الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجل عليه دين وله راتب فهل يحل له ان يأخذ من الزكاة لسداد الدين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن والاه واهتدى بهداه اما بعد الذي نرغب اخواننا فيه ان يحرصوا على الا يستدينوا الا اذا كانت ديونهم داخلة في دائرة الضرورة او الحاجة الملحة لان امور الانسان لا تخلو عن ثلاثة اقسام الظرورات الحاجيات التكميليات فاما اذا استدان الانسان لتحقيق امر ضروري لابد منه فلا حرج عليه في هذا الدين لان الضرورة تقدر بقدرها واذا كان سبب دينه امرا حاجيا بالحاح فلا حرج عليه كذلك واما ان تكثر ديون الانسان في امور تحسينية تكميلية يستغنى عنها فانا ارى والله اعلم ان هذا من السفه فمن السفه ان تكثر ديون الانسان في امور تكميلية تحسينية لا حاجة له فيها ولذلك يسمي العلماء الاستدانة في دائرة الضرورات والحاجات الملحة استدانة رشد ويسمون الاستدانة او او ويصفون الاستدانة في باب الكمالات والتحسينات التافهة التي لا فائدة ولا خير منها يسمونها استدانة سفه. ويدخل في ذلك لو استدان الانسان كذلك آآ لارادة امر محرم. فهذا من باب السفه من باب اولى على كل حال الذي يرغب فيه للانسان الا يكثر الدين على نفسه حتى لا يثقل كاهله فيحتاج الى ان يتكفف الناس بسؤالهم الصدقة او ان يأخذ اوساخهم في الزكاة فان الزكاة اوساخ الناس يطهرون بها انفسهم ويكفرون بها ذنوبهم. فكون الانسان تكون يده هي السفلى بسبب كثرة ديونه في امور تحسينية كمالية لا جرم ان هذا من اذلال النفس وتدسيتها مع ان الانسان اذا استدان فلربما يكون دينه هذا مانعا له من دخول الجنة فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في اول الاسلام يمتنع من الصلاة على من عليه دين وان قل كدينار او دينارين او درهم او درهمين حتى ان الانسان اذا قتل شهيدا بين الصفين فانه تغفر الذنوب فيما بينه وبين الله. واما الديون وما اشبهها من حقوق المخلوقين فانها لا تدخل في حيز المغفرة لما في صحيح الامام مسلم من حديث ابي قتادة وعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فعلى الانسان ان يحتاط لنفسه بتقليل الديون ما استطاع الى ذلك سبيلا. هذا اولا وهو من باب النصيحة التي ارى انها في مكاني هالمناسب واما ثانيا فان السائل يقول ان له راكبا شهريا ينزل عليه وعليه شيء من الديون المقسطة فاذا كان الانسان يستطيع ان يستجمع بين سداد هذه الديون ويكون ما تبقى عنده من راتب به كافيا لحياته الظرورية او الحاجية لا التكميلية التحسينية فهو حينئذ ليس بفقير ولا بمسكين فلا يحل له ان يأخذ من مال الزكاة شيئا اذا كان يبقى عنده ما يكفي حاجاته الضرورية والحاجية وان يتوسط في النفقة بلا بذخ ولا مخيلة ولا اسراف فما بقي من راتبك كاف لحياتك وحاجياتك فحين اذ لا يجوز لك ان تأخذ شيء من مال الزكاة واما اذا ضاقت عليك الحال فلم تستطع ان تستجمع بين قضاء الديون وسدادها وبين حياتك وحاجاتك فحينئذ يجوز لك ان تأخذ من الزكاة ما تقضي به ديونك. والامر فيما بينك وبين الله الا يجوز لك ان تدعي انك غير مستطيع والله يعلم في والله يعلم منك انك مستطيع ان توفي حاجاتك فيما ما تبقى من راتبك فلا ينبغي للانسان ان يتطلع الى اموال الفقراء والمساكين وان يدسي نفسه ويمد يده ليأخذ اوساخ ناس فعلى الانسان ان يكون عزيز النفس بعيدا عن اذلالها بسؤال الناس وتتبع اموالهم وفي الحديث من سأل الناس تكثرا جاء يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم وفي الحديث الاخر من سأل الناس تكثرا فانما يستكثروا جمرا فليستقل او ليستكثر فعلى الانسان ان يتقي الله في هذا الموضوع. فاذا كان ما تبقى من راتبك بعد سداد هذه الديون يكفي لسد خلتك وحاجتك وضروراتك فلا يجوز لك ان تأخذ من الزكاة واذا كان ما تبقى لا يكفي بالقيام بشؤونك الضرورية والحاجية او شؤون والديك او شؤون اولادك ممن تجب عليك نفقتهم فيجوز لك فحينئذ ان تأخذ من مال الزكاة ما تسد به هذا الدين ويخف عن ظهرك ثقاله فان من جملة مصارف الزكاة الغارمين. كما قال الله عز وجل انما الصدقات للفقراء والمساكين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي والغارمين وفي سبيل الله. فالغارمون من جملة مصارف الزكاة وهم الذين يغرمون المال في حاجاتهم الضرورية او الحاجية او يغرمونه في باب الصلح بين المتخاصمين ونحو ذلك من الامور المعتبرة شرعا فانت طبيب روحك ورقيب نفسك والله رقيب ومطلع عليك. فان كنت لا تستطيع فلك ان تأخذ من الزكاة وان كنت تستطيع ان تستكفي بما بقي من راتبك فلا يحل لك ان تأخذ من الزكاة شيئا والله اعلم