الله صلى الله عليه وسلم مصنف الامام عبدالرزاق هو مصنف كبير في عشرات من فيه شيء كثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا في مصنف ابن ابي شيب الحمد لله رب العالمين نحمده ونشكره ونسأله المزيد من فضله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله بلغ الامانة وادى الرسالة ونصح للامة صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان الله جل وعلا قد امتن علينا بان جعلنا من اهل الاسلام وجعل لهذا الدين وصولا يرجع اليها هي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هما مصدر العلم مرد الناس عند النزاع وهما من يستقى منهما حكم الله وهما اللذان جعلهما الله حجة على العباد قد امر الله جل وعلا بالرجوع الى هذين الاصلين في مواطن من كتابه فقال جل وعلا قل اطيعوا الله والرسول فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين وقال جل وعلا فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تأويلا فالمرد الى فالمرد الى الله يراد به الرد الى كتابه والرد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يراد به الرد الى سنته قد قال تعالى واذكروا نعمة الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة الكتاب والقرآن العظيم والحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ايات الله والحكمة بايات الله هي الكتاب والحكمة هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد امر الله تعالى المؤمنين بان يستجيبوا لاوامره واوامر رسوله صلى الله عليه وسلم وما ذاك الا اوامر الكتاب والسنة قال تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم وقد امرنا الله جل وعلا بان نقبل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وامر المؤمنين بان يستجيبوا لرسوله صلى الله عليه وسلم كما قال يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم فجعل الحياة الحقيقية بالاستجابة لله ولرسوله الاستجابة لله بالاخذ بما في هذا الكتاب العظيم القرآن الكريم والاستجابة لرسوله صلى الله عليه وسلم بالاخذ بسنته وقال جل وعلا امرني المؤمنين بطاعة هذا النبي الكريم وبيننا ان طاعته طاعة لله من يطع الرسول فقد اطاع الله. ومن تولى فما ارسلناك عليهم وكيلا بل قد جعل الله جل وعلا هذا هذا الاصل من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وحيا نازلا من السماء. كما قال تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وقد حذر الله من مخالفة اوامر رسوله فقال سبحانه فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب فعلوا ذلك ليقال عنهم في الدنيا. قارئ ومنفق ومجاهد. فلم يكن من شأنه ان يقصدوا الاخرة. ولذا لما قال عملت ذلك فيك. قال الله كذبت وانما عملته ليقال قارئ. فقد قيل اليمة وقد بين الله تعالى ان محبته تكون لمن سار على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فقال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله يغفر لكم ذنوبكم. فمن اراد محبة الله واراد مغفرة ما حصل منه من تجاوز او تقصير فعليه بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه باتباع هذا النبي الكريم بل قد جعل الله سيرته اسوة لاهل الايمان. كما في قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. وذكر الله كثيرا ومن هذا المنطلق حرص المؤمنون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لانها اصل اصيل مصدر من مصادر الشريعة وطريق من طرائق فهم كتاب الله. فقد بين الله ان سنة نبيه مبينة وموضحة لكتابه. فقال جل وعلا وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر يفسر كتاب الله ويبين معانيه ولا يمكن لاحد ان يقول بترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاكتفاء بالكتاب فقط فان كتاب الله لا يفهم الا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولذا لا يمكن ان نفهم كثيرا مما اجمل في كتاب الله الا بالرجوع الى سنة النبي صلى الله عليه وسلمت كما في قوله تعالى واتوا حقه يوم حصاده. فانا لا نعرف هذا الحق ولا نعرف ما مقداره ولا نعرف كيف نفعل به. حتى تأتينا سنة رسول الله صلى الله عليه سلم كما في قوله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنظح نصف العشر وهكذا في قوله تعالى واقيموا الصلاة واتوا الزكاة فان هذه الاية تحتاج الى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيان معناها ومدلولها فان قال قائل الم يقل الله تعالى او لم يكفهم انا انزلنا اليك الكتاب يتلى عليهم وقال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء فيقال ان مما بينه الكتاب حجية سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد جاءت الايات القرآنية واضحة الدلالة تدل على وجوب العمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فان قال قائل بان السنة قد وجد فيها احاديث ضعيفة واحاديث موضوعة. قيل في الجواب عن ذلك. وكذلك وجد في السنة احاديث صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين وبحفظ كتابه ومن حفظ كتابه ان تحفظ السنة التي فيها بيان القرآن وتفسيره. وفيها بيان احكام الشريعة. ومن ثم لا يمكن ان يكون هناك حديث مكذوب او ضعيف ولا يتبين ما حاله. بل ان الله جل وعلا قد جعل الجهود تتظافر تمييز صحيح السنة من ظعيفها. وقد اعتنى العلماء باحوال الرواة ونقبوا عن احوالهم. فتبينوا ضعيف الرواية وميزوه وبين صحيح الرواية بل انهم عرفوا من دقائق احوال الرواة ما يتعجب الانسان من شأنه فمن دقائق ذلك مثلا انهم بينوا من اختلط في اخر عمره من الرواة وذكروا السنة التي اختلط فيها وبينوا من روى عنه قبل الاختلاط ومن روى عنه بعد الاختلاط ثم تفحصوا احوال الرواة فقالوا فلان ضعيف في غير اهله في غير اهل بلده. كما قالوا في ابن عياش اسماعيل ابن عياش فانه ضعيف في روايته عن غير اهل بلده. وما ذاك الا لانه في بلده كان يكتب احاديثه ويرويها من مكتوبه. واما احاديث غير اهل بلده فقد كان يرويها من حفظه فوقع عنده اوهام في ذلك فحكموا على احاديثه عن غير اهل بلده بالضعف. وقد كان من شأن علماء الحديث ان قارنوا بين ايات الرواة بحيث علموا من يهم في روايته ومن يخطئ فيها ممن كان متقنا وقد اعتنى العلماء هذه الاحوال من الرواة اعتنان كاملا ثمان رب العزة والجلال قد هيأ في النفوس من يقوم بحفظ هذه السنة وبنقلها وبظبطها بما لا يوجد عند احد من الامم البتة مع ما تميز به العرب من حفظ قوي واداء ماهر. وما كان عندهم من تفرغ طلب العلم وبثه. كيف لا وهم يسمعون النصوص الكثيرة المتتابعة. التي على طلبة العلم وتشيد بمكانتهم فانظر لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رظا بما يسمع. والى قوله صلى الله عليه وسلم نضر الله امرء سمع منا مقالة فوعاها. فاداها كما سمعها. فرب مبلغ اوعى من سامع ورب حامل فقه ليس بفقيها ثمان علماء الشريعة قد اعتنوا بوظع المؤلفات والكتب من الزمان الاول. فكان بعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم يكتبون الاحاديث كما كتب عبد الله ابن عمرو وجماعة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتابة الحديث قد امر النبي صلى الله عليه وسلم بها في اخر عمره. بعد ان كان ينهى عن انهى في اول الامر. وذلك انه في اول امر الرسالة خشي ان تختلط الاحاديث بكتاب الله عز وجل. فامر بالاقتصار في الكتابة على كتاب الله سبحانه وتعالى فلما استقر الامر وكثر الحفاظ ووجدت الصحائف التي فيها كتاب الله جل على امر او رخص لاصحابه بان يكتبوا الاحاديث. ولذا لما خطب خطبة في مكة قال رجل يقال له ذو اليدين او يقال له ابو شاة يا رسول الله اكتب لي. فقال صلى الله عليه وسلم اكتبوا لابي شاة كان يريد كتابة ذلك كالحديث ومن هنا فان علماء الصحابة كانوا يدونون هذه الاحاديث في غالبهم وان كان وان كان جماعة منهم قد رووها بحفظهم واعتنى العلماء من التابعين بحفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاظها فنقلوها الى من بعدهم. ثم جاء عصر التدويب. فالفت الفات التي جمعت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من اوائل هؤلاء العلماء الامام الزهري محمد ابن مسلم رحمه الله تعالى وقد كان من التابعين وروى علما كثيرا عن عدد من الصحابة وعن عن عدد من التابعين اين؟ فكانت السنة مدونة في العصور الاولى. وليس بين عصر تدوينها وعصر نبوة زمن كثير. ومن المدونات التي وجدت في عصرنا تشتمل على سنة رسول الذي اشتمل على احاديث كثيرة ثم ان العلماء حاولوا ان يميزوا الاحاديث بانواعها فمرة اعتنى بعضهم بتمييز هذه الاحاديث بحسب موضوعاتها. فالف عدد من الائمة كتب السنن التي لتشتمل على الاحاديث المتعلقة بالاحكام الفقهية بينما الفت مؤلفات قرأ في عدد من الموضوعات الاخرى. فمثلا في باب الزهد الف جماعات كالامام احمد والامام ابي داود والامام عبدالله ابن المبارك وجماعة من اهل العلم كما ان من التصانيف التي صنفت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم كتابة الاحاديث بحسب الصحابة الذين رووا الاحد كما فعل ذلك اصحاب المسانيد. ومنهم الائمة ابو داوود الطيالسي. والامام احمد بن عنبل وجماعة من اهل العلم ومن التصانيف التي الفت في هذا الباب المصنفات التي اقتصرت على الاحاديث الصحيحة اه قد تفاوتت هذه الكتب في شروط الصحة فيها. فكان من اعلاها صحيح الامام بخاري رحمه الله تعالى الذي جمعه من مئات الالاف من الاحاديث التي كان يرويها وكان يتشدد في شرائط قبول الحديث لادخاله في كتابه الصحيح وقد اعتنى الائمة بكتاب الامام البخاري رحمه الله تعالى والامام البخاري ولد في سنة مائة واربعة وتسعين. وتوفي في سنة وست وخمسين من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم الف هذا الكتاب العظيم. وقد كان للامام البخاري مكانة علمية في حفظ السنة وفي ضبطها وله جهود كبيرة فيما يتعلق بحفظ السنة سواء في جمع احاديث نبوية فقد الف مؤلفات كثيرة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من مؤلفاته كتاب الادب المفرد. ومن مؤلفاته كتاب القراءة القراءة خلف امام وهذا جمع فيه الاحاديث التي كانت تحت هذه الابواب واعتنى رحمه الله ايضا بالنظر في احوال الرواة والحكم عليهم. ولذا الف كتبه الثلاثة المشهورة التاريخ الصغير والتاريخ الاوسط والتاريخ الكبير في تبعي احوال الرواة فقد كان اماما فذا في هذا العلم له مكانته ومنزلته. واعتنى العلماء بصحيح الامام البخاري بحثا في اسانيده وتحقيقا في في ابوابه وتراجمه واعتنان باخذ الاحكام من الاحاديث التي ذكرها الامام البخاري. وقد الفت مؤلفات كثيرة فمنها ما كان شرحا لهذا الكتاب ومنها ما كانت تصنيفا لابوابه ومنها ما كان دراسة لاحوال رواته. ومن المؤلفات التي الفت حول صحيح الامام البخاري المختصرات. وقد اعتنى طائفة كثيرة بتقريب صحيح الامام البخاري ليكون سهل التناول بين ايدي الناس. ومن اجل جمع اطراف الحديث في محل واحد فان من طريقة الامام البخاري ان يكرر الحديث في ابواب مختلفة بحسب بحسب بالعناوين التي اراد ان يقوم بوضع الاحاديث تحتها. ولذا تكررت الاحاديث تكرارا كثيرا ثم ان من شأن الامام البخاري ان يقطع الحديث الواحد ليوزع ذلك الحديث على آآ الابواب المتعددة بحسب المناسبات التي تتعلق بتبويبات الامام البخاري ومن هنا حرص جماعة على جمع الاحاديث التي قطعها الامام البخاري في موطن واحد ليستكمل البحث في ذلك من المؤلفات التي الفت في اختصار صحيح الامام البخاري هذا الكتاب الذي اعتنيت به فكتبته وحرصت على عدد من الامور في هذا الباب. فمن ذلك كأني حذفت الاسانيد وحذفت اثار التابعين. كما حذفت ما كان معلقا كم من الاحاديث لانها ليست على شرط الامام البخاري في صحيحه. كما انني حرصت على جمع اطراف الحديث في موطن واحد لتكون محل لتكون في محل واحد عند دراسة هذا الحديث كذلك وضعت شيئا من الامور الحديثية التي تتعلق بهذا الصحيح ولعلنا باذن الله عز وجل ان نحتسب الاجر في قراءة مختصر صحيح الامام البخاري لعل الله عز وجل ان يثيبنا وان يجعلنا ممن نال العلم والاجر يرى فان دراسة سنة النبي صلى الله عليه وسلم قربة من القربات وعمل صالح يرجو المؤمنون ثوابه وذخره يوم لقائهم لرب العزة والجلال. وفي دراسة سنة النبي صلى الله عليه وسلم اجر الاكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. فان الله قد امر بها في قوله ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما قد قال النبي صلى الله عليه وسلم البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصلي علي. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين كتاب بدء الوحي عن يحيى ابن سعيد الانصاري قال اخبرني محمد بن ابراهيم التيمي انه سمع علقمة ابن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا ايها الناس انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. ومن كان هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه قول المؤلف هنا كتاب بدء الوحي اراد المؤلف ان يعرف باوائل حال النبوة عند بدء نزول الوحي من اجل ان يتعرف ان السنة وحي من الله جل وعلا وانها واجبة الاتباع وليعرف شيء من احوال الوحي كما سيأتي في احاديث الباب قد قدم المؤلف احاديث الصحيح بحديث النية. وما ذاك؟ الا ان النية اصل واساس للعمل بمقدار ما يكون عند الانسان من تصحيح في النية يكون له الاجر والثواب. وكم من انسان عمل ووجر كثيرا بسبب النية وقد ورد ان نية المؤمن خير من عمله. وما ذاك الا ان النية من المؤمن ان يستمر على العمل الصالح وان كان عمله محصورا بعمره. ولذلك اثابه الله جل وعلا بان جعله في الجنة خالدة المخلدا وقد جاءت النصوص بالامر بالاعتناء بالقلب تأكيدي عليه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم وانما ينظر الى قلوبكم واعمالكم قد قال النبي صلى الله عليه وسلم الا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب وقد جاءت النصوص بالتأكيد على امر النية ووجوب الاعتناء بها بحيث يقصد الانسان باعماله ان يرضي الله جل وعلا وان يحصل على الاجر الاخروي فمن قصد رضا الله وثواب الاخرة كان مأجورا مثابا قد قال الله تعالى فيما يتعلق بنية رضا الله لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله. فسوف نؤتيه اجرا عظيما. فانظر كيف قال ابتغاء مرضاة الله واما ارادة الاخرة وقد قال الله تعالى ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولى كان سعيهم مشكورا متى كانت مقاصد الانسان اخروية جعل الله عز وجل الدنيا تأتي اليه وهي راغمة. كما قال جل وعلا كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك. وما كان عطاء ربك محظورا. وكما قال تعالى من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وجاءت الاحاديث النبوية ترغب اهل الايمان بان تكون مقاصدهم اخروية وتحذرهم من ان تكون مقاصدهم دنيوية. وخصوصا في طلب العلم قد روى الامام مسلم في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اول من تسعر بهم نار جهنم النم ثلاثة فذكر منهم القارئ وذكر منهم المنفق وذكر منهم المجاهد الذين انما امر به فكب على وجهه في نار جهنم اعاذني الله واياكم منها ومن هنا فعلى الانسان ان يعتني بجانب النية وان يتعاهدها ما بين وقت واخر ان صلاح احوال الانسان بتفقد نيته ومتى صلح ما في القلب كان ذلك من اسباب ابي رفعة درجة العبد عند ربه ونيله الاجور العظيمة والثواب الجزيل. ومن ذلك ما ذكر في هذا الخبر وهذا الحديث قد رواه امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر مما يدلك على انه يستحب الاكثار من ايراد الايات والاحاديث على المنابر سواء في خطبة الجمعة او في غيرها مما يلقى لتعليم الناس احكام الله الله جل وعلا وفي هذا الحديث ايراد نموذج من نماذج طرائق رواية الصحابة عن النبي صلى الله الله عليه وسلم الا وهي طريقة السماع فانه قد صرح هنا بانه قد سمع اهذا الخبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث مخاطبة اهل الايمان بلفظ يا ايها الناس وانه لا حرج في الدنيا ففي هذا الحديث تعليق الاعمال في صحتها بالنيات. وفي هذا الحديث ان اجر الانسان على عمله داري نيته. وفي هذا الحديث ان الهجرة طاعة لله جل وعلا. والهجرة يراد بها الانتقال من دار الكفر ذلك وفي قوله انما الاعمال بالنيات. انما اداة حصر ويراد هنا الحصر النسبي. اي ان صحة الاعمال واعتبارها عند الله جل وعلا. انما يكون بحسب نية الانسان ولذا قال انما الاعمال بالنيات. وقد ورد في رواية بالنية القول بان هذا الحديث يفسر بصحة الاعمال شرعا هو قول جماهير اهل العلم فهو مذهب الائمة مالك والشافعي واحمد رحمة الله عليهم وفسر علماء الحنفية هذا اللفظ بالحديث بان المراد به الثواب فقالوا ان المقصود بقوله انما الاعمال بالنيات اي انما اجرها وثوابها بحسب نيتي والذي جعل العلماء يقدرون تقديرا في هذه الاية انهم يشاهدون من بعض الناس انه يقدم على عمل من الاعمال بناء على عادة او بدون تفكير وبدون نية. ولذا قالوا بان لابد من تقدير فقدره الجمهور بان المراد به صحة الاعمال شرعا واعتبار وهاديانة وقال الامام ابو حنيفة بان المراد بذلك الاجر والثواب. فقال بانه لا ثواب الا بنية قول الجمهور في هذه المسألة ارجح واقوى فانه في هذا الحديث قال وانما لكل امرئ ما نوى فهذه متعلقة بالاجر والثواب ولو كان كلام الحنفية راجحا لكانت الجملة الثانية تأكيدا على الجملة اولى وليس فيها معنى جديد وحمل الفاظ النبي صلى الله عليه وسلم على تأسيس معنى جديد اولى من املي الفاظه على انها للتأكيد. ولذا فالصواب ان هذا الحديث يقدر بصحة الاعمال شرعا. وترتب على ذلك خلاف في عدد من المسائل اتقوا بالنية فمن ذلك مثلا هل يشترط لصحة الوضوء النية فقال الحنفية لا يشترط. وقال الجمهور باشتراطه ومنشأ الخلاف في تفسير هذا الحديث. ومثله في الاغتسال هل يشترط له النية كما قال الجمهور او لا تشترط له النية كما قال الحنفية مثلا شخص عليه جنابة دخل في المياه سابحا بدون ان يقصد رفع الجنابة. فعند الامام ابي حنيفة ان الجنابة ينتفع بذلك ولو لم ينوي رفع الجنابة بدخوله في الماء وعند الجمهور بانه لا يصح اغتساله. لانه لم يقصد رفع الحدث بهذا الاغتسال وقوله هنا وانما لكل امرئ ما نوى. اي ان اجر الانسان على مقدار نيته كي ولذلك على الانسان ان يميز نيته وان يجعلها لله عز وجل يريد بذلك رضاه اجر الاخرة ولا يكون ممن قصد باعماله الدنيا وهذه مسألة تحتاج من كل واحد منا الى زيادة عناية بل انه في مرات كثيرة يظن بعمل ان العبد يحصل به على الاجور الكثيرة مع انه لا يحصل من الاجر شيئا. ومن امثلة ذلك ذلكم الذي يدعو فلا ينوي بدعائه الا امر الدنيا. ولا يقصد الاخرة فهذا ليس له من الاجر شيء ولذا قال تعالى فمن الناس من يقول ربنا اتنا في الدنيا وما له في الاخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اولئك لهم نصيب مما كسبوا. والله سريع الحساب من امثلة ذلك ان بعض الناس يذكر الاذكار ويقول الاوراد صباحا ومساء من اجل ان يدفع عنه عين الحاسد ولا يقصد بذلك اجر الاخرة انما اراد ان يندفع عنه شرور الحسدة والسحرة فهذا لم يقصد الا الدنيا ولم يقصد الاخرة وبالتالي فانه لا يؤجر على هذا العمل ومثل هذا من يصوم حفاظا على صحته تكون قوي البدن في الدنيا فهذا لم يقصد الا الدنيا. وبالتالي ليس له من الاجر شيء فمن قدم يوم القيامة ومراده الدنيا فقط فانه يكون من اهلنا لجهنم اعاذني الله واياكم منها. كما قال تعالى ومن من اراد العاج من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد. ثم جعلنا له انما يصلاها مذموما مدحورا. وقال جل وعلا من كان يريد وقال جل وعلا من اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن. فاولئك كان سعيهم مشكورا. وقال سبحانه من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها. نوفي اليهم اعمالهم فيها. وهم فيها لا يبخسون. اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار. وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ولذلك فان من يقدمون على الاعمال الصالحة يكونون على اربعة اصناف. فالاول من ادى الاعمال الصالحة يقصد بذلك رضا الله والحصول على اجر الاخرة فهذا هو المؤمن الموحد المأجور المثاب والثاني من عمل الطاعات لله عز وجل. يريد بذلك ان ينيله الدنيا. فهذا ليس عليه من الوزر شيء ولكن ليس له من اجر الاخرة شيء. ومن كانت كل اعماله كذلك يوم القيامة خالي الوفاض واما الثالث فمن ادى هذه الاعمال الصالحة يريد بها عبادة غير الله جل وعلا. فهذا هو الشرك الاكبر الذي لا يغفر لصاحبه الذي قال الله جل وعلا فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به وقال جل وعلا انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما لظ ظالمين من انصار واما القسم الرابع من الناس فمن عمل هذه الافعال من الطاعات من اجل الناس لا عبادة لهم. فهذا هذا ان كان فيما يتمحض ان يكون عبادة كان رياء وسمعة وهو من الشرك الاصغر الذي لا يخرج الانسان من دين الاسلام. لكنه يحبط اجر عمله ولذا على الانسان ان يعتني بنيته واريد لكم مثلا يخرج اربعة الى صلاة الاستسقاء احدهم يريد باداءه لهذه الصلاة ان يرضي الله وان يحصل على اجر الاخرة. فهذا المأجور المثاب الموحد لانه صلى صلاة الاستسقاء لله. يريد رضاه واجر الاخرة واما الثاني فخرج لصلاة الاستسقاء ليس له قصد الا ان يطلب من الله ان ينزل الامطار في الدنيا فهذا ليس له اجر اخروي ولا يثاب على ذلك لا ترتفع درجته يوم القيامة بسبب هذا الفعل. لماذا؟ لانه لم يقصد الاخرة انما قصد الدنيا فقط واما الثالث فانما خرج من اجل ان يراه الناس ومن اجل الا يتوجه اليه او استنقاص الاخرين. فهذا شرك اصغر فهذا شرك اصغر لا يقبل من صاحبه. واما الرابع فخرج يريد بذلك عبادة كغير الله بصلاة الاستسقاء. كمن خرج للصلاة على وجه التخضع والتذلل لولي من الاوليا يعبده بذلك فهذا شرك اكبر مخرج من ملة الاسلام ومن هنا فعلى الانسان ان يعتني بنيته وان يجعل امر النية محل عناية ومراجعة ما بين وقت واخر ثم فرع النبي صلى الله عليه وسلم تفريعا من اجل ان يعود الناس على ايجاد قاعدة عامة ثم بعد ذلك يكون على الفقهاء والمجتهدين التفريع على تلك القاعدة وذكر نموذج ذلك في الهجرة. ليكون تطبيقا لما قرره من الاولى فان الناس في الهجرة ينقسمون اقساما قال فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله فهذا صحت نيته كان مثابا مأجورا. والمراد بالهجرة الانتقال من بلد الشرك الى بلاد التوحيد والهجرة عمل صالح يؤجر العبد عليه وللهجرة في حكمها الشرعي احوال فاول ذلك من كان لا يستطيع ان يعبد الله في نفسه او من تحت يده في حال اقامته في بلاد الشرك. فهذا تجب الهجرة عليه. ولا يجوز له ان يبقى في بلاد الشرك وهو عاجز عن عبادة الله باداء الواجبات التي افترضها الله عليه فمن كان يعجز عن اداء الواجب او يرغم على فعل المحرم وهو قادر على الهجرة وجبت الهجرة عليه. او كان الامر متعلقا بمن تحته من زوجة او ذرية قد قال الله تعالى للذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيما كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الارض. قالوا او لم تك ارض الله واسعة؟ فتهاجروا فيها واما القسم الثاني فمن كان قادرا على اظهار شعائر دينه الواجبة في نفسه وفي من تحت يده فهذا لا تجب الهجرة عليه. وانما تستحب وذلك انه في هذه الاية قال ظالمي انفسهم. فدل هذا على ان من لم يظلم نفسه على فعل الواجبات وترك المحرمات فانه لا يدخل في هذه الاية والقسم الثالث من كان عاجزا عن الهجرة فهذا قد عفا الله عنه وتجاوز عنه وقوله هنا ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها اي يريد ان ينال من اموري الدنيا سواء كان ذلك من اجل امرأة ينكحها ويتزوجها او كان مقصوده بذلك ان يحصل على العمل والوظيفة وان يكون له مورد مالي فهذا ليست هجرته لله ولا لرسوله وانما هاجر من اجل الدنيا ومن ثم فليس له اجر في الاخرة والدنيا واسم الدنيا انما اطلق عليها لانها قريبة. فتغر صاحبها ولانها ادنى اي اقل مرتبة من الاخرة وقوله لدنيا يصيبها اي يأخذ من الدنيا ما يتملكه ويكون سببا من اسباب حصوله على الاموال ونحوها وقوله فهجرته الى ما هاجر اليه. اي ان هذه الهجرة ليست هجرة الى الله والى رسوله صلى الله الله عليه وسلم وبالتالي فان صاحبها لا يؤجر عليها. لانه انما قصد بذلك لدار الاسلام وفي هذا الحديث ان الهجرة انما يؤجر الانسان عليها. اذا قصد بها رضا الله واراد بها اجر الاخرة وفي هذا الحديث ان من هاجر من اجل ان ينيله الله الدنيا فانه لا اجر ولا ثواب. وفي هذا الحديث وجوب تصحيح الانسان لنيته اه وفيه اعتبار النيات في الاعمال والالفاظ والايمان وفي غيرها عائشة ام المؤمنين المؤمنين رضي الله عنها ارفع الصوت احسن الله اليكم عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها ان الحارث ابن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي قال كل ذلك احيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو اشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال واحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فاعي ما يقول قالت عائشة رضي الله عنها وقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم شديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا هذا حديث متفق عليه. قد اخرجه الامامان البخاري ومسلم وقوله عن عائشة ام المؤمنين هي زوج النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روت احاديث كثيرة عنه صلى الله عليه وسلم. وكانت من علماء الصحابة وفقهائهم وقوله قولها ان الحارث سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي؟ اي تاله عن الطريقة ونوعية وصول الوحي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا دلالة على ان كل ما يقوله صلى الله عليه وسلم وحي الا ما ورد دليل بغير ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك اي ان الوحي يأتيني على طرائق متنوعة و من ذلك ما ذكره بقوله احيانا اي في بعض الاوقات وبعض الازمان يأتيني مثل صلصلتي الجرس اي انه يصل اليه في اوقات كصوت الجرس عندما يصلصل ويكون له آآ صوت قال وهو اشده علي. اي ان هذا الوحي وهذا النوع من نزول الوحي اشد ما يكون على رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج شدة عند نزول الوحي عليه قال فيفصم اي انه يزول ويقلع عنه وقد وعيت عنهما قال اي فهمت قوله وعرفت ما قاله وما انزله وعلي من الوحي قال واحيانا يتمثل ان يأتيني في صورة رجل. فيتمثل لي الملك يعني الموكل وبانزال الوحي على صورة رجل فيكلمني فاعي اي افهم واحفظ ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البردي فيفصم عنه اي يرتفع عنه. وان جبينه ليتفصد عرقا. اي يسيل من من العرب من شدة ما كان يعالجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث فضيلة الحارث ابن هشام وهو من الصحابة الذين اسلموا في يوم الفتح وقد استشهد في فتوح الشام وفي هذا الحديث السؤال عن طرائق الوحي النازل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث ما كان يلاقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشدة عند نزول الوحي عليه وفي هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل الله له خاصية بان يحفظ ما نزل عليه من الوحي وفي هذا الحديث اثبات الملائكة وانهم جند من جند الله تعالى. وان من وظايفهم واعمالهم التي يقومون بها ان ينزلوا بالوحي على انبياء الله عليهم والسلامة بهذا الحديث طهارة العرق وعدم نجاسته. لقوله ليتفصد ليتفصد عرقا في هذا الحديث من الاحكام جواز تعرض الانسان لحال يجعل العرق يخرج منه بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. هذا والله الله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا