وصلاة الليل التي تكون بعد نوم. وذلك ان من صلى بالليل بعد نوم يكون قد حظر ذهنه واستقرت نفسه فيكون ذلك ادعى لوعيه وفهمه لالفاظ القرآن. وقوله في هذا الحديث القرآن العظيم ومحمد صلى الله عليه وسلم. فان مت من ليلتك يعني في الليلة التي قلت فيها هذا الدعاء مت على الفطرة التي فطر الله بني ادم عليها. وان اصبحت ولم تمت في الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه. وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد ففي مجلس من مجالس العلم نتدارس فيه احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نأمل فيه ان تحفنا الملائكة وان ينزل الله علينا الرحمة والسكينة وان يذكرنا الله في من عنده يتدارس فيه شيئا من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم ونواصل ما ابتدأنا به من قراءة كتاب الوضوء من مختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الامام البخاري رحمه الله وعن ابي حازم انه سمع سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما وسأله الناس وما بيني وبينه احد باي شيء دوي جرح النبي صلى الله عليه وسلم فقال اما والله اني لاعرف من كان يغسل جرح الله صلى الله عليه وسلم ومن كان يسكب الماء وبما دوي ما بقي احد اعلم به مني لما كسرت على رأس النبي صلى الله عليه وسلم البيضة وادمي وجهه وكسرت رباعيته كان علي رضي الله عنه يختلف بالماء في المجن فيجيء بترسه فيه ماء وكانت فاطمة رضي الله عنها تغسل عن وجهه الدم وعلي يمسك فلما رأت فاطمة الدم يزيد على الماء كثرة ولا يرتد الا كثرة فاخذت حصيرا فاحرقته حتى صار رمادا. والصقتها على جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحشي به جرحه فاستمسك الدم. يقول ابو حمزة في ذكر جرح النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان جرح في يوم احد قال سمع سهل ابن سعد وسأله الناس يقول ابو حازم كنت بجواره حتى لم يكن بيني وبينه احد فسأله سائل بأي شيء تمت مداواة جرح النبي صلى الله عليه وسلم فقال سهل بن سعد اما والله اني لاعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعني من هو الذي غسل الدم عن جرحه ومن كان يسكب الماء اي من كان يصب الماء على مكان الجرح. وبما دوي يعني ما هو الذي استعمل قال ما بقي احد اعلم به مني فان سهل ابن سعد تأخرت وفاته رضي الله عنه يقول لما كسرت يعني لما هشمت البيضة التي كانت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والبيضة هي الحديدة التي توضع على الرأس يضعها المحارب على رأسه من اجل ان يتلقى بها ظربات الاعداء. وادمي وجهه اي جرح وجهه حتى خرج منه الدم وكسرت رباعيته وهي السن الذي في زاوية فمه قال سهل كان علي يختلف بالماء في المجن. يعني يحمل الماء ويأتي به مرة بعد مرة في الترس يضع الماء في الترس الذي كانوا يتقون به في في القتال. قال فيجيء علي بترسه فيه ماء. وكانت فاطمة رضي الله عنها تغسل عن وجهه الدم. وعلي يمسك يعني يمسك الترس ثم يصب الماء. قال فلم لما رأت فاطمة الدم يزيد على الماء كثرة. يعني بقدر ما يأتون ويصبون الماء على وجه رسول صلى الله عليه وسلم يخرج الدم ولا يرتد الدم الا كثرة. حينئذ عمدت اي اتجهت فاخذت حصيرا والحصير الفراش الذي كانوا يصنعونه من خوصي النخل فاحرقه لانه كان من الدواء الذي يداوون به الجروح ليتوقف الدم الرماد وخصوصا الرماد حصير فاخذت حصيرا فاحرقته حتى صار رمادا. والصقتها يعني الرماد على جرح النبي صلى الله عليه وسلم من اجل ان يتوقف الدم فحشي به جرحه يعني اخذ ذلك الرماد فوضع في مكان الجرح حتى استمسك الدم اي وقف الدم ولم يعد يصب بعد ذلك شيئا. فهذا الحديث فيه بيان ما بذله رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه في القتال عن دين الله والجهاد في دين الله وما كان منه من الصبر في هذا الباب. وفي هذا الباب ذكر ما اصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم احد من الجراح. وفي هذا الحديث جواز التداوي بل فيه دلالة على انه لا حرج فيه ان يتداوى الانسان. وبعض الفقهاء قالوا بان التداوي مباح لكن تركه افضل. والصواب ان التداوي افضل من ترك التداوي وليس في هذا منافاة مع درجة التوكل. فان بذل الاسباب لا يتنافى مع التوكل فكما ان الانسان يبذل الاسباب في تحصيل الولد بالزواج ويبذل الاسباب في تحصيل الرزق بالعمل والامتهان والاكتساب. وهكذا في بقية اموره يبذل الاسباب لتحصيله المقصودة فلا يتنافى هذا مع التوكل على الله تعالى فهكذا في باب التداوي وبعض ومستدلة بما ورد في الحديث حينما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان سبعين الفا من امته يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. فلما سئل عنهم قال هم الذين لا يسترقون هنا ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. فالحديث قال فيه لا اي لا يطلبون الرقية فهذا خاص بالرقى وطلبها. اما التداوي فقد قال صلى الله عليه وسلم عباد الله تداووا فانهما من داء الا وله دواء. فدل هذا على ان ان التداوي من الامور المستحسنة التي يحصل بها قوة البدن مما يمكن الانسان من طاعة الله جل وعلا. وفي هذا الحديث فضل فاطمة وعلي رضي الله عنهما وقيامهم بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم ومداواتهم لجرحه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه وفي هذا الحديث جواز استعمال البيضة التي تكون على الرأس وانه لا حرج في استعمالها. بل في استعمالها في الحروب. وقاية من ضربات الاعداء ومثل هذا الخوذات التي تصنع الوقاية التي يضعها الجندي على بدنه وفي هذا الحديث استعمال المجن الذي هو الترس واستعمال سواء في القتال او في نقل الماء كما استعمل هنا. وفي الحديث ايضا ما يداوى به من خرج منه الدم في الزمان الاول. وفي الحديث ايضا كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث غسل الدم بالماء من اجل تنقيته وازالته وفي الحديث ايضا من الفوائد استعمال الحصير في التداوي بحرقه ففيه جواز حرق الحصير من اجل ان يعالج به الجرح ليتوقف الدم وفي الحديث ايضا غسل المرأة لابيها الدم عن وجهه من اجل تنقيته وناصرا. اللهم اكفنا شر من اراد بنا سوءا. يا ذا الجلال والاكرام. اللهم من مكرنا بنا فامكر به اللهم من اراد بنا كيدا فاجعل دائرة كيده تعود عليه برحمتك يا ذا الجلال والاكرام ايواء مداواته بذلك. وفي الحديث ايضا من الفوائد جواز التداوي بالادوية التي جربها الناس واستعملوها. نعم. وعن ابي موسى رضي الله عنه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده يقول والسواك في فيه كأنه يتهوى. قوله قال ابو موسى عبدالله ابن قيس الاشعري اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن يعني يستعمل السواك في تنظيف اسنانه. بسواك يده لم يبين هذه اليد هل هي اليمنى او اليسرى؟ يقول يعني انه يقوم باخراج صوت بسبب شدة استعماله للسواك. قال والسواك في فيه يعني في فمه كأنه يتهوع اي يتقيأ فقوله هنا قوله فوجدته ويستن فيه استعمال السواك وانه من احوال النبي صلى الله عليه وسلم. وقد اختلف الفقهاء في اي اليدين افضل في استعمال السواك؟ هل تجعل في اليمين او تجعل في الشمال؟ فرأى فان الافضل ان يجعل السواك في اليد اليمنى. واستدلوا على ذلك بما رواه ابو داوود. ان النبي صلى الله عليه عليه وسلم كان يعجبه التيمن في سواكه وتنعله وطهوره. بينما رأى اخرون ان اولى ان يستعمل السواك باليد اليسرى. قالوا لانه قد ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان تجعل يده اليمين لما يتطيب به والشمال لا لما هو ضد ذلك. قالوا والسواك يستعمله الانسان فيخرج من فمه بعض ما لا يستحسن. وقالوا وفسروا الحديث الاول بان به يبدأ بشقه اليمين. ولعل الاظهر هو القول الاول باستحباب السواك اليد اليمنى وفي هذا استدل طائفة على ان السواك المسنون هو ما كان في عهد النبوة مما كانوا يستعملونه من عود الاراكي. رأى طائفة ان كل ما يتطهر به في في الفم فانه يأخذ حكم السواك. نعم. وعن حذيفة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا قام للتهجد من الليل يشوشه فاه بالسواك. قوله اذا قام للتهجد التهجد هو يشو صفاه اي ينظفه تنظيفا شديدا ويشوش فاه يعني فمه بالسواك ففي هذا استحباب قيام الليل وانه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفيه استحباب ان يكون قيام الليل بعد ان بعد نوم وفي الحديث استعمال السواك عند القيام لصلاة الليل وفيه تأكيد استحباب استعمال السواك عند استيقاظ الانسان من نومه وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى رجلا فقال اذا اذا اتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن ثم قل اللهم اسلمت نفسي بك وفوضت امري اليك ووجهت وجهي اليك والجأت ظهري اليك رغبة ورهبة اليك لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك. اللهم امنت بكتابك الذي انزلت. وبنبيك الذي ارسلت. فان مت من ليلتك انت على الفطرة وان اصبحت اصبت اجرا واجعلهن اخر ما تتكلم به. قال فرددتها على النبي صلى الله عليه استذكريهن فلما بلغت اللهم امنت بكتابك الذي انزلت قلت ورسولك الذي ارسلت قال فلا وبنبيك الذي ارسلت. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اوى الى فراشه نام على شقه الايمن ثم قال قوله عن البراء بن عازب رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى رجلا يعني اعطاه وصية يستعملها ويفعلها فقال صلى الله عليه وسلم اذا اتيت مضجعك يعني اذا اويت الى فراشك الذي تنام فيه فتوضأ وضوءك اذا اراد بقوله اذا اتيت يعني اذا اردت ان تأتي لان الوضوء يكون قبل كان الانسان لمضجعه فتوضأ وضوءك للصلاة. ثم اضطجع يعني ليكن منامك على شدك الايمن اي على نصفك الايمن. ثم قل اللهم يعني يا الله اسلمت يعني وضعت نفسي عندك. وفوضت امري اليك اي اعتمدت في حفظ لنفسي عليك فانت المرجع والملاذ. ووجهت وجهي اليك اي ان رغبتي وارادة انما هي فيما عندك. والجأت ظهري اليك اي احتميت بجنابك رغبة اي املا في فظلك ورهبة اي خوفا من غظبك وعقابك لا ملجأ اي لا لا ملجأ ولا منجى. اي لا محل الجأ اليه واحتمي به. ولا منجى يعني لا مهرب منك الا اليك. فالامر الى الله تعالى. اللهم اي يا الله امنت بكتابك الذي انزلت. اي صدقته وعملت به. وبنبيك الذي ارسلت ويراد نامي كذاك اصبت اجرا. اي وفقت للاعمال الصالحة التي تنال بها الاجر واجعلهن يعني هذه الكلمات اخر ما تتكلم به. قال البراء فرددتها يعني انه بدأ يحاول ان يحفظها بتكريرها على النبي صلى الله عليه وسلم. استذكرهن اراجعهن من اجل ان احفظهن. فلما بلغت اي وصلت الى قولي اللهم امنت بكتابك الذي انزلت غيرت لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فبدل ان اقول وبنبيك الذي ارسلت قلت ورسولي الذي ارسلت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ليس هذا هو اللفظ الذي علمتك وانما قلت لك وبنبيك الذي ارسلت. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اوى اي اذا اضطجع واتى فراشه الذي ينام عليه نام على شقه اي نصفه وطرفه الايمن ثم فقاله اي قال هذا الدعاء. ففي هذا الحديث الترغيب في ان يوصي الناس بعضهم بعضا بما يعود عليهم بالنفع كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي اصحابه. وفي الحديث اب الوضوء قبل النوم. وظاهر الحديث انه يستحب ولو كان الانسان على وضوء سابق وفي الحديث فظل من بات على وظوء. وفي الحديث الوضوء لغير وفي الحديث استحباب ان يبات الانسان وهو طاهر. كما ان في الحديث استحباب ان ينام الانسان على شقه الايمن وفي الحديث من الفوائد استحباب ان يقول لانسان هذا الذكر اللهم اسلمت نفسي اليك وفوظت امري اليك ووجهت هي اليك والجأت ظهري اليك رغبة ورهبة اليك. لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك. اللهم بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت. وفي الحديث التسليم لله تعالى انه المتصرف في الكون سبحانه وتعالى. ومن ثم يعتمد الانسان على الله ويفوض امره اليه وفي الحديث من الفوائد ايضا ان الانسان يعبد الله رغبة ورهبة ولذا قال في الحديث رغبة ورهبة اليك. وبهذا نعلم خطأ من يقول انا لا اعبد الله خوفا فان مقام الخوف من الله مقام محمود. وقد اذن الله على الخائفين منه فقال جل وعلا ولمن خاف مقام ربه جنتان. وقال تعالى واما من خاف امر به ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى. ومن ثم نعلم خطأ اولئك الذين يقولون نحن نعبد الله محبة له لا خوفا منه ولا رغبة في ثوابه. بل مؤمن يجمع بين هذه المقامات الثلاث الخوف من الله والرجاء له والمحبة له وتعالى. وفي هذا الحديث استحباب ان يكون نقل الحديث بالمعنى خصوصا في الاذكار المتعبد بالفاظها من مثل الفاظ الاذان ومن مثل الفاظ التشهد واذكار الصلاة فان المستحب ان يأتي الانسان الالفاظ الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بدون ان يزيد فيها فلا يصح ان يزاد في الفاظ الاذان او في الفاظ المتعبد بها في الاذكار بزيادة من عند انفسنا. ومن امثلة ذلك لا يستحب للانسان ان يقول في الاذان اشهد ان حبيبنا رسول محمدا رسول الله. وانما يقتصر على ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في الاذان لا شك اننا نحبه محبة اعظم من محبتنا لانفسنا ولكن من محبة ان نسير على طريقته وان نقتدي به بدون ان يكون عندنا زيادة في الالفاظ الواردة انه وفي هذا الحديث ان اهل التوحيد هم اهل الفطرة. وان قول النبي صلى الله وعليه وسلم يولد احدكم على الفطرة يراد به يراد به الاسلام وفيها هذا الحديث ان الاعمال الصالحة يجر بعظها بعظا فانه لما نام على وظوء ونام وقد قال هذا الذكر وفق للاعمال الصالحة التي ينال بها الاجر في غده. وفي الحديث استحبابا يكون اخر ما يتكلم به الانسان الاقرار بالرسالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث تكرار الالفاظ التي يراد حفظها سواء من كتاب الله او من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث من الفوائد ايضا مشروعية برسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا كان الصحابة يحرصون على نقل احواله صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث اثبات صفة العلو لله تعالى انه قال امنت بكتابك الذي انزلت والانزال يكون من العلو. بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. كما نسأله سبحانه سعادة الدنيا اخرة. اللهم يا حي يا قيوم كن لنا معينا وناصرا يا ذا الجلال والاكرام. اللهم كن لنا اللهم املأ قلوبنا من التقوى واجعلنا من اهل مخافتك ورجائك. اللهم اصلح ائمتنا وولاة امورنا اللهم وفقهم لهداك واجعلهم عاملين برضاك هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين