وهذه التقوى للمؤمنين ايضا على مراتب اعلاها ان يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس حتى قال بعض السلف ما سموا متقين الا لتركهم ما لا بأس به المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شرح الاربعين النووية. الدرس تابع بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه اما بعد فنكمل شرح الاحاديث النووية من اربعين وقد وقفنا على الحديث الثامن عشر نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى وعن ابي ذر جندب ابن جنادة وابي عبد الرحمن معاذ ابن جبل رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق الحسن رواه الترمذي وقال حديث حسن وفي بعض النسخ حسن صحيح هذا الحديث حديث ابي ذر ومعاذ ابن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق ابن حسن قوله اتق الله حيثما كنت هذا امر بالتقوى وحيثما هذه متعلقة بالأزمنة والأمتنة يعني في اي زمان كنت وفي اي مكان كنت لان كلمة حيث قد تتوجه الى الامكنة وقد تتوجه الى الازمنة يعني قد تكون ضرب مكان قد تكون ظرف زمان وهي هنا محتملة للامرين اتق الله حيثما كنت يعني اتق الله في اي مكان او في اي زمان كنت والامر بتقوى الله جل وعلا هنا على الوجوب لان التقوى اصل عظيم من اصول الدين وقد امر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يتقي الله فقال جل وعلا يا ايها النبي اتق الله وامر المؤمنين بان يتقوا الله حق تقاته يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. وامرهم بتقوى الله في عامة. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله. وقولوا قولا سديدا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واشباه ذلك وتقوى الله جل وعلا جاءت في القرآن في مواضع كثيرة واتت التقوى في مواضع اخر بتقوى عذاب الله جل وعلا ان يتقي النار وان يتقي يوم القيامة. كما قال جل وعلا واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله وقال جل وعلا واتقوا النار وهكذا في ايات وفر فهذان اذا نوعان فاذا توجهت التقوى وصار مفعولها بلفظ الجلالة. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله فمعنى تقوى الله جل وعلا هنا ان تجعل بينك وبين عذاب الله وسخطه واليم عقابه في الدنيا وفي الاخرة وقاية ففيك منه وهذه الوقاية بالتوحيد وانا بالشرك وهذه هي التقوى التي امر الناس جميعا بها لان تقوى الله كما ذكرت لك من معناها راجعة الى المعنى اللغوي وهي ان التقوى اصلها واقوى فالتاء فيها منقلبة عن واو هي من الوقاية وقاه يقيه وقاية للمتقي هو من جعل بينه وبين ما يكره وقاية. بينه وبين سخط الله وعذابه تعليم عقابه وقاية وهي في القرآن اي الامر بتقوى الله على ثلاث مراتب الاولى تقوى امر بها الناس جميعا يا ايها الناس اتقوا ربكم في ايات وهذا معناه ان ان يسلموا ان يحققوا التوحيد ويتبرعوا من الشرك فمن اتى بالتوحيد وسلم من الشرك فقد اتقى الله جل وعلا اعظم انواع التقوى ولهذا قال جماعة من المفسرين في قوله جل وعلا انما يتقبل الله من المتقين يعني من الموحدين والمرتبة الثانية او النوع الثاني تقوى امر بها المؤمنون فقال جل وعلا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وهذه التقوى للمؤمن تكون بعد تحصيله كما هو معلوم بعد تحصيله التوحيد وترك الشرك فيكون التقوى في حقه ان يعمل بطاعة الله على نور من الله وان يترك معصية الله على نور من الله جل وعلا وان يترك المحرمات ويمتثل الواجبات وان يبتعد عما فيه سخط الله جل وعلا والتعرض لعذابه حذرا مما به بأس وهذا في اعلى مراتب التقوى لانه اتقى ما لا ينفعه في الاخرة وهذه مرتبة اهل الزهد والورع والصلاح والنوع الثالث من التقوى في القرآن تقوى امر بها من هو آثم بها وذلك قول الله جل وعلا يا ايها النبي اتق الله ومن امر بشيء هو محصله فان معنى الامر ان يثبت عليه. وعلى دواعيه فمعنى قول الله جل وعلا يا ايها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين يعني اثبت على مقتضيات التقوى ولا تطع الكافرين والمنافقين وذلك لقوله جل وعلا يا ايها الذين امنوا امنوا بالله الاية في سورة النساء فوسط فناداهم باسم الايمان ثم امرهم بالايمان وهذا معناه ان يثبتوا على جمال الايمان او ان يكمل مقامات الايمان بحسب الحال لان لفظ يا ايها الذين امنوا له الايمان له درجة فقول النبي صلى الله عليه وسلم هنا اتق الله حيثما كنت. هذا خطاب موجه لاهل الايمان يعني لاهل النوع الثاني فالمقصود منه ان يأتي بتقوى الله جل وعلا في اي مكان او زمان كان. وهو ان يعمل بالطاعات وان يجتنب المحرمات كما قال طارق ابن الحديث رحمه الله تقوى الله ان تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وان اترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله قال ابن مسعود وغيره لرجل سأله عن التقوى فقال الم تمشي على طريق فيه شوكة؟ فقال بلى. قال فما صنعت؟ قال سمرت واتقيت. قال فتلك التقوى. وهي مروية ايضا عن عمر رضي الله الله عنه ونظمها ابن المعتز الشاعر المعروف بقوله هل للذنوب صغيرها وكبيرها ذات التقى واصنع كماش فوق ارض الشوك يحذر ما يرى. لا تحقرن صغيرته. ان الجبال من الحصى وهذا بعامة يخاطب به اهل الايمان فاذا تقوى الله جل وعلا ان تخاف من اثر معصية الله جل وعلا. ان تخاف من الله جل وعلا فيما تأتي وفيما سبق. وهي في كل مقام بحسبه التقوى في كل مقام بحسبه. ففي وقت الصلاة هنا تخاطب بالتقوى. وفي وقت الزكاة محاطا بالتقوى في هذا المقام. وفي وقت الاتيان بسنة تخاطب بتقوى وفي وقت المخاطبة بواجب مخاطب بالتقوى وفي وقت ان يعرض عليك محرم من النساء او المال او الخمور او ما اشبه ذلك من الانواع او محرمات اللسان او افعال القلوب من العجب والكبر او الازدهار الى اخره في كل مقام يأتيك هناك تقوى تخصه فاذا تتعلق التقوى بالازمنة وبالامكنة. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام اتق الله حيثما كنت لانه ما من مكان تكون فيه او زمان تكون فيه الا وثم امر او نهي من الله جل وعلا توجهوا للعبد والوصية بالتقوى هي اعظم الوصايا. ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله وكان الصحابة رضوان الله عليهم كثيرا ما يوصي بعضهم بعضا بتقوى الله فهم يعلمون معنى هذه الوصية العظيمة قال عليه الصلاة والسلام واتبع السيئة الحسنة تمحها. اتبع الفاعل انت والسر اي احد هي المشبوعة والحسنة هي التابعة. يعني اجعل الحسنة وراء السيئة. بعد السيئة اذا عملت سيئة فادحها بحسنة فان الحسنات يذهبن السيئات. كما قال جل وعلا واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل. ان الحسنات يذهبن السيئات وذلك ذكرى للذاكرين. وفي الصحيح صحيح البخاري رحمه الله وغيره ان رجلا من الصحابة نال من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم واخبره بالخبر مستعظما لما فعل يسأله عن كفارة ذلك فنزل قول الله جل وعلا واقم الصلاة طرفي النهار وجلسا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين. فقال له عليه الصلاة والسلام هل صليت معنا في هذا المسجد قال نعم قال فهي كفارة ما اتيت وهذا يدل على ان المؤمن يجب عليه ان يستغفر من السيئات وان يسعى في زوالها. وذلك بان يأتي الحسنات الاتيان بالحسنات يمحو الله جل وعلا به انواع السيئات. وكل سيئة لها ما يقابلها فليس كل سيئة تمحوها اي حسنة فاذا عظمت السيئة وكبرت فلا يمحوها الا الحسنات العظام. لان كل سيئة لها ما يقابلها من الحسنات. ولهذا جاء ان الرجل اذا غلب او جرى على لسانه كلمة والكعبة او اقسم بغير الله فان كفارة ذلك من الحلف بالاباء واشباه ذلك ان يقول لا اله الا الله لان ذاك شرك وكفارة الشرك ان يأتي بالتوحيد. وكلمة لا اله الا الله هي من الحسنات العظام كلمة التوحيد من الحسنات العظام. اذا فالسيئات لها حسنات يمحو الله جل وعلا بها السيئات. وهذا يدل على ان السيئة تمحى ولا تدخل في الموازنة وظاهر الحديث ان هذا فيمن اتبعها يعني انه اذا اتى بسيئة اتبعها بحسنة بقصد ان يمحو الله جل وعلا عنه السيئات لانه قال واتبع السيئة الحسنة تمحها. فاذا فعل سيئة سعى بحسنة لكي تمحى عنه تلك السيئات. والحديث الذي ذكرناه وعموم الاية واقم الصلاة طرفي النهار وزلة من الليل من الحسنات يذهبن السيئات يدل على عدم القصد. الحديث هذا فدل على القصد يعني ان يتبعها قاصدا. والاية والحديث آية هود والحديث حديث ابن مسعود الذي في البخاري يدل على عدم اعتبار القصد فهل هذا في كل الاعمال ام انه يحتاج الى ان يتبع الحسنة. ان يتبع السيئة الحسنة حتى يمحوها الله جل وعلا عنه بقصد الاتباع هذا ظاهر في اثره. فاعظم ما يمحو الله جل وعلا به السيئات ان يأتي وبالحسنة لقتل التكفير فهذا يمحو الله جل وعلا به الخطية لانه جمع بين الفعل والنية والنية فيها التوبة والندم على تلك السيئة والرغبة الى الله جل وعلا بان يمحوها الله جل وعلا عنه. اذا فهي مرتبتان المرتبة الاولى ان يقصد وهي العليا ان يقصد ذهاب السيئة بالحسنة التي يعملها معه ان القلب يتبرأ من هذا الذنب ويرغب في ذهابه ويتقرب الى الله جل وعلا بالحسنات حتى يرضى الله جل وعلا ففي القلب انواع من العبوديات ساقته الى ان يعمل بالحسنة ليمحو الله جل وعلا عنه فعله الحسنة ما فعله من السيئات والمرتبة الثانية ان يعمل بالخير مطلقا. والحسنات يذهبن السيئات بعامة. كل حسنة بما يقابلها من السيئة فالله جل وعلا ذو الفضل العظيم. اذا تقرر ذلك الحسنة المقصود بها الحسنة في الشرع والسيئة هي السيئة في الشرع. والحسنة في الشرع ما يثاب عليها. والسيئة في الشرع ما ورد الدليل انه يعاقب عليه اذا فالسيئات هي المحرمات من الصغائر والكبائر والحسنات هي الطاعات من النوافل الواجبات قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك وخالف الناس بخلق حسن والناس هنا يراد بهم المؤمنون اجماع الخلق الحسن بان يحسن اليهم ويراد بهم ايضا غير المؤمنين في معاملتهم بالعدل والخلق الحسن يشمل ما يجب على المرء من انواع التعامل بالعدل باهل العدل والاحسان لمن له حق الاحسان قال عليه الصلاة والسلام هنا خالق الناس بخلق حسن والخلق الحسن فسر بتفسيرات منها انه بذل الندى وكف الاذى. يعني ان تبذل الخير للناس وان تكف عذاك عنه. وقال اخرون ان الخلق الحسن ان يحسن للناس بانواع الاحسان ولو اساؤوا اليه كما جاء الامر مخالقة الناس بالخلق الحسن والحث على ذلك وبيان فضيلته في احاديث كثيرة ومما جاء في بيان فضيلته قوله عليه الصلاة والسلام ان ادناكم مني مجلسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا الموطؤون اكنافا الذين يألفون ويؤلفون وثبت عنه ايضا عليه الصلاة والسلام انه قال ان الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم يعني المتمثل بالخيام والمتنفل بالقيام فحسن الخلق الذي يبذله دائما طاعة من طاعة الله جل وعلا. فاذا كان دائم احسان الاخلاق على النحو الذي وصاه فانه يكون في عبادة دائمة. اذا فعل ذلك طاعة لله جل وعلا وحسن الخلق تارة يكون طبعا وتارة يكون حملا يعني طاعة لله جل وعلا لا طمعا في المرء وما كان من حسن الخلق على امتثال الطاعة والزام النفس بذلك فهو اعظم اجر ممن يفعله على وفق الطبيعة يعني لا يتكلم فيه لان القاعدة المقررة عند العلماء ان الامر اذا امر به في الشرع لان المسألة اذا امر بها في الشرع فاذا امتثلها اثنان فانما من كان اكلف بامتثال ما امر به كان اعظم اجرا في الاتيان بالواجبات كما فثبت في الصحيحين انه عليه الصلاة والسلام قال لعائشة ان اجرك على قدر نصبك وهذا محمول على شيئين الاول يعني مشروط بشرطين. الاول ان يكون من الواجبات والثاني ان يكون مما توجه الامر للعبد به فيكون اجره على قدر مشقته في امتثال الامر. اما النوافل فلا. لحديث الذي يقرأ المؤمن منه فانه يخالف حبس اللسان عن التشكي ولهذا لما جاء رجل لما جاء احد الصحابة الى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له ما يلقى من المشركين من الشدة القرآن في تفاصيل القاعدة المعروفة عند اهل العلم نعم وعن ابي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال يا غلام اني اعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله لا تجده تجاهد اذا سألت فاسأل الله. واذا استعنت فاستعن بالله. واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لن لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. وان اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله رفعت الاقلام وجفت الصحف. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي احفظ الله تجده امامك. تعرف على تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. واعلم ان ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئك. واعلم ان النصر مع الصبر. وان الفرج مع الكرب. وان مع العسر يسرا هذا حديث عظيم جدا من وصايا المصطفى عليه الصلاة والسلام خص بها ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهذه الوصية جمعت خيري الدنيا والاخرة النبي صلى الله عليه وسلم اوصى عبدالله بن عباس وامره بقول بقوله يا غلام اني اعلمك كلمة وهذا اللفظ فيه تودد المعلم والاب والكبير الى الصغار والى من يريد ان يوجه بالألفاظ الحسنة فهو استعمل عليه الصلاة والسلام لفظ التعليم. اني اعلمك كلمات وهي اوامر. فلم يقل له عليه الصلاة والسلام اني امرك بكذا وكذا وانما ذكر لفظ التعليم لانه من المعلوم ان العاقل يحب ان يستفيد علما النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا غلام اني اعلمك كلمات والكلمات جمع كلمة والمقصود بها هنا الجمل لان الكلمة مم الكتاب والسنة غير الكلمة عند النحال كلمة عند النحاس اسم او فعل او حرف. اما في الكتاب والسنة الكلمة هي الجملة كما قال جل وعلا كلا انها كلمة هو قائلها يريد بها ما جاء في الآية قبلها رب ارجعون. وثبت ايضا في مسلم انه عليه الصلاة والسلام قال اصدق كلمته قالها شاعر قول لبيب الا كل شيء ما خلا الله باطل الا كل شيء ما خلى الله باطل قال اصدق كلمة بينما الكلمة يعنى بها الجمل. فقوله عليه الصلاة والسلام انى اعلمك كلمات. يعنى انى اعلمك جملا ووصايا اروعها سمعا قال عليه الصلاة والسلام بعدها احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك. هذه هي الوصية الاولى احفظ الله فيحفظك فهنا امره بان يحفظ الله ورتب عليه ان الله جل وعلا يحفظه وحفظ العبد ربه جل وعلا المراد منه ان يحفظه في حقوقه جل وعلا وحقوق الله جل جلاله نوعان حقوق واجبة وحقوق مستحبة فحفظ الله فحزب العبد ربه يعني ان يمتثل احفظ الله ان يأتي بالحقوق الواجبة والحقوق المستحبة ونعبر بالحقوق تجوزا بالمقابلة. يعني الحقوق الواجبة المستحبات. فمن اتى بالواجبات والمستحبات فقد حفظ الله جل وعلا لانه يكون من السابقين بالخيرات. والمقتصد ايضا قد حفظ الله جل وعلا اذ امتثل الامر الواجب وانتهى عن المحرم. فادنى درجات حفظ الله جل وعلا ان يحفظ الله سبحانه وتعالى بعد اتيانه بالتوحيد امتثال الهمر واجتناب النهي والدرجة التي بعدها المستحبات هذه يتنوع فيها الناس وتتفاوت درجاته قال احفظ الله يحفظك. وحفظ الله جل وعلا للعبد على درجتين ايضا اما الاولى فهو ان يحفظه في دنياها ان يحفظ له مصالحه في بدنه بان يصحه وفي رزقه بان يعطيه حاجته او ان يوسع عليه في رزقه وفي في اهله في ان يحفظ له اهله وولده وانواع الحفظ لمصالح العبد في الدنيا فكل ما للعبد فيه مصلحة في الدنيا فانه موعود بان تحفظ له اذا حفظ الله جل وعلا حقوق الله جل جلاله واجتناب عم المحرمات والدرجة الثانية من حفظ الله جل وعلا للعبد. وهي اعظم الدرجتين وارفعهما. وابلغهما عند اهل ما وفي قلوب اهل العرفان هي ان يحفظ الله جل وعلا العبد في دينه. بان يسلم له دينه باخلاء القلب من تأثير الشبهات فيه واخلاء الجوارح من تأثير الشهوات واهتفيها وان يكون القلب معلقا بالرب جل وعلا. وان يكون انسه بالله ورغبه في الله. وانابته اليه وخلوته المحبوبة بالله جل وجلاله. كما جاء في حديث الولي المعروف الذي رواه البخاري في الصحيح وغيره ايضا قال عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى في جمل بدا بها الحديث ثم قال ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولا انتحل لي لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه وما ترددت في شيء انا فاعله ترددي في فوضى نفس عبد المؤمن يكره الموتى واكره مساءته ولابد له من ذلك. فحفظ الله جل وعلا العبد ستين هذا اعظم المطالب. ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يدعو الله كثيرا ان يحفظ من الفتن وهل يحفظه الله جل وعلا من تقليب القلب يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك يا مصرف القلوب صرف قلوبنا الى طاعته ونحو ذلك. وكان كثيرا ما يقسم لا مقلب القلوب فالعبد اعظم المطالب التي يحرص عليها ان يسلم له دينه. والله جل وعلا قد يبتلي العبد بخلل في دينه وشبهات تطرأ عليه لتفريطه في بعض ما يجب ان يحفظ الله جل وعلا فيه. فلهذا العبد اذا حصل له اخلال في الدين فانه قد احل الله جل وعلا فقد يعاقب بان يجعل غافلا وقد يعاقب بحرمانه البصيرة في العلم. وقد يعاقب بان تأتيه الشبهة ولا يحسن كيف يتعامل ولا كيف يردها وقد يعاقب بانه تأتيه الشبهة فتتمكن منه. كما قال جل وعلا فلما جاؤوا ازاغ الله قلوبهم. وكما قال نسوا الله فنسيهم. وكما قال جل وعلا فاما الذين في قلوبهم ضيق ايتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. وكما قال جل وعلا ان هي الا فتنته اصيبوا بها من تشاء وتهدي من تشاء انت ولينا الاية الاعراب. وهكذا في ايات وفرق. دلت على ان العبد قد يخذل وخذلانه في امر الدين هو اعظم الخذلان. ولهذا ينبغي للعبد ان يحرص تمام الحرص على ان يحفظ الله جل وعلى في امره سبحانه وان فاته الامتثال فلا يفته الاستغفار والانابة واعتقاد الحق وعدم التردد والسرعة باتباع السيئة بالحسنة لعلها ان تمحى لهذا فان حفظ الله جل وعلا للعبد في ان يكون الحفظ الدين اعظم من ان يحفظ في امر دنياه. ولهذا في قول الله جل وعلا في سورة المائدة فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلمة عن مواضعه ونسوا حظا مما فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة. وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون. قال جل وعلا نسوا حظا مما ذكروا به. فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة. قوله قسوا حظا مما ذكروا به يعني تركوا نصيبا مما امروا به. تركوه عن عمد وعن علم. فلما علموه تركوه عن بصيرة. فعوقبوا بالفرقة. فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة. وهذا من انواع العقوبات التي يبتلي الله جل وعلا بها العباد ويعاقب بها المؤمنين حيث يعاقبهم بالفرقة لانهم تركوا ما اوجب الله جل وعلا عليهم من مقتضى العلم وهذا نوع من انواع ترك حفظ الله جل وعلا للعبد. العبد بحاجة ان يحفظه الله سبحانه وتعالى توفيقه له ومعيته له وتسديده اياه. حفظ الله جل وعلا للعبد في الدين او في الدنيا ايضا راجع الى معية الله سبحانه وتعالى والمراد بها المعية الخاصة التي مقتضاها التوفيق والإلهام والتثبيت والنصر والجهاد قال احفظ الله تجده تجاهك. يعني احفظ الله على نحو ما وصفنا تجده دائما على ما طلبته تجده دائما قريبا منك يعطيك ما سألته كما ذكرت لك في حديث الولي ولئن فعلني لاعطينه. ولئن استعاذني لاعيذنه قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك واذا سألت اذا سألت فاسأل الله واذا اتهمت فاستعن بالله. هذا مأخوذ من قول جل وعلا اياك نعبد واياك نستعين وفيه افراد الله جل وعلا بالاستعانة وبالسؤال وهذه على مرتبتين الاولى واجبة وهي توحيد بان يستعين بالله جل وعلا وحده دون ما سواه فيما لا يقدر عليه الا الله جل وعلا فهذا واجب ان يفرد الله جل وعلا بالاستعانة. وكذلك ان يسأل الله جل وعلا وحده فيما لا يقدر عليه الا الله جل وعلا هذا هو المعروف عندكم في التوحيد فيما يكون من الدعاء صرفه لغير الله جل وعلا شرك وكذلك في الاستعانة التي كونوا صرفها لغير الله جل وعلا شركا المرتبة الثانية المستحبة وهو انه اذا امكنه ان يقوم بالعمل فانه لا يفعل احدا من الناس شيئا. والنبي صلى الله عليه وسلم قد اخذ على عدد من الصحابة الا يسألوا الناس يرضى من اعمال القلوب. تعرف الى الله في الرخاء. يعني اذا كنت في رخاء من امرك حيث قد يأتي لبعض النفوس انها غير محتاجة لاحد. هنا تعرف الى الله في الرخاء. واطلب ما عنده وتعلم قال الراوي فكان احدهم يسقط صوته فلا يسأل احدا ان يناوله اياه وهذا من المراتب التي يتفاوت فيها الناس. فاذا امكنك ان تقوم بالشيء بنفسك فالافضل والمستحب الا احدا من الخلق في ذلك اذا انفلت يعني بلا كلفة ولا مشقة. ومن كانت عادته دائما ان يطلب الاشياء هذا مكروه ينبغي للعبد ان يوطن نفسه ان يعمل لنفسه ما يحتاجه كثيرا. واذا سأل في اثناء ذلك فانه لا يقدح حتى في الدرجة المستحبة بانه عليه الصلاة والسلام ربما امر من يأتيه بشيء وربما طلب من يفعل له شيء على بعض الاحوال قال اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله ظاهر في الوجوب. اذا سألت فاسأل الله. واذا استعنت فاستعن بالله. على القيد الذي ذكرنا لكم من ان هذا يتناول المرتبة الاولى على الوجوب والمرتبة الثانية على الاستحباب. قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. وان اجتمعوا على بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف. هذا فيه بيان القدر الثالثة وان العبادة لن يغيروا من قدر الله جل وعلا الماضي شيئا. وان من عظم توكله لله جل وعلا فانه لن يضره الخلق ولو اجتمعوا عليه. كما قال جل وعلا لنبيه عليه الصلاة والسلام والله يعصمك من الناس جاء في عدد من الاحاديث بيان هذا الفضل لان الهم اذا احسن توكله على الله جل وعلا. وطاعته لله فان الله يجعل له رجاء ولو كادته السفرة ولو كاده من في السماوات ومن في الارض فجعل الله جل وعلا له من بينهن مخرجا والتوكل على الله جل وعلا ظاهر من هذه الوصية حيث قال واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك ثم قال واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان يضروك الى اخر الجملتين. وهذا فيه اعظام التوكل على الله جل وعلا التوكل على الله سبحانه وتعالى من اعظم المقامات. مقامات الايمان بل هو مقام الانبياء والمرسلين في تحقيق عبوديتهم العظيمة للرب جل وعلا والتوكل على الله معناه الف يفعل السبب الذي امر به ثم يفوض امره الى الله جل وعلا. في الانتفاع بالاسباب واذا كان ما لديه من الامر لا يملك ان يفعل له سببا فانه يفوض امره الى الله جل وعلا كما قال سبحانه وافوض يلبس لي مؤمن يا ال فرعون وافوض امري الى الله. ان الله بصير بالعباد وهذا تفويض الى الله جل وعلا عمل القلب خاصة. يعني ان يلتجأ بقلبه وان يعتمد بقلبه على الله جل وعلا في تحصيل مراده او دفع الشرط الذي يخشاه والعباد اذا تعامل معهم فانما يتعامل معهم على انهم اسباب والسبب ان ينفع وقد لا ينفع فاذا تعلق القلب بالخلق اتي من هذه الجهة ولم يكن كاملا في توكله فتعلق الخلق فتعلق القلب بالخلق ملموس والذي ينبغي ان يتوكل على الله وان يعلق قلبه بالله جل وعلا وان لا يتعلق بالخلق حتى ولو كانوا فينظر اليهم على انهم اسباب. والنافع والذي يجعل السبب سببا وينفع به هو الله. جل وعلا. اذا قام هذا في القلب فان العبد يكون مع ربه جل وعلا ويعلم انه لن يكون له الا ما قدره الله جل وعلا له ولم يمضي عليه الا ما كتبه الله جل وعلا عليه. قال عليه الصلاة والسلام رفعت الاقلام وجفت الصحف يعني ان الامر مضى وانتهى وهذا لا يدل كما ذكرته لكم فيما سبق لا يدل على ان الامر على الاجبار بل ان القدر ماض والعبد يمضي فيما قدره الله جل وعلا لاجل التوكل عليه وحسن الظن به وتفويض الامر اليه. وهو اصلاح القلب من رؤية الخلق قال وفي رواية غير الترمذي احفظ الله تجده امامك. تعرف الى الله في الرخاء. يعرفك في الشدة. واعلم ان ما لم يقل ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئ. قوله تعرف الى الله الى الله في الرخاء. يعرفك في الشدة تعرف العبد الى ربه هو علمه بما يستحقه جل وعلا تعرف الى الله في الرخاء يعني تعلم ما يستحقه جل وعلا عليه ما يستحقه جل وعلا منه توحيده في ربوبيته والهيته وفي اسمائه وصفاته ما يستحقه جل وعلا من طاعته في اوامره وطاعة فيما نهى عنه في اجتناب المنهيات وما يستحقه جل وعلا منه اقبال القلب عليه وانابة القلب اليه التوكل عليه والرغب فيما عنده واخلاء القلب من الاغيار يعني من غيره جل وعلا واتباع ما يحب نعم لما يستحقه جل وعلا واتبع ذلك بالامتثال فان هذا من افضل الاعمال الصالحة بل هو لب الدين وعماده العلم بما يستحقه جل وعلا ثم العمل بذلك. اذا ما حصل منك التعرض الى الله والتعرف على الله جل وعلا عرفك الله في شدة. قال يعرفك في الشدة كلمة يعرفها هذه جاءت على جهة الفعل ومعلوم بعض الصفات ان باب الافعال اوسع من باب الاكماء وباب الاخبار اوسع من باب الصفات. فهذا اذا لا ينقضي ان يكون من صفاته جل وعلا فانه لا يوصف الله جل وعلا بانه ذو معرفة بل يقيد هذا على جهة المقابلة. كما قال جل وعلا هنا يتعرض الى الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم هنا تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. فيجوز ان تستعمل لفظ يعرف على الفعلية وفي قابلتني كما في مظاهره كقوله عليه الصلاة والسلام ان الله لا يمل حتى تمل وكما في قول الله جل وعلا ويمكرون ويمكر الله وفي قوله يستهزئون الله يستهزأ بهم يخادعون الله وهو خادمهم واشبه ذلك من الالفاظ التي جاءت بصيغة الفعل ومجيئها بلفظ الفعل لا يدل على اطلاقها صفة. لانها جاءت على لفظ المقابلة. ومجيء بعض الصفات. يعني على جهة الافعال بالمقابلة فهذا يدل على الكمال ومعلوم ان المعرفة غير العلم. العلم كمال. واما المعرفة فانها قد تشوبها شائبة النقص لان لفظ المعرفة وصفة المعرفة هذه قد يسبقها جهل من عرف الشيء يعني تعرض اليه بصفاته وهذا يقتضي انه كان وربما جاهلا به غير عالم به. اما العلم فهو صفة لا تقتضي ولا يلزم منها سبق عدم علم او سبق جهل واشبه ذلك. ولهذا كانت كان من اسماء الله الحسنى العليم. ولم يكن من اسمائه جل وعلا اخت العارف واشباه ذلك. اذا تقرر هذا فلفظ المعرفة جاء في القرآن على جهة الدم قال جل وعلا يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وقال جل وعلا الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم الذين خسروا انفسهم فهم لا يؤمنون. والاية الاخرى ايضا في الانعام والاية الاخرى ايضا في البقرة. في هذا فلفظ المعرفة جاء جهة الدم في غالب ما جاء بالكتاب والسنة. وقد يكون يأتي على معنى العلم كما في هذا الحديث. فإذا قوله تعرف الى الله في الرخاء. يعرفك في الشدة من جهة الصفات. هذا بحثه ما معنى معرفة الله للعبد في الشدة؟ قال العلماء هذه معناها المعية معرفة الله جل وعلا للعبد في الشدة يعني ان يكون معه بمعية النصر والتأييد والتوفيق قال واعلم ان ما اخطأت لم يكن ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئك. وهذا القدر وموقع بحثه. قال واعلم ان النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا. هذا فيه الامر بالصبر وان مع الكرب يأتي الفرج وان مع العسر يأتي اليسر. كما قال جل وعلا فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لن يغلب عسر يسرين وهذا من فضل الله جل وعلا. قد قال الشاعر اشتدي ازمة تنفرد. قد اذن ليلك بالبلد في القصيدة المسماة بالمنفرجة. وهذا يدل على ان كل على ان العبد اذا اشتد عليه الامر واحسن الصبر واحسن الظن بالله جل وعلا فانه يؤذن له بان ينفرج كربه وان ييسر له عسره والصبر امر به هنا في قوله واعلم ان النصر مع الصبر والنصر مطلوب فصار الصبر مطلوبا. والصبر مرتبة واجبة واذا حصل كرب ومصيبة كما قال ما اعطاك لم يكن ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئك. اذا حصلت مصيبة فان الصبر واسع جهة الصبر امر الله به وهو واجب على كل احد ومعنى الصبر الواجب ان يحبس اللسان عن الشكوى ويحدث القلب عن التفخر ويحدث الجوارح عن التصرف بما لا يجوز في شخص او نياحة او لطم واشباه ذلك من الافعال في غير مصيبة الموت فاذا الصبر فيه حذف اللسان عن التشكي كما هو تعريف الصبر الى للامام احمد رحمه الله تعالى هذا رجل ظلمه السلطان فاخذ يدعو عليه قال احمد هذا خلاف الصبر الذي امر به امر به النبي صلى الله عليه وسلم مع السلطان لا يدعى عليه وهذا له مدخل اخر من جهة ان الكرب الذي ربما اتى من السلطان اذا تشكى غضب النبي عليه الصلاة والسلام لاجل انهم لم يصبروا وقال انه كان رجل كان من كان قبلكم يؤتى بالرجل فينشر بالمنشار نصفين ما بين جلده وعظمه لا يرده ذلك. عن دينه فوالله ليتمن الله هذا الامر الحديث. فدل هذا على ان الصبر وعجبت في جميع الحالات والصبر حبس للسان عن التشكي وحبس للقلب عن التسخط وحبس لي الجوارح عن التصرف في غير ما يرضي الله جل وعلا. ولهذا امر الله نبيه ان يصبر كما اولو العزم من الرسل فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. وكل مخالفة لهذا الواجب يأتي لها اجدادها في حياة العبد اما الخاصة او العامة. المرتبة الثانية المستحبة هي الرضا الرضا ما قدر الله جل وعلا فالصبر واجب واما الرضا فمستحب الرضا بالمصيبة مستحب ومعنى الرضا بالمصيبة ان يستأنس لها ويعلم انها خير له. فيقول هي خير لي ويرضى بها في داخله. ويسلم لها ولا يجد في قلبه تسخطا عليها او لا يجد في قلبه رغبة في ان لا تكون جاهته. بل يقول الخير في هذه وهذه المرتبة خاصة وهناك فرق ما بين الرضا الواجب والرضا المستحب في المصيبة فان المصيبة اذا وقعت تعلق بها نوعان من الرضا. الرضا واجب ورضا مستحب والرضا الواجب هو الرضا بفعل الله جل وعلا والرضا المستحب هو الرضا بالمصيبة يعني الرضا بفعل الله هذا واجب. لانه لا يجوز للعبد الا يرضى بتصرف الله جل وعلا في ملكوته. بل بما فعل الله جل وعلا في ملكوته. ولا يكون في نفسه معارضة لله جل وعلا في تصرفه في ملكوته. هذا القدر واجب واما المستحب فهو الرضا بالمصيبة. يعني الرضا بالمقضي فهناك فرق ما بين الرضا بالقضاء والرضا بالمقضي. الرضا بالقضاء. الذي هو فعل الله جل وعلا هذا واجب بالمقضي هذا مستحق ونقف عند هذا وانبه الى اني لما تمكن من الحضور في الدرس من يوم غد الى ليلة الاحد والتقي بكم ان شاء الله ليلة الاثنين باذنه تعالى وذلك لطارئهم فرأى سنكمل ان شاء الله هذا الشرف ولو اخذنا وقتا بعد الفجر او بعد العصر ان شاء الله نعدكم باكماله اكمال شرح هذه الاربعين اسأل الله لي ولكم العون والتوفيق والسداد بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه اما بعد فهذه صلة لما تقدم من شرح الاحاديث الاربعين النووية وقد وقفنا عند الحديث العشرين نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى وعن ابي مسعود عقبة ابن عامر البدري الانصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابي مسعود عقبة ابن عمرو الانصاري البدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان مما ادرك الناس من النبوة الاولى اذا لم تستحي فاصنع ما شئت. رواه البخاري اذا لم تستحي فاصنع ما شئت. رواه البخاري بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه هذا الحديث فيه الكلام على شعبة من شعب الايمان الا وهي الحياة وقد فسد الكلام هنا الى ما بقي للناس من النبوة الاولى فقد قال عليه الصلاة والسلام هنا ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستحي فاصنع ما شئت وقوله عليه الصلاة والسلام هنا ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى يقتضي ان هناك كلاما ادركه الناس من كلام الانبياء ومعنى الادراك انه فشى في الناس وتناقلوه عن الانبياء وقوله مما ادرك الناس من هنا تبعيضية فيكون هذا القول وهو اذا لم تستحي اصلا ما شئت يكون بعضا ما ادرك من كلام النبوة الاولى فقال عليه الصلاة والسلام ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى والنبوة الاولى المقصود بها النبوات المتقدمة يعني اواهم الرسل والانبياء فنوح عليه السلام وابراهيم عليه السلام وهكذا فان نوحا عليه سلام له كلام فشى في اتباعه لما بعده. وابراهيم عليه السلام كذلك في كلام الله وكذلك مما اعطاه الله جل وعلا واوحاه اليه فيما في صحفه فالنبوة الاولى المقصود بها النبوات السابقة البعيدة عن ارث الناس بذلك الكلام. فيكون مقتضى النبوة الاولى ان هناك نبوات متأخرة وهذا صحيح لانه اذا اطلق النبوات الاولى فانما يعنى به الرسل والانبياء المتقدمين بيموت اما موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام وهكذا انبياء بني اسرائيل داوود وغيره هؤلاء من النبوات المتأخرة يعني من الانبياء والرسل المتأخرين وقوله عليه الصلاة والسلام مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى هذا يعني ان هذا الكلام كلام انبياء وله تشريعه وله فائدته العظيمة. فهذا فيه لفظ النظر الى الاهتمام بهذا الكلام قال اذا لم تستحي فاصنع ما شئت تستحي لي يعني الحا هنا لان الفعل استحى يستحي فهنا تستحي صار جاهل لم اثر بالفعل بحرف الياء لان هناك سياقين وسمع هذه في قول الله جل وعلا ان الله لا يستحيي فثم يا ان هنا لما اتى لم حلفت الياء التي هي من الفعل وطقت وبقيت الياء الاخرى الداخلة واذا حين لم تستحي على كسر الحاء اشارة الى وجود الى حرف الياء فلا بأس في نظائرها المعروفة في النحو قوله هنا لم تستحي فاصنع ما شئت هذا فيه ذكر الحياة والحياة كما جاء في الحديث الاخر شعبة من الايمان وهو ملكة باطنة والحياء هذا يأتي تارة بالجبلة والخلق المطبوع عليه الانسان. وتارة يأتي بالاكتتاب اما للابلة والطبع فهذا يكون بعض الناس حييا كما جاء في الصحيح ان رجلا من ان رجلا من الانصار كان يهظ اخاه في الحياة يعني لماذا انت كذا وكذا؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام دعه فان الحياء لا يأتي الا بخير الحياء شعبة باطنة. ويهدي ويكون جبليا طبعيا ويكون مكتسبا والمكتسب مأمور به. وهو ان يكون مستحيا من الله جل وعلا. وان يكون مبتعدا عن المحرمات ما يشينه عند ربه جل وعلا ممتزنا للاوامر مقبلا عليها لان الله جل وعلا يحب ذلك ويرضاه. فالحياء المكتسب ما يكون في القلب من الخلق الذي يجعله اربا ان يغشى الحرام او ان يترك الواجب وهذا يكون بملازمة الايمان وبالعلم والعمل الصالح حتى يكون ذلك ملكا وقوله عليه الصلاة والسلام اذا لم تستحي فاصنع ما شئت فسر بتفسيرين يعني العلماء اختلفوا فيه على قولين ومجمل هذين القولين ان هذا اما امر واما ليس بامر ومن قال انه امر قال معنى الحديث الى كان الامر الذي يريد اتيانه مما لا يستحي منه فاصنع ما شئت من تلك الامور التي لا يستحيا منها عند المؤمنين يعني اذا كان الامر ليس حراما وليس منا يحرم مكارم الاخلاق والمروءات ولم يكن فيه تفريط بواجب ولم يكن مما يستحيا منه في الشرع فاصنعه ولا تبالي لان هذا دليل انه لا بأس به وهذا قول جماعة من اهل العلم منهم اسحاق واحمد وجماعة كثيرون والقول الثاني انه ليس بامر واهل العلم في هذا ايضا لهم توجيهان الاول قالوا انه خرج عن معنى الامر الذي هو الالزام بالفعل الى التهديد فمعنى اذا لم تستحي فاصنع ما شئت يعني اذا لم يكن لك حياة يمنعك من مقاربة الحرام والمنكر والتفريط في الواجبات فاصنع ما شئت فان من لا حياة له لا خير وهذا يكون حرج للتهديد لان الامر بان صيغة افعل عند الاصوليين وعند اهل اللغة تأتي ويراد بها التهديد. كما في قوله جل وعلا افعلوا ما شئتم انه اعملوا ما شئتم في سورة ممسلة اعملوا ما شئتم وهذا مخاطب به المشركون بان يعملوا ما شئت من الاعمال. وليس هذا تقديرا لهم ولكنه تهديد. ذخر انك انت العزيز هذا توقيف ليس فيه الامر الذي هو يوجب الامتثال ولكن هذا من باب التحكم والتوبيخ والتخويف وهكذا ايضا صيغة الفعل فاذا صيغة تفعل تخرج عن مرادها من انه الزام بالفعل الى صيغ اخرى بلاغية منها التهليل والتوبيخ اشبه ذلك. فهنا في قول اصنع ما شئت هذا على جهة التهديد. اذا لم يكن لك مانع من الحياء يمنعك عن محاربتك من منكر فانه افعل ما شئت وستلقى الحساب وستبقى مع سوء هذا الفعل الذي لم يمنعك عنه الحياء والوجه الثاني لهذا القول ان طائفة من اهل العلم قالوا هذا خرج مخرج الخبر يعني ان ما لا يستحي منه فان الناس يصنعونه وهذا خبر عن الناس وعما يفعلونه وهو ان الامور التي لا يستحيون منها يصنعونها. اذا لم تستحي من ذلك الفعل سلف صنعه او فالناس يفعلونه. فهو امر في ظاهره خبر في باطنه وهذا هذان القولان ظاهران في الاول وفي الثاني يعني انه امر او انه ليس بامر خرج على التهديد او على الخبر كل هذا قريب والحديث يحتمل القول ويحتمل القول الثاني