وبرنامج عملٍ. لا لا هذا الكلام ليس موجودا أبدًا! السَّلام عليكم. نظرياتٌ علميةٌ كثيرة، اكتشافاتٌ حديثة، يتمّ تفسيرها بطرقٍ مختلفة. فهناك من يقول أنّها تهدّدُ الإيمان، وآخر يردّ بأنّها لا تتعارضُ مع الإيمانِ، وثالثٌ يقول بَلْ هي تدعمُ الإيمان. كيفَ نعرف؟ هل بالفعل... التطور حقيقة! مثل أن الأرض تدور حول الشمس. أم أنّها خاطئة؟ فسنبيّن لكم، بسلسلةٍ من الحلقاتِ، أخطاءَ نظريةِ التطوّرِ من منطلقٍ علميّ بيولوجيّ، من أفضلِ الكتبِ العلميّةِ الأمريكيّة التي حازت على أعلى نسبةِ تقييمٍ على موقع أمازون "Amazon" أم أنّ الله خلقَ الكائناتِ من خلالِ التطوّر؟ وتكون النتيجة أن نقبل التطوّر، ونقبل أن يكون الذي حرَّكه والذي وجّهه هو مصدر ذكي، مطلق الذكاء... أم أنّ التوفيقَ بين التطوّرِ والإسلامِ فيه تحريفٌ للآياتِ والأحاديث؟ عندما تقول أن نظرية التطوّر يمكن تأويل بعض النصوص لموافقتها، أنت بذلك تُنْزِل النصّ الديني من مقصورة القيادة إلى قفص التبعية. هل نظرية الكمّ "Quantum Theory" هي بالفعل نظريّةٌ من أنجحِ ما هو موجودٌ إلى الآن، رغم غرابتها، رغم أنّها تصوِّر لنا العالَم على أنّه موجة وجُسَيْم في نفس الوقت، واحتمالي، ولا نستطيع أن نتنبّأ... أم أن هذه الاستنتاجات التي يبنونها عليها خاطئة؟ تسمع الكثير من الكلام الذي يقول أن ميكانيكا الكم تعني أن كل الأشياء متصلة بعضها ببعض، لكن هذا ليس صحيحا تماما، فالأمر أعقد من ذلك. هل بالفعل... لكن في الحقيقة، اللاشيء يمكن أن يصبح شيئا. أم أن هذا الكلامُ هو كما يقولُ الآخرُ؟ هم يسمون ذلك علمًا ويضعونه في الكتب العلمية، أما أنا، فأسمّيه غباءً وأضعه في القمامة! هل بالفعل... لا يوجد تصميم بالإنتخاب الطبيعي. هذه العملية كلُّها، ولذلك بالفعل يكون أعمى. أكيد هو أعمى، ليس قوى عاقلة أو مثل ذلك، وتعرفُ عندها مبدأً وقانونًا تشتغل عليه، وخطّةً، هذا الكلام ليس موجودا أبدًا، ولذلك توجد عيوب في الخليقة. ستجد حتّى في تركيب الإنسان عيوبا. أم كما يقول الآخر؟ حقيقةً ما يبهرني كلمّا أعاين مريضًا أو أعالج مرضًا، التصميمُ البارعُ الذي لا شكّ أنّ خلفه مصمّم قادر، وبارع، ومبهر. وهل بالفعل... إذن ليس الموت كما تتخيّل، شيئًا لازمًا أن يحصل، الموت يمكن أن يُمنع، لكنّ المسألة مجرّد مسألة ُوقتٍ فحسب. تعالوا في هذه الحلقاتِ -إخواني- نضعُ معًا المسطرةَ التي نقيسُ بها، لنعرفَ الحقََّ من الباطلِ. نضبطُ البوصلةَ، نرتِّب أفكارنا، لننظرَ للأشياءِ بطريقةٍ علميّةٍ. بعدَ ذلكَ، أنتَ قرِّرْ بماذا تقتنعُ، أو لا تقتنع، لكنْ، على أساسٍ علميٍّ قويٍّ، دونَ أن تدَعَ أحدًا يخدعك. لذلك فسلسلتنا هذه منهجيّة، تؤسِّس لمنهجٍ في التفكير. لكن حتى لا يكونَ كلامنا عن قواعدِ التفكيرِالصّحيحِ جافًّا فلسفيًا، نريدُ مثالًا عمليًا نطبِّقُ عليهِ هذه القواعد. واسمحوا لي بحكمِ تخصّصي في علمِ الأدويةِ الجزيئيّ والخبرة التدريسيّة والبحثيّة في علومٍ حياتيةٍ متنوّعةٍ، أن أختارَ نظريّةَ التطوّر لِنُطبِّقَ عليها هذه القواعد، أي نتخذها حالةً للدراسة "Case Study"، ثمّ نُطبِّق نفسَ القواعدَ باختصارٍ على مواضيعَ مثلَ فيزياءِ الكمِّ مثلًا. حلقاتنا هذه، هي محطَّةٌ من محطّاتِ "رحلةِ اليقينِ"، التي كنّا قد نشرنا 19 حلقةً منها. هدف حلقاتنا هو أيضًا تعزيزُ اليقينِ، لكن اليقين المبنيّ على أساسٍ علميٍّ قويّ. حسنًا، ما علاقةُ هذه الحلقاتِ بما قبلها؟ في الحلقاتِ الأولى من "رحلةِ اليقينِ"، تكلّمنا عن الفطرةِ، حتى يكونَ بيننا أرضيّةٌ مشتركةٌ في النّقاشات. بيّنّا الأدلّةَ الفطريّةَ على وجودِ اللهِ، وبيَّنا حالةَ التناقضِ التي يقعُ فيها كلُّ من ينكر هذه الأدلّة. ثمّ تكلَّمنا عن الأدلَّة العقليّة على وجودِ اللهِ؛ دليلُ إيجادِ الكونِ، وأجبنا عن اعتراضِ "من خلقَ الخالقَ؟" ثم تكلّمنا عن دليلِ "الإتقانُ والإحكامُ في الخلقِ". أوّلُ اعتراضٍ سيُعتَرَضُ به على الإتقانِ والإحكامِ في الخلق هو نظريّة التطوّر، والتي تعتبرُ أنَّ الكائناتِ الحيّة قد تَطوَّرت دونَ تصميمٍ، ولا فِعلِ فاعلٍ. لذلكَ سنناقشُ هذه النظريّة، لكن بطريقةٍ منهجيةٍ، تساعدنا في مناقشةِ القضايا الأخرى. ستلاحظُ -أخي وأختي- في نهايةِ هذه الحلقاتِ -بإذن الله تعالى- شيئًا مهمًا جدًا: أنَّّ تفكيركَ ترتَّبَ ليسَ فقط في موضوعِ الاكتشافاتِ والنّظرياتِ العلميّة، بل حتّى في المواضيعِ الفكريّة، والعَقَديِّة، والاجتماعيّة. ستساعدك في النّقاشِ مع الآخرينَ وإقناعهم بالحقِّ بإذنِ الله. لذلك، إذا أحببتَ أن تخبرَ أصدقاءكَ عن هذه الحلقات، فأرجو أن تقولَ لهم: هيَ محطَّة من "رحلةِ اليقينِ" تساعدنا لِنفكِّر تفكيرًا علميًا ناقدًا منهجيًا. هذا هو العنوانُ الحقيقيّ، مع اتخاذِ نظريّةِ التطوّرِ كمثالٍ تطبيقيٍ عمليّ. سنبدأُ بمقدِّمةٍ نتكلّمُ فيها عن النّظريّة الأصليّة، ثمّ تعديلاتٍ أُجريَت عليها، ثم استدلالاتُ أتباعُ النظريّةِ، وطُرقُ استدلالهم. سنبسِّط اللغة لأبعدِ حدّ. سنتعامل مع نظريّة التطوّر كطاولةٍ. فالنظريّة العلميّة بشكلٍ عامٍ لها دعائمٌ، أي مرتكزات: أرجل الطاولة، ولها نتيجةٌ تصلُ إليها: سطحُ الطاولة. والنظريّة تُفسِّر مشاهدات: الحِملُ الموجودُ على الطاولة. إذن، فخارطة الطريقِ لحلقاتنا القادمة هي كما يلي: في الحلقةِ القادمةِ نتكلّمُ عن نظريّةِ داروين، ثم التي بعدها نتكلّمُ عن التعديلاتِ التي أجريت عليها، ثم نناقشُ أدلّة النّظريّة عندَ أتباعها مناقشةً سريعة، هدفها التعريفُ بالمصطلحاتِ التي تَلزَمُنا في العرضِ التفصيليّ فيما بعدُ إن شاء الله. لكن أَهمُّ ما تُقدِّمُه لكم هذه الحلقات -إخواني- هو الموضوعُ الذي يلي ذلك: طُرُق الاستدلال. طُرُق الاستدلالِ، التي نعرفُ من خلالها إنْ كانَ أيُّ متكلمٍ يخاطب عقولنا بعلمٍ بالفعل، أو أنّه لا يدري ما يقولُ، أو يُضلِّلُنا بالحيلِ النّفسيةِ، والمغالطاتِ المنطقيّةِ، تحت مُسمَّى احترام العقل والعلم. كيف نعرف إن كانت مشاهدةٌ ما، أو مجموعة مشاهداتٍ تكسر طاولة النظريّة؟ أم أنّها على العكس يمكن أن تتحوُّل إلى رِجْلٍ إضافيةٍ تقوِّي النظريّة؟ وهو ما سنناقشه بشكلٍ ممتعٍ مقنعٍ بإذن الله. هذا كُلُّه سيكون في المُقدِّمة. المُقدِّمة فقط؟ نعم. لكنِّي أتوقَّعُ أنَّك ستبقى تتابعُ ما بعدها باهتمامٍ لِما تراه من فائدةٍ كبيرةٍ بإذن الله. وبعد المُقدِّمة سنعود إلى كلِّ موضوعٍ لنفصِّله بشكلٍ علميٍّ مُحكَمٍ، معَ عديدٍ من الإضافات المهمّة والإجابات عن التساؤلات. لكن قبلَ البدءِ، لديَّ طلبٌ.. عقلُك وعلمُك لن ينفعكَ إلّا بتوفيقِ اللهِ لك. إذا لم يكن من اللهِ عونٌ للفتى فَأوَّلُ ما يقضي عليه اجتهادُهُ. لذلكَ إنْ لم تكن مسلمًا، فأدعوكَ أن تكونَ صادقًا مع نفسك، وأن تُفكِّرَ في نفعها وإنقاذها قبلَ كلّ شيء. وإن كنتَ مسلمًا، فأرجوكَ -أخي وأختي- قبلَ مشاهدةِ الحلقات، صلِّ رَكعتين في آخر الليلِ، وادعُ في الإستفتاحِ بدعاءِ الّنبي -صلّى الله عليه وسلم- «اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"» (رواه مسلم 770) والسّلام عليكم.