مما لم يختلف فيه الفقهاء قاطبة هذا من حيث الحكم. اما من حيث اجراء القواعد الاصولية. فقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد العصر هذا العموم في عرف الشارع لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله واصحابه اجمعين. اما بعد فينعقد هذا المجلس في الخامس عشر من الشهر الخامس من سنة ثلاث واربعين واربعمائة والف من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها رسول الله الصلاة والسلام في المسجد النبوي الشريف مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. شرحا لكتاب الاشارة للعلامة الفقيه بالوليد الباجي المالكي رحمه الله في اصول الفقه وكنا اتينا على بقية كلام المصنف في احكام العموم. نعم. بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال الامام العلامة ابو وليد الباغي في كتاب الاشارة في معرفة الاصول والعجازة في معنى الدليل فصل اذا تعارض لفظان خاص وعام بني العام على الخاص مثلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. فارتضى ذلك نفي كل صلاة صلاة بعد العصر ثم قال من نام عن صلاة او نسيها فلم يصلها اذا ذكرها. فاخرج بهذا الرفض خلاص الصلاة المنسية من جملة الصلوات المنهي عنها بعد العصر. وسواء وسواء كان خاص متقدمة او متأخرا. وقال ابو حنيفة اذا كان الخاص متقدما نسخه العام المتأخر وان كان العام متفقا عليه والخاص مختلفا فيه. قدم العام على الخاص. والدليل على ما اقول ان الخاص يتناول حكم الحكم على وجه الله يحتمل التأويل. والعامة يتناوله على يحتمل التكوين فكان الخاص اولى. هذه او هذا الفصل فيه عدة مسائل المسألة الاولى ما عبر عنه المصنف بقوله اذا تعارض لفظان خاص وعام بني العام على الخاص. اي جعله اي صار الخاص مخصصا للعموم. بني العام على الخاص اي اعتبر العام بهذا التخصيص. فخرج الخاص من حكمه العام. او من حكم العموم وهذا هو القاعدة الاصلية في مسألة التخصيص. انه اذا تعارض عام وخاص. انما الذي ينبه اليه في هذا الاستعمال في كلام المصنف انه عبر بكلمة التعارض قال اذا تعارض عام وخاص. والمقصود ارض التوارد على الحكم الواحد اذا توارد دليلان على محل واحد احدهما يقتضي فعلا والاخر يقتضي تركا. او احدهما يقتضي اثباتا والاخر يقتضي نفيا فهذا التوارد على المحل الواحد هو الذي استعمل له المصنف اصطلاح التعارض. ولو الاصطلاح على غير هذا لكان احرى واليق بعبارات رسم اصول الشريعة وادلتها. ولكنه باعتبار التطبيق عند المكلف فانه عند المكلف تكون حال المكلف هكذا حالا متعارضة. فان حال المكلف هنا تكون حالا متعارضة. ومن هنا تجوز في هذه العبارة وهذا الاستعمال والا فقوله اذا تعارض لفظان اضافة التعارض لللفظين باعتبارهما هذا ليس هو الاليق في استعمال خطاب الشارع. وانما لانه وفي خطاب الشارع يكون مبينا. فلا يكون متعارضا لانه في خطاب الشارع لا يقع الا لا يقع الا بينا حتى اذا نظره المجتهد وبينه فان نظر المجتهد وبيانه ليس هو المبين له فانه بين بذاته وانما المجتهد والفقيه اذا نظر في هذه الادلة او في هذا النوع من الادلة كشف هذا البيان والا فهو بين بذاته. ولهذا في نفس الامر لم يقع الخطاب متعارضا ابتداء. ولهذا اضافة التعارض الى هذا اللفظ الى هذا اللفظ او ذاك اللفظ ليس حكيما بالاستعمال وان كانت قصود المستعملين له من اهل الاصول هي قصود صحيحة اسود المستعملين له من اهل الاصول هي اصول صحيحة ولكن من حيث الاستعمال للكلام هذا ليس هو الاولى في ترتيب ووصف مسائل اصول الفقه وسيأتي الكلام في التعارض فيما بعد اذا عقد له المصنف بابا فيما يظهر. فقوله اذا تعارض اي حصل التقابل بين العموم والخصوص او بين العام والخاص. فان الخاص يخرج عن حكم العام بتخصيصه وذكر لذلك مثالا وهذا المثال الذي ذكره مثال محكم من جهة التخصيص. مثال محكم من جهة التخصيص وان كان ليس محكما من جهة العموم وهو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله لا صلاة بعد العصر. وهذا الحديث متفق على صحته. اخرجه البخاري ومسلم وغيرهما وجاء من حديث طائفة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم منهم ابو سعيد وجاء من حديث ابي هريرة في الباب من حديث ابن عباس وغيرهم. فاحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر متعددة. وجاءت من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم حديث من نام عن صلاتنا ونسيها فليصلها اذا ذكرها وهذا الحديث ايضا حديث متفق عليه فالتخصيص هنا بحديث من نام عن صلاة او نسيها فليصلها اذا ذكرها اي انه ولو وافق ذلك بعد العصر الذي هو وقت النهي وصلاة الفريضة في وقت نهي قد اجمع على ثبوتها. اي ان الفريضة تصلى في وقت النهي اريد به الفريضة حتى يقال انه عموم استغرق الصلاة مطلقا فرضها ونفلها ثم خصت الفريضة من الصلوات الخمس بذلك ثم خصت الفريضة من الصلوات الخمس بذلك لانه يبقى بعد ذلك بعد الصلاة الكفائية كالصلاة على الميت مثلا ونحو ذلك هل تدخل في هذا او لا تدخل في هذا الاظهر والله اعلم ان قوله لا صلاة بعد العصر هو ليس في الفرائض اصلا. وانما هو في النوافل وعلى هذا كل ما كان فرضا سواء كان من فرض العين او كان من فرض الكفاية فانه لم يدخل اصلا في هذا الخطاب حتى يقال بانه لحقه التخصيص بعد دخوله لان التخصيص في الاصطلاح الاصولي كما تعلم هو اخراج بعض افراد العام التي اقتضى العام لولا التخصيص الدخول وعلى هذا فان العلم بان صلاة الفريضة تصلى في اي وقت اذا ذكرها من نسيها العلم بذلك معروف ومستقر ومنبني في الشريعة حتى قبل ورود حديث من نام عن صلاة او نسيها فليصلها اذا ذكرها فليست تخصيص مستفادا بهذا الحديث وان كان هذا الحديث دالا على مطابقة هذا الحكم لكن ثمة فرق ان تقول ان هذا الحديث هو المخصص للعام ولولا مثل هذا ولولا مثل هذه الرواية وما جاء من مفرد الرواية في صلاة الفريضة لبقيت على العموم من جهة النهي ولاجل فعلها اذا نسيت هذا ليس كذلك وهذا هو التخصيص في اصطلاح اهل الاصول. ولهذا ان الفريضة تصلى وقت النهي هذا لا خلاف عليه لكن اهذا اخذ من باب تخصيص العام ام اخذ من باب اعتبار الاصل ولم يلحق العام ابتداء ولم يدخل ذلك من باب التخصيص وانما هو من باب انشاء الاحكام فالراجح هو الثاني ان هذا من باب انشاء الاحكام ولا سيما ان الصيغة التي ورد بها النهي كما ترى في المثال الذي ذكره المصنف رحمه الله هو قول النبي عليه الصلاة والسلام لا صلاة بعد العصر وهذه الصيغة مختلف بين الاصوليين على كونها من صيغ العموم من جهة ومن يقول بانها من صيغ العموم وهم الجمهور فايظا لا يختلف ان العام يرد فيما هو من صيغته ولا يكون المراد به ولا يكون به المراد به الاستغراق ثم هذا يبين لك ما سبق الاشارة اليه وهو ان ادراك العموم في خطاب الشارع معتبر بمدرتين. اللغة من جهة والشريعة من جهة اخرى. ولا تتمحض اللغة بالافادة لانك اذا اجريت تمحض اللغة جعلت قوله صلى الله عليه واله وسلم لا صلاة بعد العصر على العموم لكل صلاة فرضا او نفلا ثم التمست لذلك بعد ذلك التخصيص باحاد الادلة عن الفريضة التي تقضى ولو في وقت النهي او تؤدى اذا نسيها صاحبها ولو في وقت النهي ولكن اذا اجريت الاعتبار الاخر او الطريقة الثانية وهو ان العموم من جهة الالفاظ الواردة في خطاب الشريعة بكلام الله جل ذكره وبكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام تعتبر بمدركين تعتبر بمدرتين وهما اللغة من جهة والشريعة من جهة صار هذا هو المحقق لتفسير احكام الشريعة على مرادها وعلى انضباطها وتم فقه العموم على وجهه الملائم له فان الشارع في خطابه لما قال عليه الصلاة والسلام لا صلاة ما فهم السامعون ان الفرائض داخلة في هذا. لان الاصل في الفريضة انها لا تقع في وقت النهي ولهذا كان القول المحقق وهو الراجح وعليه اكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم وان اختلف فيه الفقهاء ان وقت النهي في الفجر لا يقع الا بعد صلاتها وليس النهي في الفجر متعلقا بدخول وقتها وان كان لم يشرع فيه بعد دخول وقتها من النوافل الا الركعتين وهما راتبة الفجر اللتان قال فيهما رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كما في الصحيح وغيره ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها فلا يشرع فيه صلاة ولم يحفظ عن النبي فيه صلاة الا ما شرع في راتبة الفجر ثم تصلى فريضتها ووقت النهي هنا يبدأ من صلاة الفريضة اي بعد صلاة الفريضة واما ان النهي قبل ذلك فتكون الفجر وراتبتها وقعت في اصل وقت النهي فهذا على خلاف اصل الشريعة والجماهير من الصحابة على خلافه وان قال به طائفة او كثير من الفقهاء كما هو معروف المقصود في هذا ان مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد الصبح ولا صلاة بعد العصر المراد بذلك النوع من الصلاة وهي النوافل التي الاصل فيها المشروعية المطلقة فلما صارت النافلة الاصل فيها انها مشروعة مطلقا لما كانت النافلة الاصل فيها انها مشروعة مطلقة نهي عن الصلاة في هذه الاوقات والمقصود بالصلاة هنا النافلة اما الفريضة فانها في اصل الشريعة لا تقع في وقت نهي ولا يختلف في ذلك الا فيما جاء في بعض الاوقات فالفريضة لا تقع في وقت النهي لا في صلاة العصر ولا في صلاة الفجر بل النهي بعدهما اي بعد الصلاتين واذا كان كذلك فان قضاء الفريضة حتما ولهذا لا يعلق به وقت سواء كان هذا من الوقت الذي نهى عنه الشارع فانما نهى عن نفله ولم ينه عن فرضه بل ان ده خطاب الشارع دال على انه لم يرد بجميع النفل ولهذا لو جرى المثال في كلام المصنف لو جرى المثال في كلام المصنف لتطبيق القاعدة الاصولية بدل ان يذكر حديث من نام عن صلاة او نسيها وهي الفريضة ولو ذكر في هذا الحديث جبير ابن مطعم الذي رواه الامام احمد واهل السنن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبدي مناف لا تمنعوا احدا طاف وصلى بهذا البيت اي ساعة من ليل او نهار وهما الركعتان بعد الطواف لكان هذا ملاقيا للقاعدة لان الركعتين بعد الطواف ندب وليست واجبة عند عامة اهل العلم ليست واجبة عند عامة اهل العلم وهو مذهب الائمة الاربعة ولكنها صلاة مشروعة بالنص والاجماع لقول الله سبحانه واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وهذه هذا الامر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تعلم فانه صلى بعد الطواف ركعتين وهي صلاة مشروعة ولهذا الامام احمد رحمه الله يجعل حديث لا صلاة بعد العصر ولا صلاة بعد الصبح لا يتناول ركعتي الطواف. مع انه قد منع جمهور النوافل من الصلاة بعد الصبح او بعد العصر. حتى كما سمي باصطلاح بعض الائمة كالشافعي ما له سبب ولم يجعل احمد رحمه الله لهذا قاعدة وهي السبب كما جعله الشافعي الشافعي رحمه الله له طريقة وهي طريقة امضاء كل ما له سبب على هذا ولهذا صارت تحية المسجد مشروعة عنده ولو في وقت النهي واما احمد فانه اعتبر التخصيص بالاثار ولم يعتبر التخصيص بمثل هذا القياس او التخصيص بمثل هذا الطريق الذي استعمله الشافعي رحمه والله والشاهد ان قول المصنف رحمه الله في التخصيص هنا بحديث من نام عن صلاة او نسيها هذا على تقدير ان قوله لا صلاة بعد الصبح عام في الفرائض والنوافل وهو ليس كذلك بل هو في خطاب الشارع لما وقع وقع على نوع فان قيل هذا ينافي العموم فيكون الخطاب هنا من حيث الوضع استعمل في المطلق دون العام قيل يمكن ذلك باعتبار النظر الى جنس الصلاة في الشريعة لانها منها النفل ومنها الفرض ويمكن ان يقال ان العموم لا يزال باقيا ولكنه عموم النوع. وهو نوع النافلة دون الفريضة ومن هنا لمثل هذه لمثل هذا الاعتبار قيل بانه لابد من الاستبصار بمراد الشريعة عند ورودي خطاب العموم فيها ولا ينظر في ذلك على تمحض ارادة اللغة او وضع اللغة فيه نعم قال فاخرج بهذا نعم فاخرج من نام عن صلاة او نسيها فليصلها اذا ذكرها فاخرج. احسن الله اليكم قال فاخرج بهذا اللفظ الخاص الصلاة المنسية من جملة الصلوات المنهي عنها بعد العصر سواء كان الخاص تقدم او متأخرا وقال ابو سواء كان خاص متقدما او متأخرا هذا عند الجمهور ان التخصيص قد يقع بالمقارن وقد يقع بالمتقدم وقد يقع بالمتأخر الجمهور يقولون من اهل الاصول بان التخصيص قد يكون متقدما وقد يكون مقارنا وقد يكون متأخرا قال وقال ابو حنيفة نعم فقال ابو حنيفة اذا كان الخاص متقدما مسخه العام والمتأخر ان كان العام متفقا عليه والخاص مختلفا في العام على الخاص. قال وقال ابو حنيفة اي قال الحنفية وهذا قول مشهور عند الاحناف وليس اجماعا لهم قول مشهور عند الاحناف وليس اجماعا لهم اذا كان الخاص متقدما على العام فلا يجعلون هذا من باب التخصيص وانما يجعلون العام المتأخر لما تناولت افراده ذلك الخاص المتقدم يجعلون الخاص المتقدم منسوخا بهذا العموم المتأخر هذه الطريقة مستعملة عند كثير من الحنفية ويذكرونها في اصولهم ويذكرونها في اصولهم والجمهور على خلافها وطريقة الجمهور هي الراجحة ان التخصيص قد يكون بالمقارن وقد يكون بالمتقدم وقد يكون بالمتأخر وفرق بين النسخ والتخصيص فان النسخ هو مقامات معينة في كتاب الله مقامات معينة في كتاب الله ويقع على جملة الحكم واما باب العام والتخصيص فهذا فهذا باب اخر هذا باب اخر وان كان بينهما تقارب في بعض الموارد ولكن المصنف هنا ابان لك ان ابا حنيفة فيما ذكره وهو في حقيقة الحال رأي للاحناف وعي للاحناف قالوا اذا كان الخاص متقدما اي متقدما على العام فانه لا يكون هنا من باب التخصيص فاذا جاء العام بعده فماذا يكون حال تلك ذلك الخاص؟ قالوا تكون حاله انها منسوخة بالعام لان العموم غير حكمه فلما تغير حكمه صار هذا من باب النسخ ولو وقع خاص ثم جاء بعده خاص لكان هذا النسخ بالاجماع لو وقع خاص ثم جاء خاص بعده يرفعه لكان هذا هو النسخ بلا خلاف لكن اذا جاء خاص ثم جاء بعده عام وصار رفع وصار رفع الخاص بدخوله في العموم لا بورود خاص فيه فهل هذا من باب التخصيص او يكون هذا من باب بيان العام او يكون من باب النسخ المشهور عند الحنفية انه نوع من النسخ والجمهور على خلاف ذلك المسألة الثالثة قال وان كان العام احسن الله اليكم قال وان كان العام متفقا عليه والخاص مختلفا فيه العام على الخاص هل الاقوى هو العام او الخاص؟ هذه مسألة فيها خلاف بين العلماء فمنهم من يقول من الاصوليين والنظار بان العام اقوى من الخاص باعتبار ان العام محفوظ بالصيغة اللغوية محفوظ بالصيغة اللغوية فلا يخرج منها شيء فيكون هو الاصل فيقدم العام على الخاص باعتباره الاصل وبعضهم يقول ان الخاص اقوى من العام لان العموم هنا ظني والخاص واحد بالعين من افراد العام فيكون اقوى باعتباره معينا بخلاف العام الذي يتناول الجمع او الجميع او الاستغراق فانه ظني. ولهذا صار ظنيا عند الجمهور باستعمالهم كما سبق وعند الحنفية اذا دخله التخصيص فهذه مسألة من المسائل النظرية في علم اصول الفقه ايهما اقوى جهة؟ الخاص ام العام؟ فطائفة تقول جهة العموم اقوى من جهة الخصوص او العام اقوى من الخاص وطائفة تقول الخاص اقوى من العام وهذه الطريقة هي التي يرجحها المصنف رحمه الله فالشيخ ابو الوليد يرجح ان جهة الخاص اقوى من جهة العام ولكنه قيد هذا الترجيح بقوله بانه اذا كان العام متفقا عليه والخاص مختلفا فيه فان العام يكون اقوى باعتبار الرتبة لان رتبة المتفق عليه اقوى من رتبة المختلف فيه وانت ترى ان الترجيح والتقديم بمثل هذه الاوصاف كالتقديم باعتبار الاصل وان التخصيص طارئ على الاصل عند من يقدم العام او التخصيص للاصل باعتبار انه واحد معين فلا يلحقه التردد كالجملة من الافراد التي قد يدخلها التردد او التخصيص بمقارنات ولهذا جعلوه ظنيا او التقديم والتأخير باعتبار الاتفاق والاختلاف. فتجعل جهة الاتفاق اعلى من جهة الاختلاف فالترجيح بمثل هذه الاوصاف هو من طرق الترجيح وليس من طرق الاستدلال هذا واحد انه اذا استعمل في بيان الاحكام فمثل هذه الاوصاف اوصاف مقولة في الترجيح ولا يصح استعمالها في الاستدلال الامر الاخر انها اذا استعملت في اوصاف الترجيح فليست هي من الاوصاف الاولى في الترجيح ليست هي من الاوصاف الاولى في الترجيح. فان قيل فلما ذلك قيل لان هذه الاحكام التي اوجبت التقديم والتأخير كالاتفاق والاختلاف او الاصل وما يلحقه وما الى ذلك هي احكام كلية هي احكام كلية والكل اثره على الجزئي والكلي اثره على الجزئي في هذا المقام يكون اثرا مشتركا مع غيره لان هذا الجزئي الذي اريد ان يجعل مقدما عليه ما دل عليه الاتفاق او دل عليه الاصل يقابله اجزاء اخرى تشترك في كليات تناسبها فلو كان كل وصف كلي يكون مرجحا او حاكما في الترجيح بعبارة اصدق لو كان كل وصف كلي كالتقديم بالاتفاق او التقديم بالاصل ونحو ذلك لو كان كل وصف كلي يكون حاكما في الترجيح للزم من ذلك التظاد بين الحاكمات في المرجحات او في الترجيح ومن هنا قيل بانه لا يلائم مقام الاستدلال ولا يلائم مقام الترجيح في اوائله وعاليه وانما هو من الشواهد التابعة وانما هو من الشواهد التابعة ولهذا بعض الطرق التي تستعمل بالترجيح تارة وفي تقديم او اختيار بعض الاقوال تارة اخرى قد يكون لها اصل علمي ولكنها تورد على غير رتبتها كالتقديم بالاتفاق او التقديم باعتبار الاصل او ما الى ذلك ولهذا مثلا قد يكون الاصل هو الحاكم ببعض الموارد ولهذا عد في الادلة كما تعلم عند الاصوليين ما يعرف عندهم بدليل الاستصحاب فان قيل اليس جعل الاستصحاب من الادلة عند الاصوليين يعارض ما قيل بهذا الكلام قيل هو لا يعارضه باعتبار ان الاستصحاب المقول في الادلة والاستدلال هو رتبة من امضاء الحكم الذي حفظ ارادة الشريعة له الا ان يأتي ما يرفعه فهو اشبه ما يكون بامضاء العام على عمومه. بل هو اقوى منه ولهذا عدوا عند الاصوليين في انواع الاستصحاب استصحاب العموم وبعظ انواع الاستصحاب قد تكون اقوى من استصحاب العموم ومن ذلك استصحاب النفي ولهذا الاحناف كما تعلم في دليل الاستصحاب لا يثبتون منه الا البراءة العقلية او البراءة الاصلية وهو النفي العقلي او استصحاب النفي دون استصحاب الاثبات لانه هو اعلى رتب الاستصحاب ولكن الجمهور يثبتون الاستصحاب ايضا في الاثبات لكن ايدخل فيه استصحاب العموم فهذا درجة من درجات الاستصحاب المثبت ولكنها درجة دون اصل الاثبات في دليل الاستصحاح واما اذا اتينا على درجة بعد ذلك من من درجات الاثبات بدليل الاستصحاب ذكرها بعض الاصوليين وبعض الفقهاء واستعملها بعض المتأخرين من الفقهاء كثيرا في تطبيقاتهم وهو استصحاب الاجماع في مورد الخلاف وهذه مسألة سماها طائفة من الاصوليين وقالوا فيها في علم الاصول وممن ذكرها وهم جماعة ولكن من اخصهم ابو حامد رحمه الله فانه ذكر هذا النوع من الاستصحاب وابطله ورده ورده وابطاله هو المعتبر. ورده وابطاله هو المعتبر لان استصحاب الاجماع في مورد الخلاف لا يصح للعلم المحكم بان المحل للعلم المحكمي بان المحل الذي اريد الاستدلال له خارج عن الاجماع وخروجه عن الاجماع علم بوقوع الخلاف فيه فلما وقع الخلاف فيه صار ليس من محل للاجماع بل دل خروجه عن الاجماع انه لا يلائم مقام الاجماع ولربما لو كان الطرد ممكنا في مثل هذا لكان عكسه اولى منه لكان عكسه اولى منه لكن لا قائل به لكن لا قائل به والا من حيث النظر المجرد لكان عكسه اولى منه لانه لما اختلف فيه علم انه لم ينتظم في هذا المحل والشاهد في هذا ان استعمال الكليات المجردة كحاكمة على مفصل الفروع هذا وان كان من حيث الاصل يثبت لكنه لا يعد في اصول الاستدلال المفصحة بحكم كل فرع يرد الى كل واحد لكثرة الكليات الحاكمة بالشريعة واما من استبصر ونظر الكليات الملائمة لهذه الفروع او لهذا الفرع المعين ثم وازن في اجراء هذه الكليات عليها وما الى ذلك فاذا استتمت هذه الطريقة صارت طريقة صحيحة استدلالا او ترجيحا استدلالا او ترجيحا ومن هنا قالوا في الاستصحاب ما قالوه وقالوا في قياس الشمول ما قالوه وقالوا في العام ما قالوه مع انها في باب الادلة والاستدلال فظلا عن باب الترجيح فاذا جمعت على هذه الطريقة صار هذا من رد الجزئي الى الكلي على وجهه الصحيح والا فالكليات في الشريعة حاكمة على الجزئيات ولهذا القواعد الفقهية مثلا هي حاكمة على الفروع الفقهية وهذا اخص مقاصد فقه القواعد الفقهية ان القواعد الفقهية حاكمة على الفروع الفقهية حاكم عليها تارة بالبيان وتارة بالتقييد والشرط والاستثناء ونحو ذلك واما ان ينزع الى كلي واحد يحمل وصفا يلائم بعض الاجزاء يلائم بعض الاجزاء اي بعض المفردات من الاجزاء فيرد اليه ويجعل حاكما لصحته فهذا وصف يستطيع صاحب كل قول بلا استثناء فانه ما من جزئي الا ويتناوله ويتعلق بكل من هذه الاوصاف ولو كان هذا وصفا مرجحا قاضيا بالترجيح لاحاد الجزئيات لكان كل صاحب قول يستطيع ان يرجح قوله برده الى وجه ما من الاوصاف الكلية وهذا لا يخلو فرع منه لا يخلو فرع من تعلقه بجملة من الاصول الكلية لانه لم يقع في الشريعة البتة لا يقع في احكام الشريعة كلها ان ثمة فرعا لا يرد الى اصل او ان ثمة جزئيا مقطوعا عن الكليات كلها هذا لا وقوع له بالشريعة بل ما من فرع الا وهو يتبع اصولا وما من جزئيا الا وهو الا وهو يتبع كليات وكان ربما الاولى في التعبير ان يقال ما من فرع الا يتبع اصلا وما من جزئي الا يتبع كليا لكن قصد بهذا المقام التعبير بالجمع لئلا يتوهم او لدفع التوهم ان الكلية الواحد يكفي لحكم الجزئية فهو لا يكون كذلك فان قيل فقد مضى في كلام اهل العلم رحمهم الله انهم في تعليلاتهم الفقهية او في شرحهم ونشرهم للقواعد الفقهية واحكامها يردون الفرع الواحد او الجزئي الواحد الى الكلي الواحد او الى الاصل الواحد قيل وهم يردونه اذا ذكرت هذا في كلامي وطريقة محققيهم وهذا موجود وواقع في سائر كلامهم هم نعم يردونه بعد ان تحروا وجعلوا هذا الذي ردوا اليه من الكلي او الاصل هو اعلى ما يمكن الرد اليه فكأنه حصل ماذا فحصل الاختبار حتى صاروا يرون ان هذا الاصل هو اليق الاصول بهذا الجزئي فاتبعوه حكمه او ان هذا الكلي هو اليق الاصول هو اليق الكليات بهذا الجزئي فاتبع الجزئية حكمه فهذا هو الرد الصحيح وهذا هو الطريقة الفقهية المعروفة ان يردل العالي اه من الكليات بعد جمعها وان كان الرد الى العالي بالاشارة في كلام الفقهاء وتعليلهم وتسبيبهم للاحكام لا يقصدون به انه ليس ثمة ما يمكن الرد اليه من كلي اخر او اصل اخر وانما الذي لا يقع في طريقة الفقهاء رحمهم الله البتة انهم اذا نظروا في فرع التمسوا له ادنى كلي يناسبه نوع مناسبة ثم الحقوه به او ادنى اصل نوع مناسبة ثم الحقوه به فهذا لا وقوع له في طرائق الفقهاء هذا لا وقوع له في طرائق الفقهاء. واما الرد الى الاعلى بحسب الاجتهاد فهذا هو الطريق المعروف ولهذا لو اجريت نظرا في بعض كلام الفقهاء ولا سيما في قدمائهم مثلا ككلام الامام الشافعي رحمه الله في كتاب الام وكلام امام جليل من اقرانه ومن سادات الفقهاء وكبار الائمة في ذلك وهو الامام محمد ابن الحسن الشيباني صاحب الامام ابي حنيفة فاذا نظرت في كلام الامام الشافعي في كتاب الام وما قاله الامام محمد بن الحسن في كتاب الحجة على اهل المدينة لوجدت ان الشافعي يرجح بالاصل وبالكلي في كثير من الفروع. وهذه طريقة رفيعة لكن انما انتهى اليها الشافعي باعتبار انه صار عنده من حيث الاستتمام في النظر ان هذا الاصل او هذا الكلي هو ارفع واولى ما يلحق هذا الجزئي به وتجد ان في طريقة محمد ابن الحسن وما هو عليه من الاصول الحنفية وان كانت طريقة محمد بن الحسن ليست هي طريقة اهل الرأي المحضة وانما طريقة اهل الرأي المحضة هي الطريقة التي استعملها الزفر ابن الهذيل. اما طريقة محمد ابن الحسن ففيه اعتبار واسع بالسنن والاثار ولهذا كان الامام احمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه يجل طريقة محمد ابن الحسن حتى قيل انه نظر في كتب محمد ابن الحسن كثيرا ولكنه يعلم انه يجل هذه الطريقة لان طريقة الامام محمد بن الحسن وهو من اعيان الفقهاء ولولا انه وقع بين يدي ابي حنيفة العدة في رتبة الشافعي وامثاله من جهة الاختصاص بالمذاهب لكنه وقع بين يدي الامام النعمان فصار من اصحابه وصار هو والقاضي هما اخص اصحابه. المقصود ان الاستعمال للكلي وللاصل هذا فقه بليغ فاذا استعمل على وجهه فهو الفقه الرفيع واما اذا استعمل على قصره فهذا ليس من طرائق الفقهاء واستعماله على قصره مختصره هو ان يلتمس في النظر في حكم الجزئي ادنى كليا او اصل فيه نوع مناسبة له فاذا عثر عليه الباحث او الناظر الحقه به حكما وجعل رأيه او ترجيحه او اختياره من باب رد الفرع الى الاصل او من باب رد الجزئي الى الكلي. وهذا في اصله قاعدة وهذا في اصله قاعدة صحيحة. فهذا هو الذي يرد فيه او يقع فيه مقام من الفوات فيما اشير اليه نعم اصلا قال فاذا تعارض اللفظان على وجه لا يمكن الجمع بينهما فان علم التاريخ فيهما نسخ نسخ المتقدم بالمتأخر وان جهل ذلك نظر في ترجيح احدهما على الاخر بوجه من وجوه الترجيح التي تأتي بعد هذا فان امكن ذلك وجب المصير الى ما ترجى فان تعذر الترجيح في احدهما ترك النظر فيهما وعدل الى سائر ادلة الشرع كما دل عليه الدليل اخذ به فان تعذر في الشرع دليل على حكم تلك الحادثة كان الناظر مخيرا في ان بان يأخذ باي اللفظين شاء الحاضر او المبيح اذ ليس في العقل حظر ولا اباحا. هذا الفصل الذي عقده المصنف قد قاله طائفة من اهل الاصول والتعبير بالتعارض اصله من كلام نظار الاصوليين ودخل على فقهائهم واما ائمة الفقهاء فانهم لا يستعملون ذلك وغاية ما استعمله اصحاب الحديث هو المشكل وهذا ايضا في الحديث خاصة والمختلف وهذا ايضا في الرواية خاصة واما اظافة المختلف او المشكل الى عموم الادلة من الكتاب والسنة فهذا لم يسلكه احد من اهل الحديث من المتقدمين قاطبة ولا من ائمة الفقه وعلى هذا يقال بان القول في هذا الاصل باعتبار مقامين المقام الاول باعتبار الالفاظ. والمقام الثاني باعتبار المعاني. اما باعتبار الالفاظ فانه لا يلائم في مقام وصف اصول الشريعة ان يذكر التعارض مضافا الى الالفاظ مع ان الالفاظ اذا ذكرت فهي الفاظ الشريعة فهذا من الوصف الذي تجوز من تجوز فيه من النظار طردا لاصولهم العقلية وهو استعمال غير حكيم بل غير صحيح ولا يصح ان يستعمل في هذا الباب البتة لان في الالفاظ الدالة على مثل هذه المقاصد التي هي في مقام القصور الصحيحة هنالك من الالفاظ المستعملة ما يكون ملائما باستعمال التعارض في هذا المقام هو من طرد الاصول النظرية المحضة ولما علم ان الشريعة عرية عن هذه المادة وان الشريعة محكمة وان الشريعة في ادلتها واحكامها لا اختلاف فيها البتة صار هذا الاستعمال من حيث اللفظ ليس استعمالا صالحا على اي وجه وقع في القصور وان كانت القصور عند اهل العلم من سائر الطبقات وسائر الاصناف حتى من المتكلمين هي تقع على قصود في اصلها فيها تعظيم للشريعة لكن الاستعمال من حيث اللفظ هذا غريب والله جل وعلا كما تعلم بين ان هذا الكتاب لا اختلاف فيه كما في قول الله سبحانه وتعالى افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. فنفي عنه الاختلاف وهذا الاختلاف الذي نفاه الله عن كتابه يطرد ايضا في كلام رسول الله وهديه وسنته عليه الصلاة والسلام فلا اختلاف فيها كما انه لا اختلاف في كتاب الله وعلى هذا فهذا اللفظ وان استعمله من استعمله من الاصوليين فانه ليس استعمالا شائعا في اهل العلم. واهل القرون الثلاثة الفاضلة لا يستعملون هذا البتة من ائمة السنة والحديث وانا استعمله نظار المتكلمين الذين خالفوا طريقة السلف الصالحين وهذا ينبغي فيه ان يعتبر الطريقة التي سلكها السلف الاول وغاية ما يذكرونه في طبقة الشافعي وامثاله ان يستعملوا المختلف من الرواية وهذا لهم فيه طريقة وباب الرواية كما ترى اوسع باعتبار تنوع الاسانيد واختلافها في ذلك وصاروا يستعملون المختلف من الرواية ويجعلون هذا مقدمة للنظر في اعلالها او دفع ما يرد عليها من توهم الاعلال بسبب ظاهر من المتن فكأن هذا الاستعمال الذي استعملوه هو لدفع مثل ذلك ونحوه واستعملوا المشكل ايضا وهي كلمة دون كلمة المختلف فهذان الاستعمالان هما اللذان وردا في كلام آآ اهل الحديث. واما ما بعد ذلك بكلمة التعارض او التمانع فان هذا من الاستعمال الذي استعمله النظار ولا يصح في الفاظ الشريعة وهذا له تفصيل فوق ذلك. هذا من حيث المقام الاول وهو مقام الالفاظ وهو مقام الالفاظ فان الالفاظ ولو صحت القصود يجب ان تصير على ميزان الشريعة وجلالها يجب ان تصير على ميزان الشريعة وجلالها ولا يكفي ان يكون القصد صالحا وهذا الاستعمال من الظيق الذي لا لزوم له ومن التكلف الذي لا لزوم له هذا مقام. المقام الثاني وهو مقام المعاني. فيقال ان اهل العلم قاطبة من اهل الحديث واهل الاصول واهل الفقه واهل النظر وغيرهم من الاصوليين وغيرهم لا احد منهم يقصد الى ان التعارض يقع في ادلة الشريعة على معنى التعارض المقول عندهم في اصول النظريات وهو التقابل التام الذي لا مخلص له من الشريعة هذا لا يقع عندهم وانما يجعلون هذا اذا قام وانما يجعلون هذا اذا قام مقاما اضافيا للمجتهدين. فيجعلون هذا عارضا لاجتهاد بعض المجتهدين. ولا يكون وصفا للشريعة وانما هو وصف للاجتهاد بل ان التحقيق انه ليس وصفا للاجتهاد كله ولهذا لا يطبق الفقهاء عليه وانما قد يعرض لبعض المجتهدين ان تتكافئ عنده بعض الادلة او لم يظهر له الترجيح فيتجوز من يتجوز منهم بكلمة التعارض فهذا من حيث القصود ولكن اذا اتجه القول الى مثل هذا اذا اتجه القول الى مثل هذا وان المقصود بالتعارض ما يعرظ اللي بعض المجتهدين قيل هذا العارظ لبعظ المجتهدين على هذه الرتبة قليل في جمهور اجتهادهم فلما كان قليلا في جمهور اجتهادهم ولهذا التوقف في اجتهاد المجتهدين قليل اضافة الى الافصاح والحكم ولما كان قليلا فكان ينبغي الا يوصف به الاجتهاد فضلا عن ان توصف به الادلة في تجويز العبارة وذلك لكونه على هذا الوجه واذا قيل لما كان المعنى على هذا فما الذي حملهم على مثل هذا الاستعمال؟ قيل حملهم على مثل هذا الاستعمال ان يميزوا الحكم وان يرتبوا الطرق التي يتوصل بها الى الحكم فجعلوه على هذا اللفظ العالي واستعملوا له كلمة التعارض ثم ذكروا الرتب في جواب ذلك ولهذا بعضهم يقصد في جواب ذلك الى الابتداء بالنسخ وبعضهم يجعل الجمع مقدما على النسخ والطريقة التي استعملها المصنف رحمه الله هنا في قوله اذا تعارض اللفظان فان علم التاريخ نعم؟ احسن الله اليكم قال المصنف فاذا تعارض اللفظان على وجه لا يمكن الجمع بينهما. اذا تعارض اللفظان مع ان من يتأول كلامهم من حيث القصود قل انهم يقولون هذا في اجتهاد المجتهد لكن المصنف هنا وطائفة من اهل الاصول يقول اذا تعارض اللفظان فاظوا التعارض الى اللفظ فهذا مأخذ في استحكام الاشكال في استعمال العبارة وان كانوا يفسرون ذلك بقصد صحيح كما اسلفت حتى اذا اضافوه الى اللفظ فسروه بمقصود صحيح. نعم قال فان علم التاريخ فيه ما نسخ المتقدم او نسخ نسخ المتقدم المتأخر نسخ نسخ نسخ المتقدم بالمتأخر ان يصير المتأخرون نسخ المتقدم بالمتأخرة يصير المتأخر هو الناسخ والمتقدم هو المنسوخ الذي تراه في طريقة المصنف من حيث الترتيب انه ابتدأ بالنسخ وهذه طريقة لبعض الاصوليين وبعضهم يجعل الجمع مقدما على النسخ ويذكرون بعد ذلك الترجيح ثم التوقف وهذه اربع طرق عليها مدار كلام اكثر الاصوليين الطريقة الاولى الجمع الطريقة الثانية النسخ فيكون المتأخر ناسخا للمتقدم والطريقة الثالثة الترجيح والطريقة الرابعة التوقف هذه طرق نظرية وكأنها مرتبة من من دليل الشريعة ومن دليل العقل فان النسخ هو من دليل الشريعة المحض والا فانه ليس من الاحكام العقلية البتة وانما هو من اقتضاء الشريعة والمصنف بدأ به. والمصنف بدأ به وبعضهم بدأ بالجمع لارادة الجمع بين الخطابين وهذا عند التأمل لا ينتظم على الترتيب مطلقا. اي لا ينتظم على الترتيب هذا او هذا لما لان النسخ ليس طريقا للنظر في الادلة وانما النسخ وانما النسخ هو وصف شرعي محض النسخ ليس استدلال النسخ مسألة خبرية محضة واما الجمع والترجيح او حتى التوقف فكلها فرع عن النظر والاجتهاد واما النسخ فانه مسألة خبرية محضة ولهذا ليس المناط في النسخ هو العلم بالمتقدم والمتأخر وان كان هذا من شرطه واصل العلم به لكن حتى لو علم المتقدم والمتأخر لا يلزم هذا في نظام الشريعة ان يكون هذا من باب النسخ بل تارة يكون من باب النسخ وتارة يكون ذلك من باب البيان ويقصد بباب البيان ان يكون الاول محمولا على صفة والثانية محمولا على صفة اخرى اذا كان محل فعل المكلف له جملة من الصفات مثل ما جاء باحاديث مس الذكر مثلا الذي جاءت من رواية بسرى بنت صفوان كما في مسند الامام احمد وعند اهل السنن وحديث طلق ابن علي فهذه الاحاديث من حيث الرواية كما تعلم متكلم فيها جميع الاحاديث في مسجد ذكر فيها كلام وطائفة من اهل الحديث يعلونها كلها. سواء ما قضى منها بالحكم او ما قضى بتركه وطائفة يجعلون حديث بصرى محفوظا ويجعلون حديث طلق ليس محفوظا وطائفة منهم يحسنون هذا وهذا فهذا من حيث الحديث او الرواية ولكن من حيث الاصول وهو المقصود في هذا المجلس هذا حتى لو علم المتقدم من المتأخر لم يلزم ان يكون هذا من باب ناسخ والمنسوخ وعليه فاذا وقع في الدليلين ما يدل على ان الحكم فيهما مختلف فان تقدير النسخ باعتبار العلم المتقدم والمتأخر لا يتجه وهذا له امثلة كهذه الاحاديث في مس الذكر ولهذا صار الجمهور من العلماء صار الجمهور من العلماء لا يجعلون ذلك من باب المنسوخ لا يجعلون ذلك من باب المنسوخ مع ان الرواية التي في حديث طلق ظاهر من جهة رواتها وقد رواها غيره ظاهر من جهة الرواية ان فيها تأخرا عن حديث بشرى ولكن مع ذلك فان جمهور العلماء يجعلون مس الذكر مما ينقض الوضوء وهو المشهور في مذهب الامام احمد رحمه الله ان من مس ذكره اي مباشرة اي ليعلم بعض السامعين ممن قد يخفى عليه ذلك ان مس الذكر اي مباشرة مباشرته بالمس فهو ناقض للوضوء في مذهب الامام احمد على الصحيح من مذهبه وعنه رواية اخرى وهي المشهورة عند مالك او المشهورة في مذهب مالك انه اذا مسه بشهوة انتقض وضوءه فالجمهور من الائمة الثلاثة ابي حنيفة من الائمة الثلاثة احمد والشافعي ومالك يجعلون مس الذكر ناقضا ولكنهم يختلفون امن شرطه ان يكون بشهوة او لا يلزم ذلك على قولين عند الجمهور هما روايتان عن الامام احمد اختار كل واحدة منهما طائفة من اصحابه ولكن اكثر اصحاب الامام احمد على انه مطلقا وقال ابو حنيفة بان مس الذكر لا ينقض الوضوء مع ان الاحناف بترتيبهم لهذا الحكم لم يكن المناط الحاكم عندهم ان هذا من باب النسخ وان كان هذا الطريق ذكره بعض اهل العلم من الحنفية وغيرهم ممن يرجح ذلك لكن المقصود ان التقدم والتأخر ليس حاكما لا يصح ان يجعل التماسه واصفا لكل ما ظن المجتهد ان فيه تقابلا فيجعل هذا ناسخا لهذا وانما النسخ هو خبري محض وكأنه معين في الشريعة منضبط كاستقبال القبلة فان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الى بيت المقدس ثم نسخ ذلك ونسخه بين في كتاب الله وهو متواتر في كلام الله ورسوله ومنه قول الله سبحانه وتعالى فولي وجهك شطر المسجد الحرام. وقوله جل وعلا وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرة فهذا من باب النسخ المحكم انه وقع فيه نسخ اما بعض الاحكام اضيفت الى النسخ فاضافتها الى النسخ بمادة من الاجتهاد كاحاديث مس الذكر وما فيها او كأكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. فالراجح ان هذا ليس من باب النسخ لان النبي صلى الله عليه وسلم انما علق لهم الحكم في السنة التي دف فيها من دف فهم بعضهم ذلك فردهم الى صادق المراد من الشريعة ولهذا لم يستحكم هذا الفهم على جملة الصحابة ثم يكون حديث بريدة ثم يكون حديث بريدة رضي الله تعالى عنه من باب النسخ وانما حديث بريدة وانما حديث بريدة كنت نهيتكم عن الظروف وان الظروف لا تحل شيئا ولا تحرمه ونهيتكم عن امساك لحوم الضحايا فما جاء في لحوم الضحايا او الاضاحي كلاهما استعمال صحيح لغة كل ذلك من باب البيان انما النسخ انما النسخ مولده في الظروف انما النسخ مورده في الظروف لان الظروف نهي عن جملة منها كما جاء في حديث ابن عباس المتفق عليه من رواية ابي جمرة نصر ابن عمران الضبعي قال كنت اترجم بين يدي عبد الله بن عباس وبين الناس فاتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر فقال ان وفد عبد القيس اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال النبي صلى الله عليه وسلم من القوم ومن الوفد؟ قالوا ربيعة قال مرحبا بالقوم او بالوفد غير خزايا ولا نداما ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم امركم باربع وانهاكم عن اربع امركم بالايمان بالله وحده اتدرون ما الايمان بالله وحده قالوا الله ورسوله اعلم قال شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت والمقير. وفي رواية والنقير وهذا حديث ابن عباس هو المشهور عند اهل العلم بحديث عبد القيس او وفد عبد القيس وجاء ايضا في الصحيح عند مسلم من رواية ابي سعيد الخدري وكان الائمة يجلون هذا الحديث في ابواب اصول الدين لانه اصل ان العمل ان العمل داخل في مسمى الايمان وان العمل اصل في الايمان لان النبي صلى الله عليه وسلم لما بين لهم الايمان بينه بالشهادتين وبالاعمال الصالحة التي هي المسماة فيها ذكر الاسلام في حديث عبد الله ابن عمر المتفق على صحته بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله اه واني رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان والحج فالمقصود ان النهي عن هذه الظروف جاء في حديث بريدة ما يدل على تركه في قوله كنت نهيتكم عن الظروف ولهذا قال طائفة بان هذا من باب النسخ وقال طائفة من اهل العلم وكأنه مذهب الجمهور بان هذا لم يكن منسوخا لان هذا لم يكن منسوخا وجعلوا الروايات التي جاءت في النهي ابلغ من جهة الثبوت من مفرد حديث بريدة رضي الله تعالى عنه وهذا الذي مال له طائفة ومنهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فان الاحاديث في ذلك قال عنها البعض بانها من المتواتر اي في مسألة الظروف. نعم اذا الرتبة الاولى وهي رتبة النسخ هذا تقريرها فليس البحث من جهة احكام المسائل ان يقال ايقدم النسخ على الجمع ام الجمع على النسخ؟ نعم مسلها وهي مسألة النسخ وما تبعها من الدرجات التي ذكرها المصنف يفصل فيها ان شاء الله بالمجلس القادم باذن الله تعالى وانما يشار في ختم هذا المجلس الى ان مسألة النسخ لا ينبغي ان تكون رتبة في ترتيب الاستدلال فيما قصد فيما سماه بعظ الاصوليين بباب التعارض وانما مسألة النسخ او النسخ في الشريعة هو رتبة اعلى من ذلك لانه معين بنص الشريعة ولا يدخله الاحتمال والاجتهاد والتقدم والتأخر ليس هو المناط الحاكم عليه وحده وان كان من شروطه من جهة العلم بذلك ولكنه له شروط ومناطات اخرى ولهذا ينبغي ان ينظر في النسخ باعتباره بابا مختصا لا يكون الموجب له التقدم والتأخر ولا يكون الموجب له ما يظهر مما سمي بالتعارض في نظر بعض المجتهدين في دلالات بعض الالفاظ هو ليس كذلك ولهذا اجراؤه على انه احد هذه الرتب سواء قدم على الجمع او قدم على الجمع لا يكون طريقا محكما فيما يظهر ولهذا كان السلف الاول يجلون هذا الباب كما ذكر ذلك الامام احمد والشافعي حتى ان من اسباب اجلال الامام احمد للشافعي ما وجده عنده من حسن عناية واحاطة بباب ناسخ والمنسوخ هذا ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يوفقنا جميعا لما يرضيه وان يجنبنا اسباب سخطه ومعاصيه اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. اللهم يا ذا الجلال والاكرام احفظ بلادنا وبلاد المسلمين اجمعين اللهم اجعل بلادنا امنة مطمئنة سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين اللهم يا ذا الجلال والاكرام وفق ولي امرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى اللهم سددهم في اقوالهم واعمالهم اللهم اعنهم على امور دينهم ودنياهم يا ذا الجلال والاكرام اللهم نور على هذه القبور من المسلمين قبورهم. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا وامامنا رسول الله عليه الصلاة والسلام