الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا ونشكره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا واصلي واسلم على نبيه الكريم صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فهذا لقاء جديد نتدارس فيه شيئا من الاحاديث التي وردت في مختصر صحيح الامام البخاري ولا زال البحث في كتاب الايمان فلعلنا نأخذ بعض هذه الاحاديث نعم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين بلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. اللهم اغفر لنا شيخنا ولوالديه وللمسلمين. قال رحمه الله تعالى عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما انه قال خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه. فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الاول. ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركن كوعي الاول ثم رفع ثم سجد ثم قام. فقام قياما طويلا وهو دون القيام الاول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الاول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الاول. ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الاول ثم رفع ثم سجد ثم انصرف ثم انصرف وقد تجلت الشمس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا يخسفان لموت احد ولا لحياته. فاذا رأيتم ذلك فاذكروا الله. قالوا يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعت فقال اني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو اصبته لاكلتم منه ما بقيت دنيا ورأيت النار فلم ارى منظرا كاليوم قط افظع. ورأيت اكثر اهلها النساء. قالوا بما يا رسول الله؟ قال بكفرهن قيل ليكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الاحسان لو احسنت الى احداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط. قوله في هذا الحديث خسفت الشمس يعني ذهب ضوئها. والغالب في ذهاب ضوء وايه الشمس ان يقال كسفت ويطلق الخسوف على القمر وان كان كلا منهما يطلق على الاخر خسوف الشمس والقمر ايتان وعلامتان عظيمتان قد ورد ان ان الله عز وجل يخوف بهما العباد وان كان خسوف الشمس والقمر قد يعلم بالحساب وهذا لا ينفي ان يكون سببا من اسباب خوف العباد من الله تعالى بسبب الخسوف وذلك ان الذي اذهب ضوء الشمس والقمر قادر على اذهاب حياة الانسان وما هو فيه من نعيم ثمان خسوف القمر والشمس يذكر بما يكون يوم القيامة وبالتالي يخاف الانسان من الله لانه حينئذ شاهد اية مشابهة لايات القيامة قد يكون في وقت خسوف الشمس والقمر من امكاني ان يحدث في الكون ما الله به عليم وقوله هنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه دلالة على ان كسوف الشمس لا يعني فساد اهل الزمان. او ان الزمان قد فسد اهله وفي هذا الحديث مشروعية صلاة الكسوف وهي محل اتفاق بين اهل العلم واما خسوف القمر فقد اختلف اهل العلم في اقامة الصلاة من اجل خسوف القمر فذهب احمد وجماعة الى مشروعية صلاة الخسوف عند ذهاب ضوء القمر استدلوا عليه بما ورد في الاحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا يخسفان لموت لموت احد او حياته فاذا رأيتم ذلك فافزعوا الى الصلاة وفي هذا الحديث دلالة على ان صلاة الكسوف تؤدى جماعة وفي هذا الحديث اطالة القراءة في صلاة الكسوف قد اختلف اهل العلم في صلاة الكسوف والخسوف هل يجهر بالقراءة فيها او لا ففي حديث ابن عباس انه قال فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة فقال طائفة هذا دليل على انه لم يجهر بالقراءة. اذ لو جهر لنقل السورة التي قرأ بها وقال طائفة من اهل العلم بانه يجهر بالقراءة. وهو الارجح لما ورد في حديث عائشة انها صرحت بان رسول الله صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة واما حديث ابن عباس فابن عباس كان صغيرا لا يعي ما قرأ في تلك الصلاة. ولذا قال نحوا من قراءة سورة البقرة وفي هذا هذه السوء في هذا الحديث جواز تسمية هذه السورة بهذا الاسم سورة البقرة قد قال طائفة لا يقال الا السورة التي يذكر فيها البقرة والصواب الاول لتصريح عدد من الاحاديث بذلك كما في حديث الباب وفي هذا الحديث ذكر صفة صلاة الخسوف والكسوف بان تكون ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجدتان وقد خالف في ذلك طائفتان الاولى الحنفية فانهم يرون ان صلاة الخسوف تماثل صلاة الفجر في كل ركعة ركوع واحد فقط وخالف في ذلك ايضا بعض اهل الحديث فقالوا يجوز ان تؤدى صلاة الكسوف بركوعين وبثلاثة وباربعة واستدلوا بروايات وردت في صحيح الامام مسلم بان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك والاظهر هو الا تصلى صلاة الكسوف الا بركعتين في كل ركعة ركوعان فقط وذلك لان صلاة الكسوف لم تحدث الا مرة واحدة وحينئذ فرواية الفعل النبوي لا يصح ان يقال بتعددها. وهي انما وقعت مرة واحدة والشمس لم تكسف في ذلك الزمان الا مرة واحدة وارجح الروايات واقواها انه ركع ركوعين في كل ركعة وقوله ثم رفع اي رفع من الركوع وقال سمع الله لمن حمده ثم عاد للقراءة. فقرأ سورة الفاتحة وقرأ معها ما تيسر من القرآن وقيام الثاني دون القيام الاول. والركوع الثاني دون الركوع الاول قال ثم رفع بعد الركوع الثاني وقد اختلف اهل العلم في من لم يدرك الا الركوع الثاني. هل يعد مدركا لي الركعة الاولى او لا يعد. وجماهير اهل العلم على انه لا يعد مدركا كانت الاولى الا من ادرك الركوع الاول وقوله ثم سجد ثم قام يعني سجد سجدتين ولم يفصل هنا لانها هي المعهود من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر انه فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الركعة الاولى لكنها اقل من الركعة الاولى وقوله ثم انصرف اي سلم من الصلاة بعد سجوده مرتين في الركعة الثانية وتشهده قال وقد تجلت الشمس اي ظهرت وبانت وزال عنها الكسوف فقال النبي صلى الله عليه وسلم استدل الشافعية بهذا اللفظ على مشروعية خطبة صلاة الكسوف احمد يرى انه لا توجد قطبة منتظمة ولا بأس ان يقول موعظة وقوله ان الشمس والقمر ايتان اي علامتان واضحتان دالتان على قدرة لله جل وعلا وعلى وجوده سبحانه لا يخسفان اي لا يذهب ضوئهما لموت احد ولا لحياته وذلك ان اهل الجاهلية كانوا يعتقدون ان الكسوف انما يكون عند موت لمن له مكانة ومنزلة وحدث ان الكسوف حصل بعد وفاة ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم فربط بعظهم بين الامرين واراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يزيل هذا الاعتقاد الجاهلي وفي هذا الترغيب في ازالة المعتقدات الجاهلية والعقائد المخالفة سيدة وقوله فاذا رأيتم ذلك يعني الخسوف فيه دلالة على انه اذا لم يرى الخسوف فانه لا تشرع صلاة الخسوف لوجود سحاب او لكون الخسوف يسيرا لا ينتبه له وقوله فاذكروا الله فسرته احاديث اخرى بان هذا يشمل الصلاة ويشمل انواع الذكر الاخرى ويشمل الصدقة والعتاقة قالوا يا رسول الله يعني ان الصحابة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم رأيناك اي شاهدناك في اثناء الصلاة تناولت شيئا في مقامك هذا. اي عندما كنت تصلي تقدمت فتناولت او اردت ان تتناول شيئا ثم رأيناك تكعكعت اي تأخرت. وتركت مكانك الذي تقدمت له فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني رأيت الجنة اي مكنه الله جل وعلا من رؤيتها في ذلك قام قال فتناولت اي اخذت منها عنقودا يعني من عناقيد العنب ولو اصبته اي لو اخذته لاكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت النار. اي نار جهنم مكنه الله جل وعلا من رؤيتها في ذلك المقام فلم ارى منظرا اي لم اشاهد صورة اعظم وافظع من تلك الصورة التي رأيتها. فقد كانت صورة هائلة بعيدة عما نألفه ورأيت اكثر اهل النار النساء فقالوا ما السبب يا رسول الله قال بكفرهن اي انهن يفعلن شيئا مضادا لما يأتيهن فقيل يكفرن بالله فانكر ذلك بقوله يكفرن العشير يعني الزوج وكفره فسره النبي صلى الله عليه وسلم بانه مقابلة احسان الزوج الاساءة وعدم الاعتراف. ويكفرن الاحسان اي لا يعترفن بما يأتيهن من احسان الزوج قال لو احسنت الى احداهن الدهر كله اي جميع الزمان ثم رأت منك شيئا اي رأت شيئا لا يتوافق مع رغبتها وهواها قالت اي الزوجة ما رأيت منك يا ايها الزوج خيرا قط فجعلها هذا الفعل الاخير تنسى الاحسان السابق المتتابع مما يدل على ان الاحسان ينبغي ان يقابل بالاحسان وان الاساءة لا ينظر لها لوحدها وانما ينبغي بالانسان ان ينظر لسابق الاحسان في هذا الحديث تحذير النساء من مقابلة احسان الازواج بضده. نعم. احسن الله قال عن المعرور بن سويد قال لقيت ابا ذر رضي الله عنه بالربذة وعليه برد. وعلى غلامه برد. فسألته عن ذلك فقلت لو اخذت هذا فلبسته كانت حلة واعطيته ثوبا اخر. فقال اني ساببت رجلا وكان بيني وبينه كلام كانت امه اعجمية فنلت منها فعيرته بامه فشكاني الى النبي صلى الله عليه واله وسلم. فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم اصاببت فلانا؟ قلت نعم. قال افنلت من امه؟ قلت نعم. قال يا ابا ذر اعيرته بامه انك امرؤ فيك جاهلية قلت على حين ساعة هذه على من كبر السن. قال نعم هم اخوانكم خولكم جعلهم الله تحت ايديكم فمن كان اخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس. ولا تكلفهم ما تغلبهم فان كلفتموهم ما يغلبوهم فاعينوهم عليه قوله المعروف رضي الله عنه لقيت ابا ذر اي واجهته ورأيته بالربذة وقد كان ابو ذر ذهب اليها بعد ان كان ينكر على الناس ما هم فيه من توسع في امر دنيا فامر بالذهاب الى الربذة قال وعليه برد اي كان لابسا نوعا من انواع الثياب. وكانوا في ذلك الزمان يلبسون البرد ويجعلونها على طبقتين ليكون هذا نوعا من انواع بس يقال له حلة فكان ابو ذر قد وزع هذه الحلة وقسمها قسمين بردا عليه وبردا على غلامه قال المعرور فسألته عن ذلك. ولماذا يكون عليك برد وعلى غلامك برد؟ وقلت له على جهة لارشاد لو اخذت هذا فلبسته كانت حلة اي لو اخذت هذا البرد الذي الغلام لكانت حلة واعطيت الغلام ثوبا اخر فقال ابو ذر اني سببت رجلا اي اي عيرت رجلا وذكرته بي السب والقدح في وجهه وكان بيني وبينه كلام سابق جعلني اقوم بسبه. وكانت ام ذلك الذي ساببته اعجمية فقل فنلت منها يعني منامه وهي لم يكن لها مدخل في الامر. فعيرت ذلك الرجل بامه. اي استنقصت من مكانته ومنزلته بسبب كون امه اعجمية فشكاني ذلك الرجل الى النبي صلى الله عليه وسلم اي تقدم بالشكوى وذكر ما كان مني فاستدعى النبي صلى الله عليه وسلم ابا ذر فقال اصاببت فلانا اي اراد ان يستوثق من الامر فقلت نعم فقال انلت من امه اي هل عيرت امه بكونها اعجمية؟ فقلت نعم. قال يا ابا ذر اعيرته بامه؟ انك امرؤ فيك جاهلية. وجاهلية امر لم يبنى على الشرع بل بني على موافقة الهوى مع مخالفته للشرع فقال فقلت على حين ساعتي هذا اي هل اكون امرأ في جاهلية وانا الى السن وانا قد دخلت في دين الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم اي اثبات انه فيه جاهلية بسبب انه عير الاخر بامه وكان الاخر كان مملوكا فقال هم اخوانكم اي هؤلاء المماليك اخوان لكم جعلهم الله يخدمونكم ويكونون خولا لكم وجعلهم الله تحت ايديكم لتأمرونهم وتنهونهم وتتصرفون فيهم قال فمن كان اخوه يعني من المماليك تحت يده اي مملوكا له يتصرف فيه فليطعم اطعمه مما يأكل اي ليكن زادهما الذي يأكلانه مشتركا وليلبسه مما يلبس اي ليكن لباسهما على نمط واحد قال ولا تكلفوهم اي لا تطلبوا منهم عملا فوق قدرتهم وطاقتهم. مما يغلب فان كلفتموهم اي اذا طلبتم منهم فعلا فوق طاقتهم فاعينوهم اي ساعدوا عليه ففي هذا الحديث بيان النهي عن السباب وتعيير الاخرين وفي هذا الحديث الترغيب في احسان التعامل مع المماليك والخدم وفي هذا الحديث الترغيب في ان يتصدق الانسان على خدمة الطعام واللباس وفي هذا الحديث من الفوائد عدم المعاجلة بالحكم على كلام شخص تجاه ها اخر حتى يبين له ما يكون حتى يبين له ما كان بينه وبين صاحبه. وانه لا يصح ان يحكم في قضية قبل جماع كلام المتخاصمين وفي هذا الحديث من الفوائد ايضا انه لا يجوز ان يكلف الانسان من تحت يده عملا فوق طاقته الا اذا اعانه عليه احسن الله اليكم. قال عن الاحنف بن قيس قال ذهبت بسلاحي ليالي الفتنة. لانصر هذا الرجل فلقيني ابو بكرة رضي الله عنه فقال اين تريد؟ قلت انصر هذا الرجل ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ارجع فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقول اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال انه كان حريصا على قتل صاحبه قوله في هذا الحديث ذهبت بسلاحي اي انه خرج من المدينة يريد العراق من اجل نصرة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ان وكان ذلك ليالي الفتنة المراد بالفتنة الوقت الذي يكون الامر ملتبسا فيه على الناس يتنازعون ويختلفون بسبب ذلك وقد حصل في تلك الايام من الامور المناقضة لمقاصد الشرع الشيء الكثير فكان خروجه من اجل ان ينصره قال فلقيني ابو بكرة وصحابي جليل اسلم يوم الطائف فقال اين تريد؟ اي ما مقصودك بهذا الذهاب؟ والى اين ستخرج؟ فقلت انصر هذا الرجل اي اقف معه واكون معه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم نصحه ابوه بكرة وقال ارجع اي عد من حيث اتيت واترك هذا الامر ولا تشترك في هذا القتال. فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا التقى اي تواجه المسلمان بسيفيهما يعني كل منهما يقاتل الاخر فالقاتل والمقتول في النار. اي ان الله جل وعلا اي ان هذا الفعل الذي حصل منهما يكون من اسباب دخول النار. ولا يعني هذا الخلود فيها فقلت يا رسول الله هذا القاتل يعني يكون في النار لكونه قتل غيره فما بال المقتول؟ اي كيف يحكم عليه بالنار؟ مع انه لم يقتل وانما قتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان المقتول كان حريصا اي راغبا مريدا قتل صاحبه. فجازاه الله بنيته ففي هذا الحديث من الفوائد النهي عن القتال في زمن الفتنة. التي تختلط فيها الامور واما اذا كان الامر واضحا بين فليس هذا من الفتنة في شيء وفي هذا الحديث سؤال الانسان لغيره عن اعماله وما يريده من اجل ان يشير عليه بما عليه بالنفع وفي هذا الحديث وفي هذا الحديث من الفوائد ان الانسان ينبغي به ان يجتنب اوقات لان لا يدخل في شيء لا يعلم ما عاقبته وفي هذا الحديث النهي عن اقتتال المسلمين. التحذير من ذلك وفي هذا الحديث التشنيع في ذنب قتل المسلم وفي هذا الحديث اثبات الصحبة بين القاتل والمقتول في قوله كان حريصا على قتل صاحبه. نعم احسن الله اليكم قال عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الاية الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم. شق ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله اينا لم يلبس ايمانه بظلم؟ واينا لم يظلم نفسه؟ قال انه ليس بذاك ليس كما تقولون ولم يلبس ايمانهم بظلم بالشرك. اولم تسمعوا الى قول لقمان لابنه؟ يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم وفي رواية فانزل الله ان الشرك لظلم عظيم. قوله هنا لما نزلت هذه الاية اي بين اثرا من اثار نزول هذه الاية الذين امنوا ولم يلبسوا اي لم يخلطوا ايمانهم بظلم فكلمة ظلم قد يراد بها الشرك وقد يراد بها الظلم في حقوق العباد. وقد يراد بها الظلم في بالمعاصي والذنوب فهي محتملة في ان يكون المراد بها احد هذه المعاني الثلاثة وحينئذ ظن الصحابة ان اللفظ يشمل الجميع ولذلك شق ذلك عليهم وتخوفوا منه وخشوا ان يكون هذا من اسباب ذهاب الامن عنهم سواء الامن في الاخرة او الامن في الدنيا فذهبوا الى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله انه قد نزلت هذه الاية واينا لم يلبس ايمانه بظلم. كلنا حصل منه ظلم. فبعضنا قد تجاوز في حق غيره وبعضنا قد اقدم على شيء من الذنوب والمعاصي. ولذلك قال اينا لم يظلم نفسه؟ فكلنا عندنا ظلم لانفسنا. باقدام على معصية او تفريط في استغلال اوقاتنا في طاعة الله جل وعلا فنفى عنهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفهم وبين لهم ان الفهم الذي فهموه من الاية ليس فهما صحيحا وفي هذا دلالة على انه ليس كل من يتعاطى تفهم كتاب الله يكون مصيبا فيما يظنه من معاني كلام الله جل وعلا. ولذا قال ليس كما تقولون ثم فسر الاية فقال فيها ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اي بشرك ثم ردهم الى اية في كتاب الله فقال الم تسمعوا اي الم تلتفتوا الى ما قال لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله اي لا تصرف شيئا من العبادات لغير الله ان الشرك لظلم عظيم وفي هذا الحديث من الفوائد حرص الصحابة على فهم كتاب الله والعمل به وفي هذا من الفوائد بيان ان الظلم على انواع وان الظلم قد يراد به الظلم الكبير الذي هو الشرك وقد يراد به ما دون ذلك وفي هذا ايضا ان الانسان قد يفهم من كلام الله غير مراد الله فان الصحابة مع فظلهم ومع معرفتهم بالعربية الا انهم لم يفهموا مراد الله بهذه هي الاية وفي الحديث دلالة على عظم ذنب الشرك. وسوء عاقبة صاحبه في الدنيا والاخرة وفي هذا الحديث ايضا من الفوائد ان الانسان ينبغي به ان يسأل عما تلى عليه من دلالة النصوص كما سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وفي هذا الحديث ان المجتهد قد يصيب ويخطئ وليس كل مجتهد يكون مصيبا وفي هذا الحديث ذكر ما فظل الله به لقمان الحكيم من الحكمة ومن المواعظ العظيمة التي ووجهها لابنه وفي هذا الحديث ان القرآن يفسر بعضه بعضا وانه لا يصح ان نفهم بعض القرآن بمعزل عن بعضه الاخر. احسن الله اليكم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان قال عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها اذا وعد اخلف واذا حدث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر هذا الحديث فيه التحذير من النفاق ومن صفات المنافقين قد قال الله تعالى ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار وقوله اية المنافق اي علامته التي تدل على انه من اهل النفاق. ليعرف الانسان ذلك من نفسه وليعرفه من غيره وقوله هنا اية المنافق ثلاث في حديث عبد الله اربع لا تنافي فالثلاث تدل والاربع تدل فيكون مجموع ما فيهما خمس علامات وقوله اربع من كن يعني اربع صفات من كن فيه اي من اتصف بهن كان منافقا خالصا اي ليس فيه شيء من ايمان فاول ذلك اذا حدث كذب اي اذا تكلم اخبر بخلاف الواقع. وصوره على انه واقع الامر والكذب من المحرمات. وقد وردت النصوص بالنهي عن الكذب. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا ان اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. وقال النبي صلى الله عليه وسلم اياكم والكذب فان الكذب يهدي الى الفجور وان الفجور يهدي الى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. واما الصفة الثانية فاخلاف الموعد. والموعد يراد به ما يمني الانسان به غيره في مستقبل ايامه واخلافه عدم الوفاء به وعدم تقديم ما وعد الانسان به غيره واخلاف الموعد من المحرمات ومن الذنوب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود وقال تعالى وبعهد الله اوفوا واما الصفة الثالثة فخيانة الامانة. المراد بالامانة ما يطلب من الانسان فعله ويطلب منه المحافظة عليه وخيانة الامانة عدم القيام بها على على الوجه المطلوب فيها وخيانة الامانة ذنب عظيم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ينصب لكل خائن لواء يوم القيامة. يقال هذه غدرة فلان ابن فلان. واما الصفتان الاخريتان لاتان ذكرتا في حديث عبدالله ابن عمرو فالاولى الغدر في العهود. فقال واذا عاهد غدر اي لم يفي بذلك العهد سواء كان عقد بيع او عقد نكاح او عهد صلح او عهدا مع ذمي او كافر واما الصفة الاخرى فالفجور عند الخصومة والمراد بالخصومة النزاعات التي تكون بين الناس واما الفجور فهو تجاوز الحد الذي اجاز الشرع للعبد ان ليسلكه واذا نظر لانسان في هذه الصفات المذكورة في هذه الاحاديث وجد انها تنزع الثقة بين الناس. وتجعل الناس لا يثق بعضهم ببعضهم الاخر. ومدار العلاقات الانسانية على الثقة بين المتعاملين ولذا فعلى الانسان ان يعلم ان التواصل بين الناس وزرع الثقة فيما بينهم من امور المطلوبة شرعا والتي يرغب فيها ديننا الحنيف. احسن الله اليكم. قال عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر وله ما تقدم من ذنبه. قوله في هذا الحديث من قام ليلة القدر اي ادى الطاعة في ليلة القدر واولى ذلك صلاة الليل وقوله ليلة القدر اي الليلة التي انزل فيها القرآن سميت بهذا الاسم لعظم مكانها. ولفظلها وقوله ايمانا واحتسابا اي تصديقا بوعد الله جل وعلا وقامها طلبا لتحصيل الاجور والثواب. وقوله غفر له اي جاوز الله له عما تقدم من ذنبه. اي صفح الله عن معاصيه وذنوبه من قام رمظان اي من كان من شأنه ان يقوم ليالي رمظان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمظان اي امسك عن المفطرات في نهار رمظان على صفتين الايمان والاحتساب كما دم غفر له ما تقدم من ذنبه. وجماهير اهل العلم على ان المراد بذلك ما كان من صغائر الذنوب وقالوا بان الكبائر لابد فيها من توبة ففي هذا الحديث فضل ليلة القدر وعظم اجر القائم فيها. وان الاجر فيها انما يكون لمن قامها ايمانا اي تصديقا بكلام الله وكلام رسوله وانتظارا واملا في الاجر والثواب في هذا الحديث بيان ان هذه الاعمال تدخل في مسمى الايمان. فقيام رمظان وقيام ليلة القدر وصيام رمضان مما يدخل في مسمى الايمان وفي هذا الحديث من الفوائد عظم الاجر المرتب على الاعمال التي ذكرت في بهذا الخبر بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين فقهنا الله في سنة رسوله ووضح الله لنا معانيها وجعلنا من اهلها والعاملين بها. كما نسأله جل وعلا صلاحا لاحوال اهل الاسلام واستقامة لهم. كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امر امرنا لكل خير وان يجعلهم من الهداة المهتدين. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين