وبحالة قد ماتوا او قد نسوا اخبار ذلك المنبر. ثم قال سهل والله اني لاعرف مما هو اي من اي شيء صنع المنبر. ولقد رأيته يعني رأيت المنبر اول يوم صلى الله عليه وسلم فروج حرير. فلبسه فصلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له. وقال لا ينبغي هذا للمتقين. قوله هنا اهدي للنبي صلى الله عليه وسلم فالرجو حرير ولتعلموا صلاتي. قوله هنا انا عن ابي حازم سلمة بن دينار قال سألوا سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ومن الصحابة من اي شيء المنبر اي ما هي المادة التي صنع منها منبر رسول الله صلى الله عليه الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يوفق الجميع لما يحب ويرضى وما جعل اعمالنا على البر والتقوى. كما اسأله سبحانه ان ييسر للحجيج حجهم وان يتقبل منهم وان يغفر لهم ذنوبهم وان يعيدهم سالمين غانمين كما اسأل الله جل وعلا ان يكفي المسلمين شر كل من قاد بهم سوءا او شراء. وبعد هذا لقاء جديد نتدارس فيه عددا من الاحاديث التي اخرجها الامام رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته وجزاه عنا وعن الاسلام خير الجزاء ولعلنا نقرأ عددا من الاحاديث التي اخرجها هذا الامام. نعم. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الامام البخاري رحمه الله وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة له لها اعلام فنظر الى اعلامها نظرة. فلما سلم وانصرف قال شغلت لي اعلامها هذه اذهبوا بخميصتي هذه الى ابي جهم. واتوني بانبجانية ابي جهم. بن حذيفة بن غانم من بني عدي بن كعب فانها الهتني انفا عن صلاتي. قوله هنا ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة له الخميصة نوع من انواع الثياب. ويكون مربعا وفيه خطوط يعلم بها ولذا قال لها اعلام اي لها صور واشكال توظع على هذا الثوب من انواع الثياب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم الى اعلامها نظرة. يعني في اثناء الصلاة فلما سلم وانصرف من قال شغلتني يعني الهتني اعلام هذه يعني ان ما على هذا الكساء من الاعلام والخطوط شغلت النبي صلى الله عليه وسلم بتفكيره فيها. فشغلته عن تدبر معاني في اذكار الصلاة ثم قال اذهبوا بخميستي هذه اي ليكن من شأنكم ان تذهبوا وان تبعدوا تعني هذا النوع من انواع الثياب لئلا يشغلني في اثناء صلاتي. وعودوا بها الى ابي جهم احد الصحابة واتوني بان بجانية ابي جهم. والانبجانية نوع من انواع اب كساء غليظ ليس فيه تصاوير ولا رسوم ولا اعلام. قال فانها الهتني اي جعلتني اتفكر فيها شغلتني عن التفكر والتدبر في اذكار الصلاة الهتني انفا يعني قبل قليل عن صلاتي يعني عن التفكر في معانيها. ففي هذا الحديث من الفوائد جواز صلاة الانسان في الثوب الذي فيه رسوم واعلام مع ان الاولى تركه والصلاة بالثوب الذي ليس فيه ما يشغل. وفي هذا استحباب ان تكون برش المساجد ومحال الصلاة ليس فيها نقوش لان لا تشغل المصلين في اثناء صلوات وفي هذا الحديث صحة صلاة من نظر في اعلام كسائه وفي الحديث ايظا ان الالتفات اليسير في الصلاة لا يؤثر على صحتها. وفي هذا الحديث بيان انواع الثياب التي كان الناس يلبسونها في عهد النبوة. و في هذا الحديث ابتعاد الانسان في صلاته عما يشغل قلبه ويجعله يتفكر ويتأمل فيه ليكون ممن تدبر صلاته وتفكر في المعاني التي اشتملت عليها قراءته واذكاره. وعن انس رضي الله عنه قال كان قرام لعائشة رضي الله عنها سترت به بيتها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اميطي عنا قرامك هذا فانه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي. من قال قوله كان قرام لعائشة. القرام نوع من الاستار التي يستر بها البيت وفي الغالب انه يكون رقيقا ويصنع من الصوف ويكون له الوان مختلفة قال كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها. وكان بيتها في طرف المسجد وكان باب غرفتها على المسجد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة اميطي اي ازيلي عنا قرامك هذا اي هذا الحجاب الذي يستر. فانه لا تزال تصاويره يعني ما فيه من النقوش والعلامات تعرض في صلاة اي تبرز امام عيني وتلوح بحيث تجعلني انشغل بها عن التفكر في معاني ما اقرأه في صلاتي وفي هذا الحديث جواز ستر البيوت والجدران بانواع الستائر وانه لا حرج في ذلك وفي بهذا الحديث ايضا استحباب بعد الانسان عن النقوش التي تكون امامه في اثناء الصلاة وفي الحديث استحباب خشوع الانسان في صلاته وتفكره فيما يقرؤه من الايات اذكار وفي هذا الحديث ايضا من الفوائد الابتعاد عن التصاوير خصوصا في اثناء الصلاة وفي الحديث ايضا اشتغال الانسان بانواع الذكر الدعاء في اثناء الصلاة. وفي الحديث تعليل الانسان لما يأمر به. فان النبي صلى الله عليه وسلم لما امر عائشة فقال لها اميطي عنا كرامك هذا لم يقتصر على هذا وانما بين العلة والمعنى في امره فقال فانه لا تزال تصاويره تعرظ في صلاتي. وفي هذا الحديث ايظا تصرف المرأة في بيت زوجها بما ترى انه انسب واصلح ولو لم تستأذنه اذا علمت انه ولا يعارض فيما تتخذه من اجراء. نعم. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال اهدي الى النبي الفروج نوع من انواع اللباس اشبه ما يكون الى من البسه في زماننا مما يقال له البشت او القبا ويكون له شقوق في الجوانب وقوله هنا حرير يعني انه قد صنع من الحرير فلبسه النبي صلى الله عليه وسلم فصلى فيه ثم انصرف اي لما سلم انهى صلاته نزعه نزعا شديدا اي خلعه بسرعة كالكاره له. وقال لا ينبغي اي لا يكون هذا اللباس للمتقين لانه من الحرير. وقد جاءت النصوص بتحريم لبس الرجال للحرير. وقد استدل الجمهور بهذا الحديث على صحة من صلى بثوب الحرير وذهب الامام احمد الى بطلان صلاة من غطى عورته بالحرير لقول النبي صلى الله عليه عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. وفي الحديث جواز لبس القبا روج وفيه ايضا ان وجود بعض الفتحات في الثياب لا يؤثر على جواز لبسه ما لم تبين شيئا من اعضاء البدن. وفي الحديث ايضا الترغيب في الاتصاف صفات اهل التقوى. وعن ابي حازم قال سألوا سهل بن سعد رضي الله عنهما من اي شيء المنبر فقال ما بقي في الناس اعلم مني. والله اني لاعرف مما هو. ولقد رأيته اول يوم وضع واول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو من اثر الغابة عمله فلان مولى فلانة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى امرأة من الانصار فلانة قد سهل انوري غلامك النجار اي يعمل لي اعوادا اجلس عليهن. اذا كلمت الناس فامرت عبدها افعملها فقطع من طرفاء الغابة فصنع له منبرا فلما قضاه جاء بها فارسلت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فامر بها فوضعت حيث ترون. ها هنا فجلس عليه ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه حين عمل ووضع فاستقبل القبلة كبر وهو عليها وقام الناس خلفه فقرأ وركع وهو عليها وركع الناس خلفه ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى فسجد على الارض ثم ثم عاد الى المنبر ثم ركع ثم رفع رأسه ثم جلس القهقرة حتى سجد بالارض في اصل المنبر ثم ثم عاد فهذا شأنه فلما فرغ اقبل على الناس فقال يا ايها الناس انما صنعت هذا لتأتموا وسلم والمنبر هو ما يصعد عليه من اجل القاء الخطب من اجل القاء الخطب عليه فقال سهل بن سعد ما بقي في الناس اعلم مني؟ يعني ان جميع من شهدوا ذلك المنبر وعلموا وضع اي جعل في قبلة المسجد واول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو من آسفي الغابة والاسل شجر معروف يعرف عند اهل هذه البلاد. وفي الغالب يكون طويلا ويجعلونه في اطراف المزارع من اجل ان يرد الرياح ويرد الاتربة عن البساتين وليس له ثمرة تؤكل. قال هو من اثل الغابة. والغابة موطن من مواطن المدينة يسمى بهذا الاسم لكثرة اشجاره. قال عمله اي صنع ذلك المنبر فلان مولى فلان صنعه لمن؟ لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك انه بعث يعني ارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى امرأة من الانصار فلانة قد سماها سهل ان مري اي اطلبي من لامك النجار اي المشهور باصلاح الاخشاب. وصنعها ان يعمل لي اعوادا. اجلس وعليهن اي يصنع لي منبرا من الخشب والاعواد لاخطب الناس وانا على تلك الاعواد وذلك المنبر. قال فامرت المرأة عبدها فعمل تلك اعواد ووظع المنبر. فقطع من طرفاء الغابة اي اخذ من الاشجار التي في اطراف وهي المكان الذي حول المدينة. فصنع له منبرا. وهو المكان الذي يكون بارزا عن الارض ويكون خارجا طالعا بحيث ان من خطب عليه كل من في المسجد فلما قضاه اي انهى صنعه جاء الغلام بذلك المنبر الى المرأة ارسلت المرأة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبره بان المنبر قد صنع فامر صلى الله عليه وسلم بالمنبر فوضع في هذا المكان الذي هو حول محراب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة. ولذلك كان يخطب عليه بعد ذلك اليوم. قال ثم رأيت اي شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه اي وقف على ذلك المنبر للخطبة الاطباء حين عمل اي صنع ووضع اي جعل في قبلة المسجد النبوي فاستقبل القبلة يعني انه اراد ان يعلم الناس كيفية الصلاة. فصلى امامهم على المنبر ليكون ارزا ليشاهده كل واحد منهم. فاستقبل اولا القبلة وهي بالنسبة للمسجد النبوي جهات جنوب جهاد الجنوب وحينئذ كبر تكبيرة الاحرام وهو على المنبر فصفى الناس خلفه على الارض يصلون بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الفاتحة وسورة ثم ثم ركع وهو على والناس ينصتون لقراءته ويقتدون بصلاته فلما ركع صلى الله عليه وسلم ركعوا او معه ثم رفع رأسه ورفع الناس رؤوسهم فلما اراد ان يسجد نزل من المنبر ما يدل على ان درجات المنبر كانت جهة المصلين. فقال ثم رجع القهقراء اي يمشي على خلفه لانه في صلاة والمصلي لا يصح ان يستدبر القبلة فلما وصل الى الارض سجد عليها. والناس معه ثم جلس فسجد ثم لما وقف الركعة الثانية عاد فصعد المنبر. والناس يشاهدون ويقتدون بصلاته. ثم ركع ورفع رأسه وهو على المنبر ثم نزل من المنبر برجوعه الى الخلف رجع القهقرة حتى سجد بالارض في اصل المنبر اي قبل اول درجة من درجات المنبر ثم عاد. قال فهذا شأنه يعني في الصلاة. فلما فرغ وانتهى من الصلاة اقبل على الناس اي انه التفت من كون وجهه جهة القبلة الى كون وجهه جهة مصلين ثم انه قال يا ايها الناس انما صنعت هذا اي صليت على المنبر وانتم لتأتموا بي. اي لتفعلوا في صلاتكم مثل ما فعلته تعلموا صلاتي اي تعرفون كيفية صلاتي فتقتدون فيها. ففي هذا الحديث جواز اتخاذ المنابر في المساجد ليخطب عليها. وفي هذا الحديث جواز اتخاذ الوسائل المؤدية الى وصول صوت الخطيب والامام الى الناس. والمصلين ومن ذلك لاقط ومكبرات الصوت في زماننا. وفي هذا الحديث اعتداد الانسان بنفسه في باب العلم متى لم يتجاوز حتى الاعتراف بفظل الله الى التبجح تكبر على الخلق وفي هذا الحديث ايضا ذكر الانسان لمعرفته بالعلم خبر وفي هذا الحديث الاستفادة من الشجر الاثل في صنع المنابر و غيرها مما يصنع من الاخشاب. وفي هذا الحديث جواز قطع اشجار المدينة المزروعة اوعى وانه لا يتنافى مع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من حريم المدينة. وفي هذا الحديث ايضا طلب الانسان من غيره عملا صالحا يعود عليه بالاجر وان هذا لا يتنافى مع حال الكمال كما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من المرأة الانصارية صنع المنبر وآآ في هذا الحديث ايضا طبت الرجل للمرأة الاجنبية اذا كان ذلك بتستر منها وحشمة وفي هذا الحديث من اه الفوائد استحباب ان تكون الخطب في مكان بارز ليكون ذلك ادعى لسماع الناس لصوت الخطبة وفي هذا الحديث وجوب تنفيذ مملوك لامر سيده. وفي هذا الحديث مشروعية اداء الانسان صلاة امام اخرين ليتعلموا منه كيفية الصلاة. وفي هذا الحديث بذل الاسباب المؤدية الى نشر العلم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما صلى امام الناس ليقتدوا به وليتعلموا منه وفي هذا الحديث جواز ان يكون الامام ارفع درجة من المأموم وان الاقتداء يصح وفي هذا الحديث جواز الصلاة في السطوح والمنابر وما صنع من الاخشاب وفي هذا الحديث جواز امتهان عمل النجارة كما فعل هذا الرجل مولى الانصارية وفي الحديث ايضا من الفوائد جواز ان يطلب الانسان من غيره هبة بعض ماله اذا كان فيه نفع عن عام وفي هذا الحديث ايضا من اه الفوائد ان من صلى على منبر استحب له ان يكون سجوده على الارض. وفي هذا الحديث من الفوائد ايضا الاقتداء بالايمان في الصلاة المسنونة فان هذه الصلاة لم تكن فريضة. وفي الحديث جواز الاشتغال اليسير في الصلاة بما يعود عليها بالنفع ومن ذلك نزول النبي صلى الله عليه وسلم من على المنبر وصعوده عليه. وفي الحديث ان الانسان في صلاته لا يجعل القبلة وراء ظهره ولو احتاج لذلك وان الصلاة تبطل باستدبار الكعبة. وفي هذا الحديث التأكيد على اهمية السجود. وان يكون على الارض. وفي هذا الحديث ايضا تعليم الامام الناس ما يعود عليهم بالنفع. وفي هذا الحديث ان اهل المكانة عالية يقتدى بهم وبالتالي على الانسان ان يتحرز من ان يؤثر عنه فعل غير موافق للشرع فيكون من اسباب اقتداء الاخرين بمثل عمله. هذا شيء من الفوائد المتعلقة هذا الحديث بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يجمع كلمتها على الحق وان يدر عليها وان يصلح ذراريها واسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امور المسلمين في كل مكان للخير والهدى وان يكونوا من اسباب الطاعة والتقوى. كما اسأله جل وعلا لولاة هذه البلاد التوفيق لكل خير وان يجزيهم احسن الجزاء على ما يبذلونه من امور تيسروا لاهل المناسك مناسكهم كما اسأله جل وعلا ان يصلح قلوبنا وان يملأها من التقوى والايمان هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين