السَّلامُ عليكُم أخي وأختي! تصوَّرا نفسَيكُما زوجينِ في بيتِكما، علاقتُكما متأرجِحةٌ، تتحسَّنُ وتسوءُ، بينكُما كتابُ اللهِ، لكنْ تقتربونَ منهُ حينًا وتبتعدونَ حينًا. تعلمانِ أنَّ الحلَّ فيه، لكنَّ الجهلَ به واتِّباعَ الهوى يمنعُكُما مِنْ كمالِ الاستفادةِ منه. لكما جارٌ سِكِّيرٌ؛ يضربُ امرأتَهُ حتَّى يعلوَ صوتُها، وأحيانًا تشربُ معَه هيَ من الخمرِ وتُحَشِّشُ، ويدخلُ عليها أصحابُه ينتهكونَ عِرضَها بِرِضاها حينًا، وبغيرِ رِضاها أحيانًا، وجارُ السَّوءِ لا َيكُفُّ عنها يدًا، وإنْ حاولَ لم يستطعْ، ولكما قريبٌ عاقٌّ يعملُ لحسابِ جارِكما هذا ويأتمِرُ بأمرِه، ولْنُسمِّ (القريبَ العاقَّ) اختصارًا بـ (قَرْعَاق). جارُكما هذا يعتلي سطحَ بيتِكما ليسرقَ مِن ماء خزَّانِكما، ويساعدُه قَرعاق. ذات يومٍ، اختلفتْما وتعالَتْ أصواتُكما، فدخلَ عليكما الجارُ مخمورًا، بيدهِ كأسُ الخمرِ، وبيدهِ الأُخرى كوبُ ماءٍ سرقَهُ مِن خزَّانِكما، - خيرًا يا جارَ السَّوءِ! - سمعْتُ صيحتَكِ - يا جارتي -، وأخبرَني قَرعاقُ أنَّكِ بحاجتي، فجئتُ أنقذُكِ وأسقيكِ. يعني انقلبَ الجارُ فجأةً إلى (رامبو)، ولِمنْ لا يعرفُ (رامبو) فهو شخصيَّةُ البطلِ الأمريكيِّ الَّتي كانت تُلمَّعُ لأبناءِ جيلي في صِغرِنا. أخي وأختي! هل حضرْتُما الحلقةَ الماضيةَ بعنوانِ: (تحريرُ المرأةِ الغربيَّةِ)؟ هل رأيتُم بالحقائقِ والإحصائيَّاتِ الرسميَّةِ حالَ المرأةِ الغربيَّةِ وكيف تمَّ استغلالُها كأداةٍ لتحقيقِ مطامعِ راسمي السِّياساتِ وأصحابِ رؤوسِ الأموالِ؟ ثمَّ كيفَ أصبحتِ المرأةُ الغربيَّةُ ضحيَّةً للانفلاتِ الجنسيِّ والعُنفِ الهَمجيِّ؟ تصوَّروا الآنَ، كيفَ أنَّ هؤلاءِ الَّذينَ استخدموا المرأةَ ثمَّ أهانوها في الغربِ، يأتونَ إلى بلادِنا كـ (رامبوهات)، -جمعِ (رامبو)- وتحتَ أيِّ عنوانٍ؟ (إنقاذُ المرأة المسلمة) كيفَ؟ بالقضاءِ على أشكالِ التَّميِيزِ كافَّةً ضدَّ المرأةِ، بتحطيِمِ مفهومِ القِوامةِ والولايةِ عليها، بمُساواتِها معَ الرَّجلِ في الميراثِ، بمَنحِها الحرِّيَّةَ الجنسيَّةَ. أيُّها الكرامُ والكريماتُ! يتعرَّضُ بعضُ النِّساءِ في العالَمِ الإسلاميِّ لأشكالِ عديدةٍ مِنَ الظُّلمِ بالفعلِ. هلِ الحلُّ في شريعةٍ ربّانيَّةٍ صحيحةٍ تُنصِفُ الجميعَ؟ أم يمكنُ أنْ يكونَ لدى رامبو الحلُّ بالفعلِ؟!. في هذهِ الحلقةِ سنرى ما يَعرِضُه رامبو وقَرعاق (القريبُ العاقُّ)، وما يُريدانِه مِنَ المرأةَ مقابلَ كأسِ الماءِ، ثمَّ نُوجِّهُ أربعةَ أسئلةٍ لـ(رامبو) حتّى نرى إنْ كانَ مؤهَّلًا لمَهمَّةِ إنقاذِ المرأةِ، فإنْ كانَ مؤهَّلًا، وإلَّا بحثْنا عنِ الحلِّ الصَّحيحِ. عامَ 1979 أقرَّتِ الجمعيَّةُ العامَّةُ للأممِ المتَّحدةِ اتِّفاقيَّةً بعنوانِ: (القضاءُ على أشكالِ التمَّييِز كافَّةً ضدَّ المرأةِ) المعروفةَ اختصارًا بـ(سيداو CEDAW)، ووقَّعَتْ عليها الدُّولُ عامّةً تِباعًا، منها دولُ العالَمِ الإسلاميِّ، وتحفَّظَتْ بعضُ الدُّولِ على بعضِ بنودِ الاتِّفاقيَّةِ. الظَّريفُ في الأمرِ، أنَّ الولاياتِ المتَّحدةَ الأمريكيَّةَ التي وقَّعَتْ على الاتِّفاقيَّةِ، وتُساهِمُ في فرضِها على العالَمِ الإسلاميِّ لم تُحوِّلْها إلى قوانينَ حتّى الآنَ! (Did not Ratify CEDAW)، بعدَ مرورِ 40 عامًا عليها، معَ أنَّ جعْلَها قانونًا نُوقِشَ عدَّةَ مرَّاتٍ لكنَّه ينتهي كلَّ مرَّةٍ برفضِ تفْعيلِها، رفضِ تحويلِها إلى قوانينَ، ومعَ أنَّ منظَّمةَ العفْوِ الدَّوليَّةَ وغيرَها انتقدوا الولاياتِ المتَّحدةَ على ذلكَ. ولكنْ؛ لماذا؟! مَنِ الَّذي يمنعُ تفعيلَها؟ إنَّهم السِّيِّاسيّونَ المحافظونَ والقادةُ الدِّينيُّونَ، والَّذينَ يقولونَ إنَّ (سيداو) هي في أحسنِ الأحوالِ غيرُ ضروريَّةِ، وفي أسوئِها تُعرِّضُ الولاياتِ المتَّحدةَ لنَزواتِ منظَّمةٍ دوليَّةٍ، أي (الأممِ المتَّحدةِ)، يقولونَ بالحرفِ: (subjects the U.S to the whims of an international agency). وكما في هذا البحثِ المنشورِ من جمعيَّةِ العلومِ السِّياسيَّةِ الأمريكيَّةِ: فإنَّ قادةَ الحزبِ الجمهوريِّ والمنظَّماتِ النِّسائيَّةَ المحافِظةَ ترفضُ تفعيلَ سيداو؛ لأنَّها تُمكِّنُ الأممَ المتَّحدةَ منْ فرضِ سياساتٍ على المرأةِ والعائلةِ يرفضُها الشَّعبُ الأمريكيُّ عامَّةً ، وأنَّ السِّيناتورَ الأمريكيَّ جيسي هِلْمز (
Jesse Helms) قالَ عن سيداو: إنَّها اتِّفاقيَّةٌ سيِّئةٌ، إنَّها اتِّفاقيَّةٌ مرعبةٌ، تُطرحُ للمُفاوضةِ من نَسويَّاتٍ مُتطرِّفاتٍ؛ بِنيَّةِ حمايةِ أجندتِهنَّ المتطرِّفةِ ضدَّ الأسرةِ. فالصَّوتُ الأعلى حتَّى الآنَ في أمريكا هوَ لمنْ يقولونَ: لن نُعرِّضَ مستقبلَ أمريكا للخطرِ من أجلِ نزواتِ وأهواءِ الأممِ المتَّحدةِ، والنَّسَواتِ اللَّواتي يُرِدنَ تدميرَ الأسرةِ. لكنَّ الاتِّفاقيَّةَ، ونزواتِ الأممِ المتَّحدةِ تُطبَّقُ طبعًا وبشكلٍ حثيثٍ، على الأمَّةِ الإسلاميَّةِ. شُكِّلَت في الأممِ المتَّحدةِ لجنةُ مُتابعةِ تنفيذِ سيداو، وأصبحتْ سيداو هي الدِّينَ الَّذي يَجبُ أنْ يُفرَضَ على العالَمِ، خاصَّةً العالمَ الإسلاميَّ. لا يَخفاكم أنَّ كلَّ حُصونَ المجتمعاتِ الإسلاميَّةِ. قد تمَّ هدمُها. تمَّ هدمُ مؤسَّسةِ المساجدِ، مؤسَّسةِ التَّعليمِ والمناهِج الدِّراسيَّةِ، مؤسَّسةِ الإعلامِ، وبقيَ الحِصنُ الأهمُّ والأخيرُ، وهو حِصنُ الأُسرةِ. الآن ما الذي يحصلُ؟ اسم (سيداو) نفسُه أصبحَ مُبتَذلًا ومُثيرًا لحفيظَةِ الواعينَ الذين اطَّلعوا على مضامينِ الاتِّفاقيَّةِ؛ لذلكَ لنْ نستخدمَهُ كثيرًا، وإنَّما سنسعى إلى تطبيقِ مضامينِ سيداو بهدوءٍ ونَفَسٍ طويلٍ. سنستخدمُ عباراتٍ جذَّابَةً: (تمكينُ المرأةِ) وسنركِّزُ على النَّماذجِ المشوَّهةِ السَّيِّئةِ من ظُلْمِ المرأةِ في العالَمِ الإسلاميِّ، بحيثُ كلَّما انتقدَ أحدٌ أعمالَنا عمِلنا له تَنْميطًا (Stereotyping)، وتَأطيرًا (Framing)، بأنَّه يُدافعُ عن ظُلْمِ المرأةِ وتَسلُّطِ الرَّجلِ عليها. إنْ لم تكنْ معَنا فيما نفعلُه للمرأةِ فأنتَّ ضدُّنا، أنتَ مَعَ الظُّلمِ والاضطهادِ والضَّربِ والعنفِ والتَّسلُّطِ على المرأةِ، وحِرمانِها من حُقوقِها. مثلًا، نشرَتْ هيئةُ الأممِ المتَّحدةِ للمرأةِ العامَ الماضيَ مقالًا بعنوانِ: (التَّمّكينُ الاقتصاديُّ للمرأةِ(، يتحدَّثُ عن مِنطقةِ الشَّرقِ الأوسطِ وشمالِ إفريقيا -أيْ الشُّعوبَ العربيَّةَ المسلمةَ- طالبَ فيه بمنحِ المرأةِ حقوقًا مساويةً للرَّجلِ في الميراثِ، وذكرَ ضِمنَ مآسي المرأةِ أنَّ نسبةً - فقط - مِن النِّساءِ المُرتبطاتِ (خارجَ علاقةِ الزَّواجِ)، يتمتَّعْنَ بالحرِّيَّةِ في علاقاتهنَّ الجنسيَّةِ، أيْ إنَّ باقي النِّساءِ ليس لديهنَّ الحرِّيَّةُ في مُمارسةِ الجنسِ خارجَ الزَّواجِ. حسنًا كيفَ سنُغري المسلمينَ بالسَّيرِ في طريقِ سيداو دُونَ ذِكْرِ اسمِها بالضَّرورةِ؟ هنا تأتي الهيئاتُ الأجنبيَّةُ -يعني الرامبوهات-؛ لتَعرضَ مِنَحًا على دُولِ العالَمِ الإسلاميِّ تحتَ مُسمَّى: (ِتمكين المرأة Woman Empowerment)، وهي هيئاتٌ كثيرةٌ جدًّا، بل وبعضُها منْ دولٍ شرقيَّةٍ كاليابان. حسنًا، أيُّ جهةٍ مَحلِّيَّةٍ في العالَمِ الإسلاميِّ تُريدُ الحصولَ على هذا الدَّعمِ، ما الأهدافُ الَّتي يجبُ أنْ تُحقِّقَها؟ هي الأهدافُ نفسُها الَّتي تُشكِّلُ أهدافًا مرحليَّةً (Mile Stones) لسيداو، دونَ إظهارِ اسمِ سيداو بالضَّرورةِ أيْ يشتغلونَ على مبدأِ: (Slippery Slope) المنحدَرِ الزَّلِقِ. ولكنْ مهما حاولْنا تجميلَ هذا العمل، أليسَ منَ المُمكنِ أنْ تحسَّ الشَّعوبُ المسلمةُ بأنَّه تدخُّلٌ فيها يُعارِضُ دينَها وأخلاقَها؟!. هنا يأتي دورُ قرعاق، الَّذي سيقومُ بدورِ المستغيثِ برامبو، أَنْ يا رامبو، أغِثنا فالمرأةُ في بلادِنا مظلومةٌ، فيأتي رامبو على جَناحِ السُّرعةِ حاملًا كأسَ الماءِ، وعارضًا حُضنَ الأمانِ للمرأةِ المسلمةِ المضطهدةِ، وعلى قرعاقَ أنْ يقدِّمَ تقريرًا كلَّ 4 سنواتٍ للجنةِ متابعةِ تنفيذِ سيداو في الأممِ المتَّحدةِ، وإذا لم تُعجَبُ اللَّجنةُ بسرعةِ السَّيرِ نحوَ سيداو فإنَّها ستُرسِلُ استجواباتٍ للبلدِ البطيءِ. هلْ ما زلتم فعلًا تُميِّزُونَ في الإرثِ؟! هل فعلًا زواجُ المرأةِ ما زالَ يحتاجُ إلى وليٍّ عندَكم؟! هل فعلًا تجرِّمونَ الحرِّيَّةَ الجنسيَّةَ للمرأةِ على أنَّها زِنًا؟! اسمُها: (استجواباتٍ) من بابِ التَّأطيرِ لهذهِ الأعمالِ؛ لتبقى تُهَمًا يجبُ على البلادِ التَّخلُّصُ منها. وخصَّصَتِ الأممُ المتحدةُ مكتبًا لمُراقبةِ وَضْعِ المرأةِ عالميًّا (UN Women Watch)، معَ التَّركيزِ طبعًا على المرأةِ المسلمةِ، حتَّى يضمنَ رامبو أنَّ المرأةَ تسيرُ حثيثًا للارتماءِ في أحضانِه هربًا مِن زوجِها أو أبيها الشِّرِّيرِ. المهمُّ جدًّا هنا -إخواني- أنْ تعلموا أنَّ مدى صراحةِ هذهِ الهيئاتِ الأجنبيَّةِ، والقرعاقاتِ المحليَّةِ، ومدى صراحتهم في تطبيقِ سيداو، أو تخبئةِ هذه الأجندةِ يعتمدُ على البيئةِ المحلِّيَّةِ لكلِّ بلدٍ مِن بلادِ المسلمينَ. فإذا كانَ النّاسُ نائمين ، ولا أحدَ يدري عنْ أحدٍ شيئًا، تُسحبُ التَّحفُّظاتُ الَّتي تحفَّظَت عليها الدُّولُ في ليلةٍ ما فيها ضوءُ قمرٍ، ويُطالِبُ رامبو صراحةً بتنفيذِ سيداو، وإذا كانَ هناكَ بقيَّةُ حياةٍ، فإنَّ رامبو يُعطي فرصةً لقرعاق لتهيئةِ الأجواءِ بنَفَسٍ طويلٍ. وما تراهُ يحصلُ في بلدٍ مُسرعٍ نحوَ رامبو هوَ ما يُتوقَّعُ حصولُه في البلادِ المحافظةِ إذا هدأَتْ فيها أصواتُ المُصلحينَ ونامَ النَّاسُ عمَّا يجري لهم. تركيزٌ كبيرٌ من "رامبو" على فلسطينَ فمَنْ تتَّخذُهُم الأممُ المتَّحِدةُ مُمثِّلينَ عن فلسطينَ، وقَّعُوا على (سِيداو) "CEDAW" دونَ أيِّ تحفُّظٍ عامَ 2014 دونَ أيِّ تحفُّظٍ! هذا علمًا بأنَّ الكيانَ الصّهيُونِيَّ -ما يُسمَّى بدَوْلةِ إِسرائيلَ- ما زالتْ تتحفَّظُ على بُنودٍ عدَّةٍ منْ (سيداو)، ولمْ تُفَعِّلها لأَسبابٍ دينِيَّةٍ، ثقافيَّةٍ، حضارِيَّةٍ... كما في أمريكا. حسنًا، وقَّعَ ممثلونَ منْ دولةِ فلسطينَ بلا تحفُّظٍ هذا، سيُشجِّعُ الهيْئاتِ الأجنبيَّةَ على رفْعِ سقفِها والمطالبةِ بمُطالباتٍ كبيرةٍ هذِهِ الهيْئاتُ نفسُها تجِدُها في دُوَلٍ أُخرى، تتجنَّبُ جرْحَ شعورِ النَّاسِ عامَّةً، والاصطدامَ بعقيدتِهِمْ إِلى حينِ تهْيِئَةِ الأجواءِ وتشكيلِ الرَّأيِ العامِّ. مُطالَبَاتٌ كبيرةٌ مِثْلُ ماذا؟ مِثْلُ الَّتي نُشِرتْ العامَ الماضِيَ في تقريرٍ مُشتَرَكٍ لمُنظَّماتٍ دوليَّةٍ ومحلِّيَّةٍ في فلسطينَ، حيثُ أوصى التَّقريرُ بالإِسراعِ في تنفيذِ اتِّفاقيَّةِ (سيداو) منْ خلالِ إجراءاتٍ منها ما يلي: * إلغاءُ المادَّةِ 284 الَّتي تحظُرُ الزِّنا، * إلغاءُ تجْرِيمِ الإِجهاضِ -طبعًا لِتَسْهيلِ الزِّنا دونَ تحمُّلِ تبِعَاتِهِ- وتذكَّروا ما عرضْناهُ عنِ الإِجْهاضِ في الحلَقَةِ الماضيةِ، * السَّماحُ لِلْمَرْأَةِ أن تسجِّلَ ابنَهَا عنْدَ الولادةِ تحتَ اسْمِ العائِلةِ الَّذي تشاءُ، دونَ الحاجةِ لعقْدِ زواجٍ، أيْ لا داعِي لإثباتِ أنَّها متزوِّجةٌ ويمكنُها وضعُ اسْمِ عائلةٍ منَ اختيارِها * سَنُّ تشريعاتٍ تُلغي أيَّ تميِيزٍ ضِدَّ المثليّاتِ، أيْ: الشّاذّاتِ جنسيًّا، * رفعُ الحدِّ الأدْنى لسِنِّ الزَّواجِ إلى 18، * إِلغاءُ القِوامةِ، مساواةُ المرأةِ بالرَّجلِ في الميراثِ والزَّواجِ والطَّلاقِ، * ونشْرُ الاتِّفاقِيَّةِ في الجريدَةِ الرَّسميَّةِ لجعلِها مُلْزِمَةً كقانونٍ مَحَلِّيٍّ، أيْ تسهِيلِ الحَرامِ بأشكالِهِ، وتصْعِيبِ الحلالِ، وتفكيكِ الأُسْرةِ وكانَ منْ توصِياتِها أنْ يُرفعَ تقريرٌ منْ فلسطينَ إلى لجنةِ متابعةِ (سيداو) كلَّ سنتَيْنِ، لا كلَّ أربعِ سنواتٍ كما في باقي الدُّوَلِ لكنْ، أمعقولٌ أنّ تُنفَّذُ هذِهِ التَّوصيَاتُ؟! تعالَوْا نرَ نموذجًا ممَّنْ يُدْعَمونَ أُمَميًّا كمسؤولينَ عنْ فلسطينَ... المذيعُ: لنناقشْ قضيَّةَ توظيفِكَ للرِّياضةِ في نشرِ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ عالميًّا. صحيحٌ؟ الضَّيفُ: أكيدٌ. ولِمَ لا؟ أيُّهُمَا أحسنُ: أنْ نُرى ملثَّمينَ أمْ بسراويلَ قصيرَةٍ أنْ تُرى فتياتُنا مُحجَّباتٍ أمْ مكشوفاتِ السّيقانِ يُمارِسْنَ الرِّياضَةَ المذيع: "كرةَ القدمِ"... صَحيحٌ... الضَّيفُ: أعتقدُ بأنَّ هذا الأمرَ مُهِمٌّ الرِّياضةُ في فلسطينَ ليستْ لإِنجازٍ رِياضِيٍّ، الرِّياضةُ في فلسطينَ لِتحقيقِ إِنجازٍ سياسِيٍّ مُزْدَوَجٍ وفي تقْرِيرٍ آخَرَ في دُوَلٍ مجاورةٍ لِفلسطينَ صادِرٍ عنْ هيئةِ تنسيقٍ محليَّةٍ معَ دُوَلٍ أوروبِّيَّةٍ، كانَ منْ مآخِذِ الهيئةِ استبعادُ الشَّريكِ الحميمِ -خارجَ عَلاقاتِ الزَّوجيَّةِ- منْ تعريفِ الأُسرَةِ، يعني: يجبُ أنْ يُسمَحَ للشّابِّ والفتاةِ الزّانِيَيْنِ أن يُسَجِّلا نفسَيهُما أُسرةً كما يحدُثُ في الغرْبِ كمَا استنكَرَ التَّقريرُ زواجَ الفتياتِ دونَ سنِّ الـ 18، في مُقَابِلِ استنكارِ التَّميِيزِ الاجتماعِيِّ الَّذي يتعرَّضُ له الشَّواذُّ والشّاذّاتُ جنسيًّا والأعجَبُ منْ هذا كلِّهِ أنَّ التَّقريرَ يُبدِي كذلِكَ انزِعاجَهُ ممّا يتعرَّضُ لَهُ العاملاتُ في البِغَاءِ، فيقولُ نصًّا بعدَ الحديثِ عنِ الاعتداءاتِ الَّتي تَطالُ الشَّواذَّ، يقولُ: "والحالُ هيَ ذاتُهَا بالنِّسبةِ للبغاءِ،" "إذْ إِنَّ المحرَّماتِ الَّتي تحيطُ بهذَا الموضوعِ تَحُولُ دونَ قيامِ أيِّ مُنَظَّمَةٍ بتبنّي هذِهِ القضيَّةِ،" "رَغمَ المُستوياتِ العالِيَةِ منَ المضايَقَةِ وإساءَةِ المُعاملَةِ،" الَّتي تتعرَّضُ لها باستمرارٍ العاملاتُ في مجالِ الجنْسِ" العامِلاتُ في مجالِ الجنسِ! آها... يَعْنِي: تُرِيدونَ لهذا البلدِ أنْ يُصْبحَ مِثْلَ ألمانيا، الّذي تعملُ فيهِ 400 ألفِ امرأةٍ في البِغاءِ حسبَ الإيكونوميست "The Economist" وطبعًا هذا الكلامُ كلُّهُ -في هذهِ التَّقاريرِ- يأتي ضمنَ سياقِ الحديثِ عنْ مشاكلَ أُخرى حقيقيَّةٍ تُعاني مِنْها المرأةُ: كاللُّجوءِ نتيجةَ الحروبِ، والمرأةُ منْ ذوِي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ، والمرأةُ المتعرِّضَةُ للظُّلْمِ، والتَّسلُّطِ، والعنفِ الحقيقِيِّ، وغيرِها... على طريقةِ لَبْسِ الحقِّ بالباطلِ هذا كلُّهُ وَنحنُ لمْ نتكلَّمْ -يا كرامُ- عنْ مساومَةِ رامْبُو للمرأَةِ علَى كأْسِ الماءِ مُقابِلَ مواقِفَ عَقدِيَّةٍ لا أخْلَاقِيَّةٍ فحسبُ، بلْ وسياسيَّةٍ! ففي فلسطينَ، اشترطتْ بعضُ الجهاتِ المقدِّمَةِ لمِنَحٍ للمرأةِ التَّوقيعَ علَى وثائقَ تُدينُ أيَّ مقاومَةٍ مشروعَةٍ، حتّى وصفتْها وزيرَةُ شُؤونِ المرأةِ (ربيحةُ دِيابُ) بالتَّدخُّلِ السّافرِ في طبيعةِ عملِ المؤسَّساتِ النَّسويَّةِ وَقالتْ هذِهِ الوزيرَةُ: "يصِلُ الحدُّ بِبعضِ المانحينَ ليسَ التَّدخُّلَ فقطْ في طبيعةِ المشاريعِ،" "إنَّما بأسماءِ العاملينَ علَى المشروعِ" إذنْ، فهذا ما يرِيدُهُ رامبُو مقابلَ كأسِ الماءِ وآليَّةُ عملِهِ هِي تحتَ شعارٍ برَّاقٍ: تمكينُ المرأةِ "Woman Empowerment" تمكينُها اجتماعيًّا، اقتصاديًّا، وسياسيًّا فهيَ ثلاثُ خُطُواتٍ منظَّمةٍ ومُهَيْكَلَةٍ ومدروسَةٍ: التَّمكينُ الاجتماعيُّ للمرأةِ بتعزيزِ النَّزعَةِ الفرديَّةِ لدى المرأَةِ، وتنفيرِها عنِ الانتماءِ للأُسْرَةِ، وتغذيةِ النِّدِّيَّةِ بينَها وبينَ الرَّجُلِ، وجَعْلِها ترفُضُ مفاهيمَ القِوامَةِ والوِلايَةِ منْ أيِّ رجلٍ عليْها وإذا كانتِ اللُّغَةُ في بيئةٍ ما أكثَرَ صراحَةً، فسيكونُ الحديثُ أيضًا عنْ تشجِيعِها على الفاحشَةِ تحتَ مُسَمّى الحرِّيَّةِ الجنسِيَّةِ هذِهِ المرْأَةُ الَّتي أصبحَتْ حُرَّةً كأُختِها الأجنبِيَّةِ الَّتي تكلَّمْنا عَنْها المرَّةَ الماضِيَةَ، ستحتاجُ إلى مصدَرِ تمويلٍ لتُحقِّقَ استقلالَهَا عَنِ الرَّجُلِ، ولَا تعُودَ بحاجةٍ إلَى قِوامتِهِ وَلَا مسؤُولِيَّتِهِ، ولا تدخُّلِهِ فِي حرِّيَاتِها في الزِّنا والإجهاضِ والشُّذُوذِ وهذا يجعلُها بحاجةٍ إِلى الخطوةِ الثّانيةِ، ألا وَهِيَ: "التَّمكينُ الاقتصادِيُّ للمرأةِ"، بإعطاءِ المِنَحِ للنِّساءِ لمساعدَتِهِنَّ على هذَا الاستقلَالِ، وتوفيرِ فُرَصِ عمَلٍ في المجالاتِ كافَّةً دونَ شرْطٍ، منْ شرعٍ ولا غيْرِهِ الخُطوةُ الثّالثةُ: "التَّمكينُ السِّياسيُّ للمرأةِ"، مِنْ خلالِ بثِّ هذِهِ الأفكارِ لِتكوينِ رأيٍ عامٍّ لدى النِّساءِ أنَّ سعادتَهُنَّ وحَلَّ مشكِلِاتهِنَّ هوَ في تحقيقِ هذيْنِ التَّمكينَيْنِ، الاجتماعِيِّ والاقتصادِيِّ وبالتَّالِي مطالَبَةِ صُنَّاعِ القرارِ بسَنِّ التَّشريعاتِ التي تُمكِّنُ المرأةَ منْ تحقيقِ هذِهِ المكتَسَباتِ ما لكَ أيُّهَا الرَّجُلُ؟ ؟أَلَا يعجبُكَ تمكينُ المرأةِ إذنْ، فأنتَ ضدَّ المرأَةِ! تؤيِّدُ ظلمَها اجتماعيًّا! وإفقارَها اقتصاديًّا! وتهميشَها سياسيًّا! لنْ نستَمِعَ لكْ أصلًا! ولن نعطيَكَ فُرْصةً! ولا نسمعُ للحَلِّ الَّذي تطرحُهُ! كفاكُمْ أيُّها الرِّجالُ ظلمًا! كفاكُمْ أيُّها الشُّيوخُ انغلاقًا! لكنْ، إذا المرأةُ الَّتي ثارتْ على الرَّجلِ -زوجًا كانَ أو أبًا أو أخًا- لمْ يكفِها كأسُ الماءِ منْ رامْبو ولا فرصُ العملِ المقدَّمَةُ منهُ، ماذَا ستفعلُ؟ سيقومُ (قرعاقُ) بإعطائِها ديونًا رِبوِيَّةً لتسُدَّ حاجتَها حسنًا، وإذا عجزَتِ المرأَةُ عنِ السَّدادِ؟ تُحبَسُ مِثْلُها مثْلُ الرَّجلِ؛ فهُما متساويَانِ وندخلُ في قضيَّةِ "الغارماتِ"، حيثُ يُعطَينَ اسمًا شرعيًّا، ويُنادَى على الإسلامِ: أنْ تعالَ يا إسلامُ، يا من نحَّيْناكَ وخالفناكَ في كلِّ ما سبَقَ، ووصفْنا منْ ينادي بكَ بالانغلاقِ والظُّلْمِ للمرأةِ، تعالَ حُلَّ مشكلَةَ الغارماتِ، وأقنِعِ النَّاسَ بأنَّ سدادَ دُيونِهِنَّ ورِبَوِيَّاتِها هيَ منْ مصارفِ الزَّكاةِ، وأنَّ عليهِمُ التَّقرُّبَ إلَى اللهِ بدفعِ المالِ لـِ(قرعاقَ) ولِلْعلمِ، ففي بعضِ الدُّولِ الصَّغيرةِ منْ دولِ المسلمينَ ستجدُ عشراتِ الآلافِ منْ هؤلاءِ الغارِماتِ. حسنًا، وإذا قلَّ دينُ النّاسِ ونخوَتُها معَ مرورِ الأيَّامِ، وما عادتْ تهتمُّ لزكاةٍ ولا لغارِماتٍ؟ حينئذٍ سَتسيرُ المرأةُ المسلَِةُ على خُطى الغربيَّةِ وسنراها تفعلُ كُلَّ شيْءٍ، وتخضَعُ لكلِّ أمرٍ منْ أجلِ المالِ كما رأينا في الحلقةِ الماضيَةِ عنِ المرأةِ الغربيَّةِ الآنَ يا كرامُ، بعدما عرفنا قصَّةَ رامبو و(قرعاقَ) وكأسِ الماءِ، دعونا لا نتعجَّلْ في رفضِ العرْضِ، بلْ نعطِهِمْ فُرصَةً ونسألُهُمْ: يا جيرانَ الهنا -الرّامبوهات- قبلَ أن تُنْقذوا نساءنا، اسمحوا لنا أنْ نسأَلَكُمْ أربعةَ أسئلةٍ تُبيِّنُ مدى قدرَتِكُمْ على هذهِ المَهمَّةِ "الرّامْبُوهيَّةِ"، السُّؤالُ الأوَّلُ: هلْ أنقذْتُمْ نساءَكُمْ أوَّلًا؟ هلْ أنقذْتُمُ الفتاةَ الجامعِيَّةَ الَّتي تبيعُ عِرْضَها لمنْ يدفعُ قسطَها؟ والمرأةَ الَّتي تتعرَّضُ للعنفِ في كلِّ مكانٍ وكلِّ وقتٍ كما تقولُ منظَّمَةُ الاتِّحادِ الأورُوبِّيِّ؟ هلْ أنْقَذتُمْ نساءَكُمْ منَ التَّحرُّشِ في وسائلِ المواصلاتِ، وفي المدارسِ والجامعاتِ، وفي مكاتبِ العملِ، وعندَ الأطبَّاءِ...؟ هلْ أنقذتُمُ اللَّواتي يُضطرَرْنَ للدَّعارَةِ -حسْبَ تعبيرِهِنَّ- منْ قصورِ نظامِ الضَّمانِ الاجتمَاعِيِّ؟ هلْ أنقذتُمُ اللَّواتي يُجبَرْنَ من صاحِبِ العمَلِ على اللِّبسِ المُخزِي ليكسَبَ أكثرَ؟ هل أنقذتُمُ النَّساءَ المضروباتِ بهمجِيَّةٍ، "Battered Women" اللَّواتي يشكِّلْنَ رُبْعَ مجتمعاتِكُمْ؟ هل أنقذتُمُ المرأةَ منَ التَّسليعِ الجنسِيِّ؟ هلْ أنقذتُمْ ضحايا الاغتصابِ اللَّواتي يُعانِينَ منْ آثارٍ مُدمِّرَةٍ كمَا تنُصُّونَ أنتُمْ؟ هلْ أنقذتُمْ ضحايا الأُسَرِ المتهالِكَةِ، والأطفالَ -ذكورًا وإناثًا- المشرَّدِينَ بلَا مأوًى والهارِبينَ، الَّذينَ وصلتْ أعدادُهُمُ المَلايينَ، والَّذينَ يستغلُّهُمْ تُجَّارُ الجنسِ؟ هلْ أنقذْتُمُ البناتِ المُجْهَضَاتِ بالملايِينِ، والبناتِ المُلْقَيَاتِ في الصَّناديقِ الدَّافئَةِ؟ أَليْسَ نساءُ وفتيَاتُ بلادِكُمْ أَوْلَى بنخْوَتِكُمْ ونجدتِكُمْ ومساعداتِكُمْ ومِنَحِكُمْ، يا حضراتِ الرّامبوهاتِ؟ هذا حاضرُكُم، عرضناهُ بإحصائِيّاتِكُمْ فهلْ هذا هوَ النَّموذجُ النّاجحُ في بلادِكُمْ، فتريدونَ تصديرَهُ إلى العالَمِ الإسلامِيِّ؟ أعني: نحنُ لَا نتكلَّمُ عنْ نتائِجَ مُتَوَقَّعةٍ إذا سارتِ المرأَةُ المُسلِمَةُ على خُطُوَاتِكُمْ، لا نتكلَّمُ عنْ تحليلاتٍ، ولا عنِ الماضي السَّحيقِ نتكلَّمُ عنْ واقعٍ قائمٍ ماثلٍ حيٍّ مُعَايَشٍ، بأرقامِكُمْ وتقاريرِكُمْ. فهذا السُّؤالُ الأوَّلُ يا حضراتِ الرّامبوهاتِ: هلْ أنقذتُمْ نساءَكُمْ قبلَ أنْ تُنقذوا نساءَنا؟ السُّؤالُ الثّاني: مغتاظونَ جدًّا -يا رامبوهاتُ- على المرأةِ المُسلمةِ، وآتونَ إِلى بلادِنا تُنقِذوها بِصراحةٍ، عاجِزونَ عنِ الشُّكرِ؛ جزاكُمُ اللهُ على قدرِ نيّاتِكُمْ! "على قدرِ نيّاتِكُمْ"! مُمكنٌ فقطْ قبلَ أنْ تأتوا للمرأةِ في بلادِنا أنْ نميلَ معَكُم قليلًا على نساءٍ مسلماتٍ أُخرياتٍ، يِمكنُ أنْ يكُنَّ بحاجتِكنَّ أكثرَ؟ تُنْهونَ -حضراتُكُمْ- إنقاذَهنَّ، فإِذا نجحْتُمْ، فتفضَّلوا بعدَئذٍ عندَنا تستكمِلوا مَهمَّةَ الإنقاذِ! لنْ أتكلَّمَ عنِ المُسلماتِ في منطقتِنا اللَّواتي تُهدَمُ عليهِنَّ بيوتُهُنَّ بقصفِ الطّائراتِ بشكلٍ شبهِ يوميٍّ، معَ إهمالِ الإعلامِ ولا كأنَّهنَّ موجوداتٌ ولنْ أتكلَّمَ عنْ نساءِ الشّيشانِ والبُوسنةِ والهرسكِ، وما فُعِل بـ(سِربرْنيتْشا)، واغتصابِ نسائِها في وجود قوّاتِ الأممِ المتَّحدةِ، والمواضيعِ التي مرَّ عليها عدَّةُ سنواتٍ... لا! مادمتُم مقهورينَ جدًّا على المرأةِ المُسلِمةِ، وحريصينَ على مَصلحتِها نريدُ منكُمْ فقطْ -يا رامبوهاتُ- أنْ تُنقذوا آلافَ النِّساءِ المُسلِماتِ (الإيغورِ) في تُركستانَ اللَّواتي تأخذُ السُّلطاتُ الصّينيَّةُ منهُنَّ أولادَهُنَّ ليعيشُوا حياةَ الأيتامِ، ويُربَّوْا على الكُفرِ، وتوضَعُ الأمَّهاتُ فِي السُّجونِ، إذا مارسْنَ شيئًا منْ شعائرِ دينِهِنَّ. ممكنٌ أنَّكُمْ لمْ تسمعوا شيئًا عنْ هؤلاءِ النِّساءِ! حسنًا، لا بأسَ... سنأخُذُ بأيديكُم، ونُسمِعُكُمُ الأُختَ رقيَّةَ فرحاتٍ الَّتي نجَتْ منَ المُعتقلاتِ الصّينِيَّةِ، وهربَتْ خارجَ الصِّينِ بمقابلٍ مادِّيٍّ كبيرٍ فتحدَّثَتْ عنِ اعتِقالِ القُوّاتِ الصِّينيَّةِ لها ولتلاميذِها وتلميذاتِها في ليلةِ تحفيظِ القرآنٍ، وكيفَ قامَ الصّينيِّونَ باغتصابِهِمْ جميعًا، وأطلقُوا عليهِمُ الكلابَ البوليسيَّةَ، وخلعوا أظفارَهُمْ، وأطفؤوا السَّجائِرَ في أجسامِهِمْ، ودقّوا المساميرَ في أيديهِمْ ورمَوْا منْ ماتَ منهُم في أكياسِ قمامةٍ كلُّ هذا لماذا؟ لأنَّهُم يقولونَ ربُّنا اللهُ! أمْ لعلَّ الإسلامَ ليسَ منَ الحُرِّيّاتِ الَّتي تنادونَ بها يا رامبوهاتُ! ممكنٌ أنَّكُمْ لم تسمعوا ما نشرتْهُ الإندِبِندِنْت (The Independent) عنِ المُسلماتِ الصّينيّاتِ اللّاتي يُؤخَذُ زوجُ الواحدةِ منهُنَّ إِلى المُعتقلاتِ لأنَّهُ مُسلمٌ ويضعونَ معَها في البيتِ جندِيًّا صينيًّا بحُجَّةِ مُراقبَتِهَا، ثُمَّ يُجبرونَهَا على مُشاركتِهِ الفراشَ! وموضوعُ ما يحصلُ للمسلماتِ في الصّينِ ليسَ قديمًا، بلْ بلغَ ذُروتَهُ هذهِ الأيّامَ والعناوينُ الدَّوّارةُ في الإعلامِ: "مُسلِمو الإِيغُورِ: الاضطهادُ بلغَ ذُروتَهُ" بلَغَ ذُروَتَهُ... يمكنُ أنَّ الصّينُ كبيرةٌ عليكُم قليلًا وصعبٌ أنْ تتدخَّلوا فيها -يا رامبوهاتُ- لا بأسَ، تعالَوْا إلى دولةٍ صغيرةٍ مثلِ بورما حيثُ تُحرَقُ المرأةُ المسلمةُ حيَّةً، ويُعلَّقُ أولادُها وبناتُها في المشانقِ، ولا يُمكنُنَا أنْ نضعَ صوَرً لأنَّ (اليوتيوب) سيحذفُ الحلقةَ لكنْ نظرَةُ (حصينة) هذهِ المُسلِمةُ الَّتي شهدَتْ مَقتلَ أكثرَ منْ خمسينَ منْ إخوانِها وأخواتِها المسلمينَ، وتعرَّضَتْ هيَ للتَّعذيبِ المُريعِ... نظرتُها كافيةٌ! ومعَها شهاداتُ النِّساءِ اللَّواتي تعرَّضْنَ للاغتصابِ منَ الجيشِ البُورمِيِّ. لعلَّكم لمْ ترَوْا -يا رامبوهاتُ- هذا المقطعَ! ورجاءً لا تُركِّزوا على الطَّبيعةِ الخلّابةِ، وتلتقِطوا معَها صوَرًا هذا مقطعٌ لمئاتِ آلافِ النِّساءِ البورميّاتِ المُسلماتِ الفارّاتِ على الأرجلِ منَ الاغتصابِ والحرقِ إِلى بِنغْلادِش، حيثُ البقاءُ في مُخيَّماتِ الموتِ ببُطْءٍ رأيناكُمْ -يا رامبوهاتُ- وصلْتُمُ السّودانَ قبلَ أيّامٍ ونجحتُمْ في أخذِ توقيعٍ على (سيداو). إذنْ، ما دمتُم وصلْتُمْ إلى السّودانِ، ممكنٌ أن تُعرِّجوا معَنا قليلًا على إفريقيا الوُسطى؟ إفريقيا الوُسطى... حيثُ المسلمونَ والمسلماتُ يُقتَلونَ بالسَّواطيرِ على يدِ [الأَنْتي بالاكا] (Anti-balaka) المدعومةِ منَ القُوّاتِ الفَرنسيَّةِ، وفي وجودِ قُوّاتِ الأُممِ المُتَّحدةِ. ممكنٌ أنَّكُمْ لمْ تكونوا تعلمونَ عنْ هؤلاءِ النِّساءِ كلِّهِنَّ ها قدْ عرَّفناكُمْ! فنرجو منْ حضراتِكم أن تُنْهوا مَهمَّةَ إنقاذِ هؤلاءِ النِّساءِ المسلماتِ، وبعدَئذٍ تأتونَ إلى بلادِنا! أمْ لعلَّ اختصاصَكُمْ فقطْ القضاءُ على أشكالِ التَّميِيزِ كافَّةً ضدَّ المرأَةِ! أمَا القضاءُ على المرأةِ نفسِها، فلا بأسَ بِهِ!! وما معنى أنَّه لمّا الموضوعُ يتعلَّقُ بقتلِ واغتصابِ، وتشريدِ وتعذيبِ المُسلِماتِ، فأقصى ما تعمَلونَ الاستنكارُ إِذا استنكرْتُم! ثمَّ لا تغييرًا حقيقيًّا على أرضِ الواقعِ بينَما عندَما ترفعونَ شعارَ حرِّيَّةَ المُسلِمةِ في الزِّنَا، والإجهاضِ، والشُّذوذِ، والاستغناءِ عنِ القِوامةِ والوِلايَةِ، فهناكَ متابعةٌ، وميزانيّاتٌ، وتقارِيرُ! السُّؤالُ الثّالثُ يا حضراتِ الرّامبوهاتِ: كيفَ ستكونونَ حلًّا لمشكلةِ المرأةِ، وأنتُمْ جزءٌ منْها؟ أليسَ الأخْطبوطُ المادُّ بذراعٍ منْ أذرعِهِ الكثيرةِ كأسَ الماءِ للمرأةِ المسلمةِ، هوَ نفسُه الَّذي سرقَ الكأسَ منَ الخزّانِ بذراعٍ أُخرى وبمُعاونةِ (قرعاقَ)؟ أليسَ هوَ و(قرعاقُ) سببَ الفقرِ والجهلِ والتَّجهِيلِ والقهرِ الَّذي يعيشُه كثيرٌ منَ المسلمينِ والمسلماتِ؟ والَّذي يساهمُ في ظُلمِ المرأةِ لنفسِها وظُلمِ الرَّجلِ لها وظُلمِها للرَّجلِ؟ أليسَ هوَ الَّذي يروِّجُ لفسادِ الأخلاقِ وهدمِ القيَمِ ومحاربةِ الإسلامِ، حتّى يصبحَ الظُّلمُ وغيابُ المرجعيَّةِ هي الحالةَ العامَّةَ في المجتمعِ؟ حريصونَ حضراتُكُمْ على المرأةِ؟ كفّوا يدَكُمْ قليلًا فقطْ عنِ السَّرقةِ منْ ثرواتِ بلادِها يا أصحابَ مقولةِ (بالإنجليزيَّة) "أريدُ أنْ آخُذَ النَّفطَ" السُّؤالُ الرّابعُ يا حضراتِ الرّامبوهاتِ: منْ ذا الَّذي أعطاكُمُ الحقَّ أصلًا في أنْ تضعُوا المسطرةَ الَّتي تحاكمونَ إعلَيْها مُجتمعاتِنا؟ نحنُ -كونَنا مسلمينَ ومسلماتٍ- لنا منطلقاتٌ ننطلقُ منها، قيَمٌ تحكمُ حياتَنا؛ معيارُنا ومسطرَتُنا طاعةُ ربِّنَا بإقامَةِ الحقِّ والعدلِ، والاستخلافِ في هذهِ الأرضِ بما يرضي ربَّنا الَّذي إليهِ مَعادُنا. وهذا هوَ الَّذي يُحدِّدُ للرَّجلِ والمرأةِ حقوقَهُما وواجباتِهِما، وهو الَّذي يجعلُ العلاقةَ بينَهما علاقةَ تكامُلٍ وتعاونٍ على البِرِّ والتَّقوى، لا ندِّيَّةٍ، وتنافسٍ، وتنازُعٍ! والمرأةُ في هذهِ المنظومةِ يمكنُ أنْ تعملَ في بيتِهَا، أوْ معلِّمةً، أو طبيبَةً، أو باحثةً، أو صاحبةَ مهنةٍ تُقيمُ فيها معانيَ الطّاعةِ للهِ، والحقِّ، والعدلِ، وشرفُ عملِها هوَ على قدرِ تحقيقِها لهذه القيَمِ ِالعُليا. أنتُمْ-يا رامبوهاتُ- ماذا لديْكُم؟ بعدَما أعرضْتُم عنِ الوحيِ الحقِّ فلا أقمْتُمْ حقًّا ولَا عدلًا، بل رفعتُم شعارَ الحرِّيَّةِ والمساواةِ المطلقتَيْنِ، ثمَّ أثبتُّم بواقعِكُم العمليِّ فشلَكُم فيهِما، وخاصَّةً للمرأةِ كما بيَّنّا بالتَّفصيلِ. ماذا تريدونَ أنْ تقدِّموا لنا -كونَكم مسلمينَ- وقدْ فشلْتم في هذا كُلِّهِ؟ تريدونَ أنْ تكونَ المرأةُ المسلمةُ صورةً مشوَّهةً عن المرأةِ الغربيَّةِ؛ تعلِكونَها وتبْتَذلونَها وتلعبونَ بِها وتُهينونَها كما فعلتُم معَ الغربيَّةِ؟ حتّى لوْ أحسنّا الظَّنَّ في نواياكُم، كيفَ ستُنقذونَ المرأةَ المسلمةَ وأنتُم تحتقرونَها؟ لأنَّكُم تحتقرونَ كُلَّ مُقوِّماتِ عزَّتِها ورِفعتِها! فالمرأةُ في إسلامِنا مُكرَّمةٌ لإيمانِها، وتقواها، وأخلاقِها، ودورِها في تربيةِ الأجيالِ على هذا كُلِّهِ، وأنتُمْ تحتقرونَ هذا كلَّهُ بلْ وتعادُونَ هذا كُلَّهُ! تعادونَ الإيمانَ، والتَّقوى، والأخلاقَ؛ فكيفَ تُنقذونَ منْ تعادونَه وتحتقرونَه؟! المرأةُ في دينِنا يقولُ لها ربُّها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [القرآن:49 :13] والتَّقوى عندَكُمْ -يا رامبوهاتُ- بِلا قيمةٍ؛ فالمرأةُ التَّقيَّةُ بِلا قيمةٍ المرأةُ في دينِنا يجعلُ اللهُ قيمتَها في أمورٍ لا تعني لكُم شيئًا اسمعْ -أخي وأُختي- هذهِ الآيةَ، وتصوَّرْ ماذا تعني للأُممِ المتَّحدةِ أو (سيداو) أو مؤتمرِ (بِكِّينَ) أوْ منظَّماتِ حقوقِ المرأةِ أوِ (القرعاقاتِ) كلِّها؟ قالَ اللهُ تعالَى: {نَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ {أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [القرآن 33 : 35] كلُّ هذا عندَ الرّامبوهاتِ بِلا قيمةٍ: المسلماتِ المؤمناتِ القانتاتِ" الصّادقاتِ الصّابراتِ الخاشعاتِ المتصدِّقاتِ الصّائماتِ الحافظاتِ فروجَهنَّ الذّاكراتِ اللهَ كثيرًا" هذا كُلُّهُ لا يعني للرّامبوهاتِ شيئًا، والمُتَّصفاتُ بهذا كلِّهِ لا يساوِينَ عندَ الرّامبوهاتِ شيئًا، بلْ على العكسِ، يحرصُ الرّامبوهاتُ على ألَّا تكونَ المرأةُ منَ الحافظاتِ لأعراضِهِنَّ كما رأينا فما الَّذي يُعطي المرأةَ قيمتَها حسبَ الرّامبوهاتِ إذنْ؟ أمّا على أرضِ الواقعِ، فجاذبيَّتُها الجسميَّةُ وصلاحيَّتُها للتَّسليعِ الجنسيِّ كما بيَّنّا، وأمَّا المُعلَنُ فنَتَاجُها المادِّيُّ [بالإنجليزيَّةِ]: كسبُ المالِ، وخوضُها لميادينِ العملِ، وإثباتُ منافَستِها للرَّجلِ فيها، ولذلكَ يحرِصُ الرّامبوهاتُ -معَ -إعلامِ قرعاقَ في بلادِ المسلمينَ على إظهارِ المرأةِ الَّتي تقومُ بدورِ التَّربيةِ والرِّعايةِ للأسرةِ على أنَّها عاطلةٌ عنِ العملِ، ويستنكرونَ في إحصائيّاتِهم تدنّي نسبةِ النِّساءِ في القوى العاملةِ، ويعدّونَ المرأةَ في منزلِها منَ الفئاتِ المُهمَّشةِ، بينَما يُسلِّطونَ الضَّوءَ على نجاحِ المرأةِ العاملةِ في أيِّ مجالٍ كانَ: "أوَّلُ امرأةٍ تقودُ شاحنةً" "أوَّلُ امرأةٍ تعبِّئُ الوقودَ في محطَّةِ بنزينٍ" "أوَّلُ امرأةٍ تفتحُ مرأبًا وتعملُ ميكانيكيًّا، تُصلِّحُ سيّاراتِ الرِّجالِ" "أوَّلُ امرأةٍ تعملُ عاملةَ نظافةٍ" أيُّ عملٍ مهما كانَ، المهمُّ أن تكونَ عاملةً. حسنًا، والمرأةُ في بيتِها تربِّي أولادَها وتبنيهِم نفسيًّا، وفكريًّا، وعَقدِيًّا، وتوفِّرُ ملاذًا آمنًا لهم، وسكنًا لزوجِها، وتُعينُ على إقامةِ معاني الطّاعةِ للهِ، والحقِّ، والعدلِ، ومكارمِ ِالأخلاقِ، هذهِ عاطلةٌ عنِ العملِ، شكلٌ من أشكالِ البَطالةِ! المرأةُ العامِلةُ في بناءِ الإيمانِ، والأخلاقِ، والنَّفسِ السَّويَّةِ، قليلةُ القيمةِ عندَكم يا رامبوهات لأنَّ الإيمانَ، والأخلاقَ، والسَّويَّةَ النَّفسيَّةَ قليلةُ القيمةِ عندَكم. حسنًا، والمرأةُ المؤمنةُ الَّتي تعملُ طبيبةً، أو معلِّمةً، أو باحثةً مستكشِفةً، وهي تُسخِّرُ هذا كلَّه لإقامةِ القيَمِ العليا وغرسِ الإيمانِ لا قيمةَ إضافيةً لها عنْ غيرِها، ولن تُسلَّطَ عليها الأضواءُ؛ لأنَّ هذهِ القيَمَ لا قيمةَ لها عندَ الرّامبوهاتِ والقرعاقاتِ، بل هيَ معانٍ غيرُ مرغوبٍ فيها، إلَا أن تكونَ بعضَ الصِّفاتِ الإنسانيَّةِ المنفصلةِ تمامًا عنْ جذورِها العقديَّةِ، والرُّؤيةِ الإسلاميَّةِ الشّاملةِ. بل ومنْ أيّامٍ أُلغِيَ تعيينُ فنّانةٍ تشكيليَّةٍ متميِّزةٍ منْ منصبٍ إداريٍّ لأنَّها منتقبةٌ! لكنْ يا حضراتِ الرّامبوهاتِ... إذا تعرَّضَتِ المرأةُ -في هذهِ الميادينِ- الَّتي ساهمْتُم أنتمْ في إفسادِ أخلاقِها، وتأجيجِ الشَّهواتِ فيها، إذا تعرَّضَتِ المرأةُ لـما يضرُّ بدينِها أو بأخلاقِها؟ -مثلُ ماذا؟ -مثلُ التَّعلُّقِ القلبيِّ بينَ الفتاةِ والشَّابِّ دونَ القدرةِ على الزَّواجِ؛ لسرقتِكم أنتمْ وقرعاقُ من ثرواتِ بلادِها، وما يَنتجُ منهُ من علاقاتٍ محرَّمةٍ وتضييعٌ لحدودِ اللهِ؛ ما يَنتجُ منْ هذا التَّعلُّقِ القلبيِّ دونَ زواجٍ. -إذا برضاها فلا مشكلةٌ؛ لأنَّها حرَّةٌ متساويةٌ معَ الرَّجلِ في هذا، حدودُ الله، حرامٌ، شريعةٌ، هذا لا يعنينا، لذلكَ مؤكَّدٌ لن تجدَ في مِنَحِ الرّامبوهاتِ المقدَّمةِ لإنقاذِ المرأةِ أيَّ منحةٍ عنوانُها: (تسهيلُ زواجِ المرأةِ)، لن تجدَ أيَّ منحةٍ عنوانُها: (تثقيفُ المرأةِ لتربِّيَ الأولادَ على تقوى اللهِ فيَنعُمَ الجنسانِ بأجواءِ عملٍ طاهرةٍ)، وإنَّما: (عملُ المرأةِ)، عملُها في ماذا؟ في الأجواءِ الَّتي ساهموا في إفسادِها، لن تجدَ مِنحًا لنقلِ الفتياتِ والنِّساءِ في وسائلِ نقلٍ مخصَّصةٍ لهنَّ، ولتأمينِ فُرصِ عملٍ في أجواءٍ مناسبةٍ لهنَّ بعيدًا عنِ الرِّجالِ في هذهِ الأجواءِ المؤجَّجَةِ، بل هم يعدّونَ الفصلَ بينَ الجنسينِ في بيئاتِ العملِ شكلًا من أشكالِ التَّمييزِ ضدَّ المرأةِ. - حسنًا يا رامبوهات! وماذا إذا تعرَّضَتِ المرأةُ المسلمةُ للتَّحرُّشِ والاستغلالِ الجنسيِّ في هذهِ الأجواءِ؟ - وما المشكلةُ؟ ها هيَ المرأةُ في بلادِنا تتعرَّضُ لهُ! هذهِ مفاسدٌ تهونُ أمامَ مصلحةِ عملِ المرأةِ في فقهِ الرّامبوهاتِ. - إذا أهمَّكم موضوعُ الحملِ فلا تخافوا، ها قد وصَّينا بالسَّماحِ بالإجهاضِ، قدْ يكونُ منَ الصَّعبِ عليكُم تقبُّلِ الإجهاضِ بادئَ الأمرِ، لكنْ بعدَ ذلكَ ستُلقونَ أطفالَكم في القمامةِ بكلِّ سهولةٍ، صدِّقونا، واسألوا مجرِّبًا. أنتم تريدونَ إنقاذَ المرأةِ المسلمةِ يا رامبوهاتُ؟! بل نحنُ واللهِ أولى بإنقاذِ نسائِكم ونحن نتلو قولَ ربِّنا: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [القرآن 3: 110] للنَّاس! ونتلو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [القرأن 2 :251] وقدْ رأيْنا فسادَكم، نحنُ أولى منكُم بإنقاذِ نسائِكم ونحنُ نتلو: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [القرآن 21 :107] أتعلمونَ؟! إذا شهدْنا قيامَ كيانٍ إسلاميٍّ نقيٍّ حقيقيٍّ يمثِّلُ المسلمينَ؛ فَحَرِيٌّ بالمسلمينَ حينئذٍ أنْ يمنحوا المرأةَ الغربيَّةَ حقَّ اللُّجوءِ إلى بلادِ الإسلامِ، حتّى وإنْ لمْ تسلِمْ، أيُّ امرأةٍ عفيفةٍ شريفةٍ تريدُ أنْ تحافظَ على حيائِها منْ عبثِكُم، وعلى كرامتِها من مهانَتِكم يا رامبوهات!؛ فإنَّه حَريٌّ بها أن تُمنَحَ حقَّ اللُّجوءِ إلى بلادِ المسلمينَ؛ لأنَّ المحافظةَ على إنسانيَّةِ الإنسانِ هيَ مقصدٌ من مقاصدِ الشَّريعةِ، حتّى وإنْ لمْ تُسلمْ، وقدْ كنتُ بفضلِ اللهِ تعالى أشاركُ إخواني في أمريكا في نشاطاتِ تعريفِ الأجانبِ بالإسلام، وأذكُرُ اللَّحظةَ السعيدةَ يومَ أسلمَتْ إحداهُنَّ بعدَ محاضرةٍ في هيوستن، أنتم -يا رامبوهاتُ!- تريدونَ إنقاذَ المرأةِ المسلمةِ! هزُلَتْ واللهِ!! واللهِ يا إخواني، إنَّنا لنحزنُ على أنفسِنا أنَّنا وصلْنا إلى هذا الحدِّ، أنَّا بِظلمِنا لبعضِنا جرَّأنا هؤلاءِ الرّامبوهاتِ، جرّأنا هؤلاءِ الرّامبوهاتِ أنْ يأتوا ليقضوا بينَنا، وجبَ أنْ يكونَ هذا دافعًا لنا جميعًا، مؤمنينَ ومؤمناتٍ لالتزامِ قولِ ربِّنا: ({وَٱعْتَصِمُوا۟ بِحَبْلِ ٱللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ ۚ وَٱذْكُرُوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فأََلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّـهُ لَكُمْ ءَايَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [القرآن 3 : 103] {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [القرآن 3 : 104] همْ يدعونَنا إلى باطلِهم؟! وصلَتْ إلى هذهِ المرحلةِ؟! بلْ نحنُ ندعوهم: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [القرآن 3 : 104] واللهِ لوْ لمْ يكنْ منَ الإهانةِ إلّا تدخُّلُ هؤلاءِ الرّامبوهاتِ لَكَفى لنعودَ إلى رُشدِنا، ولِنكُفَّ عنْ ظُلمِ بعضِنا بعضًا، رجالًا ونساءً، فأيُّ ظلمٍ يَظلِمُ به بعضُنا بعضًا سيكونُ سببًا في تدخُّلِ الرّامبوهاتِ والقرعاقاتِ. عَودًا على بدءٍ، وربطًا لآخرِ هذهِ الحلقةِ بأوَّلِ الحلقةِ الماضيةِ فلتَعلموا -إخواني!- أنَّ الأممَ المتَّحدةَ الَّتي تتابِع تطبيقَ سيداو، أوَّلُ مبنًى لها تمَّ بناؤُهُ على أرضٍ اشتراها لها نيلسون روكفيلر "Nelson Rockefeller" منْ عائلةِ روكفيلر الَّتي تقفُ على رأسِ هرمِ الرَّأسماليَّةِ والمؤثِّرةِ في السِّياسةِ الأمريكيَّةِ. في ختامِ هذهِ الحلقةِ نقولُ للرّامبوهاتِ: اتركوا الأمرَ ونحنُ نحلُّ مشاكلَنا، بالعودةِ إلى كتابِ ربِّنا وسُنَّةِ نبيِّنا، {أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [القرآن 5 : 50] ما مَعالمُ هذهِ الحُلولِ؟ نعرِضُها في الحلقةِ القادمةِ بإذنِ اللهِ، ونقولُ ختامًا: يُرِيدُ ٱللَّـهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَٱللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴿26) وَٱللَّـهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُوا۟ مَيْلًا عَظِيمًا ﴿27﴾ يُرِيدُ ٱللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ ٱلْإِنسَـٰنُ ضَعِيفًا﴿28﴾ [القرآن 4 :(26 - 28)] والسَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ.