السَّلام عليكم أنا لستُ من متابعي برنامج (الدَّحِّيح) لكن لَفَتت نظري حلقةٌ كَثُرَ الكلام عنها تابعتُها، ففهمتُ طريقة (الدَّحِّيح) لذلك ردِّي هنا ليس على هذه الحلقة بالذات، بل على طريقته بشكلٍ عامٍّ الحلقة بعنوان: (يا محاسن الصُّدَفْ) يبدأ (الدَّحِّيح) هذه الحلقة بمقدِّمة أنَّ هناك أحداثًا يبدو احتمالهُا ضعيفًا جدًا جدًا، لكن إذا غيّرت الافتراضات، يصبح احتمالُها أقوى بل، وقد يصبح احتمالُ حصولها شبه حتميٍّ يقول مثلًا: العُمْلة النَّقديَّة؛ إذا افترضت أنَّ الوجهين لها مختلفان، ورميتها في الهواء، فستكون احتمالية ظهور أحد الوجهين (50%)، بيْنما إذا افترضتَ أنَّ الوجهين نفسُ الشيء فحين ترمي العُملة، ستكون نسبة ظهور الصُّورة المعيَّنة على العُملة (100%) حسنًا، وبالتالي يا (دحِّيح)؟ يقول: وبالتالي تعال إلى الكون الذي نعيش فيه... الثوابت الفيزيائيَّة فيه مضبوطةٌ لأبعد حدٍّ، لو اختلف شيء منها فسينهار الكون، ولن تكون هنالك كواكب ولا حياةٌ ولا شيءٌ وهذا سيجعلنا نظنّ أنَّ هذا الكون مصنوعٌ من أجلنا فيكمل: لا، ليس شرطًا أن يكون مصنوعًا من أجلنا؛ وإنَّما تغييرٌ بسيطٌ في الاحتمالات سيفسّر هذا الضَّبط الدَّقيق لثوابت الكون الفيزيائيَّة ما هو هذا التغيير البسيط؟ أجابك: أن نفترض أنَّ هناك عددًا لانهائيًّا من الأكوان -يعني (بالإنجليزية) أكوانٌ متعدِّدةٌ- كلُّ واحدٍ منها له ثوابت فيزيائيّةٌ مختلفةٌ، فبالصُّدفة خرج كوننا هذا وفيه ثوابتُ فيزيائيةٌ مناسبةٌ لحياتنا، والنَّتيجة: لم يقصد أحدٌ أن يضبط هذا الكون الذي نعيش فيه، وإنَّما كونُنا جاء بالصُّدْفة تغييرٌ بسيطٌ في الافتراضات -أكوانٌ لانهائيَّةٌ- أدَّى إلى تغيُّرٍ كبيرٍ في النَّتيجة: الكون جاء بالصُّدْفة قبل أن أعطي وصفًا عامًّا لهذا الكلام، تعالوا نناقشْه علميًّا لو قلتُ لك: - هل ترى هذه الغرفة؟ ما احتماليَّة أن يظهر الرقم (5) عشر مرَّات في نفس الوقت؟ - أين يظهر؟! -على العَجَلات الدَوَّارة - أيُّ عجلات؟! - عجلات اليانصيب - ليس هناك عجلات يانصيب في الغرفة! - افترض أنَّ هناك عجلات يانصيب - أيُّ افتراض؟! حسنًا، ومن يحرّك العجلات؟ - لا، لا بد ن أن تفترض أنَّ هناك (10) أولادٍ يحرّكونها - لا عفوا، دعنا نرجع لسؤالك بلا افتراضاتٍ إضافيَّةٍ احتماليَّة أن يظهر الرقم (5) عشر مرَّاتٍ في غرفةٍ فارغةٍ بهذا الشكل هو (0%) بالضبط (الدَّحِّيح) بدايةً لعِب لُعبة افتراض العجلات والأولاد في غرفةٍ فارغةٍ أي، حين تقول لي: ما احتماليَّة أن يوجد كونٌ بثوابت فيزيائيَّةٍ مضبوطةٍ تناسب عَيْشنا فيه؟ أقول لك: لا، دعنا نقِف عند: ما احتمالية أن يوجد كون أصلًا؟ قبل أن نتحدَّث في كلمة: "ثوابت"، وكلمة: "مضبوطة" دون خالقٍ، ليس هناك كونٌ أصلًا؛ ليست هناك عجلاتٌ، وليست هناك غرفةٌ، بل ليست هناك مادَّةُ يتكوَّن منها الكون أصلًا فكلامٌ فارغٌ أن نتكلَّم عن الاحتماليّات من غير أن تكون هناك مادَّةٌ تجري عليها الاحتمالات ستقول لي: يا أخي، (الدَّحِّيح) لم ينكر وجود الخالق هو يتكلَّم عن علومٍ رياضيَّةٍ واحتمالاتٍ مهلًا، دعنا نرتّب أفكارنا قليلًا ليس من الممكن أن نتجاوز مسألة المادَّة، التي تدَّعي أنَّ أكوانك (اللانهائيَّة) تشكَّلت منها فأمامك واحدٌ من اثنين: إمَّا أن تُضطَّر إلى الاعتراف بوجود إله لكي تَحُلَّ مشكلة وجود المادة فقط، وعندها ستقول إن هذا الإله يخلق المادة فقط ويتركها تتفاعل وتتركَّب بطريقةٍ عشوائيَّةٍ غير مقصودةٍ، فبالصُّدْفة تشكَّل منها واحدٌ مناسبٌ لحياتنا، وهذا افتراضٌ مضحكٌ متناقضٌ تَصَوُّرُ إلهٍ خلَّاقٍ بلا حدٍّ يخلق مادَّةً، تَظْهر حكمته وقدرته وعلمه، في ذرَّاتها الدَّقيقة، وترتيبِ جُسَيْماتها، لكن أصبح يتصرَّف بعدها بعبثيَّةٍ، ويَخْلق بكثرةٍ دون غايةٍ ذرَّةٌ واحدةٌ من ذرَّات هذه المادة، ستردُّ على هذا التصوِّر السخيف أو أن تقول: لا، ليس هناك إله إذن، من أين جاءت المادة؟ - أوجدَتْ نفسها بنفسها - هل هذا علمٌ أم سُخف؟! - لا؛ هو كلامٌ علميُّ، وسنسمِّيه: (نظريَّة النشُوء التلقائيِّ للمادَّة) أوَّل شيءٍ -يا شباب- انتبهوا: ليس أي شيءٍ فيه كلمة (نظريَّةٍ) معناه: محترمٌ وله وزنٌ؛ أنا بيّنتُ بالتفصيل في حلقة: (نظريَّة البان كيك)، وحلقة: (كل الطرق تؤدِّي إلى الخرافة) أنَّ كلمة: (نظريَّة) هذه تُوضَع قبل سخافاتٍ مضحكةٍ لإعطائها: هَيْبةً، مع أنها مجرَّد: خيْبةٍ ثانيًا: هل تذكرون لويس باستور؟ ومن قبله: فرانسيسكو ريدي في القرن (17) اللّذين أثبتا بُطلان نظريَّة: (النشوءِ التلقائيِّ للكائنات الحيَّة من الجمادات)؟ أي أن المتخلِّفين في أوروبا، كانوا يظنّون أنَّ الذُّباب ينشأ تلقائيًا من القمامة، وأنَّ الفئران تنشأ تلقائيًّا من اللحم المتعفِّن (لويس) وقَبْلَه (رِدِي) بيَّنَا بُطْلان هذه النظريَّة المتخلِّفة، وأنَّ الكائنات الحيَّة -كالذُّباب- تنشأ في الواقع من كائناتٍ مِجهريَّةٍ كبيوض الذُّباب الّذي يقول هذه الأيام: المادة تنشأ من لا شيء، المادة تخلق نفسها بنفسها هو أشدُّ تخلفًا من المتخَلِّفين الأوروبيِّين في القرون الوسطى؛ لأنه يقول لك: لا، ليست الكائنات الحيَّة تنشأ تلقائيا من الجمادات فقط، بل الجمادات تَنشأ تلقائيًّا من لا شيء يعني في مثال الغرفة والعجلات، كأنَّ صاحبنا لمَّا سألناه: حسنًا، وأين العجلات والأولاد؟ قال: افترِض أنهم ينشؤون تلقائيًا، وسنسمِّي هذا الافتراض (نظريَّة العجلات الذاتيَّة) (ونظريَّة الأولاد الذاتِيِّين) فهل هذا علمٌ أم سخافةٌ؟! حسنًا، دعونا نسأل أنفسَنا: ما الذي اضطرَّهم إلى هذه السُّخف، وأَدخلهم في هذه (النظريّات)؟ ما الذي جعل وجودَ المادَّة مشكلةً؟ والضبطَ الدَّقيق في ثوابت الكون مشكلةً؟ وبدءَ الحياة على الأرض مشكلةً؟ ووجودَ الكائنات الحية المُتْقَنَة مشكلةً؟ الّذي جعل هذا كلَّه مشكلةً، هو أنهم أنكروا التَّفسير الوحيد الصحيح، العقليَّ، الفِطريَّ، المنطقيَّ، العِلميَّ: أنَّ هذا كلَّه لا بدَّ له مِن خالقٍ عندما تستثني هذا التفسير الوحيد سينهار كلُّ شيءٍ، ويصبح الوجود كلُّه مشكلةً، وتصبح بحاجةٍ إلى الهَذَيان بالجنون والتَّغابي، لحلِّ هذه المشاكل فيُسمَّى هذا السُّخف: نظريَّاتٍ كما بيَّنَّا بالتفصيل في أكثر من (25) حلقةٍ عن نظريَّة (التطوُّر الصُّدَفيِّ) كيف حدد كهنة العلم الزائف، النَّتيجة التي يريدون الوصول إليها سابقًا: أنه ليس هناك خالقٌ للكائنات الحيَّة، وراحوا في كل وادٍ يَهِيمون بعدَها، ويُعارضون العقل والعلم في سبيل إثبات أنه لا يوجد خالقٌ فـ(النشوء الذاتيّ للمادَّة)، و(الأكوان اللانهائيَّة) و(النشوء الذاتيُّ للخليَّة الحيَّة) و(التطوُّر الصُّدَفيُّ)، هذا كلُّه هذيانٌ إلحاديٌّ، يُراد منه ترقيع الفراغات التي يتركها إنكار وجود خالقٍ ما يفعله (الدَّحِّيح) وأشكالُه هو أنَّهم يأتون لواحدةٍ واحدة من هذه (الهذيانات) المضحِكة، ويتكلَّمون عنها في حلقاتٍ متباعدةٍ، ويحاولون إقناعك به كأنَّه يقول لك: دعنا الآن من نشأة المادَّة، ومن التطوُّر، ولنركّز في نقطة (الضبط الدقيق) ويحاول إقناعَك بها على حِدة: أنه ليس فيها أي دليلٍ على وجود خالق إذا اقتنعت، فسيأتيك في حلقةٍ أخرى ليُقنعك أنَّ إتقان الكائنات الحيَّة ليس فيه أي دليلٍ وفي النهاية، ستنهار من نفسك كل أدلة وجود الخالق، بخرافاتٍ واستغباء يسمُّونه (نظريَّاتٍ) إذن، فهذه أوَّل نقطةٍ: قبل أن يُدْخِلك (الدَّحِّيح) في موضوع الاحتمالات، اسألْه: المادة التي تُقيم الاحتمالات عليها، من أين جاءت؟ لاحظ كيف تجاوز (الدَّحيح) هذا السؤال الأهمَّ وأدْخَلك في متاهة الاحتمالات بكلامٍ مضلِّلٍ -كما سنرى- رقم (2): الأكوان اللانهائيَّة التي تتكلَّم عنها يا (دَّحِّيح) -غير كوننا الذي نعيش فيه- هذه الأكوان هل هي مضبوطةٌ أم غير مضبوطةٍ؟ أي متناسِقةٌ وتسير حسب ضَوَابط فيزيائيَّةٍ محدَّدةٍ؟ أم لا؟ أيضًا لا بدَّ من أن يكون الجواب واحدًا من اثنين: إمَّا أنَّها غير مضبوطةٍ؛ أي أكوانٌ عشوائيَّةٌ دون كواكب أو مجرَّاتٍ، لأن المادَّة لا تستطيع أن ترتّب نفسها أو ربمَّا هناك كواكب لكن مختلطة ببعضها ومدمَّرة دعونا نناقشْ هذا المشهد: إذا كنت جالسًا على مكتبك، وكان يرمى على المكتب من الأعلى كومةٌ من حديدٍ وأسلاك كلَّ ثانيةٍ، وأنت تُزيحها عن مكتبك وفجأةً، نزل على المكتب جهاز (آيفون) وقد حُمّلت عليه (بالإنجليزية) التطبيقات كلُّها، وهو مشحونٌ وجاهزٌ للاستخدام هل سيكون استنتاجك: أنَّ هذا الجهاز رُكِّب وشُحن ونَزَلتْ عليه (بالإنجليزية) التطبيقات بالصدفة؟ يا جماعة، الذي لا يُصدِّق هذه السخافة كيف يُصدِّق أنَّ هذا الكون -الكونَ الأعْقدَ من هذا الجهاز بما لا يُقارَن- يأتي بالصُّدْفة؟! وسنرجع -أيضًا- في هذه الحالة إلى النقطة الأولى: أنَّه -بغضِّ النظر- ما دامت تنزل عليك مادة -ولو مختلطة- فلا بُدَّ لهذه المادَّة من صانِع، فما بالك (بالإنجليزية) بالجوَّال المتقَن هذا الاحتمال الأوَّل يا (دَّحِّيح): أنَّ الأكوان التي تتكلَّم عنها غير مضبوطةٍ الاحتمال الثاني: أنَّها مضبوطةٌ ومُتناسقةٌ لكن بثوابت فيزيائيَّةٍ مختلفةٍ عن كوننا، بما لم يسمح بوجود الحياة في هذه الأكوان الأخرى حسنًا، لو رأيتَ سيَّارةً تَصلُح لركوب الإنسان، ومليارات المليارات من المَرْكبَاتِ الأخرى المتناسِقة، التي أجزاؤها متكامِلةٌ، لكن لا تَصْلُح لركوب الإنسان، هل سيكون الاستنتاج: أنَّ هذه السيارة والَمركْبَات كلَّها جاءت بالصُّدْفة؟! أم أنَّ وراءَها صانعًا عليمًا؟ إذا كانت هناك أكوانٌ لانهائيَّةٌ متناسقةٌ، فهذا معناه: عددٌ لانهائيٌّ من الأدلَّة على وجود إلهٍ متقِنٍ، حكيمٍ، قديرٍ، عليمٍ تعالوا الآن للنقطة الثَّالثة: (الدَّحِّيح) يكرِّر كلمة (ثوابت فيزيائيَّة) هل هناك -أصلًا- شيءٌ اسمه (ثوابت فيزيائيَّة) دون وجود خالق؟! يعني حتى لو تجاوزنا أنَّ العدم لا يخلُق المادَّة هل العدم -اللاشيء- سيجعل المادَّة أيضًا تسير بانتظامٍ دون اضطراب؟ مِنْ أكثر طرائف الملحدين حمقًا: أنَّهم يجعلون النظام -الدَّالَّ على وجود إلهٍ منظِّمٍ- بديلًا عن وجود الله تصوَّر لو أنَّكَ كنتَ كلَّ يومٍ تضع دينارًا على مكتبك أوَّل يوم دينارًا، وثاني يوم دينارًا، وهكذا... وبعد (10) أيام، جاء شخصٌ وقال: - هذه الأموال لم يضعها أحدٌ - لماذا؟! يجيبُك: أنا عرفتُ كيف جاءت هذه الأموال؛ كلَّ يومٍ دينارٌ، وبالتالي، فالّذي أوْجدَها هو قانون: (كلَّ يومٍ دينارٌ) هل هذا الرجل، عالمٌ أم محتالٌ؟! القوانين -يا إخواننا- ما هي إلا محاولاتٌ لوصف بعض الظواهر التي تحدث بانتظام، وليست هي فاعلًا الضوء ليس هو الذي يختار أن يسير بسرعة (300,000) كيلو مترٍ في الثانية، ولا قانون سرعة الضوء هو الذي يجعل الضوء يسير بهذه السرعة كلمة (قانون) هي وصفٌ، وليست فاعلًا مريدًا مختارًا يعلم ما يفعل، ويفعله بانتظام عندما يسير الضوء بسرعة ثابتة، فلا بدَّ -عقلًا- مِن فاعلٍ هو الذي جعله يسير بهذه السرعة، وبانتظام أنا عندما أضرِب على لوحة المفاتيح بسرعة (100) كلمةٍ في الدقيقة، فأكتب قصيدةً، تصوَّر أن يأتي أحدٌ فينظر إلى القصيدة، ثم يقول: هذه القصيدة لم يكتبها أحدٌ إذَن، كيف جاءت؟ يجيبك: كتبها قانون "(100) كلمةٍ في الدقيقة" هذا التغابي والسُّخف هو الذي مارسَه الفيزيائيُّ الجاحِد بالله (ستيفن هوكينغ) صاحب خرافة (بالإنجليزية): الأكوان المتعدِّدة التي يروِّج لها (الدَّحِّيح) هوكينغ قال في كتابه (التصميم العظيم): "لأنَّ هناك قانون الجاذبيَّة فإنَّ الكون يمكنه، بل وسوف يَخْلُق نفسه من لا شيء" مجرَّد وجود القانون -يا إخواني- يعني أنَّ هناك من جعله قانونًا، نظَّم الأشياء بهذا الشكل؛ فهو دليلٌ على موجِدٍ، وليس بديلًا عن موجِدٍ قانونٌ يعني: ليس هناك شيءٌ يسير عبثيًّا في هذا الكون إذَن لاحِظ، غيرَ مسألة أنَّ (الدَّحِّيح) يتجاوز من أين جاءت المادة، فهو يوهمك وكأنَّ الكون -الذي نحن فيه- من الممكن أن يوجد في لحظةٍ عابرةٍ ضُبِطت فيها الثوابت الفيزيائيَّة الكونيَّة وانتهى الأمر استمرَّ هذا الثباتُ تلقائيًّا بفضل قانون الجاذبية، وقانون سرعة الضوء، إلى آخره... وكأنَّ القانون شخصٌ فاعلٌ وله قدراتٌ النقطة الرابعة: (الدَّحِّيح) يمارس (التَّسطِيحَ) المضحِك عندما يقيس الكون -بتعقيده الشديد- على مثال ارتفاع سوق الأوراق الماليَّة أو انخفاضها، أو الربح والخسارة هل تعرفون -يا إخواني- ما معنى انضباط الكون؟ تعالوا نأخذ أبسط شيءٍ فيه... أكثر من (90) عنصرًا طبيعيًا مُكتَشفًا في الأرض ورُتِّبت النيوترونات في كلٍّ منها -والبروتونات- في أَنْوِيَةٍ محدَّدةِ الحجم بدقَّةٍ تَجذِب إلكترونات في مداراتٍ بالأبعاد اللازمة هذه العناصر تفاعلت بقوانين كيميائيةٍ ثابتةٍ، لتعطيَ مُرَكَّباتٍ لازمةً للحياة ومرةً أخرى: هذه القوانين لا بدَّ لها من فاعلٍ، منظِمٍ، متقِنٍ جاذبيَّةٌ أرضيَّةٌ بالمقدار اللازم، بحيث لا نَسْبح في الهواء، ولا تلتصق أقدامنا بالأرض أرضٌ تدور بسرعةٍ دقيقة؛ من أجل ليل ونهارٍ يتعاقَبان للنوم والعمل بُعْدٌ دقيقٌ عن الشمس: فلا تُحرقُنا ولا نتجمَّد درجة تبخُّر الماء، كثافة الهواء، نِسَبُ العناصر في الهواء، كلُّه بما يُناسب حياتَنا آلاف المليارات من الكواكب والنجوم، تسير بسرعةٍ مناسبةٍ في مداراتٍ محدَّدَةٍ، بدقَّةٍ شديدةٍ فحتى لو تجاوزنا موضوع: (مِن أين جاءت المادَّة؟) وحتى لو تجاوزنا موضوع: (مَن وَضع الثوابت؟ ومَن ثبَّتها؟) أنت محتاج إلى أن تحسب لي على مستوى ذرَّةٍ واحدةٍ كالهيدروجين، ما احتمال أن يكون حجم نواة الهيدروجين ما هو عليه؟ لا أصغر ولا أكبر؟ ما احتمال أن يكون الإلكترون بهذا البُعد عن النواة؟ ليس أصغر بـ(1) أو (2) أنجستروم أو جزءٍ من أنجستروم "angstrom" ولا أكبر بجزء أو جزئين أو مليون إلى ما لا حصر له من الاحتمالات المتاحة في مداراتٍ ثلاثيَّة الأبعاد؟ ما معنى هذه الأبعاد والعلاقات المتناسِبة والتي هيَّأت الهيدروجين للتفاعلات، ولمكانِه المناسب في تركيب الموادِّ للكائنات الحيَّة؟ وانظر إلى الكربون "Carbon"، وإلى النتروجين "Nitrogen"، وإلى باقي العناصر هذا ونحن نتكلَّم عن أبسط الوحدات المكوِّنة للمادَّة؛ أي أن ذرَّةٌ واحدةٌ، ليس هناك أيُّ احتماليَّةٍ معتَبَرةٍ لتَرَتُّبِ جسيماتها بهذا الشكل عشوائيًّا ويأتي (الدَّحِّيح) ليقيس لك -ليس الذرَّة الواحدة- بل الكونَ كلَّه -بما فيه- على الافتراضات الثنائيَّة: خاسر ورابح، ووجها العُملة وجاء ليقنعك أنَّ هناك رقمًا يمكن افتراضه (1/10) قوَّة كذا وما دام أنَّ هناك رقمًا، فهناك احتمالٌ هل هذا غباء أم علمٌ -يا شباب؟! النقطة الخامسة: هل افتراض (بالإنجليزية) أكوان متعدِّدةٍ علمٌ تجريبيٌّ (بالإنجليزية)؟ هل الأكوان اللانهائيَّة الصُّدَفيَّة التلقائيَّة هذه هي علمٌ تجريبيٌّ مرصودٌ محسوسٌ مُشاهَدٌ، أو آثاره مُشاهَدة؟ هل يمكن أن تجيبونا يا جماعة الأكوان المتعدِّدة؟ هل يمكن أن تجيبونا: مم تألفت هذه الأكوان؟ ما نوع ذرَّاتها؟ ما عدد عناصرها؟ ما القوانين التي تَصِف نظامها؟ الذرَّاتُ تحتاج إلى ثوابتَ فيزيائيَّةٍ دقيقةٍ جدًّا تربط نيوتروناتها ببروتوناتها وإلكتروناتها وتلاعبٌ بسيطٌ بالعلاقة بين هذه الجسيمات يعطينا انفجارًا نوويًّا هل هذه الضوابط هي نفسُها محفوظةٌ في الأكوان الأخرى؟ وكيف تكون هي نفسُها؟ طيّب، إذا كانت غير محفوظةٍ، فما هي الثوابت البديلة في هذه الأكوان؟ هذه الأكوان، لماذا لا يصطدم بعضها ببعض؟ ولماذا لم تدمِّر كوننا بما أنَّها لانهائيَّةٌ؟ أليست الأكوان تتمدَّد؟ وإذا كانت تتمدَّد لماذا لا يصطدم بعضها ببعض وبكوننا؟ أم ستقولون: أنّ هناك فراغًا ضخمًا جدًا جدًا حسنًا، من أين جاء هذا الفراغ؟ يعني هذا المكان؟ هل (أكوانكم المتعدِّدة) تُجيب عن أيٍّ من هذه الأسئلة؟ إذَن، هل هي علم تجريبيٌّ، مرصودٌ، محسوسٌ، مشاهَدٌ، أو آثار مشاهَدة؟ أم هو ردٌّ غبيّ -من شخصٍ مُحرَج- على سؤال: فمَن أَوجدَ الكَون إن لم يكن الخالق؟! المُحرج يقول لك: أكوان متعدِّدة وكفى وكأنَّنا نتكلَّم عن بعض الفقاعاتٍ الصابونيَّةٍ انتبهوا -يا إخواننا- نحن لا ننكر إمكانيَّة أن يكون هناك أكوانٌ أخرى كثيرةٌ ممكن نعم، وممكن لا إنَّما الذي ننكِره هو: افتراض وجودِها صدفةً لتفسير ظاهرة (الضبط الدقيق) سيعترِض معترِضٌ ويقول: حسنًا، ألستم أيضًا تَدَّعُون وجود إلهٍ مع أنَّه غير مرصودٍ بالعلم التجريبيّ؟ أجيبك: نحن لم نحصر تعريف العلم بالعلم التجريبيِّ كما تفعلون؛ بل العلم يَنْتُج عن العقل، والفطرة، والخبر الصادق، والحسّ، والتجريب، وهذه كلها تُنْتِج العلم التجريبيّ وتُنْتِج كذلك اليقينَ بوجود غيبيَّات غير محسوسةٍ كما بيَّنَّا -بالتفصيل- في حلقة: (المخطوف) فعقلًا: لا بدَّ لسلسلة الأسباب أن تنتهيَ إلى سببٍ أوَّل، وأن يكون هذا السبب الأوَّل غير معتمِد على شيءٍ في وجوده، ولا تنطبق عليه قوانينُ المادَّة، فلا نستطيع أن نشتَرِطَ رصدَه بالعلم التجريبيِّ وإلَّا دخلنا في التسلسل إلى ما لا بداية وهذا مستحيلٌ عقلًا، كما بيَّنَّا في حلقة: (لماذا لا بدَّ من خالقٍ؟) والعلم التجريبيُّ يرصد آثارَ هذا الخالق، ويدلُّ على علمهِ، وقدرتهِ، وحكمته وإذا أنْكرتَ رصْد الآثار، فإنَّك تُنكر العلم التجريبيَّ نفسه فالمسألة ليست أنَّ التَّصديق بخالقٍ واحدٍ أسهل من التَّصديق بأكوان لا نهائيَّة، المسألة ليست مسألة سهولةٍ المسألة: عقلٌ مقابل اللاعقل، علمٌ مقابل السُّخف النقطة السادسة: (الدَّحِّيح) يقول كلامًا هُلاميًّا عن نقطةٍ غير محدَّدةٍ مثل كلامه عن (بالإنجليزية) التوزيع الطبيعيّ في مقابل (بالإنجليزية) توزيع (كوشي) يقول لك (الدَّحِّيح): "الذي كان يحصل لي مرَّةً كلَّ (3.5) مليون مرَّة بافتراض التوزيع الطبيعيِّ سيحصل لي مرَّةً في (16) بافتراض توزيع كوشي" ما هو هذا الذي كان يحصل؟ عن أيِّ نقطةٍ تتكلَّم يا (دَّحِّيح)؟ طبعًا أنا كأستاذٍ مشاركٍ أتعامل باستمرارٍ بالإحصائيَّات والمنحنيات، وأنشر عنها في أوراقي العلميَّة: أَعْلَم أنَّ كلام (الدَّحِّيح) هو قصٌّ ولصقٌ في الهواء واستخدامُ مصطلحاتٍ للإبهار فقط لا غير محلُّ الشاهد أنَّ الدَّحِّيح يقول في النهاية: "طبعا أنت لم تفهم شيئًا، المهم أنَّ ..." ثم يعطيك قاعدةً عامَّةً... ولكي يُعْطِي مصداقيَّةً لكلامه، فإنه يتكلَّم بالأجنبية يعني أنَّه إنسانٌ مثقَّفٌ، ويقرأ العلم من أُصولِه ويَذْكر لك أسماء علماء أجانب، وانتهى الأمر: (إِن كان قالها ريتشارد أو جون، فقد صَدَق) أنت لم تفهم شيئًا، لكن (الأجنبيَّ) قال... فأجِّر عقلك لهذا (الأجنبيِّ) لأنَّك -عزيزي المتابع العربيُّ- بهيمةٌ، والأجانب هم الذين يفهمون! الإنسان المهزوم نفسيًا المستَعِرُّ من دينه وأمَّته، يصبح لأيّ كلمةٍ أجنبيةٍ بريقٌ عنده انتبهوا -يا شباب- ليس السُّخف المتعلِّق بالأكوان المتعدِّدة ولا كلُّ النظريَّات الإلحاديَّة التي كان كل همِّها إنكارَ وجود الخالق، ليست هي التي صعد بها الإنسان للفضاء، ولا عَمِل بها عملياتٍ نافعةً لصحَّة الإنسان هذه النظريَّات الإلحاديَّة عديمةُ القيمة تمامًا كما بيَّنَّا مثلًا في حلقة: (هل حقًّا نظريَّة التطوُّر مفيدةٌ للبشر؟) النقطة السابعة: لكي يقنعك (الدَّحِّيح) بأنَّ الكون جاء بالصُّدْفة أتى لك بدليلٍ آخر "الكون كان من الممكن أن يكون أيَّ شيٍ لكن لأنَّنا موجودون فيه، فهذا يضع قيودًا للثوابت الكونيَّة، وليس العكس" هل تعلم ماذا يعني هذا الكلام؟ أنت تريد السفر من (القاهرة) إلى (إسطنبول) مثلًا، من أجل ذلك، ستَتَولَّد أجزاء الطائرة من عدم وتَتَركَّب، ثمَّ تَحْملك وتطير، ولن تقع على الأرض، ولن تفلت من الغلاف الجويِّ إلى الفضاء، ثمَّ ستحُط على المدرَجِ المناسب في مطار (إسطنبول) بهدوءٍ دون أن ترتطم وتتحطَّم وكلُّ هذا سيحصل بالصُّدْفة؛ لأنَّك تريد الذَّهاب إلى (إسطنبول)، وليس العكس ليس أنَّه لا بدَّ من وجود الطائرة، وحصول كل هذا عن قصدٍ حتى تتمكَّن من الذهاب إلى (إسطنبول) "الكون كان من الممكن أن يكون أيَّ شيءٍ لكن لأنَّنا موجودون فيه، هذا يضع قيودًا للثوابت الكونيَّة، وليس العكس" تعالوا -يا إخواننا- الآن نُلَملمِ الموضوع (الدَّحِّيح) يقول لك: إذا افترضتَ أنَّ وجهي العملة نفسُ الشيء، فحين ترمي العملة ستكون نِسْبَة الظهور للصورة المعيَّنة (100%) تغييرٌ بسيطٌ في الافتراضات، يؤدّي إلى تغييرٍ كبيرٍ في الاحتمالات، وبالتالي: يمكن أن يكون كونُنا جاء بالصُّدفة بتغييرٍ بسيطٍ في الافتراضات "بتغييرٍ بسيطٍ في الافتراضات يمكن لما يبدو (بالإنجليزية) فعليًّا مستحيلًا، أن يصبح شيئًا متوقَّعٌ حدوثه جدًا" تعالوا نر التغيير البسيط في الافتراضات 1- المادة أوجدت نفسها بنفسها من العدم 2- العدم صَنَع من هذه المادة بروتونات ونيوترونات وإلكترونات وجُسيمات أصغر من ذلك 3- العدم نظَّم علاقة هذه الُجسيمات الذَّريَّة ببعضها 4- العدم أوجَدَ العدد اللازم من أنواع الذَّرات، وأجرى بينها تفاعلاتٍ بقوانين ثابتة؛ لتنتُج منها المُركبَّات اللازمة 5- العدم أخرَجَ الكواكب والنجوم والمجرَّات، من هذه الذَّرات والُمركبَّات 6- العدم جعلَ كُلًّا منها يدور في فَلكِه الخاصّ 7- العدم أوجدَ الثوابت الفيزيائيَّة اللازمة في الكون، وعلى الأرض 8- العدم ثبَّت هذه الثوابت الفيزيائيَّة، ومَنَعَ تغيُّرَها 9- هذه الافتراضات الثمانية -التي ذكرناها- سنفترض مثلها أو غيرَها لعددٍ لانهائي من الأكوان، التي لا نعلمُ عنها شيئًا 10- وسنفترض أنَّ العدم منع اصطدام كونِنا بهذه الأكوان على الرغم من تمدُّد كوننا، وسيره وسط هذا العدد اللانهائيِّ من الأكوان 11- وسنفترض أنَّ العدم أوجَد المكان الذي يحصل فيه هذا كلُّه 12- وسنفترض فرضياتٍ أخرى كثيرة؛ ليُنتِجَ العدم الحياة وتنوُّعَها أترون؟ تغييرٌ بسيطٌ في الافتراضات لكي يؤدِّي إلى نتيجة: أنَّ الكون -المضبوط ضبطًا دقيقًا- جاء بالصُّدْفة هل ترون -يا شباب- المشكلة حين تتابعون أُناسًا غير أُمناء كيف يبدؤون معكم بالتَّسلية والعبث، إلى أن ينتهوا بالتشكيك في دينكم؟ وعلى كلٍّ، الحمد لله أنَّ كثيرًا من الشباب علَّق على كلام (الدَّحِّيح) بالرَّفْض والاستنكار أحببتُ في هذه الحلقة أن أُبَيَّن كيف يتعارض كلامه مع العقل والعلم؛ حتى نكون -يا إخواننا- على يقين، بأنَّه لا يمكن للعلم الحقيقي، أن يأتيَ بشيء يُصادم ديننا والحمد لله بَعْد هذا كلِّه يا شباب تذكَّروا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [القرآن:35: 41] تذكَّروا قول الله تعالى: ﴿صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [القرآن:27: 88] واعلموا ما معنى قول الله تعالى: ﴿اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [القرآن: 2: 255] القيُّوم على خلقِه، فلا يَسْتَغني عنه شيءٌ طَرفةَ عين والسَّلام عليكم ورحمة الله