تعالى يعلم ما يلج في الارض اي يعلم عدد ما يدخل فيها من حب وقطر وما يخرج منها من نبات وزرع وثمار. كما قال تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو. ويعلم ما في او ليل ونهار لان كما في هذه الاية قال يولد الليل في النهار ويولد النهار في الليل. فجعل الليل يدخل في النهار والنهار يدخل هذا يدل على انه ليس ثمة الا المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ دروس من تفسير القرآن الكريم. تفسير سورة الحديد. الدرس الثاني. رحمه الله تعالى في تفسير قول الله تعالى هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يعلم ما يلد في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها. وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير طير له ملك السماوات والارض والى الله ترجع الامور. يولد الليل في النهار ويولد النهار في الليل. وهو عليم بذات الصدور يخبر تعالى عن خلقه السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام. ثم اخبر تعالى باستوائه على العرش بعد خلقهن وقد تقدم الكلام على هذه الاية واشباهها في سورة الاعراف بما اغنى بما اغنى عن اعادته ها هنا وقوله والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها. ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وقوله تعالى وما ينزل من السماء اي من الامطار والثلوج والبرد والبرد والاقدار والاحكام مع الملائكة الكرام وقد تقدم في سورة البقرة انه ما تنزل قطرة من السماء الا ومعها ملك يقررها في المكان الذي يأمر الله به حيث يشاء الله تعالى وقوله تعالى وما يعرج فيها اي من الملائكة والاعمال كما جاء في الصحيح يرفع يرفع اليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل وقوله تعالى وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير اي رقيب عليكم شهيد على اعمالكم حيث كنتم واين كنتم من بر او بحر في ليل او نهار في البيوت او في القفار؟ الجميع في علمه على السواء ودخله وتحت بصره وسمعه فيسمع كلامكم ويرى مكانكم ويعلم سركم ونجواكم. كما قال تعالى الا انهم يثنون صدورهم وهم يستقفوا منه الا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون. انه عليم بذات الصدور. وقال تعالى سواء منكم من اسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار فلا اله غيره ولا رب سواه وقد ثبت في الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل لما سأله عن الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وروى الحافظ ابو بكر اسماعيلي من حديث نصر ابن خزيمة ابن جناد ابن علقمة قال حدثني ابي عن نصر ابن علقمة عن اخيه عن عبدالرحمن ابن عائد وعائلتي عن عبدالرحمن بن عائد قال قال عمر جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال زوجني حكمة اعيش بها. فقال استحي الله كما تستحي رجلا من صالح عشيرتك لا يفارقك. هذا حديث غريب. ورأى ابو نعيم من حديث من حديث عبد الله ابن علوية العامريين مرفوعا ثلاث من فعلهن فقط طعم الايمان. ان عبد الله وحده وان عبد الله وحده اعطى زكاة او ان عبد الله وحده واعطى زكاة ما له طيبة بها نفسه في كل عام ولم يعطي الهرمة ولا الدرمة ولا الشريطة اللئيمة ولا المريضة ولكن من اوسط اموالكم وزكى نفسه. قال رجل يا رسول الله ما ما تزكية المرء نفسه؟ فقال يعلم ان الله معه حيث كان. وقال نعيم بن حماد رحمه الله تعالى حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بدينار الحمصي عن محمد بن مهاجم عن عروة بن غوين عن عبدالرحمن بن غنم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان افضل الايمان ان تعلم ان الله معك حيثما كنت. قريب. وكان الامام احمد رحمه الله تعالى ينشد هذين بيتين اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا ان ما تخفي عليه يغيب. وقوله تعالى له ملك السماوات والارض والى الله ترجع الامور. اي هو المالك للدنيا والاخرة كما قال تعالى وان ان لنا للاخرة والاولى وهو المحمود على ذلك كما قال تعالى وهو وهو الله لا اله الا هو له الحمد في الاولى والاخرة وقال تعالى الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض وله الحمد في الاخرة وهو الحكيم الخبير فجميع ما في السماوات والارض ملك له ملك له ملك له واهلهما عبيد ارقاء واذلاء بين يديه. كما قال تعالى اذ كل من كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا. لقد احصاهم وعدهم عدا وكلهم اتيه يوم القيامة فردا. ولهذا قال والى الله ترجع الامور اي اليه المرجع يوم القيامة فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل الذي لا يتوب ولا يظلم مثقال ذرة بل ان يكن عمل احدهم حسنة واحدة يضاعفها الى عشر امثالها ويؤتي من لدنه اجرا عظيما. كما قال تعالى ونضع القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين. وقوله تعالى يولد الليل في النهار ويولج النهار في الليل اي هو المتصرف في الخلق يقلب الليل والنهار ويقدرهما بحكمته كما يشاء فتارة اثارة يطول الليل ويقصر النهار وتارة بالعكس وتارة فتارة يطول الليل ويقصر النهار وتارة بالعكس وتارة يتركهما معتدلين وتارة يكون الفصل شتاء ثم ربيعا ثم قيظا ثم خريفا وكل ذلك بحكمته وتقديره لما يريد بخلقه وهو عليم بذات الصدور اي يعلم السرائر وان دقت وان خفيت بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا من الفقه في كتابك انك على كل شيء قدير ربنا لا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. ومن علينا بثمن من عندك فانك انت الفتاح العليم هذه الايات من سورة الحديد اشتملت على بيان التوحيد الخبر هو توحيد الربوبية توحيد الاسماء والصفات لله جل وعلا وبيان قدرة الله سبحانه وتعالى التي نفذت في ملكوته وخضع لها كل شيء ورق لها كل شيء وفيها بيان عظمة الله جل وعلا وانه سبحانه مع جميع خلقه بعلمه واحاطته سمعه وبصره جل جلاله وتقدست اسماؤه وقال سبحانه هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش وهذه الاية لها مظاهر في القرآن في عدة مواضع يبين فيها جل وعلا انه خلق السماوات والارض بستة ايام وانه جل وعلا استوى على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته خلق السماوات والارض بستة ايام جاء مجملا في اكثر الايات وجاه مفصلا نهاية السورة فصلت فكان خلق السماوات والارض فصلا خلق الارض في اربعة ايام وخلق السماوات بيومين كما قال جل وعلا قل اعين بالذي خلق الارض في يومين يجعلون له اندادا ذلك رب العالمين جعل فيها رواسي من فوقها وبارك فينا وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض طوعا او كرها؟ قالتا اتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين واوحى في كل سماء امرها خلق السماوات بيومين مع عظمها وسعتها وخلق الارض جل وعلا في اربعة ايام مع صغرها لان فيها الودائع التي يسخرها الانسان بعمارتها وفيها من الاسرار العجيبة ما جعل الله جل وعلا انواع الحياة قائمة فيها وقوله في النهاية اية حسنت خلق الارض في يومين ثم قال بعدها في اربعة ايام اليوم ان الاولان دخلا في الاربعة ايام ومجموع خلق الارض كان في اربعة ايام وهذه الستة ايام المذكورة في هذه الاية هي من ايام الله على الصحيح وليست من ايام الارض بان ايام الارض صارت زمانا بعد خلق الارض واكتمال جريانها على وفق ما قام الله جل وعلا لها وقدر فهي ستة ايام من ايام الله جل وعلا في خلقه جل وعلا للارض وللسماوات في هذه المدة فيها كما قال طائفة من المفسرين فيها الدليل على حكمة الله جل وعلا وانه سبحانه اعلم بذلك ان الكمال كونوا بالتدرج ويكون بوضع الامور على وفق ما يناسبها في الزمن على ظاهر لان الله جل وعلا قادر على ان يجعل السيئ كائنا بدون اسباب ننتج اسبابا ثم تنتج اسبابا ثم تحصل النتيجة الله جل جلاله كما قال في اية الكرسي ثم استوى الى السماء وهي دخان كانت السماء دخانا ثم ولد اشياء من اشياء وخلق اشياء من اشياء حتى صارت على هذا النحو البديل العجيب الذي تحار فيه العقول وتهتدي به الى فاطرها وخالقها ثم قال جل وعلا بعد ذلك ثم استوى على العرش والاستواء في اللغة معناه العلو يأتي القرآن بدون تعبية ويأتي معدل. فاما مجيئه بدون التعبية وكقوله تعالى فلما بلغ اشده واستوى اتيناه حكما وعلما بلغ اشده واستوى يعني انه اكتمل في خلقته وفي تكوينه وهذا فيه العلو في الجسمية العلو الذاتي يعني العلو في الارتفاع والعلو المعنوي بقوته واكتمال ما قدر له من القوى والطباع وتأتي معدات بحرف على وهذا هو الاكثر كما في هذه الاية ثم استوى على العرش بصفة الله جل وعلا وكما قال سبحانه فاذا استويت انت ومن معك على الفلك يعني علوتم على الخلق واصل هذه المادة استوى كما ذكرت لك معناها العلو وقد تأتي معداة بالى كما في قوله جل وعلا في سورة البقرة ثم استوى الى السماء يعني قصد وعمد عاليا جل وعلا الى السماء ففي تهدية الاستواء فيه المعنى الاصلي وهو العلو وفيه ما يناسب حرف الى من الافعال وهو القصد والعمد لهذا تجد ان المفسرين عند اية عند اية ثم استوى الى السماء يفسرونها بالقصد والعمد خاصة وعمل لا ليس تأويلا ولكنه تفسير بما تظمنته الكلمة من المعنى لان الاستواء معلوم انه العلو فذكروا ما زاد عن هذا المعنى بما يناسب تعادية بحرف الجر الى وهذا معروف بلغة العرب انها بدل ان تكرر الفعل للدلالة على معنيين مختلفين فانها تبقي الفعل على دلالته الاولى ثم تعدي بحرف جر يدل على الفعل الاخر الذي تضمنه او الذي ضمن في الفعل الاول فقال ثم استوى الى السماء يعني قصد وعمد عاليا جل وعلا الى السماء ففي تعبئة الاستواء الى فيه المعنى الاصلي وهو العلو وفيه ما يناسب حرف الى من الافعال وهو القصد والعمد بهذا تجد ان المفسرين عند اية عند اية ثم استوى الى السماء يفسرونها بالقصد والعمد قصد عمد وهذا ليس تأويلا ولكنه تفسير بما تظمنته الكلمة من المعنى لان الاستواء معلوم انه العلو فذكروا ما زاد عن هذا المعنى بما يناسب بحرف الجر الى وهذا معروف في لغة العرب انها بدل ان تكرر الفعل للدلالة على معنيين مختلفين فانها تبقي الفعل على دلالته الاولى ثم تعدي بحرف جر يدل على الفعل الاخر الذي تضمنه او الذي ضمن في الفعل الاول وقال استوى الى يعني قصد مع علوه هذا كثير في اللغة ويسمى باب اه قوانين وهو الطريقة الحسنة في النحو التي اخذ بها الكوفيون وهي الاوفق للتحقيق في اللغة بخلاف طريقة المصريين في جعل حروف الجر ينوب بعضها عن بعض لان هذا فيه تخريج لكثير من الشواهد او كثير من الاستعمالات لكنه ليس هو التحقيق فان التحقيق ان افعال الناس حروف الجر كل حرف له معنى فاذا عدي فعل بحرف لا يناسب تعديته دل على تظمين ذلك الفعل معنى فعل اخر دل عليه حرف الجر الذي عدي به. وهذا كثير معروف يبحث في مواضعه في كتب النحو وفي كتب اللغة وفي كتب حروف المهامة وحقيقة استواء الله جل وعلا على عرشه لا يعلمها الا هو ولكن في هذه الاية وامثالها فيها اثبات استواء الله جل وعلا على العرش ومعنى هذا الاستواء على العرش انه جل جلاله على على عرشه علوا خاصا و هو سبحانه وتعالى عال على مخلوقاته وفوق مخلوقاته ولا شيء من مخلوقاته يعلوه اصلا ولكنه استوى على عرشه يعني على على عرشه غلوا خاصا كما يليق بجلاله وعظمته لهذا فسر طائفة من السلف لان على بان استوى على العرش يعني علا عليه ومنهم من قال استقر منهم من قال غير ذلك تفاسير المعروفة التي ساقها البخاري وغيره اه كما هو معلوم وساقها ابن جرير في التفسير في جماعة. وحرق ثم هذا الذي يدل على التراخي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يدل على على ان استواءه جل وعلا على العرش كان متراخيا عن خلق السماوات والارض لدلالة حرف العطف ثم والتراخي قد يكون تراثيا في زمن بعيد وقد يكون غير ذلك لكن ظاهر الاية يدل على ان التراخي حاصل ليه مجيئي لفظ ثم في كثير من الايات التي فيها ذكر الاستواء على العرش والعرش مر معكم في كتب العقيدة انه اعظم مخلوقات الله جل وعلا وان العرش مخلوق مستقل ليس هو السماوات وليس هو الافلاك وليس هو يعني كما يزعمه اهل فلسفة الهيئة وان له قوائم تحمله الملائكة ان له صفات عظيمة في خلقته وهيئته يمتنع معها ان يفسر العرش بغير هذا عصر مادة العرش في اللغة كما هو معلوم ايضا مأخوذة مما يصنع مرتفعا للعلو عليه فقيل ما يجلس عليه الملوك قيل له عرش لانهم يعلون عليه ومادة عرش يعرف وما اشتق ما اشتق من ذلك او ما تصرف من ذلك هذه دالة على هذا المعنى كما في قوله ومما يعرفون وكما في قوله ولها عرش عظيم واشباه ذلك فهو مخلوق له قوائم مستقلة جعله الله جل وعلا عاليا على جميع المخلوقات الكرسي تحت والسماوات صغيرة جدا بالنسبة لعرش الرحمن وعرش الرحمن جل وعلا هو فوق الجنة وصرحها وهذا يعجب عن الذهن ان يتصوره وان يدرك ذلك لكن هو اثبات ولا شك ان عدم الإدراك دليل على عظم ما اخبر الله جل وعلا ان هذا المخلوق العظيم قال بعدها سبحانه قل يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرض فيها وهو معكم اينما كنتم ذكر جل وعلا انه يعلم كل شيء يعلم الذي يلج في الارض ويعلم الذي يخرج منها وهذا العلم علم نافذ متعلق بصغير الاشياء وبكبيرها كما قال هنا يعلم ما يلج. وما هنا موصولة تفيد العموم فيما على تفيد العموم فيما كان في حيزتها يعني عموم الاشياء التي تلج في ارض فيدخل في ذلك ما يلج في الارض من قطر وما يلج في الارض من رياح وما يلج في الارض من هوان وما يلج في الارض من بذور ما يلج في الارض من كل هذا في علم الله جل وعلا. كما قال سبحانه في اية سورة الانعام وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الله ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض. ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين. فهو سبحانه العليم بكل شيء قال وما يخرج منها؟ هذا ايضا عموم وكل ما يخرج من الارض على وجه التفصيل حتى خروج الزهرة في ابعد فلاة وحتى خروج الذرة من جحرها فانه سبحانه مطلع على ذلك اعلموا قال بالاضافة الى علمه وبالنسبة الى علمه شيء قليل لان علم الله جل وعلا لا يحده حاد ولا يدركه وصف. قال بعدها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ما ينزل من السماء يشمل نزول الخيرات الدنيوية ويشمل ايضا نزول الخيرات الدينية من انزال الملائكة وانزال بالكتب وبالوحي وانزالها باوامر الله جل وعلا وهذا فيه سعة علم الله جل وعلا بانواعه المخلوقات وانواع النعم الدينية والدنيوية فهو سبحانه المتفرد بهذا على وجه الكمال وكذلك قال وما يعرج فيها ما يعرج فيها يعني يعرج في السماء والعروج معناها الصعود والارتفاع ولا شك ان الاشياء التي تصعد في السماء وتعرج في السماء متنوعة ومنها عروج الملائكة على اختلاف انواعهم ومنها عروض العمل الصالح اليه يصعد اليه يصعد العمل الصالح اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه اليه يصعد الكلم الطيب يصعد يعني يعرج في السماء العمل الصالح يرفعه يعني ايظا العمل الصالح يعرج في السماء وهذا نوع من انواع ما يعرض في السماء لهذا المؤمن اذا نظر الى السماء وتأمل فانه ينظر الى ما اخبر الله جل وعلا به عن هذه السنة فيكون تارة معتبرا بما فيها من المخلوقات العجيبة والايات الدالة على عظم من انشأها وابدعها وينظر تارة الى ما ينزل من هذه السما وما يصعد فيها من الملائكة وهذه ملائكة نازلة وهذه ملائكة مرتفعة تعرج الى ربها الرحمن فيأخذه العجب من كثرة ما ينزل وكثرة ما يصعد ثم ينظر تارة فاذا اعمال طائفة من عباد الله جل وعلا ممن عملوا صالحا وتكلموا طيبا وانشأوا ما يحمد لهم ويحبه الرحمن جل وعلا الى انه كم وكم من الاعمال الصالحة ومن الكلم الطيب اخترق هذه السماء يتسابق بحمل الملائكة له الى الرحمن جل جلاله الذي استوى على عرشه ما يليق بجلاله وعظمته وهذه الايات وامثالها تحدث عند المؤمن دائما الفكرة والنظر المؤمن لا يغفل عما في السماء ولا يغفل عما في الارض فينظر فيها لا بنظر المتحير ولكن بنظر المستسلم لما قص الله جل وعلا واخبر في كتابه او اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن فاته جمع ما اخبر الله جل وعلا به عن مخلوقاته وما يحدث فيها فانه يفوته العلم بحقيقة هذه المخلوقات وكيف تكون صلته بها؟ فالمؤمن متصل بالارض اعتبارا ومتصل بالسماء اعتبارا وله في كل نظر ما يحدث لقلبه التعظيم لربه جل جلاله وتقدست اسماه علم الله جل وعلا بالمخلوقات وبما فيها الانسان علمه النافذ هو احد معاني معيته جل وعلا العامة للانسان لهذا قال بعدها وهو معكم اينما كنتم. والله بما تعملون بصير وهو معكم جل وعلا يعني معكم بعلمه مع جميع خلقه بعلمه لان المعية في اللغة وفي الاستعمال القرآني معناها الاقتران بنفس الصفة الاقتران تيران الشيء بالشيء بصفة من الصفات كما قال سبحانه يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين كونوا مع الصادقين كونوا معهم لا بذواتكم ولكن كن مع الصادقين من الصحابة بالصدق. وكن مع الصادقين من التابعين بالصدق. فهذه معية بصفة وهي الصدق المعية في اللغة لا تقتظي اقتران الذات بالذات ولا حلول الذات بالذات وانما تقتضي الاقتران في صفة او تقتضي المصاحبة فيه صفة وهو هنا مثلا فيما يتعلق بجميع خلق الله جل وعلا قال وهو معكم اينما كنتم فهذه معية بصفة او باكثر من صفة لكنها اقتران بصفة من الصفات وهي صفة علم الله جل وعلا في جميع خلقه وكذلك على العلم والاطلاع والاحاطة هذا معناه انه معهم بسمعه جل وعلا ومعهم ببصره سبحانه وملك هذا هو ملكه سبحانه وتعالى يعني انه يملك وهو الملك على ذلك اما الانسان فقد يملك وليس بملك وقد يكون ملكا ولا يملك فمهما عظم ابن ادم في التملك فانه يبقى ضعيفا جدا تعال ومعهم به باحاطته معهم بقدرته. وهذه هي المعية العامة بكل الانسان بل لكل المخلوقات تعالى ربنا وتقدس والنوع الثاني من المعية كما هو معروف المعية الخاصة وهذه هي التي جاءت في قوله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وكما في قوله اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا هذه معية خاصة وهو اقتران بصفة من الصفات المناسبة للخصوصية وهي معية التوفيق يعني معهم جل وعلا مصاحب لهم سبحانه وتعالى. يعني هذا كتفسير او تقريب ومعهم توفيقه معهم بتأييده معهم بنصره سبحانه وتعالى ومن هنا كانت تعلم ان كثيرين اخطأوا في هذا الباب اخطأوا في هذا الباب خطأ بليغ فظنوا ان تفسير السلف للمعية بمعية العلم او المعية الخاصة بالتوفير ان هذا من التأويل فجعلوه دليلا على ان السلف تأولوا. هذا غلط لان التأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادل منه والمعية ليس ظاهرها معية الذات يعني مخالطة الذات للذات حتى يكون صرفها عن هذا باللغة يكون تأويلا بل ظاهرها يدل كما ذكرنا على اقتران بالذات بصفة ولا يعني ان الاقتران الحلول او ان تكون الذات مختلطة بالذات وانما يكون هناك اتصال بصفة من الصفات لهذا الرجل يقال في حقه ان زوجته معه كما هو معروف باللسان زوجته معه يعني انها مقترنة به بصفة وهي صفة ايش؟ الزوجية. وهكذا في امثاله. هم الصادق مع الصادق والمجرم مع المجرم والظالم مع الظالم ونحو ذلك وكما تقول العرب سارت الركبان والقمر معها صار في الركبان والقمر معها من اول بدر معها يعني انهم ساروا في ليلة مضيئة في ليلة كان البدر فيها مكتمل ومعلوم ان البدر او القمر كان مع الركبان بصفة ليس مختلطا بذواتهم وليس اه كاحد الركبة. المقصود من هذا اه بيان ان من ظن ان تفسير السلف المعية بمعية العلم او ماهية الاحاطة او القدرة او السمع والبصر واشباه ذلك او انها معية تأييد وتوفيق ان هذا تأويلا ان هذا تأويل فهذا غلط. ليس هذا بتأويل بل هذا هو ظاهر الكلام وهذا هو ما يدل عليه مثل هذا السياق في هذه الاية كذلك من اوغل وقال ان المعية هي معية ذات مع بقاء الاستواء على عرش الرحمن لكنها معية ذات بمعنى انه جل وعلا مع خلقه بذاته مع استوائه على عرشه فهذا ايغال في اثبات جمعية فيما لم يورث بما لم يرد عن السلف الصالح ومعلوم ان التفسير تفسير القرآن انما كان الاحرى والاجدر به هم الصحابة. اما التابعون. فاذا كان تفسير كلمة سواء من عامة ايات القرآن او من الايات والصفات وهو الاعظم اذا كان تفسير الكلمة مهجورا عند القرون الثلاثة المفضلة الا يصح لمن بعدهم ان يحدثوا في تفسير القرآن زيادة لانهم لان السلف هجروا ذلك وهجرهم لك هذا عن علم كما وصفهم عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى بقوله فانهم على علم وقفوا وببصر نافذ خفوا هذا هو الذي ينبغي فان هناك بعض المعاني قد يأتي للذهن بانها صحيحة وانه لا مخرجة لها عن هذا المعنى لكن ينظر طالب العلم باستعمال السلف للكلمة. فانه يسعنا ما وسعهم سواء في العبادات او في ابواب تفسير بالقرآن والصفات الى اخره. فلا نزيد عما اوردوا وفيما ذكروه وعبروا به عن تفسير القرآن فيه الكفاية والمقنع قال جل وعلا بعدها والله بما تعملون بصير والله جل جلاله مصير بمصر وبرؤية بكل ما يعمله الانسان. بل بكل ما يعمله المكلفون من الجن والانس فهو سبحانه معهم وهو بصير اعمالهم لا يخفى عليه شيء منها على وجه التفصيل ثم قال جل جلاله له ملك السماوات والارض والى الله ترجع الامور له هنا قدمها يعني قدم الجار والمجرور لاثبات اختصاصه جل وعلا بهذا الملك لان تقديم الجار والمجرور مجيء النكرة بعده يفيد الاختصاص اختصاص الله جل وعلا لهذا ومعلوم ان الله سبحانه ملك السماوات والارض لا احد يدعيه فهو سبحانه المختص بذلك واذا كان كذلك فهو الحقيق جل جلاله بان يجل وان يعظم وان تجل منه القلوب وتخضع له الرقاب جل جلاله وتقدست اسماه. وقد ذكرت لك فيما سبق ان الملك معناه نفوذ الامر الملك الذي يرجع الى نقود الامر والتدبير فيما يملكه ويشمل ذلك انه سبحانه يملك هذه الاشياء ملحا فهو مالك لها وملك عليها جل جلاله ما لك ومهما بلغ ابن ادم في الملك فانه يبقى ضعيفا جدا والله سبحانه هو المختص بانه له ملك السماوات والارض قال والى الله ترجع الامور وهذه راجعة الى تدبيره سبحانه. فكل امر يحبط في السماوات كل اقتران ريح بريح او رياح برياح او تأثير كوكب على كوكب او تواصل او ما يحدث في السماء او ما يحدث في الارض كل ذلك من الامور صغرت ام عظمت كلها مرجعها الى ربها جل جلاله ولهذا قال بعدها والى الله ترجع الامور يعني الى الله وحده دون ما سواه من الامداد دون ما سواه من الالهة المدعاة ترجع الامور على تفاصيلها وهو الذي يعلمها ويقدرها وينفذ فيها امره وتدبيره ربنا وتقدس ثم قال في الاية الاخيرة يولد الليل في النهار ويولد النهار في الليل وهو عليم بلا في الصدور الايلاج في هذه الاية هو يعني في اللغة في هذه الاية في ذات المعنى هو ادخال شيء في شيء على رفق وتؤدى بخلاف الدفع ونحوه فان هو ليس ايلاج دخول الليل النهار ودخول النهار في الليل ومجيء لفظ الايلاج هنا يولد سبحانه وتعالى الليل في النهار ويولج النهار في الليل لهو اصدق تعبير بما تدل عليه اللغة على الواقع فان النهار يدخل في الليل شيئا فشيئا والليل يدخل في النهار شيئا فشيئا حتى يمتزج فيكون هذا قاضيا على ذاك او هذا مذهبا لذاك وفي الحقيقة ان دخول النهار في الليل والنهار والليل في النهار مع ظهور اسبابه الفلكية لكن مجيء لاسباب على هذا النحو يقضي الانسان منه العجب. في تأمله والمسلم يحس في ذلك بانواع من عجائب صنع الله جل وعلا وتقديره للاشياء وانه جعل الانسان متبرجا في الكمالات العلمية والادراكية ليحس بانواع قدرة الله سبحانه وتعالى وانواع ما مد الله به الانسان من مما سخر له السماء وفي الارض. في الليل الليل اسم لما بين غروب الشمس الى طلوع الشمس والنهار والنهار اسم اللي ما بين طلوع الشمس الى غروب الشمس وهذا في قسمة اليوم والليلة الى نهار والى ليل والتقسيم الثاني ان يكون الليل الى طلوع الفجر الصادق الثاني والنهار من طلوع الشمس الى غروبها ويكون ما بينهما هو الصباح او السحر او ما اشبه ذلك طبعا التعريفان او تفسير الليل والنهار بهذا وذاك يختلف معه خاصة في تفسير الليل يختلف معه كثير من من الاحكام ومن فهم بعض النصوص. مثل نزول الله جل وعلا الى سماء الدنيا في ثلث الليل الاخر وفي رواية اخرى قال في نصف الليل الاخر فمن اهل العلم من قال انها الروايات صحيحة يكون المراد نصف الليل ان الثلث اقل فيكون في نصف الليل ها ومنهم من نظر وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال في بعض الاحاديث ثلث الليل وفي بعضها نصف الليل على اعتبار اختلاف التفسيرين المراد بالليل فيما تعرفه العرب من العرب ان يجهل الليل الى طلوع الحجر ومنهم من يجعله الى الى طلوع الشمس وهذا عرضه شيخ الاسلام ابن تيمية في موضع وقال هو جمع مناسب او نحو هذا هذه العبارة اما النهار فسمي نهارا لان فيه شر ام ضياء لظلمة الليل الظياء يشك هذه الظلمة ويبددها واصل مادة النهر في هذا المانع لهذا قال بعض علماء اللغة ان النهر هو شق في استطالته وقد تكون الاستطالة في الحسيات وقد تكون الاستطالة بالمعنويات. لهذا قيل للماء الذي يشق الارض ويجعل له مجرا بقوة يشكها ويفسد ايه فيها؟ قيل لهذا انه نهر ونهر نهر ونهر وهما قراءتان وفجرنا خلالهما نهرا للقراءة وفجرنا خلالهما نهرا ونحو ذلك وقيل ايظا للكلام العنيف الذي يؤدب به قيل له نهر نهر فلان وانتحره نهرا لان فيه هذه الاستطالة في اه الكلام الذي معه تأمين مقصود النهار كذلك الذبح ما انهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل انهر يعني عسال سم وهذا لاجل انه فيه شق مع استطالة لهذا يأتي النهار النهار على هذا المعنى فانه يصدق على ما بعد طلوع الفجر لانه يبدأ هنا شق الليلة. واذا طلعت الشمس يكون تكون السماع يعني ضياء ولا لا يحدث هنا او لا يحس المرء في مسألة النهر او قلالها اللغوي. لهذا الاظهر عندي في هذا الخلاف ان النهار يعني من جهة اللغة ان النهار اسم لما بعد طلوع في الفجر وانه كاليوم فيقال يوم وليلة قسمة قال بعدها وهو عليم بذات الصدور ذات الصدور المقصود بها ما في الصدور كلمة لات كما هو ظاهر جاءت في القرآن مضافة كما في قوله ذات الصدور وكما في قوله فاتقوا الله واصلحوا ذاك بينكم واشباه ذلك وهذا هو الذي اتى في اللغة في انها تستعمل مضاف وكما قال الصحابي وذلك في ذات الاله. وذلك في ذات الاله وان يشاء تبارك على اوصال الشلو الممزهة وذاك في ذات ليلة ذاك في ملاكه في ذات الاله وان يشاء يبارك على اوصال الشلو الممزعي ذات الاله ولاة الصدور ولاة بيننا ونحو ذلك فهي تستعمل في اللغة المضافة واما استعمالها مقاطعة عن الاضافة يقال الذات فهذه اه ليست قوية في اللغة وان كان لها اه الشهرة في الاستعمال شهرة الاستعمال تغني عن تصحيحها لاجل انها مراد بها الاظاءة المقصود هنا قال جل وعلا وهو عليم بذاك الصدور وذات الصدور يعني ما تخفي الصدور وهو سبحانه كما انه يعلم ما يلد وما يخرج ويعلم ما ينزل وما يصعد. فايضا ما في هذه النفس التي لا يطلع احد على ما فيها هو جل وعلا للسر وعليم بما هو اخفى من السر. عليم بما يتلجلج في الصدر حتى من الافكار والاراء والاوهام والظنون ولهذا يجزي العبد الصالح عن حسن ظنه وهو عمل خفي. عمل لافت عمل في ذات الصدور ويجزي العبد الصالح على عباداته القلبية من التوكل والانابة القلبية وحسن الظن به جل وعلا محبته سبحانه وهذا كله فيما في داخل الصدر. فما في داخل الصدر قد يكون وبالا على صاحبه وقد يكون رفعة لصاحبه. والله سبحانه هو العليم بذات الصدور. نقى الله جل وعلا ضمائرنا وانفسنا من كل ما يشينها والزمها بكل ما يزينها انه جواد كريم اه حديث التربة حديث ابي هريرة المعروف في صحيح مسلم خلق الله التربة يوم السبت الى اخره. وجاء الخلق في سبعة ايام هذا عند العلماء انه موقوف عن ابي هريرة ولا يصح رفعه بل هو شاذ في المرفوض. وجعلوه شاذلا من جهة الرواية ومن جهة الدراية من جهة الرواية لها بحثها المعروف لكن من جهة الدراية قالوا ان الله جل وعلا جعل خلق السماوات والارض بستة ايام هذا الحديث في السبعة ومن اهل العلم من نظر اليه من جهة اخرى وقال ان الحديث فيه خلق الارض ستة ايام تفاصيل لما فصل لما في الارض يوم السبت والاحد والاثنين ومعلوم ان هذا غير الخلق الاصلي من الخلق الاصلي قبل مجيء الايام قبل مثل ما ذكرنا لك. انما جاءت الايام بعد الخلق فيكون المراد من حديث ابي هريرة هنا انه خلق تفصيلي جعل الله جل وعلا تربة يوم السبت والاشجار كذا والجبال كذا هذا نحى اليه بعض اهل العلم وجعله صحيحا لان الحديث في صحيح مسلم قالوا لا وجه لشذوذه لا من حيث الرواية ولا من حيث ولكن يشكل على هذا قول الله جل وعلا في اية السورة فصلت قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يوم وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين تقدير الاقوات وجعل الرواسي فيها ادخله الله جل وعلا في الاربعة ايام التي هي من الستة ايام التي خلق فيها السماوات والارض وفي حديث ابي هريرة جملها من السبعة ايام انه ذكر بعض بعض الاقوات حلق الجبال الى اخره جعلها من السبعة هي. لهذا آآ التفسير الثاني له حظ من النظر لكن الاول هو المشهور عند العلماء وهو الاولى بالاعتماد عليه. لان الحديث لا يصح مرفوعا بل هو ساذ وانما هو موقوف على ابي هريرة فقد يكون