الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا لكم التوفيق لكل خير وان يجعلني واياكم من الهداة المهتدين. ونسأله سبحانه ان يتقبل من الحجيج حجهم وان ييسر لهم نسكهم وان يعيدهم الى بلدانهم سالمين غانمين قد غفرت ذنوبهم. وبعد ففي هذه الدروس نتدارس شيئا من الاحاديث التي اوردها الامام البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الصحيح لعل الله جل وعلى ان يجعلنا ممن يستفيد من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويسير على هديه خصوصا فيما يتعلق بامر الصلاة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني يصلي فلعلنا نستمع لعدد من الاحاديث التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال الامام البخاري رحمه الله وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين عن اللماس وعن النباذ وعن ان يشتمل الصماء وان يحتبي الرجل في ثوب واحد ثم يرفعه على منكبيه على منكبه ليس على فرجه منه شيء بينه وبين السماء ونهى عن صلاتين صلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس وبعد العصر حتى تغيب الشمس وعن صيامين الفطر والنحر. قوله هنا نهى النبي صلى الله عليه وسلم النهي طلب ترك الفعل على سبيل الجزم وهو مما يفيد التحريم والفساد والتكرار الدوام وقوله عن بيعتين البيعة المراد جمع بيع والمراد عن نوعين من انواع عقود البيوع واولاهما اللماس وذلك هو بيع الملامسة قد ورد تفسيره بانه ان يقول البائع اي ثوب لمسته يا ايها المشتري فهو بكذا كما نهى عن النباذ. وهو المنابذة بان يقول البائع اي ثوب نبذته اليك كافهو لك بكذا فهذان النوعان من انواع البيوع مما نهي عنهما. والعلة في المنع منهما ما فيهما من الجهالة. وهكذا نهى عن لبستين. الاولى اشتمال الصماء. بحيث خذوا خرقة واحدة يلف بها جميع بدنه وثانيها ان يحتبي الرجل في ثوب واحد والاحتباء يكون بتغطية جميع البدن. ثم يرفعه على منكبه. والمنكب يكونوا فوق الكتف وهو العظم الذي يكون بين او المفصل الذي يكون بين العضد والكتف ليس على فرض منه شيء بينه وبين السماء فانه حينئذ هذه اللبسة تؤدي الى انكشاف العورة نهى عن صلاتين اولاهما الصلاة بعد طلوع الفجر حتى ترتفع الشمس. ونهى عن الصلاة بعد اداء صلاة العصر حتى تغيب الشمس ويدخل وقت المغرب. ونهى عن صيامين الاول صيام يوم الفطر والثاني صيام يوم النحر. فهذا الحديث فيه عدد من الفوائد منها ان الاصل في البيوع الحل والجواز. وان المنهي عنه هو الذي يحتاج الى دليل ولذا قال الله تعالى واحل الله البيع فدل هذا على ان الاصل في البيوع هو الحل الجواز وهذا هو مذهب احمد وطائفة من علماء التابعين وجمهور يرون ان الاصل في البيوع المنع حتى يأتي ما يصححها. ومذهب احمد في هذا اقوى. وبالتالي فان الاصل في العقود الجديدة من عقود البايع هو حلها وجوازها وصحتها ولزومها حتى يعرف دليل يدل على المنع من ذلك العقد. وفي الحديث ان البيوع المبنية على جهالة سواء كانت جاء هالة في الحال او في المآل فانه يمنع منها ولا يجوز تعاطيها. وفي الحديث فيه دلالة على ان البيوع المشتملة على جهالة بعقود باطلة غير صحيحة لا تترتب عليها اثار العقود الصحيحة من انتقال الملك بين البائع والمشتري. وفي الحديث النهي عنه بيع الملامسة وبيع المنابذة وقد تقدم بيان المراد بهما. وفي الحديث ان الاصل في باب اللباس هو الجواز وحل اللبس الا ما اتى دليل بمنعه. ولهذا ها عن انواع من انواع اللبس. والتحريم في باب اللباس قد يكون لمادة الملبوسة كما ها عن لبس الحرير للرجال ولبس الذهب وقد يكون لمخالطة الملبوس بشيء ككون الملبوس قد اختلط بنجاسة او لتعلق حقوق الاخرين كما في المغصوب والمسروق فانه لا يجوز لبسهما او هيئة اللبس وطريقته كما في لباس آآ اشتمال الصمة والاحتباء التي ورد في الحديث النهي عنها وفي الحديث حرص الشريعة على ستر الابدان وعدم ظهور العورات. وان من المستحب ان يسعى الانسان الى تغطية ما استطاع من بدنه. وفي الحديث من الفوائد ان من اوقات النهي ما بعد الفجر الى طلوع الشمس. فهذا الوقت لا يجوز لاحد ان يصلي فيه ولا ان يتنفل فيه. وقد وقع الاختلاف في فعل ذوات الاسباب في هذا الوقت. فقال طائفة بجوازها مطلقا ومنعها اخرون مطلقا وفرق طائفة بين الوقت الموسع ازوها فيه والوقت المضيق فمنعوها فيه. ولعل هذا القول ارجح على ما تقدم معنا فيما سبق اه استدل بهذا الحديث طائفة على ان وقت النهي في الفجر لا يبتدأ الا باداء صلاة الفجر. والاظهر انه يبتدئ بدخول الفجر فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة بعد الفجر الا ركعتين الفجر وركعتا الفجر تؤدى قبل صلاة الفريضة. فدل هذا على ان التحريم يبتدأ من طلوع الفجر ويدل على هذا ما ورد في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الفجر نجران. اما احدهما فلا يحرم الطعام ولا يحرم الصلاة. واما الاخر في حرم الطعام ما والصلاة فدل هذا على ان وقت النهي في صلاته آآ الفجر يبتدأ من طلوع الفجر من الاذان وبالنسبة لسنة الفجر هذه مستثناة فان السنن الرواتب تفعل في اوقات النهي الموسع ولذا من فاتته سنة الفجر قبل الفريظة صلاها بعد الفريظة بل من فاتته سنة الظهر جاز له هو ان يصليها بعد العصر كما نقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث انه يحرم على الانسان ان يصلي بعد ادائه لصلاة العصر. وان التحريم يستمر وقته لغروب الشمس بغياب جميع قرص الشمس. وفي هذا دلالة على ان ما قبل صلاة المغرب ليس بوقت نهي اذا كان بعد غروب الشمس. وفي الحديث تحريم قوم يوم الفطر ويوم الاضحى وان من صامهما فانه يأثم بذلك متى علم عن نهي الشرع عن صومهما وفيه دلالة على ان صوم يوم العيد من الامور الباطلة قصيدة وبذلك قال الجماهير وقال الامام ابو حنيفة بان صيام يوم النحر والفطر من الامور الفاسدة وليست بالصحيحة وترتب على ذلك انه على مذهب الجمهور من نذر ان يصوم يوم الفطر فانه لا يلزمه هذا الصوم وحينئذ آآ يأخذ حكم نذر المعصية فعند الجمهور يلزمه كفارة يمين وعند الشافعي لا يلزمه شيء. وقال الامام ابو حنيفة صيام يوم العيد فاسد وليس بباطل. فانه لم ينهى عن اصل الصوم. وانما نهي عن ايقاعه عند وجود صفة معينة هي كونه في يوم العيد. ومن هنا فان اه العبد متى نذر ان يصوم يوم العيد لزمه ان يصوم يوما اخر. فعند ابي حنيفة ان الفاسد يمكن تصحيحه بخلاف الباطل. وقول الجمهور في هذا اقوى لان التفريق بين الفاسد والباطل مبني على انفكاك الاصل عن وصفه. وهذا الانفكاك انما هو في الاذهان. اما في الواقع وفي الخارج فان الشيء لا يكون الا بصفته فلا انفكاك بينهما. لان الذهن يتصور صورة مجردة للاشياء وبالتالي يمكن ان يفرق الذهن بين اصل الفعل وبين الاوصاف اللاحقة به بين ما الذي في الواقع لا يقع اصل الفعل الا عند اقترانه بالاوصاف التي تكون معه وعن حميد عن ابي هريرة رضي الله عنه قال بعثني ابو بكر الصديق رضي الله عنه في تلك الحجة التي امره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في مؤذنينا يوم النحر نؤذن بمنى الا لا يحج وعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. قال حميد بن عبدالرحمن ثم اردف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن ابي طالب رضي الله عنه فامره ان يؤذن ببراءة. قال ابو هريرة فاذن معنا علي في اهل منى يوم النحر ببراءة والا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ويوم الحج الاكبر يوم النحر من اجل قول الناس الحج الاصغر فنبذ ابو بكر الى الناس من ذلك العام فلم يحج في العام الذي حج فيه النبي صلى الله عليه سلم مشرك. قوله هنا بعثني. يخبر ابو هريرة رضي الله عنه ان ابا بكر الصديق قد ارسله. ليبلغ لعموم الناس ممن حج البيت في تلك السنة. قوله في تلك الحجة يعني في الحج الذي كان في السنة التاسعة في الحج الذي كان في السنة التاسعة. فان النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة لم يحج في تلك السنة لعدم استقرار احوال الناس ولم يحج في السنة التي تليها وهي السنة التاسعة لانه لا زال يطوفه بالبيت اناس عراة ولا زال يحج البيت اناس مشركون. فأجل النبي صلى الله عليه وسلم لتكون في السنة العاشرة بينما في السنة التاسعة امر النبي صلى الله عليه وسلم ابا بكر ليحج بالناس وكان ابو بكر قد كلف عددا من الصحابة بان ينادوا في الناس وان يكونوا مؤذنين يوم النحر يؤذنون في منى ومنى يلبث الناس فيها في يوم العاشر اليوم العيد وايام التشريق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فكان من ندائهم الذي نادوا به الا يحج بعد العام مشرك. ويمكن ان يكون هذا النداء في يوم التروية. الذي هو اليوم الثامن من شهر في ذي الحجة حيث يمكث الناس في منى من اجل جلب المياه التي يشربون منها يغسلون منها. قال ابو هريرة فبعثني ابو بكر في مؤذنين يوم النحر وهو اليوم اشر من شهر ذي الحجة. نؤذن بميناء ومنى مشعر داخل حدود الحرم وكان مما نادوا به الا يحج بعد العام مشرك. والمشرك هو من يصرف العبادات لغير الله تعالى كاولئك الذين يدعون الاصنام ويسجدون لها ويطلبونها العون على حياتهم اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يطهر المشاعر من الشرك والمشركين فاخر حجته لتكون في السنة العاشرة وارسل ابا بكر ليحج بالناس في السنة التاسعة كان مما ينادون به الا يطوف بالبيت عريانا. والمراد بالطواف بالبيت الدوران حوله له وكانوا يدورون ويطوفون عليه سبعة اشواط. ومن شأنهم في الجاهلية ان غير اهل مكة لا يطوفون بالبيت بثيابهم التي اتوا بها من الحل. فمن وجد من يعطيه ثياب من اهل مكة لبس ثوبه فطاف. ومن لم يجد طاف وهو عريان. سواء كان رجلا او كان امرأة ولذلك عثر عن امراءة انها كانت تطوف بالبيت وقد وضعت يدها على فرجها ليس عليها من اللباس شيء تقول اليوم يبدو بعضه او كله فما بدا منه فلا احله. فكانت هذه عادة اهل الجاهلية فلما جاء الله بالاسلام ازال ذلك وامر الناس بان يتخذوا اللباس الذي استروا عوراتهم وابدانهم. ومن هنا كان يرسل من ينادي في الناس الا يطوف بالبر عريان قال حميد بن عبدالرحمن وهو الراوي عن ابي هريرة ثم اردف رسول الله صلى الله عليه وسلم اي طلب من علي ابن ابي طالب ان يلحق بابي بكر فيقرأ في الناس سورة براءة لما فيها من امهال المشركين اربعة اشهر يسيحون في الارض. وبعد ذلك لا يمكنون من دخول مكة ويزلون عنها. فامر النبي صلى الله عليه وسلم عليا ان يؤذن الناس بسورة براءة. ولذلك وذلك لان من عادة العرب انهم اذا ارادوا ان يبلغوا رسالة مهمة قام المرسل بارسال بعض اهله وليبلغ الرسالة فهكذا كان فقد كان علي قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم فهو ابن عمه. وسورة براءة سورة قيمة فيها البراءة من الشرك والمشركين. والامر بابعادهم عن بيت الله الحرام. قال تعالى يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا. قال ابو هريرة اذن معنا علي اي اصبح ينادي في الناس وينادي في اهل منى يوم النحر اليوم العاشر من شهر ذي الحجة فكان يقرأ على الناس سورة براءة. وكان يبلغهم يقول لا يحج بعد العام مشرك ويقول ولا يطوف بالبيت عريان. ويوم الحج الاكبر هو يوم النحر. سمي الاكبر لان اكثر اعمال الحج تقع في يوم العيد في يوم النحر. فان فيه رمي الجمار وفيه الحلق والتقصير وفيه ذبح الهدي والاضاحي ودم التمتع وفيه ايضا وحلاق الشعر وفيه ايضا الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ولذا سمي بهذا اسم يوم الحج الاكبر وهذا يوم النحر من اجل قول الناس الحج الاصغر وقال فنبذ ابو بكر اي طرح بين ايدي الناس وبلغهم المقالة العظيمة الا يحج بعد العام مشرك والا يطوف بالبيت عريانا فارسل مناديب ينادون في الناس هذا الحكم ففي السنة العاشرة لم يحج مشرك واقتصر الحج على اهل الاسلام واهل التوحيد قال فلم حجة في العام الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم مشرك وهو العام العاشر. ففي هذا الحديث من الفوائد فظل ابي بكر الصديق رظي الله عنه ومكانته حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثه ويرسله لتبليغ احكام الشريعة. وليقود الناس في اداء النسك. وفي هذا حج ابي بكر رضي الله عنه بالناس في سنة تسع وفي هذا الحديث انه لابد ان يكون الناس امام او نائب له في تنظيم امور الحج لان لا يحصل من والالتباس والاختلاط. ولان لا تترك ترتيب امور الحجيج. وفي هذا حديث من الفوائد ان الحكم العام الذي يحتاج اليه الناس ينبغي تعميمه وارشاد الناس اليه ولذا اختار ابو بكر عددا من المؤذنين الذين يؤذنون بهذه الخطبة العظيمة وفي هذا الحديث ايضا من الفوائد القاء المواعظ والنصائح على الحجيج سواء في يوم النحر او في غيره من الايام. وفي الحديث منع المشركين من دخول مكة المكرمة. وفي الحديث لانه لا يصح للمشرك حج ولا يقبل منه. وفي الحديث مشروعية الطواف بالبيت. وفيه اي العريان عن ان يطوف بالبيت مما يدل على ان طواف العراة لا يصح ولذا على الانسان عند ادائه للطواف ان يتفقد نفسه. فاننا نجد ان بعض الناس اه يكون هناك فتحة في اسفل ظهره وقد اوجب الله عليه تغطية ذلك المكان. وهكذا نجد ان بعض النساء لا يظهرن شيئا من ابدان انهن واهن مأمورات بالتستر في هذا الباب. وفي هذا الحديث علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وعظم مكانة سورة براءة وما فيها من اكتمال اياتها على البراءة من المشركين وفي هذا الحديث ايضا بيان ان يوم الحج الاكبر هو يوم العيد يوم العاشر من شهر ذي الحجة. وفي الاية انذار المشركين قوله فسيحوا في الارض اربعة اشهر وفي هذا الحديث ايضا ان صاحب الامان من مشركين يجب احترام امانة وعدم التعرض له ولذا لم يكن من شأنهم رد المشركين من الحج في السنة الاولى حتى طهرت مكة في السنة الثانية. وفي هذا الحديث بيان وتعريف الناس بيوم الحج الاكبر وفي هذا الحديث من الفوائد امتثال صحابة لامر النبي صلى الله عليه وسلم ورغبتهم في السير على طريقته. اسأل الله جل الا ان يوفقني واياكم لكل خير وان يجعلني واياكم من الهداة المهتدين. كما نسأله جل وعلا ان يصلح احوال لنا جميعا وان يبارك فينا وان يجعلنا ممن يعين على طاعة الله عز وجل والقيام شرع كما نسأله جل وعلا ان يكفينا شر الاشرار ومكر الكائدين الفجار. اللهم اكفنا كيدهم اللهم رد كيدهم في نحرهم يا قوي يا عزيز اللهم امنا في اوطاننا واصلح وولاة امورنا. اللهم وفقهم لهداك واجعل عملهم في رضاك. برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم وفق ولاة امرنا في هذه البلاد وجازهم خير الجزاء وكن معهم وايدهم بتأييدك هم ناشرين لشريعتك. محكمين لكتابك. عاملين بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين