مُحكماتٌ واضاحاتٌ يَتَعَامَونَ عنها كلّ ما في الجسم من إتقانٍ وإبداعٍ لا يَعْنِيهم، بل ويبحثون عن أيّة قشّةٍ يتعلَّقون بها وعظام إنسان جاوة "Java Man" ثمّ أحفورة لوسي "Lucy" ثمّ صديقتها أحفورة إيدا "Ida" ثم أحفورة آردي "Ardipitheus" وغيرها الكثير الكثير على أعضاء ضامرةٍ غير مفيدةٍ في جسم الإنسان كدليلٍ على التّطوُّر وسمّاها (بالإنجليزية) الأعضاء الأثريَّة فشلوا مع ما تحت الأرض، وما فوق الأرض الاكتشافات الّتي تنسِجُ على بضعة عظامٍ الدّليل الثّاني: بصمات الصُّدفة في أعضاءٍ لا فائدة منها السّلام عليكم تعالوا -إخواني- أقصُّ عليكم قصَّة مَن يريدون إثبات باطلهم بأيَّة طريقةٍ كم يبدون بائسين وهم ينتقلون من فشلٍ إلى فشلٍ، والحقيقةُ تُطاردهم لكنْ لا تخافوا، لن نَبتَئِس معهم، بل في قصَّتهم كثيرٌ مِن الفُكاهة، فاركبوا معنا في الحلقتين الماضيتين، رأينا كيف أسَّس داروين عناصر خُرافته على شفا جرُفٍ هارٍ، وبنى عليها أنصارهُ من بعده؛ فَانْهار بهم في مزيدٍ من مصادمة العقل والعلم فالمسألة ليست أخطاءً صُحِّحت وثغراتٍ سُدَّت، بل خروقٌ وُسِّعت، و(عنزةٌ ولو طارت) كان داروين في كتابه (تحدّر الإنسان) والّذي نشره بعد (أصلِ الأنواع) وما زادتِ التَّعديلاتُ النَّظريَّةَ إلَّا خُرافيَّةً ومصادمةً للاكتشافات يقولون لك: لكنْ، هذه النَّظريَّة عليها أدلَّةٌ، وقد جاء مَنْ بعد داروين ليحشدوا المزيد مِن الأدلَّة تعالوا نرَى مجموعات (الأدلَّة المزعومة) أولًا: الأحافير حسب داروين، فإنَّ الكائنات الحيَّة تطوَّرت من أصلٍ مشتَرَكٍ -أو أصولٍ قليلةٍ- بتدرُّجٍ بطيءٍ، وبالتَّالي فيُفترَض أن نرى ذلك التَّدرُّج على أرض الواقع لكنَّنا نجد بينها -في الحقيقة- تمايزًا كبيرًا، وفجَواتٍ هائلةً، وحدودًا عازِلةً فأين الكائنات الانتقاليَّة بين الزَّواحف والطُّيور مثلًا؟ لا وجود لها على أرض الواقع أَقرَّ (داروين) بأنَّ هذا يناقض خيالاته، فعوَّض عن ذلك بتخيُّل أنَّ هذا التَّدرُّج والكائنات الانتقاليَّة كانت موجودةً في الماضي، وبالتَّالي فيجب أنَّ نجد أحافيرها وأجسامها المتحجِّرة تحت الأرض ليس هناك أيُّ مبرِّرٍ لهذا الانتقال، والتَّهرُّبِ مِن سطح الأرض إلى ما تحتها، لكن لا بأس، تعالوا ننزِل مع (داروين) إلى ما تحت الأرض ماذا تخيَّل (داروين) أنَّنا سنجد؟ تخيَّلَ أنَّنا سنجدُ في طبقات الأرض العميقة أحافيرَ لكائناتٍ بدائيِّةٍ بسيطة التَّركيب، وكلَّما صعدنا في طبقات الأرض إلى الأعلى، سنجد أحافير لكائناتٍ مُنقَرِضةٍ أَعْقَدَ تركيبًا تمثِّل المراحل الانتقاليَّة، إلى أن نجد في الطَّبقات الأعلى والأعلى أحافيرَ لكائناتٍ موجودةٍ بيننا على أرض الواقع وخَرْبَشَ (داروين) خيالاتِه هذه في كُتُبه وتنبَّأ بأنَّه يجب أن يكون هناك عددٌ (لا حصر له) من الكائنات الانتقاليَّة المنُقرِضَة مدفونةً في طبقات الأرض أيْ: هنا كائنٌ بسيطٌ بدأت به الحياة، سنجده في الطَّبقات العميقة وكلُّ نقطةٍ على هذا الخطِّ تمثِّل كائنًا منقرضًا هنا كائنٌ، كائنٌ، كائنٌ، وهكذا... ثمَّ هنا كائنٌ متطوِّرٌ (كالديناصور مثلًا) لكنَّه انْقرضَ قديمًا، فسنجدهُ في طبقات الأرض العميقة جدًّا بينما سنَجدُ كائناتٍ انتقاليَّةً لا حصر لها بين الدَّيناصور والطُّيور، إلى أن نرى الكائنات الَّتي بيننا اليوم في طبقاتٍ أعلى، وهكذا... كانت هذه أحلام (داروين) كان هذا ما يتمنَّى أن يراه حتَّى يدَّعيَ أنَّ نظريَّته صحيحةٌ، فماذا وجد داروين في الحقيقة؟ وجد كلَّ شيءٍ يخيِّب أحلامه، فأولًا: عددٌ كبيرٌ من الكائنات المعقَّدة للغاية ظهر فجأةً فيما يعرف بطبقة (العهد الكامبري) العميقة في الأرض حتَّى سمَّوا هذا الظُّهور المفاجئ (بالانفجار الكامبري) هذه الكائنات لم يظهر أصلٌ مشتَرَكٌ لها أبسطُ منها -كما حلم (داروين) ولم تَنقرض، ولا تطوَّرت إلى كائناتٍ أعقد، بل هي نفسُها -كما هي- إلى يومِنا هذا وحتَّى تُدرك مدى التَّعقيد في كائنات (العهد الكامبري) فيكفيك مثلًا أن تتأمَّل عين متحجِّرات كائن الترايلوبايت "Trilobite" المكوَّنة من مئات العُوَيْنات الصَّغيرة المعقَّدة الَّتي تعمل بشكلٍ متكاملٍ، وهي نفسُها -كما هي- إلى يومنا هذا ثانيًا: وجد (داروين) أنَّ الكائنات الانتقاليَّة ليست (لا حصر لها) كما تُحتِّم خُرافته؛ بل لا وجود لها وبالتَّالي فكلُّ الأدلِّة كانت ضدَّ افتراضات (داروين) هل جَهل (داروين) ذلك؟ لَمْ يجهله ولعلَّ البعض يظنُّ أنَّ هذه الاكتشافات جاءت بعد (داروين) والحقُّ أنَّها مِن أيَّامه وقد تكلَّم باستفاضةٍ عن كائنات (العهد الكامبري) وتساءل أيضًا عن غياب الكائنات الانتقاليِّة قائلًا: "بما أنَّه -حَسْبَ هذه النَّظريَّة- فإنَّه لا بدَّ أن تكون قد وُجِدت في الماضي أشكالٌ لا حصر لها مِن الكائنات الانتقاليَّة، فلماذا لا نجدها مدفونةً بأعدادٍ لا حصر لها في طبقات الأرض؟" ممتازٌ، إذن، استيقظتَ مِن أحلامك يا (داروين)؟ لا، بل لا بدَّ للخرافة أنْ تستمرَّ بدل أن يُعنوِنَ (داروين) اعترافاته هذه بعنوان: (السجلُّ الأحفوريُّ يخيِّب أحلامي كما خيَّبها ما فوق الأرض) عَنْوَنها في كتابه بعنوان: (عدمُ اكتمالِ السِّجلِّ الأحفوريِّ) عدم اكتمال؟! حسنًا، لو اكتشفنا أيَّة حفريَّةٍ بعد هذا، ألا يقولُ العقل -يا داروين- أنَّ علينا تفسيرها حسب المُحكَمات الواضحات الّتي تبيَّنت لنا؟ لا، بل كأنَّ داروين يقول لمَن بعده: ابحثوا عن أيّ شيءٍ يحتمل تفسيراتٍ متعدّدةً لتضربوا به هذه المُحكَمات الواضحات، هاتوا أيَّة قشَّةٍ نحجِب بها نور الشَّمس عن عيون النَّاس وبالفعل انطلق جنود (داروين) الأوفياء مِن بعدِه يبحثون عن الكائنات الانتقاليّة المزعومة، مُتجاهِلين أنَّ خُرافة أستاذهم تُحَتّم عددًا (لا حصر له) فراحوا يبحثون عن عنزةٍ طائرةٍ -ولو واحدة- في أيِّ مكانٍ ليتعلّقوا بها، وانتقلوا مِن قصّة فشلٍ إلى أخرى كلّما ادّعَوا أنّهم وجدوا كائنًا انتقاليًّا، جاءت أبحاثٌ تبيّن أنَّ هذا كان تزييفًا أو كذبًا أو سوء تفسيرٍ، بشكلٍ مضحكٍ كقصّة الدّيناصور الطّائر أركيورابتور "Archaeoraptor" وأركيوبتركس "Archaeopteryx" وسمك السّليكانث "Coelacanth"، ثمّ التّكتاليك "Tiktaalik" وجمجمة إنسان بِلداون "Piltdown" لسان حالهم: لا تَسْمَعوا لأدلّة الكونِ على الله، والْغَوا فيها لعلّكم تَغْلِبون كلّ هذه وغيرها -وكما سنُبيُّن بالتّفصيل بإذن الله- ظهر زيفها وغشّها المتعمَّد، أو تحريفُ دلالتها الواحدة تلو الأخرى لكنْ بعدما وُظِّفت كلّ كذبةٍ لفترة من الزّمن في إنعاش الخرافة حتّى لا تكتئبوا -إخواني- مِن هذا المشهد البائس، وقصص الفشل، تعالوا نشاهد بعض المشاهد الكوميديّة الّتي يؤدّيها أبطال مسلسل خُرافة (داروين) عام (1922) وجد عُشَّاق الُخرافة ضِرسًا في (نبراسكا) في الولايات المتّحدة نعم، ضرسٌ فاعْتَبروه دليلًا مهمًّا على التَّطوُّر ورسموا عليه شِبه إنسانٍ قالوا أنّه عاش قبل (6) ملايين سنةٍ وأعطوه اسمًا علميًّا ونشرت مجلّة سَيَنْسْ "Science" -المعروفة- مقالًا علميًّا مُحكَّمًا عن هذا الاكتشاف العظيم لكن، بعد (5) سنواتٍ تبيَّن أنَّ هذا السَّنّ هو سنُّ خنزيرٍ وعادت مجلّة "سَيَنْسْ" نفسُها فنشرت نفيًا لما جاء في مقالها السّابق ثمّ عام (1979) عثر عُشَّاق الخرافة على عظمةٍ قالوا: وجدنا الدّليل، إنّها ترقوة شِبه إنسانٍ عاش في الزّمان البعيد ثمّ تبيّن أنّها جزءٌ من ضلع دولفين كما نشرت مجلة نيو سَيَنْتست "New Scientist" بعد (4) سنواتٍ ثمّ عام (1984) وجد ثلاثةٌ مِن العلماء -عُشَّاق الخرافة- جزءًا مِن جمجمة طاروا بها فرحًا، ها هو الدليل أخيرًا رسموا على هذا الجزء من الجمجمة شِبه إنسانٍ قالوا أنَّه مات وهو في (17) من عمره وقدّروا أنَّه عاش قبل (900) ألفٍ إلى (1.6) مليون سنةٍ وسَمَوهُ إنسان أورس (Orce Man) وحدّدوا له مكانًا في سُلَّم التَّطوّرِ المزعوم وسُمِّيَ هذا الاكتشاف (اكتشاف القرن) وأُقيم له مؤتمرٌ صحفيٌّ حضره كبار الشّخصيّات، وعمّت الأفراح والّليالي المِلاح لكنَّها فرحةٌ ما تمَّت تبيَّن بعد ذلك أنها جمجمةُ حمارٍ صغيرٍ، وأصبح هؤلاء سخريةً للمجلّات السّاخرة، وهكذا يسير عُشَّاق الخرافة في السّهول وفي الجبال والمزابِل والمقابر يبحثون عن أصولهم في كلِّ شيءٍ تَطؤُهُ أقدامهم؛ في أضراس الخنازير، وأضلاع الدّلافين، وجماجم الحمير كمفلسٍ ملتاثٍ يحسب البَصْقةَ قِرْشًا كلُّ هذا في سبيل الخُرافة هذه -باختصار- قصَّة دليل الأحافير وأذكّركم -إخواني- أنّ هذه الحلقة هي استعراضٌ سريعٌ لما سنفصّله في حلقاتٍ قادمةٍ -بإذن الله- قد ذكر أمثلةً عديدةً مَنْطِقُهُ في ذلك: أنَّ هذا الإنسان ما دام قد جاء بمجموع الصُّدف، فإنّ الصُّدف ستكون قد تركت بَصْمَتَها في منتجاتها: بقايا تطوّريّةً، وآثارًا مِن الأسلاف والجدود الحيوانيّة الّتي لم يَعُد لها وظيفةٌ في جسد الإنسان، وكأنّ (داروين) قد فتح بذلك بابًا فأسرع أنصارهُ يتدافعون فيه يُنقّبون جسم الإنسان ويمحِّصُونه جزءًا جزءًا بحثًا عن ماذا؟ بحثًا عن أخطاء حتى أَعلن عَالِمُ التّشريِح الألماني الدّارويني روبرت ويدرزهايم "Robert Wiedersheim" عام (1893) عن قائمته ذات الـ(86) عضوًا ضامرًا في جسد الإنسان لا فائدة لها وحتّى تدرك أخي حجم الجهل الّذي جعلهم أضحوكةً، فمن ضمن هذه القائمة: الغدد الصّمّاء مثل الغدّة النّخاميَّة، والصّنوبريّة لأنهم -في وقتها- لم يكونوا يعرفون شيئًا عن الغُدد الصّمّاء والهرمونات منطقهم في ذلك: الاحتجاج بالجهل؛ نحن نجهل وظيفة هذا العضو من جسم الإنسان أو ذاك، إذن، فليست له وظيفةٌ، إذن، لا بدّ أنّه جاء بطريقةٍ تطوُّريّةٍ مِن غير قصدٍ نفس الطّريقة التي استخدموها في الأحافير؛ ومع ذلك تقدَّمت العلوم وتكشَّفت وظائف هذه الأعضاء عضوًا عضوًا فلا الفقرات العُصعُصيَّة بلا فائدةٍ، ولا الزّائدةُ الدوديَّةُ زائدةٌ، والغدّة النخاميّة -مثلًا- تتحكَّم بأكثر هرمونات الجسم، ولو فقَدَها مَن وصفوها بأنّها (بالإنجليزية) لا وظيفية، لماتوا فراحوا يبحثون في الكائنات الأخرى عن أعضاء لا فائدة منها؛ في استدلالٍ مبنيٍّ على افتراضهم أنّ الطّبيعة تَسْتَبقي ما يلزم للبقاء فقط، وهو استدلالٌ مَشينٌ؛ لأنَّه استدلالٌ بنفس ما يريدون إثباتهُ بينما نحن نُؤمن بخالقٍ بثَّ في خَلْقِه الجَمَال فحتّى لو لم تساعد بعض الأعضاء على البقاء أو التَّزاوج فيكفي أنَّها تساعد -غير الحمقى- على إدراك أنَّ للجمال خالقًا ومع ذلك لازالوا يُنقِّبون في كلِّ شيءٍ حتّى في ثوابت الكون الفيزيائيّة المضبوطة لأبعد حدٍّ بشكلٍ يُثيرُ عَجَبَهُم كأنَّهم يقولون: أيَّتها الصُّدفة العمياء، أسعفينا ببصمةٍ لكِ في أيّةِ زاويةٍ مِن زوايا الكون فيأتيهم الردُّ مِن كتاب الله: <<فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ>> [القرآن 67 : 3-4] فنقِّبوا عن خطأٍ كما تشاؤون فراحوا ينقِّبون في المادّة الوراثيّة لعلّهم يجِدون فيها ضالَّتهم أنا شخصيًّا مِن أكثر ما دلَّني على عظَمَةِ الله تعالى؛ تأمُّلُ الآليَّات البديعة في عالَم النَّواة في المادّة الوراثيّة لكنْ هكذا الآياتُ الكونيّةُ، كالآيات القرآنيّةِ؛ <<فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ>> [ القرآن 9 : 124-125] قال عُشّاق الُخرافة: وجدناها، المادّة الوراثيّة "DNA" ليس منها -إلا قسمًا قليلًا- مورِّثاتٌ عاملةٌ بينما أكثرها "Junk" أي: مُهمَلةٌ، بلا وظيفةٍ، بقايا تطوُّرٍ عشوائيٍّ فإنْ كان هناك خالقٌ خَلَق الإنسان فلماذا يضع فيه حمضًا نوويًا مُهمَلًا؟! ثمّ لمّا تمّ اكتشاف الوظائف الكثيرة جدًّا -والّتي لا غِنًى عنها أبدًا- لهذا الحمض النوويِّ الّذي وصفوه سابقًا بأنّه (مهملٌ) وظهر أنّه مَنْبعُ كنوزٍ كما عبّر عنه البروفسور إيوان بيرني "Ewan Birney" رئيس مشروع الـ(إن كود) "in code" الّذي ضمّ (400) عَالِم جيناتٍ وظهر أنَّ (المُهْمَلة) هي في الحقيقة أفهامُ الدارونيّين، وتعامُلهم مع َخلقِ اللهِ المُحكَم قالوا: [لقد لاحظتُ بأنَّ المؤمنين بالخَلْق فرِحون بهذا، ويظنُّون أنَّ هذا يدحض الداروينيَّة لا، بالعكس؛ هذا بالضبط ما يأمل الدَّاروينيُّ أن يراه] يقول لك دوكينز: أبدًا أبدًا، هذا ما كانت الدّارونيّة تأملهُ بالضّبط إنّها المُكابرة في سبيل الخُرافة وسنفصِّل لكم في الحلقات القادمة -بإذن الله- في دعواهم الكاذبة في المادّة الوراثيّة مثل: نسبة التّشابه بين المادّة الوراثيّة للإنسان والشّامبانزي، وكذبة التحام (الكروموسومين)؛ لتعلموا كيف أساء هؤلاء إلى العلم، أساؤوا إلى العقل، أساؤوا إلى أنفسهم، في سبيل الخرافة الدّليل الرّابع إخواني -والّذي اعتمد عليه داروين كثيرًا: وجود بعض التّشابهات الشَّكليَّة في الشّكل الخارجيّ، والتّشابهات التشريحيّة بين بعض الكائنات الحيّة اعتبار الشَّبَه دليلًا على وَحْدة الأصل ليس مقدّمةً علميّةً، ولا منطقيّةً ويكفي في إبطال دلالته ظاهرة التَّشابهات الشّديدة بين الحيوانات (المشيميّة) وشبيهاتها (الجِرابيّة) الحيوان (المشيميُّ) هو الّذي يكمل جنينه النمّو في مشيمة الرّحِم بينما الجِرابيُّ يكمل نموّه في جِراب (كالكنغر) حسب الدّاروينيّين، فإنّ الحيوانات الجرابيّة انفصلت عن المشيميّة في قديم الزّمان بحيث تَكوَّن لدى كلٍّ منهما طريقة حَمْلٍ ورَضَاعٍ، وأجهزة جسمٍ داخليّةٍ مختلفةٍ بشكلٍ كبيرٍ عن الآخر لذلك فإنَّ السّنجاب المشيميَّ مثلًا أقربُ في التّفرّع والتّصنيف وشجرة القرابة التّطوريّة، للحوت والفيل والغزال -وكلّ الثّديّات المشيميّة المعروفة- مِن قرابته لزميله السّنجاب الجرابيّ، والسّنجاب الجرابيّ أكثر قرابةً للكنغر والكوالا، مِن قرابته للسّنجاب المشيميّ المماثِل له في الشّكل وقل مثل ذلك في الذّئب، والخُلْد، والوُمْبَات المشيميّة والجرابيّة، وغيرها وغيرها... ماذا يعني هذا؟ يعني أنّ التّشابه الشكليَّ، والتّقارب التّشريحيَّ ليس له أيّة دلالةٍ تطوّريّةٍ فالحيوانات المتشابهة في الشكل، مختلفةٌ جدًّا في أجهزتها العضوية (الفسيولوجيّة) وحَمْلِها، والمتشابهة عضويًا (فسيولوجيًّا) مختلفةٌ جدًّا في أشكالها ماذا فعل الدّاروينيّون للخروج من هذه الورطة؟ اقترحوا نموذج التّطوُّر المتقارِب أو التّطوُّر المتوازي أسماءٌ فخمةٌ، أليس كذلك؟ ما دُمنا قد أعطينا الهَذَيَان اسمًا، فقد أضفينا عليه شرعيَّةً علميَّةً لكنْ لحظةً، هذا يَهْدِمُ نَظَريَّتكم من الأساس لا، لقد انتهى الأمر، فنحن قد عدّلنا في النّظريّة، وأعطيناها اسمًا على مبدأ: (أعطِهِ اسمًا، دَعْهُ يمرّ) احفظوها جيّدًا -إخواني- لأنّ ذلك سيتكرّر معنا كثيرًا ظاهرة تُبْطِلُ نظريَّتك؟ لا بأس، أَعْطِ للنَّظريّة اسمًا جديدًا، لُتشْعِرَ السّامع أنّك على وعيٍ بوجود هذه الظّاهرة، ولكنَّك لا ترى فيها أيّ تهديدٍ لنظريّتك، بل عدَّلتَ النَّظريَّة، ووجدتَ حلًّا وحقيقة الأمر أنّك لم تجد حلًّا بل اخترعت اسمًا زائفًا جديدًا في سبيل الخُرافة فما فكرة التّطوّر المتقارِب؟ هي فكرةٌ مُضحكةٌ، مَفادُها أنَّ الطّفرات العشوائيّة الّتي خَلَقَت الكائناتِ (المشيميَّة) تكرَّرت بنفس العشوائيَّة والتّفاصيل فخَلَقت الكائنات (الجِرابيَّة) عشوائيَّةٌ بنفس المسار والتّرتيب، وبنفس التّنظيم، مع أنّه لا حصر لعددها لا تعليق فعندما يقولون لك: "المُكْتَشَفاتُ الحديثة، هي تحدِّياتٌ يمكن تعديل نظريّة التّطوّر لتستوعِبها وتتواءَم معها، دون نقد الهيكل العامّ للنظريّة" فعن مثل هذه التّعديلات يتكلَّمون تعديلاتٌ في ثقب إبرة الخُرافة في محاولةٍ لإدخال الكون الفسيح فيها الدّليل الخامس: التّشابه الجنينيُّ عام (1868) بدأ عالم الحيوان الألماني إرنست هِيكِلْ "Ernst Haeckel" بنشر رسوماتٍ ادّعى أنَّه رصدها تحت المِجهر لأجنّةٍ بشريّةٍ، وأخرى حيوانيّةٍ يُظْهِرُ فيها تشابهًا كبيرًا بينها في مراحل ادَّعى أنَّها مبكِّرةٌ مِن الحَمْل وقد فرح (داروين) بهذا الاكتشاف، ونسب الفضل إلى (هِيكِلْ) في انتشار فكرة التّطوُّر في ألمانيا كما في "Encyclopedia Britannica" ومع أنَّ التَّشابه لا يعني وَحْدَة الأصل أبدًا، فحبلُ الكذب قصيرٌ أيضًا وليس (هِيكِل) وحده من يمتلك مجهرًا، لذلك فقد شكَّك علماء آخرون في رسومات (هِيكِل) وأثاروا ضجّة عليه حتّى اضطُرَّ للاعتراف عام (1909) بوقوع التّزويرات في هذه الرّسومات في رسالة إلى "Allegemeine Zeitung" وحتّى في اعترافه يكذب (هِيكِل) إذْ قال: إِنّ نسبةً صغيرةً مِن صوره (6-8%) فقط هي بالفعل مزوَّرةٌ، وأنّ الّذي اضطرّه لذلك هو ملء الفراغات، لتعذُّر الحصول على صورٍ دقيقةٍ مكتملةٍ للأجنّة العجيب أنَّه قد مرَّ على كذبة (هِيكِل) المفضوحة حوالي قرنٍ ونصفٍ والكذبةُ لا يزال يُعاد تَدويرها بلا كللٍ ولا مللٍ في آلاف الكتب المدرسيّة والجامعيّة والعلميّة، كما هي بلا ذرَّة حياءٍ "Biology by Raven and Johnson" "Biology by Starr and Taggart" Evolutionary Biology" "by Futuyma وغيرها الكثير حتّى الدّارويني ستيفن غولد "Stephen Gould" قال في كتابه نيتشرال هيستوري "Natural History" "ينبغي أن نشعر بالاستغراب والخجل بسبب قرنٍ من إعادة التّدوير الغبيِّ، والّذي أدّى إلى استمرار هذه الرسوم في عددٍ كبيرٍ -إنْ لم يكن الأغلبيَّة- مِن الكتب الحديثة" هذه الكتب والمراجع -إخواني- هي نفسها الّتي تصدر منها طبعةٌ كلَّ عامٍ أو عامين، حرصًا على تحديث المعلومات ونحن في مساقَاتِنا نجِدُ أنَّ مِن خيانة العلم أن ندرّس طلّابنا الإرشادات العلاجيّة -مثلًا- لعام (2015) إن كانت هناك إرشاداتٌ جديدةٌ صدرت عام (2018) بينما يبقى هؤلاء على كذبةٍ فاحَتْ رائحتها مِن زمنٍ طويلٍ في سبيل الخُرافة ولنا أنْ نسأل: إنْ كان التّطوّر هو سرَّ الحياة بالفعل، فلماذا لا يجدُ أنصاره إلّا الكذب وإعادة اجترار الكذب لدعمه؟! لماذا يطبّقون معه مقولة جوزيف غوبلز "Joseph Goebbels" وزير الدّعاية النّازي: "اكذب واكذب ثمّ اكذب حتى يصدّقك النّاس، ثم اكذب أكثر حتّى تصدِّق نفسك" عندما يردِّد بعض أبناء المسلمين -كالببَّغاوات للأسف- أنّ هناك آلاف الأدلّة على التّطوّر، فعَنْ مثل هذه الأدلّة يتكلَّمون لكن -ومِن قَبيل الأمانة العلميّة- بقي أنْ نذكُر خطًّا واحدًا مَن الاكتشافات يتوافق بالفعل مع الداروينيَّة: إنَّها اكتشافات (الفوتوشوب) والتّصوير السّينمائيّ في هوليوود، والّتي لجأ إليها الدّاروينيُّون كما يلجأ الفاشلُ إلى المخدرات، ليعيش معها عالمه الوهميَّ الخاصَّ كائنًا كاملًا: بشحمه، ولحمه، وعينيه وشعره، وتجاعيد وجهه، ثمّ تُمارس التّطبيع مع الخُرافة في الإعلام والمناهج الدّراسيّة، لتُشْعِرك أنّك أمام حقائق تاريخيّةٍ الشّاب الّذي يبحث عن فتاةٍ بمواصفاتٍ معيّنةٍ فلا يجدها، تصوَّره وهو يعود بعد سنواتٍ من البحث إلى بيته، فيرسم فتاةَ أحلامه، ويتغزّل بالصّورة متحسِّرًا مَهمّة هؤلاء أصعب؛ لأنّ فتاة أحلامهم (العنزةُ الطائرة) لجأوا إلى (الفوتوشوب) بعدما صرخ كلّ شيءٍ في الكون في وجوههم: يا فاشلين لم يستطيعوا أن يَسْنُدوا الأرجُلَ المُنهارة لطاولة (داروين) وقد حمَّل عليها حِملًا ثقيلًا جدًّا: حمّل عليها الكائنات الحيّة كلّها فحاولوا عبثًا أن يأخذوا مِن مُشاهدات الكون المحمَّلة على الطاولة، ليحوِّلوها إلى قوائم تسندُ طاولتهم لكنَّ العلم الصحيح في كلِّ مرَّةٍ يَلْسَع أيديهم، ويقول: لا تحاولوا يا فاشلين هذه المشاهدات عليكم لا لكم قد تقول أخي: إن كانت خُرافة التّطوّر فاشلةً بهذا الشّكل أمام أوضح حقيقةٍ كونيّةٍ: أنَّ للكائنات الحيّة خالقًا عليمًا إن كان الأمر كذلك، فلماذا يقتنع بها كثيرون؟ هذا هو موضوع حلقاتنا القادمة مع التَّذكير بأنَّ خُرافة التَّطوّر هي نموذجٌ لموضوعٍ أكبر نموذجٌ للإجابة عن تساؤل: كيف يستطيع كَهَنةُ العلم الزّائفِ غسل العقول؛ لضرب الإيمان بأوضح الحقائق، وإقناع النّاس بأسخف الخرافات؟ فتابعوا معنا -إخواني- والسّلام عليكم