الحمد لله رب العالمين جل وعلا ونشكره ونثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين وبعد نواصل ما كنا ابتدأنا به من قراءة كتابي البيوع مختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى لعلنا ان نقرأ عددا من احاديث هذا الكتاب الحمدلله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللمسلمين قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي نسيئة الى اجل معلوم. ورهنه درعا من حديد. وقالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير قول عائشة رضي الله عنها اشترى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي فيه جواز التعامل مع اليهود والبيع والشراء من الاصل جواز ذلك وفي الحديث البيع نسيئة بحيث يكون هناك اجل محدد المراد بذلك طعام معين مسلم في الحال وثمنه مؤجل الى اجل معدود في هذا دلالة على ان البيع اذا كان الى اجل لا بد ان يحدد هذا الاجل وفي الحديث جواز توثيق الديون والحقوق بالرهن بحيث تجعل عين يمكن بيعها في توثيق ذلك الدين اذا لم يقم المدين بالسداد فانه حينئذ تباع وتلك العين ويكون هذا سببا من اسباب سداد ذلك الدين وفي الحديث تملك الدروع وجواز صنعها من الحديد وفي الحديث ان الامام الاعظم يمكنه ان يتعامل يقوم بشراء حوائجه بنفسه وفي الحديث شراء الطعام زمن مؤجل وفي الحديث من الفوائد جواز اتخاذ الكفيل. فانه اذا جاز الرهن جاز الكفيل وفي الحديث ايضا جواز ان يكون هناك دين ليهودي على مسلم سواء من كان بثمن مبيع او بقرض وفي الحديث جواز وظع او رهن السلاح عند اليهودي اذا كان مأمونا. وفي الحديث جواز رهن السلاح وان ذلك من الامور الجائزة وفي الحديث من الفوائد ان التحريم لا يتعلق بعين المال بل ان التحريم يتعلق بالذمة ولذا فان الاموال المحرمة على ثلاثة انواع. النوع الاول اموال محرمة لذاتها. مثل الخنزير والخمر فهذه لا يجوز التعاطي والتعامل فيها والنوع الثاني اموال محرمة لتعلق حقوق الاخرين بها. مثل المسروق والمغصوب ونحو ذلك فهذه لا يجوز ايضا ان يتصرف فيها الا بتصرفات من مالكها الاصلي او اذن منه والنوع الثالث اموال محرمة لكسبها فهذه الاموال لا يتعلق التحريم بذات المال. وانما التحريم يتعلق بالذمة ولذا مثلا من اخذ مئة ريال بربا فان التحريم لا يتعلق المبلغ بعينه. وانما يكون التحريم متعلقا بالذمة نعم. اثابكم الله قال رحمه الله عن انس رضي الله عنه انه مشى الى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير واهالة سنيخة ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعا له بالمدينة عند يهودي. واخذ منه شعيرا لاهله. ولقد سمعته يقول ما امسى عند ال محمد ولا اصبح صاعبر ولا صاع حب. وان عنده لتسع نسوة. وانهم لتسعة ابي قوله مشى الى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير جواز اكل الخبز وصنعه جواز ان يصنع الخبز من الشعير وفيه اهداء الطعام للغير وقوله واهالة سنخة يعني متغيرة يؤخذ من شحم الدابة شحم الغنم وخصوصا لايليا ويصنع منه مثل السمن وفي الحديث قبول هدية الطعام كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث ايضا الشراء من اليهودي كما اشترى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعير وفيه ايضا جواز رهن السلاح والدروع وفي الحديث التعامل مع غير المسلمين مين بالبيع والشراء وفي الحديث ان الرجل يجب عليه ان ينفق على اهله ولو كان محتاجا. وفي الحديث من من الفوائد ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم من قلة اليد مع انه كان يفد اليه من المال الشيء الكثير الا انه كان ينفقه في سبل الخير وفي الحديث ذكر شيء من احوال بيت النبوة. قد استدل الامام البخاري ايضا بهذا الحديث على جواز الرهن في الحظر فان بعض اهل العلم قيد الرهون بالاسفار على ظاهر اية سورة البقرة والحديث دليل على جواز جعل الرهن في الديون في المعاملات التي تكون في الحظر الله اليكم قال عن عائشة رضي الله عنها قالت لما استخلف ابو بكر الصديق رضي الله عنه قال لقد علم قومي ان حرفتي لم تكن تعجز عن مؤنة اهلي وشغلت بامر المسلمين فسيأكل ال ابي بكر من هذا المال واحترف للمسلمين فيه الحديث فظل ابي بكر الصديق رظي الله عنه ولايته الخلافة وامرة المؤمنين وامامة المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث ما كان عليه الصحابة من الاكتساب وان اكتساب الرجل وعمله بيده من الامور التي تعتاد ولا تنقص من مكانة الرجل شيئا وفي الحديث ان الولايات العامة اذا شغلت القائمة عليها عن الحرفة والاكتساب فرض له من بيت المال ما يقوم بحوائجه وفي الحديث ان صاحب الولاية يتولى التصرف في الاموال العامة بما يحقق الخير والنفع كما كان ابو بكر يفعل. ولذا قال واحترف للمسلمين فيه. نعم الله اليكم. قال عن المقدام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اكل احد طعاما خيرا من ان يأكل من عمل مال يده وان نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده في هذا الحديث فضل نبي الله داود عليه السلام فيه استحباب اقتصار الانسان في اكله على ما ينتجه اما بعمله واما بشرائه وفيه ان الناس يتفاضلون في مآكلهم فليسوا على درجة واحدة في هذا الباب الله اليكم. قال عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان داود عليه السلام كان لا يأكل الا من عمل وخفف على داوود عليه السلام القرآن. فكان يأمر بدوابه فتسرج. فيقرأ القرآن قبل ان تسرج دواء الحديث فظل داوود عليه السلام مكانته مع ان له ولاية عامة وكان قائدا لدولته في ذلك الزمان الا انه كان يقتصر على الاكل من عمل يده في الحديث فضيلة كسب الرجل وان الاكتساب امر مرغب فيه شرعا في الحديث تفضيل اقتصار الانسان في طعامه على ما يعمله بيده وفي الحديث ان الناس يتفاوتون في طريقة القرآن واستحضاره وفيه ان الله قد يتفضل على بعض عباده يمكنهم من استحضار ايات القرآن في اللحظات اليسيرة وهذا داوود كان يقرأ قبل ان تسرج ودوابه فيفرغ من جميع قراءته قبل ذلك وفي الحديث جواز ركوب الدواب وجواز وظع السرج عليها من اجل ان يجلس عليها. وفي الحديث امر الانسان لخدمه ومن يعمل عنده ما يحتاج اليه من الاعمال كما كان داود يأمر بدوابه فتسراج. احسن الله اليكم قال عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال رحم الله رجلا سمحا اذا باع واذا اشترى واذا اقتضى. في الحديث فضيلة السماحة في التعامل مع الاخرين بان ينقاد الانسان بما يطلبه اخوانه وفي الحديث ان السماحة في التعامل من اسباب زيادة الكسب في الحديث الدعاء بالرحمة لاصحاب الاخلاق الفاضلة. وفي الحديث جواز البيع وجواز الشراء وقوله واذا اقتضى يعني طلب من الاخرين سداد ديونهم او سداد الديون التي عليه وفي هذا جواز مطالبة الانسان بالديون التي له على غيره في الحديث ان التعامل بالسهولة من اسباب رحمة الله بالعبد. نعم اليكم قال رحمه الله قال ابو مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه لحذيفة رضي الله عنه الا تحدثنا ما سمعت من الله، صلى الله عليه واله وسلم، فقال حذيفة اني سمعته يقول ان مع الدجال اذا خرج ماء ونارا. فاما التي يرى الناس انها النار فماء بارد. واما الذي يرى الناس انه ماء بارد فنار تحرق. فمن ادرك منكم فليقع في التي يرى انها نار فانه عذب بارد. قال وسمعته يقول تلقت الملائكة رح رجل مات ممن كان قبلكم. فقالوا هل عملت فمن الخير شيئا. قال ما اعلم. قيل له انظر. قال ما اعلم. غير اني كنت ابايع الناس في الدنيا فاتجوز على الموسر واخفف عن المعسر وكنت امر الفتيان ان ينظروا ويتجاوزوا عن الموسر. قال فتجاوزوا عنه غفر له فادخله الله الجنة. قال وسمعته يقول ان رجلا يسيء الظن بعمله حضره الموت. فلما يأس من اوصى اهله اذا انا مت فاجمعوا لي حطبا كثيرا. واوقدوا فيه نارا حتى اذا اكلت لحمي وخلصت الى عظمي فامتحشت فخذوها فاطحنوها ثم انظروا يوما راحا في يوم حار صائف. فذروه في اليم ففعلوا فجمعه الله فقال له فما حملك على الذي صنعت؟ لم فعلت ذلك؟ قال من خشيتك ما حملني عليه الا مخافتك فغفر الله له. قال عقبة بن عمر رضي الله عنه انا سمعته يقول ذاك. وكان نباشا. قوله في هذا الحديث قال ابو مسعود هو البدري سمي بذلك لانه سكن بجوار بدر الا فالاكثر على انه لم يحضر غزوة بدر حذيفة بن اليمان من الصحابة وقد جاء في فضيلته انه صاحب السر احاديث قوله الا تحدثنا يعني ان ابا مسعود طلب من حذيفة وفيه طلب العلم السؤال من عنده علما يبلغ العلم الذي لديه. قال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان مع الدجال اذا خرج مال ونارا فيه التحذير من الدجال كل دي يخرج اخر الزمان يدعو الناس الى عبادة من دون الله وفي الحديث عدم الاغترار بظواهر الاشياء الذي مع الدجال ماء ونار مظاهر الماء انه كذلك ويكون في باطنه نارا وفي الحديث من الفوائد توثق الانسان في ما يطالعه وما يشاهده وفي الحديث من الفوائد ان الملائكة تقبض ارواح بني ادم. وان هذا يتوافق مع ما جاء في عدد من النصوص من قبض الملائكة ان قال قائل بانه قد جاء ان الذي يقبض الارواح واحد فقيل انه اذا عبر عن مجموعهم استعمل لفظ الجمع واذا ذكر رئيسهم استعمل ضمير الافراد وفي الحديث التحديث عمن سبق من بني اسرائيل وغيرهم. وفي الحديث ان الله لا يظلم العباد شيئا وانه عادل في التعامل معهم. وفي الحديث جواز التجارة والبيع مع الاخرين. وفي الحديث جواز بيع السلع بثمن مؤجل. فان النبي صلى الله عليه وسلم قد اقر ذلك التعامل. وفي الحديث من الفوائد فظيلة التجاوز عن موسرين وفضيلة التخفيف عن المعسرين. وان ذلك من اسباب دفع عن العبد ومن اسباب عفو الله عنه. وفي الحديث جواز التوكيل في البيع والشراء فان هذا الرجل كان يأمر غلمانه فمعناه انه كان يوكلهم في هذه التعاون التعاملات وفي الحديث ان الجزاء من جنس العمل. فلما كان يتجاوز عن الناس تجاوز الله عنه وفي الحديث استحباب طلب العبد لمغفرة الذنوب. فان من غفر الذنوب فاز دنيا واخرة وفي الحديث من الفوائد ان العبد ينبغي به ان يحسن الظن في ربه جل وعلى وفي الحديث من الفوائد الوصية عند موت الانسان وقرب اجله وفي الحديث من الفوائد ان بعض الجهالة بالله في صفاته ولو كانت من صفاته التي تعلم من الدين بالظرورة لا يؤدي الى الحكم على الشخص بالكفر وبدخول النار فان هذا الرجل جهل سعة عفو الله سبحانه وتعالى وجهل قدرة الله على ان يعيده وان يكون بدنه ومع ذلك لما كان عنده من خشية الله ومخافته سبحانه وتعالى ما عنده غفر له ذلك وفي الحديث فظيلة الخوف من الله سبحانه وتعالى وفي الحديث في قوله فاجمعوا لي حطبا كثيرا واوقدوا فيه نارا قوله حتى اذا اكلت لحمي يعني اذا كانت النار قد انهت على اللحم ولم يبقى الا فاصبح العظم متلونا واصبح هشا فانه حينئذ امر رغم ان يطحنوا تلك العظام ثم ينتظرون يوما راحا اي فيه ريح شديدة كثير في يوم حار صائف نسبة للصيف فزروه يعني خذوا هذا العظم المطحون فرقوه في الهوى واجعلوه ترسل ذراته في اليم يعني البحر وفي الحديث قدرة الله جل وعلا. وفي الحديث دلالة على ان البعث يكون بهذه الاجساد التي عندنا في الدنيا وانه لا تحدث للناس اجساد جديدة كما قاله طائفة وفي الحديث من الفوائد تحريم نبش القبور باخراج الاكفان التي الموتى فيها الله اليكم. قال عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رجل تاجر يداين الناس اذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه. اذا اتيت معسرا فتجاوز عنه. لعل الله ان يتجاوز عنا. قال فلقي الله فتجاوز عنه في الحديث جواز التجارة والبيع والشراء في الحديث جواز الديون والفرق بين الدين والقرض القارب ان يأخذ مالا ليرد مثله بعد مدة. بينما الدين ثمن مؤجل لسلع حارة وفي الحديث امتهان المداينة وعدم الحرج في مثل ذلك وفي الحديث انظار المعسرين في الديون التي يجب عليهم سدادها ولا يكون عندهم قدرة على كذلك ان انذار المعسر عمل صالح يؤجر العبد عليه. وفي الحديث ان الجزاء من جنس العمل فلما تجاوز هذا الرجل عن المعسرين في الديون التي عليهم تجاوز الله جل وعلا عنه في الحديث توكيل الانسان لغلمانه بمزاولة اعماله التجارية. نيابة عنه على طريق الوكالة وفي الحديث اعطاء الاصيل للوكيل قواعد عامة يسير عليها في تعاملاته وفي الحديث ان الثواب الاخروي مرتبط بنية ذلك ولذا لما قال الرجل لعل الله ان يتجاوز عنا كان قد اراد الاخرة بهذا العمل امل وفي الحديث سعة رحمة الله جل وعلا وجوده واحسانه سبحانه وتعالى هلا بارك الله فيكم وفقكم لكل خير. تجاوز الله عنكم ورفع الله درجاتكم غفر الله ذنوبكم وجعل الله العاقبة لكم دنيا واخرة. كما نسأله سبحانه ان يصلح وعلى المسلمين وان يردهم الى دينه الرد الحميد. وان يجعلهم موفقين في كل امورهم. وان اسلحة لهم ذراريهم وان يبارك لهم في ارزاقهم وان يغنيهم بفضله واحسانه. كما اسأله جل وعلا ان ينشر الاخلاق الفاضلة بين افراد الامة. وسلوا سبحانه ان يوفق ولاة امور المسلمين بكل خير وان يجعله من اسباب الهدى والتقى والصلاح بفضله واحسانه. هذا الله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين