الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان قيلني واياكم في طاعته وان يجعلني واياكم ممن رفعت درجاتهم وكانوا على احسن الاحوال لدنيا واخرة وبعد فباذن الله عز وجل نبتدأ في يومنا هذا بتدارس احاديث كتاب صلاة من مختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته. والصلاة ركن من اركان دين الله جل وعلا كما في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم بني لي سلام على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع اليه سبيلا. وقد جعل الله جل وعلا للصلاة اوقاتا معلومة. فقال ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. وقال تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. وقد فرضت الصلاة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم والاكثر على ان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنين. ولم تفرض بقية الاركان الا بعد هجرة صلى الله عليه وسلم الى المدينة فهذا مما امتازت به الصلاة. كما ان فرض الصلاة امتاز بان كان في حادثة الاسراء والمعراج. وامتاز بان الله تعالى هو الذي الذي بلغ نبيه صلى الله عليه وسلم مباشرة بفرض هذه الصلاة. ولعل نقرأ الحديث الوارد في الاسراء والذي فيه بيان فرض الصلاة. فتفظل بارك الله فيك ووفقك للخير. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال الامام البخاري رحمه الله وعن ابن شهاب عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان ابو ذر رضي الله عنه يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج عن سقف بيتي وانا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وايمانا فافرغها في صدري ثم اطبقه ثم اخذ بيدي فعرج بي الى السماء الدنيا. فلما جئت الى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء الدنيا افتح قال من هذا؟ قال جبريل قال هل معك احد؟ قال نعم معي محمد فقال ارسل اليه؟ قال نعم فافتح فلما فتح علونا السماء الدنيا فاذا رجل قاعد على يمينه اسوده وعلى يساره اسودا. اذا نظر قبل يمينه ضحك واذا نظر قبل يساره بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبريل من هذا يا جبريل؟ قال هذا يا ادم وهذه الاسوده عن يمينه وعن شماله نسم بنيه. فاهل اليمين منهم اهل الجنة والاسوده التي عن شماله اهل النار فاذا نظر عن يمينه ضحك واذا نظر قبل شماله بكى ثم عرج بي الى السماء الدنيا فقال افتح فقال له خازنها مثل ما قال الاول ففتح. قال انس فذكر انه وجد في السماوات ادم وادريس وموسى وعيسى وابراهيم صلوات الله عليهم ولم يثبت لي كيف منازلهم غير انه ذكر انه وجد ادم في السماء الدنيا وابراهيم في السماء السادسة. قال انس فلما مر جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم بادريس مرحبا بالنبي الصالح والاخ الصالح. قلت من هذا؟ قال هذا ادريس. ثم مررت بموسى فقال مرحبا بالنبي والاخ الصالح قلت من هذا؟ قال هذا موسى. ثم مررت بعيسى فقال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح. قلت من ماذا قال هذا عيسى ثم مررت بابراهيم فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح. قلت من هذا؟ قال اهذا ابراهيم؟ قال ابن شهاب فاخبرني ابن حزم ان ابن عباس وابا حبة الانصاري رضي الله عنهم كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى اسمع فيه صريف الاقلام. قال ابن حزم وانس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم ففرض الله على امتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال ما الذي فرض الله على امتك قلت فرض عليهم خمسين صلاة. قال فارجع الى ربك فان امتك لا تطيق ذلك فرجعت فراجعت ربي فوضع شطرها فرجعت الى موسى قلت وظع شطرها. قال راجع ربك فان امتك لا تطيق. فراجع فوظع شطرها فرجعت الى موسى فاخبرته فقال ارجع الى ربك فان امتك لا تطيق ذلك فرجعت فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لديك. فرجعت الى موسى فقال راجع ربك. فقلت قد استحييت من ربي. ثم انطلق بي حتى انتهى بي الى سدرة المنتهى وغشيها الوان لا ادري ما هي ثم ادخلت الجنة. فاذا فيها اللؤلؤ واذا ترابها المسك. قول المؤلف رحمه الله عن ابن شهاب هو محمد بن عبدالله بن مسلم الزهري وهو من علماء التابعين وقد حفظ حديثا كثيرا من احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من العلماء الذين دار عليهم العلم وقوله هنا عنانس قال كان ابو ذر يعني ان الصحابي نتحدث عن صحابي اخر وهو ابو ذر رضي الله عنه. قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج اي فتح عن سقف بيتي وانا بمكة. فنزل جبريل ففرج صدري اي فتحه ثم غسله بماء زمزم فظاهر هذا ان بداية الاسراء من البيت الذي كان يسكنه. وقد ورد انه كان في بيت ام هانئ بنت ابي طالب. فقيل بانه سمي بهذا الاسم لكون ام هانئ سكنت فيه بعد ذلك. قال ثم غسله اي غسل الصدر بماء زمزم ثم جاء بقصد والطست اناء متسع وكان ذهب ممتلئ حكمة وايمانا. فافرغها اي صبها حتى لم يبق منها شيء. وجعل ها في صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثم اطبقه اي قام باغلاقه مرة اخرى ثم اخذ جبريل بيد النبي صلى الله عليه وسلم. فكانت تلك حادثة المعراج. قال فعرج بي يعني صعد بي الى السماء الدنيا. وقد جاء في احاديث اخرى بيان انه اولا اسري به الى المسجد الاقصى ثم مما عرج به. ولكن الراوي هنا اقتصر على بعض ما في الحديث. قال النبي صلى الله او عليه وسلم فلما جئت اي وصلت الى السماء الدنيا وهي اقرب السماوات الى الارض. قال جبريل عليه السلام لخازن يعني من يملك المفاتيح ويكون عنده ابواب السماء الدنيا افتح اي افتح ابواب السماء الدنيا. فقال الملك من هذا؟ فقال انا جبريل. فقال هل معك احد يريد ان يدخل السماء معك؟ قال نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم. قال هل ارسل اليه وهل اصبح نبيا؟ قال نعم. فافتح. فلما فتح الملك خازن السماء الدنيا. قال علونا اي صعدنا على السماء الدنيا فوجدنا رجلا جالسا اي يقعد ووجدنا على يمينه اسوده اي اشخاص لهم لهم ظلال على الارظ وعلى يساره السداي اشخاص اخرون اذا نظر قبل اليمين اي للاشخاص الذي عن يمينه ظحك واستبشر وسر بهم واذا نظر قبل يساره يعني جهة الشمال بكى وحزن فقال فهذا الرجل القاعد للنبي صلى الله عليه وسلم مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل من هذا يا جبريل؟ قال هذا ادم وهو ابو البشر عليه السلام اذا قال ومرحبا بالابن الصالح. ثم قال هذه الاسوده الى اشخاص عن يمينه وعن شماله قسموا اي ارواح بنيه. فاهل اليمين منهم هم اهل الجنة. والاسوده التي عن شماله هم اهل النار فاذا نظر عن يمينه ضحك واذا نظر قبل شماله بكى. ثم ان النبي صلى الله عليه سلم عرج به الى السماء الثانية. فقال جبريل لخازنها افتح فقال له خازنها من انت؟ قال انا جبريل قال هل معك احد؟ قال نعم معي محمد رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم قال انس فذكر يعني ان ابا ذر ذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم بين انه وجد في السماوات عددا من انبياء الله ادم وادريس وموسى وعيسى ابراهيم صلوات الله عليهم. وكل واحد منهم في سماء مغايرة للسماء التي فيها الاخر. قال انس ولم يثبت ابو ذر لي كيف منازلهم؟ من الذي في السماء الاولى؟ ومن الذي في الثانية؟ غير ان انه ذكر انه وجد ادم في السماء الدنيا. السماء الاولى وانه وجد ابراهيم في السماء السادس بسهم هكذا الرواية وقد ورد من طريق عدد من الصحابة ان ابراهيم كان في السماء السابع وان موسى في السادسة قال انس فلما مر جبريل ومعه النبي صلى الله عليه وسلم ادري النبي قال ادريس للنبي صلى الله عليه وسلم مرحبا بالنبي الصالح والاخ الصالح. قلت من هذا قال الملك هذا ادريس ثم مررت بموسى فقال موسى مرحبا بالنبي الصالح والاخ الصالح فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل من هذا؟ فقال جبريل هذا موسى ثم مررت بعيسى فقال مرحبا الاخ الصالح والنبي الصالح فسألت عنه وقلت من هذا؟ فقال جبريل هذا عيسى ثم مررت بابراهيم فقال ابراهيم مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح. تلاحظون ان ادم وابراهيم عليهما السلام قالا مرحبا بالابن الصالح. فقلت من هذا؟ قال هذا ابراهيم. قال ابن شهاب الزهري الراوي عن انس فاخبرني ابن حزم ان ابن عباس وابا حبة الانصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه سلم ثم عرج اي ارتفع بي وصعد بي حتى ظهرت اي علوت وارتفعت سواء لمكان عال اسمع فيه صريف الاقلام. اي صوت الاقلام التي موكلة بكتابة الوقائع. قال ابن حزم وانس قال النبي صلى الله عليه وسلم ففرض اي اوجب والزم وكتب الله على امتي خمسين صلاة يعني في كل يوم. قال النبي صلى الله عليه وسلم جعت اي عدت من السماء العليا حتى مررت على موسى. فسألني موسى ما الذي فرض الله على امتك ما هو الواجب الذي اوجبه الله تعالى على امتك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لموسى فرض عليهم خمسين صلاة يعني في كل يوم. يعني في كل يوم. فقال موسى للنبي صلى الله عليه وسلم ارجع الى ربك اي راجعه وعد اليه واسأله فان امتك لا تطيق ذلك يعني خمسين صلاة في اليوم الواحد قال النبي صلى الله عليه وسلم فرجعت او فراجعت والمراجعة سؤال الشيء بعد تقريره او وضع شطرها كلا المراد بالشطر هنا بعض الصلوات. وقيل المراد النصف. ولعل الاول اظهر. قال الى موسى فاخبرته يعني انه وضع عني شطرها. فقال موسى عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم مرجع اي عد الى ربك فان امتك لا تطيق ذلك اي لا تستطيعه ولا تقدر عليه. قال فرجعت فراجعت فوظع مرة اخرى شطرها. فوظع الشطر في ثلاث مرات. فلما جاءت المرأة الثالثة ورجع النبي صلى الله عليه وسلم الى موسى فاخبره قال ارجعي الى ربك اي عد اليه واسأله فان لا تطيق ذلك. قال فرجعت فراجعت. فقال هي خمس يعني يجب عليكم ان تؤدوا خمس صلوات في اليوم اكنها في الاجر باجر خمسين صلاة. لا يبدل القول لدي اي لا يغير الحكم بعد فرض هذه الخمس الصلوات. قال فرجعت الى موسى وان عدت اليه. فقال راجع ربك اي اسأله تخفيفا مرة اخرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد استحييت من ربي من كثرة مطالبتي له. قال ثم انطلق حتى انتهى بي الى سدرة المنتهى. سدرة نوع من انواع الاشجار. يقال له او ثمرته النبق او عبري وسدرة المنتهى شجرة عظيمة ورد ان الراكب يسير فيها مئة عام لا يقطعها من طول ما بين اطرافها. وقال وغشيها الوان. فجاءتها الوان متعددة علت على اليها لا ادري ما هي ثم ادخلت الجنة. فاذا فيها حبائل اللؤلؤ يعني عناقيد اللؤلؤ التي جعلها الله جل وعلا في الجنة. واذا الجنة المسك. فهذا الحديث العظيم فيه فوائد كثيرة لعلي استعرض عددا من هذه الفوائد فمن هذه الفوائد بيانه كيفية فرض الصلاة وان الله جل وعلا قد بلغ نبيه مباشرة بدون واسطة. وفي هذا الحديث ايضا من الفوائد الاغتسال والغسل وبماء زمزم كما غسل جبريل صدر النبي صلى الله عليه وسلم بماء زمزم. وقد استنبط بعض المتأخرين من هذا جواز عمليات عمليات القلب المفتوح وفي هذا من الفوائد الامور المعنوية قد يجعلها الله امورا حسية كالحكمة والايمان. وفي هذا الحديث بات حادثة المعراج. وفيه دلالة على ان الله متصف بالعلو. فانه لو لم يكن متصفا بذلك لم اصح ان يقال بانه عرج الى ربه. وفي الحديث ايضا ان السماوات بناء محكم. وانها سبع سماوات لكل سماء بابها. وفي هذا الحديث مشروعية الاستئذان عند دخول منازل الاخرين كما كان جبريل يستأذن عند دخوله في آآ السماوات. وفي هذا الحديث ان من دعي الى اوليمة فلا يصطحب معه غيره الا باذن من صاحب الوليمة. وفي هذا حديث ايضا فضل رسولنا صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله ومكانته وفي هذا الحديث ايظا بيان ان الناس ينقسمون بحسب مصائرهم الى اهل الفوز والسعادة واهل الخسارة وفي الحديث استعمال لفظة مرحبا في الترحيب والاستقبال كما كان انبياء الله عليهم السلام محمدا صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث الثناء على الانسان في وجهه فان الانبياء قالوا الابن الصالح والنبي الصالح والاخ الصالح. فكلمة الصالحة ذا ثناء قد استعملت في الوجه لما فيها من تقريب قلوب وتسهيلها وبث الكلام الطيب بين افراد الناس. وفي هذا الحديث اولو الانبياء الذين مر بهم النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة المعراج. وفي هذا حديث ايضا استبشار الانسان بفوز بعض بنيه وحزنه عند خسارتهم وذلك اشد اذا كان في امور الاخرة. في هذا الحديث من الفوائد تسمية الرجل باسمه المجرد بدون اضافة القاب او اوصاف عليه وفي هذا الحديث ايظا من الفوائد حادثة المعراج بالنبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث ان الاقلام تجري وتكتب مقادير ولعلها بنسخ ما في اللوح المحفوظ في الصحف ونحوهم. في الحديث ايضا من الفوائد الصلوات الخمس وانها فرض ديني وانه لا يجوز للانسان ان يتهاون فيها. وفي الحديث اثبات صفة الكلام لله تعالى. فقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه في الحديث اثبات صفة الرؤية فان الله تعالى يمكن ان يرى. ولكنه حجب عن بني ادم في الدنيا لحكم يرى سبحانه وتعالى. وفي الحديث عود الانسان من الطريق الذي ذهب معه. كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث مشروعية المناقشة في الاحكام الشرعية خصوصا في اوقات التشريع وفي الحديث ايضا من الفوائد المراجعة مرة بعد اخرى ومن اجل ترتيب امور الانسان كما راجع النبي صلى الله عليه وسلم ربه في امر الصلاة وعددها في الحديث ايضا من الفوائد ان الله تعالى خفف عن هذه الامة رحمة منه الاعنات والمشقة و في هذا الحديث ايضا من الفوائد تكاتف الصحابة رضوان الله عليهم في معرفة اخبار النبي صلى الله عليه وسلم ونقلهم بعضهم لبعض. وفي هذا الحديث ان الصلوات الخمس تحسب للعبد خمسين صلاة وذلك لان الحسنة بعشر امثالها. وفي الحديث صفة الحياء ان الانسان قد يستحي من رئيسه وقريبة وفي الحديث من الفوائد خروج الانسان من منزله والضيف فيه اذا كان له حاجة لا يستطيع تركى قضائها. وفي الحديث ايضا نعيم اهل الجنة ان الله تعالى قد اعده للمؤمنين وفيه من انواع الخير والنعم ما لا يخطر على بال احد. بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير وجعل الله واياكم الهداة المهتدين ما نسأله جل وعلا ان يصلح احوالنا جميعا وان يغفر ذنوبنا وان يرفع درجاتنا وان يجعلنا من الموفقين للاعمال الصالحة هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين