الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم الحمد لله رب العالمين وبعد فقد سألني بعض طلبة العلم حفظه الله تعالى عن حكم النمص. فاجبته بما يقتضيه الحديث الصحيح. من ان النمص محرم. وذكرت له حديث ابن مسعود المعروف لقوله رضي الله عنه لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن مغيرات خلق الله وقال عبد الله بعد ذلك ما لي لا العن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله. ثم تلا قول الله عز وجل وما اتاكم الرسول فخذوه وذكرت له ذلك وذكرت كذلك ايضا ما رواه ابو داوود من حديث ابن عباس باسناد صحيح قال لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء وذكرت له ايضا اتفاق الفقهاء على تحريم نتف الحاجبين لغير المتزوجة. لغير المتزوجة فان فيه خلافا بين من العلم وذكرت له ايضا ان المتزوجة يحرم عليها النمص باتفاق الفقهاء اذا لم يأذن لها زوجها وفيما عدا ذلك خلاف بين اهل العلم رحمهم الله تعالى ويرجع سبب اختلافهم الى امرين الامر الاول ان العلماء اختلفوا في معنى النمص سواء علماء اللغة او علماء الشريعة هل هو نتف الحاجبين خاصة؟ ام مطلق الاخذ من الشعر اي من شعر الوجه؟ سواء اكان بالنتف او الحف او غيره والعلة الثانية اختلافهم في علة المنع فبعضهم يرى ان العلة الحقيقية في المنع انما هي التدليس والغش. فالذي رأى ان العلة هي تلك العلة اجاز ذلك باذن الزوج او على حال لا تغر به الخاطبة. ومن رأى ان العلة الصحيحة هي تغيير خلق الله عز وجل ابتغاء الحسن كما هو المصرح به في في الاحاديث المذكورة منع ذلك مطلقا سواء اذن الزوج او لم يأذن الزوج فلما سمع هذا الطالب كلامي هذا ذكر لي فتوى صدرت من بعض الجهات من طائفة يقولون بجوازه ولما سمعت فتياهم من لسان هذا الطالب مقروءة من مواقعهم وجدت ان هذه الفتية فيها جمل من المغالطات الاصولية التي لا بد من التنبيه عليها وناسب ان وسجل فيها هذا المقطع حتى ينتشر ولعل الله عز وجل ان يهدي به من اغتر بشيء من كلام هؤلاء فاقول وبالله التوفيق هذه الفتية التي سمعتها عن هذه الطائفة قد خالفوا قد خالفوا فيها جملا من الاصول الشرعية والقواعد المرعية عند اهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى فمن هذه الاصول اعلم وفقك الله ان المتقرر عند اهل العلم ان الاصل هو البقاء على الظاهر حتى يرد الناقل عنه بيقين او عن غلبة ظن فلا يجوز دعوى تأويل شيء من النصوص كتابا وسنة الا بدليل يدل على صحة هذا التأويل فان كان الدليل مستندا لدليل صحيح صريح مقبول عند اهل العلم فاهلا وسهلا واما التأويلات التي تدعى من ها هنا وها هنا ولكننا لم نرها مبنية على علم ولا على ادلة ولا على رهين مقبولة فانها في حقيقتها تحريف للادلة وليست بتأويل لان حقيقة التحريف هو الانتقال عن ظاهر الدليل الى معنى اخر بلا مقتض ولا قرينة تدل عليه فلم فلم يبني من افتى بوجوب التأويل اي بوجوب تأويل احاديث النهي عن النمص لم يبني وجوب تأويله هذا لهذه النقول والاحاديث الصحيحة الصريحة في مدلولها ومعناها على امر يصح ان يكون معولا على التأويل وحيث لم يأتي دليل يدل على صحة تأويل هذه الاحاديث القاضية باللعن والتحريم فان الاصل هو البقاء على ظاهرها في تحريم والوشم والوصل والتفليد والوشق ولا يجوز التعرض لها بتأويل لم يبنى على علم ولا على هدى فهذا هو الاصل الاول الذي خالفوه في فتياهم. مع انهم ذكروا جملا من الامور التي تقتضي هذا التأويل. لكن بعد الاطلاع عليها وجدنا انها مجرد اراء او اقوال علماء. وسيأتينا باذن الله عز وجل ما يجيب عنها الاصل الثاني التي الذي لا بد من التنبيه عليه. ان المتقرر عند العلماء رحمهم الله تعالى ان ما ورد مطلقا عن التقييد فالواجب بقاؤه على اطلاقه ولا يجوز تقييده الا بدليل كما ان ما ورد مقيدا فالواجب بقاؤه على تقييده. ولا يجوز فكه عن قيده الا بدليل هذا هو المتقرر في القواعد الاصولية التي توارثها علماء الحديث من اهل السنة والجماعة والاحاديث الواردة في مسألة تحريم النمص وردت مطلقة عن التقييم وبناء على ذلك فمن قيدها باذن الزوج فهو مطالب بدليل التقييد ومن قيدها بالمعتدة التي يحرم عليها الزينة فهو مطالب بدليل التقييد ومن قيدها بالفاجرات او التي تريد التشبه بالفاجرات فعليه ايضا دليل التقييم. ومن قيدها بكونه تلبيسا على الخاطب فهو مطالب ايضا بدليل فنحن لا نجد بهذه الاحاديث المحرمة للنمص. دليلا مرفوعا يجب تقييدها به وحيث لا دليل يدل على هذه التقييدات المذكورة لهذه الاحاديث الواضحة الظاهرة فالواجب حينئذ بقاؤها على اطلاقها هذا هو الذي يجب قوله في هذه الاحاديث ومن الاصول وهو الاصل الثالث الذي ينبغي التنبيه عليه ان المتقرر عند العلماء رحمهم الله تعالى ان تقييد مطلقات الشارع كتابا وسنة لا تقبل الا بالمقيدات الشرعية فلا يجوز لنا ان نقيد المطلق من الادلة بكلام احد من اهل العلم او بفهم احادهم. او بتفسير احد منهم للامر المطلق انه يبقى انه كلام عالمتقرر عند العلماء ان كلام العلماء انما يستدل له لا به. فكلام العالم مهما كانت منزلته لا يجوز ان نجعله مقيدا للمطلقات. ما لم يتفق اهل العلم رحمهم الله تعالى على على هذا التقييد بهذا القيد فانهم ان اتفقوا فيكون تقييدهم حينئذ بالاجماع. والاجماع دليل شرعي يصلح ان يكون مقيدا للمطلقات من الكتاب والسنة لان المتقرر في القواعد ان الاجماع حجة شرعية يجب قبولها والمصير اليها وتحرم مخالفتها. ولان المتقرر ايضا في ان الامة لا تجمع على امر باطل ابدا. ولكن يبقى ان تفسيرات وتقييدات اهل العلم للاطلاق الوارد في حديث ابن مسعود وغيره انها من جملة اجتهاداتهم في هذه التقييدات. ومن جملة ارائهم التي لم يقع عليها اجماع فحينئذ لا ينبغي ان تجعل في مقام الاحتجاج. لان الحجة انما هي في القيد الذي دل عليه الدليل من الكتاب او السنة او الاجماع او الاعتبار والقياس الصحيح. واما مجرد كلام العالم فانه لا يصلح ان يكون مقيدا. وليس هذا ان ننسب كلام العلماء الذين شرحوا هذا الحديث. حاشى وكلا والعياذ بالله من هذا القول. ولكن لا ينبغي الاحتجاج به في ذاته لانه قول عالم وكلام العلماء يؤخذ منه ويرد. ولكن لا ينبغي ان نقيد به المطلقات من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله الله عليه وسلم مع انني من باب احسان الظن ومن باب احترام العلماء اقول ان غالب تفسيرات اهل العلم لمطلقات الشريعة وعموماتها انما هو من باب التفسير بالمثال. لا من باب التفسير الحد الجامع المانع الذي يكون حدا يعرف بهما يدخل في هذا اللفظ وما لا يدخل. فلو انك صبرت تفاسير السلف للايات او مسير المحدثين لي الفاظ الحديث لوجدت ان اغلبهم لا يفسر هذه الالفاظ بالحد الجامع المانع. وانما يفسرها بظرب مثال فالمعروف في تفاسير السلف الصالح لكثير من ادلة الكتاب والسنة يا اخواني انه من باب التفسير بالمثال فالذين قالوا مثلا بان محمول على الحالة التي يكون فيها تدريس على الزوج انما يريدون ظرب مثال على النمص المحرم. ولا يقصدون به الحد الجامع المانع بحيث ان غيرها غيرها من الصور لا يدخل فيها كذلك الذين قالوا بانه محمول على من كان قصدها ان تكون كالفاجرات او التشبه بالماجينات. فهو من باب ضرب المثال على النمص المحرم وان لم وان لم يقبل اعتذارنا هذا فلا اقل من ان نقول لا تزال هي اقوال علماء. واقوال العلماء يستدل لها لا بها فالذين قيدوا المطلقة في اللعن والتحريم والنهي الوارد في حديث ابن مسعود انما قيدوه بماذا؟ قيدوه باقوال علماء ان اكان هؤلاء العلماء من الصحابة او غير الصحابة لكن يبقى انها اقوال علماء اما ان تؤخذ على انها ضرب مثال بما يدخل في حقيقة واما ان تؤخذ على انها من باب التفسير فقط ومن باب الاستئناس في بيان مدلول اللفظ الشرعي كتابا وسنة لكن لا يصح لنا ان نقول ان الاطلاق في هذه الاية مقيد بقول الامام ما لك. او مقيد بقول الامام احمد او مقيد بقول فلان العالم او فلان العالم لانها اقوالهم رفع الله قدرهم ومنازلهم في الدارين تبقى اقوال علماء. تبقى اقوال علماء الذاتية انما هي في الكتاب والسنة. فما ورد مطلقا بالادلة الشرعية كتابا وسنة فالواجب بقاؤه على اطلاقه ولا يجوز بقول العلماء الا اذا اجمعوا واتفقوا على هذا الفهم الاصل الرابع من الاصول التي ينبغي التنبيه عليها في فتاوى هؤلاء ان المتقرر عند العلماء انه لا تعارض بين عام وخاص فلا يجوز لنا ان نوجب تأويل الدليل العام او نقر تأويل الدليل العام من اجل انه ورد في بعض افراده دليل خاص يخالف العام فلا يجوز لنا ان نقول مثلا بما ان الرجل مأمور بالاخذ من شاربه وهذا يوجب ان يكون الدليل العام لابد من تأويله او ان بعض الصحابة مثلا كان يأخذ ما زاد على القبضة من لحيته او ان المرأة التي تخرج لها لحية او شارب يستحب لها اخذها وازالتها سواء وافقنا على هذا او لم نوافق كل هذا مما لا يوجب تأويل الدليل العام. فان تأويل الدليل العام لورود بعض الصور الخاصة بدليل خاص هذا خطأ في التأصيل. ومن قال هذا من العلماء؟ لان المتقرر عند العلماء انه لا تعارض بين عامي وخاصة فيكون الواجب علينا في هذه الحالات المخصوصة بالدليل الخاص ان نخرجها من مقتضى افراد الدليل العام. لانها فثبتت بدليل خاص على حكم يخالف حكم العام. ولا تعارض بين عام وخاص. لكن بقية الافراد اي ان يبقى ما عداها من الصور على مقتضى الحكم العام والمتقرر في القواعد ان الدليل العام بعد التخصيص حجة فيما بقي من الافراد التي لم يطلها دليل التخصيص فلا يجوز لنا ان نهدر دلالة الدليل العام من اجل كون الدليل الخاص اخرج بعض صوره كما اراده هؤلاء في فتاويهم لانهم جعلوا من جملة ما يوجب تأويل دليل ابن مسعود حديث ابن مسعود في النهي عن النمص ان الادلة قد وردت بجواز اخذ السارب وانها وردت عن بعض الصحابة بجواز اخذ القبضة في مزاد فنقول هذه تبقى ادلة خاصة في مواضع خاصة وافراد خاصة لكن يبقى دلالة الدليل العام في بقية افراده حجة على ما بقي الاصل الخامس الذي ينبغي التنبيه عليه. ان المتقرر في القواعد ان الاحكام انما تربط بعللها لا بحكمتها وانتبهوا لهذا الاصل العظيم لانه سبب خطأي كثير من الناس في هذه المسألة المتقرر في القواعد ان الاحكام انما تربط بعللها لا بحكمتها فقول الفقهاء ان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما لا ينبغي ادخال الحكمة في هذا في هذه القاعدة. فالاحكام تدور وجودا وعلما مع عللها لا مع حكمتها واذا نظرنا الى العلة الصحيحة من تحريم النمص وجدناها منصوصا عليها بالكتاب والسنة نصا واظحا ظاهرا. فالعلة النصيحة في تحريم النمص قد نص الله عليها في كتابه. ونص عليها نبيه صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته كما في قول الله عز وجل عن الشيطان انه قال ولامرنهم فليغيرن خلق الله. وفي قوله صلى الله عليه وسلم بعد ذكره النمط واللعنة عليه المغيرات خلق الله. فبان لنا من هذا ان العلة المنصوص عليها في الحديث انما هي تغيير وخلق الله تعالى فيكون تعليق تحريم النمص بهذه العلة وجودا وعدما. واما تعليقه وجودا وعدما بالتدليل على الخاطب او كونه تشبها بالفاجرات ونحوها فان هذا من جملة الحكمة لا من جملة التعليم. فمن ربط تحريم النمص بكونه تدليسا وفي غير التدليس يجوز فقد ربط الحكم بحكمته لا بعلته. وانت خبير ان الاحكام انما تدور وجودا وعدما مع عللها المنصوصة او المجمع عليها. او المجمع عليها لا مع حكمتها. فحيث وجد النمص وجد معه تغيير خلق الله تعالى لزوما ولكن قد يوجد النمص في بعض الصور ولا توجد معه حكمة التدليس. ففوات التدليس في بعض صور النمص حقيقة هو فوات حكمة وفوات الحكمة لا يقتضي فوات الحكم. كما هو مقرر في الاصول. واضرب لك مثلا بسيطا بالتفريق بين حكمة الحكم وعلته فعلة القصر اي قصر الصلاة في السفر. علته ماذا؟ علته السفر فان قلت والمشقة؟ فاقول المشقة حكمة من القصر. ولكن ليست بعلة في القصر. بمعنى انه ان كان سفرا لا مشقة فيه فيجوز مع عدم المشقة للمسافر ان يقصر. لان فوات المشقة انما هو فوات حكمة وفوات الحكمة لا يفوت بها الحكم. والحال هنا اي في النمط كالحال في القصر. ففوات التدليس في والتلبيس على الخاطب في مسألة النمص انما هو فوات للحكمة وفوات الحكمة لا يمنع من ثبوت التحريم. لبقاء العلة وهي تغيير خلق الله عز وجل. فمهما كان الداعي للنمص فانه في كل صوره يعتبر تغييرا لخلق الله عز وجل اوقات بعض الحكم في بعض صوره لا يقتضي فواته بالكلية