وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات ما بينهن. اذا اجتنبت الكبائر معشر المؤمنين والمؤمنات الصائمين والصائمات الصابرين والصابرات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. واسعد الله اوقاتكم بالمسرات تحدثنا في الحلقات السابقة عن جملة من احكام الصيام اداء وقضاء ولعلنا في هذه الحلقة نضمخ الاجواء بنشر عبق من الذكر الحكيم وبشارات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في بيان جملة من فضائل الصيام وثوابه لتخف النفوس اليه وتهفو القلوب الى عظيم ثوابه فاليكم عشر فضائل عظيمة من فضائله الاولى انه من امهات العبادات التي شرعها الله في جميع الرسالات قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ولولا انه عبادة عظيمة لا غنى للخلق عن التعبد بها لله. وعما يترتب عليها من ثواب ما فرضه الله على جميع الامم فضيلة الثانية انه سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه يعني ايمانا بالله ورضا بفرضية الصوم عليه واحتسابا لثوابه واجره لم يكن كارها لفرضه ولا كان في ثوابه واجره فان الله يغفر له ما تقدم من ذنبه سائل الفضيلة الثالثة ان ثوابه لا يتقيد بعدد معين بل يعطى الصائم اجره بغير حساب وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي وانا اجزي به والصيام جنة. فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب. فان سابه احد او قاتله فليقل قل اني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما. اذا افطر فرح بفطره واذا لقي ربه فرح بصومه وفي رواية لمسلم كل عمل ابن ادم له يضاعف الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف. قال الله تعالى ان الصوم انه لي وانا اجزي به. يدع شهوته وطعامه من اجلي فاضاف الله الجزاء الى نفسه الكريمة لان الاعمال الصالحة يضاعف اجرها بالعدد الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة اما الصوم فان الله اضاف الجزاء عليه الى نفسه من غير اعتبار عدد وهو سبحانه اكرم الاكرمين. واجود الاجودين. والعطية بقدر معطيها. فيكون اجر الصائم عظيما كثيرا بلا حساب الشعب اما الفضيلة الرابعة فهو ان الله تعالى اختص لنفسه الصوم من بين سائر الاعمال كما في الحديث السابق الا الصيام فانه لي وذلك لشرفه عنده ومحبته له وظهور الاخلاص له سبحانه فيه لانه سر بين العبد وربه لا يطلع عليه الا الله. فان الصائم يكون في الموضع الخالي من الناس متمكنا من تناول ما حرم الله عليه فلا يتناوله لانه يعلم ان له ربا يطلع عليه في خلوته وقد حرم عليه ذلك فيتركه لله خوفا من عقابه ورغبة في ثوابه فمن اجل ذلك شكر الله له هذا الاخلاص واختص صيامه لنفسه من بين سائر اعماله ولهذا قال يدع شهوته وطعامه من اجلي وتظهر فائدة هذا الاختصاص يوم القيامة كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله اذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله. حتى اذا لم يبقى الا الصوم يتحمل الله عنه ما بقي من المظالم ويدخله الجنة بالصوم الفضيلة الخامسة ان الصيام جمع انواع الصبر الثلاثة الصبر على طاعة الله والصبر عن محارم الله والصبر على اقدار الله المؤلمة من الجوع والعطش وضعف البدن والنفس فقد اجتمعت فيه هذه الانواع الثلاثة وتحقق ان يكون الصائم من الصابرين وقد قال الله تعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب فضيلة السادسة ان الصوم جنة كما تقدم في الحديث اي وقاية وستر يقي الصائم من اللغو والرفث ولذلك قال فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب ويقيه ايضا من النار كما روى الامام احمد باسناد حسن عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الصيام جنة يستجن بها العبد من النار الفضيلة السابعة ان خلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك كما تقدم في الحديث لانها من اثار الصيام. فكانت طيبة عند الله سبحانه ومحبوبة له وهذا دليل على عظيم شأن الصيام عند الله حتى ان الشيء المكروه المستخبث عند الناس يكون محبوبا عند الله وطيبا لكونه نشأ عن طاعته بالصيام واما الفضيلة الثامنة وهو ان للصائم فرحتين فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه اما فرحه عند فطره فيفرح بما انعم الله عليه من القيام بعبادة الصيام الذي هو من افضل الاعمال الصالحة. وكم اناس حرموه فلم يصوموا ويفرح بما اباح الله له من الطعام والشراب والنكاح الذي كان محرما عليه حال الصوم واما فرحه عند لقاء ربه فيفرح بصومه حين يجد جزاءه عند الله تعالى موفرا كاملا في وقت هو احوج ما يكون اليه حين يقال اين الصائمون؟ ليدخلوا الجنة من باب الريان الذي لا يدخله احد خيرهم الفضيلة التاسعة انه يشفع لصاحبه يوم القيامة. فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة. يقول الصيام اي ربي منعته الطعام والشهوة فشفعني ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال فيشفعان. رواه احمد غروة ان يكون الاقتران بين الصيام والقرآن كما ذكر الله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان واما الفضيلة العاشرة وبها نختم فالفوز بالجنة والنجاة من النار احسن الله لنا ولكم الختام. لما ورد في حديث ابي سعيد رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من صلى قام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا رواه البخاري وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من انفق زوجين في سبيل الله نودي من ابواب بالجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من اهل الصلاة دعي من باب الصلاة. ومن كان من اهل الجهاد دعي من باب الجهاد. ومن كان من اهل الصيام دعي من باب الريان. ومن كان من اهل الصدقة دعي من باب الصدقة. فقال ابو بكر رضي الله عنه بابي انت وامي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الابواب من ضرورة فهل يدعى احد من تلك الابواب كلها؟ قال نعم. وارجو ان تكون منهم اللهم احفظ صيامنا واجعله شافعا لنا وتقبله منا. واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وصلى الله على نبينا يا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين