الحمد لله رب العالمين جل وعلا ونشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فباذن الله جل وعلا نبتدأ يومنا هذا بقراءة كتاب الايمان المختصة لصحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى والايمان وقع فيه نزاع من العصور الاولى في قضايا متعددة متعلقة به واشهر هذه القضايا ثلاث القضية الاولى في حقيقة الايمان وهل يدخل فيه العمل والقول او يكون مقتصرا على ما في القلب والمسألة الثانية في زيادة الايمان ونقصانه هل يزيد الايمان او هو على مرحلة واحدة لا زيادة فيها والمسألة الثالثة في الاستثناء في الايمان وهل يصح للرجل ان يقول انا مؤمن ان شاء الله وقد دلت النصوص على دخول الاعمال في مسمى الايمان وسيرد المؤلف عددا من الاحاديث التي تدل على ذلك وقد دل عليه قوله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم فاراد بلفظ الايمان هنا الصلاة وذلك انه لما حولت القبلة من بيت المقدس الى المسجد الحرام الى الكعبة المشرفة قال بعض الصحابة قد مات بعض اصحابنا وهم لم يصلوا الى بيت الله الحرام. ولم يصلوا الى الكعبة فما شأن صلاتهم السابقة وقال الله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم اي الصلوات التي اديتموها قبل ذلك الى بيت المقدس ولعلنا ان شاء الله تعالى ان نستعرض عددا من النصوص الواردة في هذا. وقد خالف المرجية في ذلك. فقالوا بان الايمان لا يشتمل على الاعمال وكان من استدلالاتهم ان استدلوا بان العمل قد عطف على الايمان والعطف يقتضي المغايرة كما في قوله تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات وهذا الاستدلال خاطئ والعطف لا يقتضي لا يقتضي المغايرة وانما يقتضي عدم المطابقة ولذا لو نظروا في بقية النص بقوله وعملوا الصالحات واقاموا الصلاة واتوا الزكاة واقامة الصلاة من العمل الصالح وفي الاية الاخرى ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر تواصي بالحق والتواصي بالصبر من الاعمال الصالحة والعرب قد والعرب قد تعطف الخاص على العام كما في قوله تعالى فيهما فاكهة ونخل ورمان والرمان من الفاكهة وقال تعالى من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين وجبريل وميكال من الملائكة وقد عطفوا عليهم واما القضية الثانية في زيادة الايمان ونقصانه فقد جاءت نصوص عديدة في كتاب الله تدل على ان الايمان يزيد ومن ذلك قوله جل وعلا واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وقد ذكر الله جل وعلا زيادة الايمان في عدد من الايات في كتابه ومن هنا فان النصوص قد تتابعت على اثبات الزيادة في الايمان ولعلنا ان نستعرض عددا من الاحاديث التي ذكرها المؤلف في كتاب الايمان لنستعد رضا ما ذكرته لكم. نعم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللحاضرين. قال الامام بخاري رحمه الله تعالى كتاب الايمان. روى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واقام الصلاة وايتاء الزكاة والحج. وصوم رمضان ظان في هذا الحديث ذكرت اركان الاسلام التي يبنى عليها وليس معنى هذا ان كل واحد من هذه الامور يكون ركنا ينتفي الاسلام بانتفائه وقد ثبت في ايتاء الزكاة ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان مانع الزكاة يؤتى به يوم القيامة يحمى جبينه وجنبه وظهره في يوم كان مقداره خمسين الف سنة ثم ينظر بعد ذلك هل مصيره الى جنة ام الى نار فدل هذا على ان الصواب عدم تكفير مانع الزكاة وما ورد من قتال ابي بكر الصديق لمانعي الزكاة فهذا اما لكون قد جحدوا وجوبها بالتالي قتلوا على ذلك واما لان الامتناع عن هذه الفريضة يوجب قتال ممتنع وان لم يحكم بردته وقوله هنا شهادة ان لا اله الا الله اي اثبات ان العبادة حق لله اهي وحده بمعنى ان الانسان يقر بان عبادة من سوى الله باطلة كما يعترف بانه لن يعبد الا الله. ففيها جانب عملي بكونه يمتنع عن عبادة غير الله وفيها جانب علمي لكونه يقر بان العبادة لله وحده واما الشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرسالة وشهادة ان محمدا رسول الله تعني انه صادق في خبره وان ما به احكام لله عز وجل. وان الوحي ينزل عليه فيطاع في امره و يصدق في خبره ولا يعبد الله الا بما جاء به واما الصلاة فيراد بها الصلوات الخمس التي تكون في اليوم والليلة وذكر ركني الحج وصوم شهر رمضان الله اليكم. قال عن ابن عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الايمان. قوله هنا الايمان بضع وستون شعبة اي خصلة من خصال التي تندرج في مسمى الايمان والبضع من الثلاثة الى التسعة وقوله والحياء شعبة من الايمان فالحياء عمل من اعمال القلب تجعل صاحبه يترفع عما لا يليق به من الاعمال والاخلاق والحياء قد تواترت النصوص بالترغيب فيه وانه خير كله وقد ورد في بقية هذا الخبر عند الامام مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الاها شهادة ان لا اله الا الله وهذا من القول وادناها اماطة الاذى عن الطريق. وهذا من العمل. مما يدل على ان الايمان على الاعتقادات واعمال القلوب والاقوال واعمال البدن احسن الله اليكم قال عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه بهذا الحديث بيان معاني شيء من المصطلحات الشرعية ففيه ذكر معنى المسلم والمهاجر مما يدلك على ان الشرع يتصرف في الالفاظ العربية ويقصر مدلولها على بعض معانيها وقد ينقل بعض هذه الالفاظ ام معناها اللغوي الى معنى له به علاقة وهذا ملاحظ في كثير من المصطلحات الشرعية. فمثلا لفظ الصوم عن الامساك في اللغة ثم استخدم في الشرع على ترك الاكل والشرب والجماع من طلوع الفجر الى غروب في الشمس فهذا تقييد اللفظ ببعظ معانيه وهكذا الحج في لغة العرب يراد به القصد فاريد به في الشرع اداء مناسك على صفة مخصوصة وهكذا في لفظ الصلاة والزكاة وهكذا فيما ذكر هنا في لفظ المسلم والمهاجر ولفظة المسلم هنا ذكرت بصفة مشهورة من صفات المسلم. وان كان لفظ المسلم لا يتقيد بهذا المعنى بل هناك معان اخرى تدخل في اسم الاسلام والمسلم وفي هذا الحديث تحذير لانسان من الاعتداء والايذاء للاخرين سواء كان باليد ظربا او منعا من وصول حق اليه او كان باللسان سواء بالسب والقدح او الغيبة والنميمة او بغير ذلك من المعاصي وعلى الانسان ان يراعي لسانه ويده بحيث يكفها عما لا يليق بها ولا يجوز لها شرعا واما لفظة المهاجر فاصلوا لفظي المهاجر من الهجر بما يعني الاعراض وعدم الاقبال على الشيء. ولذا ورد في الحديث من لا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث ثم استخدم لفظ الهجرة في الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام. كما قال تعالى ومن يهاجر في في سبيل الله يجد في الارض مراغما كثيرا وسعة وكما في قوله جل وعلا لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الاية فهنا استعمل لفظ المهاجر في معنا خاص كانه قال اعلى درجات سلام واعلى درجات الهجرة هي هذا المعنى المذكورة. فقال والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه اي ترك الذنوب والمعاصي وامسك نفسه عن الاقدام عليها قال رحمه الله عن ابي موسى رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله اي الاسلام افضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده هذا الحديث فيه فضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم حيث كانوا يسألون عما ينفعهم ويعود عليهم بالعلم النافع وعلى الامة اه وفي هذا الحديث ان الاسلام يتفاضل وان بعضه افضل من بعض بحسب ما يؤدي فيه من الاعمال الصالحة في هذا ان اهل الاسلام ليسوا على رتبة واحدة مما يدل على ان الايمان يتفاضل وانه ليس على درجة متساوية. ولذا من قال بان المؤمنين يتساوون في الايمان فقد خالف مقتضى عدد من الادلة منها هذا الحديث فان الايمان يتفاوت اصحابه. ومن ثم لا يصح لاحد ان يقول ايماني كايمان ابي بكر وعمر او ان يقول ايماني كايماني جبريل واسرافيل فهذا من ما لا يصح للانسان ان يتكلم به بل هو من القول بلا علم. قال رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم اي الاسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف في هذا الحديث تفاضل اهل الاسلام بحسب ما يتفاضلون به من الاعمال الصالحة وفيه ان هذا المعنى من الامور المستقرة عند الصحابة رضوان الله عليهم. ولذا سألوا عن خصال الاسلام ايها خير وفي هذا الحديث فضيلة اطعام الطعام وانه من الاعمال الصالحة التي يزداد ايمان العبد ودرجة اسلامه بسببها قد قال الله تعالى عن الابرار ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا. انما نطعمهم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا وقال جل وعلا ارأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين في نصوص تراقب في اطعام الطعام وظاهر هذا اللفظ عدم الاقتصار على اطعام الفقراء والمساكين فان ظاهر اللفظ العموم فحيث لم يذكر من يتم اطعامه. ومن ثم كان لفظ الحديث عامة ويدخل في ذلك اكرام الضيف واطعام القرابة كما يدخل فيه جلب الانسان الطعام لاهل بيته فانه من اطعام الطعام وقوله وتقرأ السلام اي تفشي السلام وتقول وتسلم على الاخرين اناء المراد بالسلام التحية التي جعلها الله جل وعلا لاهل الاسلام. وتعني ان ان المتكلم والملقي لهذه التحية يتعهد لمن يكون امامه ان لا يلحق به شيئا من الاذى وانما يصل اليه منه السلام وفي هذا الحديث ان السلام لا ينبغي قصره على من يعرفه الانسان بل يستحب ان يسلم الانسان على كل من لاقاه سواء كان يعرفه او لم يكن يعرفه قال عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه القول المؤلف هنا عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا يؤمن المراد بذلك نفي كمال الايمان وليس المراد نفي مطلق الايمان فان الايمان على ما تقدم يزيد وينقص وفيه درجة كمال وفيه ادنى درجة من درجاته فنفي الايمان هنا يراد به نفي الدرجة الكاملة من الايمان بحيث من خلف هذا الخبر لم يحصل على الدرجة العليا من الايمان ولا يعني هذا انتفاء الايمان منه بالكلية وقوله لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه حتى حرف غاية بحيث لا يصل العبد الى درجة الايمان العالية الا اذا احب لاخيه ما يحب لنفسه ومعنى المحبة الرغبة والتمني بان يتمنى لاخوانه المسلمين التي يتمناها لنفسه. سواء كان في العلم او كان في العبادة او كان في الاكتساب او كان في الوظيفة او كان في المرتبة او كان في العلاقة مع الاخرين او في اي جال من المجالات التي يتفاضل الناس فيها. قال رحمه الله عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال فوالذي نفسي بيده لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده. قال عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين. حديث ابي هريرة اخرجه البخاري ولم يخرجه مسلم وقال فيه فوالذي نفسي بيده فيه اطلاق اليمين في من غير داع يطلبها من اجل تثبيت الكلام والتأكيد عليه وفيه بيان ان نفوس العباد عند الله جل وعلا يتصرف فيها كيف يشاء وفي هذا الحديث بيان ان المحبة جزء من اجزاء الايمان. وانه وان الناس يتفاضلون في الايمان بتفاضلهم في ركن المحبة وقوله لا يؤمن احدكم اي لا يكمل ايمانه فانه ليس المراد انتفاء الايمان بالكلية عند انتفاء هذه الصفة. وانما يراد به عدم وجود الصفة والمرتبة العليا من مراتب الايمان عند المخالفة لما في هذا ده الخبر وقوله حتى اكون احب اليه اي انه يقدم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبة والده ومحبة ولده وفي هذا دلالة على جواز محبة الرجل لقرابته من الوالدين والاولاد ولكن الواجب عليه ان تكون محبة الله ثم محبة رسوله صلى الله عليه وسلم اعظم واكبر من محبة هؤلاء القرابة وقد جاء في حديث عمر بيان ان مما يطلب من الانسان ان يقدم محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم على محبته لنفسه ما ورد المؤلف حديث انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن اي لا يكمل ايمان احدكم. من الرجال والنساء من الصغار والكبار حتى احب اليه اي يجعل محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمة على لوالده ولولده وللناس اجمعين ففي هذا بيان ان المحبة تدخل في الايمان وان العمل القلبي مما يدخل في مسمى الايمان. قال رحمه الله عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من كنا في وجد حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. وان يحب المرء لا يحبه الا لله وان يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار. قوله في هذا الحديث ثلاث اي ثلاث خصال وثلاثة افعال من كن فيه اي من اتصف بها وجد حلاوة الايمان اي كان عنده من استشعار ما في الايمان من مذاق طعمه ان لا يجده من لا يتصف بهذه الصفات المذكورة في هذا الخبر اما الصفة الاولى فان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. احب معنى اعظم وما محبة واعلى درجة في المحبة ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. اي ان يقدم محبتهما على محبته لنفسه وعلى محبته للدنيا وعلى محبته لقرابته ومن مقتضى ذلك ان يقدم امر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم على رغباته وهوى نفسه وعلى هوى جميع الخلق واما الخصلة الثانية فخصلة المحبة الايمانية بان يحب اخوانه المؤمنين من لله جل وعلا لا يحبهم الا ليزداد محبة من الله وقربا منه سبحانه وهو يضيع الله جل وعلا بهذه المحبة ولذا فان المرء العاقل يتقرب الى الله عز وجل بان يملأ قلبه من الله ورسوله ومن محبة اهل الايمان ليكون هذا من اسباب رفع درجته علو منزلته عند الله جل وعلا واما الخصلة الثالثة فكراهية العود في الشرك والكفر فان الله عز وجل قد انقذ هؤلاء الصحابة ونجاهم من الحنث العظيم الشرك بان يصرفوا شيئا من العبادات لغير الله جل وعلا. فمن علامة الايمان ومما يجد الانسان به حلاوة الايمان ان يكون كارها دخوله في اديان اهل الكفر الاخرى بعد لا نستشعر ان الله انقذه من هذه الديانات وفيه دلالة على ان الله جل وعلا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لا يقبل من احد سوى سوى ديني لي سلام واتباع النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا دلالة على ان من ترك اتباع هذا النبي الكريم فانه يخشى عليه ان يقذف في نار قال عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اية الايمان حب الانصار واية النفاق بغض الانصار صار قوله هنا اية اي علامة افلامة الايمان اي الشعار الذي يدل على ان من اتصف به فهو من اهل الايمان حب الانصار اي ميل القلب تجاههم. وتمني وصول الخير اليهم واية النفاق اي علامته والنفاق اظهار الاكبر باظهار الاسلام وابطان ظده فمن علامة ذلك ان يكون الانسان مبغضا للانصار والانصار هم اهل المدينة من قبيلتي الاوس والخزرج من الاجد ممن ناصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ايمانه به فحب هؤلاء الذين بذلوا مهجهم وبذلوا الغالي والرخيص في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذود عنه وعرضوا انفسهم للهلاك والاستئصال من قبائل العرب الاخرى ومع ذلك ظلوا واستمروا في نصرة هذا الدين والقيام مع نبي صلى الله عليه وسلم قال عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه وكان شهيد بدرا وهو احد النقباء ليلة العقبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مجلس وحوله عصابة من اصحابه فدعانا فقال تعالوا بايعوني على الا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا اولادكم. ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم وارجلكم. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ولا تنتهبوا ولا تعصوا في معروف. قال ففيما اخذ علينا ان بايعنا على السمع والطاعة في بمنشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثرة علينا والا ننازع الامر اهله الا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان. وان نقول بالحق حيثما كنا ولا نخاف في الله لومة لائم فمن وفى منكم فاجروه على الله وله الجنة. ومن اصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له وطهور. ومن اصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو الى الله. ان شاء عفا عنه. وان شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك. هذا حديث عبادة بن الصامت فيه بيان ان عبادة رضي الله عنه كان ممن شهد وقعتا بدر وما وقعة بدر شهيرة في انتصار اهل الاسلام في وقعة بدر انما خرج من كان راغبا في نصرة الاسلام. ونصرة نبيه صلى الله عليه وسلم ولذلك كان الثناء على اصحابها قد ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وما يدريك لعل الله قد اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فاني قد غفرت لكم قال وهو احد النقباء ليلة العقبة ليلة العقبة هي ليلة لقاء اهل المدينة بالنبي صلى الله عليه وسلم في منى بلا الهجرة حيث التقوه هناك وبايعوه على نصرته فكانت سببا من اسباب هجرته والاصل في العقبة انه الجبل الذي يصعب على الناس رقيه فلا يرقونه الا بكلفة فلما كان في جانب منى الايمن جبل بمثابة العقبة سميت تلك المنطق بهذا الاسم العقبة والهوية وكان عبادة احد النقباء. وذلك ان كل فرع من الانصار جعل قالوا لهم نقيبا بمثابة الرئيس الذي يكون لهم قال عبادة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مجلس فقد كان صلى الله عليه وسلم يجلس معها اصحابه جلستهم وحوله يعني كان حول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المجلس عصابة اي جماعة عصابة جماعة اجتمعوا وتعصبوا على ان يتناصروا من اصحابه اي من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال عبادة فدعانا اي طلب منا النبي صلى الله عليه وسلم الحضور اليه فقال تعالوا ايقدم الي بايعوني وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم انا الامام الاعظم. هو الذي يتولى الاخذ للبيعة من الناس الامام الاعظم يبايع الناس متى وجد حاجة لهذه المبايعة وقوله هنا تعالوا بايعوني وعبادة ابن الصامت كان من الانصار. مما يدلك على فضل الانصار. وانه هم كانوا يقومون مع دين الله جل وعلا قال في هذا بايعوني اي ليكن كل واحد منكم معاهدا ومعاقدا لي على الا تشركوا به شيئا. على الا تشركوا بالله شيئا اي لا تصرفوا شيئا من العبادات لغير الله سبحانه وتعالى ولا تسرق اي لا تأخذوا اموال الاخرين على جهة الخفية ولا تزنوا اي لا تقدموا على جريمة الفاحشة بوطء المرأة الاجنبية اياه ولا تقتلوا اولادكم اي لا يكن من شأنكم ان تقوموا بذبح اولادكم اما اخشية من عار واما خشية من الفقر والعيلة قال ولا تأتوا ببهتان اي بخبر كاذب فيه افتراء تفترونه اي تصنعونه وتخلقونه بين ايديكم وارجلكم بهذا امر بحفظ اللسان عن ان يتكلم بكلام فيه قدح لنفسه او قدح لغيره قال ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق. فكانت البيع قد تضمنت تركع عدد من الاعمال المحرمة التي منها قتل النفس التي حرم الله وقوله الا بالحق فانه يجوز قتل النفس في مواطن منها موطن القصاص. فمن قتل فلاولياء الدم ان يقتلوه ومن بدل دينه فاقتلوه. ومن خرج على الجماعة يؤلب الناس على الولاية ويجعل الناس يلتقون ويتقاتلون فانه يقاتل قال ولا تنتهبوا النهبة اخذ المال جهارا امام الناس قال ولا تعصوا في معروف اي لا تقدموا على معصية من المعاصي بان تخالفوا امر الله اوامر رسوله صلى الله عليه وسلم بحسب ما هو متعارف عليه قال فقال فيما اخذ علينا اي جعل من الخصال التي تضمنتها البيعة ان بايعنا على السمع والطاعة اي ان نسمع لصاحب الولاية. وان نطيع له سواء كان ذلك في منشطنا اي في حال قوتنا ورغبتنا او وفي مكرهنا اي في حال ضعفنا وكراهيتنا للخروج معه. وفي عسرنا اي في الشدة سواء بالفقر والحاجة او غير ذلك. وفي حال يسرنا عند تسهل الامور وهكذا قال واثرة علينا اي يجب علينا السمع والطاعة لصاحب الولاية ولو كان من شأنه ان يستأثر بشيء من امور الدنيا لنفسه دوننا قال والا ننازع الامر اهله. اي مما بايعوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يقوموا ادعاء حق لغيرهم. ومن ذلك امور الولايات. فهذه لصاحب الولاية ام الاعظم؟ فالواجب الرجوع اليه في كل امر يتعلق بالولاية قال الا ان تروا كفرا بواحا اي ظاهرا جليا لا يختلف فيه. عندكم من فيه برهان اي يدل على ان صاحبه قد ترك دين الاسلام قال وكان مما اخذ علينا ان نقول بالحق اي نتكلم باثبات الحقوق اسعى في ايصالها لغيرنا حيثما كنا اي في اي مكان كنا فيه. والا نخاف بالله لومة لائم. فان الله جل وعلا هو المتصرف في الكون. وهو الذي اذا قضى امرا فانما قولوا له كن فيكون. ومن ثم فان الواجب ان نخاف من الله تعالى وان لا تجعل لنا مخافة غيره مما يجعلنا نترك طاعة الله سبحانه وتعالى قال فمن وفى اي من اكمل واعطى هذه البيعة حق طه بترك ما نهت عنه واداء ما امرت به فحينئذ اجره على الله اي ان الله سيتولى مجازاته فظله جل وعلا. وسيكون له الجنة. ومن جازاه الله على اعماله. فهنيئا له وله الجنة ان يدخله الله جل وعلا الجنة لانه وفى هذه الخصال العظيمة التي بايعوا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومن اصاب من ذلك شيئا. اي من خالف مقتضى هذه الوصية ولم يمتثل له فيما امر به فعوقب في الدنيا اي حصل عليه شيء من المصائب من ادانة العدو عليه ومن حصول الامراض عند ونحو ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارة له. اي سيعامله الله باحسانه وسيكفر وسيئاته فهو كفارة له. اي يكفر ما كان منه من الذنوب السابقة. وهو طهور اي ان الله يطهره به من معصيته قوله ومن اصاب من ذلك شيئا اي من خالف مقتضى البيعة السابقة ولو كان شيئا يسيرا ثم ستره الله فهو الى الله جل وعلا. ان شاء عفا عنه وتجاوز لاخذك وتجاوز عنك لاخذك شيئا من المصائب في الدنيا وان شاء الله واراد عاقبه وعلى ما فعل من مخالفات آآ من مخالفات لم يعفو الله جل ولم يعفو الله جل وعلا عنها. قال عبادة فبايعناه على ذلك اي ذهب بنى لبيعته على الاقرار بهذه الامور المذكورة في هذا الخبر. قال عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك ان يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها جرط شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك اي يقرب زمان ويأتي على الناس وقت يكون خير ما للمسلم غنم يتبع بها شعث الجبال وقوله خير ما للمسلم يعني انه بين ان قيمة الاموال تختلف من زمان الى زمان. ومن مكان الى مكان بحسب ما يكون عند ناس من الحوائج فما تحتاج الى شيء زاد وعلت مرتبته حتى يكون من خير الاموال والمال لا يراد به النقد فقط بل المال لفظ يطلق على كل سلعة يمكن ان يكون لها قيمة ويتمولها ان عسل وقوله في هذا يوشك ان يكون خير مال المسلم. اي افضل امواله واحسن ما لديه. غنم يتبع بها شعف الجبال. اي يكون احب امواله اليه. تلكم الاغنام التي ينفرد بها عن الناس كونوا ممن سعى في بطون الاودية وفي رؤوس الجبال. فشعف الجبال يعني رؤوسها ومواقع القطر يعني مجاري السيول التي هي بطون الاودية يفر بدينه من الفتن. المراد بالفتن الامور التي تعرض للناس. وتغير مفاهيمهم فتجعلهم يرون الباطل حقا ويرون الحق باطلا وفي هذا الحديث ان من الدين ان يكون عند الانسان فرار من الفتن وفي هذا الحديث تفاوت الاموال وانها ليست على رتبة واحدة في هذا الحديث بيان علامة من علامات الساعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقع مثل ذلك وفي هذا الحديث ان خلطة الناس متى كانت مضرة ولا يستفيد الانسان منها ها فلا حرج عليه في ان يعتزل الناس. وان يكون وحده وابت تالي يرتاح من مخالطة اصحاب السوء وفي هذا الحديث بيان ان الصحبة لاصحاب السوء ليست مرغبة ولا محمودة عند الله جل وعلا وفي هذا الحديث جواز ترك الانسان للحاضرة ليكون في البادية متى خشي على نفسه من فتن بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يرزقنا فهما لكتابه وعملا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وان يجعلنا واياكم من من الهداة المهتدين. كما نسأله سبحانه ان يملأ قلوبنا من التقوى. وان يجعل اعمالنا على ما يحب ويرظى وان يغفر لاهل الاسلام وان يجمع كلمتهم ويوحد شأنهم كما سبحانه ان يوفق ولاة امرنا لكل خير. وان يجعلهم من الهداة المهتدين. هذا والله اعلم. وصلى الله او على نبينا محمد وعلى آله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين من