يا رب العالمين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب قص الله القصص للاعتبار وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك ورجل اراد الله ان يخرجه من قصر الترف الى مكان العمل والكد يكسب به كريم العيش بنفسه رجل اراد الله ان يعده لتلقي النبوة برعاية الغنم عشر سنين. تمهيدا لرعاية البشر ورجل اعزب اراد الله ان يزوجه من امرأة صالحة لكنها في مكان بعيد فقدر قدرا ليخرج هذا العبد من ذلك المكان الى تلك البلد ليتزوجا تلك المرأة المعينة التي قدرها الله موسى عليه السلام قربه الله نجيا وكلمه تكليما وكان عند الله وجيها. ذكره الله في اكثر من مائة وثلاثين موضعا من كتاب طيب في قصص مفصلة ومختصرة متنوعة فيها العجب العجاب سيرة عطرة قدر الله على ذلك النبي الذي نشأ في قصر الترفيه ان يخرج منه بعدما قتل القبطية خائفا يترقب بعد نصيحة تلقاها من مشفق يقول له ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين يذهب الى مكان لا يعرفه مسبقا ليس معه دابة ولا متاع لانه خرج خائفا مسرعا بعد تلقي النصيحة ولكنه دعا بدعوتين ربي نجني من القوم الظالمين ولما توجه تلقاء مدينة قال عسى ربي ان يهديني سواء السبيل. لانه لم يكن يعرف ذلك السبيل فهداه الله سبيلا واي سبيل وصل موسى عليه السلام الى مدين منهكا متعبا جائعا بعد ان يسر الله له ذلك الطريق وورد على البئر اول ما ورد فشاهد مشهدا عجيبا لم يكن العجيب ان يرى مجموعة من الرعاة مع اغنامهم يسقون تلك الغنم من تلك البئر فهذا امر عادي لكن العجيب ان يجد من دونهم امرأتين تذودان لا تختلطان بالرجال وتبعدان الغنم حتى لا تختلط باغنام الرعاة رأى امرأتين حييتين محجبتين بعيدتين عن الرجال تجتهدان في ذلك الابتعاد ما الامر ان روح الشهامة لتستيقظ في المواقف وموسى حيي ايضا علمنا كيف نخاطب المرأة الاجنبية عند الحاجة بالكلام بالكلام القصير الذي لا يتعدى الحاجة كلمة واحدة قال ما خطبكما والمرأتان على هذا الحياء ايضا فاجابتا بتلك الكلمات المعدودات قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير لا يمكن ان نختلط بالرجال لا يمكن ان نبدأ بعملنا حتى يبتعد الرجال الاجانب وهذا معنى كلمة يصدر يبتعد الرعاء وما خرجنا حبا في الخروج ولا ارادة لاثبات الجدارة بين الرجال كما يقول الشياطين وانما كان الخروج للحاجة فابونا شيخ كبير لا يستطيع سقي الغنم وهذا عيشهم اذا فلا بد من الخروج فلذلك خرجتا وكانت تلك الكلمات كافية في شرح كل القضية. لماذا تقفان في هذا المكان فما كان من موسى عليه السلام وهو الرجل الشهم الا ان يتقدم لبذل المعروف وسقي الغنم وكان لعمر رضي الله عنه اهتمام خاص بهذه القصة ولذلك ورد عنه في مصنف ابن ابي شيبة الروايات منها ان هذا البئر كان عليه صخرة عظيمة لا يحملها الا عشرة من الرجال فلما سقى الرعاء وضعوا الصخرة ومضوا فحملها موسى عليه السلام وحده وسقى الغنم كلها وحده حتى رويت ولم يطلب شيئا ولم يشترط لا من قبل ولا من بعد ولم ينتظر كلمة شكر وانما تولى مباشرة بعد العمل فسقى لهما ثم تولى الى الظل لقد قام بذلك العمل في وسط النهار تحت الشمس المحرقة فلما قضى عمله تولى الى الظل منهكا متعبا جائعا سقط نعلاه فلم يكن له نعلان كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه ليجلس في الظل متعبا يكاد ظهره يلتصق ببطنه من شدة الجوع. وترى خضرة البقل من جوفه لانه لم يكن له في خروج وسفره من طعام الا ورق الشجر صفوة الله من خلقه نبيه يجلس جائعا منهكا متعبا في الظل محتاجا الى نصف تمرة الى شق تمرة من شدة الجوع والتعب الذي انهكه بعد السفر وبعد السقي فما كان منه الا ان يرفع يديه شاكيا حاله الى ربه مناديا له بالربوبية. والرب يربي عباده ويصلح من يربيهم ويقوم عليهم ويوصل مصالحهم اليهم ربي اني لما انزلت الي وهذا السؤال بالحال المغني عن المقال. فقال ربي اني لما انزلت الي من خير فقير محتاج الى خيرك يا رب من خير نكرة في سياق السؤال تفيد العموم اي نوع من الخير طعام شراب مأمن مأوى ثياب من خير فقير محتاج والسؤال بالحاجة توحيد لله وشكاية الحال الى الله محبوب لله وبيان الافتقار الى الرب سبحانه من صميم التوحيد ربي اني لما انزلت الي من خير فقير انا محتاج الى خيرك يا رب لم يذكر الا شكوى الحال ولم يطلب شيئا معينا والاجمال في مقام الطلب دليل الفقه في الدعاء ومن الانبياء نتعلم ومما يرشدهم الله اليه نتفقه والله عز وجل غني وقوي فاذا سأل العبد ربه بفقره وغناه سبحانه وضعفه هو العبد وقوته سبحانه فان هذا محبوب للرب اي محبوب ربي اني لما انزلت الي من خير فقير ولما عادت المرأتان الى ابيهما عادت الفتاتان اسرع من المعتاد. وابكر من المعتاد كاد لابد انه سألهما لماذا رجعتم اليوم مبكرتين على خلاف المعتاد لتخبراه بالتأكيد ليرسلهما بعد ذلك للجزاء الحسن وهكذا ناشد موسى ربه ولم تكد المناشدة تنتهي حتى جاءت الفتاتان وجاء معهما الفرج ولم يطل الامر كثيرا والله كريم. يجيب دعوة المضطر اذا دعاه ربي اني لما انزلت الي من خير فقير فجاءته احداهما تمشي على استحياء فجاءته ترتيب مع التعقيب فجاءته وجاء معها الفرج. والله يجيب باسباب فجاءته احداهما تمشي على استحياء قال عمر امير المؤمنين رضي الله عنه قائلة بثوبها على وجهها ليست بسلفع خراجة ولاجة رواه ابن ابي شيبة باسناد صحيح تغطية الوجه مجمع المحاسن في المرأة انه امر قديم من شرائع الصالحين والانبياء قائلة بثوبها على وجهها يقول امير المؤمنين ليست بسلفع خراجا ولاجة انما كان الخروج للحاجة قالت ان ابي يدعوك ولست انا ادعوك فان المرأة الاجنبية لا يمكن ان تدعو رجلا اجنبيا بنفسها قدمت الفاعل على الفعل ان ابي مصدر الدعوة ان ابي يدعوك ولان المقام يمكن ان يكون فيه ريبة في مخاطبة رجل اجنبي ودعوته فقد وضحت الموضوع سبب من وراء هذه الدعوة ان ابي يدعوك لي ليجزيك اجر ما سقيت لنا وهل جزاء الاحسان الا الاحسان وانت محسن كريم قد احسنت فلا اقل من رد هذا الاحسان باحسان. ان ابي يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت مضى موسى عليه السلام ولا يرد دعوة الكريم الا لئن وكان موسى كريما والرجل كريما فلما التقى الرجلان الصالحان وكانهما يعرفان بعضهما البعض منذ مدة طويلة فان الارواح تتلاقى وان النظير الى نظيره ينجذب فلما جاءه وقص عليه القصص ليست قصة واحدة قصص ما كان من امره وهو من بني اسرائيل وشأن فرعون مع بني اسرائيل وكيف حصل من ذلك الذي نجاه الله به منهم ثم ان ينشأ في ذلك القصر ثم ان يقتل القبطي ثم ان يخرج هاربا ناجيا بنفسه ثم حادثة البئر وقصة البئر. فلما جاءه وقص عليه القصص واول ما يحتاج الخائف الى التطمين التسكين ولذلك قال الرجل الصالح الحكيم لا تخف نجوت من القوم الظالمين فليس لهم سلطان علينا ولا يصل مكرهم الينا فنحن مستقل عنهم لا تخف نجوت من القوم الظالمين وهكذا امن الله عبده ويسر له امرا ودبر له تدبيرا والله سبحانه وتعالى يدبر لعباده الصالحين ويحسن التدبير لهم اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين يا رب العالمين. وادخلنا برحمتك فيهم يا كريم. اقول قولي هذا واستغفر استغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله اشهد ان لا اله الا الله وسبحان الله ولا حول ولا قوة الا بالله والله اكبر واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله البشير والنذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وذريته الطيبين وخلفائه الميامين وازواجه واصحابه والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك صاحب الحوض المورود والمقام المحمود والشافعي المشفع يوم يقوم الشهود عباد الله ما دام قد وصل هذا المنقذ فلماذا لا تستثمر الفرصة من هذه المرأة للفكاك والنجاة من مغبة الخروج وما يترتب على الخروج من البيت ومزاولة العمل خارج البيت مخاطر قالت احداهما يا ابتي استأجره ان خير من استأجرت القوي الامين يا ابتي جاءت الفرصة ونريد الفكاك والنجاة والخلاص يا ابتي استأجره وفكنا من هذا العمل يا ابتي استأجره وقد جاءت الفرصة في رجل تتوفر فيه صفتان مهمتان عظيمتان لابد منهما في الاعمال. ان خير من استأجرت القوي واحد الامين الثانية فاذا كان قويا غير امين مصيبة واذا كان امينا غير قوي فهو ضعيف ماذا يدبر؟ واي مصلحة يحقق وعمر رضي الله عنه الذي كان مهتما بهذه القصة كان يعاني وهو الخليفة في تعيين الامراء على الاقطار والقضاة والائمة وقادة الاجناد كان يقول اللهم اني اعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة جلد الفاجر ليس عنده امانة لكنه جلد قوي وعجز الثقة امين لكن ليس عنده قوة صفتان مهمتان في من يتولى اعمال المسلمين الخاصة والعامة يا ابتي استأجره ان خير من استأجرت القوي الذي رفع الصخرة وحده وسقى الغنم كلها وحده بهذه المدة اليسيرة الامين الذي لم يشترط شيئا ولم يطلب شيئا لا من قبل ولا من بعد الذي لما جئت ادعوه اليه قال سيري خلفي وانعتي لي الطريق لانه ما كان يريد ان يرى من جسدي شيئا امين الحقيقة ايها الاخوة ان هذه القصة درس عظيم في مسألة عمل المرأة الذي له شروط في الشرع واضح جدا الان في القضية الحاجة اذا ان يكون العمل في اصله مباحا لا محرما اولا الا يكون فيه تبرج ولا اختلاط ولا طيب يشمه الاجانب ونحو ذلك ثانيا ان يكون لحاجتها كمطلقة وارملة محتاجة ليس هناك من ينفق عليها او لحاجة غيرها كطبيبة التوليد ثالثا ان تؤمن الفتنة رابعا ان لا تضيع واجبا اعلى كحق رضيع او زوج خامسا ان يكون الخروج باذن ولي سادسا ان يكون عملها متناسبا مع طبيعتها سابعا فهي لا تعمل في مجال التشحيم والمقاولات والاعمال العنيفة كما يسول بعض الشياطين للنساء ان يعملن بزعم اثبات الجدارة بين الرجال. فتفقد انوثتها وحياءها تدريجيا وتحدث الويلات والمصائب من شباب عاطل لا يجد عملا ومجالا مفتوحا لسائل تفقد فيه المرأة تدريجيا من انوثتها وحيائها ما يضر بها وببيتها الذي تعيش او ستنتقل اليه يا ابتي استأجره ان خير من استأجرت القوي الامين لقد تلقف الاب الحكيم ذلك الاقتراح وطوره فقال اني اريد ان انكحك. انتقل من مجرد الاستئجار الى مسألة فيها مصالح اشمل والولي المفترض ان يعمل بعقله لمصلحة موليته فاتى بحل شمولي في مصلحة للفتاتين فلا تخرجان ومصلحة لاحداهما في زوج صالح قوي امينا يقوم عليها ويرعاها والاخرى تستفيد صهرا كريما وتكفى مؤنة الخروج ويكون في رعاية هذه الاغنام مصدر رزق للعائلة كلها وترعى مصالح ذلك الاب ايضا في غنمه ويستفيد موسى مطعما ومشربا ومسكنا ومأوى يأكل من لحم ويشرب من لبن ويلبس من صوف ويدخل في عائلة كريمة لكن ما عنده مهر والنكاح لابد له من مهر اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تأجرني ثماني حجج. فما دام ليس عندك مال ونحن لا نريد ان نكلفك ونعنتك ونشق عليك بشيء لا تطيقه. فاذا الحل ان يكون المهر عملا وليس مالا. ان تأجرني ثماني حجج ما اعظم تعلق هذا الرجل الصالح بعباده الحج حتى سمى السنة حجة ثمانية حجج فان اتممت عشرا فمن عندك وكرمك واحسانك وليس واجبا عليك وما اريد ان اشق عليك تطمين الولي للخاطب للزوج القادم ستجدني ان شاء الله من الصالحين ما فيها تزكية للنفس وقد قال ان شاء الله وهو لا يدري هل يثبت على صلاحه والقلوب والقلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن ستجدني ان شاء الله من الصالحين. فتلقف موسى عليه السلام هذا العرض الكريم بالقبول وماله لا اقبل وقد جاءته فرصة فيها عفة واحصان وسكن وعيش مع اهل الايمان وكفاية الحاجة خير عظيم ساقه الله اليك. قال ذلك بيني وبينك اي ما الاجلين اي ما الاجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل اشهاد رب العالمين على العقود ان الله كان عليكم رقيبا. بصيرا عليما والله على ما نقول وكيل توكلنا عليه وتفويض امورنا اليه وهو يعلم حالنا ويرى عقدنا ويسمع كلامنا سئل ابن عباس رضي الله عنه واي الاجلين قضى موسى قال اتمهما واكملهما ان نبي الله اذا قال فعلنا هذا الاحسان اتمام اتمام المعروف عشر سنوات اعداد رباني لموسى عليه السلام قبل تلقي الوحي كان نبينا في الغار يتحنث ويتفكر وموسى عليه السلام يرعى في ذلك المكان في سكون الغنم في ذلك الجو البيئة وعيده عائلة صالحة فرصة للاعداد. وقد اثبت موسى عليه السلام انه زوج شهم وكريم كان حافظا لزوجته محافظا عليها فلما سار باهله وانس من جانب الطور نارا ما اخذ امرأته الى مكان النار وهو لا يعلم من يوجد هناك عدو او صديق او غادر او امين او ماذا فقال لاهلي امكثوا مكانكم امكثوا اني انست نارا لعلي اتيكم منها بخبر يدلنا على الطريق او جذوة من النار شعلة لعلكم تصطلون في هذا البرد فحافظ عليها بجلب المصلحة ودرء المفسدة اين الازواج اليوم من هذا واين الرجال الذين اذا رأوا المرأة في حال تحتاج الى مساعدة فعلوا ذلك لا يريدون جزاء ولا شكورا. انما نطعمكم لوجه الله هل كان في خطبة الرجل للمرأة اي غضاضة او عين عندما رأى الولي الفرصة المناسبة هل رأى غضاضة او عيبا فيفتح الموضوع؟ اذا رأيته شابا صاحب معاملة حسنة مع الناس صلاته خاشعة معتاد للمساجد لماذا لا يقال له تزوجت؟ لا. لماذا؟ لم اجد طلبك عندنا عباد الله عرض عمر على ابي بكر حفصة ثم عرضها على عثمان ما كانت القضية عيبا عندهم ولا عادات سيئة سلبية وانما كان هناك فعلا بحث ليس فقط من الرجل عن المرأة المتدينة لكن من الولي عن الرجل المتدين اللهم اصلح احوالنا وتب علينا واغفر ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وادخلنا الجنة مع الابرار وقنا عذاب النار واعتق رقابنا منها يا غفار. اللهم انج اخواننا المستضعفين في سائر الارض يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم وانصرهم على عدوهم واجمع على الحق شملهم واطعم جائعهم واكس عاريهم وآوي شريدهم وابرئ جريحهم واشف مريضهم وارحم ميتهم يا رب العالمين. لقد طال بلاؤهم وليس لهم من دون الله ولي ولا نصير وليس لهذا البلاء من دون الله كاشفة. اللهم اكشف ما نزل بهم من ضر يا رب العالمين اللهم استر عيوبنا واقض ديوننا واجمع على الحق كلمتنا واخرجنا من ذنوبنا كيوم ولدتنا امهاتنا يا ارحم الراحمين