وشرعه كما قال جل وعلا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت. الذي احسن كل شيء خلقه صنع الله الذي اتقن كل شيء و المعنى الثاني هو ان الله جل وعلا بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن تبع هداه واما بعد قال الامام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه العقيدة الواسطية ولهذا كان من قرأ هذه الاية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح وقوله سبحانه وتعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه الاحصاء اما بعد لا يزال شيخ الاسلام رحمه الله يسوق الايات التي تدل على ان الله عز وجل متصف بالصفات العظيمة سواء كانت صفات ثبوتية او صفات منفية قال رحمه الله وقوله وتوكل على الحي الذي لا يموت هذه الاية فيها اثبات صفة الحياة لله عز وجل حياته سبحانه صفة ذاتية وهي حياة كاملة. لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء وجاء في هذه الاية وصف الله عز وجل بانه لا يموت وهذا النفي انما جاء لاجل دفع توهم النقص بصفته الثبوتية كما سبق بيان ذلك في درس ماض وان من اسباب ورودهم التي في الصفات دفع توهم النقص في صفة الله عز وجل. الله عز وجل متصف بصفة الحياة ولكن هذه الحياة قد تكون مسبوقة بعدم وقد يلحقها الهلاك والموت فبين سبحانه وتعالى ان هذا النقص قد تنزه عنه قال صلى الله عليه وسلم انت الحي الذي لا يموت والانس والجن يموتون. وآآ هذه الاية من اعظم ادلة التوحيد توحيد العبادة وذلك انها دلت على ان الذي يجب ان يتوكل عليه والذي يصح ان يتوكل عليه هو الحي الذي لا يموت اين ذهبت عقول المشركين؟ واين ذهبت عقول القبوريين حينما يدعون التوكل على الحي الذي لا يموت ويتوكلون على حي سيموت. او يتوكلون على حي قد مات فان هذا من الضلال العظيم. يترك التوكل على الحي الذي لا يموت ويتوكل على ميت قد صار رفاة كما يحصل من كثير. انما يقولون فوضت امري اليك يا ابن علوان انا معتمد عليك يا سيدي عبد القادر وامثال ذلك من هذه الاقوال الكفرية الشركية والتوكل حقيقة مركبة من امرين. من تفويض واعتماد على الله عز وجل. وبذل للاسباب ولذلك عرف بانه ترك الاعتماد على الاسباب بعد بذل الاسباب وقال بعض اهل العلم انه حركة بلا سكون ثم سكون بلا حركة. حركة بلا سكون بالجوارح فيبذل الانسان ما يستطيع من الاسباب ثم بعد ذلك سكون بلا حركة بالقلب ويفوض الامر الى الله عز وجل. ويعتمد عليه ويثق به وصفة الحياة مستلزمة لثبوت الصفات الذاتية لله عز وجل. كما ان صفة القيوم مستلزمة لثبوت الصفات الفعلية له جل وعلا. وقد جمع الله عز وجل بينهما في ثلاثة مواضع. في البقرة في اية الكرسي التي مضت. وفي ال عمران وفي طه وباجتماعهما يحصل كمال فوق كمال. فتنتظم صفة الحياة استلزام الذاتية والقيوم تستلزم الصفات الفعلية. والقيوم يراد به امران الاول القائم بنفسه المستغني عن غيره. والثاني ان القائم على غيره المقيم له افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت؟ ان تقوم السماء بامره فهذان الامران دل عليهما اسمه جل وعلا القيوم وصفته القيومية. هذا ومن اوصافه القيوم والقيوم في اوصافه امران. احداهما قيوم قام بنفسه والكون قام به هما امران. فالاول استغناؤه عن غيره. والفقر من كل اليه الثاني وآآ باجتماع الحي القيوم كما اسلمت يكون الكمال المطلق له جل وعلا. ولذلك جاء عن طائفة من السلف ودل على هذا الاحاديث ان الحي القيوم الاسم الاعظم لله جل وعلا. نعم وقال رحمه الله تعالى وقوله هو الاول والاخر والظاهر والباطن. وهو بكل شيء عليم هذه الاية اية عظيمة وفيها من المعاني الجليلة والمعرفة ربنا جل وعلا منعوت جلاله الشيء الكثير الله عز وجل سمى نفسه بهذه الاية باربعة اسماء الاول والاخر والظاهر والباطن. هو اول واخر هو ظاهر هو باطن هي اربع بوزانه ما قبله شيء كذا ما بعده شيء تعالى الله في السلطان ما فوقه شيء كذا ما دونه شيء وذا تفسير ذي البرهان. فهذا تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الذي اشار اليه ابن القيم في الابيات الماضية فهذه الاسماء فسرها اعلم الخلق به صلى الله عليه وسلم حينما قال في كما في صحيح مسلم اللهم انت الاول فليس قبلك شيء وانت الاخر فليس بعدك وانت الظاهر فليس فوقك شيء وانت الباطل فليس دونك شيء لان الامور لا توجد خارج الذهن الا جزئيا وجود الكليات انما هو وجود ذهني. اما في خارج الذهن اشياء لا توجد الا جزئية اذا كان الله عز وجل لا يعلم الامور الا على وجه كل الاسماء الاربعة كما قال اهل العلم تدل على الاحاطتين الزمانية اسمه سبحانه الاول والاخر يدلان على احاطته الزمانية. والظاهر والباطل يدلان على احاطته المكانية اما اسمه الاول فانه يدل على صفة الاولية له جل وعلا. فهو سبحانه الاول الذي ليس قبله شيء يعني هو سابق الاشياء جل وعلا. كان الله ولم يكن شيء قبله وذلك ان حياته تبارك وتعالى حياتهم كاملة تامة لم تسبق بعدم فالله عز وجل لم يزل ولا يزال اسمه الاخر يدل على صفة الاخرية له جل وعلا. فهو الذي يبقى بعد هلاك المخلوقات كل شيء هالك الا وجهه فاذا اهلك الله عز وجل الخلق فانه يبقى وحده جل وعلا. ويقول لمن الملك اليوم؟ ثم يجيب نفسه للواحد لله الواحد القهار ولا يعارض هذا بقاء ما شاء الله عز وجل بقاءه من المخلوقات كالجنة وما فيها والنار وما فيها فان هذه الاشياء ليست صفة الاخرية صفة ذاتية لها. بخلاف صفة الاخرية الله جل وعلا. الله عز وجل صفة الاخرية له صفة ذاتية. بحيث يمتنع عليه الفناء واما ما يبقى من المخلوقات فانما يبقى بابقاء الله جل وعلا له. فافترق الامراض وافترق الوصفان اما الاسم الثالث فهو الظاهر. فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالفوقية المطلقة يعني بالعلو علو الذات. قال وانت الظاهر فليس فوقك شيء. والظهور في اللغة هو العلو فما اسطاعوا ان يظهروه يعني يعلوه. يعني يعلوه ومنه ظهر الدابة لانه عالم ومرتفع الله عز وجل لا شك انه فوق كل شيء. وعال على كل شيء سيأتي الكلام عن صفة العلو لاحقا ان شاء الله عز وجل بصورة اوسع ثم قال جل وعلا والباطن وفسر هذا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وانت الباطن فليس دونك شيء والبطون هنا فسره اهل العلم بالاحاطة الله عز وجل محيط كل شيء بعلمه وقدرته تبارك وتعالى هذا الذي فسره به اهل السنة والجماعة فان الله عز وجل بذاته ظاهر وعالم على كل شيء وهو باطل بطون العلم. والاحاطة والقدرة. فلا فعليه شيء ولا يعجزه شيء ودل على هذا ختم الاية لقوله سبحانه وهو بكل شيء عليم فدل هذا على ان البطون هنا هو بطون العلم والاحاطة وقد زل في هذا المقام الحلولية. الذين زعموا ان الله عز وجل بذاته يكون في خلقه ويحل بهم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ينبغي على الناظر في هذه الصفات ان لا يتجاوز فيها تفسيره صلى الله عليه وسلم والذي وضحته الاية في ختامها ان هذا المقام كما اسلفت ربما يشتبه على بعض الناس الله عز وجل ليس دونه شيء يعني هو محيط بكل شيء تبارك وتعالى نعم وقوله وهو العليم الحكيم وهو العليم الخبير هاتان الايتان وما بعدهما تدلان وتدل على ثبوت صفة العلم لله عز وجل ومن اسمائه سبحانه العليم وجاء ايضا انه عالم الغيب. وانه علام الغيوب وصفة العلم من اجل الصفات واكثرها برودة في الكتاب والسنة علم الله عز وجل علم واسع شامل لكل شيء احفظنا وسعت كل شيء رحمة وعلما والله عز وجل علم كل شيء جملة وتفصيلا ازلا وابدا وتقع وتعلق علمه بكل شيء بالواجب والممكن والمستحيل فالله سبحانه علم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون؟ من الممكنات والمستحيلات حتى الاشياء التي ما كانت ولن تكون لكن يمكن عقلا وجودها الله عز وجل علم اذا وجدت كيف ستوجد؟ وخرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا بل حتى الاشياء التي لم توجد ولن توجد ويستحيل وجودها. وهي الامور الممتنعة المستحيلة لو قدر وجودها فالله عز وجل علم كسب. كيف سيكون الحال لو كان فيهما الهة الا الله لفسدت ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض فهذا اشد الامور استحالة ان وجد مع الله اله. وان يوجد مع الله عز وجل رب ولكن على تقدير حصول ذلك فقد علم الله عز وجل كيف سيكون مآل ذلك وصفة العلم خالف فيها ثلاث طوائف اولا الفلاسفة فانهم زعموا ان الله عز وجل انما يعلم الامور كلية لا جزئية. يعلم الامور على وجه كلي لا جزئي وهذا مصير منهم الى انتفاء صفة العلم ان هذا يقتضي عدم علمه بالاشياء سبحانه وتعالى وهذا كفر باتفاق المسلمين. بثلاثة كفر الفلاسفة العدا اذ انكروها وهي حق مثبتة علم بجزئية فهذا مما كفروا به اما الفرقة الثانية فالقدرية الاوائل معبد الظهر واصحابه. وهؤلاء هم الذين كفرهم الصالح وهم الذين سئل عنهم ابن عمر رضي الله عنهما في حديث جبريل المشهور وتبرع رضي الله عنه آآ منهم هؤلاء يقولون ان الله عز وجل لا يعلم الاشياء حتى تقع ان الامثلة التي تدل على ان خلق الله عز وجل وشرعه. راجع الى حكم ومصالح جليلة. يزيد على عشرة الاف دليل شواهد ذلك في كتاب الله كثيرة من ذلك قوله تبارك اما قبل وقوع الاشياء فالله لا يعلمها. وهذا كفر بالله عز بل الله عز وجل كما قال سبحانه وهو بكل شيء عليم وهذه الاية رد على الفريقين الفلاسفة والقدرية الله بكل شيء عليم. وهذا عموم محفوظ. ما دخله تخصيص قط و كل ادلة الكتاب والسنة شاهدة برد هذا القول علم ان ان سيكون منكم مرضى واخرون يقاتلون في سبيل الله. الله علم الاشياء قبل بل علم ما هو ابلغ من ذلك. والفرقة الثالثة التي ذلت بصفة العلم هي قدرية المتأخرة وهم المعتزلة فانهم زعموا ان الله عز وجل عليم لا بعلم وانما علمه راجع الى ذاته فلم يثبتوا صفة زائدة على الذات فيقولون عليم بعلم وعلمه ذاته. او يقولون عليم بلا علم وهذا لا شك انه باطل في بدائه العقول بل العلم صفة زائدة على الذات والله عز وجل عليم بعلم انزله بعلمه. الله عز وجل متصف بصفة هي العلم كما انه اتصف بصفات اخرى وليست صفاته ذاته انما صفاته رجل زائد على الذات والذات قائمة بها صفاته تبارك وتعالى وا عودا على الايتين الله عز وجل سمى نفسه بانه عليم. وهذه الصيغة تدل على المبالغة والتكفير فهو عظيم العلم. وواسع العلم سبحانه وتعالى واسم العلي جاء في كتاب الله في اكثر من تسعين موضعا وغالبا ما يقترن هذا الاسم للعزيز والعليم بالعزيز والحكيم والخبير علم الله تبارك وتعالى استلزموا الايمان به. بنفس المؤمن اثرا عظيما فان الذي اعتقد في ربه ومعبوده جل وعلا. العلم الواسع الشامل لكل شيء فانه سيعتمد عليه يتوكل عليه ويثق به لانه يعلم ان الله عز وجل يعلم كل شيء. وخبير بكل شيء وبالتالي فانه يفوض الاشياء يفوض كل شيء اليه تبارك وتعالى كما انه يعتقد ان العلم انما هو في الحقيقة راجع اليه وكل من علم شيئا فمنه سبحانه. الاصل في الانسان الجهل الله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا ثم منح الله عز وجل من علمه شيئا لعباده. سبحان لا علم لنا الا ما علمتنا ولكن هذا الذي يعلمه الخلق جميعا لو جمع كله اوله واخره فانه ليس بشيء امام علم الله جل وعلا كما قال الخضر لموسى عليهما السلام ما علمي وعلمك في علم الله الا ما الا كما نقص هذا العصفور من البحر نقرة العصفور من البحر ليست بشيء امام هذا البحر. كذلك علم العباد جميعا. ليس بشيء امام علم الله تبارك وتعالى نعم اعد وقوله وهو العليم الحكيم. الحكيم اسم لله جل وعلا ثابت له ودال على اتصافه تبارك وتعالى بثلاث صفات اولا الحكم وحكيم فعين بمعنى فاعل يعني حاكم والله عز وجل كما اخبر عن نفسه له الحكم واليه ترجعون. ان الحكم الا لله الحكم له جل وعلا والحكم نوعان. حكم قدري وحكم شرعي الحكم القدري هو في مثل قول الله جل وعلا او يحكم الله لي والحكم الشرعي لنحو قول الله جل وعلا ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله. ومما يقرب من هذا انا اسمه جل وعلا الحكم افغير الله ابتغي حكما بسنن ابي داوود قال صلى الله عليه وسلم ان الله هو الحكم واليه الحكم. الحكم كما يقرر اهل العلم ابلغ من الحاكم فان الحكم غالبا ما يطلق على من لا يحكم الا بالحق اما الحاكم فيوصف به من يحكم بالحق وبغيره والمعنى الثاني وان الحكيم اي ذو الحكمة وهذا اشهر ما قيل في تفسير هذا الاسم الله عز وجل له الحكمة البالغة والحكمة فسرها كثير من اهل العلم كمالك رحمه الله ابن وابن قتيبة وشيخ الاسلام ابن تيمية وغيرهم عرفوها بانها معرفة الحق والعمل به و الله عز وجل متصف بصفة الحكمة في خلقه وفي شرعه تبارك وتعالى وتظهر حكمته سبحانه بخلقه وشرعه من جهتين الاولى انه جل وعلا قد احكم واتقن خلقه اجرى خلقه وامره لغاية مقصودة. وحكمة مطلوبة. يحبها تبارك وتعالى ويحمد عليها وهذا المعنى هو المتبادل الى اكثر الاذهان من وصف الحكمة وهو وتركوا بين اهل السنة والايمان واهل الكلام والبدعة فكون الله عز وجل انما يحكم لحكمة وكونه انما يخلق لحكمة وكونه انما يقدر لحكمة هذه قضية ثابتة لا شك فيها دلت عليها مئات بل الاف الادلة قال ابن القيم رحمه الله في شفاء العلي تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون سلام الحكمة اوام الغاية او لام التعليم تدل على ان الله عز وجل انما خلق لهذه الحكمة العظيمة و كذلك الايات التي فيها بيان السبب الذي من اجله خلق وشرع وقدر من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل فهذا يدل على ان الله عز وجل انما كتب القصاص لاجل هذه الغاية التي بينها سبحانه وتعالى. والتي يحبها والتي يحمد عليها و كذلك التعليل بكي كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم كذلك يدل على الغاية المطلوبة. مما شرع الله عز وجل من احكام في الاموال وهكذا في انواع من الادلة يندرج تحتها ما لا يكاد يحصى من افرادها خالف في هذه الصفة يعني في ثبوت الحكمة لله تبارك وتعالى الفلاسفة وتابعهم على ذلك الاشاعرة. فانهم تنزيه الله في زعمهم عن ان يكون انما خلق او حكم او قدر لحكمة ويقولون ان الله عز وجل انما يحكم ويقدر ويخلق بمحض المشيئة المشيئة هي التي تخصص احد المتماثلين دون ان يكون هناك سبب يقتضي هذا التخصيص و اول ما ثبت في النصوص من الحكمة بانه موافقة علمه وموافقة مراده لارادته وموافقة وموافقة مقدوره لقدره سلموا ان الله عز وجل وسلموا ان خلق الله عز وجل متقن وان شرعه نطقا ولكن هذا شيء حصل عقيد الشرعي وعقيد الخلق دون ان يكون مقصودا ودون ان يكون شيئا مرادا له تبارك وتعالى ومثلوا هذا بمن غرس غرسا وقصده حصول الثمرة لا غير. وان كان يعلم انه سيحصل استقلال للناس مثلا الا ان حصول الظل ليس بمقصود له والله اراد الخلق واراد يعني كونه انزال كتاب. وحصل ان كان محتمل كم احكمت اياته وحصل ان كان الخلق لا تفاوت فيه دون ان يكون هذا راجعا اليه جل وعلا بحكمة وغاية يحبها ويحمد عليها ولا شك ان هذا المثال يدل على نقص فان من قصد الثمرة وقصد تحصيل باقي المنافع اكملوا من ذاك البليد الذي ما اراد الا الثمرة. والقول زعموا ان اثبات الحكمة والغاية التي تكون سببا لشرعه وحفظه وتقديره انها تقتضي نقصا وتقتضي حاجة تزعم ان كون الله عز وجل يخلق لحكمة بها يكون الكمال يدل على احتياجه الى غيره والاحتياج نقص ينزه عنه ولكن هذا الكلام باطل وساق فاننا نقول الحكمة صفة لله جل وعلا وصفة الله قائمة به. وليست غيره حتى يلزم ما ذكروا من الاحتياج والنقص ويا لله العجب كيف يعمى هؤلاء عن الادلة ويعمون عن الواقع يعمون عن الادلة الكثيرة كثرة بينا لا تخفى على عاقل وعلى الواقع ايضا في كتاب الله في شرع الله وفي خلق الله جل وعلا في عالمه الذي خلقه خلقه علويه وسفليه كل هذا عندهم حصل اتفاقا. ولم يكن مقصودا والقول الطرب واضطرابه كان خيرا من طرد قولهم الذي لو قالوا به لوقعوا في الحاد عظيم اضطردوا اطردوا حينما اثبتوا القياس ومن يثبت القياس الاحكام الشرعية فانه ملزم ولابد باثبات التعليم الذي في شرع الله جل وعلا. وان الله عز وجل انما شرع هذه الشرائع لحكمة وغاية عظيمة وعلى كل حال تفصيل هذا المقام تحتاج الى وقت او ساعة. وهذه القضية قد اختلف فيها الشقيقان الاشعري والماتوريدي. ماتريدية اثبتوا الحكمة اما في كل افعال الله على قول او في بعضها على قول اخر خلاف الاشاعرة النفاة وممن انحرف ايضا في هذا المقام المعتزلة المعتزلة اثبتوا الحكمة. ولكنهم لم يجعلوا صفة قائمة بالله تبارك وتعالى وانما هي مخلوق منفصل عنه جل وعلا. وهذا انحراف وضلال المعنى الثالث الذي يذكره اهل العلم الحكيم هو انه محكم شرعه وخلقه وعليكم ان تكونوا حكيم فتكون فعيل هنا بمعنى مفعل وصرف فعين الى مفع للمبالغة والتكفير كما صرف مكرم الى كريم ومؤلم الى اليم كذلك محكم هنا صرف الى حكيم مبالغة وتكثيرا. الله عز وجل احسن كل شيء واتقن كل شيء. وهذا في الحقيقة عند التأمل فيه. راجع الى المعنى الثاني احكامه جل وعلا انما كان لحكمته تبارك وتعالى. كما مضى بيانه. نعم وقوله وهو العلي وهو العليم الخبير اسم الله الخبير دال على صفة الخبرة له جل وعلا. والخبرة هي العلم بحقائق الامور وخفاياها وبواطنها يقال خبرت الشيء يعني عرفت حقيقته. وعليه فيكون اسم خبير اخص من اسم العليم وتكون صفة الخبرة اخص من صفة العلم العلم واسع وشامل لكل شيء والخبرة اخص ببواطن الامور وخطاياه وحقائقها وعليه فيكون العلم بخفايا الامور وحقائقها قد نص عليه في هذه الاية مرتين في دخول هذا المعنى تحت اسم الله العليم. ومرة تحت بسم الله الخبير. نعم. يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها كما سبق هذه الاية دليل على سعة علم الله جل وعلا. فما من نازل وما من صائم وما من ظاهر وما من باطل الا وقد علمه الله تبارك وتعالى على وجه التفصيل. نعم. وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين كما سبق هذه الاية ايضا دالة على سعة علم الله جل وعلا وشموله. وما جاء فيها من ذكر الكتاب سيأتي البحث فيه ان شاء الله حينما نصل الى موضوع القدر اما مفاتح الغيب وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم بالاية الاخرى ان الله عنده علم الساعة ينزل الغيب ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت فهذه الامور مما اختص الله عز وجل بعلمه فلا يشاركه في ذلك مشارك وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه نعم كما سبق وقوله لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما. كما سبق ايضا سيأتي ان شاء الله الكلام عن القدرة نعم. وقوله ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. هذه الاية دلت على ثلاث صفات لله جل وعلا الصفة الاولى الرزق وهي الصفة التي دل عليها اسمه جل وعلا الرزاق الرزاق اسم من اسمائه الحسنى صيغة مبالغة من اسم الفاعل الرازق والله عز وجل اسمه الرازق ايضا وهو خير الرازقين. وقال صلى الله عليه وسلم كما عند احمد وابي داود وغيرهما ان الله هو المساعر القاضي الباسط الرازق ولكن الرزاق ابلغ من الرازق وبهذا تعلم ان بعض اسماء الله جل وعلا ابلغوا في المعنى من بعض الرزق هو صفة الله جل هو صفة الله جل وعلا الرزق هو المصدر بمعنى العطاء والرزق هو الشيء المعطى هو المرزوق. هذا هو الاصل. وقد يستعمل هذا اه محلها لكن هذا هو الاصل. الله عز وجل صفته الرزق وآآ اهل السنة والجماعة يقررون في معتقدهم ان رزق الله جل وعلا نوعان الاول الرزق العام. وهو كل ما ينتفع به كل ما ينتفع به فهو من الرزق العام. ولاحظ هنا ان العموم كان من جهتين الاولى من جهة حكم المرزوق. يعني حكم الرزق فكل ما ينتفع به سواء اكان حلالا او حراما فهو داخل في الرزق العام. و العموم من الجهة الاخرى من جهة من رزق فان رزق الله جل وعلا حاصل لكل احد للمسلم والكافر للانسان والحيوان بكل المخلوقات فانها داخلة في المرزوقين في الرزق العام اما النوع الثاني فهو الرزق الخاص والرزق الخاص هو ما اباحه الله عز وجل وملكه عباده المؤمنين اذا كل ما صح الانتفاع به شرعا فهو رزق حلال. فهو رزق خاص قص الله عز وجل به عباده المؤمنين وهذا الرزق هو الذي وصفه الله عز وجل بالطيب فقال والطيبات من الرزق ووصفه جل وعلا بالحسن. ومن رزقناه من لدنا رزقا حسنا وهذا هو الذي امر العباد بان ينفقوا منه ومما رزقناهم ينفقون. اما الرزق الاول وهو الرزق العام آآ هو الذي اعطاه الله عز وجل لكل المخلوقات. وما من دابة في الارض الا على الله رزقها كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك. وحينما يبعث ويرسل الله عز وجل الملك بعد مضي الاربعين ثم الاربعين ثم الاربعين يأمر الله عز وجل هذا الملك بكتب رزقه. هذا هو الرزق العام فاهل السنة والجماعة يثبتون الامرين. يقولون ان الله عز وجل رازق للحلال والحرام. لكن على المعنى الذي ذكرت لك وهو انه يعطي خلقه ما ينتفعون به بخلاف الرزق الحلال الذي خص الله عز وجل به عباده المؤمنين قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين ماذا؟ امنوا في الحياة الدنيا. الله عز وجل انما اباح هذا الرزق الطيب لعباده المؤمنين. وثمة نوع اخر من الرزق الخاص وهو رزق العلم والايمان الاول رزق للابدان والثاني رزق للقلوب. اذا الرزق نوعان رزق عام ويدخل فيه كل ما ينتفع به وكل ما اعطيه الخلق حلالا كان او حراما وسواء اكان المنتفع به مؤمنا او كافرا ورزق خاص وهو نوعان الرزق الحلال الذي اباحه الله عز وجل لعباده وملكهم اياه وهو كل ما صح شرعا الانتفاع وهذا هو رزق الابدان. ورزق القلوب بالعلم والايمان. ولذا ينبغي على المسلم اذا دعا الله عز وجل بالرزق وسأل الله ان يرزقه فينبغي له ان يستحضر الامرين الرزق الطيب الحلال ببدل وان يرزق العلم والايمان بقلبه واكثر الناس انما تنصرف اذهانهم عند هذا السؤال للاول فحسب يفوت عليه ما يفوت من فضيلة الدعاء بالامر الثاني وخالف في هذه المسألة بعض اهل البدع وهم المعتزلة فانهم زعموا ان الحرام ليس برزق. وهذا باطل بني الحرام رزق من الله جل وعلا ولكن بالمعنى الاول بمعنى انه قد اعطاه الله عز وجل وقدره جل وعلا وخلقه جل وعلا ومنحه جل وعلا لمن شاء من عباده لا انه احله ولا انه آآ اباح تملكه واباح الانتفاع به. والا فيلزم من قولهم ان من عاش طول حياته على المال الحرام فانه لم يرزقه الله عز وجل وبطلانه هذا ظاهر بالادلة التي لا تحصى بل ظاهر بالفطرة. الله عز وجل يقول وما من دابة في الارض الا على الله رزقها الله عز وجل رازق كل مخلوق وكل مرزوق فالله رازقه سواء كان ما رزقه حلالا او حراما ثم قال جل وعلا ذو القوة يعني صاحب القوة المتصف بالقوة ومن اه اسماء جل وعلا القوي. والقوة من المعاني الكلية المعلومة التي لا تحتاج الى تعريف. شأنها في ذلك شأن العلم شأنها في ذلك شأن الغضب وشأنها في ذلك شأن الفرح وما الى ذلك. هذه معاني الكلية معلوم معلومة بالفطرة والبذاهة وربما تفسيرها يزيدها غموضا بعضهم فسر القوة بانها صفة يتمكن بها من الفعل وعلى كل حال القوة اظهر من ان تحتاج الى تعريف. الله عز وجل متصف بالقوة العظيمة. بحيث انه يتنزه عن الضعف تبارك وتعالى و بعض اهل العلم فرقوا بين القوة والقدرة بان القوة كمال القدرة. وبعضهم قال القوة تقابل الضعف والقدرة تقابل العجز. والفرق بينهما ان القوة اعم فانه يوصف بها من يشعر ومن لا يشعر اما القدرة فانه لا يوصف بها الا من يشعر. ولذلك وقالوا ان الحديد قوي ولا يقال ان الحديد قادر والمقصود ان الله جل وعلا له صفة القوة العظيمة التي تضاف الضعف والعجز فان ذلك من صفات النقص التي ينزل الله عز وجل عنها ثم قال جل وعلا المتين وهذا الاسم ما جاء في كتاب الله الا في هذا الموضع في الذاريات والمتانة صفة ثابتة لله تبارك وتعالى وهي كمال القوة الله جل وعلا لا يغلبه غالب ولا يفوته هانم ولا يرد قدره راد وبهذا يظهر لك ان اسماء الله عز وجل بعضها اخص من بعض. القوة كمال القدرة. والمثانة كمال القوة نعم وقوله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. هذه الاية قد مضى الكلام ذكر بعض ما اشتملت عليه من القواعد العظيمة ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فدلت هذه الاية على ان الله عز وجل متصف بصفات الثبوتية ومتصف بالصفات البنكية. ودلت على ان كمال الله عز وجل انما يكون باجتماع الصفات الثبوتية والصفات المنفية. ودلت على ان حقيقة الايمان انما يكون باجتماع الامرين وبه يتحقق الاثبات والتنزيل. ودلت على النفي المجمل والاثبات المفصل ودلت على ان اثبات الله جل وعلا لا يصل الى مرحلة التمثيل وان تنزيهه جل وعلا لا يصل الى مرحلة التعطيل ودلت على قاعدة التخلية والتحلية. واما التخلية تكون قبل التحلية كل هذا قد سبقت الاشارة اليه. اما البحث الجديد فيها فهو في قوله جل وعلا وهو السميع البصير السميع والبصير اسمعان جليلان ثابتان لله جل وعلا دالان على صفتين السمع والبصر. اولا اسم الله السميع وهو سعيد بمعنى فاعل وهو ابلغ من فاعله وهو الذي سمعه وسع كل شيء. سبحان من وسع سمعه الاصوات والسمع في صفات الله جل وعلا يراد به امران كلاهما ثابتان لله وكلاهما قد دل عليهما الدليل. المعنى الاول وهو الذي يتبادر الى اكثر الاذهان ادراك الاصوات الله جل وعلا يسمع يعني يدرك الاصوات فلا يفوته صوته تبارك وتعالى وان دق سبحانه من وسع سمعه الاصوات كما قالت عائشة رضي الله عنها الله جل وعلا قد وصف نفسه وامتدح نفسه بهذا كثيرا في كتابه جاءت هذه الصفة على صيغة الفعل الماضي الدال على التحقيق و صيغة المضار وايضا على الاسم على صيغة الاسم. قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها تشتكي الى الله. والله يسمعك حوركما ثم ماذا؟ بين ان اسمه ماذا السميع تبارك وتعالى. فسمع ويسمع وهو السميع جل وعلا وظل في هذا الباب المعتزلة وبعض الاشاعرة حينما اول صفة السمع كما اول ايضا صفة البصر بالعلم. فقالوا سمع كما علم وبصر بمعنى علي وهذا لا شك انه باطل السمع شيء والبصر شيء اه فالسمع شيء والعلم شيء اخر. والبصر شيء والعلم شيء اخر فان الاصل يعلم ان الناس تتكلم ولكنه لا يسمع اصواتهم والاعمى يعلم ان امامه اشياء ولكنه لا يبصرها ولا يراها. لان هذا اما السمع شيء والعلم شيء اخر وكذلك البصر والعلم. اما المعنى الاخر الذي دل عليه اسم الله السميع وصفته السمع وهو بمعنى الاجابة كما قال زكريا عليه السلام انك سميع الدعاء. يعني مجيبه كما يقول المسلم في صلاته سمع الله لمن حمده يعني اجاب دعاء من حمده وكذلك جاء دعاؤه عليه الصلاة والسلام حينما استعاذ كما في صحيح مسلم من الامور الاربعة في الحديث المشهور قال ومن دعاء لا يسمع ليس المقصود من ذلك انه لا يدرك الصوت هنا. ان الله عز وجل يسمع كل شيء. انما المقصود من دعاء ماذا؟ لا يجاب اما اسم الله البصير كالسميع سعيد بمعنى فاعل يدل على المبالغة وان الله عز وجل ادى وسعى بصره جل وعلا كل شيء. والله عز وجل قد وصف نفسه ثلاث صفات متقاربة في المعنى وهي البصر والنظر والرؤية وسيأتي ما يتعلق بالنظر والرؤية في ما ورده المؤلف رحمه الله من الايات والبصر كالسبب له معنيان الاول ادراك اشياء او ادراك المبصرات الله عز وجل يرى كل شيء ولو خفي ودق انني معكما اسمع وارى والمعنى الثاني الخبرة للاشياء ومعرفة حقائقها انه كان بعباده خبير بصير الله عز وجل بصير بالعباد. خبير باحوالهم واهل السنة والجماعة يثبتون المعنيين هذا وهذا. نعم ان الله نعم ما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا هذه الاية كسابقتها دالة على اسميك السميع والبصير. وعلى صفتي السمع والبصر بسنن ابي داود باسناد صحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الاية ووضع اصبعه الابهام في اذنه والسبابة على عينه. قال اهل العلم هذه الاشارة منه جل وعلا ليست للتشبيه. تعالى الله عن ان يكون كمثله شيء النبي صلى الله عليه وسلم اعلم بربه واعظم اجلالا لربه. من ان يشبهه بمخلوقاته. انما فعل ذلك عليه الصلاة والسلام لتحقيق الصفة بمعنى للدلالة على ان صفة البصر وصفة السمع صفتان حقيقيتان وليستا صفات غير حقيقية او كما يقولون مجازا تصف بها مجازا كلا بل هي صفة حقيقية اعني السمع وهو صفة حقيقية يعني البصر فهذا او فهذه الاشارة منه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وفي غيره ايضا انما اراد به صلى الله عليه وسلم تحقيق الصفة وهذا نوع من الادلة التي دلت على قاعدة جليلة عند اهل السنة والجماعة وهي قاعدة القدر المشترك فلولا ثبوت قدر مشترك بين صفة الخالق وصفة وصفة المخلوق ما صحة هذه الاشارة فهناك قدر مشترك هو في المطلق الكلي. يعني في المعنى العام قبل الاظافة اما اذا اضيفت الصفة الى الخالق جل وعلا او الى المخلوق فانه ينتفي ثمة الاشتراك ها هنا اضحى القدر مميزا اذا هناك قدر مشترك هناك قدر مميز. ومن الادلة التي تدل على ثبوت هذا القدر المشترك هذه الادلة التي فيها اشارة صلى الله عليه وسلم التي تدل على تحقيق الصفة ولعله يأتي ان شاء الله تفصيل لهذه القاعدة وقت اوسع و انبه هنا الى ان اشارته صلى الله عليه وسلم انما هي لاثبات صفة السمع والبصر لا لإثبات صفتي العين والاذن فان النبي صلى الله عليه وسلم انما اشار هذه الاشارة وهو يتلو قول الله جل وعلا ان الله ليعلم ما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا. ويبقى بعد ذلك ان اثبات العين لله جل وعلا قد دلت عليه ادلة اخرى واما الاذن فان اهل السنة والجماعة لا يثبتون هذه الصفة ولا ينفونها عن الله جل وعلا. لعدم ورود الدليل لكن اثبات ولكن نفي ينبغي التنبه الى هذا الامر وقوله ولولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله هذه الآية اوردها المؤلف رحمه الله ليه نبين اثبات صفة المشيئة لله جل وعلا. والمشيئة صفة ثابتة لله جل وعلا وهي الموجبة للاشياء على الحقيقة. كما يقول هذا اهل العلم بمعنى ان الشيء الذي شاءه الله فانه سيقع ولا بد. سيقع بمشيئة الله جل وعلا. وما لم يشأه الله فانه لا يقع ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ما شئت كان وان لم يشأ. وما شئت ان لم تشأ لم يكن وسيأتي بعون الله عز وجل تفصيل لما يتعلق بهذه الصفة عند الكلام عن المرتبة الثالثة مراتب القدر فيما يذكره المؤلف رحمه الله في هذه الرسالة المباركة. نعم. ولو شاء الله ما الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من امن ومنهم من كفر. ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد هذه الاية فيها اثبات صفة المشيئة لله جل وعلا وفيها ايضا فائدة اخرى وهي الدلالة على ما قرره اهل العلم من ان عدم وجود اشياء انما كان لعدم مشيئة الله لا لعدم قدرته. كما يقوله من يقول من اهل البدع بل الله عز وجل على كل شيء قدير فكل شيء لو شاءه الله عز وجل ليقع فكل شيء لو شاءه الله عز وجل وقع. والاشياء التي لم تقع انما كان عدم وقوعها. راجعا الى عدم مشيئة الله. ولو شاء الله لوقعت كما قال سبحانه وتعالى هنا ولو شاء الله ما اقتتلوا وكما قال جل وعلا ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا وهذا مقدور لله تبارك وتعالى. اذ هو على كل شيء قدير ولكن لم يشأ الله جل وعلا لحكمة يعلمها تبارك وتعالى ومشيئة الله سبحانه مقارنة لحكمته الله عز وجل انما يفعل وانما يقدر وانما يخلق بمشيئته المقارنة لحكمته تبارك وتعالى. نعم. وقوله احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم مخل الصيد وانتم حرم. ان الله يحكم ما يريد. ان الله يحكم ما يريد. هذه الاية دالة على ثبوت صفة الارادة لله جل وعلا. والارادة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم نوعان ارادة كونية هي بمعنى المشيئة. فشاء الله بمعنى اراد كونه. واراد كونه بمعنى شاء النوع الثاني الارادة الشرعية والارادة الشرعية مرادفة للمحبة اراد الله شرعا كذا بمعنى احب وهذه الاية التي بين ايدينا انما يراد بها الارادة الكونية. وينبغي العناية التفريق بين الارادتين في المواضع التي ورد فيهما ذكر احداهما فان الخطأ في ذلك ترتب عليه انحراف خطير لي اه فرق تنتسب الى هذا الاسم. الدين فنحت منحى اه القول بالقدر او الى القول ان شاء الله تفصيله في محله كل هذا سيأتي عنه الحديث ان شاء الله عند الكلام عن القدر. مقصود ان تفهم الان ان الارادة ارادة كونية وارادة شرعية. اما المشيئة لا تنفع المشيئة شيء واحد في جميع مواردها. في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي شيء واحد. وهي الارادة الكونية نعم وقوله فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء. اعد الاية الاولى الطبلة هذي اعد الاية الاولى اه فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للانسان. نعم احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم غير محل الصيد وانتم حرم. ان الله يحكم ما يريد. الارادة هنا اه انما هي الارادة الشرعية ليست الارادة الكونية لان سياق الاية يدل على ان المقام مقام تشريع ومقام التشريع الذي يناسبه انما هو الارادة الشرعية الدينية. نعم وقوله فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام. ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يتصعد في السماء الايراني هي الارادة الكونية. ويريد هنا بمعنى يشاء ويمكن في غير القرآن ان تضع مكانا يريد يشاء الذي يشاء الله عز وجل هدايته يشرح صدره للاسلام والذي يشاء الله عز وجل اضلالا يجعل صدره ضيقا فرجا كأنما يصعد في السماء. نعم وقوله واحسنوا ان الله يحب المحسنين لعل هذا يكفي والله عز وجل اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وسلم