بما وصفت في هذا وفي العدل وفي جزاء الصيد. ولا يقول بما استحسن فان القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثال سبق فامرهم ان نعم اذا بين الشافعي في هذه الاشارة الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما اما بعد فهذا هو المجلس الثاني من مجالس الشرح والتعليق على رسالة الامام الشافعي رحمه الله بواسع رحيمنا بواسع رحمته. وينعقد في السابع والعشرين من الشهر الخامس من سنة ثمان وثلاثين واربع مئة والف من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها الصلاة والسلام في المسجد النبوي الشريف مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكنا اتينا وانتهينا من مقدمة الامام الشافعي التي تضمنت جملة من سياسته ثقته في كتابة هذه الرسالة التي ينطبق عليها انها رسالة في فقه الشريعة وقواعد توليها عليكم السلام ورحمة الله. بعد ذلك قال الشافعي رحمه الله باب كيف البيان. نعم. بسم الله الرحمن عن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فيقول الامام رحمه الله تعالى في رسالته باب كيف البيان؟ قال رحمه الله باب كيف البيان؟ وذلك انك تعلم ان اصول الفقه ومنهج النظر في احكام الشريعة ينبني على اركان البيان احدها. فان علم اصول الفقه يمكن ان يعرف بما يبين هذا المقصود في كلام الامام الشافعي. حيث انه استعمل اسم البيان كثيرا في رسالته فيقال علم اصول الفقه هو تسمية ادلة الشريعة ومراتبها والبيان وطرق استعماله تسمية ادلة الشريعة بمعنى ان تسمى الادلة التي تستعمل في تحصيل الاحكام. وهذا على قولهم الكتاب والسنة والاجماع والقياس والاستحسان والاستصلاح الى اخره فحينما نعدد هذه الادلة او يعدد الاصوليون هذه الادلة فهذا هو تسميتها. اي تعيينها. وتعلم ان هذه كما سبق يختلف فيها ومنهم من يقر بها ومنهم من ينازع فيها اذا تعلق الامر بما بعد الكتاب والسنة والاجماع تسمية الادلة ويتظمن بعد ذلك ذكر المراتب تسمية الادلة ومراتبه اي تسمية المراتب. فيقال ان الدليل بعد الكتاب والسنة يقدم القياس على طريقة كثير من اهل الرأي او يقدم ما هو من اقوال الصحابة؟ او يستعمل هذا الوجه من الاستدلال قبل هذا وهذه التراتيب في الادلة كتقديم دليل القياس على دليل اثار الصحابة عند قوم او قول الصحابة على القياس عند قوم اخرين هذا فيه وجهان تارة يطرد اطلاقه وتارة يكون في محل دون محل والبيان ويقصد بالبيان البيان العربي. فاذا تسمية الادلة ومراتب الادلة بعد الكتاب والسنة والاجماع هذا في جملته شرعي محظ بمعنى ان الذي يعين هذه الادلة تسمية ويبين تقديم مراتبها هذا مستمد من الشريعة فهذا المقام من علم الاصول وهو ركنه الاول يعد شرعيا محضا. وسبق الاشارة الى هذا بسبب ترك بعض المذاهب بعض الادلة وفي سبب تأخير بعض المذاهب لبعض الادلة الركن الثاني في علم الاصول وهو في الجملة لغوي. وحين يقال في الجملة بانه ليس متمحضا في اللغة بل منه ما يتمحض لغة منه مادة متمحضة من جهة اللغة تحصيلا ومنه مادة مركبة من الشريعة واللغة مما يتمحض من اللغة تحصيلا كوصفك لصيغة العام. فان اللغة هي التي تعرف بالعام وصيغته وبالخاص وبالمطلق وبالمقيد وهذا اعتبار بقول الله سبحانه وتعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم هذا البيان معتبر بلسان العرب لان الله جعل القرآن بلسان عربي مبين ومنه ما يكون اي البيان ليس متمحضا من جهة اللغة بل هو شرعي لغوي. كالقول في اقتضاء الامر. كالقول في اقتضاء الامر من جهة اقتضائه التكرار من عدمه. ومن جهة اقتضائه الفورية من عدمه. بل وحتى من جهة اقتضائه درجة الامر وهو ما سمي في الاصطلاح بالواجب والمستحب وما الى ذلك. ولهذا تجد ان علماء الاصول تارة اذا تكلموا عن اقتضاء الامر استعملوا فيه مادة الشريعة لان اقتضاء الامر كما قلنا ليس متمحضا كتمحض استعمال القياس او الاستصلاح من الشريعة بل فيه مركب لغوي فتارة يستعملون لاقتضائه الاستعمال الشرعي لانه احد وجهيه في التركيب فيقولون ان الدليل على كونه يدل على الوجوب مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة مع انه شرع لهم ذلك قالوا فدل على ان الامر اذا اطلق تعلق به الوجوب ولكنهم بالمقابل قد يستعمل بعض الاصوليين القول في اقتضاء الامر فيمثلون له ان السيدة اذا قال لعبده ولكونه اعلى وما الى ذلك. فيتعلق الامر بالخطاب من جهة دلالات الخطاب ويتعلق الامر باقتضاء المعاني من جهة المدركات العقلية وقبل ذلك الامر الشرعي وصار البيان اما ان يكون لغويا في بعض مادته واما ان يكون مركبا من الشريعة واللغة في مادته الاخرى فهذا هو مقدمة الركن الثاني من اركان علم الاصول وهو البيان وطرق تحصيل الادلة وهو ما يسمى باصطلاح كثيرين بالاجتهاد او يسمى باصطلاح اخرين بطرق الاستدلال. وقد يسمى الاجتهاد باعتبار وصفا او حالا قائما بالمجتهد. فاذا وصف الاجتهاد باعتباره وصفا او باعتباره حالا قائما بالمجتهد عرف بمعنى وذكرت فيه ما يذكره الاصوليون مما يسمونه شروط المجتهد وقد يذكر للاجتهاد ويراد به قد يذكر للاجتهاد ويراد به الاستدلال او الاستنباط وهذا الاستدلال والاستنباط هو كما قال ابو حامد الغزالي هو جوهر علم الاصول لما؟ لان المعرفة بتسمية الادلة من جهة ابتدائها او حتى اتخاذ طريقة في ترتيبها كأن يقول الحنفي بانه يقدم دليل القياس على اثار الصحابة مثلا او يقول من هو من طريقة فقهاء المحدثين بانه يقدم اثار الصحابة او يستعمل من هو على طريقة مالك عمل اهل المدينة فهذه الاوجه من التسمية والترتيب الاول مقام يسهل تحصيله من جهة تسميته ابتداء ولكن يكون الشأن في تنزيل هذه التسمية وتنزيل البيان حين يقال بان العامة من صيغته كذا ومن صيغته كذا ومن صيغته كذا. فاذا اراد الناظر والباحث ان يصير الى الفرع المعين او الى الواقعة المعينة من الوقائع لينظر فيها حكما قد قاله السالفون ويعتبر فيه الترجيح بالطرق العلمية الصحيحة او لينظر في نازلة ليبتدأ النظر فيها مما لم يسمى فيها حكم سبق في كلام الفقهاء فهذا الاستدلال وهذا الاستنباط الذي يستصحب صاحبه تسمية الادلة ويستصحب مراتبها ويستصحب البيان واثره هذا التحصيل المركب هو الاستدلال وهو الاستنباط وهو الذي سماه ابو حامد جوهر علم الاصول فليس الاصولي هو الذي يسمي لك القياس ويعرف القياس. او يقول ان القياس يقدم على اثار الصحابة. او يقول بان اثار الصحابة تقدم على القياس هذه رتبة مبتدأة في علم الاصول ولذلك احسن الشافعي رحمه الله لما صارت رسالته هذه مظمنة كثيرا من الاحكام ولذلك عقد رحمه الله لاحكام الصلاة بابا. ولما هو من احكام الزكاة بابا وكأنه صار يتحدث في كتاب فقهي وهو لا يريد ذلك فانه لم يرد ذكر فروع احكام الصلاة ولم يرد ذكر فروع احكام الزكاة ولم يرد ذكر فروع احكام الحج وانما سمى هذه الابواب ليبين استعمال الطريقة في التطبيق. وعن هذا قيل سلفا بان طريقة الشافعي منهج في الاصول وطريقة كثير من النظار والمتكلمين معيار في الاصول ولهذا جمعهما يحصل به تحقيق النظر في هذا العلم. فاذا قال باب كيف البيان هذا احد اركان علم الاصول وهو القول في البيان اي البيان العربي في جملته وقد يتصل بالمقدمات الشرعية كما سبق. نعم قال الشافعي رحمه الله والبيان اسم جامع لمعاني مجتمعة الاصول متشبعة الفروع فاقل ما في تلك المعاني المجتمعة متشبعة انها بيان لمن خوطب بها ممن نزل القرآن بلسانه متقاربة الاستواء عنده. وان كان بعضها اشد تأكيد من بعض ومختلفة عند من يجهل لسان العرب. لما كانت احكام الله من جهة تكليف سبحانه وتعالى وامر الله لعباده ليست رتبة واحدة وهذا يبين لك بمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة كما في الصحيحين. وجاء في رواية الامام المسلم فاعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق. فلما كان محكما ان الدين مراتب ومنه ما هو اعلى لا ومنه ما هو دون ذلك ومنه الفرائض ومنه المستحبات الى غير ذلك صار خطاب الشريعة في هذا من جهة البيان متنوعا وهذا التنوع في البيان يحصل به افادة عن رتبة الحكم هذا التنوع في البيان يحصل به افادة عن رتبة الحكم ما معنى هذا معناه انه لم يقع في اصول الدين ولا في قواعد الشريعة ولا في اصول الاخلاق ولا في اصول العمل لم يقع منها بيانه يحتاج الى استنباط فصارت محكمات الدين واصوله وقواعده واصول الشرائع كلها ثبتت بالبيان في الاعلى رتبة من جهة تأكيده ومن جهة اقتضاء دلالته ولهذا لم يقع فيه نزاع فما كان على هذه الرتبة دل ذلك على علو رتبته دل ذلك على علو رتبته في الدين وان كان قد يقع ما هو من ذلك فيما هو من المستحبات فتكون تأتي هذه المستحبات في الدين او تأتي المباحات في الدين ببيان صريح فهل هذا يعارض ما اشير اليه؟ الجواب انه لا يعارضه لم؟ لانه يبين به ان قواعد هذه الاحكام من جهة كليها يعتبر اصلا في الدين. ولهذا لما ذكر الله سبحانه وتعالى كما في الحديث القدسي الشياطين بني ادم به قال وحرمت عليهم ما احللت لهم ولهذا انتصر المحققون من علماء الاصول للطريقة التي هي مقتضى مذهب السلف وهي مقتضى ما دل عليه القرآن والسنة من ان المباح لما تكلموا في الاحكام التكليفية من ان الاباحة حكم شرعي وليست من الاحكام العقلية كما يقوله كثير من نظار المعتزلة لان الاباحة سميت في كتاب الله. يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله لك الى غير ذلك مما سيأتي ذكره في الاحكام. نعم قال رحمه الله فجماع ما ابان الله لخلقه في كتابه مما تعبدهم به لما مضى من حكمه جل ثناؤه من وجوه. فمنها ما ابانه لخلقه نصا مثل جمل فرائضه في ان عليهم صلاة وزكاة وحجا وصوما وانه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ونص الزنا والخمر واكل الميتة والدم ولحم الخنزير. وبين لهم كيف فرض الوضوء مع غير ذلك مما بين نصا. ومنه ما احكم فرضه بكتابه وبين كيف هو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها؟ عدد منها احسن الله اليكم مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها وغير ذلك من فرائضه التي انزل من كتابه ومنه ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص حكم. وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. والانتهاء الى حكمه من قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل اذا صارت اوجه الاحكام التي ذكرها الى هذا المقام ثلاثة فيشار بالحكم الثالث وهو ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر في القرآن جملته ما ذكر في القرآن جملته ثم فسره النبي صلى الله عليه وسلم وبينه كما سمى الشافعي كعدد الصلاة وكقول الله تعالى اقم الصلاة اتى لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. فهذا سمي بكتاب الله ولكن تفصيل المواقيت بالخمسة المعروفة هذا جاء في هدي النبي صلى الله عليه وسلم المتواتر في فعله او في قوله صلى الله عليه وسلمك حديث جبريل الذي جاء من رواية جابر ابن عبد الله وكحديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي رواه مسلم وغيره. في مواقيت الصلاة. فهذا يعد مما بين. واما الوجه الثالث الذي ذكر الشافعي فهو ما سنه رسول الله ولكن يشار هنا الى ان هذا الوجه الثالث لا يكون مختصا او مقطوع الاتصال بالقرآن فانه ما من حكم ما من حكم قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وفي كتاب الله اصل له اما من جهة حكمه الكلي واما من جهة بحكم مقاصده لان مقاصد الشريعة والتشريع بينت في القرآن كالجمع بين المرأة وعمتها الذي جاء في الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها. فهذا مما سنه رسول الله ولكن هو باعتبار مقاصد الشريعة فيقال مقاصده من جهة التشريع مبينة في كتاب الله والاشارة الى المقاصد المتصلة الاشارة الى المقاصد المذكورة في القرآن المتصلة بهذه السنة المعينة هذا هو الذي يذكره العلماء في مسائل الحكم والمقاصد وهذا يبين لك به ان النبي صلى الله عليه وسلم بين كتاب الله سبحانه وتعالى وان بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحصل به بيان الاحكام وبيان المجمل وبيان المقاصد الشرعية. نعم قال رحمه الله ومنه ما فرض الله على خلقه الاجتهاد في طلبه وابتلى طاعتهم في الاجتهاد كما ابتلى طاعتهم في غيره مما فرض عليهم فانه انما ابتلاهم بالاجتهاد لان الاجتهاد فيه استسلام واصابة. فيه استسلام وفيه استجابة ويتحقق عن تحقيق مقام الاجتهاد الاصابة فان الخطأ في الاجتهاد اما ان يقع عن نقص في مقام الارادة واما ان يقع عن نقص في مقام العلم واما اذا تحققت الارادة وتحقق مقام العلم تحققت النتيجة وهي صواب الاجتهاد ولذلك اذا تكلمنا عن اجتهاد الفقهاء من فقهاء المسلمين المعتبرين فهذا الفقه الذي فقهوه وهذا الاجتهاد الذي اجتهدوه هو في الجملة من جهة تفاوتهم في العلم. والا هم في مقام الارادة كما سبق اهل استجابة فاذا ابتلى الله عباده بهذا الاجتهاد لانه عبادة لله سبحانه وتعالى. ولهذا علم ان القول في دين الله والفقه في دين الله والفتوى في دين الله هي من عبادة الله التي يجب فيها ان يستعمل فيها قواعد العبادة الشرعية كما تستعمل في الصلاة والصيام والحج من جهة وجوب اخلاصها لله وكونها على قواعد السنة والشريعة الى غير ذلك. نعم فانه يقول تبارك وتعالى ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو اخباركم وقال وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم. وقال عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون؟ قال الشافعي فوجههم بالقبلة الى المسجد الحرام وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم قد نرى تقلب وجه في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا فقال ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام. وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرة. لئلا يكون للناس عليكم حجة فدلهم جل ثناؤه اذا غابوا عن عين المسجد الحرام على صواب الاجتهاد مما فرض عليهم منه بالعقول التي قوله جل وعلا لئلا يكون للناس عليكم حجة يعلم به ان الحجة الصحيحة وهي ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه. عليه الصلاة والسلام دافعة ومبطلة لجميع الحجج التي تقابلها لان الحجج الباطلة التي تقابلها ليست منتهية في زمان او مكان ولهذا الحجج الباطلة تتجدد واما الحجج الشرعية فقد اتمها الله واكملها لعباده بنزول القرآن وتمام السنة والحكمة النبوية التي بعث بها رسول الله. ولكن ما من شبهة او حجة باطلة عرظ بها ما هو من احكام الشريعة الا وحجج القرآن والسنة داحظة لها. وهذا معنى قول الله لئلا يكون للناس عليكم حجة والحجة في اللغة هي كل ما يحتج به من حق او باطل. نعم قال رحمه الله فدلهم جل ثناؤه اذا غابوا عن عين المسجد الحرام على صواب الاجتهاد مما فرض عليهم منه بالعقول التي ركب فيهم المميزة بين الاشياء واضدادها والعلامات التي نصب لهم دون عين المسجد الحرام الذي امرهم بالتوجه شطره. نعم. اذا جاءت الاية في قول الله ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا فتضمنت هذه الاية هذا الاسياق من كتاب الله تضمن تعيين القبلة وهو التوجه الى الكعبة. وتضمن تشريعا اخر وهو تشريع الاجتهاد فانهم اذا كانوا بعيدين عن المسجد الحرام لابد لهم من نوع اجتهاد في اصابته اليس كذلك فلما كان هذا قد شرع لهم في اصل عبادتهم واشرف عباداتهم بعد التوحيد وهي الصلاة دل على ان الاجتهاد مشرعة قائمة بالشريعة في سائر ابوابها اذا لم يتحقق ما يوجب العلم الذي لا يحتاج الى اجتهاد معه. نعم فقال تعالى وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر. وقال وعلامات وبالنجم هم يهتدون كانت العلامات جبالا وليلا ونهارا فيها ارواح معروف فيها ارواح معروفة الاسماء. وان كانت مختلفة المهاب وشمس وقمر ونجوم معروفة المطالع والمغارب والمواضع من الفلك ففرض عليه ارواح اي ريح فيها ارواح هي الريح وهذا يستعمل في جمع اللغة نعم ففرض عليهم الاجتهاد بالتوجه شطر المسجد الحرام مما دلهم عليه مما وصفت. فكانوا ما كانوا مجتهدين غير مزائلين جل ثناؤه ولم يجعل لهم اذا غاب عنهم عين المسجد الحرام ان يصلوا حيث شاؤوا وكذلك اخبرهم عن قضائه فقال ايحسب الانسان ان يترك سدى؟ والسدى الذي لا يؤمر ولا ينهى. وهذا يدل على ان انه ليس لاحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يقول الا بالاستدلال بما وصفت وسيفصل ذلك في باب لاحق في صلب رسالته الى ان الاستدلال هو صفة المجتهدين واما النبي صلى الله عليه وسلم فان له مقام النبوة ومقام الرسالة واما المجتهدون الذين يعرض لهم الصواب والخطأ وهم الفقهاء. واشار الشافعي الى ان الاستحسان خارج عن مادة الاستدلال. اشار الى ان الاستحسان خارج عن مادة الاستدلال المعتبرة واشار الى ذلك بوصفه بقوله انما استحسن بقوله فان القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثال سابق ولا شك ان الاستحسان اذا كان على الوصف الذي قاله الشافعي وجب ان يكون خطأ ولذلك الاسماء التي اختلف فيها من جهة تسمية الادلة في اصول الفقه قد يختلف فيها وتكون الماهية التي سمى كل من قال في هذا الاصل قولا يكون منها قدر مشترك ويكون منها قدر منفك فمثلا الاحنافه كما هو معروف في مذهبهم هم المنتصرون لدليل الاستحسان واخص المذاهب الاربعة تركا لدليل الاستحسان هم الشافعية لما وجدوا الامام الشافعي قد اغلظ على القول في الاستحسان ولكن اذا جئت هذا من جهة الاسم هذا من جهة الاسم واما المالكية والحنابلة فهم بين هذا وهذا ولكن اذا جئت للمقصود بالاستحسان ووجدت ان علماء الحنفية قد اختلفوا في تعيينه ويذكرون له اوجها محققة عندهم على انها من مثال الاستحسان او من اوصافه وثمة اوجه في مذهب الاحناف يختلفون في تسمية استحسانا فبعض الاحناف قال ان الاستحسان ثلاثة اوجه وفي المقابل بعض علماء الحنفية اوصل الاستحسان الى اثني عشر وجها فاذا نظرت في مثل هذه الاوجه اذا نظرت في مثل هذه الاوجه وجدت ان الرفيع منها وجدت ان الرفيع منها لا ينفك استعمال الشافعية عنه. وان كانوا لا يسمونه لا يسمونه استحسانا من جنس استعمال القياس الصريح او القياس البين الرتبة لان القياس اوجه دليل القياس هو اوجه متعددة فكذلك الظاهرية يقعون في مادة القياس الاعلى رتبة ولكنهم لا يسمون ذلك قياسا وانما يدخله ابن حزم في احد السور السبع التي سماها دليل النص لما قال ان الدليل هو النص ودليل النص وجعل دليل النص سبعا هذه السبع التي سماها ابن حزم في اصول الفقه عند الظاهرية تنقسم الى قسمين منها ما يتعلق بالبيان كقوله في العموم واقتضائه ومنها ما يتعلق بطريقة الاستدلال ومنها ما يتعلق بطريقة الاستدلال وهذا الثاني المتعلق بطريقة الاستدلال يشارك الظاهرية الجمهور فيما هو من القياس الرفيع فيه وان كانوا لا يسمونه وان كانوا لا يسمونه قياسا لان القياس انما آآ تخطر منه ابو محمد ابن حزم وتباعد عنه كيف ينصبه دليلا ولذلك لما جاء بعظ المنظرين في علم الاصول ممن لهم عناية بالمقدمات العقلية وكشفها للحقائق كابي حامد الغزالي قال ان القياس ليس في الادلة اصلا وان القياس انما يعد في الاستدلال وليس في الادلة فكان ابا حامد يقول بان القياس طريق استدلال وليس وليس دليلا وهذا لو عرض على رأي ابي محمد خف ما يستشكله الظاهرية في امر القياس صحيح ان ثمة اوجه من القياس يقطع بان الظاهرية لا يقولون بها والاصل في تقرير مظهر الظاهرية انهم نفاة للقياس كما يذكر عنهم وكما يصرحون به لكن المقصود من هذا التعليق على دليل الاستحسان ودليل القياس الا يتصور بان نفي الشافعية للاستحسان هو نفي لكل معنى سمته الحنفية تحت اسم الاستحسان من توهم ان نفي الشافعي واصحابه لدليل الاستحسان يتضمن نفي جميع المعاني التي سمتها الحنفية في دليل الاستحسان فهذا وهم علمي ولابد فمثلا عند الحنفية في اوجه الاستحسان الرفيع العدول عن القياس الجلي كما يعبرون الى قياس خفي لقرينة اجتمعت معه او لموجب شاركه او لموجب اقتضاه او ما ذلك من التعبيرات فهذا اذا اخذته بالتجريد وقلت ان ثمة قياسا جليا وقياسا خفيا وقدرت تجردهما عن المتصل بهما فلا شك ان القياس الجلي يقدم على القياس الخفي ولكن اذا تركت هذا التجريد الذي هو في نفس الامر ليس له وقوع في الواقعة التي يقال فيها بدليل القياس لان الدليل القياس وان قدر كليا في اصله لكنه من جهة تعلقه انما يتعلق بالوقائع ولهذا سموه قياس التمثيل تمييزا له عن قياس الشمول سموه قياس التمثيل في مقدمات علم النظر يسمى قياس التمثيل لكن في كتب اصول الفقه لما كان الاصوليون اصلا لا يبحثون في مسألة قياس الشمول باعتبار ترتيب الادلة. صاروا يقولون لك القياس. ولا يحتاجون الى تمييز بكلمة قياس التمثيل لكن هو في الحقيقة قياس التمثيل وليس قياس الشمول فالمقصود هنا ان اذا نظرنا في القياس المعين والاستحسان معه فلو اجتمع قياس جليل مع قياس خفي وتجردا عن المتصل المؤثر بهما لاقتضى الامر ماذا؟ تقديم الجلي على الخفي وهذا لا ينازع فيه لا الاحناف اصحاب الاستحسان ولا الشافعية نفاة الاستحسان ولكن علماء الحنفية رحمهم الله قالوا هنا بان الخفي قد اتصل به مرجح والقياس في اصله ظني فلم نقدم ظنيا على قطعي فان القياس يلزمه الظن في سائر احواله فلما كان يلزمه الظن في سائر احواله صار عند التجرد او عند التجريد بعبارة اصح صار عند التجريد هذا اعلى درجة في الظن اي الجلي قالوا ولكن لما اتصل الخفي بموجب معثر من الشريعة كاقتضاء المقاصد مثلا او ما الى ذلك من الموجبات قالوا لما اتصل بهذا المعنى في علل الشريعة او مقاصدها ترجح هذا الظني بما اتصل به ترجح هذا الظني بما اتصل به فصرنا نقدم هذا القياس على القياس الذي لو تجرد لم يقدم عليه. يعني لو تجرد الجلي وتجرد الخفي لقدم الجلي لكن الخفي هنا لم يتجرد ويضربون له مثالا حتى يبين المقصود في كلام الاحناف وهذا لا يقصد به الان الترجيح لمذهب على مذهب وانما يقصد به الجملة المهمة هنا الجملة المهمة ما هي ليس كل المعاني التي سمتها الحنفية تحت اسم الاستحسان جميعها من حيث هي معاني مبطلة في المذهب الشافعي وان كان اسم الدليل من حيث هو قد سمى الشافعي نصا واصحابه النفي له مثال ذلك عظم الميتة في مذهب الامام ابي حنيفة طاهر عظم الميتة في مذهب الامام ابي حنيفة طاهر. وهذه مسألة خلاف من حيث هي مسألة فقهية. مذهب الامام احمد ان عظم الميتة نجس لما قالت الحنفية بان عظم الميتة طاهر وسؤر سباع السباع في مذهب الحنفية نجس سؤر السباع في مذهبهم نجس فعندهم فرعان الفرع الاول ان سؤر السباع نجس وهو البقية التي تبقى بعد شربها والصغر هو بقية الشراب سواء كان من ادمي او حيوان في اللغة حتى الادمي يقال سؤر ادمي ولهذا الفقهاء يقولون وسؤر الادمي ايش؟ طاهر. فالسور هو بقية الشراب ففي فروع ابي الاحناف ان سؤر السباع نجس وفي فروع الاحناف ان عظم الميتة طاهر. قالوا فسؤر السباع. سباع البهائم كالاسد ونحوه. قالوا فسؤره نجس لما جاءوا سباع الطير لما جاءوا لسؤر الطير سباع الطير نعم لما جاءوا لها وهي كل ذو مخلب من الطير كل ذي مخلب من الطير لما جاءوا لهذه الطيور قالوا ان سؤر الطير الذي نهي عن اكله نهى رسول الله عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطرقان وهذه سؤرها طاهر لماذا صغرها طاهر قالوا مقتضى القياس ان سؤرها نجس قالوا هذا مقتضى القياس المجرد الجلي. قالوا لكنا قلنا بطهارة سؤرها عن سؤر سباع البهائم عملا بدليل الاستحسان ما وجهه قالوا وجهه حتى صاروا اربعة في حد الزنا على قول الجمهور وبعض الاحكام لابد فيها من شاهدين وحتى الاقرار منه ما يشترط تكراره كما قاله الجمهور في حد الزنا لا بد ان يتكرر اقراره ان هذه الطيور تشرب بمنقارها قالوا وهو يابس اشبه بالعظم منه باللحم وعظم الميتة لو كان ميتة اذا قدر ميتة على اعلى الدرجات قالوا اذا قدر عظم ميتة فعظم الميتة اذا اصاب محلا لم ينجس فصارت النتيجة هنا عندهم ان سؤر سباع الطير تكونوا ايش تكون طاهرة هذا تحصين لفرع مسألة هل هذا النتيجة كحكم فقهي راجح ومرجوح هذا بحث مختلف تماما هذا بحث مختلف لكن المقصود ان الاستحسان في المذهب الحنفي ليس هو التخرص على كل تقدير ومما اشكل في الاستحسان انهم تأخروا في ظبطه فان القياس اول ما تكلم به اهل الرأي رسموه ولكن الاستحسان تأخروا في رسمه فلما تأخر في رسمه صار بعضهم يعبر عنه بانه معنى يقع في نفس المجتهد لا يمكنه التعيين له او التعبير عنه وصار هذا مما يفتح ايش مما مما جعل الكبار من الائمة كالشافعي وهو عليم بالاصول وطرق الاستدلال يرى ان هذا الباب لو فتح طريقا للاستدلال لو فتح طريقا للاستدلال لدخل منه التخرص في الشريعة. ولذلك قال الشافعي في بعض كلامه بانه تخرص قد يقول قائل اذا قيل بان من المعاني الرفيعة في الاستحسان ما لا ينفى من حيث هو معنى في كلام الشافعية فهل الشافعي قد فاته ذلك لما نفى الاستحسان قيل الشافعي هنا لم يرد ان تقوم طريقة او مشرعة او دليل مختص يسمى دليل الاستحسان ويرى ان مثل هذه المعاني المحتملة فيه وحين نقول المحتملة بمعنى انها لا يلزم ان يكون الشافعي يرجحها لكن يرى ان هذه المعاني المحتملة كاحتمالهم لقول مالك لما قال بعمل اهل المدينة ففرق بين تصويب القول وبين احتماله فالجمهور احتملوا قول مالك في عمل اهل المدينة وان كانوا قد خالفوه فيه لكن لما قال الحنفية بالاستحسان الشافعية لم يصوبه وفوق ذلك لم لم يحتمله وهذا الفرق بين التصويب او الترجيح وبين الاحتمال. فخشي الشافعي رحمه الله وهذا من استعمال قاعدة سد الذريعة لان سد الذريع لا يقال في الاحكام فقط بل حتى في طرق تحصيل الاحكام فاغلق الشافعي هذه الطريقة لئلا يتخرص في الشريعة لئلا يتخرص بالشريعة وخاصة كما قلت ان اهل الرأي لما ذكروه لم يرسموه بمعاني منضبطة وما زال المذهب الحنفي بعد ذلك على جلالة ائمة الاحناف رحمهم الله وهم مادة الفقه الواسعة الاكثر من غيرهم في الجملة. لان الائمة الثلاثة اتصلوا بعلم الرواية اكثر وبخاصة في الامامين مالك واحمد رحمهما الله فالمقصود ان هذا قد اختلف فيه قول الحنفية ولهذا اتفاق الاحناف في الجملة على تسمية دليل القياس او بعض الادلة اظهر منه مما قالوه في دليل في دليل الاستحسان ولهذا صار بعض من يتكلم عن الاستحسان من الاصوليين يدخل فيه ما ليس مقصودا في علم الاصول منه كما يستعمل ذلك القاضي ابو يعلى من اصحاب الامام احمد فانه لما تكلم عن الاستحسان قال ان الامام احمد رحمه الله ذكر الاستحسان في بعض كلامه ثم يذكر بعض اجوبة الامام احمد في قوله استحسن كذا او يحسن كذا وهذا ليس المقصود منه في كلام الامام احمد احسان الاصطلاحي وانما بمعنى ان هذا حسن اذا فعله المكلف او فيه توسعة او ما الى ذلك وكأن القاضي رحمه الله اراد ان هذا الاسم من حيث هو ليس مستنكرا وقد استعمله امام المذهب خلافا لمن اراد ترك الاسم وهم علماء الشافعية نعم قال رحمه الله تعالى فامرهم ان يشهدوا ذوي عدل والعدل ان يعمل بطاعة الله فكان لهم السبيل الى علم العدل والذي يخالفه. نعم ولذلك جعل من طرق الاثبات في الشريعة كما ان في طرق الاثبات واصلها الاقرار حتى ان بعضهم قال ان الاقرار فوق البينة وان البينة تنزل عن الاقرار وهذا خلاف على كل حال لكن من طرق الاثبات المعتبرة في الشريعة بالاجماع الشهادة اليس كذلك؟ وترى ان نظام الشريعة في امضاء الشهادة سواء في العبادات او في الحقوق البشرية لم تكن على وصف واحد فثمة من الاحكام ما يثبت بشاهد واحد كدخول رمظان على مذهب الامام احمد وطائفة من اهل العلم فانه يثبت دخول الشهر بشاهد عدل واحد وترى ان ثمة احكاما هي ليست في باب العبادات لابد فيها من تعدد الشهود ومنه ما يكفي ولو مرة واحدة اذا اقر كحد الخمر فانه يثبت باقراره ولو اقر مرة واحدة وهذا التنوع في ثبوت الشهادة في الشريعة سواء كان في باب العبادات او كان التنوع في حقوق العباد كامور الجنايات والحدود هو مبني على اه الحكمة الشرعية في تشريع هذه العبادات او تشريع هذه الحدود والتعزيرات التي تقام بها. ولذلك اذا انتفى الحد في بعض الاحكام لا يلزم من انتفاء البينة الموجبة للحد انتفاء التعزير فاذا قيل ان الاقرار الشهادة هي الذي يثبت بها حد الخمر فهذه بينة الحد. وليست هي البينة التي يحتاج الى مثلها لوجود التعزير او ايقاع التعزير فان التعزير يثبت بما دون ذلك ولذلك قالوا بانه اذا وجد منه رائحة الخمر اذا وجد منه رائحة الخمر فعلى قول الجمهور وهو مشهور من مذهب الامام احمد لا يحد وانما وانما يعزر ومثله النزاع في الزنا فانه يثبت بالاقرار ويثبت بالشهادة ولكن الحبل وهو الحمل على قول الجمهور لا يعتبر في اقامة الحد لا يعتبر في اقامة الحد لكنه لا يدرى التعزير ويعتبر في التعزير لكنه لا يعتبر في اقامة الحد وعلى رأي طائفة ورواية عن الامام احمد وهي الفتوى التي قالها عمر رضي الله عنه على المنبر لما قال اذا كان اذا قامت البينة او كان الحبل او الاعتراف ولكن هذا مذهب لعمر وطائفة من الصحابة والجماهير من اهل العلم وهو مروي عن جملة من الصحابة ان الزنا لا يثبت الا بوجهين فقط. واما واما الحمل فانه لا يثبت به الحد ولكنها عدم ثبوت الحد لا يعني عدم ايقاع التعزير قال رحمه الله وقد وضع هذا في موضعه وقد وضعت جملا منه رجوت ان تدل على ما وراءها مما في مثل معناها. قال وقد وضعت جملا منه وهذا اشارة لمنهج الشافعي في عموم الرسالة فهو ما اراد في ركن من اركان علم الاصول ان يسمي كل ما تحت هذا الركن فلم يجمع جميع القول في الادلة ولم يجمع جميع القول في مراتب الادلة ولم يجمع جميع القول عنده في بيان الادلة وانما اشار الى جمل ومقدمات ومن هنا حسن في مثل هذه الرسالة التفصيل لاشاراتها وتنبيهاتها الفاضلة التي ضمنها الامام الشافعي وهو عالي الخطاب لكونه من بلغاء العرب وعلمائهم في اللغة. نعم قال رحمه الله تعالى باب البيان الاول قال الله تبارك وتعالى في المتمتع فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن اهله حاضر المسجد الحرام كان بينا عند من خوطب بهذه الاية ان صوم الثلاثة في الحج والسبع في المرجع عشرة ايام كاملة. قال الله تلك عشرة كاملة فاحتملت ان تكون زيادة في التبيين واحتملت ان يكون اعلمهم ان ثلاثة اذا جمعت الى سبع كانت عشرة كاملة وقال الله تعالى وواعدنا موسى ثلاثين ليلة واتممناها بعشر. فتم ميقات ربه اربعين ليلة. فكان بينا عند من خوطب بهذه الاية ان ثلاثين وعشرة اربعون ليلة. وقوله اربعين ليلة يحتمل ما احتملت الاية قبلها من ان تكون اذا جمعت ثلاثون الى عشر كانت اربعين وان تكون زيادة في التبيين. وقال الله يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب يعني مثل هذا المورد من المعاني في القرآن يشير الشافعي هنا الى انه اما ان يكون من باب الوصف الكاشف واما انه من باب الوصف المنشئ اما انه من باب الوصف الكاشف في البيان واما انه من باب الوصف المنشأ في البيان نعم قال رحمه الله وقال تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر. فافترض عليهم الصوم ثم بين انه شهر والشهر عند ما بين الهلالين وقد يكون ثلاثين وتسعا وعشرين. فكانت الدلالة في هذا كالدلالة في الايتين. وكان في الايتين قبله زيادة تبيين جماع العدد قال واشبه الامور بزيادة تبيين جملة العدد. ولهذا اذا ذكر التفصيل في القرآن اذا ذكر التفصيل الادنى الذي تضيه الخطاب وترك التفصيل الاعلى فهذا يشبه ان يكون التوصيل الذي سكت عنه واسع وهذا من مادته وليس مطابقا له هذا المعنى الذي ذكر من مادته وليس مطابقا له ما سماه بعظ علماء الاصول بقولهم ان ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال فاذا جاء الخطاب يسمي الادنى ويترك ما فوقه مع انهما من جهة البيان على درجة ملائمة فهذا يدل على التوسعة فيما سكت عنه هذا يدل على التوسعة فيما سكت عنه ويشبه هذا او من مادته قولهم ان ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم ولكن هذا التنزيل منزلة العموم ليس هو برتبة العام الصريح. ليس هو برتبة العام الصريح وخاصة ان الشريعة يرد فيها العام على محل ويرد فيها العام الاخر على محل ويكون الترجيح في تعيين المحل الذي ورد عليه العموم. كما في تحية المسجد مثلا فجاء فيها حديث ابي قتادة رضي الله عنه في الصحيح وغيره اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين فهذا من حيث الصيغة وجاء في احاديث النهي عن الصلاة بعد العصر ما هو من صيغ العموم لان احاديث النهي جاءت بصيغ متعددة كما في حديث ابن عباس وابي هريرة وغيرهما. وحديث عقبة بن عامر وغيره وغيرها من النصوص التي وردت بها السنة وفي بعض احاديث النهي ما هو من صيغ العموم فصار يقال هنا بان هذا عام وهذا ايش وهذا عام وترايت ان الاستدلال هنا من جهة تسمية هذا عاما وتسمية هذا عاما ليس درجة مشكلة فان تعيين صيغ العموم امر يسير على رأي الجمهور الذين يقولون بان للعام صيغة ولكن صار الاجتهاد صار الاجتهاد وهو ما سماه الغزالي كما سبق جوهر علم الاصول وهو جوهر علم الفقه صار المقام الارفع هو في تمييز محل خطاب الشريعة من جهة الصلاة بعد العصر هل يتعلق بكل صلاة؟ او لا يتعلق بكل صلاة فخرج قدر من الصلاة بالاجماع كالفريضة وخرج قدر من الصلاة بالاجماع كالنافلة المطلقة عند من يثبت هذا المحل من النهي بخلاف من لا يراه محلا للنهي فهو لا ينهى عنها لانه ليس عنده محل للنهي لان الفقهاء قد اختلفوا في اوقات النهي من هي لكن البحث هنا ليس في الاختلاف في اوقات النهي البحث في التطبيق الاصولي بمعنى اذا قلنا بان هؤلاء الفقهاء الذين ينظرون هذه المسألة يتفقون على انه بعد العصر يعد من اوقات النهي كما هو الراجح من حيث السنة او كما هو الراجح بدليل سنة فصار هؤلاء الذين يقرون بانه وقت نهي هل يستعملون هذا العموم او يستعملون هذا العموم فصار بعضهم يرجح هذا العموم وبعضهم يرجح هذا العموم ثم تعلم ان الترجيح لابد له من تسبيب من جنس ما رجح الاحناف في مسألة الاستحسان لما رجحوا قياسا على قياس اخر فهذا التسبيب هو محل النظر فصار بعضهم يقول بان حديث ابي قتادة عام محفوظ وان حديث النهي عام مخصوص عام مخصوص وفي الترتيب الاصولي اذا اجتمع العام المحفوظ والعامل مخصوص وهذا التعبير اليق من تعبير بعض المتأخرين اذا تعارظ فانه لا يحسن في العقل ولا في الشرع ولا في منطقة تراتيب العلمية ان يعبر بالتعارض باي وجه من الوجوه وان كان يعلم ان من استعمل اسم التعارض قطعا لا يريد به التعارض في نفس الامر فانما يريد بالتعارض في اجتهاد المجتهد او في ظاهر الحال ولكن اضافة التعارض الى الاسماء الشرعية ليس ليس له غاية صحيحة وثمة اسماء استعملها واكتفى بها السالفون لما قامت هذه العلوم كالمشكل ونحو ذلك فالمقصود انهم يقولون ان العامة المحفوظ يقدم على العام المخصوص فيكون هذا التسبيب راجحا عندكم ولكنه قد يراجع بان القول بان حديث ابي قتادة رضي الله تعالى عنه عام محفوظ هو استدلال بمحل النزاع لان حفظه اي جعله عاما محفوظا يعني ان تحية المسجد تصلى في اوقات النهي وهذه هي محل النزاع ولو كان عاما محفوظا بمعنى ان تحية المسجد تصلى في سائر الاوقات بما فيها اوقات النهي لما قامت المسألة اصلا فانه اذا قيل في التسبيح بان حديث ابي قتادة عام محفوظ قيل القول بانه عام محفوظ يجعل المسألة ليست محل خلاف والامر ليس كذلك فصار هذا من الاستدلال بمحل بمحل النزاع. نعم قال رحمه الله واشبه الامور بزيادة تبيين جملة العدد في السبع والثلاث وفي الثلاثين والعشر ان تكون زيادة في التبيين لانهم ولم يزالوا يعرفون هذين العددين وجماعه كما لم يزالوا يعرفون شهر رمضان نعم قال رحمه الله باب البيان الثاني قال الله تبارك وتعالى اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى نعم. قال رحمه الله باب البيان الثاني قال الله تبارك وتعالى اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين وان كنتم ذنوبا فاطهروا وقال ولا جنبا الا عابري سبيل. فاتى كتاب الله تعالى على البيان في الوضوء دون الاستنجاء بالحجارة. وفي الغسل من الجنابة. نعم وهذه الدرجة في البيان الثاني وهذا الترتيب الذي يذكره الامام الشافعي غاية في الفقه وله اثر في تحصيل الاحكام عند الائمة رحمهم الله بمعنى ان البيان الاول البيان الاول هو ما جاء فيه خطاب القرآن مفصلا لحكمه بل ذاكرا للمؤكدات فيه كقوله تلك عشرة كاملة مع انه اذا جمع ثلاثة وسبعة علم انها عشرة فهذا النوع من البيان الذي ذكر الشافعي له امثلة من جهة الايات ما نتيجته في تحصيل الاحكام نتيجته عندهم في تحصيل الاحكام الى انه او من نتائجه بعبارة اصح من نتائجه في تحصيل الاحكام الى انه اذا وقدر في رأي فقهي اذا قدر في رأي فقهي ووصف يعد ركنا فيه ولكن هذا الركن لم يشر اليه في بيانه الذي وقع مستتما حتى ظهرت فيه المؤكدات ظهورا بينا يدل على ان هذا الوصف ولو ورد به اثر مفرد يغلب ان هذا الاثر من التفرد يكون معلولا ولهذا صار بعضهم بعض الناظرين في علم الحديث يقولون علة الاسناد وعلة المتن مع انه في نفس الامر ليس في المتن علة العلة في الحقيقة هي العلة في الاسناد وما يسمى علة المتن هي ليس علة بذاتها وانما هو وصف كاشف للعلة في الاسناد وصف كاشف للعلة في الاسناد والا العلة في اصلها تنشأ عن السند لان هم الذين حملوه اليس كذلك؟ هم الرواة الذين حملوه فهي علة كاشفة في نفس الامر يعني اذا اخذتها التراتيب العلمية المنطقية ليست ليست هي علة بذاتها ليست علة بذاتها وانما ما وقع في المتن يكون كاشفا لما وقع في ايش لما وقع في السند والا العلة في اصلها هو يتوهم الرواة توهم وقد يكون الراوي ثقة ولهذا ميزوا العلل عن العلل لان اسم العلة قد يستعمله بعض اهل الحديث على كل ما يقدح في الرواية ويسمون كل قادح في الرواية ايش؟ علة ولو كان انقطاعا او غير ذلك ولهذا بعضهم يقول حديث معلول على هذا وبعضهم يخص العلة بمرتبة بعد الاتصال وعدالة الرواة الاولى الى المعنى الاخص كما يقولون في التعريف المتأخرة ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادحة المقصود هنا انه اذا وقع الوصف الاعلى او الوصف المؤثر او ما هو ركن في الحكم مع ان محل الحكم ورد به خطاب في القرآن من اي الدرجات التي قالها الشافعي؟ فان كان من البيان الثالث ضعف امر التفرد هنا ولو كان من الثقة بمعنى اتجه قبول اتجه ايش قبول التفرد من جهة ما يسميه البعض بزيادة الثقة ولكن اذا كان هذا في باب قد ورد به البيان في القرآن مفصلا حتى ذكرت المؤكدات فيه صار هذا مما يشير مما يشير في منهج التحصيل مما يشير الى الاعلان ولذلكم لما ذكر الله الميت في القرآن لما ذكر الله الميتة في القرآن قال حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير فاطلق تحريم الميت في القرآن. جعل عاما مطلقا عام باعتبار ومطلق باعتبار ولما جاء جلد الميتة واثر الدماغ عليه واثر الدماغ عليه وكون الدماغ ينقل جلد الميتة من كونه نجسا الى كونه ايش الى كونه طاهرا هذا فرق مؤثر او وصف عارظ هذا وصف مؤثر اليس كذلك؟ مع انه لم يشر الى شيء من ذلك في بيان القرآن وصار بعض المحدثين يجعل احاديث التي فيها ان جلد الميت يطرب الدماغ تكون معلولة كما هي طريقة الامام احمد في اصح الروايتين عنه يجعل الاحاديث مع ان بعضها كما نعلم ليس رواية اختص بها بعض من خفف شروطه في رواية الحديث من اهل الحديث كالحاكم ونحوه. بعض روايات احاديث طهارة جلود الميتة بالدماغ رواها مسلم في صحيحه كما في حديث عبد الله بن عباس تصدق على مولاة الميمونة بشات فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هلا اخذتم فدبغتموه فانتفعتم به. قالوا انها ميتة. قال انما حرم اكلها البخاري اخرج الحديث ولم يذكر فيه حرف الدماغ وفي الدماغ ما يقارب الخمسة عشرة وجها من الرواية ومع ذلك صار بعض المحدثين الى اعلالها الاعلان يتصل بالاسناد لا شك لكن هذا المعنى الذي قاله الشافعي يستصحب في طريقة التفقه ولهذا الاحكام التي فصلت في القرآن وفي السنة في بيان مؤكداتها اذا تفردت بعض الروايات او بعض الرواة فيها بحرف يعتبر ركنا في ماهية حكمها اشبه ذلك ان يكون هذا التفرد ماذا؟ معلولا وليس مثل ذلك فيما اذا كان الحكم من البيان الثاني فصار اوجه البيان هذه مؤثرة في طريقة استصحاب الاحكام نقف على قول الامام الشافعي البيان الثاني حتى لا يبخس التعليق عليه اختصارا لانها بين يدي اقامة الصلاة ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يتيسر الاتمام لهذا المجلس في مجالس لاحقة ويوم ان شاء الله نبدأ في بعد صلاة العصر بشرح الرسالة الطحاوية للامام ابن جعفر الطحاوي ويمتد الى نحو هذا الوقت نسأل الله جل وعلا ان يجعلنا هداة مهتدين كما نسأله جل وعلا ان يجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون احسنه اللهم انا نسألك ان تجعل بلدنا هذا امنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولاة امورنا لكل خير واجعله هداة مهتدين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفق ولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى واجعله هاديا مهديا يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفقه ونائبيه واجعله يا ذا الجلال والاكرام موفقا مسددا في قوله وفعله وامره اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين. اللهم اجعلنا من اتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين. اللهم انا نعوذ بك من الفتن. ما ظهر منها وما بطن. اللهم احفظ على عبادك المسلمين في كل مكان. دينهم بابهم ودماءهم واموالهم يا حي يا قيوم. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد