وليس شرطًا أن يَدُلَّ أحدهما على صحَّة الآخر حتى نُصدِّقَ به السلام عليكم ورحمة الله ما الدَّليل العلميُّ على وجود (الملائكة)؟ سأُجيبك في نهاية الحلقة بجملةٍ واحدة لكنْ قبل ذلك سنَبني الجواب خطوةً خطوة وللَّذين لم يُتابِعوا الحلقات السَّابقة قد تحبُّون تفصيل بعض النُّقاط ولذا فسأكون معكم في بثٍّ مباشِرٍ بعد الحلقة لمزيدٍ من التّبسيط والإِيضاح وجوابِ الأسئلة بإذن الله بدايةً كنّا قد بيَّـنَّا بالتَّفصيل أنَّ العِلمَ دائرةٌ واسعة، والعلمُ الرَّصديُّ التَّجريبيُّ الساينس"science" جزءٌ من أجزاءِ هذه الدَّائرة فعندما أقولُ لك: هناك دليلٌ علميٌّ على وجود (الملائكة) فلا تقل لي: أين هم حتى أَلمِسَهُم أو أَفحَصَهُم مَخبريًّا؟ وإنَّما علينا أن ننظر: هل الإيمان (بالملائكة) يَقعُ ضمن دائرة العلم العامَّة أم لا؟ الخطوةُ الثَّانية: كنّا قد أثبتنا أَنَّ هناك عَالَمَ غيب عالمًا غير عَالَمِ الشَّهادة الذي نَشْهَدُهُ ونَرصُد ما فيه وأَنَّ مَنْ يَصِفون أنفُسهم بأنَّهم مادِّيُّون اضطُروا إلى تفسيراتٍ غيبيةٍ في النِّهاية لكنّ الفَرق أنَّها لا دليلَ عليها من عقلٍ ولا فِطرةٍ ولا حِسٍّ ولا خبر كما بيَّنَّا في حلقاتٍ كثيرة والمادِّيُّون الذين لا يتَّفقون مع هذه التفسيرات لا يجيبون عن سؤال أصلِ الكون والحياة بل يَقِفون ساكتين عاجزين وكلُّ هذا يدلُّ على أنَّه-عمليًّا-الكلُّ معترفٌ بوجود الغيب وإِنْ أنكر البعضُ بلسانه الخطوة الثَّالثة: هي تحديدُ أَيِّ الغَيبيات تدخُل في دائرة العلم هناك غيبياتٌ كثيرةٌ مُدَّعاة فعَلَينا أن نتبع منهجًا علميًا لنعلم أيُّها يقع داخل دائرة العلم، وأيها خُرافات ما فعلناه حتى الآن في هذه السِّلسلة هو أنَّنا أثبتنا-بمنهجٍ علميٍّ- أعظمَ الحقائق الغيبيّة ألا وهي وجود خالقٍ مُتَّصفٍ بصفات القدرة والعلم فعلنا ذلك من خلال منهجٍ علميٍّ مبنيٍّ على مصادر المعرفة التي للعقل دورٌ مركزيٌّ فيها والذي وظّفَ "الساينس"، في إثباتِ وجود الخالق وصفاته يأتي هنا دور مصادر المعرفة ذاتِها في إدراكِ أنَّ هذا الخالق، لا يفعل شيئًا عبثًا إما أن تُؤمِن بالعلم التجريبي وتُنكِر الغيب، وإما أن تؤمن بالغيب وتنكر العلم التجريبي بل دلَّ خَلْقُه على حكمته فلا يَترُكُ الناس مُهمَلين، بل لابُدَّ من النُّبوَّات ولا بُدَّ لحكمته أن تُمِدَّ هؤلاء الأنبياءَ بما يُبيّن صدق نُبُوَّتِهم ويُميِّزهم عن الكاذبين؛ فيؤيِّدهم بالمعجزات والحُكمُ بنبوة نبيٍّ وإعجاز معجزته، هو حكمٌ عقليّ، يوظِّف مصادر المعرفة ويصِلُ إلى هذه النَّتيجة العلميَّة في النِّهاية: أنَّ هذا النبيَّ نبيٌّ حقًّا، وأن الكتابَ الذي جاء به هو من عند خالق الكون والحياة حقًا وهي إحدى المحطَّات المهمَّة القادمة في رحلة اليقين بإذن الله الخطوة الرَّابعة: بعدما نُثبِتُ أنَّ شخصًا ما نبيُّ الخالقِ حقًا، وأن كتابًا ما، وحيُ الخالق حقًا هذا الكتاب يتضمَّن أخبارًا غيبيّةً عن عالم الغيب الَّذي لا نشهده فما الموقفُ العلميُّ من هذه الأخبار؟ الموقفُ: هو التَّسليم والقَبول، لأنَّها تكتسب حُجيّتها ومَوثوقِيَّتها من صدق الُمخبرِ بها إذن، التَّصديق بها والتَّسليم لها، لأنّها تكتسب حُجِّيَّتها وموثوقيَّتها من صدق المخبِرِ بها حسنًا، ماذا إذا تعارضت هذه الأخبار الغيبيّة مع العلم التجريبي؟ بحيث وجَدتَ نفسك في مفترق طرق والجواب: لا يمكنُ أن تتعارض فهذه الأخبار الغيبية لن تخرج في علاقتها مع العلم الرَّصديِّ التجريبيِّ عن أحد احتمالين: الاحتمال الأول: أن يكون العلم الرَّصديُّ التَّجريبيُّ دالًّا للعاقِلِ على هذه الغيبيات والاحتمال الثَّاني: ألّا يكون دالًّا ولا نافيًا هذا التَّفصيل مهمٌّ -إخواني- ويزيل كثيرًا من اللَّبْس فالبعض يقول: العلم الرَّصديُّ له علاقةٌ بالغيب، - لا، ليس له علاقة بالغيب المسألة تحتاج إلى تفصيل دقيق العلم التجريبي يدلُّ على غيبياتٍ بينما لا يدلّ، ولا ينفي غيبياتٍ أخرى وتبقى -مع ذلك- مُبَرْهَنَةً بالدَّليل العلميّ وَلْنَأخذ مثالًا على كُلٍّ من الحالتين: عندما يُخبرك الخالق بوحيٍ آمنتَ به بالأدلَّة، بالطريقة العلميَّة أنَّ بعد الموت بعثًا فإن العلم الرصديَّ يقتضي -عقلًا- قُدرة الخالق على ذلك وبهذا تفهم قول الله تعالى: وَضَرَب لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ [القرآن 36: 78-81] هذه حجَّةٌ علميَّة مبنيةٌ على مشاهدات "الساينس" الرَّصديّ أنَّ خالقًا نرى آثار قدرته وعظمته؛ سيكون خَلقُ الإنسان بعد موته أهونَ عليه من خلق السماوات والأرض التي نرصدُ عظمتها بالعلم التجريبي وأهونَ من خلق الإنسان أوَّل مرَّة ونحن نرى بالعلم التجريبي آثار العظمة في هذا الخلق للإنسان {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ} [القرآن 27:30] لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [القرآن 57:40] فهذه الحالة الأولى: أن يكون العلم التجريبي دالًّا على الغيب مُؤيِّدًا له الحالة الثانية -يا كرام- أن لا يكون الغيب ممَّا ينفيه العلم التجريبي ولا يثبته، ومثال ذلك: (الملائكة) فالعلم التجريبي بطبيعة تعريفه يعمل على عالَمِ الشَّهادة رصدًا وتجريبًا والعقل، يوظِّفه -يوظِّف العلم التجريبي- في الدّلالة دلالةً عامَّة على الخالق وصفاته -كما ذكرنا- أما أفعالُ الخالق، وما يُحدثه في عالَمِ الغيب فليس ضمن مجالِ عملِ العلم التجريبي فيبقى الدَّليل على الملائكة من المنظومة المعرفيَّة ذاتِها التي أنتجت لنا العلم التجريبي الدَّليل: هو الدَّليل العلميُّ بتعريفه الأوسع، وليس العلم التجريبي فالعلم التجريبي ووجود الملائكة، فَرعان لأصلٍ واحد بل يكفي أن يدلَّ على صحَّتهما؛ صحَّةُ الأساس الذي بُنِيَا عليه أُعيد يا إخوان: العلم التجريبي ووجود الملائكة، فَرعان لأصلٍ واحد وليس شرطًا، أن يَدلَّ أحدهما على الآخر حتَّى نُصدِّق به بل يكفي أن يدُلَّ على صحَّتهما؛ صَّحةُ الأساس الذي بُنِيا عليه وكما أنَّ من الحُمْق أن ننفيَ الملائكة بالعلم التجريبي فمن الحُمْق أن نحاول إثبات الملائكة بالعلم التجريبي فالعلاقة بينهما، ليست علاقةَ إثباتٍ ولا نفيٍ ولا تعارض وليس من العلم أن نبحث عن ظواهر لا تفسير مادِّيًّا لها، لننسِبها إلى الملائكة مثلًا وكذلك، فلن تكون منسجمًا مع نفسك ولا منطلِقًا من قواعد ثابتة عندما تستخدمُ هذه المنظومة المعرفيَّة في بناء العلم التجريبي ثم ترفُضُها، ولا تريد أن تستدلَّ بها عندما تَدُلُّ هذه المنظومة ذاتها على وجود الملائكة المنظومة المعرفيَّة هي ذاتها، مصادر المعرفة فيها هي ذاتها وهي تدُلُّكَ على الأمرين: على العلم التجريبي، وعلى صدق هذه الغيبيّات فالغيب الصَّحيح يكتسب صَّحته من إثبات صدق المُخبِرِ به إثباتًا علميًا ثم هذا الغيب -بعد ذلك- إما أنَّه مؤيَّدٌ بمشاهدات العلم الرَّصديَّ أو أنَّه لا مؤيَّدٌ بها، ولا مُعارَض لكنه مع ذلك مُثبتٌ علميًا في الحالتين وما ينطبق على الملائكة، ينطبق على الجنِّ وغيره من الغيبيات التي لا يُثبتها العلم التجريبي ولا ينفيها لكن تَثبُت بالدَّليل العلميِّ الخبريّ ولا نَقبلُ من أخبارها إلا ما صَحَّ نِسبتُه إلى الوحي فاليقين بوجود الملائكة والجنِّ، لا يعني أبدًا تصديق كلِّ ما يُنسب إليهما من أخبار بل ما تَثبت نسبته إلى الخالق وَرُسُلِهِ بالمنهجيَّة العلميَّة المتَّبعة في التحقُّق من نسبة الأخبار في المقابل، عندما لا يكون الغيب مثبتًا علميًا بهذه الطريقة فإنّك ستجدُ فيه التَّعارض مع العلم التجريبي بالفعل كدعوى أن الخالق صارعَ إنسانًا حتى كاد هذا الإنسان يَصرعُ الخالق (تعالى الله عن ذلك) هذا الخبر ليس ممَّا ثَبَتَ علميًّا إذ دلَّت أدلَّةٌ علميَّةٌ على وقوعَ التَّحريف في هذه الكتب وبالتالي فهذا الخبر الغيبيّ لا يكتسبُ موثوقيَّةً لأنه لا تصحُّ نسبته إلى الخالق، ولا إلى رُسُله فلا عجب بعد ذلك أن يعارِضَ العلم التجريبي فالكونُ والحياة دالَّان على خالقٍ مطلقِ القدرة، أعظمُ من أن يُعجزه بشر يمكن لأحد لم يُسلِّم لنا بصحَّة النبوَّات ولا الوحي، أن يقول: حسنًا، ماذا أستفيد أنا من كلامك هذا كلِّه؟ أقولُ لك: تستفيدُ أنَّك عندما تعترض على شيء، تعرفُ كيف تعترضُ بأسلوبٍ علميٍّ حتى يكونَ نقاشُنا علميًا فتستحي من نفسك أن تقول: لا وجود للملائكة، لأنه لا دليل عليهم من الساينس لأنَّك بهذا، تمارس مُغالطةَ افتراضِ أنَّ القائلين بوجودهم يقرُّون لك بأن العلم محصورٌ في العلم التجريبي وهذا جهل بل إما أن تقول: أثبِتْ لي أنَّ العلم ليس محصورًا في العلم التجريبي وهذا ما فعلناه في الحلقات الماضية وإما أن تقول: أنا لا أُسَلِّم لك بأنَّ هذا الوحي من عند الخالق أو لا أُسَلِّم لك بوجود الخالق أصلًا فأقول لك حينئذٍ: إذن عرفنا أين موضع الخلاف فتعالَ نرجِعْ خطوةً إلى الوراء، ونناقشْ هذه المقدِّمات الخالقَ والوحيَ والنبوءات لكنْ عيب أن تقول لي: هات دليلا من العلم التجريبي على (الملائكة) وكأنَّك تقول: قِس لي وزن شيءٍ باستخدام المِسطرة عندما تكلَّمت عن بُطلان خرافة (الأكوان الصُّدَفية الَّلانهائية) ردَّ أحدهم بمقالٍ مطوَّل هو مجموعة من المغالطات إحداها قوله: "لو رجعت لتعريف الطريقة العلميَّة، فستجد الإيمان بالغيب يتعارض (180) درجة مع العلم لأنّ العلم يحتاج أدلَّة تجريبية تُدرك بالحسّ حاول أن ثبت وجود الملائكة أو الجنّ أو الرُّوح أو الجنة أو البعث والنشور بالعلم التجريبي مستحيل، والذين يحاولون تفسير الدين بالعلم والعلم بالدين معركتهم خاسرة دائما أظنّكم الآن -يا كرام- تدركون كَمَّ الجهالات المتراكبة في هذين السَّطرين فهو افترضَ أنّ العلم يساوي العلم التَّجريبيَّ فقط وأنّ العلم التَّجريبيَّ يساوي الحسَّ فقط وبما أنّ الملائكة والجِنّ والبعث لا تُدرَك بالحسّ إذن، فهي ليست من العلم ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ﴾ [القرآن 39:10] وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ [القرآن 40:24] أخرَجُوا هذه الحقائق من دائرة العلم فلم تُحِط دائرة العلم التجريبي بها فكذَّبوا بها أو اعتبروها معارِضةً للعلم طرحٌ ناتجٌ عن هزيمةٍ نفسيَّة أمام الأمم الغالبة فيُسلِّم أحدُهم بتعريف هذه الأمم للعلم التَّعريفِ النَّاتج عن قرونٍ من الصِّراع مع دينٍ محرَّف، وغيبيَّاتٍ مُفتراه ثم يعود هذا ليُسَلِّط هذا التعريف المشوَّه على ديننا طرحٌ ناتٌج عن ضياع المنظومة المعرفيَّة تمامًا ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وهذا نموذجٌ -إخواني- يُريكم صعوبة الرَّدِّ على المقولات التي ليس لها أيُّ أساسٍ علميّ لأنّ أحدهم يقول في سطرين ما يحتاج حلقاتٍ لتَفنِيدِه إذ تحتاج إلى أن تبني المنهجيَّة العلميَّة أوَّلًا، ثم تفكِّك عباراته، وتُبيِّن ما تضَمَّنَته من جهالات ومع ذلك، ترى المتابعين -المساكين- لهؤلاء يصفِّقون بذكاءٍ شديدٍ مُعجَبين بهذا الكلام العلميّ قارن هذه التشوُّش، والتَّخبُّط مع منهجيَّةٍ تضعُ كلَّ شيءٍ في مكانه وتُكامِلُ بين مصادر المعرفة ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [القرآن 6:34] هذا عدا عن أنَّنا كنَّا قد أثبتنا لكم أنه لا وجود للعلم التجريبي أصلًا لولا مصادر المعرفةِ المُستَندةُ كُلُّها إلى الإيمان (بالخلق) وهي أعظم حقائق الغيب فكيف يكون الإيمان بالغيب بعد ذلك مخالفًا (180) درجة للعلم التجريبي؟! انظر بعد ذلك إلى حال الَّذين رفضوا هذه المنهجيَّة المتسلسلة كيف رفضوا الأخبار الغيبيَّة التي دلّت الأدلة على صدق مصدرها مع أنّها جاءت إلينا من طريق رُسُلٍ كاملين في أخلاقهم، وأماناتهم فانتهى الأمر بهؤلاء الرَّافضين، إلى أنْ يَقبلوا بتخاريفِ أناسٍ يُبرِّرون زنا المحارم ويُطردون من عملهم بعد التَّحرُّش بالنِّساء كـ(لورانس) كراوس "Lawrence Krauss" الذي ألَّفَ كتاب (كَوْنٌ من لا شيء) وأناسٍ يُبررون الخيانةَ الزَّوجية كـ(دوكينز) "Dawkins" الذي ألَّفَ كتاب (وهمُ الإله) والذي قال للناس: بدايةُ الحياة على الأرض، بذرةٌ بذرتها كائناتٌ فضائيَّة انظر إليهم وهم يتركون أخبار العُدول الثِّقات إلى تخاريف أمثال هؤلاء ﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ [القرآن 50:18] ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ﴾ [القرآن 69:40] انظر إلى أيِّ نهايةٍ ينتهون وكيف يُطمس على بصائرهم وعقولهم فهم في طغيانهم يعمهون الآن، وفي سطرٍ واحد: ما الدليل العلميُّ على وجود (الملائكة)؟ الدليل: هو إخبار الوحي والذي دَلَّ على صدقِهِ مصادرُ المعرفة التي لا قيامَ للعلم -ومنه العلم الرصديُّ التَّجريبيُّ- إلا بها وخِتامًا يا كرام البراهين والحُجَج العقليَّة والتَّأصيل العلميّ، لنْ ينفع إلَّا إذا كنَّا نخاطب أُناسًا طلابَ حقّ، مستعدِّين للتَّواضع له شاء اللهُ أن يحجُبَ عنَّا غيوبًا فيُؤمن بها مَن سَلِمت نفوسهم ويُعرض عنها المستكبرون يؤمنُ من يؤمنُ عن اختيارٍ مبنيٍّ على العقل ولو شاء الله لأظهر غُيوبه وخَوَّفَ عبادهُ أجمعين فَأخْضَعَهُم للإيمان به لكنْ، على ماذا الجزاء بالسَّعادة الأبديَّة بعد ذلك؟ وهو سبحانه يُحبُّ من عباده خُضوعَ القلوبِ، لا القوالب فحسب ولو أَظْهَرَ غُيوبه لَحَرَم الخيِّرين من عبادِهِ من هذا المقام الإيمانيِّ الرَّفيع بالغيب؛ لأجل المُتَعنِّتين اقرأ بعد ذلك قول الله تعالى: ﴿طسم ﴿١﴾ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٣﴾ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴿٤﴾ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ﴿٥﴾ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٦﴾ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴿٧﴾ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٩﴾﴾ [القرآن 26 : 1-9 ] هو سبحانه أعزُّ من أن يجعل أدلَّته كما يشترطُ المستكبرون لكنَّه في الوقت ذاته رحيم، ومن رحمته أن بثَّ في الكون الأدلَّة الكافية الشَّافية لمن أراد الحقّ ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [القرآن 9:26] والسلام عليكم ورحمة الله