مرحبا بكم معشر الصائمين والصائمات وحياكم الله في لقاء متجدد نستكمل فيه ما تقدم ذكره من الاصناف الذين يحل لهم الفطر في رمضان فقد جرى الحديث عن حكم المسافر والمريض وبقي الكلام عن صنفين وهما الصنف الثالث الحائض والنفساء لا يحرم على الحائض ومثلها النفساء الصيام. ولا يصح منهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم في النساء ما رأيت من ناقصات عقل ودين اذهب للب الرجل الحازم من احداكن قلنا وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال اليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلنا بلى. قال فذلك نقصان عقلها اليس اذا حاضت لم تصلي ولم تصم؟ قلنا بلى قال فذلك من نقصان دينها متفق عليه واذا ظهر الحيض منها وهي صائمة ولو قبل الغروب بلحظة بطل صوم يومها ولزمها قضاؤه الا ان يكون صومها تطوعا فقضاؤه تطوع لا واجب واذا طهرت من الحيض في اثناء رمضان لم يصح صومها بقية اليوم لوجود ما ينافي الصيام في حقها في اول النهار وهل يلزمها الامساك بقية اليوم؟ فيه خلاف بين العلماء سبق ذكره في المسافر والمريض والراجح انه لا يلزمها امساك واذا طهرت في الليل في رمضان ولو قبل الفجر بلحظة وجب عليها الصوم واذا طهرت في الليل في رمضان ولو قبل الفجر بلحظة وجب عليها الصوم لانها من اهل الصيام فيجب عليها الصيام ويصح صومها حينئذ وان لم تغتسل الا بعد طلوع الفجر. كالجنب اذا صام ولم يغتسل الا بعد طلوع الفجر فانه يصح صومه. لقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من جماع غير احتلام. ثم يصوم في رمضان متفق عليه. ويجب عليه قضى بعدد الايام التي فاتتها. لقوله تعالى فعدة من ايام اخر وسئلت عائشة رضي الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. رواه مسلم واما الصنف الرابع الحامل والمرضع فان المرأة اذا كانت مرضعا او حاملا وخافت على نفسها او على الولد من الصوم فانها تفطر حديثي انس بن مالك الكعبي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم او قال الصيام اخرجه الخمسة وقد اختلف الفقهاء في الحامل والمرضع فقيل عليهما الاطعام فقط وقيل ان خافتا على نفسيهما او على نفسيهما والولد فعليهما القضاء فقط وان خافتا على الولد فعليهما القضاء والإطعام وقيل وهو الراجح عليهما القضاء فقط على كل حال وبهذا يتبين ان الشريعة الاسلامية مبنية على التخفيف ورفع الحرج ومراعاة احوال المتعبدين. كما قال على ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج. وقال قوة اشتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج. كما قال في ايات الصيام يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولله الحمد اولا واخرا وكل من لزمه القضاء من الاصناف السابقة فانه يقضي بعدد الايام التي افطر لقوله تعالى فعدة من ايام اخر فان افطر جميع الشهر لزمه جميع ايامه فان كان الشهر ثلاثين يوما لزمه ثلاثون يوما وان كان تسعة وعشرين يوما لزمه تسعة وعشرون يوما فقط والاولى المبادرة بالقضاء. من حين زوال العذر لانه اسبقوا الى الخير واسرعوا في ابراء الذمة ويجوز تأخيره الى ان يكون بينه وبين رمضان الثاني بعدد الايام التي عليه. لقوله تعالى فعدة من ولا يلزم ان يكون القضاء متتابعا فان من الاية للتبعيد فتصدق على اوله واخره متتابعة او متفرقة غير ان الزوجة لا تصوم وزوجها حاضر الا باذنه في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل للمرأة ان تصوم وزوجها شاهد الا باذنه. رواه البخاري اللهم الا الا يبقى على رمضان الثاني الا عدد الايام التي افطرت. فلا يلزم اذنه حينئذ ولا يحل له منعها ولا يجوز تأخير القضاء الى ما بعد رمضان الثاني بدون عذر. لقول عائشة رضي الله عنها كان يكون علي الصوم من رمضان فما استطيع ان اقضيه الا في شعبان. متفق عليه ولان تأخيره الى رمضان الثاني يوجب ان يتراكم عليه الصوم وربما يعجز عنه او يموت ولان الصوم عبادة متكررة. فلم يجز تأخير الاولى الى وقت الثانية كالصلاة فان استمر به العذر حتى مات فلا شيء عليه. لان الله سبحانه اوجب عليه عدة من ايام اخر ولم يتمكن منها فسقطت عن كمن مات قبل دخول شهر رمضان لا يلزمه صومه. فان تمكن من القضاء ففرط فيه حتى مات صام عنه وليه جميع الايام التي تمكن من قضائها لقوله صلى الله عليه وسلم من مات وعليه صيام صام عنه وليه متفق عليه ووليه وارثه او قريبه ويجوز ان يصوم عنه جماعة بعدد الايام التي عليه في يوم واحد قال البخاري رحمه الله قال الحسن ان صام عنه ثلاثون رجلا يوما واحدا جاز فان لم يكن له ولي او كان له ولي لا يريد الصوم عنه اطعم من تركته عن كل يوم مسكين في عدد الايام التي تمكن من قضائها لكل مسكين مدبر وهو قدر ما يملأ كفي الرجل المعتدل الخلقة ووزنه بالبر الجيد نصف كيلو وعشرة جرامات ومن امكنه القضاء فلم يقضي حتى دخل عليه رمضان اخر واطعم عن كل يوم مسكينا. لان ذلك يروى عن ابن عمر وابن عباس وابي هريرة. رضي الله عنهم ويجوز لمن عليه قضاء ان يصوم تطوعا اللهم الا الستة من شوال لما رواه ابو ايوب مرفوعا من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم فان الاجر المذكور مرتب على ايقاع الست بعد رمضان لقوله ثم اتبعه والله اعلم وله ان يقضي في ايام فاضلة. كعشر ذي الحجة او شهر الله المحرم او الاثنين والخميس. او يتحرى ايام البيض من فقد كان عمر رضي الله عنه يستحب القضاء في عشر ذي الحجة ولابد في القضاء وفي كل صوم واجب. من نية من الليل تستوعب جميع اجزاء النهار لما روت حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام رواه ابو داود وفي اي وقت من الليل نوى اجزاءه وذهب بعض اهل العلم الى ان صوم رمضان خاصة تكفيه نية واحدة في اوله لجميعه ما لم يوجد مبيح للفطر اثناء الشهر من سفر او مرض او حيض عينوا استئناف النية لاستئناف الصوم واما صوم النفل المطلق فيصح بنية من اثناء النهار. ما لم يطعم ويؤجر من حين نيته في حديث عائشة ام المؤمنين قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلنا لا. قال فاني اذا صائم. رواه مسلم تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال. وهدانا واياكم سبل السلام والحمد لله رب العالمين