بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الاثر والحج والجهاد ماضيان مع اولي الامر من المسلمين. برهم وفاجرهم الى قيام الساعة لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما ونؤمن بالكرام الكاتبين فان الله قد جعلهم علينا حافظين ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض ارواحنا العالمين الشك. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله. والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه. اللهم نسألك العلم النافع والعمل الصالح. والمغفرة للذنوب والقبول للعمل. اللهم لا تكلنا وسنا طرفة عين ووفقنا الى ما تحب وترضى. انك جواد كريم. اما بعد فيقول العلامة الطحاوي رحمه الله ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الاثر يريد بذلك ان اهل السنة والجماعة المتبعين للاثار لا يعارضون الاثار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام بالاقيسة او بالدلالات العقلية وانما يجعلونها مقدمة على ما هو دونها من القياس والدلالة العقلية ونحو ذلك لان منهج الاستدلال عندهم ان يؤخذ بما جاء في الكتاب والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء في القرآن حق وما جاءت به السنة حق والحق يعضد الحق ولا يعارضه او يناقضه بل هذا يدل على هذا كما ان السنة تدل على القرآن وتبينه وهذه المسألة كما هو ظاهر مسألة المسح على الخفين هي من مسائل الفقه لا من مسائل العقيدة ولكن ادخلت في مسائل الاعتقاد لاجل ان اهل السنة تميزوا عن غيرهم من تميزوا عن عدد من الفرق بانهم يرون المسح على الخفين والمخالف في ذلك هم الخوارج اعني طائفة منهم الرافضة وفئام او عدد من الناس مختلفون في اماكنهم لا ينسبون الى ترقى من الفرق فلاجل مخالفة تلك الفرق صارت المسألة من المسائل العقدية لانها تميز اهل العقيدة الحقة من الفرق الباطلة فصارت هذه المسألة وهي المسح على الخفين صارت على من تفرق به ما بين السني وما بين من الرافضي والخارجي ونحوهما ولهذا فان مسائل الاعتقاد اعني المسائل التي تذكر في العقيدة في مصنفات اهل السنة في الماضي وفي الحاضر على اقسام منها ما هو في بيان اركان الايمان الستة والقسم الثاني ما تميز به اهل السنة عن غيرهم في مسائل المعاملة معاملة ولاة الامر او معاملة المبتدع او معاملة العصاة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر او التعامل مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته عليه الصلاة والسلام وهكذا والقسم الثالث ما هو من المسائل الفروعية لكن القول بها صار علما لاهل السنة في مقابلة بعض فرق الضلال فتذكر في العقائد لانها ميزة لهم في مقابلة الفرق التي خالفت في ذلك والقسم الرابع اخلاق اهل السنة وصفاتهم التي تحلوا بها من العبادة واحتقار النفس والعمل الصالح والعمر والجهاد والدعوة الاحسان الى الخلق والتواضع ونحو ذلك من المسائل التي ربما ذكرها بعض الائمة في مصنفات الاعتقاد وهذه المسألة التي ذكرها الطحاوي هنا من القسم الثالث وهي المسائل الفروعية التي صارت على من التي صارت علما لاهل السنة في مقابلة بعض فرق الضلال وها هنا مسائل المسألة الاولى قوله نرى المسح على الخفين كلمة ارى ونرى اذا قالها العالم فيعني بها ما رآه علما وما رآه شرعا ليست رأيه المجرد عن الدليل بانواع الادلة وهذا هو الموافق لهذه المسألة ولغيرها. فاذا قال الامام ارى ان يكون كذا فيكون معتمدا على احد الادلة وانواع الادلة عند الاصوليين ثلاثة عشر دليلا منها وهو اولها النص من القرآن ثم النص من السنة ثم الاجماع ثم القياس الى اخر الادلة المعروفة والذي يرى هنا المقصود بهم اهل السنة وهؤلاء منهم اهل الاثر ومنهم بعض الفرق التي تخالف في الصفات فهذه المسألة كما ذكرت لك خالف فيها الروافض والخوارج واعداد عدد من العلماء او من الناس مختلفين في فرقهم المسألة الثانية المسح على الخفين جاء في الاثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو متواتر لانه من قول عن نحو ثمانين من الصحابة رضوان الله عليهم فنقله من حيث الدليل بالسنة متواتر وكذلك نقله فئام من الامة بل نقلته الامة جيلا بعد جيل بالرؤية وبالعمل فهو متواتر نقلا ومتواتر عملا واما المسح على الجوارب فليس كذلك لانه نقل عن نحو سبعة او ثمانية من الصحابة او اكثر بقليل ولهذا المسح على الجوربين فيه خلاف عند اهل السنة بالخلاف الفقهي المعروف اما المسح على الخفين فهو اصل من الاصول العظيمة في العمل لان النبي عليه الصلاة والسلام تواتر عنه المسح وفعله صحابته وتواتر عنهم ونقلوه نقلا قوليا وعمليا والاثار فيها مسحه عليه الصلاة والسلام على الخفين كيس اسفاره وفي الحضر ايضا كما قال عليه الصلاة والسلام يمسح المقيم يوما وليلة ويمسح المسافر ثلاثة ايام بلياليهن فهذا معنى قوله في السفر والحظر لان السنة ماضية في هذا وفي هذا الثالثة مما استدل به على المسح على الخفين من القرآن قوله جل وعلا في اية الوضوء يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين استدل به على ان المسح هنا مسح الا رجل يراد به المسح على الخفين والقراءة هكذا بالجر هي احد القراءتين السبعيتين ها هنا قراءتان قراءة الاولى وارجلكم بنصب الارجل عطفا على المغسولات والثانية وارجلكم عطفا على الرأس عند اصحاب هذا القول يعني ستكون مجرورة. وهذا الاستدلال فيه نظر وان كان محله كتب الفقه لكن من باب الاستطراد نذكره فيه نظر. لان المسح على الخفين لا يكون الى الكعبين وانما يمسح ظاهر الخف على ظاهر القدم. وليست السنة ان يستوعب تستوعب الرجل مسحا الى الكعبين ولهذا صار القول الظاهر في الاية على قراءة الجر ان لها توجيهين. الاول ان يكون هذا الجر لاجل المجاورة والجر بالمجاورة اسلوب عربي معروف كثير الاستعمال ومنه قول الله جل وعلا اني اخاف عليكم عذاب يوم اليم مع ان الالم ووصف للعذاب واما اليوم فهو ظرف ولا يوصف اليوم بانه مؤلم او ليس بمؤلم لهذا صار الظاهر هنا في هذه الاية ان معناها اني اخاف عليكم عذاب يوم اليم يعني عذابا اليما في يوم كما هو القول الاظهر من قول العلما هنا وجره او جر هنا لاجل المجاورة فهي اسهل في اللفظ لاجل الختان. قال عذاب يوم اليم واما في لغة العرب فهو كثير معروف ومنه قول الشاعر وظل طهاة اللحم ما بين منضج صفيف شواء او قدير معجل ما بين منضج صفيفا شواء انها مفعول لاسم الفاعل صفيف شواء فجر شواء لانها مضاف اليه ثم قال او قدير مع ان حقها ان يقول او قديرا لانها معطوفة على ما ينضج. لكنه جرها مجاورة الوجه الثاني ان قراءة الجر اذا ذكر اذا كانت معطوفة على الرأس فانه يكون المسح هنا بان العطف في مقام تسليط الفعل الاول على الجملة الثانية او على الاسم الثاني فكأنه قال وامسحوا برؤوسكم وامسحوا بارجلكم الى الكعبين والمسح هنا لما جعل له غاية وهي انه الى الكعبين دل على دخول الكعبين في المسح وهذا يدل على ان المسح المراد به هنا الغسل الخفيف لان العرب تطلق على الغسل على الغسل مسحا لانه امرار خفيف وهو موجود في اللغة ومنه قوله تعالى فطفق مسحا بالسوق والاعناق يعني مر عليه قتلا على خفة فالمسح يكون بمرور على خفة في المسح الذي هو من الغسل هو غسل خفيف وهو مستعمل عندهم حيث يقولون ان المسح يقولون مثلا تمسحت للصلاة اذا اراد ان يكون وضوءه خفيفا المسألة الثالثة الرابعة قراءة الجر هذه بابعد من ان تكون دليلا على المسح على الخفين قيل انها دليل على ابطال المسح على الخفين وهذا هو الذي يتوجه اليه من يتكلم على الاية وذكره عندكم الشارح والرد اوجه ان يكون بالوجهين السالفين قال بعدها والحج والجهاد ماضيان مع اولي الامر من المسلمين. برهم وفاجرهم الى قيام الساعة لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما. يريد بذلك رحمه الله تقرير مسألة من المسائل الفقهية التي صار القول بها علما على اهل السنة مخالفة للروافض والخوارج ايضا وهي ان الامارة والولاية ينبع مع اهلها يعني مع الامير او ولي الامر في الطاعة والمعروف والحج والجهاد والعبادات جميعا. سواء اكان برا او فاجرا وسواء اكان مطيعا ام عاصيا. وسواء اكان كاملا كالخلفاء الراشدين ام كان يخلط عملا صالحا واخر سيئا كغيره وذلك لان الحج عبادة عظيمة يجتمع فيها الخلق الكثير فلا بد ان تقام عبادة لله جل وعلا. ثم لابد ان يكون فيها ولها امير. يسير الناس لكانوا فوضى فيما يرون. لان اهواء الناس لا حد لها ولا غاية لها والجهاد فيه مقابلة الاعداء والنكاية بهم واذلال العدو وهذا لا يكون الا بولاية. والولاية هي التي تسير هذا الاصل وبره بر الولي ولي الامر او عدم بره صلاحه ام فساده؟ هذا يرجع الى نفسه وهذه الامور امور العبادات من المعروف الذي يجب على المسلم ان يطيع فيه. ومن البر والتقوى التي يجب ان يتعاون مع ولاة الامر فيه كما قال جل وعلا وتعاونوا على البر والتقوى. خطاب لجميع المؤمنين بجميع طبقاتهم ونذكر بعض المسائل الاولى ان المخالف في هذا الاصل هم الروافض والخوارج او من شابه الخوارج اما الروافض فامتنعوا من الحج والجهاد مطلقا حتى يخرج المعصوم. وهو الامام الثاني عشر من ائمتهم وهو المدعو محمد بن عبدالله العسكري الذي يزعمون انه دخل السرداب وكان صغيرا دخلت به امه وهم ينتظرون خروجه فلم يحجوا او رأوا ان الحج غير قائم لا يرونه الا مع معصوم وكذلك الجهاد لا يرونه الا معصوم وليتهم اخذوا بهذا وانتظروا خروجه ولم يشغلوا المسلمين ببدعهم وفتنتهم اما الخوارج فعندهم ان هذه الاعمال انما هي تبع للولاية والولاية عندهم لا تصلح في من لم يكن برا فلا بد ان يكون الامام برا صالحا تقيا كاملا حتى يجاهد معه وحتى يحج معه والا نصبوا لهم اميرا وصاروا يجاهدون معه ويحجون معه ولا يدينون بدين الجمع فهذا ظهر منهم في خلافهم لعثمان رضي الله عنه. ثم في خلافهم لعلي رضي الله عنه. ثم في قتالهم لخلفائه بني امية الى اخره ومما وممن يشبه الخوارج في ذلك من لم يرى الطاعة الا وطاعة الحج والجهاد ما فيه مصلحة عامة للمسلمين وما هو من البر والتقوى الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر الا مع الامام الصالح الذي ليس عنده فساد او ليس عنده محرمات وهذا قول يلحق باقوال الخوارج لان الحج والجهاد وكل انواع المعروف اوجب النبي صلى الله عليه وسلم الطاعة فيها. فقال انما الطاعة في المعروف والمعروف هو ما عرف في الشرع انه ليس بمعصية واعلاه الطاعات التي يتقرب بها الى الله جل وعلا المسألة الثانية قوله الى قيام الساعة هذا المقصود منه الى قرب قيام الساعة يعني اذا كان يوجد ولي امر مسلم وجماعة وامام واناس يحجون ويجاهدون. والذي دلت عليه الاحاديث انه يترك ذلك قبل قيام الساعة ولا يبقى في الارض من يقول الله الله يعني اطع الله اطع الله او اتق الله اتق الله وهذا كثير عند اهل العلم حتى في العقائد يذكرون الى قيام الساعة ويريدون به ما يقرب منها مما هو زمن وجود المؤمنين المسألة الثالثة والاخيرة قوله لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما يعني لا يبطل الحج شيء من معصية الولاة ولا ينقض الحج والجهاد مع ولاة الامر شيء من من فجورهم او نقصهم لان هذه من العبادات العظيمة فلا تبطل بمخالفة المرء على نفسه بل يجب القيام بها الحج مع المسلمين والجهاد مع المؤمنين بامر عام. وهذا الاصل الذي ذكر هذا تذكرونها في اول الكلام؟ هذا مضى عليها هدي الصحابة رضوان الله عليهم فقد احج عدد من الصحابة او حج الصحابة في عهد بعض ولاة بني امية وكان فيهم من النقص ما فيهم بل امر الحجاج بن يوسف الثقفي على الحجيج من قبل وال بني امية والحجاج معروف بسفكه للدماء وظلمه وعدوانه وعدم رعايته للعلماء ولا لنفوس المؤمنين. مع ذلك تأمر على الحج وكان عالم الحج ابن عمر رضي الله عنه. لانه كان هدي السلف ان يكون تم امير وثم عالم يفتي الناس فكان ابن عمر هو الذي يفتي الناس وكان يقال وكان قيل للحجاج لا تعمل شيئا من امور الحج الا بامر ابن عمر. يعني في مناسك الحج فحج معه ابن عمر وصلى وراءه في حجة الوداع يوم عرفة اتاه عند زوال الشمس وقال اخرج قال افي هذه الساعة يا ابا عبد الرحمن؟ قال نعم سنة ابي القاسم عليه الصلاة والسلام فخرج فخطب الناس ثم صلى بهم الظهر والعصر وكان ممن صلى خلفه ابن عمر وطوائف من الصحابة وسادات التابعين فهذا الاصل كثير عند السلف كانوا يفعلونه وتلقوه جيلا بعد جيل في مضي الحج والجهاد مع ولاة الامر مهما كانت مرتبتهم لان ذلك فيه اعلان للدين واعانة على الحق والهدى قال بعدها ونؤمن بالكرام الكاتبين فان الله قد جعلهم علينا حافظين نؤمن اي نصدق ونعتقد وجود الكرام الكاتبين كما اخبرنا ربنا جل وعلا بذلك. وهم الملائكة الذين كرمهم الله جل وعلا بانواع التكريم وجعلهم موكلين بابن ادم يكتبون عمله ما يصدر منه من قول او عمل فهؤلاء الذين يقارنوننا من الكتبة نؤمن بهم لان الله جل وعلا اخبرنا عنهم واخبرنا عنهم نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا فرع للايمان بوجود الملائكة اصلا فهذا تبع لركن من اركان الايمان وهو الايمان بالملائكة. وقد مر معنا ان الايمان الملائكة له درجتان الدرجة الاولى ايمان واجب وفرض اجمالي وتفصيل والثانية ايمان بما اخبر الله جل وعلا مطلقا ما علمنا وما لم نعلم وما جاء في السنة ما علمنا وما لم نعلم وكل من بلغه شيء وجب عليه الايمان به فالايمان بالكرام الكاتبين ليس شرطا في صحة الايمان ليس ركنا في صحة الايمان بحيث ان من قال ليس ثم من يكتب من الملائكة فيقال انه لم صح ايمانه بل هو كافر الا اذا عرف بالايات والاحاديث فانكر وهنا له حكم امثاله من المنكرين ما في الكتاب او السنة. وانما الايمان الذي يتحقق به ركن الايمان بالملائكة كما ذكرنا لكم هو ان يؤمن بوجودهم وانهم يعبدون الله لا يعبدون ثم الايمان التفصيلي كل من سمع اية او حديثا صحيحا واضحا فيه الخبر عن الغيبيات وجب عليه التصديق بذلك واعتقاد ما دل عليه والطحاوي فرق الكلام على اركان الايمان وكثير من العلماء الذين صنفوا في العقيدة ما رتبوا الكلام على مسائل الاعتقاد بترتيب منهجي يعني ما جعلوا الكلام على الايمان بالله وما يتصل به اولا ثم بالملائكة ثم بالكتب ثم بالرسل ثم بالقدر ثم باليوم الاخر ثم بالقدر ثم انتقلوا الى القسم الثاني الى اخره بل فرقوا ذلك هذا راجع الى ما درجوا عليه من ان المرء يكتب عقيدته بحسب ما يحضره من المسائل ولا لم يقصدوا فيها الترتيب المنهجي والا فمسائل الكرام الايمان بالملائكة الكاتبين او بملك الموت هذا متصل بالايمان بالملائكة. وها هنا مسائل الاولى قوله نؤمن بالكرام الكاتبين الى اخره اخذ من قول الله جل وعلا ان عليكم وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون فوصفهم الله جل وعلا بانهم حفظة علينا وبانهم كرام وبانهم كتبة والايات التي تدل لهذا الاصل متعددة يأتي بيان بعضها ان شاء الله تعالى لكن ها هنا على هذه الاية وعلى لفظ الطحاوي رحمه الله وصف الله جل وعلا الملائكة هؤلاء بانهم حفظة على ابن ادم وبانهم كتبة هذا الوصف الثاني وبانهم يعلمون ما تفعلون وهو الوصف الثاني اما الوصف الاول وهو انهم حفظة على ابن ادم ففرق ما بين ان يكون حافظا على ابن ادم وما بين ان يكون حافظا لابن ادم وسيأتي بيان الفرق والمسائل التي بعدها ففي هذه الاية انهم حفظة على ابن ادم يعني يحفظون على ابن ادم ما يصدر منه ثم وصفهم بوصف ثان انهم اذا حفظوا على ابن ادم ما صدر منه فانهم يكتبونه وهذه الكتابة يكتبونه في صحف عندهم بايدي الملائكة والملك موكل بكتابة الحسنات والملك الاخر موكل بكتابة السيئات فاذا الكتابة منقسمة الى كتابة للحسنات في صحف والكتابة للسيئات في صحف الوصف الثالث انه قال يعلمون ما تفعلون. والفعل الذي يفعله ابن ادم يكون بقلبه فيشمل اعمال القلوب ويكون بلسانه فيشمل ما ينطق به بلسانه ما يحرك به لسانه ولو لم ينطق به والثالث ما يعمله بجوارحه المختلفة من الايدي والعرجل والفرج واللسان الى اخره وكل ما يعمله بجوارحه ايضا تعلمه الملائكة. هذه دلالة الاية هل يكتب هذا كله ظاهر الاية ان هذا باجمعه يكتب واية سورة قاف فيها قول الله جل وعلا ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد يعني رقيب يراقبه عتيد يعني معد للحفظ عليه ولمراقبته فكل شيء يعمله يعلم يعني مما يلفظه يعلم فيكتب ودلالة اية الانفطار هذه تشمل الاصناف الثلاثة. وهذا هو الصحيح ان الملائكة تكتب اعمال القلوب لانها افعال وتكتب عمل اللسان ونطق اللسان وتكتب عمل الجوارح وذلك لان عمل القلب منه ما هو واجب هو اخلاصه ونيته وتوكله على الله وخوفه ورجائه ونحو ذلك من اعمال القلوب. وهي اعظم العبادات التي يتعبد بها المرء ربه هذه العبادات الجليلة ثم من اعمال القلوب ما يكون من باب اتيان السيئات من الهم او ارادة السيئة والعزم عليها او من المنهيات من سوء الظن المسلم او سوء الظن بالله جل وعلا او نحو ذلك من الكبر الى اخره من المنهيات والملائكة يعلمون هذا كله وعلمهم به هل هو لقدرتهم عليه ذاتا او لان الله جل وعلا اقدرهم عليه لانه موكلون بهذا الامر الظاهر هو الثاني. لان الملائكة ليس لهم سلطان على ابن ادم ولا علم بالغيب وانما الله جل وعلا اقدر هذا الصنف من الملائكة بخصوصه على الاطلاع بانهم موكلون بالكتابة. والقلب عليه الانسان واللسان يحاسب عليه وكذلك الجوارح يحاسب عليه. فاذا كل هذه تكتب كل هذه تكتب حتى ما يكون من قبيل الهم الذي يهم به الانسان فانه يعلم ويحفظ ثم هل يكتب عليه او يكتب له هذا فيه البحث المعروف لديكم في ان الله تجاوز لهذه الامة ما حدثت به انفسها ما لم تعمل او تتكلم والمقصود بما حدثت به انفسها ما هو من قبيل الهم او من قبيل الوسوسة او من قبيل حديث النفس. لكن اذا نقل الهم او حديث النفس الى العزم والارادة على الشر صار مؤاخذا عليه اذا انتقل حديث النفس او الهم هذا الى شرف المكان وهو مكة فانه يؤاخذ عليه في قول بعض اهل العلم وهكذا فاذا آآ اه يعلمون ما تفعلون هذه عامة يمكن ان يستثنى منها ما تجاوز الله جل وعلا بهذه من امتي عبدي والباقي على عمومه وهذا مما يعظم الخوف من حركات العبد وفي قلبه ولسانه وجوارحه ويعظم عند العبد المؤمن شأن الاستغفار. فاذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يحسب له في المجلس الواحد انه يستغفر ويتوب الى الله مئة مرة لاجل عظم ما يفعله وما تعلمه الملائكة فان اشباهنا اعظم واعظم واعظم حاجة الى كثرة الاستغفار والتوبة والانابة الى الله جل وعلا المسألة الثانية كثير من العلماء عند هذه المسألة عند ذكر الكرام الكاتبين وعند الاية يجعلون الكتبة والحفظة شيئا واحدا فيجعلون الجميع اربعة ملائكة ومنهم اثنان للكتابة واثنان للحفظ وهذا درج عليه كثير من العلماء في شروحهم حتى شارح الطحاوية عندكم نسج على هذا المنوال وهذا الامر يحتاج الى نظر وجمع للنصوص والاحاديث اه حتى تنظر في دلالتها والذي يظهر لي بنوع من التأمل وليس ببحث مستفيض ان الملائكة الكتبة غير الحفظة فالحفظة يحفظون للانسان يحفظون الانسان وعم الكتبة فانهم يحفظون عليه الحفظة هم المعقبات الذين ذكرهم الله جل وعلا في قوله في سورة الرعد له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله اوجه التفاسير فيها ان معنى يحفظونه من امر الله يعني يحفظونه بامر الله يعني يحفظونه وحفظهم له بامر الله لهم ان يحفظوه وفيه يعني في الحفظة قوله عليه الصلاة والسلام يتعاقبون فيكم ملائكة اربعة بالليل واربعة بالنهار يجتمعون الى اخر الحديث فيقول كيف تركتم عبادي؟ فيقول اتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون وهذا الحديث يدل على ان الحفظة هؤلاء يتعاقبون منهم من يحفظ بالليل ومنهم من يحفظ بالنهار وان هؤلاء يلتقون في وقت الصلاة يعني في هذا الوقت من اليوم ثم يفارقون العبد وهذا خلاف ما دلت عليه الاية الاخرى والاحاديث في وصف الملائكة الكتبة في انهم لا يغادرون ادم ولا يفارقونه على اي حال كان فيها حاشا الذي يظهر من الادلة التفريق في الحفظ ما بين الحفظ لابن ادم والحفظ عليه. فحفظ ابن ادم هذا عمل الملائكة الذين يتعاقبون المعقبات واما الحفظ عليه فهذا عمل الكتبة. والكتبة اثنان احدهما يكتب للحسنات والاخر يكتب السيئات واما الحفظة فكما قال النبي عليه الصلاة والسلام انهم اربعة يتعاقبون في الليل والنهار المسألة الاخيرة ثالثة الايمان بالكتبة يقتضي الايمان بانهم يكتبون لان اصل المسألة الايمان بالملائكة الكتبة ويقتضي ذلك الايمان بانهم يكتبون في صحف وقد جاءت الادلة في السنة ان منهم من يكتب الحسنات ومنهم من يكتب السيئات. وربما تنازعوا في كتابة بعض الاشياء فيحكم الله جل وعلا بينهم. والكتابة هذه في صحف الملائكة هذه هي التي تجمع على العبد وهي كتابه الذي يجمع معه في عنقه اذا ادخل القبر وهو الذي جاء فيه قول الله جل وعلا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وهي الصحف التي يحاسب الله جل وعلا العبد بها فيقرره على ما فيها من اعمال وفيه انه يسألهم ربنا جل وعلا هل ظلمكم ملائكتي ويقولون لا يا رب. يعني بعد ان يحاسبهم الرب جل جلاله واذا كان كذلك فان مقتضى الايمان بالكتابة وان الانسان على ما في قلبه يكتب له او عليه وحركة لسانه يكتب له او عليه هو حركة جوارحه يكتب له او عليه فان عظم الامام بهذا الاصل يطلب العبد الى ان يجعل صحائفه ليس فيها الا الخير. واذا عمل شيئا من السوء فليعظم الحسنات الماحية. وليعظم الاستغفار الذي يمحو الله جل به السيئات. ولهذا صار من نتائج الاعتقاد الصحيح ان العبد يكون اذل ما يكون لله جل وعلا فاصحاب العقيدة الحقة يذلون لله جل وعلا حتى ولو عصوا او صار عندهم ما صار فانهم اكثر ذلا لله جل وعلا. لان عندهم من الايمان بالغيبيات واليوم الاخر وبالكتابة وبمعرفة الله جل وعلا والعلم به وصفاته وما هو عليه جل جلاله من نعوت الجلال والكمال ما يوجب عليهم قصرا الا يكون في في قلوبهم اعراب او كبر او طاعة للشيطان في البعد عن ربهم جل جلاله. ولهذا الوصية للجميع انهم اذا علموا العقيدة فانهم يعلمونها لان صلاح القلب به تصلح الاعمال وهذا واقع واما اهل الكلام واهل البدع فانهم يعلمون مسائل الاعتقاد كمسائل عقلية مسائل عقلية ينظرون اليها نظرا عقليا برهانيا عقليا او نقليا دون نظر في اثار ذلك. وهذا تجد لاجله فيهم من قسوة القلوب ومن قلة العبادة ترك التواضع والكبر الى اخره من الصفات المذمومة فيهم بخلاف اهل الحق من اهل السنة والحديث والعبادة فانهم الين قلوبا لاجل ما معهم من العلم بالله جل وعلا واكثر تواضعا للخلق ونفع للعباد وخوف من الله جل وعلا لانهم لاجل صحة العقيدة اثمرت في قلوبهم وفي اعمالهم. زادني الله جل وعلا واياكم من الهدى وغفر لنا ما كان منا من نقص او ضعف او ذنب او خطيئة. انه سبحانه غفور رحيم. اللهم فاغفر وارحم وتجاوز وانت اكرم الاكرمين. قال بعدها ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض ارواح العالمين ملك الموت الذي يقبض الارواح ذكره الله جل وعلا في القرآن. في قوله قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم. ثم الى ربكم ترجعون فالايمان به ايمان بالملائكة وايمان بما ذكر الله جل وعلا واخبر به من ملك الموت بخصوصه ومن الرسل التي تتوفى نفس المؤمن فالايمان بذلك فرض والذين ينكرون الغيبيات الذين ينكرون الغيبيات وربما انكروا حقيقة الملك الذي يقبض الارواح ومنهم من يقول الروح اذا ذهبت فانه تذهب الى جسد اخر فتحل فيه. ونحو ذلك من اقوال الحلولية او التناسق نقية او ما اشبه ذلك ممن يرون تجسد يعني العودة الى تجسد كما يزعمون من اهل القديم والحديث من من المنتسبين للاسلام او من ملل الكفر والظلام يريد الطحاوي رحمه الله بهذه الكلمة ان يقول ان اهل السنة والجماعة مسلمون للنص فيؤمنون بملك الموت انه يقبض الارواح انه موكل بها مفوض امر الارواح في قبضها اليه. وهذا ظاهر في دلالة اية على ما ذكرنا ونذكر عدة مباحث ومسائل الاولى ملك الموت جاء ذكره مرة مفردا وجاء ذكره في موضع اخر في القرآن مجموعا بانهم رسل في سورة الانعام في قوله فاذا جاء احدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون وهؤلاء الرسل هم اعوان ملك الموت وجنود ملك الموت فهو لهم كالملك او كالأمير الذي يأمرهم ويطيعونه. هذا منهم من يقبض نفس فلان ومنهم من يقبض نفس فلان الى اخره فقوله جل وعلا قل يتوفاكم ملك الموت هو بمعنى قوله توفته رسلنا لان ملك الموت ومن معه يمتثلون امر الله جل جلاله. المسألة الثانية متى يقبضون الروح؟ هل هو بامر مجدد من الله جل وعلا؟ او اذا انتهى الاجل بما معهم من الصحف بان اجل فلان ينتهي في الوقت الفلاني. خلاف بين اهل العلم في هذه المسألة والذي يظهر هو الاول بانهم وكلوا والموكل يقبض الروح بامر الموكل. وهو الله جل جلاله المسألة الثالثة قوله الموكل بقبض ارواح العالمين جاء فيه الاية نصا انهم موكلون موكلون وهذا لا يعني ان الموكل غائب او ان الموكل قاصر ولكن الله جل وعلا خلق الملائكة وجعل لهم هذه المهمة وغيرها من المهام للتعبد لا لنقص في ملكوت الله جل وعلا او في صفاته جل جلاله بل هو الكامل بالصفة الكاملة سبحانه ولكن لاجل التعبد بذلك وهذا فيه من وهذا فيه من الاعتقاد بتصرف الله جل وعلا في ملكوته في جميع الخلائق ما يطول وصفه. اذا نظر الى سعة ملك الله وسعت التصرفات في الملكوت وكثرة الملائكة وانهم موكلون هذا بكذا وهذا بكذا الى اخره التي بعدها وهي الثالثة الرابعة ذكر لك الشارع هنا الطحاوي كلاما طويلا في الكلام على الارواح والروح وحقيقتها والنفس والفرق بينها وبين الروح وهل الروح يوقع الان الارواح مخلوقة او غير ذلك من البحوث التي هي استطراد لاجل ذكر الطحاوي لفظ ارواح العالمين وتبع في ذلك بل نقل نصا ما في فتاوى ابن تيمية في الجزء الرابع من البحث في مسألة الروح والنفس و البحث في الاية قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا بما يطالع ويستفاد من كلامه ان شاء الله تعالى يعني مباحث الروح ليست يعني من المباحث المهمة في فهم كلام الطحاوي في هذا الموطن الاخيرة قوله ارواح العالمين لفظ العالمين يريد به هنا من له روح من المكلفين بقبض ارواح العالمين يعني من له روح من المكلفين دون غيرهم وذلك لدلالة ظاهر الاية على ذلك في قوله قل يتوفاكم ملك الموت الذي كلابكم يتوفاكم الخطاب للمكلفين من الجن والانس ولفظ العالمين المعروف انه اسم لكل ما سوى الله جل وعلا وهذا هو الذي يذكر عند قوله تعالى الحمد لله رب العالمين يقول العلماء العالمون اسم لكل ما سوى الله جل وعلا. فكل ما سوى الله عالم وانا واحد من هذا العالم لكن هذا الاستدلال او هذا التفسير ليس تفسيرا وحيدا يعني ليس اطلاقا اطلاق لفظ العالمين على هذا المعنى فقط. فان العالمين كلفظ في الكتاب والسنة يطلق على هذا المعنى ويطلق اطلاقات اخرى. فالاطلاق الثاني له في القرآن انه يراد بالعالمين الناس الذين تشاهدهم الناس الذين تشاهدهم كما في قوله جل وعلا اتأتون الذكران من العالمين ومعلوم ان الذكران من العالمين لا يشمل الملائكة لانهم ليسوا باناث ولا يشمل الجن لانهم لا يدخلون في هذا اللفظ. وقولها تأتون الذكران من العالمين يعني به جل وعلا او معنى الاية يعني الناس الذين يأتونهم ويرونهم الاطلاق الثالث يأتي لفظ العالمين ويراد به اهل الزمان الواحد من الانس والجن. اهل الزمان الواحد يقال يقال لهم عالمون. وهذا يستدل به يستدل عليه بقول الله جل وعلا ولقد اخترناهم على علم على العالمين. يعني بهم بني اسرائيل اختيروا على العالمين المراد بهم اهل الارض في ذلك الوقت اهل ذلك الزمان من الجن والانس فقد اختار الله جل وعلا بني اسرائيل على علم بانهم اصلح ذلك الزمان. وهذه الاطلاقات الثلاث موجودة ايضا في السنة من اهل العلم من يقسم هذا التقسيم ومنهم من يقول ان المراد هو الاول فقط وهذا العام الاول وهو انه كل ما سوى الله جل وعلا عالم وانا واحد من هذا العالم عام يراد به الخصوص في مواضعه وهذا وجه هو قوي وواضح يعني ان السياق يدل على اخراج بعض ما عليه العموم فقول الله جل وعلا اتأتون الذكران من العالمين معلوم انه لا يدخل فيهم الجن ولا يدخل فيهم من ليس مشاهد مشاهدا لهم الى اخره فلم يأتوا كل ذكر وانما اتوا بعض الذكور الذين رأوه. فيكون هذا من العام الذي اريد به الخصوص وكذلك قوله ولقد اخترناهم على علم على العالمين يراد به العالمون الذين في زمانهم فهذا من العام المخصوص لانهم لم يفضلوا على امة محمد عليه الصلاة والسلام ولم يفظلوا على الملائكة فيكون هذا من العام المراد به الخصوص. المقصود من ذلك ان قوله هنا الموكل بقبض ارواح العالمين يراد به العالمون الذين لهم وروح ومن المكلفين نقف عند هذا والله جل وعلا اعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد