المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ دروس من تفسير القرآن الكريم. تفسير سورة النجم ادت الرابع. لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على اشرف الانبياء والمرسلين. قال الامام ابن كثير الله تعالى ان الذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمون الملائكة تسبيح الانثى. وما لهم به من علم يتبعون الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا. فاعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد الا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بمن اهتدى يقول تعالى منكرا على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الانثى وجعلهم لها انها وجعلهم لها انها بنات الله تعالى الله عن ذلك كما قال تعالى وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا اشهدوا خلقهم سنكتب حادث ستكتب شهادتهم ويسألون. ولهذا قال تعالى وما لهم به من علم. اي ليس لهم علم صحيح بصدق ما قالوه بل هو كذب كن وزور وافتراء وكفر شنيع. ان يتبعون الا الظن. وان الظن لا يغني من الحق شيئا. اي لا يجدي شيئا ولا لا يقوم ابدا مقام الحق وقد ثبت في الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اياكم والظن فان الظن اكتب الحديث. فقوله تعالى فاعرض عمن تولى عن ذكرنا. اي اعرض عن الذي اعرض عن الحق واهجره وقوله ولم يرد الا الحياة الدنيا. اي وانما اكثر همه ومبلغ علمه الدنيا. فذاك فذاك هو غاية ما لا خير فيه ولهذا قال تعالى ذلك مبلغهم من العلم. اي طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصل اليه وقد روى الامام احمد عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا دار الدنيا دار مال الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع لها يجمع من لا عقل له وفي الدعاء المأثور اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا فقوله تعالى ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بمن اهتدى. اي هو الخالق لجميع المخلوقات. والعالم عباده وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء. وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته. وهو العادل الذي لا يجور ابدا وهو العادل الذي لا يجور ابدا لا في شرعه ولا في قدره قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه اللهم نسألك علما نافعا وعملا صالحا وقلبا خاشعا ودعاء مشموعا نعوذ بك اللهم ان نذل او نذل او نضل او نضل او نظلم او نظلم او نجهل او يجهل علينا اما بعد فهذه السورة سورة النجم مشتملة على تقرير توحيد الله جل وعلا وذكر صفاته سبحانه والرد على المشركين فيما دعوه في صفات الله او في توحيده وكذلك فيها تقرير الرسالة وتقرير البعث واصول الدين وفي هذه الايات قال جل وعلا ان الذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمون الملائكة تسمية الانثى في قوله سبحانه ان الذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمون الملائكة تسمية الانثى فيها انكار على اولئك وتأكيد لهذا الخبر بان واللام ومن المتقرر في علوم البلاغة ان تأكيد الكلام بهن واللام انما يكون في حق من هو منكر له او منزل منزلة المنكر فيقول القائل محمد قادم لمن ليس عنده علم بالخبر اصلا اما اذا كان المخبر عنده انكار لذلك او ينزل منزلة المنكر بغرض انتباهه او لان دلائل الحال تدل على انه يميل الى الانكار فان الكلام يؤكد باللام فيقال لمحمد قادم ثم يزاد التأكيد بان واللام جميعا فيقال ان محمدا لا قادم فاذا لا يناسب ان يقال لمن هو خال عن الخبر ان محمدا قادم او لقادم بالتأكيد وانما يقال لغرض من اغراض البلاغة وهو تنزيل المستمع او المتلقي للخبر منزلة المنكر او من هو منكر او مكذب في نفس الامر وهذا هو الواقع بهؤلاء المشركين الذين سموا الملائكة تسمية الانثى والذين لا يؤمنون بالاخرة فانهم منكرون ان الملائكة خلق من خلق الله وان الله خلقهم من نور وانهم ليسوا ببنات الله سبحانه والمشركون ادعوا في الملائكة ثلاثة اشياء ادعوا انها ان الملك انثى وان الملائكة انثى كما قال سبحانه وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا. اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون والثاني انه جعلوهم بنات لله جل وعلا كما قال سبحانه اصطفى البنات على البنين والثالث انهم عبدوا الملائكة واتخذوهم وسائق تقربهم الى الله جل وعلا كما قال سبحانه ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن اكثرهم بهم مؤمنون فاذا هؤلاء اذ دعوا هذه الدعاوى الثلاث ان الملائكة اناث وانها بنات الله وانها تدعى وتسأل وتتخذ اولياء هم ينكرون انهم نزلوها هذه المنزلة ولهذا انكر عليهم انهم يأبون ان تكون لهم الاناث ويجعلون لله جل وعلا البنات سبحانه قال سبحانه هنا ان الذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمون الملائكة تسمية الانثى والاخرة سميت الاخرة بان الدنيا لان الدنيا والاخرة احدهما اولى والثانية اخرى وهما بالتمثيل يومان يوم اول ويوم اخر ولهذا قيل في الاخرة اليوم الاخر صار من اركان الايمان اليوم الاخر ويكون اليوم الاول هو يوم الدنيا فثم يومان يوم اول ويوم اخر او اولى واخرى فما هو مبحوث في نصوص كثيرة وقوله الملائكة الملائكة جمع ملأى وملأك اصلها مقلوب عن مألك لانها مأخوذة من الالوكة وهي الرسالة واصلها الك يألك الوكة يعني ارسل يرسل رسالة خاصة والعرب اذا ارسلت رسالة خاصة مع من هو معظم قيل لذلك الوك كما قال الشاعر اعلمهم بنواحي الخبر فجمع بين كونه قال الكني وكونه ورسولا الكني اليها وخير الرسول فدل هذا على ان اصل مادة ملائكة في لغة العرب تدل على الارسال وهذا يضاد اصل اعتقاد المشركين فيها بتلك الثلاثة التي ذكرنا فهم اذا نقضوا انفسهم بلغتهم وابطلوا اعتقادهم بلغتهم لانهم اذ سموها الملائكة فانه لا يصلح ان تكون بنات لله ولا يصلح ان تكون معبودات لانها مرسلة العرب سمت هذه يعني في اللغة بما جاء من ميراث الرسالات سميت ملائكة لهذا الغرض لهذا ففي التسمية ابطال بكونها بنات لله جل وعلا. وفي التسمية ابطال لكونها تعبد من دون الله او مع الله لانها مرسلة فملائكة يعني انهم مرسلون كما قال سبحانه الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. فالملائكة رسل يصطفي الله جل وعلا منهم اهل رسالة خاصة للوحي او لانزال الغيث او نحو وذلك وكل الملائكة يقومون باعمال توكل اليهم من رب العالمين. كما قال سبحانه قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم والايات في هذا المعنى كثيرة قال سبحانه لا يسمون الملائكة تسمية الانثى وذلك لانهم جعلوها بنات لله سبحانه. قال وما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا قوله وما لهم به من علم الاشياء او الحقائق تنقسم الى ثلاثة اشياء يعني رؤية الحقائق او صبر الاشياء صبر الحقائق سبر القظايا النتيجة الحكم عليها على ثلاثة اقسام الاول علم والثاني ظن والثالث كذب والظن هذا يعم ما كان مستوي الطرفين وما كان احد الطرفين فيه ارجح من الاخر فيشمل ما جعله الاصوليون ثلاثة اقسام وهي الظن والشك والوهم ولكن في اللغة اما ثلاثة اشياء علم وظن وكذب العلم مقام الدليل عليه اما بدليل حسي ضروري باحد الحواس واما بدليل برهان اما باستقراء او برهان ودليل على انواع الادلة هذا هو العلم والظن هو ما لم يقم دليل عليه لكن الذي يذهب الى ذلك القول ويميل اليه ولا دليل عليه هذا من جهة اللغة ولا تعارض هذا بما عند الاصوليين من كلام خاص في الاصطلاح فيما تأخر من الزمان والكذب عند اهل اللغة هو مخالفة الخبر للواقع سواء كان متعمدا او مجرد اخبار بمخالفة الواقع فاذا الله جل وعلا بين لنا في هذه الاية ان اولئك المشركين بتسميتهم الملائكة تسمية الانثى انهم ليس لهم بذلك علم وانما يتبعون الظن والظن لا يغني من الحق شيئا. كما قال هنا وان الظن لا يغني من الحق شيئا. فاذا هذه الاية دلت على ان الواجب على كل من يذهب الى شيء ان يذهب اليه عن علم لا عن استحسان وهوى مجرد بلا دليل يعتمد عليه بل بين سبحانه ان الظن لا يغني من الحق شيئا بل جعل النبي عليه الصلاة والسلام الظن اكذب الحديث فقال عليه الصلاة والسلام اياكم والظن فان الظن اكذب الحديث قوله هنا وما لهم به من علم مجيء من بالنفي افاد استغراق او التنصيص على العموم بانواع العلوم فليس لهم من علم بذلك لا من جهة الرسل هذا نوع من العلوم ولا من جهة الرؤية حيث انهم رأوا الملائكة ولا من جهة الدليل البرهاني فكل فكل انواع العلوم ليس لهم بها يعني بتسمية الملائكة تسمية الانثى ليس لهم بذلك من دليل لهذا قال سبحانه هنا وما لهم به من علم وقدم لهم مع ان حق مع ان حقها التأخير لان التنصيص على العموم بمجيء من الزائدة قبل النكرة تقدم يقدم قبله خبر ماء او ما يتعلق بخبر ما قال سبحانه ان يتبعون الا الظن وان والا هذه للحصى والاتباع ان يتبعون الا الظن الاتباع هو السير وراء الشيء تبعه يعني سار وراءه مقتديا اثره لهذا جاء الامر باتباع الرسل عليهم صلوات الله وسلامه فاتبعوني قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله نحو ذلك من الايات يعني اقتفوا هذا الاثر امشوا وراءه مقتفين اثره. قال ان يتبعون الا الظن فكأنهم يريدون الظن ويبحثون عنه ولا يبحثون عن العلم اصلا فهم يقتفون اثر الظن فكأن الظن مقصود لهم فيما يريدون فلهذا عبر بيتبعون الذي يفيد انهم يبحثون وراء هذا الظن وفي هذا تبكيك لهم وفيه ازراء عليهم وابعاد لهم عن العلم لان الظن لا يتبع بل الذي يتبع العلم الذي يبحث عنه العلم فهؤلاء يبحثون عن الظن اه هذا جار على كل معتقداتهم وفي القرآن كثير من الايات فيها ذكر اعتماد المشركين والكفار على الظنون وليس ثم الاعتماد عندهم على العلم وما جاء في بعض الايات من وصفهم بالعلم او مجادلتهم بالعلم المقصود منه ما هو بحسب نظرهم بحسب اعتقادهم انهم يريدون العلم وهم انما هم في الواقع انما يتبعون الظن. قال سبحانه في قوله ان يتبعون الا الظن فيها حصر بان ان هذه النافية والا تفيد الحصر والحصر له انواع ومقتضيات بعلم المعاني من علوم البلاغة اه معروفة في موضعها قال وان الظن لا يغني من الحق شيئا. وهذا تقرير وتأكيد لهذا الامر العظيم. وهو النهي عن اتباع الظن فقال ان الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا الظن لا يفيد في الحق والحق دليله العلم الدليل العلم النافع عن دليل واضح بين يدل على المراد قال سبحانه فاعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد الا الحياة الدنيا اعرض هذا امر بترك ومجانبة وهجر من تولى عن ذكرنا ولم يرد الا الحياة الدنيا واصل كلمة اعرض هو ان يعطي المرء الاخر عرضه بظم العين وهو جانبه كما تقول العرب اعطى هذا او ارم بهذا الكلام عرض الحائط بضم العين يعني جانب الحائط فاعرض ما اقول من العرض لان من ترك كلاما او ترك متكلما فانه يعطيه جانبه. وفي هذا ايضا ادب وهو ان التارك او المنكر فانه يعرض عنه وفيه الترك بشيء من الادب فقال سبحانه هنا فاعرضوا هذا امر هو امر ايجاب اعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد الا الحياة الدنيا وهذا وهؤلاء الذين هذه صفتهم وهو انهم لم يريدوا الا الحياة الدنيا واعرضوا عن الذكر لا تنشغل بهم ولا تطلب زكاتهم ولا تطلب ايمانهم فان هؤلاء مضى فيهم قدر الله ومضى ومضت فيهم كلمة الله جل وعلا كما قال سبحانه اما من استغنى فانت له تصدع وما بيك الا يتزكى. واما من جاءك يسعى وهو يخشى فانت عنه تلكها كلا الى اخر الاية الى اخر الاية. فقوله سبحانه هنا فاعرض عمن تولى عن ذكرنا فيه تنبيه للرسل للنبي عليه الصلاة والسلام ولجميع من يدعون بدعوة الرسل انهم لا يعتنون بمن اعرض عن ذكر الله واراد الحياة الدنيا. بل يصبرون هم مع الذين يبتغون وجه الله جل وعلا. كما قال سبحانه واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا. ولا تطع من اغفلنا قلبه عن واتبع هواه وكان امره فرطا. فدلت الاية على ان الدعاة الى دين الله اتباع الرسل لا ينبغي لهم ان يتتبعوا المعرضين عن ذكر الله الذين لا يريدون الا الحياة الدنيا. وان يهتموا بمن يقبلوا رسالة الله جل وعلا. من يقبل الايمان لان اولئك اطهر قلوبا بل لان هؤلاء اطهر قلوبا والين باستماع الحق لانهم لم يعرضوا ولم يريدوا الحياة الدنيا بل ارادوا الخير والحق قال سبحانه فاعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد الا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم يعني ان هؤلاء الذين ارادوا الحياة الدنيا وتولوا عن الذكر مبلغهم من العلم الحياة الدنيا. مبلغهم من العلم الظن فقوله ذلك هذا راجع الى الظن او راجع الى اقرب شيء وهو الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بمن اهتدى وهذا يعني ان حكم الله جل وعلا هو الذي يجب ان يؤخذ لان الله سبحانه اعلم بالضال واعلم بالمهتدي قال الله تعالى