حديث السر وكلمته كلاما لا يطلع عليه غيره فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان اي لماذا لم تعطه؟ كما اعطيت اصحابه فقال قال سعد فوالله اني لاراه مؤمنا شيئا من الاخذ من ماله او دمه لحكم شرعي اسلامي كالقصاص قال وحسابهم على الله اي انه يكتفي بالامر الظاهر واما الامر الباطن فهو لا يعلم هو من ثم يكون امره الى الله تعالى الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد وان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه. وسلم كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فهذا لقاء جديد من لقاءاتنا في قراءة مختصر صحيح الامام البخاري وهو الدرس الثالث من دروس كتاب الايمان من هذا الكتاب فليتفضل القارئ مشكورا جزاه الله خيرا. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين مرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا. اللهم اغفر لنا لشيخنا ولوالديه وللمسلمين. قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن مر على رجل من الانصار وهو يعظ اخاه في الحياء يقول انك لتستحي حتى كانه يقول قد اظر بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فان الحياء من الايمان. قوله هنا وهو يعظ اخاه في الحياء. ان ينصحه ويعاتبه ويحذره من الحياء وظاهر قوله يعظ اخاه ان المراد به اخوه من النسب. واما الحياء فهو صفة في النفس تجعل صاحبها يترفع عما لا يتناسب معه والحياء مشتق من الحياة كأن صاحبها قد اورث حياة في في قلبه تجعله يبتعد عما لا يناسبه من الاقوال والافعال والاخلاق. يقول هذا الانصاري لاخيه انك لتستحي اي من شأنك الاستمرار على الحياء وتطلب هذا الخلق حتى كأن هذا الرجل يقول لاخيه قد اظر بك اي يدعي ان الحياء قد الحق به الظرر. فقال رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم دعه اي اتركه ولا تتكلم معه في ذلك. فان نصيحتك وموعظتك لم تقع موقعها قال فان الحياء من الايمان وفي هذا انه ليست كل نصيحة تكون مقبولة وتكون متوافقة مع الشرع وفي هذا انه قد يظن ان بعظ الاشياء تلحق الظرر بالانسان بينما هي مصلحته وفائدته دنيا واخرة وفي هذا الحديث ان الناصح الذي لم يسر على مقتضى الشرع فانه ينهى عن تلك النصيحة ويقال له اترك هذا الشأن لمن هو اهله وفي هذا الحديث ان الحياء وهو عمل من اعمال القلب ركن من اركان الايمان وخصلة ان الحياء خصلة من خصال الايمان قد جاء في الحديث الاخر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وستون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى والحياء شعبة من الايمان وفي هذا دلالة على ان اعمال القلوب ومنها الحياء تدخل في مسمى الايمان. احسن الله اليكم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام. وحسابهم على الله نعم قوله في هذا الحديث امرت اي ان الله جل وعلا وجه التكليف لنبيه بان يبلغ الخلق بهذا الامر المذكور في الخبر. وقال هنا اقاتل اي جاهد وفرق بين اقتل واقاتل فاقاتل فيها مفاعلة بين طرفين وذلك ان الممتنع عن شعيرة من شعائر الاسلام الظاهرة يقاتل ولا يلزم من ذلك ان يكون هذا مبيحا لقتله وقوله ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله الشهادة الاقرار بالشيء والاعتراف به كأنه ينظر اليه بعينيه قوله ان لا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله وان محمدا رسول الله اي حتى يقروا بالرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم بماذا يقتضي طاعته في امره وتصديقه في خبره وعبودية الله بما جاء به ويقيموا الصلاة ان يؤدوها على وجهها وظاهر قوله يقيموا اي انهم يستمرون على ذلك لان الفعل المضارع يدل عليه وقوله يقيم اظاف الفعل الى ظمير الجمع مما يقتظي انهم يقيمون جماعة المراد بالصلاة هنا الصلوات المفروضة وهي الصلوات الخمس وقوله ويؤتوا الزكاة اي يقدموها ويعطوها اصناف الزكاة والزكاة واجب مالي لمن ملك نصابا من اصناف محددة من انواع المال قال فاذا فعلوا ذلك اي الاقرار بالشهادتين واقامة الصلاة وايتاء الزكاة عصموا مني ما هم اي انهم منعوا ها ذلك المنع من قبل الشارع. ومنعوا ايضا اموالهم الا بحق الاسلام. يعني قد يكون من العبد سبب يقتضي وقوله حسابهم اي انهم يحاسبون على حقيقة اعتقادهم عند الله جل وعلا. قال عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل اي العمل افضل افضل فقال ايمان بالله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله. قال ثم ماذا؟ قال حج جن مبرور. قوله هنا سئل اي العمل افضل فيه فضيلة الصحابة رظوان الله عليهم وحرصهم على السؤال عن افضل الاعمال وقوله ايمان بالله ورسوله فيه دلالة على اطلاق الايمان على العمل فان السائل سأل اي العمل افضل فكان الجواب الايمان فدل هذا على ان الايمان يدخل في مسماه العمل وقوله قيل ثم ماذا؟ اي ما هو الذي يقع في الرتبة الثانية بعد الايمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد في سبيل الله اي القتال لاعلاء كلمة الله وقوله والجهاد في سبيل الله فيه دلالة على تقديم امر الجهاد على الحج المبرور والجهاد قد يصدق على بذل المال في سبل الخير قال ثم ماذا؟ اي ما هو العمل الذي يكون في الرتبة الثالثة؟ فقال حج مبرور والحج قصد مكة والمشاعر لاداء النسك الذي يقع في ذي الحجة وقوله مبرور اي انه اتصف بصفة البر. الحج المبرور ما وجدت فيه اربع او صفات ان يكون خالصا لله وان يكون متابعا فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وان يجتنب صاحبه محظورات الاحرام ومن الحج المبرور ان يقدم الانسان فيه افعالا خيرة تكون سببا لي مرضاة الله جل وعلا عنه من الحج المبرور ان يؤدي الانسان المناسك على اكمل الوجوه واتمها ومن الحج المبرور اجتناب الانسان اذية الاخرين والاعتداء عليه احسن الله اليكم. قال عن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه قال ان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطى رهطا وانا جالسة فيهم فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا لم يعطه. وهو اعجبهم الي. فقمت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله اني لاراه مؤمنا. فقال او مسلما فسكت ثم غلبني ما اعلم منه فعدت لمقالتي فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله اني لاراه مؤمنا. قال او مسلما قال فسكت قليلا ثم غلبني ما اعلم منه فعدت لمقالتي فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله اني لاراه مؤمنا وعاد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لمقالته فقال او مسلما. فضرب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بيده فجمع بين عنقي وكتفي ثم قال اقبل اي سعد يا سعد اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه خشية ان يكبه الله في النار على وجهه ايه؟ قوله في هذا الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطى اي اعطى من صنوف المال. فقد كان صلى الله عليه وسلم قد بلغ من الكرم شأوا بعيدا وقوله اعطى رهطا اي جماعة وعددا من الرجال قال وانا جالس في يعني ان سعد ابن ابي وقاص كان جالسا قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا يعني انه لم يعطه مثل ما اعطى جماعة قال وهو اعجبهم الي اي انني كنت ارى انه افضلهم واحسنهم مما يقتضي الزيادة له بالعطية. في العطية ولكن لم يكن الامر كذلك. بل كان صلى الله عليه وسلم قد امتنع عن اعطائه قال فقمت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته اي حدثته فقال النبي صلى الله عليه وسلم او مسلما قال فسكت قليلا يقوله سعد ثم غلبني ما اعلم منه من سيرة حسنة فعدت لمقالتي ما لك عن فلان فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله اني لاراه مؤمنا به قسم الانسان ولو لم يطلب منه اذا رأى ثم مصلحة شرعية فقال النبي صلى الله عليه وسلم او مسلما فيه دلالة على ان رتبة الاسلام اوسع وان رتبة الايمان اقل وانه ليس كل من وصل الى رتبة الاسلام يعد قد وصل الى رتبة الايمان وقوله وهذا الحديث ايضا فيه الشفاعة لمن يغلب على الظن انهم فيستعملون ما شفع لهم فيه في مرض الله جل وعلا وفي هذه وفي هذا الحديث ايظا الشفاعة ولو لم تطلب منها الانسان وفي هذا الحديث جواز حلف الانسان ولو لم يطلب منه الحلف وقوله ثم غلبني ما اعلم منه. ايهمني حتى غلب على نفسي التفكر في حالي ذلك الرجل الذي هو محل الثناء ومع ذلك لم يعطى قال فعدت الى مقالتي. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان؟ اي لماذا لا تعطيك كما اعطيت اصحابه فوالله اني لاوراه مؤمنا قال وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمقالته فقال او مسلما فظرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يعني انهم عادوا للمدينة فلما وصلوا اليها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بيده فجمع بين عنقي وكتفي ثم قال صلى الله عليه وسلم اقبل اي سعد يا سعد اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه خشية ان يكبه الله في النار على وجهه وقوله اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه فيه دلالة على ان العطية لا تدل على مستوى المحبة بهذا الحديث تحذير من العقوبات الالهية التي تصيب بعظ الخلق. وقوله خشية ان يكبه الله في النار على وجهه اي انه كان يمتنع من اعطاء المال لبعض الناس لمصلحتهم. لانه يخشى الا يتقي الله في بهذا المال ويخشى عليه من ان يكبه الله يقلبه الله في النار على وجهه بسبب ان ما عليه في ظاهره مقبول لكنه في باطنه ليس كذلك ولذلك رأى طوائف من اهل العلم نل هذا الحديث واشباهه يقصد به اولئك الذين كان منهم مراقبة لله جل وعلا في افعالهم. بحيث لا يقدمون الا على ما ظاهره الخير والمصلحة ثم يتبين خلاف ذلك وهنا قوله او مسلما ظاهره انه هذا للاسلام اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير وان يجعلني واياكم من الهداة المهتدين. كما اسأله جل وعلا ان يصلح احوال الامة وان يجمع كلمتهم على الحق وان يوالي عليهم الخيرات فما اسأله جل وعلا لولاة امور المسلمين التوفيق لما يحب ويرضى وان يجعلهم من اهل الهدى والتقى والصلاح بارك الله فيكم ووفقكم الله للخير. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين