ثالث عشر ليس مقصودا له ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لاجل العبادة. ولذا رأوا بان النزول في المحصب ليس من العبادات ولا يشرع ان يتقرب به لله تعالى مما يدل الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يسعدكم في دنياكم واخراكم وان يوالي عليكم الخيرات وان يعظم لكم الاجر والثواب كما نساله جل وعلا ان يرزقنا جميعا علما نافعا وعملا صالحا ونية خالصة. واسأله ان يصلح احوال المسلمين ان يجمع كلمتهم وان يؤلف ذات بينهم وان يجعلهم متوادين متعاونين على البر والتقوى و وبعد فهذا لقاء جديد نتدارس فيه شيئا من احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم رواها الامام البخاري حيث نقرأ في مختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته وفي يومنا هذا نكمل باذن الله عز وجل كتاب الحج ونبتدأ بكتاب العمرة واحسانه فليتفضل القارئ بارك الله فيه واسعده. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الامام البخاري وعن ابن عمر رضي الله عنهما انه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على اثر كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم قياما طويلا ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم قياما طويلا ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها. ثم ينصرف فيقول هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله قال الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا رمى الجمرة التي تلي مسجدا منى يرميها بسبع حصيات يكبروا كلما رمى بحصاه ثم تقدم امامها فوقف مستقبل القبلة رافع يديه يدعو وكان يطيل الوقوف ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات. يكبر كلما رمى بحصاه ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافع يديه يدعو ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر عند كل حصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها. قال الزهري سمعت سالم بن عبدالله يحدث مثل هذا عن ابيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. في هذا الحديث مشروعية رمي الجمار فيه انه يرمى في كل يوم في احدى وعشرين حصاة ترمى الجمرة الصغرى بسبع والوسطى بمثلها والكبرى بسبع وهذا في ايام التشريق الحادي عشر والثاني عشر للمتعجل والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر للمتأخر وفي هذا الحديث ان الجمرة صغرى وهي الاقرب الى مسجد الخيف يبتدأ بها اولا وفي الحديث مشروعية التكبير مع كل حصاة كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل وليس في هذا التكبير بسملة ولا صلاة على النبي ولا دعاء وانما يقتصر على التكبير وفي هذا الحديث انه اذا فرغ من رمي الجمرة الصغرى يستحب له اذا تقدم فاسهل في الوادي ان يقوم للدعاء مستقبلا للقبلة وفي هذا الحديث اشارة الى شيء من اداب الدعاء. فمن ذلك ان يستقبل القبلة ومن ذلك ان يبتعد عن مجامع الناس فان موطن رمي الجمرة هو موطن اجتماع الناس لرميها. فكان يتركهم. وفي هذا ايضا استحباب اطالة الدعاء ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. وفي هذا الحديث من اداب الدعاء رفع اليدين عند الدعاء وفيه ايضا الدعاء قائما وفي الحديث ان الفصل بين الجمرة الصغرى ورمي الجمرة الوسطى بفارق زمني لا يؤثر وانما المؤثر قضية الترتيب فيبتدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة وفي الحديث استحباب الدعاء بعد الجمرة الصغرى والجمرة الوسطى في ايام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر واما الجمرة الكبرى فانه اذا رماها لم يشرع له الوقوف من اجل الدعا وليس هذا من مواطن الدعاء وفي الحديث ان الجمرة الكبرى كان عندها جبل صغير يقال له العقبة كان حدها من جهة ميناء. وفي الحديث استحباب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي. لا من فوق العقبة كما كان فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث الاقتداء بافعال النبي صلى الله عليه وسلم العبادية وخصوصا ما يتعلق بمناسك الحج وقوله قال الزهري ان النبي ظاهره انه مرسل لكن بينة ما في اخر الرواية حيث كان الزهري انه سمع ذلك من سالم ابن عبدالله يحدث بمثل هذا عن ابيه عبدالله ابن عمر رضي الله عنه وعن ابيه وفي هذا الحديث ان الجمرات الثلاث ترمى كل واحدة منها بسبع حصيات وفيه ان كل حصاة تفرد برمية وحدها. وفيه ان المشروع في الجمار رميها فلا يقتصر على وظعها فمن وظعها فانه لا يعد قد ادى واجبة عليه في رمي الجمار. وفي الحديث ان التكبير يكون بعد اطلاق الرمية ولذا قال يكبر كلما رمى بحصاة وفي الحديث استحباب اطالة دعاء والاكثار منه خصوصا في هذه المواطن الفاضلة نعم. وعن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب الى البيت فطاف به هذا الحديث يتحدث عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة فانه لما اضحى ذهب الى الجمرة فلما زالت الشمس رمى الجمرات الثلاث ثم خرج من منى الى المحصب على الجهة اليمنى من منى من جهة مكة وصلى هناك صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء وقد اختلف الصحابة فمن بعدهم في الذهاب الى الابطح او المحصب هل هو من المناسك قاله طائفة والجمهور على انه ليس من المناسك وانما نزله النبي صلى الله عليه وسلم الا ان افعال النبي صلى الله عليه وسلم التي فعلها على جهة غير جهة العبادة لا يشرع الاقتداء به فيها كما تقدمت. نعم. وعن خالد بن الحارث قال سئل عبيد الله عن اسهل في ذهابه الى المدينة. وهذا القول ارجح القولين في الباب ولذا كان الناس قد تفرقوا فلم يذهب معه الى المحصل الا اصحابه الذين سيذهبون معه الى المدينة وفي الحديث مشروعية الركوب في التنقل بين مواطن الحج ومناسكه. كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. وفي الحديث مشروعية الطواف للوداع. وقد قال الجمهور بانه من من الواجبات لامر النبي صلى الله عليه وسلم به. ولفعله صلى الله عليه وسلم وقد قال خذوا اني مناسككم وفي هذا الحديث من الفوائد ان الانسان ينبغي به ان يؤدي الطاعة بنشاط فيريح بدنه قبل فعله الى الطاعة ليكون اداؤه لها على جهة النشاط والقوة. ولذا رقد صلى الله عليه وسلم رقدة بالمحصب. قبل ان يذهب للبيت من اجل الطواف. نعم. وعن عكرمة ان اهل المدينة سألوا ابن عباس رضي الله عنهما عن امرأة طافت ثم حاضت قال لهم تنفر قالوا لا نأخذ بقولك وندعوا قول زيد رضي الله عنه قال اذا قدمتم المدينة فسلوا فقدموا المدينة فسألوا فكان فيمن سألوا ام سليم رضي الله عنها فذكرت حديث صفية رضي الله عنها. قوله ان اهل المدينة يعني مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا ابن عباس وابن عباس كان المفتي في مكة عن امرأة طافت يعني طواف الافاضة ثم حاضت قبل ان تطوف للوداع. هل تنتظر حتى تطهر فتطوف للوداع او يجوز لها ان تنفر مع اصحابها ولو لم تطف طواف الوداع. فقال لهم ابن عباس تنفر وفي هذا ان المرأة الحائض التي طافت للافاضة يجوز لها ان تنفر ويسقط عنها طواف الوداع فاذا نفرت وهي حائض. فقال اهل المدينة لابن لا نأخذ بقولك في ترك المرأة التي طافت للافاضة وارادت ان وهي حائض في كونها تترك طواف الوداع. وندع قول زيد فان زيد مفتي اهل المدينة وكان يرى ان المرأة الحائض تبقى حتى تطهر فتطوف للوداع فقال ابن عباس اذا قدمتم المدينة فسلوا هناك من النساء اللاتي حججن مع رسول لله صلى الله عليه وسلم وفيها ذا تقديم رواية المباشر للقصة على رواية غيره. قال فقدموا المدينة فسألوا فكان في من سألوا ام سليم وهي ام انس بن مالك رضي الله عنها وعن انس ذكرت ام سليم حديث صفية رضي الله عنها وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر ليلة الرابع عشر بعد فراغه من الحج اراد ان يذهب الى صفية بنت حوية اي زوجته فقيل له بانها حائض حينئذ قال صلى الله عليه وسلم قرع حلق حابستنا اهي يعني ظن انها لم تطوف طواف الافاضة. ومن لم يطف طواف الافاضة يلزمه المكث في مكة حتى حتى يطوف فقالوا انها قد طافت يعني قد افاضت. فقال صلى الله عليه وسلم اذن يعني بدون ان تطوف الوداع. ففي هذا دلالة على ان المرأة الحائض اذا ارادت ان تنفر بعد الحج وكانت قد طافت للافاضة فانه يسقط عنها طواف الوداع وفيه دلالة على ان غير الحائض لا يجوز له ان ينفر حتى يطوف طواف الوداع لانه لم يرخص في ترك طواف الوداع الا للمرأة الحائض. نعم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت انما كان منزلا ينزله النبي صلى الله عليه وسلم ليكون اسمح لخروجه يعني بالابطح. كما تقدم ان النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر رمى بعد الزوال وذهب الى المحصب فجلس هناك الى اخر الليل فذهب ليطوف طواف فيسافر فهذا النزول في المحصب هل هو سنة؟ لكون النبي صلى الله عليه وسلم فعله؟ كما قال بذلك طائف او يكون نزوله من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ليس من اجل عبادة الله به وانما نزله على جهة العادة لكونه اسهل لخروجه. فكانت عائشة تفتي بان انه ليس نزوله سنة وان النبي صلى الله عليه وسلم انما نزله لامر غير وهو كونه اسمح لخروجه ايسر واسهل له اذا اراد ان يخرج الى المدينة وفي هذا دلالة على ان الافعال النبوية التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على جهة لا يشرع لنا الاقتداء به فيها. وانه ليس من السنة ان نفعل مثل فعله لان من فعل مثل فعله وان وافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر لكنه يخالفه وفي الباطن فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينوي العبادة به والموافقة في الباطن او من الموافقة في الظاهر. نعم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ليس التحصيب بشيء انما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا فتوى ابن عباس بان النزول بالمحصب في اليوم المحصب فحدثنا عبيد الله عن نافع قال نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر وابن عمر رضي الله عنهما وعن نافع ان ابن عمر رضي الله عنهما كان يصلي بها يعني المحصب الظهر والعصر احسبه وقال والمغرب قال خالد لا اشك في العشاء. ويهجع هجعة ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كان من مذهب ابن عمر ان افعال النبي صلى الله عليه وسلم العادية والجبلية يشرع لنا الاقتداء به فيها وانه يستحب لنا ان نفعل مثل فعله وكان بقية الصحابة من مثل والده عمر ومن مثل ابن عباس وعائشة وغيرهم يرون ان هذه افعال الجبلية والعادية لا يشرع لنا الاقتداء به صلى الله عليه وسلم فيها. وقوله اظهر من قول ابن عمر رضي الله عنهما. ولذلك فمثلا كونه يلبس ازارا وردان في غير النسك ليس فعله على جهة العبادة فلا يشرع لنا الاقتداء به فيها. وهكذا للجمل في تنقلاته لم يفعله تقربا لله تعالى. وبالتالي من جاءنا وقال اريد ان اكون تابعا للنبي في ركوب الجمل قلنا له اخطأت في هذا فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله على جهة العبادة. وبالتالي لا يشرع لك ان تقتدي به وهنا فائدة وهي التفريق بين افعاله صلى الله عليه وسلم العبادية التي يشرع الاقتداء به فيها والعادية التي لا يشرع ان يقتدى به فيها. فما كان يفعله الناس قبل البعثة ويتوافدون ويتابعون على فعله فانه اذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان من الافعال العادية. ومن ذلك مثلا قيل له ان الملوك لا يقبلون الا اذا كان مختوما فاتخذ الخاتم صلى الله عليه وسلم فيكون اتخاذه للخاتم على جهة العادة عادة اهل زمانه وليس على جهاد العبادة. فلا يشرع لنا الاقتداء به في ذلك ومثله اتخاذ الشعر النبي صلى الله عليه وسلم فعله مجاراة لعادة اهل زمانه وهكذا يقع هناك تردد في بعض الافعال هل هي على جهة العادة او العبادة وبالتالي ان يقع الاختلاف في مشروعية الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فيها. فمثلا اتخاذ في الخطبة كان يفعله صلى الله عليه وسلم وكان اهل زمانه يفعلونه. فقال طائفة وعباد ده لانه وقع ضمن عبادة الخطبة. وقال اخرون بل ان ما فعله لان الناس بخطبهم يتخذون العصا. فكان صلى الله عليه وسلم سائرا على عادة اهل زمان انا نعم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان ذو المجازي وما الجنة وعكاظ متجر الناس اسواقا في الجاهلية فلما جاء الاسلام كأنهم تأثموا ان يتجروا في الموسم وكرهوا ذلك حتى نزلت ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج كذا قرأها ابن عباس رضي الله عنهما. في هذا الحديث جواز التجارة في موسم الحج. كما كان الناس يفعلون هذا بما قبل الاسلام وفي عهد النبوة وقد نزل النص برفع الاثم عنهم في ذلك وقد استمرت هذه الاسواق بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر ابن حجر في فتح الباري رحمه الله ان سوق عكاظ استمر الى سنة مئة وعشرين من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث جواز اتخاذ الاسواق للتجارات وانه لا حرج في ذلك. وفي الحديث جواز ان يؤخذ ما عند الكفار واهل الجاهلية من امور دنيوية مستحسنة ليس فيها مخالفة شرعية وفي الحديث ورع الصحابة رضوان الله عليهم وتحرجهم مما كان يفعل خشية على نياتهم ان تكون مقاصدهم الدنيا. وفي الحديث ان من ادى نسكا او عبادة فعليه ان ينوي الاخرة بتلك العبادة التي فعلها وفي الحديث جواز الاتجار في اسواق اهل الكفر التي آآ ايها الكفار وانه لا حرج في ذلك. نعم. كتاب العمرة وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. العمرة نسك يتضمن طواف احراما وطوافا بالبيت وسعيا بين الصفا والمروة وتقصير او حلقى والعمرة في لغة العرب يراد بها الزيارة. المقصود هنا زيارة البيت لاداء نسك مخصوص والعمرة عمل صالح. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان العمرة من اسباب بتكفير الذنوب وقد اختلف اهل العلم في وجوب العمرة فاوجبها الجمهور استدلوا عليه بقوله تعالى واتموا الحج والعمرة لله. وبما ورد في حديث الصبي ابن معبد انه قال لعمر بمحظر الصحابة اني وجدت الحج والعمرة مكتوبان في الله عز وجل فلم ينكر عليه ذلك المالكية يرون ان العمرة ليست بواجبة. وقول الجمهور ارجح في هذه المسألة وحديث الباب فيه فضيلة العمرة وفضيلة تكرارها قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتمر وقد عثر عنه اربع عمر اولها عمرة الحديبية ووقعت في السنة السادسة جاء حتى وصل حدود الحرم فصده اهل مكة وكان محرما بالعمرة فتحلل منها بعد ان ذبح هديه ثم في السنة السابعة اعتمر عمرة القضية بناء على اتفاقه مع اهل لمكة بان يعتمر من قابل فجاء الى مكة فاعتمر وجلس فيها ثلاثة ايام بدون ان يأخذ عمرة اخرى ثم ذهب راجعا الى المدينة. واما العمرة الثالثة فقد كانت مع حج صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة والعمرة الرابعة كانت بعد عوده من الطائف في السنة الثامنة لما عاد وجلس في جعرانة وقسم المغانم احرما بعمرة من هناك واتاه بعمرة ولذا فان الاتيان بالعمرة وتكرار العمرة من الاعمال الصالحة التي تكون من اسباب مغفرة الذنوب وفي الحديث الترغيب في الحج وبيان عظم اجره. فقد قال الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة وقد اختلف اهل العلم في صفة الحج المبرور. وهناك ستة اقوال في هذا الباب منهم من يقول بان الحج المبرور هو ما خلصت النية فيه لله تعالى بقصد نيل اجر الاخرة. بحيث لا يكون مراد الانسان شيئا دنيويا من سمعة او مال او غير ذلك وقال اخرون بان الحج المبرور هو ما تابع فيه الانسان النبي صلى الله عليه وسلم وقال اخرون الحج المبرور ما اجتنب فيه الحاج محظورات الاحرام. وقال اخرون بان الحج المبرور ما اجتنب الانسان فيه المعاصي والذنوب. وقال اخرون بان الحج المبرور ما حفظ الانسان فيه جوارحه وقال اخرون بان الحج المبرور ما فعل فيه افعال البر والطاعة من مثل الصدقات وآآ دلالة التائه الحمل لمن يحتاج الى الحمل واعانة من يحتاج الى اعانة. ولذا قيل في الاحسان الى الوالدين بر الوالدين ولا يمتنع ان يكون الحج المبرور مشتملا على جميع هذه بالصفات. وقوله ليس له جزاء كما في قوله كفارة لما بينهما اختلف اهل العلم هل يختص ذلك بالصغائر؟ كما قال الجماهير قالوا لان الكبائر تحتاج الى توبة او انها تشمل الكبائر كما اثر عن بعض السلف ولعل القول الاول ارجح فانه قد ورد في احاديث اخر تقييد ذلك باجتناب الكبيرة. فقد قال صلى الله عليه وسلم العمرة الى العمرة ورمضان الى رمضان والصلوات الخمس كفارة لما بينها اذا اجتنبت الكبائر فيحمل حديث الباب المطلق على ذلك الحديث المقيد لاتحاد الحكم والسبب فيهما. نعم. وعن ابن جريج ان عكرمة بن خالد سأل ابن عمر رضي الله عنه هما عن العمرة قبل الحج فقال لا بأس. قال عكرمة. قال ابن عمر رضي الله عنهما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يحج في الحديث السؤال عما يشكل عند الناس من المسائل كما سأل عكرمة ابن عمر عن العمرة قبل الحج وذلك ان بعض الناس قالوا بان العمرة يجب ان تكون بعد الحج ومنع من اه ان يجزئ ما يفعله الانسان من العمرة قبل الحج حديث الباب صريح في انه يجوز للانسان ان يعتمر قبل حجه وان العمرة قبل الحج تكون مجزئة عما وجب من العمرة واستدل بالحديث على ان من حج قارنا او متمتعا فان حجه يجزئه عن عمرة وتسقط عنه العمرة الواجبة بذلك. وفي الحديث الاستدلال بافعال النبي صلى الله عليه النسك. قالت وما اعتمر في رجب قط. فهذا من عائشة اثبات لواقع عمر النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا رد لقول من يقول بتفضيل عمرة رجب ان الصواب انه ليس لشهر رجب خاصية في اداء العبادات فيه ومنها ما عليه وسلم فقد قال ابن عمر اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يحج مما دلوا على ان الافضل ان يقدم الانسان العمرة على الحاج وعن مجاهد قال دخلت انا وعروة ابن الزبير المسجد فاذا عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما جالس الى حجرة عائشة رضي الله عنها واذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى قال فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة ثم قال له كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال اربعة احداهن في رجب فكرهنا ان نرد عليه ثم سمعنا استنان عائشة ام المؤمنين في الحجرة فقال عروة يا اماه يا ام المؤمنين الا تسمعين ما يقول ابو عبدالرحمن قالت ما يقول؟ قال يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر اربع عمرات احداهن في رجب قالت يرحم الله ابا عبدالرحمن ما اعتمر عمرة الا وهو شاهد وما اعتمر في رجب قط. قوله هنا قال مجاهد دخلت وانا وعروة بن الزبير المسجد. فيه ما كان عليه احوال السلف من اكثار الذهاب للمسجد ووضع حلقات العلم في المساجد. والمراد بالمسجد هنا المسجد النبوي. في مدينة رسول الله صلى الله او عليه وسلم. قوله فاذا عبد الله ابن عمر جالس الى حجرة عائشة اي كان مستندا عليها وذلك ان حجرة عائشة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم زلما ابي بكر وعمر وعثمان وعلي كانت خارج المسجد ولم يكن المسجد يطوف بالحجرة من جميع جوانبها. فلما جاء عبد الملك بن مروان رحمه الله وادخل ما حول الغرفة في المسجد وبقي ما كان داخل الغرفة في حكمه السابق في كونه غير داخل في مسجد قال واذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى قال فسألناه اي سأل يا مجاهد وعروة ابن عمر عن صلاتهم. فقال بدعة اي امر مخترع في الدين. وليس مما انا يفعل وهذا اجتهاد من ابن عمر لانه غاب عنه النص والدليل في ذلك. وقد ثبتت مشروعية صلاة الظحى في عدد من الاحاديث فقد جاء في حديث ابي ذر رضي الله عنه قال يصبح على كل سلامة من ابن ادم صدقة كل يوم فكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تحميدة صدقة وامر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزي عن ذلك ركعتان يركعهما المرء من الضحى. وقد جاء في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال اوصاني صلى الله عليه وسلم بثلاثة بان اوتر قبل ان انام صلاة ضحى فزلت هذه الاحاديث على مشروعية صلاة الضحى. وقد قال طائفة بان من كان يصلي بالليل لم يشرع له ان يصلي الضحى من يومه ذاك. وقالوا بان انه انما يصلي الظحى من لم يصلي بالليل. ولكن ظاهر الاحاديث الدالة على مشروعية الضحى لم تشترط في مشروعيتها ان يكون الانسان لم يصلي من الليل وبالتالي فالظاهر مشروعية صلاة الظحى وانها من السنن لا من البدع ثم قال له يعني ان عروة قال لابن عمر كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا السؤال عن احوال النبي صلى الله عليه وسلم وعباداته. قال اربعة يعني اربعة عمر احداهن في في رجب هكذا قال ابن عمر والمشهور انه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في جاب وانما عمره الثلاث في ذي القعدة والرابعة مع حجه وبالتالي لم يعتمد صلى الله عليه وسلم في رجب قال فكرهنا ان نرد عليه لاننا اردنا ان نتأكد قبل ان نرد عليه ذلك. قال ثم سمعنا اسنان عائشة اما حركة السواك في فمها واما صلاتها للسنة الحجرة يعني في حجرتها. وفي هذا ان النساء كن يحتجبن عن الرجال الاجانب وانهم لا يطلعون على احوالهن وانهم متى ارادوا ان يخاطبوهن خاطبوهن من وراء حجاب فقال عرواه يا اماه لان عائشة خالته فقال لها يا اماه يا ام المؤمنين الا تسمعين ما يقول ابو عبدالرحمن يعني ابن عمر فقالت ما يقول؟ قال يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر اربع عمرات احداهن في رجب فقالت عائشة رضي الله عنها يرحم الله ابا عبدالرحمن. وفي هذا الدعاء للمخالف والترفق به حسن التخلق معه حتى ولو اخطأ فقالت عائشة ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة الا وهو شاهد اي قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم فيها مما يدل على مشروعية صحبة اهل الخير والفضل والعلم في تعلقوا بالعمرة بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. كما نسأله جل وعلا على ان يسعدكم دنيا واخرة وان يجعل عاقبتكم في الامور الى خير. كما نسأله جل وعلا ان يصلح احوال المسلمين وان يردهم الى دينه ردا حميدا. ونسأله جل وعلا ان يجمع كلمتهم على الحق وان يرغد عليهم في معايشهم وان ينصرهم على اعدائهم ان يجعلهم على التوحيد والسنة والطاعة. كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا لكل خير. وان ابارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء. وان يجعلهم اسباب هداية وتقوى وصلاح وسعادة هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين