من يكون له حق في ذلك يوم القيامة. ولذا على الانسان ان يصون نفسه من الاعتداء على الاخرين او من الكلام فيهم او من اغتيابهم. ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حال الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبيه الامين وعلى اله واصحابه واتباعه اجمعين سلم وتسليما كثيرا الى يوم الدين. وبعد فهذا درس جديد من دروس كتاب مختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى نتناول فيه عددا من الاحاديث التي اوردها الامام في كتاب الاذان من صحيحه. فليتفضل القارب بارك الله فيه واسعده. الحمدلله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال الامام بخاري وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا قال الامام سمع الله لمن حمد فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فانه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه هنا اذا قال الامام سمع الله لمن حمده فيه مشروعية قول هذا للايمان قد ورد ما يدل على وجوب هذه اللفظة في حق الامام. القول بوجوبها هو مذهب الامام احمد رحمه الله تعالى لا وفي الحديث دلالة على ان هذه اللفظة يجهر بها ويرفع الصوت بها. فانه قد علق قولهم ربنا ولك الحمد على سماعهم لهذه اللفظة مما يدل على ان الامام يجهر بها ومن فوائد هذا الحديث مشروعية ان يقول المأمومون اللهم ربنا لك الحمد قد وردت هذه الصيغ مرة باثبات اللهم ومرة بعدمها. ومرة وجود الواو ربنا ولك الحمد ومرة بعدمها. وهكذا في لفظة ربنا قد ثبتت في هذا الخبر وفي بعض الاخبار التي وقع التردد بين اهل الحديث في لم توجد هذه اللفظة. وكل هذه الصيغ جائز ان تقال في الصلاة. وفيها هذا دلالة على فضل هاتين اللفظتين. وفيها دلالة على فضل حمد الله. المراد بالحمد الثناء على الله ووصفه بالاوصاف الجميلة. وفي هذا الحديث ايضا انه ينبغي للانسان ان يقولها اعلى ما يفرغ الامام من قول سمع الله لمن حمده. لان الفاء تفيد التعقيب وفي الحديث مشروعية الاقتداء بالملائكة عليهم السلام. وقوله غفر له ما تقدم من ذنبه اهل العلم على ان المراد بذلك صغائر الذنوب. واما كبائرها فلا بد فيها من توبة واستدل بعض الفقهاء بهذا الحديث على ان الامام لا يقول اللهم ربنا لك الحمد انه نسب الى الامام قول سمع الله لمن حمده ونسب للمأمومين قول اللهم ربنا لك الحمد ولكن هذا المفهوم قد خالفه منطوق احاديث اخر منها ما رواه ابو هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا رفع قال سمع الله لمن حمده فاذا قام قال وهو قائم اللهم ربنا ولك الحمد كما ورد في الصحيحين ولذلك فالصواب ان هذه اللفظة يقولها الامام والمأموم والمنفرد. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال لاقربن لكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. فكان ابو هريرة رضي الله عنه يقنت في الركعة تل اخرى من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار. قال ابو هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اراد ان يدعو اذا اراد ان يدعو على احد او يدعو لاحد قنت بعد الركوع. فقال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه من الركعة الاخرة يقول سمع الله لمن حمده. اللهم ربنا ولك الحمد يدعو لرجال فيسميه باسمائهم فيقول قبل ان يسجد. اللهم انجي الوليد بن الوليد. اللهم انجي سلمة ابن هشام. اللهم وانج عاش ابن ربيعة اللهم وانج المستضعفين بمكة من المؤمنين. اللهم اجدد وطأتك على مضر. اللهم واجعلها عليهم سنين كصينية يوسف يجهر بذلك. وان النبي صلى الله عليه وسلم قال غفار غفر الله لها. واسلموا سألوا الله وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلانا وفلانا لاحياء من العرب واهل يومئذ من مضر مخالفون له حتى انزل الله ليس لك من الامر شيء. في هذا الحديث مشروعية رواية كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مشروعية الاقتداء به في كل اجزاء الصلاة وفي الحديث اثبات مشروعية القنوت بالدعاء في الركعة الاخيرة بعد الركوع وجماهير اهل العلم يرون ان هذا القنوت انما يكون عند النوازل. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قنت في النازلة شهرا وقال بعض الفقهاء كالشافعية بانه يشرع القنوت في صلاة الفجر بعد الرفع وقال ذلك بعض المالكية وحديث الباب فيه ان القنوت لا يقتصر على صلاة الفجر وحدها بل يقنت في غيرها. والعلما لهم ثلاثة اقوال في قنوت النوازل. فخصه طائفة بصلاة الفجر وعممه اخرون في الصلوات الخمس. وقال طائفة بانه انما في صلاة الفجر والظهر والعشاء دون المغرب والعصر لهذا الحديث على كل فظواهر النصوص تدل على ان هذا القنوت انما هو للنوازل. والاصل في القنوت ان يراد به طول القيام كما قال تعالى فقوموا لله قانتين. فهذا هو اصل القنوت. وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الفجر وظاهر هذه اللفظة ان المراد بها طول القيام. وقد يراد بها ما قبل الركوع كما انه يمكن ان بها ما بعد الركوع وفي هذا الحديث ان الامام يشرع له ان يقول سمع الله لمن حمده اذا رفع من الركوع. وفي الحديث من الفوائد ايضا اه جواز الدعاء لاناس بخصوصهم في الصلاة. وانه يجوز للانسان ان يدعو لشخص باسمه في صلاته سواء كانت صلاة مفروضة او كانت صلاة من التطوع وفي الحديث دلالة على الدعاء للمستضعفين من المؤمنين وخصوصا من اذى من اعداء اهل الاسلام. وفي الحديث ان النبي صلى الله الله عليه وسلم كان يجمع بين اللفظتين سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد اللهم ربنا ولك الحمد فهذه ثلاث روايات باحداها الجمع بين اللهم والواو. اللهم ربنا ولك الحمد. وفي بعضها بدون الواو اللهم ربنا لك الحمد. وفي بعضها بدون لفظة اللهم وفي الحديث فظل هؤلاء الصحابة الذين كانوا يدعو لهم رسول الله صلى الله وعليه وسلم. وفي الحديث جواز التسمية باسم الوليد. فقد كان بعض الفقهاء ها ينهى عن هذا الاسم ويقول بانه من اسماء الفراعنة ولكن الصواب جواز التسمية به فقد كر النبي صلى الله عليه وسلم بعض اصحابه على هذا الاسم ولذا دعا بالنجاة للوليد ابن الوليد. وفي الحديث ايضا جواز ان يخص الانسان بدعاء بعض اهلي الايمان وفي الحديث حرص المسلم على احوال اخوانه المسلمين وكونه يتفاعل مع قضاياهم فيدعو لهم ويسعى الى تخليصهم مما يكون شاقا او صعبا عليهم. وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا على المشركين. فقيل بان دعاءه عليهم من اجل مصلحتهم. فانه دعا عليهم في احوالهم الدنيوية بان لا يتمكنوا من الصد عن دين الله وتعذيب عباد الله اذا قال اللهم اشدد وطأتك على مضر قال بعض اهل العلم بان الحديث منسوخ فانه لما نزل قوله تعالى ليس لك من الامر شيء او يعد او يتوب عليهم توقف النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء عليهم. وقد جاء في الحديث اذا ان رجلا قال يا رسول الله ادع على قريش. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني لم ابعث لعنا وانما بعثت معلما هاديا. ولما جاءه الطفيل بن عمرو وقال يا رسول الله ادع على دوس فانه فعلوا وفعلوا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه للدعاء فخشي بعض القوم من هلاك دوس فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اهد دوسا وات بهم. وفي الحديث الاخر ان رجلا قال يا رسول الله ادعو على قريش فقال اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون وفي هذا الحديث بيان ما كان عليه قوم يوسف ومن كان في زمان يوسف من الشدة الشديدة والمجاعة العظيمة التي جاءت عليهم. وفي الحديث ان دعاء القنوت يجهر به ان دعاء القنوت يجهر به ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بهذه الدعوات وكان الصحابة خلفه يؤمنون على هذا الدعاء وهذا القنوت. وعن انس رضي الله عنه قال كان القنوت في المغرب والفجر. في هذا اثبات القنوت في صلاتي المغرب والفجر مما يدل على ان الصواب ان القنوت يدخل في صلاة المغرب والذي يظهر ان قنوت النوازل يدخل في جميع الصلوات الخمس. وعن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال كنا يوما نصلي رأى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده. قال رجل وراء ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف قال من المتكلم؟ قال انا. قال رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها ايهم يكتبها اول. في هذا الحديث ان المأمومين يكونون وراء الامام في صلاة ولذا قال كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث مشروعية الرفع من الركوع وانه من اعمال الصلاة. وفي الحديث مشروعية ان يسمع الامام وان يجهر في سمع الله لمن حمده عند رفعه من الركوع وفي الحديث جواز عدم ذكر لفظة اللهم للمأموم حينما يقولها بعد تسميع الامام ولذا كان هذا الرجل يقول ربنا ولك الحمد بدون لفظة اللهم فاقره النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث استحباب هذه الزيادة في هذا الذكر ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والمراد بالحمد الثناء على الله جل وعلا. ووصفه بالجميل فلما انصرف يعني لما قضى النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال من المتكلم فيه سؤال الامام وصاحب الولاية عن احوال من يكون معه. فقال الرجل انا فقال صلى الله عليه وسلم رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها ايهم يكتبها اول ما يشعر باقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل على هذه اللفظة الترغيب في ان يقولها الانسان. وعن ثابت قال كان انس رضي الله عنه ينعت لنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقول اني لالو ان اصلي بكم كما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فكان يصلي ويصنع شيئا لم اراكم تصنعونه. كان اذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل قد نسي وبين السجدتين حتى يقول القائل قد نسي. في هذا الحديث حرص الصحابة على وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى نقل تفاصيل صلاته صلى الله عليه وسلم مما يدل على ان ما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته فانه لم يكن يفعله صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث مشروعية الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في اداء الصلوات وفي الحديث تنبيه الاخرين على ما يكون عندهم من نقص او تقصير فيما يؤدونه من عبادات وطاعات. ولذا نبههم انس الى ما يفتقدونه من مماثلة بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث مشروعية الرفع من الركوع بان يستتم الانسان قائما خلافا لبعض وفي الحديث مشروعية اطالة القيام الذي يكون بعد الركوع و حتى انه قال بان القائل يقول قد نسي. وفي الحديث مشروعية اطالة الجلسة بين السجدتين وهذه هي السجدة يشرع فيها دعاء الله جل وعلا مما يدل على الترغيب في الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع ويدل على طول مكثه بين السجدتين وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال هل تمارون في القمر ليلة البدر؟ ليس دونه سحاب. قالوا لا يا رسول الله. فقال هل تمارون في الشمس ليس دونها تحاب؟ قالوا لا. قال فانكم ترونه يوم القيامة كذلك. يجمع الله الناس ويحشرهم يوم القيامة فيقول كل من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الامة فيها منافقوها. فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون. فيقول انا ربكم نقول نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا. فاذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله عز عز وجل في الصورة التي يعرفون فيقول انا ربكم فيقولون انت ربنا فيتبعونه فيدعوهم فيضرب جسر جهنم الصراط بين ظهراني جهنم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكون انا وامتي اول من يجوز من الرسل بامته وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان. هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا نعم يا رسول الله قال فانها مثل شوك السعدان غير انه لا يعلم قدر عظمها الا الله تخطف الناس باعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو حتى اذا فرغ الله من القضاء بين عباده واراد الله ان يخرج برحمته من اراد من اهل النار واراد ان يخرج من كان يشهد ان لا اله الا الله. امر الله الملائكة ان اخرجوا من كان يعبد الله وكان لا يشرك بالله شيئا ممن اراد الله ان يرحمه ممن يشهد ان لا اله الا الله فيخرجونهم ويعرفونهم في النار بعلامة اثار السجود. وحرم الله على النار ان تأكل من ابن ادم اثر فيخرجون من النار فكل ابن ادم تأكله النار الا اثر السجود فيخرجونهم من النار وقد امتحشوا فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة فينبتون تحته كما تنبت الحبة في حميل السيل. ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد. ويبقى رجل بين والنار وهو اخر اهل النار دخولا الجنة. مقبل بوجهه قبل النار. فيقول يا رب اصرف وجهي هي عن النار قد قشبني ريحها واحرقني ذكاؤها فلا يزال يدعو الله ما شاء ان يدعوه فيقول هل عسيت ان فعل ذلك بك ان تسألني غير ذلك فيقول لا وعزتك لا اسألك غيره فيعطي الله ما يشاء من عهد ميثاق في صرف الله وجهه عن النار. فاذا اقبل به على الجنة رأى بهجتها. سكت ما شاء الله ان يسكت ثم قال بعد ذلك يا رب قدمني عند باب الجنة. فيقول الله له اليس قد اعطيت العهود والميثاق الا تسأل غير الذي كنت سألت ابدا ويلك يا ابن ادم ما اغدرك فلا يزال يدعو فيقول يا ربي لا اكون اشقى خلقك فيقول فما عسيت ان اعطيت ذلك ان تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا اسأل غير ذلك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق الا يسأله غيره فيقربه الى باب الجنة فاذا بلغ بابها انفقت له الجنة فرأى زهرتها وما فيها من النظرة من النظرة والسرور فيسكت ما شاء الله ان يسكت. فيقول يا ربي ادخلني الجنة. فيقول الله ويحك يا ابن ادم ما اغدرك اليس قد اعطيت العهود والميثاق الا تسأل غير الذي اعطيت فيقول يا ربي لا تجعلني اشقى خلقك فلا يزال يدعو حتى يضحك الله عز وجل منه فاذا ظحك منه اذن له في دخول الجنة فقال ادخل الجنة. فاذا دخل فيها قال الله له تمنى فيتمنى حتى انقطع امنيته قال الله عز وجل تمنى من كذا فيتمنى وتمنى من كذا فيتمنى اقبل يذكره ربه حتى اذا انتهت به الاماني قال الله تعالى لك ذلك ومثله معه وذلك الرجل اخر اهل الجنة دخولا وابو سعيد الخدري رضي الله عنه جالس مع ابي هريرة رضي الله عنه لا يغير عليه شيئا من حديثه حتى انتهى الى قوله هذا لك ومثله معه. قال ابو سعيد الخدري لابي هريرة رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله لك ذلك وعشرة امثاله معه. يا ابا هريرة قال ابو هريرة لم احفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا قوله لك ذلك ومثله معه. قال ابو سعيد اشهد اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك لك وعشرة امثاله. هذا حديث عظيم فيه ذكر شيء من احوال الاخرة وما يمن به رب العزة والجلال على المؤمنين في ذلك اليوم العظيم. وقد اورده المؤلف لبيان فضل السجود ومكانة هذا الركن العظيم. واثر هذا السجود في اخراج صاحبه من نار جهنم بعدا دخولها وقوله في هذا الحديث قول الصحابة يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فيه عن احوال القيامة والتعرف على ما يكون في تلك الدار وقوله هل تما رون اي هل تشكون وفي بعض الروايات قال هل تظارون؟ اي هل يلحقكم مظرة في رؤيتكم للقمر ليلة ليس دونه حجاب. تشبيه هنا بالرؤية بالرؤية. وليس للمرئي به للمرء اي والله اعظم واجل سبحانه وتعالى. فقالوا لا يعني لا نشك في رؤيتنا للقمر في ليلة البدر في نصف الشهر عندما لا يكون هناك سحاب. قال فهكذا رؤيتكم لله وعلا ثم قال وهل تمارون اي هل تشكون في الشمس عندما تكون طالعة ليس بينكم وبينها سحاب فقالوا لا لا شك عندنا في ذلك. فقال صلى الله عليه وسلم انكم ترونه يوم القيامة كذلك وقد اثبت اهل السنة وبعض الطوائف رؤية المؤمنين لربهم جل وعلا يوم القيامة. ويعطيهم الله من القدرات ما يتمكنون به من رؤيته جل وعلا. واما في الدنيا فان فان رؤية الله جل وعلا مستحيلة على عباده من المؤمنين. ولذا لما طلب موسى عليه عليه السلام ان يرى ربه جل وعلا قال له جل وعلا انك لن تراني. ولكن انظر الى الجبل استقر مكانه فسوف تراني. فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعد لقاء اما في الاخرة فقد جاءت النصوص باثبات الرؤيا لله جل وعلا. ومن تلك النصوص قوله سبحانه وتعالى عن الفجار انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون. فدل هذا على على ان الابرار لا يحجبون عن رؤية الله سبحانه وتعالى. الاستدلال بذلك يقال له الاستدلال بمفهوم التقسيم. وقد دل عليه قوله جل وعلا وجوه يومئذ ناظرة الى ربها ناظرة ودل عليها قوله تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه فسر الزيادة برؤية رب العزة والجلال. وقد جاء في حديث صهيب في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان رؤية رب العالمين افضل ما يعطاه اهل الجنة في يوم القيامة والمعتزلة لم يستندوا الى دلالة واضحة وانما استدلوا بقوله تعالى انك لن تراني وكذبوا على مدلول لفظة لن في اللغة. فقالوا بانها تفيد النفي المؤبد وهذا كلام خاطئ فان الله تعالى قال عن المشركين ولن يتمنوه ابدا بما قدمت ايديهم يعني لن يتمنوا الموت مع انهم يوم القيامة يتمنون الموت في قولهم يا ما لك ليقضي علينا ربك قال انكم ماكثون. وهكذا دل بعضهم بعض المعتزلة بقوله تعالى لا تدركه الابصار. وفرق بين نفي الرؤية الادراك بالبصر. فانك لا تدرك رؤية القمر من كل جوانبه وان كنت تراه ولذا فان الصواب هو قول جماهير اهل العلم من اهل السنة ومن غيرهم من باثبات رؤية المؤمنين لربهم جل وعلا يوم القيامة. ورؤية الله جل وعلا فيوم القيامة يحرم منها بعض الناس لذنوب اصابوها في دنياهم. وفي هذا وجوب افراد الله بالعبادة. وعدم جواز صرف شيء من العبادات لغير الله تعالى واجب ان يكون ما يؤديه الانسان من العبادات لله وحده. فلا يجوز ان تصلي لغير الله لا ولا ان تسجد لغير الله ولا ان تدعو غير الله ولا ان تخاف خوف العبادة الا من الله ولا تنحر نحر العبادة الا لله ولا ترجو رجاء العبادة الا من الله جل وعلا ومن هنا على الانسان ان يحاول ان يقلب اعماله لتكون عبودية لله جل وعلا. وفي هذا الحديث ذكر بعظ من يعبد من دون الله. وانهم لا ينتفعون بعبادتهم فبعضهم يعبد الشمس وبعضهم يعبد القمر وبعضهم يعبد الطواغيت. وآآ جمع طاغية. والطاغية هو من تجاوز حده المشروع او من تجوز به حده. وذلك لان الطغيان المراد به تجاوز الحد المشروع لذا قال تعالى فلما طغى الماء حملناكم في الجارية اي لما تجاوز الماء حده المشروعة وفي هذا ان الله جل وعلا يتمكن المؤمنون من رؤيته يوم القيامة ويتبعونه جل وعلى وفي هذا الحديث اثبات الجسر المنصوب على ظهر جهنم و انه يبتلى الناس به يوم القيامة وان الناس يعرضون عليه. وقد ورد في الاحاديث انه احد من السيف وانه اروغ من الثعلب وانه ادق من الشعر مما يدلك على شدة تأمر في ذلك اليوم ثم يعرض الناس عليه واحدا واحدا فانظر كم من عباد الله في ذلك اليوم وكم من الخلق في ذلك اليوم العصيب يعرضون على جسر جهنم. وقد قيل في قوله تعالى منكم الا واردها ان المراد به المرور على جسر جهنم على الصراط. وفيه اثبات تو ان هذا الصراط يكون بين ظهراني جهنم. وفي الحديث فظيلة هذه الامة امة محمد صلى الله عليه وسلم في كونهم اول من يجوز جسر جهنم فيجوز صلى الله الله عليه وسلم بامته الجسر سابقا بقية الانبياء عليهم السلام. وفي ان ذلك الموقف موقف عصيب وشديد وعظيم المكانة. ولذلك تكون دعوات الانبياء عليهم السلام. اللهم سلم سلم وفي الحديث ان بعظ من يمر على الصراط تلتقط هنا نار جهنم فيسقط فيها. وفي قوله وفي جهنم كلاليب. كلاليب ادوات حديدية لها طرف مائل في اعلاها. يتمكن من الامساك بما وعليه هذه الكلاليب. وقولهم مثل شوك السعدان. سعدان نبات صحراوي يكون فيه شوك طويل معكوف الاعلى وقوله هل رأيتم شوك السعدان فيه التعليم السؤال لتنبيه الاذهان من اجل تلقي ما يقوله صلى الله عليه وسلم. قال فان يعني كلاليب جهنم مثل شوك السعدان. غير انه لا يعلم قدر عظمها الا الله فهي تشابهها في الصورة والشكل ولكنها لا تماثلها في الحجم والمقدار قوله تخطف الناس اي هذه الكلاليب تقوم بجر بعظ الناس ممن لا يمكنون من المرور بين او على جسر جهنم وسبب خطفها لهم انهم لم بعبودية الله ولم تكن اعمالهم مما يؤهلهم تجاوز الصراط. ولذا قال فمنهم من يوبق بعمله اي يجازى ويعذب بسبب عمله ومنه هم من يخردل اي تتمكن من امساكه قليلا لكنه بعد ذلك ينجيه الله جل وعلا قال حتى اذا فرغ الله من القضاء بين عباده واراد ان يخرج برحمته من اراد من اهل النار يعني ان بعض اهل التوحيد وبعض اهل الصلاة يسقطون في نار جهنم اعاذكم الله من ذلك وفيه دلالة على ان من كان من اهل الكبائر والعظائم والمصائب الكبيرة قد ينجيه الله عز وجل من نار جهنم. ردا على الوعيدية الذين يرون ان اهل الكبائر يعذبون في نار جهنم خالدين مخلدين فيها. وهذا القول باطل بدلالة عدد من النصوص. وقد ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال شفاعتي لاهل الكبائر من امتي. وفي هذا الحديث فظل شهادة عيد لا اله الا الله وفي هذا الحديث ايضا من الفوائد عظم شأن التوحيد ومكانته بافراد الله بالعبادة وعدم صرف شيء من العبادات لغير الله. وفيه ان من كان مشركا لم ينتفع اعماله الصالحة في الخروج من نار جهنم. قد يخفف عنه من من العذاب فيها لكنه لا يخرج من نار جهنم. وقد قال الله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء واستدل بهذا الحديث على ان تارك الصلاة يكفر فانه لم يخبر بنجاة من في النار الا من عرف باثر السجود. فمعناه ان من لم يكن من اهل السجود لا يعرفونه الملائكة ابق في نار جهنم وفي هذا الحديث من اه الفوائد ان الانسان ينبغي به ان يكثر من السجود في فرائضه وفي نوافله وفي السجود الذي يكون مشروعا كسجود التلاوة ونحو ذلك قوله فيخرجونهم من النار وقد امتحشوا اي جائتهم النار فغيرت اجسادهم اما بتغيير لونها او باحتراقها قال فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة فيغير الله احوالهم. قال فينبتون تحته يعني تحت هذا الماء كما تنبت الحبة في حميل السيل. المراد بالسيل المجرى الوادي وحميله جانبه وذلك ان الحبوب اذا كانت في جوانب الاودية فانها تنبت لكن لو كانت بعيدة عن الماء لم تنبت. وهكذا لو غمرها الماء فانها لا تنبت اه قوله ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد فيه ان الله جل وعلا يفصل بين العباد ما كان بينهم من النزاعات في الدنيا. ومن هنا فكل اذى من ابن ادم لغيره سواء كان في ما له او في عرضه بيده او بلسانه فانه سيحكم بينه وبين رجل يكون اخر من يدخل الجنة. قال يبقى رجل بين الجنة والنار. في مقام بينهم وهو اخر اهل النار دخولا الجنة. ويكون وجهه تلقاء اي جهة النار فحينئذ يدعو ربه جل وعلا بان يصرف وجهه الى الجنة قال فانه قد قشبني ريحها. اي انه قد اذاه ريح جهنم واثر عليه في بدنه واحرقني ذكاؤها اي لهيبها احرق بعضا بدني لما كان وجهي متوجها نحو النار. قال فلا يزال ان يستمر في دعاء الله جل وعلا ما شاء ان يدعوه وفيه دلالة على ان دعاء الله لا يقتصر على العبد في دنيا فيقول الله عز وجل له هل عسيت ان فعل ذلك بك اي صرف وجهك عن النار الى الجنة ان تسألني غير ذلك. فيقول لا وعزتك لا اسألك غيره اي لا اطلب منك امرا اخر. فيعطي الله ما شاء من عهد وميثاق. فيتفظل الله هو عليه فيصرف وجهه عن النار. فاذا اقبل به على الجنة واصبح وجهه تجاهها رأى بهجتها اي نظارتها وحسن ما فيها سكت ما شاء الله اي لم يسأل الله ولم يدعوه ان يدخله الجنة. ثم قال بعد مدة يا ربي قدمني عند باب الجنة. اي اجعلني قريبا من الجنة. فسأل ربه سؤالا اخر وقد اعطى ربه الميثاق الا يسأله. وما ذاك الا لعظيم. ما في الجنة من النعيم حيث استشعر نعيمها مع بعده عنها. فيقول الله عز وجل له اليس قد اعطيتني العهود والميثاق الا تسأل غير الذي سألت ابدا. ويلك يا ابن ادم ما اغدرك تعطي ثم تنقضها. فلا يزال الرجل يدعو حتى يستجيب الله له. فيقول يا ربي لا اكون اشقى خلقك؟ فيقول الله جل وعلا هل عسيت اي هل يمكن ويحتمل ان اعطيت ما سألته ان تسأل غيره فيقول لا يا ربي وعزتك لا اسأل غير ذلك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق الا يسأله غيره فيقربه الله الى الجنة فاذا بلغ باب الجنة ان فهقت له الجنة اي توسعت واصبح يرى ما فيها من النعيم العظيم والخير الكثير. فرأى زهرتها وما فيها من النظرة والسرور وما فيها من الخير العظيم. فيسكت ما شاء الله ان يسكت يقول يا ربي ادخلني الجنة فينسعهوده السابقة ومواثيقه التي صدرت منه ربه جل وعلا فيقول الله عز وجل له ويحك يا ابن ادم ما اغدرك تعطي العهود بالا تسأل شيئا غير ما سألت ثم بعد ذلك تنقض هذه الامور فيقول يا ربي لا تجعلني اشقى خلقك فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله وفيه هي اثبات صفة الظحك برب العزة والجلال. فاذا ظحك منه اذن له في دخول جنة فاذا رأى الجنة خيل له انها ملأى من الناس. فيقال له ادخل الجنة اذا دخل فيها قال الله عز وجل له تمنى وفي هذا دلالة على ان العبد لا ينبغي به ان يسأم من الدعاء. وعليه ان يكثر من دعاء الله جل وفي هذا الترغيب في ان يدعو الانسان بامور الاخرة. ومنها ان يدعو الله بان اصطفيه لرؤيته وان يدعو الله ان يمكنه من دخول جنته وفيقال لهذا الرجل تمنى اي ما الذي تريد وما الذي تحبه فيتمنى جميع ما في نفسه من الامنيات فيحققها الله جل وعلا. ثم يذكره الله ببعض ما تطلبه النفوس ليتمنى من ويسأل الله عز وجل عطاها. فيقال له تمنى من كذا. يعني تمنى من الفواكه. تمنى من نور العين تمنى من الخيرات بانواعها فيذكره الله جل وعلا بالاماني اذا سجلت له جميع طلباته وجميع رغباته وامنياته يعطى جميع ذلك كله ويعطى ما يماثله. قال ابو سعيد بل قد ثبت انه يعطى عشرة اضعاف ما تمناه وورد بانه يعطى عشرة اضعاف ما عند ملك من ملوك الدنيا فهذا من اقل الناس حالا يوم القيامة من اهل الجنان فكيف بي من يكون في اعلاها ومن يؤتى الخير العظيم رفع الله درجاتي ودرجاتي في ذلك اليوم وفي تلك الدار بفظله واحسانه. وقول ابي سعيد لا يتنافى مع قول ابي هريرة فان قول ابي هريرة فيه اثبات اعطاءه مثل وليس فيه نفي اعطاءه اكثر من ذلك. وبالتالي لا تنافي بين ذكر المضاعفة بمرة واحدة مضاعفة بعشرة امثال فهذه زيادة من ثقة مقبولة فيها دلالة على ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرر هذا الحديث ويذكره ما بين وقت و اخر وفي هذا الحديث دلالة على حرص الصحابة على نقل ما يسمعون على هيئة سماعهم ام له بحيث ينقلون جميع الالفاظ كاملة تامة ولا يتنازلون عما حفظوه هو اللي ما سمعه غيرهم. بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير. جعلني الله واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يردهم الى دينه ردا حميدا وان يوفق ولاة امورهم لكل خير وان يجعلهم مباركين كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا في هذه البلاد وان يجعلهم من اسباب الهدى والتقى والصلاح والخير والسعادة. هذا والله اعلم صلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا