بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين. قال الامام ابو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى في بيان عقيدة اهل السنة والجماعة والشفاعة التي ادخرها لهم حق كما روي في الاخبار الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان. اما بعد فهذا اكمال بعون الله وتوفيقه للمدارسة في هذه العقيدة الطحاوية وقد بلغ فيها ابو جاسر طحاوي رحمه الله الى بيان ان الشفاعة الاخروية حق كما دلت على هذا الاخبار والاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والبحث في موضوع الشفاعة عند علماء اهل السنة مفرق بين باب توحيد العبادة وبين مبحث اليوم الاخر فتجدوا انهم يبحثون هذا الموضوع هنا وهناك وذلك لتعلقه بهذين الموضوعين وعندنا في هذا الموضوع مسائل اولا الشفاعة في اللغة هي التوسط للغير لجلب مصلحة او دفع مضرة هي معنى معلوم عند الناس ويتداولونهم في شؤونهم والمعنى الشرعي الذي نبحثه الان هو الشفاعة الاخروية التي دلت الادلة على انها ستقع يوم القيامة وانه سيشفع الشفعاء عند الله سبحانه وتعالى والشفعاء في الجملة ثلاثة اصناف الانبياء والملائكة والمؤمنون فالمسألة الثانية اقسام الناس في الشفاعة الاخروية. ينقسم الناس من حيث اخذ بهذه الشفاعة او عدم ذلك الى ثلاثة اقسام القسم الاول هم الذين اعتقدوا ان الشفاعة النصراوية من جنس الشفاعة الدنيوية فوقعوا في غلو في المخلوق وانتقاصا من عظمة الخالق وشرك في حقه سبحانه وتعالى وهؤلاء هم المشركون من الاولين والاخرين الى يومنا هذا من القبورية من الصوفية والرافضة وغيرهم هؤلاء هم القسم الاول القسم الثاني هم الذين انكروا ما تواتر منها وهؤلاء هم الوعيدية الذين انكروا الشفاعة التي دلت على انها تكون في اهل الكبائر لزعمهم انها يخالف الحق اعني الاصل الباطل الذي اصلوه وهو انفاذ الوعيد فوقعوا في الانتقاص من عظمة الخالق سبحانه وجحد الادلة في رحمته سبحانه وحكمته وهنا هم الوعيدية كما اسلفت اما الصنف الثالث فاهل السنة والتوحيد الذين فازوا بالنهج الحق في هذا الموضوع كما هو حالهم في غيره فان هؤلاء اثبتوا ما دلت الادلة عليه وهو ان ثمة شفاعة اخروية ليست من جنس الشفاعة الدنيوية انما هي شفاعة لله جل وعلا هو المالك لها جميعا فهو سبحانه يشفع باذنه لمن رضي عنه هؤلاء اعني هذه الفرقة السنية امنوا بالكتاب كله وعظموا الخالق سبحانه ولم يتجاوزوا بالمخلوق قدره المسألة الثالثة اصول اهل السنة والجماعة في موضوع الشفاعة. لاهل السنة والجماعة اصول ينبغي مراعاتها وملاحظتها وهذه الاصول يمكن تلخيصها في اربعة الاصل الاول فرق بين الشفاعة الدنيوية والشفاعة الاخروية وهذا يا اخوتاه من الاصول المهمة التي ينبغي ان تكون منك على ذكر فانه قد تكرر بيان ذلك والاشارة اليه وتكراره في كتاب الله جل وعلا لاجل ان تترسخ هذه الحقيقة في النفوس المؤمنة فيسلم من الوقوع في الخطأ المتعلق بهذا الموضوع. كما وقع غير اهل الايمان فيه الشفاعة الاخروية التي تقع يوم القيامة والتي دلت الادلة عليها ليست من جنس الشفاعة المعهودة عند الناس في الدنيا بل بين هذه وهذه بون شاسع وهذا لابد من استحضاره يوضح لك هذا انك لو تأملت في الادلة الواردة في الشفاعة فانك تجدها على ثلاثة اضرب الضرب الاول ان تجد نفيها او نفي نفعها او نفي قبولها لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة وكما قال سبحانه وتعالى ولا يقبل منها شفاعة وقال ولا تنفعها شفاعة فلا قبول للشفاعة ولا نفعل الشفاعة بل لا شفاعة وكل ذلك لاجل ان يعلم الناس ان الشفاعة في الاخرة ليست كهذه الشفاعة التي يعهدونها في انما هي شيء اخر. هذه الشفاعة ليست موجودة في الاخرة والضرب الثاني ان تجد اثبات الشفاعة استثناء بعد النفي وذلك في نحو قول الله جل وعلا يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قوله بادلة عدة على هذا النهج تجد انه تثبت الشفاعة على سبيل الاستثناء فهي مستثناة مما يظن من نفي الشفاعة مطلقا فالشفاعة المنفية مطلقا هي الشفاعة التي يعهدها الناس في الدنيا انما الذي يثبت لله سبحانه وتعالى بدأوا يثبتوا اه يوم القيامة عند الله عز وجل انما هي شفاعة اخرى شفاعة تكون باذن الله يعظم فيها الله سبحانه ولا يتجاوز المخلوق فيها حده والصنف الثالث اثبات ان الشفاعة ملك خالص لله سبحانه وتعالى. ام اتخذوا من دون الله شفعاء قل اولو كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون قل لله الشفاعة جميعا. له ملك السماوات والارض ثم اليه او قل لله الشفاعة جميعا. هذه الاية اية عظيمة ومن الاصول الاستدلالية عند علماء التوحيد وقد ذكروا انها تخلع وتنزع كل تعلق بالمخلوق من القلب في شأن الشفاعة الشفاعة ملك خالص لله سبحانه وتعالى وعليه. فالاعتماد والرجاء ينبغي ان الى من بيده هذه الشفاعة ويملكها ويأذن بها في من يشاء سبحانه وتعالى هذا الذي ينبغي ان تستحضره ان تكون هذه الاية دائما نصب عينيك. الشفاعة ملك لله سبحانه وتعالى في معنى ان الامر فيها ابتداء وانتهاء الى الله سبحانه وتعالى. قل لله الشفاعة جميعا والفروق بين الشفاعة التي في الدنيا والشفاعة التي في الاخرى كثيرة اقتصر منها على بيان ثمانية الفرق الاول ان الشفاعة في الدنيا الشافع فيها محرك مؤثر بل ربما كان امرا مكرئا ومثل هذا لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الاخر ان يظن ان الشفاعة عند الله سبحانه وتعالى تكون على هذه الشاكلة ان المخلوق يؤثر في الخالق سبحانه وتعالى فيجعله مريدا بعد ان لم يكن مريدا ويجعله فاعلا بعد ان لم يكن فاعلا. يا لله العجب! اهذا يظن برب العالمين والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي يا عبادي انكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري ستضروني اذا لا يمكن ان يكون المخلوق مع الخالق سبحانه وتعالى على هذه الشاكلة. اما في الدنيا فثمة حال اخرى فان المخلوق في الشفاعة الدنيوية يؤثر في الشافع فان الشافعة من المخلوقين يؤثر في المشفوع عنده فربما كان كارها فيجعله راضيا ربما كان ممتنعا فيجعله قابلا يؤثر فيه ويحركه. بل ربما يبلغ الى ان يكون امرا له والمشفوع عنده يصبح مأمورا. ربما يكون في حكم المكره الذي لا يستطيع ان يرد من شفع من شفع عنده ولا شك ان هذا لا يجوز ان يعتقد في الشفاعة التي تكون بين يدي الله سبحانه وتعالى في الاخرة الفرق الثاني ان الشفاعة في الدنيا يعلم فيها الشافعي المشفوع عنده بشيء لم يكن يعلمه يوقع في علمه شيئا ويبين له شيئا ما كان يعلمه فتجد انه يشفع احد عند اخر فاذا وجد منه نوع تردد في قبول الشفاعة فانه يبين له حال المشفوع له وان حاله كذا وكذا وانه يستحق كذا وكذا مما لم يكن يعلمه المشفوع عنده او يبين له الاثار. التي ستترتب ان قبل الشفاعة او الاثار التي ستترتب ان لم يقبل الشفاعة ولا شك ان هذا لا يجوز ان يعتقد في الله سبحانه وتعالى وان الشفاعة في الاخرة عنده تكون من هذا القبيل. لان الله سبحانه بكل شيء عليم ولا يمكن للمخلوق ان يعلم الله بشيء لم يكن يعلمه. تعالى ربنا وعزه فاذا هذا فرق ثالث ينبغي ان يستحور وفرق ثالث وهو ان حصول المقصود من الشفاعة في الدنيا انما حصل بمشاركة بين الشافعي والمشروع عنده هناك شفاعة وتأثير من الشافع ثم هناك فعل من المشفوع عنده و لا شك ان هذا لا يجوز ان يعتقد لان هذا يقتضي ان يكون هناك شريك مع الله سبحانه وتعالى فيما يفعل وان يكون هناك من يشفع الله عز وجل. والله سبحانه وتعالى وتر فلا يشفع ولذلك المشركون يخاطبهم الله سبحانه وتعالى مذكرا بحالهم في الدنيا. حيث اعتقدوا هذا النوع من الشفاعة في الهتهم ومعبوداتهم ولذلك اتخذوها شركاء مع الله سبحانه. قال سبحانه وما نرى معكم شفعاءكم الذي اين زعمتم انهم فيكم شركاء؟ شركاء مع الله عز وجل في تحصيل المآرب التي كنتم تطلبونها جعلوا هؤلاء الشفعاء ماذا؟ جعلوا هؤلاء الشفعاء ماذا؟ شركاء مع الله سبحانه وتعالى. وهذا لا يجوز بحال ان في الشفاعة التي تكون عند الله سبحانه وتعالى. بل الله جل وعلا واحد لا شريك له لا شريك له في فعله ولا في امره ولا في قضائه سبحانه وتعالى الفرق الرابع ان قبول الشفاعة من المشفوع عنده في الدنيا يرجع اما الى رغبة او رهبة او كراهة ائمة الى رغبة او رهبة او حاجة ولا يجوز ان يعتقد هذا في الله سبحانه وتعالى. بيان ذلك ان الشفاعة التي يعهدها الناس في الدنيا هي في الغالب تدور على نوعين اما ان تكون شفاعة محبة واما ان تكون شفاعة وجاهة شفاعة المحبة هي ان يشفع حبيب عند محبه كان يشفع صديق عند صديقه الذي يحبه تشفع امرأة عند زوجها ان يشفع ابن عند ابيه وما كان على هذه الشاكلة او ان تكون شفاعة وجاهة ان يشفع وجيه له مكانة وحظوة وخطر عند من له الامر والنهي في امور الدنيا. كان يشفع وزير عند سلطان او يشفع رئيس الجندي عند حاكم وما شاكل ذلك تلاحظوا يا رعاك الله ان قبول المشفوع عنده لهذه الشفاعة التي يتوجه بها احد هؤلاء راجعة اما الى رغبة فهو يرغب في ان يستبقي محبة حبيبه او يرغب في ان ينال ولاء ذاك الوجيه او انه يقبلها رغما عنه يقبلها وهو لا يريد. لكنه يخاف فتجد انه يقبلها رغما عنه مكرها. لانه يخاف ان ينفض محبوبه عنه او ينفض هذا الوجيه عنه فينقلب عليه مثلا والامر الثالث ان قبول الشفاعة يكون عن حاجة هو محتاج وكل انسان في الدنيا محتاج ويريد ان يقدم منفعة لغيره لاجل انه اذا احتاج منفعة في المستقبل فانه سيجد قبولا لها لانه قدم قبلها اه يدا عند الشافعي وكل ذلك لا يجوز ان يعتقد في الله سبحانه ومن ظنه في الله عز وجل فقد ظن به ظن السوء. وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فلا يجوز ان يعتقد ان الله سبحانه وتعالى يقبل شفاعة الشافعي لرغبة منه سبحانه في مصلحة او منفعة تعود اليه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا انكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني او يكون ذلك عن رهبة او يكون ذلك عن حاجة سبحان الله العظيم الامر الخامس ان في الشفاعة الدنيوية اعتماد المشفوع له غالبا على الشافعي لا على المشفوع عنده وذلك لانه الاساس والمبدأ في حصول المنفعة ولذلك تجد التفات قلبه انما هو بهذا الشافعي وليس ها؟ للمشفوع عنده هكذا حال الشفاعة في الدنيا و هذا الذي كان من المشركين قديما وحديثا ان قلوبهم تعلقت بهؤلاء الشفعاء ام اتخذوا من دون الله شفعاء قل او لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون تجد انهم تعلقوا بهؤلاء الشفعاء تعلقا عظيما الى الاخرة تجد ان هذا الامر متجذر في قلوبهم. ولذلك يقولون آآ كما قال الله سبحانه وتعالى فهل لنا يقول عنهم؟ فهل لنا من شفعاء؟ فيشفع لنا قلوبهم متعلقة بهؤلاء الشفعاء والى القبوريين والمشركين المعاصرين تجد ان القلوب معلقة بالشافع ان لم تكن في معادي اخذا بيدي فضلا والا فقل يا زلة القدم وهذا لا يجوز ان يكون يجب ان تتعلق القلوب بالواحد الاحد العظيم سبحانه وتعالى الذي بيده ملكوت كل شيء جل وعلا الاعتماد والتعلق والتفويض والرجاء كل ذلك ينبغي ان يتوجه الى عنده وهو الله سبحانه وتعالى الوجه السادس ان الشفاعة الدنيوية لا تفتقر اه الى اذن من المشفوع عنده للشافعي ان يشفع او رضا منه للمشفوع اه نعم لا تستلزم اذنا من الشافعي ان يشفع وانما الشافع في الدنيا يهجم على هذه الشفاعة بين يدي المشفوع عنده هجوما. اذن او لم لم يأذن حتى ربما يكون قد اعلن انه لا يريد ان احدا يكلمه في الشأن الفلاني او في الشخص الفلاني لا يريد ان يكلمه احد فيأتي هذا الشافع فيشفع بين يديه شاء ام ابى ولا شك ان هذا انتقاص لعظمة الله سبحانه وتعالى. ولا يجوز لاحد ان يظن ان الشفاعة في الاخرة تكون من هذا القبيل ولذلك الله جل وعلا يقول من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ولاحظ ان هذا الاستفهام استفهام انكار مشبوه بالتحدي. من الذي يجرؤ على ان يتقدم بين يدي الله سبحانه بالشفاعة دون ان يكون الله هو الذي اذن له ان يشفع. بل دون ان يكون الله هو الذي يأمره ان يشفع واشفع تشفع سيأتي معنا ان الشفاعة الاخروية المشفوع عنده وهو الله سبحانه امر فيها بالشفاعة والشافع انما هو عبد مملوك مطيع مأمور فاين هذا من هذا من عظم الله سبحانه وتعالى ادرك ان هذه الشفاعة التي تكون في الدنيا يستحيل ان تكون في الاخرة فعظمة الله عز وجل شيء عظيم. وملكه شيء كبير. حتى انه لا يجرؤ احد ان يتكلم بكلمة الا باذن الله جل وعلا يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه فاين هذا؟ من الشفاعة التي تقع في الدنيا وهي التي ظنها هؤلاء المشركون في الهتهم. لها دلال على الله عز وجل ولما لها من مكانة بين يدي الله سبحانه فانها اعني هذه الالهة والاصنام والمعبودات او الملائكة الذين ظنوهم او او الصالحين الذين اعتقدوا فيهم اعتقدوا انهم يتقدمون بين يدي الله متى شاؤوا وحينما يشاؤون وفي من يشاؤون الامر او الفرق السابع ان الشفاعة في الدنيا لا تستلزم رضا المشفوع عنده عن المشفوع له وهذا ايضا انتقاص من عظمة الله عز وجل وضعف في تعظيمه سبحانه وتعالى من قبل هؤلاء الذين ظنوا بربهم ظن السوء والله سبحانه وتعالى يقول ولا يشفعون الا لمن ارتضى. هذا مقتضى عظمة الله سبحانه وتعالى وجلاله انه لا يشفع عنده الا لمن رضي عنه سبحانه وتعالى اه الوجه الثامن والاخير. ان الشفاعة في الدنيا يهمل فيها غالبا السبب في تحصيل المقصود اعتمادا على الشفاعة تجد ان من وجد شافعا له حظوة عند صاحب الشأن تجد انه يركن اليه. اه لا يتخذ غالبا الاسباب التي تحصل مقصودة. لان عنده شافعا قويا. عنده واسطة قوية. فسوف اه يحصل بها مراده ويتقدم بها على غيره ممن ينافسهم مثلا اليس كذلك؟ لكن مثل ليس حاصلا في الشفاعة الاخروية بل الشفاعة الاخروية لا يمكن ان ينفك فيها المشفوع له عن عبادة الله سبحانه واخلاصه وتوحيده لا تكون الا لهؤلاء الذين بذلوا السبب وهو طاعة الله سبحانه وتعالى وتوحيده واخلاصه. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم قال ان لكل نبي دعوة مجابة فتعجل كل نبي دعوته واني اختبأت دعوتي شفاعتي لامتي يوم القيامة فهي نائمة ان شاء الله من مات من امتي لا يشرك بالله شيئا لابد من بذل السبب وهو توحيد الله سبحانه وتعالى. لابد من بذل السبب وهو اخلاص الدين له جل وعلا اذا هذه بعض الفروق التي تؤكد لك وتبين لك هذا الاصل المهم وهو فرق بين الشفاعة في الدنيا والشفاعة في الاخرة. الاصل الثاني الشفاعة ملك لله سبحانه كما تقدم الله سبحانه وتعالى يقول قل لله الشفاعة جميعا. ولاحظ هذا التأكيد في قوله سبحانه جميعا فلا يظن ابدا ان شيئا من الشفاعة يكون مملوكا لغير الله سبحانه وتعالى وذلك ان الشفاعة في الدنيا عفوا وذلك ان الشفاعة في الاخرة عند الله سبحانه وتعالى ينبغي ان تستحضر فيها ان الامر كله ابتداء وانتهاء راجع الى الله سبحانه وتعالى. فهو الذي وفق المشفوع عنده الى سبب الشفاعة وهو التوحيد. وهو الذي وفق واهل الشافع لان شافعا وهو الذي حرك قلبه لاجل ارادة الشفاعة. وهو الذي يأذن للشافعي ان يشفع وهو الذي يأمر الشافع ان يشفع. اشفع واشفع تشفع ثم هو الذي يتفضل سبحانه وتعالى بقبول الشفاعة. اذا عاد الامر ان الشفاعة كلها لله سبحانه وتعالى. من الابتداء الى الانتهاء الامر كله لله سبحانه وتعالى. الامر كما قال ابن طيب رحمه الله في كتابه اغاثة اللهفان في بيان حقيقة الشفاعة ان حقيقة الامر ان الله شفع من نفسه الى نفسه ليرحم عبده شفع من نفسه الى نفسه ليرحم عبده. الشفاعة لله سبحانه سبقته اليه فهو مشفوع اليه فهو مشفوع اليه وشافع ذو شان فالكل منه بدا ومرجعه اليه وحده ما من اله ثاني الله عز وجل شفع من نفسه الى نفسه قد يقول شيء شخص اذا ما فائدة الشفاعة؟ نقول فائدة الشفاعة امران. اولا ان الله سبحانه اراد ان يكرم الشافع الشفاعة. وثانيا ان الشفاعة سبب لحصول الرحمة. والله عز وجل حكيم عليم. الله له حكمة بالغة في لجعل الشفاعة سببا في تحصيل الرحمة. لذلك قال ابن القيم رحمه الله فلذا اقام الشافعين كرامة ورحمة صاحب العصيان. فلذا اقام الشافعيين كرامة لهم ورحمة صاحب العصيان. اذا تبين هذا تبين ان الشفاعة الشركية التي اعتقدها المشركون في الهتهم انها ضلال مبين. وان حقيقتها انتقاصه لحق الالوهية. وهضم لحق الربوبية. وسوء ظن رب العالمين اذا تبين لنا هذا تبين لنا ان من اعتقد ان احدا يملك الشفاعة فيشفع اذا شاء فيمن شاء متى شاء فانه يكون فانه يكون قد اعتقد شريكا مع الله سبحانه فيما يملك ويختص به واذا علم هذا تبين ان من يسأل ميتا الشفاعة فانه يسأل من لا يملك بل من انقطع عمله شيئا لا يملكه انما يملكه الله سبحانه وتعالى. فيكون قد وقع في الشرك عياذا بالله. اذا لابد ان تتنبه الى هذا الامر. الشفاعة ملك لله سبحانه وتعالى جميعا. الضابط الثالث فرق بين الشفيع من دونه والشفيعي باذنه وهذا اظنه قد تبين بما مضى ولكن يفرد بالذكر تنبيه على اهميته وذلك ان المشركين اتخذوا الشفيع من دونه ام اتخذوا من دون الله شفعاء الله جل وعلا يقول ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع فهذا الذي فعله هؤلاء المشركون. اما اهل التوحيد فاعتقدوا الشفيعة من بعد اذنه اعتقدوا ان ثمة شفاعته يكون فيها الشفيع من بعد اذن الله عز وجل ما من شفيع الا من بعد اذنه وما الفرق بينهما الفرق بينهما هو الفرق بين الشريك وبين العبد المطيع الشفيع من دونه هو من تقدم من اعتقده فقد اعتقد شريكا مع الله عز وجل مؤثرون والنفع حاصل من قبله. والقلب ملتفت اليه الى اخر ما ذكر اما الشفيع من بعد اذنه فما هو الا عبد مملوك مطيع لله سبحانه وتعالى يأذن الله جل وعلا له بالشفاعة اذنا شرعيا واذنا كونيا بل يأمره بهذه الشفاعة ويقول له ولا يملك الا ان يطيع امر الملك العظيم سبحانه وتعالى فيشفع لا بد ان تتنبه الى هذا الفرق. فرق بين الشفيع من دونه والشفيعي من بعد اذنه المشركون اعتقدوا الشفيعة من دونه. وان الشافعي او الشفيعة هو الذي حرك المشفوعة عنده ليفعل وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء. واما اهل الايمان فانهم اعتقدوا الشفيعة من بعد اذنه اعتقدوا ان الله عز وجل هو الذي حرك الشافعة لاجل ان يشفع. الضابط الرابع والاخير لاحظ في الشفاعة الا لاهل التوحيد. لاحظ في الشفاعة الا لاهل التوحيد ذلكم ان الذي اعتقده المشركون هو الشرك مع الله سبحانه وتعالى. ظنوا بان الباب لا يغشى بدون توسط الشفعاء. والاعوان فآآ ارادوا الشفاعة عن طريق الشرك فعوقبوا بنقيض مقصودهم. فكان ان اتخذوا السبب الذي حرمهم هذه الشفاعة فلا يمكن ان تكون هناك شفاعة لهؤلاء المشركين والكفار يوم القيامة لا يمكن ذلك البتة. وقد قال الله سبحانه فما شفاعة الشافعين. ويقول الله جل وعلا عنهم انهم يقولون يوم القيامة فما لنا من شافعين وذلك وذلكم انهم قد اتخذوا السبب الذي حرم هذه الشفاعة عليهم. وانتقض عندهم الشرط. في قبول الشفاعة فيهم والحديث كما قدمت لك واضح جلي صريح قال صلى الله عليه وسلم فهي نائلة ان شاء الله. من مات من امتي لا يشرك بالله شيئا وفي البخاري ان ابا هريرة رضي الله عنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة فلاحظ ان النبي عليه الصلاة والسلام بين ان شرط انتفاع العبد بالشفاعة تحقيق التوحيد. فقال صلى الله عليه وسلم اسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله الا الا الله خالصا من قلبه او قال من نفسه التوحيد لابد في حصول الشفاعة من تحقق التوحيد. فالمشرك لاحظ له في الشفاعة البتة. نعوذ بالله من هذا باختصار ما يتعلق هذه المسألة اظنها المسألة الثالثة المسألة الرابعة انواع الشفاعة يوم القيامة. وغالبا اذا ذكر العلماء هذه المسألة فانهم يذكرون انواع الشفاعات التي تكون يوم القيامة فان الشفاعة ليست نوعا واحدا انما هي شفاعات متعددة. وقد ساق الشارح ابن ابي العز رحمه الله ثمانية انواع الشفاعة التي تكون يوم القيامة وساذكر هذه الشفاعات التي ذكرها رحمه الله قد ذكرها غيره ايضا اولا الشفاعة العظمى وهي الشفاعة في فصل القضاء. وهذه كما قال ابن عباس وابن عمر جماعة من السلف رضي الله عنهم انها المقام المحمود عسى ان يبعثك ربك محمودا الادلة عليها ثابتة في الصحيحين من رواية غير واحد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك ان الناس اذا اشتد بهم الكرب يقول بعضهم بعضا هلموا لنسأل احدا يشفع لنا عند الله جل وعلا في ان يفصل القضاء يذهبون الى ادم ثم الى نوح ثم الى ابراهيم ثم الى موسى ثم الى عيسى والكل يعتذر والكل يقول ان الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. وكلهم يذكر ذنبا تجعله يتأخر عن ان يتقدم الى هذه الشفاعة باستثناء عيسى عليه السلام فلا يذكر ذنبا ولكن كل واحد يرشد الى الاخر حتى اه يرشد عيسى عليه السلام الى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول عليه الصلاة والسلام انا لها. فيشفع عند الله سبحانه وتعالى في فصل القضاء فهذه هي الشفاعة الاولى وهي شفاعة عامة تكون لجميع الخلائق الشفاعة الثانية الشفاعة في دخول اهل الجنة الجنة اذا انت اهل الايمان من المرور على الصراط ولم يبقى الا دخول الجنة فانهم لا يدخلونها حتى يشفع محمد صلى الله عليه وسلم في دخولها يشفع عند الله في دخولها. فهو الشفيع في دخول الجنة عليه الصلاة والسلام. وهذه ايضا دلت لها دلت عليها عدة ادلة في الصحيحين الشفاعة الثالثة شفاعته صلى الله عليه وسلم في تخفيف العذاب عن عمه ابي طالب وقد قال عليه الصلاة والسلام في شأنه كما في الصحيحين لعله تنفعه شفاعتي فيكون في دحضاح من النار يبلغ كعبه ويغلي منه دماغه. نسأل الله العافية والسلامة وايضا في الصحيح من حديث العباس قال يا رسول الله هل نفعت ابا طالب بشيء؟ فانه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال نعم هو في ضحظاح من النار ولولا انا لكان في الدرك الاسفل من النار. لولا انا افسرها الحديث الاخر لعله تنفعه شفاعتي فبشفاعة النبي عليه الصلاة والسلام التي يأذن الله جل وعلا فيها فان العذاب يخفف يخفف عن عمه ابي طالب وهذا استثناء من الشفاعة في الكفار فلا شفاعة مطلقا في الكفار لا في اخراجهم من النار ولا في التخفيف عنهم على الصحيح. باستثناء ابي طالب والله جل وعلا الامر كله لا. الامر كله له فيحكم ما يشاء ويفعل ما يريد. سبحانه وتعالى وهذه الشفاعات الثلاث قد اجمع اهل العلم على اختصاص النبي عليه الصلاة والسلام بها فلا احد يشاركه فيها الشفاعة الثالثة شفاعة عفوا الشفاعة الرابعة الشفاعة في دخول من لا حساب عليه الجنة وهذه ايضا وثابتة في الصحيحين وفيها ان النبي عليه الصلاة والسلام اذا اه حمد الله واثنى عليه وسجد سبحانه وسجد صلى الله عليه وسلم له سبحانه فيقول الله له يا محمد ارفع رأسه وسل تعطه واشفع تشفع فيقول امتي امتي. فيقول سبحانه وتعالى ادخل من امتك من لا حساب عليه. من ابواب من الباب الايمن من ابواب الجنة وهم شركاء الناس في سائر الابواب والظاهر والله اعلم من الادلة وهو الاقرب ان هذه الشفاعة ايضا مختصة بالنبي عليه الصلاة والسلام الشفاعة الخامسة الشفاعة فيمن دخلوا النار من عصاة الموحدين ان يخرجوا منها وهذه قد تواترت بها الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه الشفاعة كانت موضع بين اهل السنة والوعيدية فاثبتها اهل السنة للادلة الكثيرة التي دلت عليها و خالف فيها بل كذبها اولئك الوعيدية. وهذه الشفاعة المقطوع به انها تكون للنبي عليه الصلاة والسلام كما تكون لغيره من الشفعاء من الانبياء والملائكة والمؤمنين النوع السادس من انواع الشفاعة هي الشفاعة فيمن استحق النار الا يدخلها وكيف يستحق دخول النار ها اذا نعم اذا رجحت كفة السيئات اذا زادت السيئات على الحسنات نعوذ فهنا يستحق الانسان دخول النار لكن قد يتفضل الله سبحانه وتعالى بان يأذن في هذا الذي ترجحت سيئاته على حسناته يأذن سبحانه وتعالى بشفاعة في وهذه الشفاعة قد دل عليها عموم قول النبي عليه الصلاة والسلام شفاعتي لاهل الكبائر من امتي كما دل عليها حديث في صحيح مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه حينما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الصراط قال فحلت الشفاعة فتقول الانبياء اللهم سلم سلم فقول اللهم سلم سلم هذا دعاء وشفاعة عند الله سبحانه وتعالى باذنه ياه يقبلها الله سبحانه وتعالى فيما شاء فيسلم هؤلاء او يسلم من شاء من هؤلاء العابرين على الصراط من الوقوع فيها. ومعلوم عندك ان العاصي الذي شاء الله عز وجل تعذيبه فانما يدخل النار من خلال سقوطه من على الصراط لان الصراط منصوب على متن جهنم. نعوذ بالله من جهنم هذه الشفاعات الست ادلتها واضحة ظاهرة جميعا. حتى الشفاعة ثالثا بل نص شيخ الاسلام رحمه الله على ان هذه الشفاعة السادسة لم ينكرها الا الوعيدية بهذا اشارة الى انها محل اتفاق بين اهل السنة والجماعة ويذكر نوعان من انواع الشفاعة وذكرهما الشارح رحمه الله وغيره وهي وعفوا وهما اولا وهي بالترتيب الشفاعة السابعة الشفاعة فيمن تساوت حسناته سيئاته ومن كان كذلك كان من اهل الاعراف الشفاعة في هؤلاء ان يدخلوا الجنة. وفي هذا اثر مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما اخرجه الطبراني في الكبير وغيره. ولكنه لا بل هو ضعيف جدا بل هو موضوع. ولا اعلم دليلا قد دل على ثبوت هذا النوع من الشفاعة. فان كان قد انعقد اجماع على هذا النوع فالحمد لله والا فلا اعلم دليلا عليه والله اعلم. والنوع الثامن والاخير والشفاعة في رفع درجات اهل الجنة فيها. الشفاعة في ناس من اهل الجنة ان ترفع درجتهم فيها وهذا ايضا ان صحت اه ان صح الاجماع فيه فلا شك انه انه ليس لاحد ان يعدل عن الاجماع لكن ان لم يصح يحتاج اثبات هذا النوع الى دليل وما استدل به على هذا النوع فيه بعد استدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام اللهم اغفر لعبيد ابي عامر ابو عامر الاشعري اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك وكذلك دعاؤه صلى الله عليه وسلم لابي سلمة رضي الله عنه اللهم اللهم اغفر لابي سلمة وارفع درجته في المهديين وهذا ان تأملته وجدته دعاء كان في الدنيا. ومن الصعوبة ان يقال ان كل دعاء كان بشيء منه صلى الله عليه وسلم في الدنيا ان نجعله نوعا من انواع الشفاعة. فالله عز وجل اعلم. هذا باختصار ما يتعلق بموضوع الشفاعة وننتقل بعد ذلك الى موضوع الميثاق. فيكم نشاط؟ ها؟ نكمل؟ طيب استعن بالله احسن الله اليكم قال رحمه الله والميثاق الذي اخذه الله تعالى من ادم عليه السلام وذريته حق نعم هذه مسألة الميثاق وهذا الموضوع هذا موضوع آآ فيه بحث ودقة ربما يختلف عن غيره من المسائل التي مرت بنا فانها مسائل بينة واضحة ولكن هذه المسألة فيها بحث نظرا لخلاف حصل من بعض المتأخرين ومسألة الميثاق تتضمن بحوثا عقدية متعددة موضوع الميثاق له تعلق بتوحيد الربوبية وله تعلق بتوحيد الالوهية وله تعلق بموضوع القدر وله تعلق موضوع الايمان بالغيب وله تعلق بمسألة الايمان بالرسل. وله تعلق ايضا اه القيامة وله تعلق ايضا بمسألة الروح تجد ان هناك مسائل متعددة تتعلق بهذا الموضوع ونبدأ اولا ببيان المراد بالميثاق قال والميثاق الذي اخذه الله تعالى من ادم وذريته حق يعني هو شيء ثابت المراد بالميثاق هو ان الله سبحانه وتعالى استخرج ذرية ادم وذريته من صلبه واصلابهم ثم نثرهم بين يديه كالذر ثم استنطقهم واشهدهم على انفسهم وقال لهم الست بربكم؟ قالوا بلى هذا هو آآ الميثاق الذي ذكره المؤلف رحمه الله وهو الذي اه دلت عليه ادلة كثيرة اشهر دليل عليه لا تكاد احدا لا تكاد تجد احدا يبحث في تفسير اه اية الاعراف التي ساذكرها الا ويشير الى موضوع الميثاق ثم يبحث فيه اما على اه القول الذي مضى عليه السلف رحمهم الله وهو ان هذا الميثاق حق او تجد انه يؤوله بشيء اخر كما سيأتي والاية هي قوله سبحانه وتعالى واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين. او تقولوا انما اشرك اباؤنا وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعلوا المبطلون وكذلك نفصل الايات ولعلهم يرجعون. هذه اه اية الميثاق في سورة الاعراف وقد جاءت احاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على ما تدل عليه هذه الاية بنوع من الدلالة اما ان تكون دلالة فاقرب شيء الى دلالة المطابقة او تكون من قبيل الدلالة اللزومية والاحاديث التي جاءت في هذا الباب يمكن ان تقسم الى ثلاثة اقسام بحسب اه المعنى الذي دلت عليه. فاولا احاديث عن الله صلى الله عليه وسلم فيها نفس ما جاء في الاية مع زيادة في التوضيح فهي كالتفسير للاية يعني ان هذه الاحاديث في مجملها فيها بيان ان الله سبحانه وتعالى استخرج ذرية ادم جميعا الى يوم القيامة من ظهره وكان ذلك بنعمان وهو واد قريب من عرفات ثمان الله جل وعلا استنطق هؤلاء واشهدهم على انفسهم وقال الست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا على خلاف هل كانت هذه الشهادة منهم على انفسهم فهم اقروا التوحيد ثم شهدوا على انفسهم بهذا الاقرار او كان هذا شهادة من الله سبحانه وتعالى او كان هذا شهادة من الملائكة او كان هذا شهادة مما شاء الله جل وعلا من المخلوقات التي تكون في السماوات والارض على كل حال هذه الاحاديث قد جاء فيها بيان هذا المعنى وهو الميثاق بيانا واضحا لا لبس فيه وبعض هذه الاحاديث كانت اكثر وضوحا وبيانا من بعض وهذه الاحاديث اولا حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهو من اشهر ما يذكر في هذا الموضوع وقد اخرجه اه الامام احمد والنسائي في الكبرى وغيرهما من اهل العلم وروي هذا الحديث موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما ورجح ابن كثير رحمه الله وقفة ثانيا حديث هشام ابن حكيم رضي الله عنه الذي اخرجه اسحاق بن رهويه في مسنده. وكذلك اخرجه اه الطبراني والبيهقي وابن جرير وغيرهم من اهل العلم وثالثا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما كما عند ابن جرير في تفسيره وروي هذا ايضا مرفوعا الى النبي عليه الصلاة والسلام وروي موقوفا على عبد الله ابن عمرو ورابعا اثر من قول ابي ابن كعب رضي الله عنه وفيه تفصيل اكثر من غيره وهذا الاثر قد اخرجه ابن جرير والحاكم وغيرهما وحسنه الشيخ ناصر رحمه الله خامسا حديث ابي امامة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام عند الطبراني ولكنه حديث لا يصح وسادسا حديث انس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو مخرج في الصحيحين. وهو اصح ما جاء في هذا الباب وان كان غيره اسرح في المعنى لكنه يدل ايضا على ما سبق وان كانت دلالته ليست في الصراحة كما قبله وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان الله جل وعلا يقول يقول لي ان الله سبحانه وتعالى يقول لاهون اهل النار عذابا يقول لو ان لك ما في الارض جميعا اكنت مفتديا به فيقول نعم فيقول الله سبحانه وتعالى قد سألتك ما هو اهون من هذا وانت في صلب ادم؟ الا تشرك لا تشرك بي شيئا فابيت الا الشرك قال ايش؟ سألتك ما هو اهون من هذا وانت؟ في صلب ادم فاي شيء كان ذلك الا الميثاق الذي دلت عليه اية الاعراف والاحاديث حديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما سبق الاشارة اليه القسم الثاني احاديث فيها استخراج ذرية ادم من ظهره ولكن ليس فيه ليس فيها ذكر الميثاق. انما فيها ذكر حكم الله القدري في هذه الذرية وان بعضهم سيكون من اهل النار وبعضهم سيكون من اهل الجنة فيها بيان الحكم القدري وليس فيها بيان ها اخذ الميثاق وهذا كما جاء في حديث عمر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام واخرجه الامام مالك رحمه الله الله في موطأه وكذلك جاء من حديث ابي الدرداء عن النبي عليه الصلاة والسلام اخرجه الامام احمد في مسنده وكذلك جاء من حديث عبدالرحمن ابن قتادة السلمي رضي الله عنه ايضا في مسند الامام احمد. القسم الثالث ما دل على استخراج ذرية ادم من ظهره ولكن ليس فيه بعد ذلك ذكر لا للميثاق ولا لبيان الحكم القدري في هذه الذرية انما فيه ان الله عز وجل يعرض هذه الذرية على ابيهم ادم. يري اباهم آآ يري الله سبحانه وتعالى ادم هؤلاء الذرية فهذا قد جاء من حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام عند الترمذي وغيره وهذان النوعان الاخيران من الاحاديث يمكن ان يقال انهما يشهدان ويدلان على ما دل عليه القسم الاول بدلالة اللزوم وكونه لم ينصب بهذين النوعين على قضية الاستخراج والاستنقاء الاستنطاق والاشهاد. هذا لا يدل على انه لا يكون لان اه الاحاديث قد يكون فيها بسط وقد يكون فيها اغتصاب لكن اصل القضية وهو استخراج ذرية ادم من صلبه هذه ثابتة فقد يقال انه بضم هذه الاحاديث الى ما قبلها والى الاية فانه يظهر ان هذه الاحاديث حديث تدل على ما تدل عليه تلك الادلة الصريحة ويمكن ان يستدل على قضية الميثاق ايضا بقول الله سبحانه وتعالى وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد اخذ ميثاقكم قال مجاهد رحمه الله ووافقه على هذا ابن جرير الطبري رحمه الله اخذ ميثاق في صلب ادم وقد اخذ ميثاقكم ايش؟ اراد اخذ اخذ ميثاقكم في صلب ادم. وقرأ ايضا في المتواتر وقد اخذ ميثاقكم يعني في صلب ادم فهذه الاية تشهد ايضا لاية الاعراف ولما سبق من احاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وهذا الذي دلت عليه تلك الادلة قد توارد على تقريره ائمة كثر من ائمة السلف ومن بعدهم. فتقرير الميثاق على ما مضى بيانه. قد جاء كثيرا عن السلف رحمهم الله لذلك ان تقريره جاء من كلام سعيد ابن جبير والحسني البصري والضحاك ابن مزاحم ومجاهد ومحمد ابن كعب القرظي وحماد بن سلمة وناهيك عن من قبلهم ابن عباس وابي ابن كعب وعبدالله ابن عمرو رضي الله عنهم اجمعين ثم من بعدهم من المتأخرين كطبري وابن عبد البر والطحاوي فيما بين ايدينا الى غير هؤلاء حتى قال السمعاني رحمه الله في تفسيره عند هذه الاية ان هذا المعنى يعني بعد ان بين معنى الاية على ما مضى قال ان هذا هو الذي عليه جماعة المفسرين وذكر ان من اهل البدع من انكر هذا ثم قال رحمه الله واما اهل السنة فم فم يقرون بيوم الميثاق واما اهل السنة فمقرون بيوم الميثاق بل ابلغ من هذا ان ان اسحاق بن رهوي رحمه الله وهو الامام الجليل الذي لا يخفاكم مكانته في العلم والسنة قد قال فيما نقل ابن عبدالبر عن محمد بن نصر المروزي عن اسحاق رحمه الله قال اجمع اجمع لما جاء الى هذه الاية اريد تفسيرها قال اجمع اهل العلم انها الارواح قبل الاجساد فاستنطقهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم؟ قالوا بلى. تلاحظ ان اسحاق رحمه الله ماذا؟ ايش نقل الاجماع على ان هذا آآ واقع وان هذا هو تفسير الاية وهذه المسألة على كل حال لم يزل يذكرها علماء اهل السنة والجماعة في كتب الاعتقاد كما تجد ذلك عند الالكاء رحمه الله بوب بابا في الميثاق وغيره كثير بن بطة وغيرهما من اهل العلم تجد انهم ينصون على مسألة الميثاق بل لا اعلم احدا من السلف قد خالف في اثبات الميثاق كما دلت عليه الاية والاحاديث والاثار السابقة وخالف الحق في هذا طائفة من اهل البدع وهم المعتزلة حيث انكروا ان يكون ثمة آآ استخراج او استنطاق او اشهاد او اخذ ميثاق كل ذلك يقولون انه لم يقع وانما الاية اه جاءت على سبيل التمثيل. نوع من الكناية عن اقامة الله سبحانه وتعالى الادلة على ثبوت ربوبيته سبحانه وتعالى فيكونون قد شهدوا على انفسهم بلسان الحال لا بلسان المقال وهذا شيء ليس يستغرب من هؤلاء الذين قد حكموا عقولهم في ايات القرآن واحاديث السنة لا سيما وان في ضمن هذه الاحاديث ما يخالف جملة من اصولهم. مسح الله سبحانه وتعالى بيده ظهر ادم وكذلك ما يتعلق باثبات القدر الى اشياء اخرى تخالف اصولهم فليس بمستنكر ولا بمستغرب وان كان القول منكرا لكن ليس بمستغرب عليهم. وما هي باول آآ مسألة من مسائل الحق يخالف فيها هؤلاء لكن العجيب حقا ان جماعة من اهل السنة المتأخرين بل من المحققين من علماء اهل السنة والجماعة قد نازعوا في ثبوت هذا الميثاق رأى هؤلاء ان اية الاعراف انما دلت على ثبوت الفطرة وليست على اخذ الميثاق الفطرة التي فطر الله الناس عليها. والتي كل مولود ولد عليها وان الله سبحانه وتعالى خلق عباده حنفاء الى اخر ما دل على هذا المعنى وبناء عليه فهذه هي الفطرة او ان الله نصب الادلة للعقول في معرفة ربوبيته فيكون اه هذا الاشهاد على انفسهم بلسان الحال لا بلسان مقر والعذر لهؤلاء الائمة مبسوط دون شك فلا يظن في احد من علماء اهل السنة انه يتعمد مخالفة الحق او الادلة الصريحة وربما اه لم يتأملوا التأمل اه المطلوب في معنى الاية ولم يدققوا في تلك الاحاديث المروية وربما ايضا ما اطلعوا على آآ الاثار الكثيرة التي جاءت عن السلف رحمهم الله في هذا المقام ورأوا ان اه التمسك بالقواعد والاصول الكلية المعلومة في الادلة الواضحة او لا فعلى كل حال هذا مما يلتمس لعلماء اهل السنة في مخالفتهم في هذه المسألة وآآ القدر الذي يتعلق بانكار هؤلاء العلماء او عدم قبولهم انما هو وما يتعلق بقضية الميثاق اما ما يتعلق بالقدر السابق يعني القدر من الاحاديث الذي جاء فيه القدر السابق وان هناك طائفة من هؤلاء الذرية في الجنة وطائفة في النار هذا القدر لا ينكرونه ولا قضية عرض الذرية على ادم انما القضية تدور على مسألة اخذ الميثاق. و كان لهؤلاء حجج رحمهم الله واقوى ما ذكروا خمسة امور اولا ان الاية منفصلة في المعنى عن الاحاديث المروية هم يقولون الاية في شيء والاحاديث المروية ها في شيء اخر الاية في الفطرة او نصب الادلة للعقول الى اخره اما الاحاديث فانه فانها صريحة ولا نزاع في كونها دالة على الميثاق ولكنهم يرون ضعفها وان غاية ما يمكن ان يقال ان فيها اثرين موقوفين اثر عن ابن عباس واثر عن عبد الله ابن عمرو رضي الله تعالى عنهم ثانيا يقول هؤلاء العلماء ان الله جل وعلا قد قال في الاية واذ اخذ ربك من بني ادم ولم يقل من ادم والميثاق فيه الاخذ ها من ادم واذ اخذ ربك من بني ادم هذا واحد. ثانيا قال من ظهورهم ولم يقل من ظهره وقال ذريتهم او في القراءة الاخرى ذرياتهم. ولم يقل ذريته اذا هذا كله يدل على انه لم يكن هناك ماذا اه استخراج واشهاد وميثاق على ما تدل عليه الاحاديث لان الاحاديث فيها انه اخرجت كل ذرية ادم عليه السلام تقول الى يوم القيامة ثالثا قالوا انه لا احد يذكر هذا الميثاق هذا شيء لا يذكره احد من الناس البتة ورابعا وهو مفرع عما قبله قالوا كيف يحتج على الناس بشيء لا يذكرونه كيف تكون الحجة قائمة عليهم بشيء هم لا يذكرونه. مع ان الحجة لابد ان تكون ماذا لابد ان تكون الحجة معلومة. الامر الخامس قالوا ان الادلة البينة الواضحة قد دلت على ان الحجة على العباد انما هي بعثة الرسل وهي التي اذا خالفها من خالفها فانه يكون مستحقا للعذاب قال سبحانه رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولذلك الملائكة تقول لمن يدخل النار من هؤلاء؟ الم يأتكم نذير؟ الم يأتكم نذير؟ ما قالوا له الم يؤخذ عليكم الميثاق؟ اذا هذا دليل على انه لم يحصل اخذ هذا ميثاق لانه لو كان لكان هذا الميثاق حجة على الناس تستوجب العذاب على من خالفها هذا اقوى ما ذكر في منازعة هؤلاء العلماء الافاضل في آآ ما دلت عليه الاية مما مضى في ذكره الاحاديث والاثار تكاثر عن السلف رحمهم الله التنصيص عليه اود قبل المناقشة لهذا الذي ذكر ان اذكر بثلاثة اصول لابد من استحضار الحجة قد قامت عليكم وهكذا في ادلة كثيرة. اذا لا تلازم بين قضية الحجة وقضية العذاب على المخالفة الوجه العاشر والاخير ان يقال ان تأويل الاية بالفطرة او حملها على نصب الادلة اولا لا ينبغي للمسلم ان يخوض بعقله في مسائل الغيب وان يحكم فيها ويتحكم بعقله. هذه المسائل وماذا؟ غيبية فوق مستوى العقول والايات عفوا والايات والاحاديث القضية التي نبحث فيها انما هي قضية ماذا؟ غيبية ينبغي ان يوقف فيها عند حد الدليل الذي ورد ثانيا الواجب حمل النصوص على ظاهرها هذه هي القاعدة الاصيلة عند اهل السنة والجماعة في اه التلقي والاستدلال. ان النصوص ماذا؟ على ظاهرها. ولا يجوز العدول عن عن هذا الظاهر الا بدليل واضح بين قد دل عليه السياق او القرائن المحيطة به وانت اذا استحضرت هذا الاصل وجدت ان الادلة واضحة فالاحاديث صريحة في المعنى بل والاية كذلك فان الله سبحانه وتعالى يقول واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريته او ذرياتهم واشهدهم على انفسهم. اذا هناك ماذا؟ اشهاد قد حصل. الست بربكم هنا ماذا كان من هؤلاء قول اليس كذلك يا جماعة؟ قالوا شهدنا. فكيف يمكن ان نتجاوز هذا؟ نقول ان هذا كله ان هذا كله انما هو بلسان الحال وليس بلسان المقال سبحان الله العظيم هذا في الحقيقة نوع من التأويل قالوا شهدنا والاحاديث ايضا في ذلك ولا سيما اصحها وهو حديث انس رضي الله عنه ظاهر بالدلالة على هذا المعنى لامره او الاصل الثالث ينبغي فهم النصوص بفهم السلف. اثار السلف ينبغي احترامها وتقديرها وضعها في الموضع الذي يليق بها. وبين ايدينا اثار كثيرة من الصحابة من التابعين من اتباع التابعين من الائمة بعد ذلك كلها متواردة على شيء واحد بل لا يعرف عن احد من السلف انه نص على ما يخالف هذا. ولذلك لو رجعت الى كتب التفسير التي اعتنت بالاثار كالدر المنثور للسيوطي او تفسير ابن ابي حاتم او غيرهما كابن جرير ونحو ذلك تجد اثر كثيرا تنص على هذا المعنى كذلك لو رجعت للتمهيد لابن عبد البر الجزء الثامن عشر تجد ايضا انه ساق من هذا جملة فينبغي ان يستحضر هذا الاصل عند النظر في هذه المسألة وهي ان فهم النصوص ينبغي ان يكون في ضوء فهم السلف بعد هذا يقال اه ان الحق والعلم عند الله جل وعلا في هذه المسألة وما دلت عليه الادلة ومضى عليه السلف بل نقل الاجماع فيه كما مضى وهو ان هذا الميثاق حق واما الاستشكالات التي ذكرت يعني في الحقيقة مجاب عنها ولا تشكل على هذا الحق الواضح ممكن ان يناقش ما قيل انفا من خلال عشرة اوجه. الوجه الاول ان يقال ان الاية والاحاديث كلها في معنى واحد وتؤيد بعضها بل الاحاديث كالتفسير لهذه الاية واما القول بان الاية في معنى والاحاديث في معنى اخر فقول من البعد بمكانة ولذلك اذا نظرت في اثار المتقدمين تجد ان كثيرا منها فيها الربط ها بين الاية وهذا المعنى الذي دلت عليه الاحاديث. ما في اية الاعراف وما في الاحاديث المروية. كلها اه في معنى واحد. ثانيا تضعيف كل تلك الاحاديث ضعيف. بل الاحاديث وان كانت متفاوتة في رتبتها لكنها بمجموعها تدل على ان هذا المعنى له اصل فكيف وفيها وفي ضمنها حديث في الصحيحين وهي احاديث كثيرة يشد بعضها بعضا. ويقوي بعضها بعضا بل ذكر بعض العلماء ان هذه الاحاديث متواترة كما ذكر هذا ابن عطية المفسر وكذلك نقل الشيخ الالباني عن المقبلي اليمني بل هو الشيخ الالباني رحمه الله بعد ذلك نص على تواتر احاديث التواتر المعنوي الذي جاء في هذا المعنى وانا اقول لو لم يكن من هذا الا حديث انس رضي الله عنه في الصحيحين فكيف اذا جمعنا اليه بقية الاحاديث؟ الوجه الثالث ليس صحيحا ما ذكر بعض اولئك العلماء ان غاية ما في الباب اثران عن الصحابة بل ثمة احاديث مرفوعة كثيرة واثار عن غير هذين الصحابيين نعم جاء عن ابن عباس وجاء عن عبد الله ابن عمرو وجاء عن غيرهما كابي ابن كعب رضي الله عنهم اجمعين وهذا كله قد تأيد ايضا باثار عن التابعين ثم عن اتباع التابعين. كيف يقال ان هذا الباب ما فيه الا اثران ثم لو سلمنا جدلا انه ليس في هذا الباب آآ الا ما جاء عن ابن عباس وعبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما فكان ماذا هذا المقام مقام غيبي لا يقال فيه الا عن توقيف. اذا هما اثران هما حكم الرفع سلمنا جدلا بان كل ما روي ضعيف وسلمنا جدلا ان الاية في الفطرة وليست في الميثاق اه ان هذا في الحقيقة لا يقدح في ثبوت الميثاق لانه قد جاء عن الصحابة او عن بعض الصحابة رضي الله عنهم مثل هذا له حكم الرفع الامر الرابع ان هذا المعنى الذي تقدم قد نص جماعة من اهل العلم على انه مذهب اهل السنة والجماعة كما فعل ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد والسمعاني الاثر في هذا كثيرة ولا يعرف عن احد من السلف بل نقل الاجماع عليه كما تقدم في كلام اسحاق رحمه الله الوجه الخامس ان قول المخالفين في هذه المسألة ان الاية فيها من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وليس فيها انهم من ادم ومن ظهره ومن تجاوبوا عن هذا من ثلاثة اوجه اولا ان قوله تعالى من ظهورهم اذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم صحيح موافق للواقع. وذلك ان الله سبحانه وتعالى قد استخرج ذرية ادم من صلبه ثم استخرج ذرية هؤلاء الذرية ثم استخرج ذرية ذريتهم وهلم جرا على نحو ما يتوالد الابناء من الاباء. فصح حينئذ ان يقال واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم. الوجه الثاني ان الاخذ منه عليه السلام اعني من ادم لازم للاخذ منهم. لانه لم يؤخذ منهم الا بعد الاخذ منهم. فاكتفي اللازم عن ذكر الملزوم والوجه الثالث انه لو قال واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم او من ظهره ذريته. لاظن ان المستخرج انما هو ماذا ابناؤه فقط دون من بعده والواقع ليست كذلك انما كل ذرية ادم الى يوم القيامة فكان المناسب ان يقول ذريتهم او ذرياتهم على القراءتين سادسا اذا قال هؤلاء العلماء ان هذا شيء لا يذكره احد هذا الميثاق لا يذكره احد. فانه يقال ان عدم التذكر لا يستلزم عدم الوقوع عدم التذكر لا يستلزم عدم الوقوع فهل يذكر احد منكم ما حصل له او منه في اول يوم من ولادته احد يذكر؟ ما احد يذكر مع انه قد حصل له ومنه اشياء صح ولا لا؟ فعدم التذكر ها؟ استلزم عدم لا يستلزم عدم الوقوع حتى ولو كان شهادة فكم من الناس من يشهد شهادة متقدمة في سنوات ماضية ثم بعد ذلك اذا سئل فانه يقول لا اذكر صح ولا لا؟ طيب الوجه السابع آآ انهم اذا قالوا ان هذا شيء لا يذكر فكيف تقوم عليهم الحجة بشيء لا يذكرونه فاننا نقول نعم شك انهم لا يذكرونه ولكن الله سبحانه وتعالى قد بعث الرسل لاجل تذكيرهم بهذا الميثاق وهذه الشهادة على انفسهم. الله جل وعلا بعث الرسل لتذكير الناس بهذا الميثاق وهذه الشهادة وهذه الشهادة التي شهدوا بها على انفسهم. وعليهم فمن جحد بعد ذلك كان اذا مستحقا للعذاب الوجه الثامن ان هذا الذي ذكره وهو كيف تقوم عليهم الحجة بشيء لا يذكرونه فانه يقال انه لازم لكم فيما حملتم الاية عليه وهو الفطرة فان الكفار ايضا يقولون نحن لا نذكر اننا فطرنا بل انهم ينكرون ان تكون ثمة فطرة صح ولا خلاص؟ وبناء عليه كيف اه ستجيبون عن هذا؟ وكل جواب تجيبون به فانه مقلوب عليكم الوجه التاسع ان يقال ان هذا الميثاق حجة على العباد ولكن من رحمة الله سبحانه وتعالى انه لم يعذب على مخالفته انما يعذب الله عز وجل على الحجة الرسالية. بمعنى الحجج كثيرة فالفطرة حجة والميثاق حجة والعقل حجة والايات الكونية حجة وبعثة الرسل حجة ولا تلازم بين ثبوت الحجة وثبوت العذاب على مخالفتها. من يعيد هذه اجب يا شيخ لا تلازم بين ثبوت الحجة ها؟ وثبوت العذاب على مخالفتها بدليل ما تقولون به انتم الفطرة عندكم ماذا؟ حجة قد دل عليها الدليل ان ان تقولوا انا كنا عن هذا غافلين صح ولا لا؟ ومع ذلك هل تقولون ان من لم تبلغه دعوة الرسل ان الله جل وعلا يعذبه بحجة الفطرة؟ اجيبوا او يعذبه الله سبحانه وتعالى بحجة العقل او يعذبه الله بحجة الدلائل والبراهين الكونية لا يقال هذا لان الله سبحانه وتعالى يحب العذر بل لا احد احب اليه العذر منه سبحانه وتعالى. ولاجل هذا الرسل مبشرين ومنذرين. اذا شاء الله جل وعلا لرحمته ان لا عذاب الا قيام الحجة الرسالية. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. ولم يقل حتى نقيم حجة الفطرة او حجة الميثاق او حجة العقل. واضح؟ الم يأتكم نذير؟ قالوا بلى. اذا انتم مستحقون للعذاب وان الاشهادة انما كان بلسان الحال لا بلسان المقال. بعيد بل هو اقرب الى التأويل المذموم ويدل على هذا ان الله سبحانه وتعالى قال واذ اخذ ربك اخذ في الماضي وليس يأخذ مع ان بني ادم لا يزالون ماذا يتوالدون الى اخر الدنيا صح ولا لا والله جل وعلا يقول واشهدهم ولو كانت القضية قضية فطرة او عقل او نصب ادلة لقال ويشهدهم لان الامر ماذا؟ ها مستمر صح ولا لا؟ فكل مولود يولد على الفطرة ويعطيه الله عز وجل العقل وينصب له الدلائل الكونية الى اخره كذلك الله سبحانه وتعالى قال الست بربكم ولو كانت القضية قضية فطرة او دلالة عقل او اي نوع من الادلة فكان المناسب ان يقال اليس الله ربكم؟ اليس الله ربكم ثم معي المشايخ الله عز وجل قال الست بربكم لكن لو كانت القضية ما فيها مخاطبة وما حصل هناك مخاطبة بين الله سبحانه وتعالى وهذه الذرية لكان ان يقال اليس الله ربكم؟ اذا هذا وغيره من قرائن لفظية تتعلق بالاية تدل على ان هذا الذي ذهبوا اليه بعيد وان الحق في ما دلت عليه الاية في ظاهرها وشهد مع هذا الاحاديث واقوال الصحابة واثار السلف والمتقرر عند اهل السنة والجماعة في هذه المسألة والعلم عند الله جل وعلا. اسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح. والاخلاص في القول عمله الله جل وعلا اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين