بما يقدر سبحانه وتعالى. الله جل وعلا اعلم حضرني في هذا قول موسى عليه الصلاة والسلام وهذا مما ينبغي ان يكون من المؤمن على ذكر واختار موسى قومه سبعين رجلا وهذا امر يدركه كل عاقل بقليل من التأمل. الا ترى الى ان الله جل وعلا مالك كل شيء فهو يملكنا سبحانه هو خالقنا وهو محينا وهو مميتنا. فلو شاء الله جل وعلا ان يخلقنا من الابتداء في النار. منذ ان يخلقنا يجعلنا في النار هل لله مدافع في هذا؟ اجيبوا. لا والله. لو شاء الله جل وعلا ان يخلقنا الى النار مباشرة فماذا كانت النتيجة؟ لم يهتدي ولماذا لم يهتدي؟ لان الله لم يشأ هدايته. قال انك لا تهدي من احببت. ولكن الله يهدي من يشاء. اذا الهداية الى الله عز وجل. فهي لميقاتنا فلما اخذتهم الرجفة قال ربي لو شئت اهلكتهم من قبل واياي اتهلكنا بما فعل السفهاء ان اتهلكنا بما فعل السفهاء منا ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي بها من تشاء. انت ولينا فاغفر لنا الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفى به يا رب العالمين. قال الامام الطحاوي رحمه الله تعالى في عقيدته ولم يخفى عليه شيء قبل ان يخلقه لما هم عاملون قبل ان يخلقهم. الحمد لله رب العالمين. صلى الله وسلم بارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان اما بعد فلا يزال كلام المؤلف رحمه الله متصلا بموضوع القدر قال رحمه الله ولم يخفى عليه اي على ربنا جل في علاه شيء قبل ان يخلقهم يعني قبل ان يخلق الخلق. وعلم ما هم عاملون قبل ان يخلقهم وذلك لانه سبحانه العليم. ولانه عالم الغيب والشهادة فهو المتسخ صفة العلم الازلي فالعلم صفة ذاتية لا تنفك عن ذات الله جل وعلا. وآآ علم الله جل وعلا علم واسع لكل شيء. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن ان لو كان كيف يكون من الممكنات والممتنعات. ومن هذا كونه جل وعلا علم ما العباد عاملون قبل ان يخلقهم. العلم هو الكاشف المبين لحقائق الامور. وبه يكون وضع الشيء في موضعه. واعطاء النعمة من يستحقها واقامة العدل في من يستحقه. فالله جل وعلا علم ما العباد عاملون؟ شاء ما علم من ذلك سبحانه وتعالى ولم يكن شيء خارجا عن مشيئته تبارك وتعالى. فالعلم سابق لمشيئته وسابق لكتابته وسابق لخلقه قال ابو حازم سلمة بن دينار التابعي رحمه الله قال ان الله علم قبل ان يكتب و بالتالي فعلمه سبحانه وتعالى سابق لكتابته ان الله علم قبل ان يكتب. وكتب قبل ان يخلق. فمضى الخلق على علمه وكتابه فما خرج شيء عن معلوم الله سبحانه وتعالى. وما وقع شيء بخلاف ما علم جل في علاه فما شاء خلاف ما علم ولا كان خلاف ما شاء سبحانه ومن جملة هذا انه سبحانه علم من هو اهل للهداية فوفقه اليها قال سبحانه ولقد اخترناهم على علم على العالمين. وقال سبحانه اليس الله باعلم بالشاكرين وقال سبحانه ولقد اتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين. كما انه سبحانه اضل من علم انه اهل للضلالة. وانه لا يصلح لها. ولا تصلح له. قال سبحانه فرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم التحقيق في هذه الاية ان قوله على علم اي على علم بانه اهل للضلالة. كما رجح هذا ابن القيم رحمه الله تعالى اذا كل شيء قد مضى وسبق في علم الله سبحانه وتعالى فكان كما علم وما خفي على الله سبحانه وتعالى شيء. وسيأتي في قادم آآ هذه العقيدة زيادة كلام عن صفة العلم لان المؤلف رحمه الله قد تكلم وفرق الكلام عن موضوع القدر وبالذات موضوع العلم في عدة مواضع. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله وامرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته. قال رحمه الله وامرهم بطاعته امر الله جل وعلا خلقه بطاعته. كما انه سبحانه نهاهم عن معصيته. وفي تعقيب هذه الجملة بعد ذكر ما تقدم من انه خلق الخلق بعلمه وانه قدر لهم اقدارا وضرب لهم اجالا نبه الى انه سبحانه امرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته. وفي هذا فائدتان الاولى انه سبحانه ما قدر ولا خلق عبثا. انما كان منه سبحانه كان منه ذلك لحكمة بالغة. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فهذه الحكمة هي التي لاجلها خلق الخلق. ولم يكن خلقه عبثا. افحسبتم انما خلقناكم عبثا. هذا مما يجل وينزه الله سبحانه وتعالى عنه. الفائدة الثانية هي وجوب الجمع بين الايمان بالشرع والايمان بالقدر وانه لا يجوز ان اه تلقى العداوة بين الشرع والقدر بل كما امنت بان الله قدر كل شيء وخلق كل شيء وعلم كل شيء فعليك ان تستجيب لامره سبحانه. فتطيعه فيما امر وتنتهي عما نهى عنه وزجر. لا ان تجعل القدر حجة لك في ترك ما امر او في فعل ما حرم وهذا هو الحق المبين. الذي فاز به اهل السعادة والتوفيق الذين هم اهل السنة والجماعة. والا فالمنحرفون عن هذا الصراط المستقيم طوائف اهمهم ثلاثة اهمهم ثلاث طوائف هم قدرية الابليسية والقدرية المجوسية والقدرية المشركية وجمعهم شيخ الاسلام رحمه الله في تائيته بقوله ويدعى خصوم الله يوم ميعادهم الى النار طرا فرقة القدرية. سواء نفوه اوسعوا ليخاصموا به الله. او ما روا به بيعتي الفرقة الاولى النفاة سواء نفوه وهؤلاء هم القدرية المجوسية وفاة القدر والمراد بكونهم نفاة القدر انهم نفوا عموما قدرة الله وعموم مشيئته وعموم خلقه انتبه لهذا فهذه الجملة لابد لها من هذا التفصيل. وفاة للقدر واعني بهم القدرية اه الذين شاع امرهم وذاع تبنت ارائهم فرقة المعتزلة واما القدرية الاولى فاولئك شر واضل سبيلا فاولى حتى عموم علم الله سبحانه وتعالى وكتابته. فضلا عن مشيئته وخلقه. اما هؤلاء المعتزلة فالبلية بهم بلية عظيمة. والذين نسجوا على منوالهم من الفرق المنتسبة لهذه الامة عدة طوائف ولا يزال لهم وجود الى هذا اليوم هؤلاء يرون ان مشيئة الله وقدرته وخلقه لا تتعلق بافعال العباد انما افعال العباد مرجعها الى مشيئتهم هم واذا قدرتهم هم والى كونهم خلقوا افعالهم من انفسهم. هم الذين احدثوها. واما الله سبحانه وتعالى فانه في زعمهم وتعالى عنه علوا كبيرا لا يقدر هذه الاعمال ولا على خلقها ولا على مشيئتها. فهؤلاء هم القدرية المجوسية حيث انهم شابهوا المجوس بجعلهم خالقين مع الله سبحانه وتعالى كما اعتقدت المجوس ان هناك خالقين فهؤلاء اعتقدوا خالقين وكل انسان خالق فعل نفسه. سواء نفوه اوسعوا ليخاصموا به الله. هؤلاء هم القدرية الابليسية. الذين كان ابليس الذي قال بما اغويتني لازيننه لهم في الارض ولاغوينهم اجمعين هؤلاء صدقوا بالشرع بامر الله عز وجل وصدقوا بالقدر لكنهم رأوا ان بين الامرين تناقضا. هؤلاء خاصموا الله سبحانه وتعالى في شرعه وخاصموا الله في قدره. فاعتقدوا ان ثمة تناقضا بين الامرين. وهذا كثير في المنسلخين من هذه الشريعة كما يذكر عن ابي العلاء المعري انه قال مخاطبا الله سبحانه وتعالى ويال جرأته قال انهيت عن قتل النفوس تعمدا؟ وبعثت انت لقتلها ملكين. قبحه الله انظر الى كيف القى العداوة بين شرع الله عز وجل وقدره. فالله سبحانه نهى وهذا شرعه نهى عن قتل النفوس وقدر سبحانه آآ ان تموت هذه النفوس فهو الذي اماتها سبحانه وتعالى. الله يتوفى الانفس حين موتها انظر الى هذه الجرأة والى هذا السفه الى سوء الادب مع الله جل وعلا. وهذه زندقة صريحة وكلام مخالف للعقل. ان كان قائله يعقل. وقس على هذا كثيرا من المتمردين آآ من المنتسبين الى هذه الامة او من غيرها. فانه ما يزعمون التناقض بين الشرع والقدر. و الفرقة الثالثة ثم القدرية المشركية. او ما روا به للشريعة. هؤلاء زعموا ان القدر حجة في ترك الشرع وترك الائتمار بالامر والانتهاء عن النهي. القدر ليس حجة على المعصية بل هذا مخالف للشرع مخالف للعقل ايضا سيأتي مزيد كلام على هذا ان شاء الله جل وعلا في لاحق هذه الرسالة مد الله في العمر للكلام عن مسألة الاحتجاج بالقدر اصحاب هذا التوجه نسجوا على منوال المشركين الذين قالوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء. فجعلوا قدر الله حجة لهم فيما وقعوا فيه من الشرك والمعصية وتنكب الصراط المستقيم كل هؤلاء على ضلال عظيم. اما الفرقة الرابعة فهم اهل التوفيق وهم اهل السعادة وهم اهل السنة والجماعة الذين جمعوا بين الايمان بالقدر والايمان بالشرع. الذين اجتهدوا في طاعة الله عز وجل. مع اعتقادهم ان كل شيء بقدر. وان الهداية والاضلال بمشيئة الله سبحانه وتعالى. ففازوا بالحق المحض. والتوفيق والسعادة بخلاف اولئك وهم درجات. فشرهم واسوأهم لا شك. انهم القدرية الابليسية والقدرية مشركية واما المجوسية فانهم اخف شرا. لان عندهم تعظيما للامر وللنهي ولكن لم يوفقوا الى الجمع بين الشرع والقدر فالتبس عليهم الامر وظنوا ان ثبوت عدل الله عز وجل لا يكون الا بما ذهبوا اليه. وهو في الامر مخالف للعدل. على كل حال هذا باقتظاظ ما يتعلق بمسألة الجمع بين الشرعي والقدر وهذا الواجب على كل مسلم والنبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين الامرين في احاديث كثيرة ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه انهم كانوا جلوسا عند النبي عليه الصلاة الصلاة والسلام فقال ما منكم من احد الا وقد كتب مقعده اما من النار واما من الجنة. فقالوا يا رسول الله افلا نتكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر. هذه الجملة المختصرة فيها الجمع بين الشرع والقدر. اعملوا هذا هو الايمان بالشرع كل ميسر هذا هو الايمان بالقدر. وهذا ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته بيئته تنفذ لا مشيئة للعباد الا ما شاء لهم فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن قال رحمه الله وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته. عطف المشيئة على التقدير من عطف الخاص على العام فان المشيئة مرتبة من مراتب التقدير. وهذه المشيئة هي التي تنفذ يعني تمضي. فلا راد لما شاءه الله سبحانه وتعالى وليس مشيئة احد هي الماضية لا مشيئة العباد ولا مشيئة غيرهم. لا مشيئة للعباد الا ما شاء له فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكون. هذه جملة عظيمة ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد ذكر ان اساس ذكر ان اساس كل خير ان تعلم ان ما شاء الله كان. وما لم يشأ لم يكن هذه جملة عظيمة وجملة فيها تحقيق الايمان بربوبية الله سبحانه وتعالى فان من الايمان بربوبية الله ان يعتقد المؤمن ان الله سبحانه هو المالك والمدبر والمتصرف في خلقه بما يشاء سبحانه وتعالى. ولذا فمشيئته لا راد له. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. كان هنا هي كان التامة كان معنى حصل ووقع هذه الكلمة كما اسلفت كلمة اطبق عليها المسلمون قاطبة. هذه كلمة اجماعية تلقاها الخلف عن السلف. رويت في بعض الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها كلام. وتكلم بها الصحابة رضي الله عنهم. واخذ عنهم التابعون واخذ عنهم اتباعهم وهكذا الى يوم الناس هذا. كل المسلمين يقولون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وما شذ عن هذا الا القدرية المجوسية. الذين قالوا ان الله يشاء ما لا يكون. ويكون ما لا يشاء. يشاء الله الهداية لعباده. والعباد يشاؤون لانفسهم فتمضي مشيئة العباد دون مشيئة الله. ويقع ما يقع مما لا شاءه الله قهرا. هذا لازم قولهم بل هذا حقيقة قولهم. اما اهل السنة والجماعة بل المسلمون عامة فعلى هذا الحق المبين. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ما شاء الله كان يعني ما شاء الله وجب كونه وما لم يشأ امتنع كونه بمعنى مشيئة الله هي الموجبة للاشياء على حقيقة. ومعنى كونها موجبة يعني هي المستوجبة لحصول كل شيء. و بناء على هذا فالمشيئة هي السبب الكامل لكل موجود ما شاء الله فانه واقع لا محالة. مع المشيئة لا مانع مع عدمها لا مقتضي. انتبه لهذه القاعدة. مع المشيئة ماذا؟ لا مانع. ومع عدمها لا مقتضي. مهما كان ما كان من العباد بل من جميع اهل السماء والارض اذا اجتهدوا في كون شيء وحصوله انه لا يمكن ان يكون هذا مقتضيا لهذا لا يمكن ان يكون مقتضيا لهذا الحصول مع عدم مشيئة الله سبحانه وتعالى. اذا الامور الموجودة وجودها بمشيئة الله. المعدوم معدوم بعدم هذه المشيئة. الماضي مضى بمشيئة الله. والمستقبل لا يكون الا ان يشاء الله. انبه هنا الى ثلاثة في تنبيهات الاول ما تعلق بقول المؤلف رحمه الله فما شاء لهم يعني قال قبلها لا مشيئة للعباد الا ما شاء لهم. فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن. نعم. هذا هو الحق المبين العبد لا يشاء الا ان يشاء الله مشيئته اذا شاء الله جعله شائيا لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب يقول سبحانه وتعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما اذا ليس للعباد مشيئة الا بمشيئة الله. وفي هذا الجمع بين حقيقتين الثابتتين في الشرع والحس. الا وهما ثبوت فئة العباد فلهم مشيئة. وهم يفعلون افعالهم الاختيارية بمشيئتهم. لمن شاء منكم ان يستقيم فاتوا حرفكم انا شئتم. كذلك يجمع اهل السنة مع هذا ثبوت مشيئة الله سبحانه وان مشيئة العباد لا تكون الا ان يشاء لهم ان يشاءوا وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين. التنبيه الثاني ان تميز اهل السنة والجماعة في اثبات المشيئة انما هو مع اعتقادهم شمول مشيئة الله عز وجل. وعمومها لجميع الاعيان والافعال. فانهم ايضا اعتقدوا ان المشيئة مشيئة الله عز وجل مقترنة بحكمته. انتبه الله لا يشاء الا ان تقتضي حكمته ان يشاء. وهذا ما دل عليه الشرع بادلة كثيرة جدا. تميز اهل السنة والجماعة باثبات هذا واعتقاده ونفوسه مطمئنة به. فالله لا يشاء مشيئة مجردة. عن الحكمة بل مشيئته سبحانه مشيئة مقترنة بالحكمة. والحكمة وضع الاشياء في موضعها اللائق بالغايات المحمودة منها كل ما شاءه الله جل وعلا لم يكن الامر فيه عبثيا او كيفما اتفق تعالى الله علوا كبيرا انما يشاء الله مشيئة مقترنة بحكمة متى؟ وهذا ما تميز به اهل السنة عن المتكلمين الذين اثبتوا المشيئة من الاشاعرة وغيرهم الماشية واثبتوا عموم المشيئة. ولكنهم خالفوا الحق في نفي حكمة الله جل وعلا فالله عندهم يشاء او يفعل بمشيئة محضة. وهذا باطل من القول ولعله يأتي تفصيل الكلام عن حكمة الله عز وجل لاحقا. التنبيه الثالث مشاهدة المؤمنين للمشيئة. نافع له جدا ولا سيما في زمن الفتن والغربة مع الضعف والعجز فانه اذا ادلهمت الفتن فتن الشبهات والشهوات. و تكاثر اعداء الله جل وعلا. وعظمة عظمة الغربة على اهل الايمان من؟ فان من انفع الاشياء لهم وهم عاجزون عن تغيير هذا الواقع ان يلحظوا ويشاهدوا مشيئة الله جل وعلا. وحكمته البالغة وان ما شاء كان وانه لا قدرة احد على ان يغير ما شاء الله. وان له حكمة فيما شاء الايمان بهذا وتذكير النفس به ومطالعته مما تسكن به النفس المؤمنة. وتطمئن تخف وطأة الحزن لما يرى المؤمن في تلكم الاوضاع فهذا مما ينبغي التواصي به ان يلحظ الانسان مشيئة الله جل وعلا. وان له حكمة بالغة ارحمنا وانت خير الغافرين. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضله ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا انتقل رحمه الله الى مسألة متفرعة عن ثبوت مشيئة الله عز وجب الا وهي مسألة الهداية والاضلال. فان الهداية مما يرجع الى ثبوت مشيئة الله عز وجل ما شاء الله وهداه ومن شاء الله اضله. بالمناسبة واضحة بين الكلام عن المشيئة والكلام عن الهداية والاضلال. الهداية ها هنا هي هداية التوفيق بمعنى ان يخلق الله سبحانه في قلب عبده محبة الخير يعينه عليه ويسهله له يزيل عنه عوائقه. وهذا شيء مما يختص الله سبحانه وتعالى به فلا شريك له في هذا اما هداية الارشاد فان الله عز وجل يهدي وله اعظم ما يكون من هذه الهداية ولكن العباد ايضا يهدون هداية لائقة بهم الله عز وجل يهدي الله يدعو الى دار السلام. وكذلك عباده وانك لتهدي الى صراط مستقيم انما مقصودنا اذا وصلنا الى هذا الموضوع اذا وصلنا الى باب المشيئة ثم عرجنا على موضوع والاضلال فنحن ها هنا نتحدث عن هداية التوفيق والالهام. قال رحمه الله يهدي من ويعصم يعني عن الضلال ويعافي اي منه فضلا من الله وعلا ويضل سبحانه واضلاله على الضد من هدايته ويخذل ويبتلي عدلا. هذه مسألة الهداية والاضلال وهي من اعظم مسائل القدر هي التي آآ وقع من وقع في الخطأ في باب القدر بسببها غالبا والا فبقية المسائل يسهل اه فهمها واعتقادها على من النفوس لكن مسألة الهداية والاضلال لا يستقيم اعتقاد احد فيها الا من كان مسلما لشرع الله عز وجل ومتبعا ادلة الوحي ووقافا عند حدود الله جل وعلا غير متجاوز لها. وهؤلاء هم الخلص. من اهل الاسلام. فاعطوا النصوص حظها من الايمان وجمعوا بين الادلة وما ضربوا بعضا ببعض وقبل الخوض في هذا الموضوع لابد من مقدمات ممهدات كعادتنا في المسائل التي اه يجدر اه اخذها بقدر كبير من الاهتمام بين ايدينا عشر مقدمات ممهدات. تسهل عليك فهم موضوع الهداية والاضلال بتوفيق الله. اولا القدر منه معلوم ومنه مستور وسيأتي معنا ان شاء الله في كلام المؤلف ان العلم علماني علم في الخلق موجود وعلم في الخلق مفقود. فمن ادعى العلم المفقود كفر. ومن طلب فمن ادعى العلم المفقود كفر ومن انكر العلم الموجود كفر باب القدر واخص باب الهداية والاضلال بالذات منه شيء معلوم. والادلة فيه واضحة وهذا الذي ينبغي ان يعتني المسلم بادراكه ثم ثم يقف فيما بعد لان هناك قدرا ليس لنا ان نخوض فيه القدر فيه جانب غيبي. ارأيتم باب الصفات كيف ان فيه جانبا معلوما وجانبا غيبيا. كذلك يقال في باب القدر. هناك هناك جانب معلوم وهناك جانب غيبي لا سبيل للعباد للعلم به. وهذا القدر المستور الذي ستر عنا علمه واجبنا الامساك عنه. وعليه يتنزل قوله صلى الله عليه وسلم كما عند الطبراني وغيره باسناد حسن واذا ذكر القدر فامسكوه. اذا ذكر القدر باكثر مما دلت عليه الادلة وابانت النصوص فواجب للامساك. فانك ان لم تفعل اوقعك ذلك في العطب. لذا قال السلف روي هذا عن الصحابة رضي الله عنهم القدر سر الله فلا نكشفه لا سبيل لنا الى كشف ما خزن عنا علمه من باب القدر. و ما احسن ما جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه انه قال في شأن القدر شيء اراد الله الا يطلعكم عليه. شيء اراد الله الا يطلعكم عليه فلا تطلبوا شيئا يأبى به عنكم او كما كان او كما قال رضي الله تعالى عنه ثانيا الله عدل لا يظلم. هذه مقدمة مهمة يجب عليك استحضارها من ابتداء البحث في باب الهداية والاضلال الى انتهائه. ينبغي ان ان تستصحب دائما ان الله عدل لا يظلم. فهمت هذا الموضوع على وجهه او لم تفهمه؟ ايقن ايقانا لا يتزحزح راسخا كالجبال ان الله عدل لا يظلم. قال صلى الله عليه وسلم كما في ومن يعدل ان لم يعدل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ان الله لا يظلم الناس شيئا وما ظلمنا يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي. اذا هذا من الاصول المهمة التي ينبغي عليك استحضارها فمهما وسوس اليك الشيطان فتذكر ان الله جل وعلا قد نزه نفسه عن الظلم لفعل ولا راد لما قضى. لكن لما عدل سبحانه وتعالى عن ذلك. واوجدنا في دار الاختبار وارسل رسله وانزل كتبه واقام حجته دلنا هذا على انه عدل لا يظلم. اذا هذا مما ينبغي عليك استحضاره يرعاك الله. ثانيا ثالثا لله الحكمة البالغة. الله جل وعلا له حكمة بالغة بكل ما يخلق ويقدر ويشاء ويشرع. كما تقدم قبل قليل. وثبوت الحكمة في ما يفعله ويشاؤه سبحانه قضية قطعية دلت عليها الاف الادلة وشهد لها العقل والحس. فلله حكمة بالغة. فاذا هدى فان هدايته واذا اضل فان اضلاله لحكمته وهو المحمود على هذا وهذا استحضر مع هذا ايضا ان حكمة الله اوسع من ان يحاط بها حكمة الله جل وعلا اوسع من ان يحاط بها. علمنا شيئا من حكمة الله وغابت عنا اشياء ولا يمكن لعقولنا القاصرة ان تحيط علما بحكمة الله جل وعلا في كل ما يقدر وانت اضعف من ان تحيط علما بحكمة مخلوق مثلك بكل ما يفعل فكيف تطلب ان تطلع على حكمة الله في كل شيء يقدره؟ هذا ليس بالانكار ونحن نستدل بما علمنا على ما جهلنا. الامر الرابع عقولنا قاصرة لا محيطة. هذا الامر الرابع مؤكد سابقه عقولنا قاصرة لا محيطة. عقلك يا ايها الانسان عقل قاصر وليس عقلا محيطا وبناء عليه فانه اضعف من ان يدرك تفاصيل مسألة الهداية والاطلال في الخلق. ايقن بهذا وسلم. مهما كنت ذا ذكاء وفطنة وعلم فانك من المتعذر عليك ان تحيط علما بحكمة الله سبحانه وتعالى فيما قدره من باب الهداية والاضلال. اعرف قدرك. ولا تتجاوزه وما احسن ما قال بعض السلف مثل الناظر في القدر كالناظر في الشمس. كلما نظر اليها ازداد تحيرا انت تنظر في شيء عظيم جدا ومهما امعنت فانك لن تخرج بطائل. كالذي ينظر الى الشمس. لن يستفيد شيئا بل سيعود عليه ذلك بالضرر على بصره اذا سلم بهذا وتواضع ولا تتكبر الامر او المقدمة الخامسة لله الحجة على العباد. وليس للعباد حجة على الله لله الحجة على العباد وليس للعباد حجة على الله. الله جل وعلا يقول يقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء. كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ ان تتبعون الا الظن. وان انتم الا تخرصون ثم قال قل لله الحجة البالغة. فلو شاء لهداكم اجمعين. ما اعظم هذه الاية لله الحجة بالغة التي بلغت القلوب والعقول ولم يبق بعدها عذر حجة الله جل وعلا كانت على العباد بمجموع امرين اولا ان الله سبحانه اعطى اسباب التكليف. من العقول والاسماع اعطى اسباب التكليف من العقول والاسماء مكن من الوصول الى الحق. فاعطى عقولا يمكن بها الادراك. واسماعه تسمع الحق وابصارا تبصره ولم يحل سبحانه وتعالى بين العباد وبين الوصول الى الحق الامر الثاني انه سبحانه اقام على العباد حجته الراسالية. فارسل الرسل وانزل الكتب رسلا مبشرين ومنذرين. لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل قال صلى الله عليه وسلم لا احد احب اليه العذر من الله ولاجل ذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين. اذا لله حجة بالغة. ولا مؤاخذة على العباد الا باجتماع هذين الامرين لا مؤاخذة على العباد الا باجتماع هذين الامرين. فاذا كان ثمة خلل في سبب التكليف فان للعباد عذر والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان المجنون قد رفع عنه القلم واذا لم تبلغوا واذا لم تبلغ الرسالة فللعباد عذر وما كنا معذبين حتى رسولا. رسولا. اذا الله جل وعلا له له الحجة على عباده وليس للعباد حجة على الله. الامر السادس تذكر ان من منع فضله لم يكن ظالما الله جل وعلا لا يجب عليه شيء من عباده. الله سبحانه اعز من ان يوجب عليه احد شيئا. فاذا هدى فان هذا فضل منه سبحانه يختص به من يشاء. واذا منع فضله ما عد هذا ظالم ما عد هذا ظلما الظلم هو ان يمنع الانسان انما هو ان يمنع احد واجبا عليه اما ان يمنع فضلا فانه لا يعد ظالما. استحضار هذا من الاهمية بمكان اذا خضت في باب الهداية والاطلال. الامر السابع الله جل وعلا لا يسأل عما يفعل لكماله. ايقن بهذا واطمئن. الله جل وعلا لا يسأل عما ما يفعل لكماله. الله جل وعلا له الكمال المطلق. الله جل وعلا له العلم الواسع وله العزة الكاملة. وله الحكمة البالغة. ولذا لا يسأل سبحانه عما يفعل ولا يتعقب احد فيما يقدر. فينظر فيه هل هو موافق للصواب؟ او مخالف للصواب؟ ليس المقام كذلك ابدا. هذا يكون في من يمكن ان يفعل الصواب ويفعل الخطأ او يتعقب حكمه وينظر وينظر وفيه ويمكن ان يقدح فيه. والله جل وعلا فشأنه اعظم من ذلك. لا يسأل عما يفعل. وهم يسألون لا يسأل عما يفعل بكماله سبحانه وتعالى. فاذا كان الامر بهذه المثابة وان له الكمال المطلق اذا على الانسان ان يسلم فيما يقدره سبحانه وتعالى ومن ذلك مسألة الهداية والاطلال ولا يتعقب حكم الله جل وعلا ولا يسأل سؤال معترض عما يأتي سبحانه وتعالى من ذلك او يترك الامر الثامن استحضر مقام ادب ولا تتعدى عتبة العبودية. اذا ولجت الى هذا الموضوع اياك ان تتعدى قدرك. المقام ها هنا مقام رب وعبد مقام سيد عبد فقير لا تملك لنفسه شيئا. والله عز وجل مالكه والغني عنه. اذا حذاري ان تخرج منك قول او تعقد قلبك على عقيدة توردك الموارد. بعض الناس اذا وصل الى هذا الموضوع تكلم فيه. كانما يتكلم عن قرينين او كأنما يتكلم عني الدين وكل واحد منهما له حق مساو للاخر فهو يحكم بين هذا وهذا اتق الله يا عبد الله. الله عز وجل هو المالك المتصفر المالك المتصرف المدبر الذي له الغنى التام. وانت عبد مملوك ليس منك شيء ولا اليك شيء تنبه ولا تتعدى حدك وطورك. المقدمة التاسعة احرص على ما ينفعك لا تأخذ خوضا لا فائدة فيه بل ربما يعود عليك بالضلال. وما اكثر ما تخوض اناس في هذا الموضوع هذا الخوض الذي لا ينفع. اكتفي بالقدر الذي ابانته الادلة وانصرف بعد ذلك الى ما ينفعك. المسألة او المقدمة العاشرة والاخيرة ايمان اهلي الايمان والتسليم بالقدر دافع لهم الى العمل لا الى الكسل. ان كنت على الجادة ان كنت على الطريق القويم الصراط المستقيم ان كنت على نهج السلف الصالح رحمهم الله فاعلم ان ايمانهم بالقدر ومنه مسألة الهداية والاضلال كان دافعا لهم الى الاجتهاد في العمل والطاعة لا الى الركون الى الكسل او الاحتجاز على الله سبحانه وتعالى بما قدر. ويدل على هذا ما جاء في رواية والحديث اصله بروايات متعددة في الصحيحين لكن هذه رواية عند ابن حبان باسناد صحيح من حديث سراقة ابن مالك رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام اخبر اصحاب بثبوت القدر. وان كل ما يكون فقد مضت به المقادير وليس بما يستأنف فها هنا سأل سراقة رضي الله عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام ففيما العمل اذا كان كل شيء مكتوبا ولا خروج عما يشاء الله عز وجل في ابن ادم ففيما العمل؟ فقال صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر. يقول سراقة رضي الله عنه فما كنت اشد اجتهادا مني الان. لما سمع هذه الكلمة وعلم ان العبد ينال ما قدر له بالسبب الذي اقدر عليه اجتهد في العمل. حتى يكون قريبا من النجاة لانه اخذ بسببها فهكذا ينبغي ان تكون يا ايها المسلم على نهج السلف وعلى طريقة الصحابة رضي الله عنهم ايمانهم بالقدر دفعهم الى الاجتهاد في طاعة الله سبحانه واجتهاد والاجتهاد في اجتناب محارمه لا انه اورثهم ضد ذلك كما يكون من بعض الناس والله المستعان. هذه مقدمات يستحضرها يرعاك الله ولا تغفل عنها. ننتقل بعد ذلك الى الكلام عن معتقد اهل السنة والجماعة في مسألة الهداية والاضلال وعندنا ها هنا كما ترى شقان شق يتعلق بالهداية واخر يتعلق بالاضلال. ونبدأ بالاول منهما فيقال ان معتقد اهل السنة والجماعة في باب الهداية يتلخصوا في اربعة الضوابط الضابط الاول ان الهداية من الله فهو الذي يشاء هداية المهتدي. ولو لم يشأ الله هداية المهتدي لم يهتدي ورب السماء. مهما اجتهد ومهما فعل ومهما بذل من اسباب اذا لم يشأ الله الهداية له فانه لن يهتدي هذا مما قامت عليه دلائل كثيرة في الكتاب والسنة. ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل من يضلل الله فما له من هاد؟ لو اجتمع اهل الارض كلهم على ان يجعلوه مهتديا فانه والله لن يكون. وهاه النبي وها هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو اعظم العباد قياما بهداية الارشاد وقد ما يستطيع في هداية عمه ابي طالب بيده يمن بها على من يشاء. يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم. بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين. اذا الهداية من الله جل وعلا وحده. فلا احد يشاركه في لذلك والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا هكذا قال صلى الله عليه وسلم وهكذا قال اصحابه معه. اذا فهمت هذا فهمت انها ها هنا امرين الاول فعل الله. والثاني فعل العبد. فعل الله هو هداية وفعل العبد هو الاهتداء. من يهدي الله فهو المهتدي. وفعل العبد اثر لفعل الله. وعليه فاذا لم يفعل الله عز وجل لم يكن فعل للعبد لم يكن فعل للعبد. اذا هذا مما ينبغي ان يضعه الانسان نصب عينيه الضابط الثاني الهداية محض فضل من الله سبحانه وتعالى والعباد ليس منهم شيء ولا اليهم شيء. باب الهداية باب تفضل محض وليس باب معاوضة. لان العبد فعل استحق على ربه ان يهديه كلا بل الله عز وجل يمن منا ويتفضل فضلا على من يشاء بالهداية. ولذا يستحق اعظم الحمد على ذلك. ولذا يقول اهل الجنة وقالوا والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما فضل من الله محض يمن به سبحانه وتعالى على من يشاء. يا عبادي كلكم الا من هديته. هكذا قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي لو ترك العباد وما تقتضيه نفوسهم الجاهلة الظالمة فانهم في ضلالة لا محالة. الا ان فضل الله سبحانه وتعالى بالهداية على من يشاء. فاذا الهداية تفضل محض من الله سبحانه وتعالى. وهذا مقام يورث العبد كثيرا من تعظيم الله والخوف والرجاء. انه يعلم انه ضال الا ان يهديه الله. تائه الا ان يدله ربه على الحق يوجه قلبه اليه. الا فانه سيبقى في التيه. وسيغرق في الظلام والضلال الضابط الثالث تفضل الله عز وجل بالهداية راجع الى علمه وحكمته الله جل وعلا لا يضل الله عز وجل لا يضل ظلما ولا يهدي عبثا. فاذا هدى من هدى كان منه ذلك لعلم وحكمة. اما العلم فقد مضى الكلام فيه. وعلمنا ان الله سبحانه وتعالى يهدي عن علم ويضل عن علم. وهذا العلم علم سابق قديم قبل وجود هذه المخلوقات وقبل ان يشاء الله عز وجل فيهم ما يشاء الله جل وعلا يهدي من علم انه اهل للهداية. ولقد اخترناهم على علم على العالمين الله اعلم حيث يجعل رسالته. الله اعلم حيث يجعل رسالته اصلا ميراثا اليس الله باعلم بالشاكرين؟ المشركون سألوا سؤال تعجرف واستكبار قال سبحانه وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء من الله من بيننا ماذا قال الله؟ اليس الله باعلم بالشاكرين؟ وآآ بناء على هذا ان الله جل وعلا اذا هدى فانه يعلم ان هؤلاء الذين هداهم اهل للهداية فتقتضي حكمته ان يضع هدايته في المحل اللائق بها. الله جل وعلا رحيم. لكنه مع ذلك حكيم. اذا يضع رحمته حيث تقتضي حكمته الهداية رحمة. اذا الله عز وجل يضع رحمته حيث تقتضي حكمته فا بل ليس اهلا للهداية ولا يليق بها ولا تليق به. ولا تزكو نفسه بهذه الرحمة وهذا الفضل ان حكمة الله جل وعلا تأبى ان يكون مهتديا كما سيأتي الكلام على ذلك ان شاء الله جمع هذه الضوابط الثلاثة الماضية قوله تعالى ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. هذا هذا الذي سمعت هو هداية التوفيق. وكان الى الله سبحانه وتعالى وبمشيئته ولكن الله هو وحده الذي فعل هذا هو الذي هدى ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون ثم قال فضلا من الله ونعمة. هذا هو الضابط الثاني. القضية تفضل محض ونعمة خالصة من المنعم سبحانه وتعالى ثم قال والله عليم حكيم. اذا كانت هدايته عن علم وحكمة علم من هو اهل للهداية فاقتضت حكمته ان يضعها فيه. ولقد اخترنا على علم على العالمين. ولقد اتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين رابعا تفضل الله سبحانه وتعالى بالهداية له وجهان. الاول الهداية الاولى الله جل وعلا كما علمنا يمن بالهداية على من يشاء يكون العبد ضالا فيهتدي. غافلا عن الحق فيتبصر هذا فضل محض من الله جل وعلا. او من كان ميتا فاحييناه. وجعلنا له نورا يمشي به في ناس الله جل وعلا يقول يا عبادي كلكم ضال الا من هديته الهداية ها هنا هي الهداية الاولية. ثانيا او الوجه الثاني الهداية لاحقة وذلك ان العبد اذا اهتدى بهداية الله السابقة امن وسلم وانقاد واطاع فان الله عز وجل الا يزيده هدى ويمن عليه بهداية بعد هداية. فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. والذين اهتدوا ماذا؟ زادهم هدى ويزيد الله الذين اهتدوا هدى سيذكر من يخشى اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانه وهكذا في ادلة كثيرة تدل على ان الله عز وجل يتفضل على الهداية بهداية لاحقة. فاذا عمل الانسان زاده ماذا؟ هدى ووفقه الى هداية لاحقة ثالثة ورابعة وهكذا كما يشاء الله سبحانه وتعالى واختم الكلام عن الهداية ذكر ست فوائد الفائدة الاولى ان الهداية هداية هداية الى الصراط المستقيم. هو هداية في الصراط المستقيم. وقد جمعهما قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم. هذه الاية العظيمة التي يكررها المؤمن في يومه وليلته مرات وكرات. اهدنا الصراط المستقيم. فتذكر هاتين الهدايتين الهداية الى الصراط والهداية في الصراط. وذلكم ان الهداية الى الصراط هي الهداية اسلام الحق هي الهداية الى الدين والصواب. هي الهداية الى الملة الصحيحة. هي الهداية الى نهج السنة ولكن بعد ذلك في هذا الطريق المستقيم تفاصيل كثيرة واعمال شتى فانت مفتقر الى هداية من الله سبحانه وتعالى في كل تفصيل بكل عمل فمهما اه علمت من تفاصيل الشرع ومهما بلغك من طاعات وخيرات فحتى تقوم بشيء انها انت بحاجة الى هداية خاصة. وهذا مقام عظيم. للتوفيق والخذلان من الناس من يهدى الى الصراط المستقيم. لكنه لا يهدى الى كثير من تفاصيل هذا الصراط استحضر جيدا هذا المعنى وانت تسأل ربك الهداية اهدنا الصراط المستقيم اهدني الى هذا الصراط وثبتني عليه. وايضا اهدني الى تفاصيله وبلغني منه ما يرضيك. فانك لن تصل الا بهدايته. كل عمل صالح انت مفتقر فيه الى هداية. ولو كان تسبيحة ولو كان تلاوة اية ولو كان صلاة ركعتين انت بحاجة الى هداية خاصة الى هذا العمل الفائدة الثانية الاعمال الصالحة سواء كانت اعمال قلوب او اعمال جوارح فانها تقتضي الهدايات اللاحقة اقتضاء السبب مسببه بمعنى ان الله عز وجل هدى عبده الى الاسلام بمحض فضله جل وعلا ثم بعد ذلك يفعل عملا صالحا فيثيبه الله على ذلك بماذا؟ بهداية اية اخرى هذا العمل اقتضى تلك الهداية الثانية اقتضاء السبب لمسببه اذا الاعمال الصالحة اسباب للهدايات التي بعدها. وانت خبير بان السبب لا يقتضي له حصول المسبب. بل لابد من ازالة الموانع ولابد من لله سبحانه وتعالى. ولكن فهمك لهذا يعينك على الاكتئاب يعينك على ان تكثر من اسباب الهداية. الامر او الفائدة الثالثة الهداية لا نهاية لها. الهدايات في هذا الصراط المستقيم. ليس لها غاية ينتهي عندها. فما من هداية الا وفوقها هداية. ولذا انت مطالب بان ولا ولا يكون عندهم نظر في هذه الحال الى معرفة او الى اه ارادة تلك الفروق الدقيقة بين هذه الاعمال فان السياق آآ هو الذي يوضح هذا الفرق ثمة لا شك فرقا بين كلمة الايمان اجتهد في العمل الصالح حتى يأتيك اليقين. واعبد ربك حتى يأتيك اليقين اياك ان تظن انك وصلت الى الحد الاعلى من الهداية. الست مطالبا بعده بشيء. هذا لا يعتقد ولا يقوله الا مغرور. الهداية لا حد لها. فثمة هدايات كثيرة فعليك ان تجتهد وتجاهد حتى تخرج روحك من جسدك. الفائدة الرابعة اذا علمت كل ما سبق علمت ان كل نعمة فهي دون نعمة الهداية وعلمت ان كل مصيبة هي دون مصيبة الضلال. وهذا ما يجعله تلجأ الى الله سبحانه وتعالى بصدق. ان يبلغك هدايته. وان يتفضل عليك بها فاعظم النعم على الاطلاق. ان يمن الله جل وعلا عليك بالهداية. فهذا شيء لا تحيط به العبارة. استحضر هذه النعمة واشكر الله عز وجل عليها الفائدة الخامسة اذا نظرت الى باب الهداية فاستحضر ضعفك وعجزك. اعلم ان حالك كحال غريق في بحر هائج متلاطم الامواج وانت لا تملك سببا للنجاة فتن متلاطمة من فتن الشهوات والشبهات لا حد لها وانت في وسطها ضعيف عاجز. لا يمكنك ان تفعل شيئا. انما قلبك ولسانك متوجه الى الله سبحانه وتعالى. لان حبل النجاة بيده سبحانه وتعالى فان امدك به نجوته. والا فوالله الخسارة والهلاك هكذا ينبغي ان توطن نفسك. هكذا ينبغي ان تربي نفسك. انك تائه ضائع ضال ليس لعقلك طريق الى الهداية وليس لبصرك سبيل الى التوفيق انما انت عبد محض لسيده الذي بيده كل امره وشأنه اذا عليك ان تكون صادقا في اللجوء الى الله سبحانه وتعالى في طلب الهداية. فالامر والله يا اخوتاه النجاة شأنها شأن والخسارة والله شأنها شأن عليك ان تستحضر هذه القضية المهمة وان تعطيها قدرها في باطنك وظاهرك بلسانك وجوارحك. اظهري الافتقار الى الله عز وجل. حقق عبودية الافتقار الى الله سبحانه وتعالى في حصول الهداية اياك ان تغتر بنفسك بعلمك بعقلك بذكائك بشهادتك باي شيء عندك فوالله كل ذلك لا يقدم ولا يؤخر ان لم يشأ الله سبحانه وتعالى لك الهداية ولم يتفضل عليك بها الفائدة السادسة والاخيرة غاية الهداية غاية السلوك على الصراط المستقيم ان تصل الى الله. والى ثوابه وجنته هذا اذا نظرت في موضوع الهداية وقد دل على هذا ثلاث ايات في كتاب الله عز وجل. قال سبحانه ان علينا للهدى. وقال سبحانه وعلى الله السبيل وقال سبحانه قال هذا صراط علي مستقيم الايات على التحقيق تدل على ان هذا الصراط المستقيم انما يوصل صاحبه الى الله سبحانه والى رحمته والى لقائه والى جنته. اذا وانت وتبحث وتطالع موضوع الهداية استحضر هذا الامر. وان الهداية والتوفيق الى الصراط المستقيم مآله ان تصل الى الله سبحانه وتعالى. وان غاية اعظم من هذه الغاية هذه بعض الفوائد المتعلقة بموضوع الهداية. وانتقل بعد ذلك الى موضوع او الى الشق الثاني الا وهو والاضلال الكلام في الاضلال على وزان الكلام في الهداية فهو في اربعة ضوابط الضابط الاول ان الاضلال من الله عز وجل. فهو الذي يشاء للضال ان يضل. ولو ان اهل الارض اجتمعوا على مهتد ليضلوه فانهم لن يضلوه. لم؟ لان الامر انما هو والى الله وحده لا شريك له. من يشاء الله يضلله. ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. ومن يضلل الله فما له من هاد اذا كل ما يقع في هذا الكون مرجعه الى مشيئة الله عز وجل حتى الضلال حتى معصية الله فانها لعزته لا تقع الا بمشيئته. وانتم تذكرون تلك الكلمات الحسنة؟ التي قالها ابو اسحاق ابو اسحاق الاسفرايني رحمه الله في مناظرات او في قصته مع عبدالجبار آآ الهمذاني وهي مناظرة مشهورة ساقها اه ابن السبكي في طبقات الشافعية. وايضا اوردها اه السفاريني في اللوامع وغيرهم من اهل العلم فيحكى ان مجلسا جمع ابا اسحاق وعبد الجبار بعض الروايات او هكذا نقل السفارين انها كانت في مجلس الصاحب ابن عباد. والصاحب على اعتقاد اه يعني كان معتزلا على عقيدة عبد الجبار وايضا كان متشيعا. فالشاهد ان عبد الجبار لما رأى ابا اسحاق قال سبحان من تنزه عن الفحشاء يعرض بما يعتقده ابو اسحاق بل والمسلمون ان كل ما يقع فهو بمشيئة الله. حتى المعاصي حتى الذنوب وحتى الكفر كل شيء بمشيئة الله. هذا المعتزلي يعتقد ان ذلك ليس بمشيئة الله. قال سبحان من تنزه عن الفحشاء فرد عليه ابو اسحاق مباشرة سبحان من لا يكون في ملكه الا ما يشاء. فقال عبدالجبار افيعصى قال عبدالجبار افيشاء ربنا ان يعصى؟ فقال ابو اسحاق افيعصى ربنا قهر في رواية ثانية قصرا. وهذا هو موضع الشاهد. هل الله عز وجل يعصى قهرا وقصرا لا والله شأن الله اعظم والعباد احقر من ذلك هم لم يعصوا الله لم يعصوا الله عز وجل الا لان الله شاء ذلك. ثم قال عبدالجبار ان منعني الهدى واوردني الردى احسن الي ام اسى. قال ان منعك ما هو لك فقد اسى وان منعك ما هو له فذلك فضله يؤتيه من يشاء. فخرج الناس وهم يقولون ما لكلام ابي اسحاق جواب الجم الذي ابتدع الشاهد من هذا وطبعا هذا الكلام الذي ذكره ليس صحيح قطعا الله عز وجل ما منع احدا الوصول الى الحق. ولذلك كما يأتي معنا الله جل وعلا قال لابليس ما منعك ان تسجد اذ امرتك ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي فهل كان لابليس عذرا؟ اجيبوا يا جماعة اذا ما كان هناك مانع يمنعه من ان يطيع الله سبحانه وتعالى فالله جل وعلا قد ازاح العلل. ولم يحل بين العباد وبين مراشدهم اذا عودا على بدء اقول الاطلال الى الله عز وجل مشيئة فهو الذي يشاء للضال ان يضل. الضابط الثاني الاضلال محض عدل الله عز وجل. اذا اضل الله من اضل. كان ذلك منه عدلا لا من ووجه ذلك ان الاضلال عقوبة. وايقاع العقوبة فيما محلها المستحق عدل او ظلم عدل والعدل محمود او مذموم العدل محمود وصاحبه وهو ممدوح اذا الله عز وجل اذا اضل فانه آآ لم يظلم من اضله بل كان عدلا معه سبحانه وتعالى. وذلك ان حجته سبحانه حجة قائمة ومشيئته نافذة مكن من الهداية اعطى العقول والاسماع والابصار وارسل الرسل وانزل الكتب. ومكن من الهداية اية فاذا انصرف الانسان عن الحق استحق ان يضله الله سبحانه وتعالى عنه وتأمل في هذا المقام قوله جل وعلا واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى الله عز وجل هداهم هداية هداية الدلالة والارشاد فماذا كان منهم؟ ما اقبلوا وكان واجبا عليهم ان يقبلوا. استحبوا العمى على الهدى فاستحقوا ان يضلهم الله عز وجل. وكان هذا منه سبحانه عدلا. ولذا يقول سبحانه ما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون. اذا الحجة قائمة اذا لم يقبل العبد الى الحق استحق ان يضله الله عز وجل في صرف قلبه عنه وهذا محض عدل الله عز وجل. حقيقة الحال يا اخوتاه في هذا المقام هو الجمع بين الامرين بين مشيئة الله النافذة وحجته البالغة والله جل وعلا ماض حكمه عدل قضاؤه الله سبحانه منع عن هؤلاء فضله. لكنه ما منعهم عدله ازاح العلل بينهم وبين الوصول الى الحق. ولكن انه ما استجابوا. وما اقبلوا على الحق. قامت عليهم الحجة فكان واجبا عليهم ان يقبلوا الى الحق فابوا وانصطفوا. فخلاهم الله جل وعلا وبين ما اقتضته نفوسهم الظالمة الجاهلة. قال الله جل وعلا قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم اجمعين. الحجة قائمة كما قلنا بسبب التكليف وبالحجة الرسالية كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها الم يأتكم نذير؟ قالوا ايش؟ بلى قد جاءنا نذير هذا هذا الامر الاول من مجموع ماذا؟ ما به الحجة. قالوا بلى قد جاءنا نذير. فكذبنا. وقلنا ما نزل الله من شيء ان انتم الا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في لاصحاب السعير. اذا ما كان عندهم السمع الذي هو سمع القلب. اما سمع الاذن فانه حاصل لهم لا محالة. لذلك الله سبحانه وتعالى يقول ما يأتيهم من من ذكر من ربهم محدث الا استمعوه. هم يستمعون. سماع ايش؟ الاذن. لكنهم ما سمعوا سماع القلوب المقتضي لسماع الاجابة. فالمقام ها هنا عن ان ها هنا ثلاثة سماعات سماع اذن وسماع قلب وسماع استجابة كما سيأتي بعد قليل بيانه ان شاء الله اذا حجة الله قائمة مع كون مشيئته سبحانه وتعالى نافذة لم يسلبهم قدرتهم ولم يمنعهم مراشدهم بل مكن من الوصول الى الحق. لكنهم اه ابوا واعرضوا فاضلهم الله سبحانه وتعالى. هذا مما ينبغي ان تستحضره جيدا في هذا المقام وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم الحجة قائمة. والبيان حاصل الرسول بعث والبيان الذي عرف من خلال سبب التكليف حاصل لكن بعد ذلك فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء. اذا لابد من ملاحظة الامرين في هذا المقام هذا الضابط لن تفهمه حتى تجمع بين الامرين. بين ان مشيئة الله فيهم نافذة مع كون حجته سبحانه وتعالى قائمة. اذا الله جل وعلا وهذه الخلاصة عدل في اضلاله ولذلك قال ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ثم قال ولا تسألن عما كنتم تعملون. اذا لما تسأل هذا دليل على ماذا؟ على ان ها المقام مقام عدل. لانكم ماذا ستسألون ولا يسأل احد الا على ما عنده قدرة على ان يأتي به سيسألهم الله سبحانه وتعالى عن ذلك مع كونه سبحانه وتعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء. الضابط الثالث وبه عليك فهم الضابط الثاني ان اضلال الله عز وجل راجع الى علمه وحكمته كما تقدم هذا قبل قليل. افرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم على علم بانه لا يستحق الهداية. وقلنا سابقا الله عز وجل لا يضل ظلما كما انه لا يهدي عبثا فيضع فضله حيث تقتضي حكمته. محل لا يليق بالهداية ليس من الحكمة ان يهدى انما يهدى من يستحق الهداية. وهؤلاء الضلال لم يكون اهلا للهداية. علم الله سبحانه حالهم قبل ان يخلقهم. فما تفضل عليهم بالهداية فكان ذلك منه حكمة بالغة. فان الطيب الثمين لا يليق وضعه في الحشوش. صح ولا لا؟ اغلى ما يكون من الطيب. الذي يشرى بالمبالغ الطائلة الذي يشترى بالمبالغ الطائلة من الذهب والفضة ليس محله دورات ليس محله دورات المياه صح ولا لا؟ ليس محله. والجواهر الثمينة لا تلقى في الاماكن القذرة انما توضع في المحل المناسب. والهداية اغلى من هذه الجواهر ومن هذه الاطياب وهؤلاء الكفار الضلال اخبث وانجس من هذه المواقع مواضعي القذرة ومما يسهل عليك فهم هذا تأمل ايتين في كتاب الله الاولى فيما اخبر الله جل وعلا عن حال الكفار في غير ما اية انهم اذا عاينوا العذاب في الاخرة سألوا الرجوع الى الدنيا. صحيح؟ وماذا قال الذي يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون سبحانه وتعالى قال ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه. وهذا حق ولا يخالف الحق والله ان هؤلاء لو رجعوا لعادوا الى الكفر. لو فرض ان ابا جهل وابا لهب وامية بن خلف فرعون والنمرود وغيرهم من صناديد الكفر. بعد ان عاينوا العذاب ومسهم العذاب في البرزخ وفي القيامة والله انه لو قدر لهم الرجوع سيعودون ماذا؟ الى ماذا كانوا عليه من الكفر والضلال والصد عن سبيل الله. افهذه نفوس تليق بها نعمة الهداية بداية وهي بهذا القدر من النجاسة والقذارة؟ اجيبوا يا جماعة لا والله اذا انا اضلال هؤلاء ومنعهم من فضل الله عز وجل هو الحكمة وقع الشيء وقع الشيء في موضعه المناسب له. وتأمل بل ثانيا في قوله تعالى ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون. لو علم الله في هؤلاء الكفار خيرا معهم سماع قلب والا عرفنا ان سماع الاذن حاصل. لكنه سماع قلب يحصل به الفهم والتدبر وحسن الادراك. ثم يترتب على هذا ها؟ سماع الاستجابة. الله لو اسمع هؤلاء سماعا القلب لو علم عفوا الله عز وجل من هؤلاء خيرا لاسمعهم سماع قلب بعد ان اسمعهم سماع اذن لكن ما فيهم خير ولو فرض انهم انه اسمعهم سماع قلب فانه كما علمنا مقتض لماذا للاستجابة لانه حق باهر. لكن ما الذي سيكون منه؟ ها؟ سيتولون ويعرضون لما في نفوسهم من الكبر عن الحق. انكشف الحق امامهم تماما. وصل الامر الى سويداء قلوبهم فما بقي الا ان يستجيبوا. لتولوا نعم وهم معرضون يعرضون مستكبرون عن الحق. اذا هذه نفوسهم ماذا؟ لا تستحق الهداية. وليس من الحكمة في ان تهدى وقد بلغوا هذا القدر من الخبث. ليس فيهم اي شيء من الخير. ووالله لو كان فيهم شيء من الخير ما اصبحوا في النار خالدين. صح ولا لا يا جماعة؟ اليس الله جل وعلا يخرج من النار من كان في قلبه ادنى ادنى ادنى مثقال ذرة من خير طيب هل خرج هؤلاء؟ امهم خالدون فيها ابدا؟ اذا ليس فيهم ادنى مثقال ذرة من خير. اذا هؤلاء ليس من الحكمة ان يهدم. وقد ذكرت في بعض المجالس في دروس آآ او في كتب الماضية مثالا على هذا يقرب لك ما اعني. ارأيت شخصا عرف بقرائن حاله انه في غاية الاجرام والحكم عليه عند الحاكم. ان شاء ان يعاقبه عقبة وان شاء عفا عنه. اصدر عفوه عنهم. لكن كل قرائن الاحوال تشير الى ان هذا الرجل غاية في الخبث والاجرام والضلال بل ربما اول ما يخرج من المحكمة يقتل اول رجل او يسلب فهل الحكمة ها هنا تقتضي ان يمن على هذا بالعفو؟ او وان يعاقب اجيبوا يا جماعة طيب هذا بمجرد قرائن الحال طيب كيف لو كان عندنا خبر بوحي ان الله عز وجل او باخبار نبي مثلا بان هذا في هذا بهذا القدر. وانه فعلا لا خير فيه. هل من الحكمة ان يمن عليه بالعفو؟ لا. طيب فما بالكم بعلم الله عز وجل؟ الذي علم حال هؤلاء قبل ان يخلقهم بعلمه القديم سبحانه وتعالى انهم ليسوا من اهل الخير في شيء البتة. اذا هؤلاء ليسوا اهلا للهداية. وها هنا انتهى علم العباد بالقدر. اياك ان في التفكير بعد ذلك. ما سوى هذا القدر مخزون عنا علمه. وليس للانسان ان يتابع البحث وراء هذا. هذا هو القدر الذي دلتنا عليه النصوص. واجب علينا ان نقف فيما وراء ذلك وان نستحضر تلك المقدمات السابقة لله حكمة بالغة والله قتل لا يظلم. اخيرا الضابط الرابع ان عقوبته جل وعلا بالاضلال لها وجهان كما قلنا في الهداية اولا عقوبة على ترك وثانيا عقوبة على فعل. اما العقوبة على الترك فهو ترك ما امر الله جل وعلا به من الاستجابة الى الحق. لما قامت الحجة وانذر وبلغوا جاءهم النذير ما الذي كان يجب عليهم؟ ها ان يستجيبوا وان يسلموا وان ينقادوا الى الحق لكنهم ما فعلوه فاضلهم الله سبحانه وتعالى. قال جل وعلا واما ثمود هاديناهم فاستحبوا العمى على الهدى. قال سبحانه ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم. ما كان الواجب ان ينصرفوا. كان الواجب ماذا ان يقبلوا. اذا هذه عقوبة اولى على ترك ما امر الله عز وجل به من الاستجابة الى الحق ثم بعد ذلك اضلال اخر وهو اضلال على ما فعلوا من انواع الشرك والكفر والمعاصي ومحاربة دين الله عز وجل والصد عن سبيله. كلما وقع منهم شيء من ذلك زادهم الله عز وجل ضلالا. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى ماذا؟ فسنيسره للعسرى. والله اركسهم بما كذبوا. في والله اركسهم والله اركسهم بما كسبوا طيب الله اركسهم بما كسبوا في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. وهكذا في جملة من الادلة تدل على ان كل سيئة تقع من هؤلاء فانها عقوبة على سيئة والتي قبلها ها؟ عقوبة على سيئة قبلها حتى نصل الى ماذا الى العقوبة الاولى وهي على الترك. وهي التي اه جاءت في قول الله جل وعلا ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اول مرة هنا يراد بها حينما بلغتهم الحجة حينما بلغهم النذير ما اقبلوا فقلب الله عز وجل قلوبهم وابصارهم عن الحق فما اهتدت قلوبهم اليه واصبحوا لا يرونه وهو امامهم. نعوذ بالله من هذه الحال. نقلب افئدتهم صار كما لم يؤمنوا به اول مرة. طيب. بهذا نكون قد انتهينا من الكلام عن موضوع الهداية والاطلال والمؤلف رحمه الله كما ذكرت لكم فرق الكلام عن موضوع القدر سيعيد من الكلام عن هذا الامر فيما سيأتي ونزيد بعض الشرح عن هذا الموضوع ان شاء الله لاحقا. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله. كل العباد بين هذين الامرين. بين فضل من الله وعدل منه سبحانه. بين اعطاء منه وحرمان توفيق وخذلان. على انه سبحانه وتعالى يضع التوفيق والخذلان في موضعه. بمعنى ان هذا ينبغي ان يقيد بان فضله وعدله كل ذلك يرجع الى حكمته سبحانه وتعالى فكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله وكل ذلك صادر عن حكمته كل ذلك صادر عن حكمته. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله وهو وهو متعال عن الاضداد والانداد. الله جل وعلا متعال عن الاضطاد والانداد. ولذا لا يغالبه في خلقه مغالب فمشيئته فيهم نافذة. لم؟ لان الله جل وعلا قد تعالى وتنزه عن الاضداد جمع ضد وعن الانداد جمع ند والانداد من الاضداد ما معنى هذا؟ الانداد من يعني من الكلمات التي تسمى عند اللغويين الضاد التي تدل على المعنى وعلى ضده ايضا بمعنى الند يقال المثيل والشبيه ويقال ايضا للمنافر والمخالف والمغالب وقد اورد ابن الانباري هذه الكلمة ضمن كتابه الاضداد لان تدل على هذين المعنيين جمع كلمة الانداد مع الاضداد تدل على ان اندادها هنا بمعنى ها الاشباه والامثال والنظراء والاكفاء واما بعضهم جعل الاضداد من الاضداد. بعضهم ايضا قال الاضداد يعني الضد هو ها الشبيه والمثيل وكذلك يطلق على المخالف والمنافر وبعضهم ضعف هذا كابن الانباري انه جعل هذا من القول الشاذ وان الضد ليس الا المخالفة اه المنافر. وعلى كل حال السياق يدل على هذا ان الله جل وعلا منزه عمن يغالبه ويرد قضاءه كذلك هو منزه عن ند يشاركه فيما يقدر ويشاء سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لامره. مما يترتب على كون الله جل وعلى قد تعالى عن الاضداد والانداد انه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لامره الله جل وعلا هو الغالب وكل من سواه فهو مغلوب. الله جل وعلا اذا اراد شيئا فانه لا يرد وما قضاه انه لا يمكن بحال الا يقع اذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له. ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا موصل له من بعده. الامر كله لله. ولذا كان من الذكر الذي يذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاته لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت. ما قضى الله عز وجل باعطائه فلا يمكن بحال ان يمنعه والعكس بالعكس. قال ولا معقبا لحكمه الله جل وعلا يقول والله يحكم ها لا معقب لحكمه. وكلام اهل العلم في لا معقب لحكمه يدور على ثلاثة معان الاول انه لا مغيب لحكمه هذا ما اشار اليه البخاري رحمه الله في صحيحه فعليه جماعة من اهل التفسير لا احد يتعقب حكم الله بتغيير او نقصان. لم؟ لانه لا ضد له ولا ضد سبحانه وتعالى. والحكم ها هنا هو الحكم الشرعي والحكم ايضا فلا معقب لحكمه القدري ولا معقب لحكمه الشرعي سبحانه وتعالى. والمعنى الثاني لا معقب لحكمه يعني لا راد لحكمه. ليس لاحد ان يرد حكم الله لا شرعا ولا قدرا. وهذا المعنى ليس ببعيد عن سابقه. ليس لاحد ان يرد حكمه لا شرعا ولا قدرا. اما شرعا فلا يجوز لاحد ان يرد حكم الله. انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا. كما انه ليس باستطاعة احد ان يرد حكم الله القدر فما حكم الله جل وعلا به فهو نافذ في الخلق. ولا مرد له. والمعنى الثالث لا اعقب لحكمه يعني لا احد ينظر في حكم الله عز وجل فيكون في المصوب او المخطئ او القادح كما هو حال الناس بعضهم مع بعض لانه يجوز فيهم الصواب والخطأ. اليس كذلك؟ احكام الناس يجوز فيها الصواب والخطأ. ولذلك بعضهم بعضا وينظر بعضهم في احكام بعض. فيقول هذا صواب وهذا خطأ. لكن شأن الله عز وجل اعظم فالله لا معقب لحكمه لان احكامه سبحانه وتعالى حق ولان ما قدره سبحانه وتعالى لا شر فيه. فالشر ليس اليه سبحانه ولذلك ما اعظم خذلان من يجعل احكام الله جل وعلا محل نظر ومحل بحث وربما جعل ذلك محل تصويت هل تؤيد حكم الله في كذا هل تؤيد هذا الحكم او لا تؤيد؟ يا الله العجب! الله لا معقب بحكمه. من انت؟ يا ايها العبد المسكين حتى تنظر في حكم الله عز وجل بعقلك الفاسد الكاسد فرحت بما عندك من العلم حتى صرت تقوم حكم الله عز وجل فتراه صالحا او غير صالح. مناسبا او غير مناسب يا لله العجب! قتل الانسان ما اكثره! الله لا معقب لحكمه وليس لك الا انت وان تسلم. ان تذعن لحكمه الشرعي وان تسلم لحكمه القدري. فما قضاه ولا سبيل لك الى ان تقابل القدر بالقدر فعليك حينها ان تسلم نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله ولا غالب لامره. امنا بذلك كله وايقنا ان كلا من عنده امنا وايقنا بكل ذلك. بان كلا من عند الله عز عطاء ومنعا هداية واضلالا كل ذلك من عند الله سبحانه وتعالى فان لا شريك له ولا ضد ولا ند امنا وايقنا. هكذا على اهل الايمان ان يكونوا انهم مصدقون غاية التصديق بذلك. فان اليقين هو ابلغ درجات التصديق. حتى يكون الموقن به منزلته للقلب منزلة المبصر للعين. كما انك اذا نظرت الى شيء لا تشتبه اذا نظرت الى القمر او الى الشمس في رابعة النهار فانه لا يشتبه عليك الامر ولا تتشكك في ذلك. كذلك ينبغي ان يكون الشيء الذي توقن به كهذا اه ينبغي ان يكون عندك بهذه المنزلة امنا بذلك صدقنا غاية التصديق. و انبهك يا رعاك الله الى انه يكثر في استعمالات اهل العلم انهم يذكرون اعمال القلوب على سبيل الترادف كلمة اليقين لكن السياق يدلك على المراد والغالب ان آآ في مثل هذا السياق تذكر آآ مثل هذه الاعمال على سبيل ايش؟ الترادف. وهذا يعني يجعلك اولا لا تتكلف. في يعني ذكر الفروق بين هاتين الكلمتين نحن قد عرفنا طريقة الطحاوي رحمه الله وانه يكثر من ذكر المراد ما اظن انه كان يريد تفريقا انما كان يريد ان يقول لنا ان هذا مما يجب التصديق به غاية التصديق وهذا ايضا يفيد المترجم من كان طالب علم ومشتغلا بترجمة كتب اهل العلم لا ان لا ينصح بان يتشاغل. بذكر مثل هذه الفروق الدقيقة في ترجمته. والسياق يدل على ان المقام ايش مقام اه ذكري مترادفات. كثير تجد في كتب اهل العلم ان علينا ان ان نؤمن ونوقد علينا الايمان واليقين بكذا وكذا وكل ذلك يراد به ماذا؟ معنى واحد والعلم عند الله عز وجل ولعلنا نكتفي بهذا القدر وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين