوبة بمن يخالف طريقتهم. فهذا هو شأنهم ولم يعلموا ان الله هو المتصرف في الكون. وانه سبحانه يدافع عن الذين امنوا وفي هذه الايات شفقة المؤمنين باقربائهم حتى ولو كانوا مشركين. بحيث يأملون من الله ان يهديهم وان يرشدهم للصواب والا يمكن الشيطان من اظلالهم وفي هذه الايات الدعاء بالمغفرة للمشرك والكافر اذا كان حيا بمعنى انه يرغب في ان يتوب ويهتدي للاسلام فتغفر ذنوبه كما قال تعالى قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف واما اذا مات الكافر على كفره فانه لا يجوز ان تدأ ان ندعو له بالمغفرة. كما قال تعالى ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا لي قربى من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه. فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه ان ابراهيم فيما لحال الى قواه حليم في هذه الايات ايضا من الفوائد ان العبد يحذر من طريقة المشركين. ومن عبادتهم لغير الله جل وعلا. وفي هذه الايات اكثار العبد المؤمن للدعاء لدعاء ربه سبحانه وتعالى بما يحقق له الخير والنفع باخرته ودنياه وفي هذه الايات ان من كان من اهل الدعاء فانه لن يشكو فانه لن يشقى بل سيكتب الله له الخير والسعادة بفظله واحسانه وفي هذه الايات ان من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فلما ترك رفقة قومه المشركين عوضه الله بان وهبه الاولاد الصالحين وفي هذه الايات فظل اسحاق ويعقوب وان الله قد جعل لهم النبوة وقوله ووهبنا لهم يعني لابراهيم واسحاق ويعقوب من رحمتنا وفي هذه الايات ان الله جل وعلا يمتن على بعض عباده بان يجعل لهم الثناء الحسن الى يوم القيامة فيكون هذا من اسباب الدعاء لهم. ومن اسباب ذكرهم الذكرى الطيب. ومن اسباب اقتداء الاخرين بهم ومن ثم يزداد اجرهم لكثرة من يقتدي بهم و في هذه الايات ان من اثنى عليه الناس بدون طلب منه ولا قصد لهذا الثناء فان انه لا ينقص ذلك من اجره شيء لا ينقص ذلك من اجره شيئا وفي هذه الايات فظل موسى عليه السلام وما اتاه الله من النعم. فمن ذلك انه خلصه من انواع الشرور والمظائق. ومن ذلك انهم امتن عليه بمقام الرسالة والنبوة. ومن ذلك ان الله عليه بان خاطبه وناجاه. ومن ذلك ايظا ان بدء نبوة موسى عليه السلام حينما كان في اه جبل الطور وفي هذه الايات تفضل الله على موسى بان جعل اخاه هارون نبيا من الانبياء وفي هذه الايات دلالة على التفريق بين الرسول والنبي. فانه ليس كل نبي رسولا كما يقول ذلك اهل السنة خلافا لبعض الفرق من المبتدعة ويدل على ذلك ان الله جل وعلا كرر او ذكر هذا الوصف بعد ذاك. فقال رسول النبي ولو كان اللفظان يدلان على معنى واحد لما كان لي تكرار اللفظ فائدة. ويدل على ذلك قوله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي كما في سورة الحج وقد اختلف في التفريق بين النبي والرسول. فقال بعضهم الرسول يأتي بشرع جديد بخلاف النبي فانه يكون موافقا لشرع من قبله. وقال اخرون بان الرسول امر بتبليغ الدعوة بخلاف النبي والاول واظهر وفي هذه الايات فضل اسماعيل عليه السلام وثناء الله عليه وفي هذه الايات الترغيب في ان يصدق الانسان في المواعيد فلا يخلف ميعادا بل يفي بالعهد الذي عقده على نفسه لله او لعباده وفي هذه الايات ترغيب الانسان بان يتفقد اهله في الواجبات الشرعية وخصوصا في امر الصلاة والزكاة وفي هذه الايات اثبات صفة الرضا لله جل وعلا. فالله سبحانه يرضى كما قال لقد الله عن المؤمنين الاية وكما قال رضي الله عنهم ورضوا عنه وفي هذه الايات فضل ادريس عليه السلام حيث نوه الله بذكره في هذه الايات واخبر انه كان صديقا نبيا وان الله قد رفعه اما اعلى منزلته بكثرة طاعته واما رفع بدنه وفي هذه الايات ان هذه الطريقة طريقة من انعم الله عليهم بانزال الوحي وبكونه على طريقة الحق والهدى والهدى وفي هذه الايات بيان ان طريقة الانبياء في التوحيد واحدة فهم سائرون على منهج واحد عبودية الله جل وعلا وحده وفي هذه الايات فضل ادم ونوح وابراهيم واسرائيل عليهم السلام حيث جعل الله جل وعلا هؤلاء الانبياء شعارا لانبياء الله الصالحين وفي هذه الايات ان الهداية بيد الله جل وعلا يهبها لمن يشاء من عباده. ولذا لا زال الايمان يدعون الله جل وعلا بان يهبهم الهداية. فهم يقولون دائما وابدا. اهدنا الصراط المستقيم وفي هذه الايات انه ينبغي الاكثار من قراءة الايات القرآنية تتلى عليهم اي تقرأ عليهم ايات الرحمن وفي هذا بين ان من اسباب نزول رحمة الله بالعباد ان يكثروا من قراءة القرآن وان يتمسكوا به وان على هديه وفي هذه الايات مشروعية السجود لله جل وعلا. بما يتضمن سجود الصلاة ويتضمن سجود التلاوة ويتضمن سجود الشكر وفي هذه الايات استحباب ان يكون السجود من علو بحيث يسجد الانسان وهو واقف. ولذا قال اخروا وهذا انما يكون لمن اتى بالسجود من حال القيام وفي هذه الايات فضيلة البكاء من خشية الله عز وجل ان ذلك من الاعمال الصالحة التي يؤجر العبد عليها بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يجعلهم هداة مهتدين. اللهم اعد هذه الامة اتك بشرعك والسير على هدي نبيك برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا صالحا ونية خالصة اللهم هب لنا لسان صدق عليا برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم اصلح ذرياتنا واجعل محافظين على الصلوات والزكاة برحمتك يا ذا الجلال والاكرام. كما نسأله جل وعلا ان يعمر الارض بالتوحيد والسنة وان يبعد عنها الشرك والبدعة بفظله واحسانه. اللهم اعمر الديار بطاعتك. اللهم ابعد عنا معاصيك برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم وفق ولاة امورنا لكل خير واجعلهم هداة مهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين