وقوله سبحانه وتعالى هنا هو اعلم بكم هذا وجه تعلقها بما قبلها من اول الاية هو اعلم بكم اذ انشأكم من الارض ومعلوم ان الانشاء من الارض انما هو لاصل المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ دروس من تفسير القرآن الكريم. تفسير سورة النجم الدرس السادس. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا وغفر لشيخنا ولنا وللحاضرين. قال امام ابن كثير رحمه الله تعالى وقوله تعالى هو اعلم بكم اذ انشاكم من الارض اي هو بصير بكم عليم باحوالكم وافعالكم واقوالكم التي ستصدر عنكم وتقع منكم حين ان شاذ. حين انشأ اباكم ادم من الارض واستخرج ذريته من صلبه امثال الذر ثم ثم قسمهم فريقين فريقا للجنة وفريقا للسعير وكذا قوله واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم. قد كتب الملك الذي يوكل به رزقه واجله في الوقت الذي يوكل به رزقه واجله وعمله وكذا قوله واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم قد كتب الملك قد كتب الملك الذي يوكل به رزقه له وعمله وشقي وشقي ام سعيد قال مكحول كنا اجنة في بطون شرقيا كتب الملك الموكل ها هو الذي يوكل به رزقه واجله وعمله وشرقيا على الاستئناف يعني وعشقي هو او سعيد ماشي قال مسحور كنا اجنة في بطون امهاتنا فسقط منا من سقط. وكنا في من بقي ثم كنا مراضيع فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي ثم صرنا يفعه فهلك منا من هلك وكنا في من بقي ثم صرنا شبانه فهلا لك منا من هلك وكنا فيمن بقي. ثم صرنا شيوخا لا لا ابا لك. فماذا فماذا بعد هذا تنتظر؟ رواه ابن ابي حاثم عنه وقوله تعالى فلا تزكوا انفسكم اي تمدحوها وتشكروها وتمنوا باعمالكم وهو اعلم بمن اتقى كما قال تعالى الم تر الى الذين يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا. وقال في صحيحه حدثنا عمرو الناقد حدثنا هاشم ابن القاسم حدثنا الليث عن يزيد عن يزيد ابن ابي حبيب عن محمد ابن عمر عن عطاء قال سميت ابنتي برة فقالت لي زينب ابنة ابي سلمة بنت ابي سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه هذا الاسم عن هذا الاسم وسميت برة فقال وسميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزكوا انفسكم ان الله اعلم باهل البر فقالوا بما نسميها؟ قال سموها زينب. وقد ثبت ايضا في الحديث عن الذي رواه الامام احمد. حيث قال حدثنا عفان وحدثنا وهب حدثنا خالد الحداد عن واحد عايش وقد ثبت ايضا في الحديث الذي رواه الامام احمد حيث قال حدثنا عفان وحدثنا وهم قال قال حدثنا قال حدثنا وهب قال حدثنا خالد الحداء عن عبدالرحمن بن ابي بكرة عن ابيه قال مدح رجل رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك قطعت عنق صاحبك مرارا. اذا كان احدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل احسبوا فلانا والله حسيبه ولا على الله احدا احسبه كذا وكذا ان كان يعلم ذلك ثم رواه عن غندر عن شعبة عن خالد الحدابي. وكذا رواه البخاري ومسلم وابو داوود وابن ماجة من طرق عن خالد الحداء ابي وقال الامام احمد حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا اخبرنا سفيان عن عن منصور عن منصور عن ابراهيم عن همام ابن الحارث قال جاء رجل الى عثمان فاثنى عليه في وجهه قال فجعل المقداد من الاسود يحثو في وجه التراب ويقول امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا لقينا مداحين النحث وفي وجوههم التراب. ورواه مسلم وابو داوود من حديث الثوري عن منصور به عن منصور به انتهى بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله طوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يجعلنا واياكم من اهل العلم النافع وممن اذا تعلم عمل وممن اذا عمل اتبع السنة انه سبحانه جواد كريم ثم هذه الاية وهي قوله تعالى الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم ان ربك واسع المغفرة هو اعلم بكم اذا انشأكم من الارض واذ انتما جنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى دلت على ان العبد وان كان عالما بنفسه فيما يحصل منه من كبير الذنوب وصغيرها فان الله جل وعلا اعلم منه بنفسه وباحواله وكيف نشأه في الرحم بل وكيف نشع اباه ادم من الارض حتى اصبح بشرا سويا وهذا يدل على ان العبد قد يفوته اشياء مما يعمل من الذنوب علم الله جل وعلا نافذ فيه يعلم سبحانه احواله كلها وقد يفعل العبد بعض الذنوب وهو غافل عنها ثم لا يذكرها ولهذا كان من الواجبات ان يتوب العبد توبة عامة من الذنوب جميعها ما يعلمها وما لا يعلمها قال سبحانه في وصف المؤمنين الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم ان ربك واسع المغفرة هو اعلم بكم اذ انشأكم من الارض واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم يعني ان ان علم الله سبحانه وتعالى كامل فيما يفعله العبد وفي كل شيء الله سبحانه بكل شيء عليم وكان الله بكل شيء عليما ولهذا التوبة والمغفرة تطلب مما يذكره العبد ومما لا يذكره من الذنوب صغيرها وكبيرها وكما جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم اني اعوذ بك ان اشرك بك شيئا اعلمه واستغفرك مما لا اعلم الانسان وهو ادم عليه السلام وعما بنوه فكان انشاؤهم من الارض بحكم الدلالة وحكم التبعية اما الدلالة فان الانسان مخلوق من او مركب من مكونات راجعة الى الارض من انواع المعادن ومن الماء واشباه ذلك ولهذا اذا مات تحلل الارض ورجع لمشابهة بل لان تكوينه من هذه الارض واما بحكم التبع فلان ابى الانسان ادم ادم عليه السلام خلق من الارظ من الطين اصالة وبنوه لهم حكمه قال جل وعلا هو اعلم بكم اذ انشأكم من الارض والانشاء هو الابتداء يعني اذ ابتدع خلقكم من الارض وقوله سبحانه الارض يعني هذه الارض بجميع ما فيها فجعل في ادم عليه السلام من اجناس الارض فانه كما جاء في الحديث الصحيح فان الله سبحانه جعل خلق ادم من الطين منوعا من تربة الارض فقبض الله سبحانه قبضة من الارض مشكلة فيها الطين الاحمر والاسود واليابس وفيها يخاف فيها انواع الطين فخلق منها ادم عليه السلام فاذا قوله اعلم بكم اذ انشأكم من الارض يعني بجميع اجناسها لان هذا ما خلق من متفرقاتها قال واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم يعني ان علم الانسان لا يصل الى كيفية خلق عادم على وجه التفصيل وانشائه من الارض وكذلك لا يعلم الانسان عن نفسه اذ هو في بطن امه وكذلك لا يعلم عن ولده ولا على عن احبابه اذ كانوا اجنة في بطون الامهات وهذا يقضي بان علم الانسان بنفسه عاصر وان علم الانسان بنفسه ايضا غير تام فاذا كان كذلك وجب ان يكون العبد مخبتا لله جل وعلا خائفا من علم الله جل وعلا فيه لهذا قال سبحانه بعدها فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى قوله واذ انتم اذ هنا بمعنى حين يعني وحين انتم اجنة في بطون امهاتكم والاجنة جمع جنين والجنين سمي جنينا لانه مستتر في بطن الام لان هذه المادة مادة الاجتنان لان يجن ما يتصرف من ذلك مأخوذة من الستر و لهذا سمي الجنين جنينا وسمي الجنون جنونا لما فيه من ستر العقل وتغطيته ونحو ذلك وبهذه المناسبة نذكر فائدة في اللغة وهي ان تفسير الاشياء تفسير الكلمات لا يكون على وجه الترادف فاننا نقول الجنون هو ما فيه استتار استتارة او ما فيه خفاء او نقول ما فيه ستر وتغطية ونقول كذلك في المغفرة ان غفر انه ما فيها ستر ايضا نقول في كفرة ايظا الكفر هو الستر والتغطية ومعلوم ان هذا تقريب والا فكل مادة من هذه المواد تختص باشياء فاذا المعنى هذا اذا قلنا ان معنى الكفر الستر والتغطية ومعنى الغفر ايضا الستر تغطية وقلن معنى الجنون ما فيه ستر و خفاء واشباه ذلك فهذا من جهة التقريب لايضاح المعنى والا فلا تراجع كما هو معلوم فغفر مادة اه جنة مادة وسترى مادة وكفر مادة وكل مادة منها لها ما يخصها وكما ذكرنا لكم ان اللغة ليس فيها ترادف تام على الصحيح وانما اقسام الكلام مختلفة ما بين تخالف وتوافق وتواطؤ واشتراك قوله سبحانه فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى تزكية النفس في هذه الاية ومثلها اية سورة النساء الم ترى الى الذين يزكون انفسهم تزكية النفس لها تفسيران الاول ان يزكي المؤمنون بعضهم بعضا يعني ان يصف المؤمنون بعضهم بعضا باوصاف التزكية فيصف المرء باوصاف التزكية او تزكيه او يسمي الاب ولده باسم فيه تزكية ونحو ذلك مثل ما مر معك بتغيير النبي عليه الصلاة والسلام اسم برة وهذا من تزكية النفس ولكنه تزكية للانفس داخل في قوله فلا تزكوا انفسكم يعني لا يكن بينكم ان يزكي بعضكم بعضا في الايمان واشباه ذلك والتفسير الثاني الا يزكي المرء نفسه واذا قيل في الاول المعنى الاول ان المرء قد يكون غير عالم بما عند اخوانه غير عالم بحقيقة احوالهم فكذلك هو غير عالم بنفسه وبهل يقبل عمله ام لا يقبل؟ هل قبل ما ما تقرب الى الله به ام لم يقبل؟ هل ما يعمله كان صالحا ام كان غير صالح وتزكية المرء لنفسه مذمومة داخلة في عموم الاية اليست الاية في تزكية المؤمنين بعضهم بعضا او ما اشبه ذلك كما قد يظهر من كلام الحافظ ابن كثير بل يدخل فيها من باب اولى بل من دلالة المعنى ان ان يثني المرء على نفسه وان يزكي نفسه اما بالاوصاف او بالاعمال او ان يقر ذلك ولهذا كان ابو بكر رظي الله عنه اذا اثني عليه كان يقول اللهم اجعلني خيرا مما يظنون علنا يقولها علنا اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون وهو مروي بالاسناد الصحيح عنه عند الامام احمد في الزهد وعند غيره وسبب نزول اية النسا في هذا المعنى فان اليهود كانوا يقولون نحن ابناء الله واحباؤه ويقولون ما عملنا بالنهار يغفره الله جل وعلا بالليل وما عملناه بالليل يغفره الله بالنهار ويقولون اباؤنا تشفع لنا ونحن خاصة الله ونحو ذلك اذا تبين ذلك فان تزكية المرء لنفسه او لغيره منهي عنها وهذا على وجه العموم يعني عموم الحالات الا فيما يحتاج فيه الى التزكية فاذا احتيج الى التزكية الحاجة الشرعية فانه يزكي من يعلم ولا يجوز ان يزكي المرء من لا يعلم حاله وهذا مع الاسف انتشر في هذا الزمن حتى بين طلبة العلم فيزكي المرء الاخر وهو لا يعلم حاله بناء على ظاهر امره ويسميها تزكية وربما كتب له في هذا وربما اتى واثنى عليه واذا دقق في الامر اذا هو لا يعرفه معرفة جيدة وقد اثنى رجل وقد سأل رجل آآ بل وقد سأل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الناس عن رجل هل منكم من يعرفه فقال رجل نعم انا اعرفه وذكر ما فيه من الخير فقال له عمر هل جاورته فقال لا قال هل صحبته في سفر قال لا قال هل بايعته بالدرهم والدينار او قال هل عاملته بالدرهم والدينار قال لا قال اظنك رأيته يركع في هذا المسجد فزكيته هذا لا شك انه يعني ان التسارع تزكية ثناء الناس بعظهم على بعظ دون بينة ودون برهان ودون معرفة ان هذا مما لا يجوز لان الله جل وعلا نهى عن تزكية النفس فلا ينبغي ان يزكي المرء احدا الا لحاجة ولمن يعرف الحاجة الشرعية ولمن يعرف انه مستحق لذلك فكيف بمن يكتب لمن لا يعرف وكثيرا ما يأتينا بعض الاخوان يقول انا اريد تزكية اريد تعريف للجهة الفلانية ليس هو ممن نعرفه او يكون ممن حولنا. وكأن المرء صار الامر صار سائغا بانه يكتب لمن تعرف ولمن لا تعرف وهذا لا شك انه مخالف لمقتضى النهي عن تزكية النفس. فلا يجوز لاحد ان يزكي او ان يعرف الا من عرفه ويكون فيما كتب شاهدا ان هذا الذي كتبه في وصفه لفلان انه صحيح وليس باب التزكية باب مجاملات ولا باب تعاطف وانما هو باب شهادة المرء لا يجوز له ان يشهد بالزور او ان يشهد بما لا يعرف انما يشهد بما علم قال سبحانه فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى مجيء مجيء كلمة هو هنا دون الاسم الظاهر في الاية واعلم بكم اذا انفعكم من الارض واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى هذه العدول عن الاسم الظاهر الى كلمة هو هنا الى الظمير هذا فيه فائدة البلاغة وهي اعطاء الهيبة الاهتمام بهذا الذي يذكر لان العدول من الظاهر الى المضمض او العكس له فوائد في البلاغة ينبغي الاعتناء بها لكثرة ورودها في التفسير واعلم بمن اتقى يعني هو اعلم منكم بمن اتقى منكم ممن لم يتق والثناء انما هو على المتقين و ذلك يوجب على المرء ان لا يزكي نفسه وان لا يزكي غيره لا هذا ما فيه التزكية هذا شهادة ولهذا شهادة ولهذا جاء في اخر الحديث قال انتم شهود الله في ارضه بيشهد له او بيشهد عليه اما فلان مؤمن فلان صالح فلان هذا من علامات كثرة ذلك من علامات اخر الزمان فيكون في اخر الزمان مثل هذه الاقوال يقال للرجل ما اجلده ما اظرفه وليس في قلبه من الايمان واليوم كثر الناس في الثناء على بعضهم بعضا وتوسعوا في ذلك توسعوا يخشى منه واعملوا من باب الثناء غير باب الدعاء تزكية شيء وان يدعى للمرء بما عمل من الصالحات شيء اخر. الدعاء مشروع دعاء له بما عمل ومكافئته بالدعاء او اه الدعاء له بما قدمه لك او قدمه لغيرك او قدمه للمؤمنين للمسلمين هذا كله مشروع لكن الثناء العام او التزكية هذا لا شك انه منهي عنه نعم في اه الحديث ان كان المرء مثنيا فليقل احسبوا فلان والله حسيبه ولا ازكي على الله احدا. احسبه كذا وكذا نعم فهذا لا بأس اذا اذا احتجت اليه قل احسبوا فلان كذا ولا ازكي على الله احد هم؟ حسابهم بمعنى اظن؟ ايه هم ان الامر فيه ظاهر وباطن في خفاء ما تدري عن حقيقة الامر اتدري هل هو صادق في في قولها في عمله وفي ما يظهر ام ليس بصادق مسألة عظيمة لانك انت الان تشهد له هو اعلم بمن اتقى سبحانه. الله