المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي بايات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا امركم. فعلى الله توكلت فاجمعوا امركم امركم عليكم يقول تعالى لنبيه واتل على قومك نبأ نوح في دعوته لقومه حين دعاهم الى الله مدة طويلة فمكث فيهم الف سنة الا خمسين عاما. فلم يزدهم دعاؤه اياهم الا طغيانا. فتمللوا منه وسئموا. وهو عليه الصلاة والسلام السلام غير متكاسل. ولا متوان في دعوتهم. فقال لهم يا قومي ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بايات الله. اي ان كان انا مقامي عندكم وتذكيري اياكم ما ينفعكم بايات الله الادلة الواضحة البينة. قد شق عليكم وعظم لديكم واردتم ان تنالوني بسوء او ترد الحق. فعلى الله توكلت اي اعتمدت على الله في دفع كل شر يراد بي وبما ادعو اليه. فهذا جندي وعدتي وانتم فاتوا بما قدرتم عليه. من انواع العدد والعدد فاجمعوا امركم كلكم. بحيث لا يتخلف منكم احد ولا تدخروا من مجهودكم شيئا. واحضروا شركائكم الذين كنتم تعبدونهم وتوالونهم من دون الله رب العالمين. ثم لا يكن امركم عليكم غمة اي مشتبها خفيا. بل ليكن ذلك ظاهرا علانية. ثم اقضوا الي اي اقضوا علي بالعقوبة والسوء الذي في امكانكم ولا تنظرون. اي لا تمهلون ساعة من نهار. فهذا برهان قاطع واية عظيمة على صحة رسالته والصدق ما جاء به حيث كان وحده لا عشيرة تحميه ولا جنود تؤويه. وقد بادأ قومه بتسفيه ارائهم وفساد دينهم وعيب وقد حملوا من بغضه وعداوته ما هو اعظم من الجبال الرواسي. وهم اهل القدرة والسطوة وهو يقول لهم اجتمعوا انتم شركاؤكم ومن استطعتم وابدوا كل ما تقدرون عليه من الكيد. فاوقعوا بي ان قدرتم على ذلك. فلم يقدروا على شيء من ذلك. فعلم انه الصادق حقا وهم الكاذبون فيما يدعون. ولهذا قال فان توليتم عن ما دعوتكم اليه فلا موجب توليكم لانه تبين انكم لا تولون عن باطل الى حق. وانما تولون عن حق قامت الادلة على صحته. الى باطل قامت الادلة على فساده. ومع هذا فما سألتكم من اجر على دعوتي وعلى اجابتكم. فتقول هذا جائنا ليأخذ اموالنا فتمتنع لاجل ذلك ان اجري الا على الله اي لا اريد الثواب والجزاء الا منه. وايضا فاني ما امرتكم بامر واخالفكم الى بل امرت ان اكون من المسلمين فانا اول داخل واول فاعل لما امرتكم به وجعلناهم خلائف. واغرقنا الذين كذبوا باياتنا فكذبوه بعدما دعاهم ليلا ونهارا سرا وجهارا. فلم زدهم دعاؤه الا فرارا. فنجيناه ومن معه في الفلك الذي امرناه ان يصنعه باعيننا. وقلنا له اذا فاردت النور فاحمله فيها من كل زوجين اثنين واهلك الا من سبق عليه القول ومن امن. ففعل ذلك فامر الله السماء بماء منهمر فجر الارض عيونا فالتقى الماء على امر قد قدر. وحملناه على ذات الواح ودسر. تجري باعيننا. وجعلناهم خلائق الارض بعد اهلاك المكذبين. ثم بارك الله في ذريته وجعل ذريته هم الباقين. ونشرهم في اقطار الارض. واغرقهم ان الذين كذبوا باياتنا بعد ذلك البيان واقامة البرهان. فانظر كيف كان عاقبة المنذرين. وهو الهلاك المخزي واللعنة المتتابعة عليهم في كل قرن يأتي بعدهم. لا تسمع فيهم الا لو ما ولا ترى الا قدحا وذما. فليحذر هؤلاء المكذبون ان يحل بهم ما حل باولئك الاقوام المكذبين من الهلاك والخزي والنكال ثم بعثنا من بعده رسلا الى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنون اي ثم بعثنا من سعد نوح عليه السلام رسلا الى قومهم المكذبين يدعونهم الى الهدى ويحذرونهم من اسباب الردى فجاءوهم بالبينات اي كل نبي ايد دعوته بالايات الدالة على صحة ما جاء به. فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل. يعني ان الله تعالى عاقبهم وهم حيث جاءهم الرسول فبادروا بتكذيبه. طبع الله على قلوبهم وحال بينهم وبين الايمان بعد ان كانوا متمكنين منه. كما قال تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. ولهذا قال هنا كذلك نطمع على قلوب المعتدين اي نختم عليها فلا يدخلها خير. وما ظلمهم الله ولكن ظلموا انفسهم بردهم الحق لما جاءهم. وتكذيبهم الاول