بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن تبع هداه واما بعد قال الامام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه العقيدة الوسطية قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. وقوله تعالى رضي الله عنه ورضوا عنه. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان اما بعد قبل ان نبدأ فيما اورد الشيخ رحمه الله في الايات يسمم الكلام عن ما ابتدأ به الحديث في الدرس الماضي وهو الكلام عن الفتنة العظيمة التي ابتليت بها هذه الامة من طرفي اهل الضلال اهل التأويل واهل التجهيل الذين او اللذان هما اهل التعتيم مضى الحديث عن التأويل وعن فساد هذا المنهج ونتكلم اليوم باختصار بعون الله عن فساد منهج التفويض التفويض في اللغة هو الرد الى الشيء والتوكيل. ومنه قول الله جل وعلا وافوض امري الى الله. واما في الاصطلاح فالتفويض هو اعتقاد ان ظواهر النصوص المتعلقة بالصفات على خلاف ظاهرها وان لها وان لها تأويلا يعلمه الله يفوض علمه اليه. اذا اهل التفويض يزعمون ان ظواهر النصوص الصفات مجهولة غير معلومة ومع ذلك يقطعون بانها على خلاف ظاهرها اذا التفويض مبني على ركنين. الاول اعتقاد ان ظواهر النصوص يقتضي التشبيه لذا فهي على خلاف ظاهرها قطع وهذه المقدمة مشتركة بين اهل التفويض واهل التأويل والاساس الثاني تفويض العلم بمعنى هذه الصفات الى الله عز وجل بعض الاشاعرة كالقاني في شرحه على الجوهرة سمى التأويل بالتأويل التفصيلي. والتفويض بالتأويل الاجمالي هذه البدعة ظهرت للامة متأخرة عن بدعة التأويل. انها قد ظهرت في القرن الرابع ومن اسباب انتشارها ان هذا المذهب قد يتقى به في زعم اهله سهام اهل السنة فانهم لما شددوا النكير على اهل التأويل الذين عطلوا بتأويلهم صفات الله جل وعلا ظنوا انهم يمكن ان يتخلصوا من هذه الردود عن طريق لجوئهم الى التفويض والتفويض كالتأويل من حيث انه يفضي الى التعطيل. ولكن دون ان يخاض في لتحديد المعنى الذي تدل عليه ظواهر هذه النصوص وساعدهم في زعمهم على هذا بعض جمل وعبارات جاءت عن السلف ظنوا انها تسند ما يريدون والامر بخلاف ذلك كما ان شاء الله. والقائلون بهذا المذهب كما اسلمت كثير. قديما وحديثا كابن فورك الاشعري والقاضي ابي يعلى الحنبلي وكذلك نحى اليه في بعض المواضع البيهقي وكذلك ابن خلدون وابن الجوزي وزال في بعض كتبه الجويني في اخر امره. والى العصر الحاضر كحسن البنا في رسالته العقائد يا رشيد رظا في تعليقاته على لمعة الاعتقاد وغيرهم كثير ممن ذهب الى هذا المذهب بل اكثر الاشاعرة المتأخرين على مذهب التفويض اما عن شبهتهم فانهم استدلوا بنص واثر. اما النص فاية ال عمران. قالوا ان اية ال عمران يراد منه ايات محكمات هن ام الكتاب واسر متشابهات قالوا ان الله عز وجل قد بين ان ما تشابه من انما يعلم تأويله الله عز وجل الله سبحانه هو الذي يعلم تأويله وما يعلم تأويله الا الله فهم قد رجحوا رواية الوقف وثانيا جعلوا الصفات من قبيل متشابه وثالثا جعل التأويل بمعنى صرف اللفظ عن ظاهره اذا استدلالهم كان من خلال هذه الامور الثلاثة. لا شك في ان هذا الاستدلال استدلال باطل وذلك ان الوقفة والوصل كلاهما صحيح وثانيا زعمهم ان ايات الصفات من قبيل المتشابه مجرد دعوة لم يقيموا فيها دليلة ولذلك لو رجعت الى كتبهم التي نصوا فيها على هذا الامر لا تجد انهم يستدلون على هذا بدليل انما هي دعوة مجردة يقولون من المتشابه ايات الصفات. ولم يقيموا على هذه الدعوة دليلا والمعلوم في قواعد الجدل ان الدعاوى المجردة عن الدليل يكفي في ردها عدم التسليم بها. اذا هذا قول بلا دليل فهو غير صحيح وثانيا هو خلاف الاجماع فلم يقل احد من السلف قط ان نصوص الصفات من قبيل المتشابه الذي لا يعلمه الا الله عز وجل بين اهل العلم في ردهم على هذا الاستدلال بينوا ان كتاب الله عز وجل لا يمكن ان يكون فيه شيء لا يمكن ان يفهم من جميع الناس هذا لا يمكن ان يقع في كتاب الله. كتاب الله عز وجل انما انزل تبيانه. وانما انزل لكي تتدبر فكيف يكون مع هذا يشتمل على ما لا يعلمه الا الله عز وجل. فهو مجهول من جميع الناس. لا شك ان هذا غير صحيح اعترض اهل البدع ها هنا فقالوا ينتقد قولكم هذا بالحروف المقطعة التي ذكرها الله عز وجل في اوائل بعض السور. فانه لا يعلمها الا الله عز وجل. اذا في كتاب الله ما لا يعلم وبناء على ذلك فان صفات الله جل وعلا لتكون كذلك والجواب عن هذا ان يقال ما ذكر غير صحيح والتشابه التام التشابه المطلق بمعنى الخفاء على جميع الناس هذا لا يمكن ان يقع في كتاب الله عز وجل. نعم يمكن ان يقع تشابه خاص يتشابه على بعض الناس يخفى على بعض الناس او يخفى على شخص في حال دون حال هذا ممكن اما ان يكون في ذاته يمتنع ان يعلم او يمتنع ان يعلم هذا لا يمكن ان يكون. واما استدلالهم بالاية التي هي في اوائل السور وهي الحروف المقطعة كالف لام ميم وحاء ميم وطاء هاء هاء وياسين امثال ذلك ولا شك انه استدلال باطل وذلك ان هذه الشروط انما تقرأ حروفا والحروف لا يطلب لها معنى عند جميع العقلاء. الحروف لا يطلب لها معنى فجميع العقلاء لو كنا نقرأ كاف ها يا عين صاد كهي عص او حم عسى لكان استدلاله صحيحا. لكن الامر ليس كذلك. نحن نقرأها حروفا والحروف لا يطلب عاقل لها معنى ولذلك الذي يقول لنا ما معنى الف لام ميم؟ نقول وما معنى باء وتاء وتاء هذا لا هذا السؤال غير وارد. ولا يرد عند عاقل من العقلاء. اذا هذه حروف والحروف لا معاني تطلب لها يبقى السؤال بعد ذلك ما الحكمة من ايرادها؟ هذا موضوع اخر ترك بين البحث في معنى هذه الحروف والبحث بسبب ايرادها في كتاب الله. فذاك مجال اخر وبحث اخر فيه بحث عن الحكمة وذلك محل اجتهاد عند اهل العلم ومن اظهر ما ذكروا ان الله عز وجل انما ليتحدى بها هؤلاء المشركين فكتاب الله عز وجل انما هو كلام اشتمل على هذه الحروف التي ينطقون بها فليأتوا بكتاب من مثله ايضا. ويبقى لما خصصت هذه الحروف دون غيرها فالله عز وجل اعلم بسبب ذلك ومن احسن من تكلم عن هذه الحكمة في او الحكمة التي تلتمس في ذكر هذه الحروب ابن القيم رحمه الله في كتابه التبيان باقسام القرآن عند سورة طه عندما تكلم عن سورة طه والله عز وجل اعلم. المقصود ان استدلال القوم بالاية غير صحيح بل التأويل الذي جاء في هذه الاية على قراءة الوصل والتفسير وعلى قراءة الوقف انما هو الحقيقة التي تؤول اليها الاشياء كحقيقة وكله صفات الله عز وجل او حقائق اليوم الاخر. وكيف هي؟ فذلك مما لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى اما استدلالهم بالاثر فاستدلالهم ببعض الاثار الواردة عن السلف. ومجموع ما ذكروا يرجع الى استدلالهم بكلمات فيها الامراء وفيها نفي المعنى وفيها نفي التفسير وفيها وجوب السكون وفيها لفظ التفويض. هذه خمس عبارات استدل بها هؤلاء المفوضة يبقى ان يرد عليهم بان يقال بان يقال اولا ان كلام السلف ليس حجة في ذاته يعني كلام السلف ليس حجة في ذاته وليس قاضيا ومعارضا للنصوص الكثيرة التي دلت على الاثبات والتي دلت على ثبوت صفات الله تبارك وتعالى تعالى ثبوتا عاما وثبوتا تفصيليا. معلوم معناه في لغة العرب ثمان هذه الاثار معارضة بما يقابلها فانها معارضة بالاثار التي جاءت عن السلف في تفسير جمع من الصفات. ثم هي معارضة ب الاثار الكثيرة التي جاءت عن السلف في اثباتهم الصفات اجمالا وتفصيلا ثم هي معارضة ايضا بالاثار التي جاءت عن السلف في الانكار على من حرفها وعلى من ثم هي معارضة للاثار الكثيرة التي جاءت عن السلف في التبويب تبويبات كتب السنة التي تدل على انهم قد فهموا المعنى ثم هي معارضة بانه لم يثبت قط عن واحد منهم انه قال ان هذه النصوص لا يفهم منها شيء. لم يرد عن احد منهم قط شيء من ذلك. هذا كله على سبيل المعارضة مع ان استدلالهم هذه الاثار اصلا غير صحيح اما قولهم ان الذي جاء عن السلف في ايات الصفات من قولهم امروها كما جاءت بلا كيد ليس من التفويض في شيء ليس معنى امروها يعني اقرؤوها بعد ان تغمضوا عقولكم وتغمضوا اعينكم عنها. ليس بصحيح ولا يدل على هذا لا لغة ولا عرف ولا شرف. انما المقصود بالامراء الاثبات امروها يعني اثبتوها والاثبات يكون للفظ وللمعنى. ويدل على ذلك انهم يلحقون بهذه اللفظة قولهم بلا كيد. يعني امروها دون ان تكيفوها. والسؤال من الذي يخاطب بترك التكييف. اهو الذي يعلم المعنى او هو الذي يجهل المعنى. لا شك ان الذي يقال بعدم التكييف انما هو الذي يعلم المعنى. لان التكييف فرع عن فهم المعنى. اما الذي يجهل اصل المعنى فانه لا يمكن ان يقال له لا تكيف. كيف سيكيف وهو لا يعلم شيئا اصلا؟ انما الذي يعلم المعنى يقال له لكن تنبه لا يبلغ اثباتك الى ان تكيف صفات الله تبارك وتعالى. اما العبارة الثانية وهي زعمه ان ما جاء عن السلف في نفي المعنى انما يراد به نفي العلم بمعنى الصفات وذلك في نحو قولهم امروها كما جاءت لا كيف ولا معنى وهذا غير صحيح بل قولهم لا كيف ولا معنى رد على طرفي الضلال اهل التكييف واهل التحريف المعنى الذي نفي في كلام السلف ها هنا انما ارادوا به المعنى الباطن الذي يذكره المحرفة حينما يقولون اليد معناها القدرة او الاستواء معناه الاستيلاء وامثال هذا من فهذا هو المعنى الباطن بل الواجب اثبات هذه الصفات وامرارها كما جاءت. كما قال السلف رحمه الله ان تفسيرها تلاوتها. لان القوم عرب. ويفهمون معاني هذه الصفات في ضوء لغة العرب وبالتالي ليسوا بحاجة الى ان يحركوا هذه الصفات عن معناها الظاهر لها بل معناها مفهوم. ولذلك فسكت كثير من السلف عن تفسير هذه الصفات لكونها معلومة من حيث اللغة. فمن حيث يقرأ الانسان يعلم وان استوى هي بمعنى علا وارتفع. لكن مع غلبة العجمة ومع ضعف اللسان العربي. احتاج العلماء ان يبينوا معاني هذه الصفات لكن السلف ما كانوا بحاجة الى ذلك. ولذا ما كانوا يقولون ان لهذه اه الصفات معاني اه يعلمها الله لا تعلموها انما كانوا يقرونها ويمرونها ويثبتونها بضوء لغة العرب الامر الثالث الذي استدلوا به ما جاء عن بعض السلف من الدم عن تفسير هذه الايات وهذا ايضا استدلال غير صحيح. فان التفسير المنفي هنا محمول على التفسير الباطل. يعني المعاني الباطلة التي يذكرها المحركة ومن امثلة هذا ما ذكر الترمذي رحمه الله في جامعه حينما قال ان الجهمية فسرت ايات على غير مراد الله عز وجل. فسرت استعمل كلمة التفسير. كما قالت الجهمية ان اليد تفسيرها القدرة. فهذا هو التفسير الذي الذي جاء عن السلف ذنبه والمنع منه. او وهو الامر الثاني ان يقال ان التفسير هو ان التفسير المنفية هو ذكر التكييف. ويدل على هذا الاستعمال ما قاله ابو عبيد القاسم ابن سلام رحمه الله كما اخرج دار قطب في الصفات وغيره حينما تكلم عن منهج اهل السنة في اثبات الصفات قال واما اذا قيل لنا كيف صفاته فاننا لا نفسر ذلك فلما جاء الحديث ولما وصل الكلام الى ذكر الكيفية فان اهل السنة والجماعة ينفون تسير هذه الصفات بذكر كيفية ذلك فهذا ولا شك امر ممتنع اما استدلالهم رابعا بالسكوت يعني ما جاء عن بعض السلف من قولهم عن هذه الصفات انهم اذا دونها ويسكتون مرادهم السكوت عن المعاني الباطلة او السكوت عن ذكر الكيفية. وذلك كما اسلفت انهم يتلون هذه النصوص ويذكرونها ويعرفون معناها في لغة العرب فلا حاجة الى ان يخاض فيها بزيادة عن ذلك. الامر الخامس ما جاء عن بعضهم من ذكر التفويض. التفويض اذا جاء في لسان السلف فلا شك ان المراد به انما هو تفويض الكيفية. ما ذكره بعض السلف كالبربهاني مثلا في شرح السنة من قوله لما اورد نصوص او بعض نصوص الصفات قال فصدق فصدق بذلك وسلم وفوض. يعني فوض العلم بكيفية ذلك. دون ان تخوض في تكييف ذلك مما يعتبر من القول على الله عز وجل بغير علم اذا هذه الاستدلالات التي يذكرها هؤلاء هؤلاء المبتدعة لا تعدو ان تكون استدلالا بمتشابه كلام السلف تركوا المحكم الواضح البين في عباراتهم واثارهم ومنهاجهم وتشبثوا بهذه المتشابهات التي انها تؤيد ما زعموا ولا شك ان هذا كله باطل غير صحيح. وعليه فنسبة مذهب السلف الى التفويض نسبة باطلة ونسبة ظالمة. وما اكثر ما تجد من ينص على هذا ممن ينهجون غير منهج السلف الصالح. كما تجده مثلا في شرح نووي على صحيح مسلم. حينما اورد او حينما علق على شيء مما جاء في صفات الله عز وجل في صحيح مسلم قال واما نصوص الصفات فلناس فيها مذهبان المذهب الاول وعليه معظم السلف بل كلهم. وهو انه لا يعلم معناها ولا شك ان هذا باطل لا شك ان هذا باطل وهذا يدل على انه ما فهم منهج السلف ولا مذهب السلف. بل حاشا السلف ان يكونوا على هذا مذهب الذي هو من شر المذاهب ومن اقبح البدع وبناء على ذلك اشتهرت كلمة بناء على ما اعتقد القوم اشارة كلمة حتى اصبحت قاعدة مسلمة عند كثير من هؤلاء ان مذهب السلفي اسلم وان مذهب السلف ومذهب وان مذهب الخلل اعلم واحكم. وهؤلاء حينما اطلقوا هذه الكلمة فان مرادهم بذلك ان ذكرى التأويلات لهذه الصفات لا يخلو من خطر لانه يبقى انه امر محتمل حتى في زعمهم هم لذا لا يؤمن الوقوع من الوقوع في الخطأ والقول على الله عز وجل بغير علم فكان تفويض المعنى الى الله عز وجل اسلم اما زعمهم ان مذهب الخلف الذي هو التأويل اعلم واحكم فذلك لما فيه من نفي الواردات الباطلة ودفع الشبه الفاسدة بذكر التأويلات التي الباب وتمنع من القول الباطل في زعمه. ولا شك ان هذا باطل غير صحيح. فنسبة مذهب السلف الى التفويض واعتباره اسلم من هذا الوجه نسبة باطلة ونسبة مذهب الذي هو التأويل الى كونه اعلم واحكم ايضا نسبة باطلة. بل هذه الجملة فاسدة من حيث مخالفتها للواقع وفاسدة من حيث ذاتها وفاسدة من حيث لوازمها. فكيف تكون السلامة ملازمة للجهل والطيش حاشا وكلا بل هذه الامور الثلاثة متلازمة. متى ما كان اعلم واحكم كان اسلم ومتى ما كان اسلم فهو بالتأكيد اعلم واحكم وهذا هو مذهب السلف الصالح عليهم رحمة الله الله اما الرد على مذهب المفوضة فانه يمكن ان يرد على مذهب المفوضة من ثلاثة امور اولا من جهة السمع وثانيا وثانيا من جهة العقل وثالثا من جهة ذكر اللوازم الباطلة التي تلزم على هذا المذهب اما من جهة السمع فيرد مذهب التفويض كل اية دلت على ان كتاب الله عز وجل بيان وتبيان ولم يستثنى من هذا شيء اذا اذا كان القرآن بيانا وتبيانا فلا يمكن ان يكون مجهول المعنى في بعض اياته بل في اشرف اياته واهم مطالبه وهو ما يتعلق بالمطالب الالهية بصفات الله عز وجل وبنعوت جلاله وجماله كما قال جل وعلا هذا بيان للناس. ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. لا يمكن ان يكون بيانا وتبيانا وهو مجهول المعنى في اهم مطالبه واشرف مقاصده ثانيا يرد مذهب التفويض كل اية دلت على ان القرآن انزل بلسان عربي كي يعقل قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. قرآنا عربيا لقوم يعلمون ولم يقل الله عز وجل الا ايات الصفات فليس لاهل العلم ان يتعقلوها بل كانت هذه الايات عامة. ولاحظ ذكر وصف القرآن ها هنا بانه عربي يدل على بطلان مذهب التفويض فهو لسان عربي تفهم اياته في ضوء لغة العرب. ايضا مذهب التفويض كل اية تدل على لزوم ووجوب تدبر كتاب الله عز وجل. وانه ما انزل الا لذلك كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته. ولم يقل الله عز وجل الا ايات الصفات انها ليست مجالا للتدبر. قال النبي صلى الله عليه وسلم لم يفقه القرآن. من قرأه في قل من ثلاثة ولم يقل عليه الصلاة والسلام الا ايات الصفات. قال عليه الصلاة والسلام ويتدارسونه بينهم لم يقل عليه الصلاة والسلام الا ايات الصفات فانها ليست محلا للتدارس كما انه يرد رابعا مذهب التفويض كل اية دلت على ذم من لم يفهم القرآن. كل اية دلت على ذم من لم يفهم القرآن ومنهم من يستمع اليه حتى اذا خرجوا من عنده. قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال انفا فالله عز وجل قد ذمهم على عدم تفهم وتعقل كتاب الله جل وعلا. ايضا يرد على مذهب التأويل الايات الدالة على ان القرآن ميسر ولا شك انه انما يكون ميسرا اذا كان معلوم المعنى اما اذا كان مجهول المعنى او كان فيه او كان فيه ما لا يمكن ان يعلم لا سيما في اشرف مطالبه فذاك من التعسير وليس من التيسير. هذه ادلة السمع التي تدل على مذهب اهل التفويض. اما من جهة العقل فان من الامر المحال ان يترك النبي صلى الله عليه وسلم امته دون ان يبين لهم اشرف ما يهمه واشرف ما تتشوف نفوسهم اليه وهو معرفة خالقهم ومعبودهم والههم تبارك وتعالى هذا من الامر المحال. الممتنع غاية الامتناع. اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم الذي علم امته كل شيء حتى القراءة وكيف يأكلون وكيف يشربون وكيف ينامون بل لم يترك شيئا الا اعطى اعطاهم منه علما. ما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وطائر يقلب جناحيه في السماء الا واتى واصحابه منه علما فكيف يدع صلى الله عليه وسلم تعليمه في اهم المطالب واشرفها على الاطلاق وثانيا ان تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع ولا يجوز في حقه عليه الصلاة والسلام فكيف يترك عليه الصلاة والسلام امته صغيرها وكبيرها وعالمها وجاهلها يتلون كتاب الله جل وعلا وظاهر كتاب الله يدل على الضلال بل يدل على الكفر وهو تشبيه صفات الله عز وجل بصفات المخلوقين. وهذه النقطة قد مضى اه بيان كيف ترد واوجه ردها في الدرس الماظي فلا حاجة لاعادة ذلك. اما من حيث اللوازم يعني الامر الثالث الذي يرد مذهب اهل التفويض فهو رده من جهة اللوازم الباطلة التي تلزم عليه فاولا لازموا هذا المذهب الطعن في حكمة الله عز وجل حيث انزل كتابا بين انه هداية وانه نور مبين. وانه بيان وتبيان وانه يهدي به الله اهل الاسلام وانه بشرى للمسلمين انه انزل فيه كلاما لا يفهم معناه بل هو مثل الطلاسم والاحادي التي تقرأ حروفها دون ان يدرك معناها. فلا شك ان في هذا ما وحكمة الله تبارك وتعالى لا سيما والذي زعم انه غير مفهوم المعنى اعظم الايات واشرف الايات. وثانيا يلزمهم على مذهبهم التعطيل المحض فان هذا المذهب خلاصته ومعاله التعطيل. تعطيل صفات الله تبارك وتعالى عن ان تكون صفات الله جل وعلا ويلزمه ايضا الطعن في كتاب الله عز وجل حيث انه يكون كتاب طلاسم واحادي يكون كتابا ليس التيسير وانما للتعسير. مع ان الله عز وجل يقول طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى ومن لوازم هذا المذهب ايضا وهو الامر الرابع الذي يدل على بطلانه ان لازمه تجهيل ان لازمه تجهيل النبي صلى الله عليه وسلم وتجهيل اصحابه رضي الله عنهم. فانهم في زعم هؤلاء او في لازم قول هؤلاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلو كلام الله ولا يفهم معناه. والله عز وجل يقول وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم. النبي صلى الله عليه وسلم وظيفته ان يبين فكيف يكون هو لم يتبين المعنى؟ كيف يبين للناس ما لم يتبين له عليه الصلاة والسلام؟ وهكذا اصحابه رضي الله عنهم وارضاهم فانهم يلزم على مذهب هؤلاء انهم كانوا كالاميين الذين لا يعلمون الكتاب الا اماني انما كانوا ينعقون بما لا يعلمون معناه انما يتلونه فقط كما آآ يردد الجاهل والاعجمي كلاما لا يفهم معناه وحاشا الصدر الاول والسلف قال من هذه التهمة الباطلة. ايضا يلزمهم ان يكون مذهبهم مخالفا لطريقة السلف الصالح فان طريقة السلف الصالح هي انهم كانوا يتدبرون كلام الله عز وجل وكانوا يتأملونه وكانوا يفسرون معانيه هذا مجاهد رحمه الله يقول قرأت القرآن على ابن عباس وفي رواية عرضته مرتين اوقفه عند كل اية اسأله عن معناها ولم يقل رضي الله عنه باستثناء ايات الصفات. فانني كنت اغمض عيني وسمعي وعقلي وكذلك يفعل ابن عباس فلا نسمع اه سمع تعقل ولا نتدبر ولا نتفهم هذه النصوص. كذلك مسعود رضي الله عنه يقول كنا نتلو عشر ايات فلا نتجاوزها حتى نتعلمها ونعمل بها ولم يقل رضي الله عنه باستثناء ايات الصفات بل هذا كان منهجا عاما لهم في كل نصوص صفات الله تبارك وتعالى. والخلاصة ان هذا المذهب ان نظرت الى لوازمه وان نظرت وجدته حقا من شر المذاهب. بل هو كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد الاول من دار التعارض انه من شر مذاهب اهل البدع والالحاد وصدق رحمه الله فان هؤلاء القوم اغلقوا على القلوب باب التدبر والتفهم من كتاب الله عز وجل وانفتح بسبب ذلك باب لاهل الالحاد والزندقة والانحراف كي كي يخوضوا في كلام الله عز وجل بالباطل لانهم زعموا ان السلف الصالح كانت عندهم دروشة وكانوا جهالا فلا يمكن ان يوصل الى العلم من طريقهم انما يوصل الى العلم من طريق الخوالف الذين اخذوا هذه المذاهب من مذاهب اهل الفلسفة ومن مذاهب اهل المنطق اه الباطل وكل هذا ولا شك مخالف للواقع وتترتب عليه لوازم فاسدة والله عز وجل اعلم نعم قال رحمه الله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. مضى الكلام عن صفة المحبة وان المحبة ثابتة من طرفيها. الله عز وجل يحب كما انه يحب تبارك وتعالى. نعم قوله تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه هذه الاية فيها دليل على اثبات صفة الرضا لله عز وجل. والرضا وقد اشرت سابقا الى هذا الكلام من المعاني المعلومة بالبداهة والفطرة ولا تحتاج الى تفسير. ويأتي في تفسيرها ان يقال ان الرضا خلاف الغضب والرضا عند اهل السنة والجماعة صفة فعلية اختيارية لله عز وجل. اتصفوا بها اذا شاء سبحانه وتعالى دلت النصوص على ان الله عز وجل يرضى اقوالا واعمالا ويرضى عن العاملين اذا متعلق الرضا قد يكون الاقوال والاعمال وقد يكون العاملين. من الاول ما ثبت في صحيح مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم ان الله يرضى لكم ثلاثا. ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وان تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاه الله امركم واما الرضا عن العاملين فكما في هذه الاية رضي الله عنهم الله يرضى عن العامل ويرضى عن العمل واهل البدع اخطأوا في هذه الصفة كما اخطأوا في امثالها من جهتين. اولا في تحريفهم معنى هذه الصفة مثقال الرضا هو ارادة الاحسان واخطأوا ثانيا في جعل هذه الصفة صفة ذاتية. لان الارادة عندهم صفة ذاتية قائمة بذات الله عز وجل وهي صفة واحدة. انما يتغير وانما يختلف متعلقها فاذا تعلق فاذا تعلقت هذه الارادة بارادة الخير فتلك الرحمة واذا تعلقت بارادة الاحسان فذلك الرضا والمحبة واذا تعلقت بارادة اه الانتقام والعقاب فذلك الغضب وما الى ذلك فهذا ولا شك مذهب باطل. يدل على بطلانه كتاب الله عز وجل. قال سبحانه لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فرضى الله عز وجل لم يكن فرضا الله عز وجل عن المؤمنين لم يكن هنا رضا قديما ازليا انما كان متعلقا بالحال التي وصف الله عز وجل. اذ يبايعونك تحت الشجرة. فانما رضي الله عنك لما قاموا بذلك وعليه فليست هذه الصفة كما يزعمون صفة ذاتية قديمة نعم. وقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ما ذكر الغفور الودود ولا بعدها على كل حال جاء في في نسخة جاء في بعض النسخ هذا الكتاب تقريبا في ثلاثة او اربع نسخ وفي بقيتها ليس موجودة. هذه الاية وهي قوله جل وعلا وهو الغفور الودود هذه الاية فيها اثبات اسمين واثبات صفتين لله جل وعلا. اما الغفور فانه اسمه جل وعلا الدال على اتصافه بصفة المغفرة غفور فعول بمعنى فاعل. صيغة مبالغة بالغافر. كشكور صيغة مبالغة من صبور صيغته مبالغة من صابر. اذا هو كثير المغفرة جل وعلا. و جاء ايضا اسمه جل وعلا الغفار الا هو العزيز الغفار وهو ايضا صيغة مبالغة وبعض اهل العلم يرى ان الغفار ابلغ من الغفور والمغفرة معلومة المعنى هي ترك المؤاخذة على الذنب في الدنيا والاخرة وثبت لله عز وجل اتصافه بصفة قريبة منها في المعنى. وهي صفة العفو الله عز وجل العفو ومن صفاته العفو ويحب العفو جل وعلا. كما قال النبي صلى الله عليه عليه وسلم اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني. العفو والمغفرة من الكلمات التي اذا افترقت اجتمعت واذا اجتمعت افترقت بمعنى انه اذا ذكر كل واحد منها على حدى اشتمل على ما يدل عليه الاخر من المعنى. واذا اجتمعت في السياق فانها تفترق في المعنى ومن ذلك قول الله عز وجل واعف عنا واغفر لنا وارحمنا والله عز وجل ذكر العفو وذكر المغفرة واختلف اهل العلم بالفرق بين العفو والمغفرة اذا ورد في سياق واحد فمن اهل العلم من رأى ان العفو هو اسقاط حقه جل وعلا. وترك عقوبته سبحانه وتعالى على الذنب اما المغفرة فهي ابلغ من ذلك اذ تشمل مع اذ تشمل مع ذلك اقباله على عبده ورضاه عنه واما اضافة الرحمة فهي ابلغ وابلغ اذ انها تقتضي مع ذلك احسانه وبره بعبده جل وعلا وعلى هذا فتكون المغفرة ابلغ من العفو وهذا ما نحى اليه شيخ الاسلام ابن تيمية وغيره من اهل العلم ومن اهل العلم من رأى فرقا اخر وهو ان المغفرة متعلقة بالصغائر. واما العفو ومتعلق بالصغائر وبالكبائر. وعلى هذا فالعفو ابلغ وعلى كل حال الامر محل للاجتهاد والامر في ذلك قريب. اهل السنة والجماعة يعتقدون ان المغفرة صفة فعلية اختيارية لله جل وعلا فهو يغفر لمن يشاء سبحانه وتعالى قال جل وعلا ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومغفرته تبارك وتعالى مغفرة عظيمة ومغفرة كبيرة ومغفرة واسعة ولذلك كثر في كتاب بالله ذكر اسمه الغفور حتى جاء في اكثر من تسعين موضعا مما يدلك على سعة مغفرة الله جل وعلا. وان عبده اذا جاءه مقبلا منيبا فالله عز وجل يشمله بعفوه ومغفرته يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي. يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني ثم لقيت لا تشركوا بي شيئا اتيتك بقرابها مغفرة. بل من سعتي مغفرة الله عز وجل وعظيم عفوه وبره واحسانه انه قد يغفر لغير التائب ايضا وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم. قد يغفر الله عز وجل حتى لمن لم يقبل. وحتى لمن لم يتب وحتى لمن لم يستغفر. وهذا دليل على عظيم مغفرة ربنا تبارك وتعالى يثمر ذلك محبته ويثمر ذلك تشميرا للتعرض للاسباب التي آآ هي اسباب لمغفرة الله جل وعلا وتجاوزه وعفوه سبحانه وتعالى اما الودود فقد جاء في كتاب الله في هذه الاية وفي الاية الاخرى آآ ان ربي غفور ودود ان ربي رحيم ودود في هود والودود اعود واكثر اهل العلم على انه بمعنى فاعل. وبعض العلماء كابن القيم رحمه الله وكذلك البغوي وغيرهما من اهل العلم رأوا ان الودود يصح ان يكون اسم فاعل واسم مفعول معا. فهو ودود بمعنى واد وودود بمعنى مودود ودود بمعنى فاعل وودود بمعنى مفعول الله عز وجل يود عباده وعباده وعباده يودونه سبحانه وتعالى قد مضى الكلام عن معنى الود وهو انه خالص المحبة وصخوها والله عز وجل يحب عباده وعباده يحبونه تبارك وتعالى وقد مضى الحديث تفصيلا عن صفة المحبة عند اهل السنة وعند مخالفيها. نعم. وقوله بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم. فيها اثبات بسم الله العظيم. الله قد مضى الكلام عذر. واسميه الرحمن والرحيم اسم الله جل وعلا الرحمن والرحيم اولا اتفق اهل العلم ان كليهما دال على اتصاف الله عز وجل بصفة الرحمة. كلاهما يدل على اتصافه جل وعلا بصفة الرحمة. واتفقوا كذلك على ان اسم مختص بالله جل وعلا وان الرحيم ليس كذلك الرحمن لا يطلق الا على الله عز وجل واما الرحيم فيطلق على الله عز وجل وعلى غيره. كما قال سبحانه عن نبيه عليه الصلاة والسلام بالمؤمنين رؤوف رحيم جمهور اهل العلم وهذا الامر الثالث على ان الرحمن ابلغ من الرحيم. بل المح ابن جرير رحمه الله الى حصول الاتفاق على ذلك. وهو ان الرحمن ابلغ من الرحيم. وان كان على كل حال هناك خلاف من بعض المتأخرين الذين ذهبوا الى ان الرحيل ابلغوا من الرحمن لكن هذا ليس بصحيح بل الرحمن ابلغ يدل على ذلك صيغة هذا الاسم. فان اعلان يدل على المبالغة ابتلاء وهذا ابلغ من صيغة فعيل يدل على هذا ايضا ان اسم الله الرحمن لم يتسمى به احد ولا يجوز ان يتسمى به احد واما ما كان من مسيلمة فانه كان اسما مضافا كان يلقب برحمان اليمامة وليس الرحمن اما الرحمان فهو مختص بالله عز وجل فلم يقع ان تسمى به احد ولا يجوز ان يتسمى به احد بخلاف الرحيم ويدل على ذلك ايضا امور اخرى. الخلاصة ان الرحمن ابلغ من الرحيم. وارادهما في هذه الاية تأكيد على سعة رحمة الله عز وجل. وفيه حث على التعرض على او التعرض لرحمة الله جل وعلا لذكر اسمين يدلان على صفة الرحمة لله جل وعلا احدهما ابلغ من الاخ ويبقى البحث بعد ما سبق في التفريق بين الاسمين بين اسمين الرحمن والرحيم وهذا مجال بحث طويل عند اهل العلم ذهبت طائفة من اهل العلم الى ان الرحمن خاص في لفظه عام في معناه والرحيم على العكس فانه لفظ عام في لفظه خاص في معناه اما العموم هو الخصوص في اللفظ فمن جهة الاطلاق يعني الرحمن خاص بالله واما الرحيم فيطلق ايضا على المخلوق واما من جهة المعنى الرحمن عام يعني المتصف بالرحمة الواسعة الشاملة لكل احد للانس وللجن وللمسلم وللكافر وفي الدنيا وفي الاخرة اخر واحدة. اما الرحيل فانه دال على اتصافه جل وعلا بالرحمة الخاصة بالمؤمنين استدلوا على هذا بقوله جل وعلا وكان بالمؤمنين رحيما ولم يقل رحمانا ولكن هذا التفريق فيه نظر اذ يرد عليه قول الله جل وعلا ان الله بالناس لرؤوف رحيم والناس لفظ يعم مسلمهم وكافرهم اذا هذا التفريق هذا التفريق فيه نظر من اهل العلم من ذهب الى ان كلا الاسمين يدلان على الله عز وجل بعباده. ولكن لوحظ او لوحظ في الرحمن قيام الصفة به ولحظ بالرحيم وصول الصفة وصول الرحمة الى العباد يعني لوحظ باسم الرحمن مع اشتراكهما في اثبات الرحمة بعباده لكن لوحظ هنا في الاول جانب الوصف وغلب في الثاني جانب الفعل. رحيم برحمة واصلة الى عباده. والله عز وجل رحمن متصف بالرحمة ولذا عبر بعضهم بقوله الرحمن دال على الرحمة الواسعة والرحيم دال على الرحمة واشار الى نحو هذا المعنى ابن القيم رحمه الله في البدائع وذكر ان هذه النكتة لا تكاد تجدها في كتاب غيره المقصود ان الله عز وجل متصف برحمة عظيمة واسعة شاملة لكل شيء ورحمتي وسعت كل شيء. ربنا وسعت كل شيء رحمة. وعلما. فكل شيء قد ناله حظ من رحمة الله جل وعلا حتى الكافر فانه قد ناله من رحمة الله عز وجل نصيب فانه لم يتنفس نفسا ولا اكل اكلة ولا شرب شربة ولا اخذ ولا اعطى ولا نام ولا قام ولا تحرك الا برحمة من الله جل وعلا ولكن في الاخرة ليس له نصيب من هذه الرحمة رحمته جل وعلا خاصة بالمؤمنين ورحمتي وسعت كل شيء هذا في الدنيا. اما في الاخرة فتكملة الاية وساكتبها للذين يتقون الى اخره فهذه هي الرحمة التي اختص الله عز وجل بها المؤمنين يوم القيامة والله عز وجل يحب من عباده ان يتصفوا بصفة الرحمة الله عز وجل رحمن رحيم ويحب الاتصاف بهذه الصفة ولذلك اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الراحمون يرحمهم الرحمن. و جاء في مسلم بذكر الثلاثة الذين هم اهل الجنة قال ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربة مسلم من تجافى عن هذه الصفة فلم يتصف بها فان هذا دليل على شقائه اذا اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الرحمة لا تنزع الا من شقي وذلك يدل ايضا على بعد هذا الانسان عن رحمة الله سبحانه ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم من لا يرحم لا يرحم وفي الرواية الاخرى من لا من لا يرحم من لا يرحم الناس من لا يرحم الناس لا يرحمه الله ولاجل هذا كان حريا بالمسلم ناهيك عن طالب العلم ان يكون متصفا بهذه الصفة فيرحم عباد الله عز وجل ويرفق بهم ويحب لهم الخير حتى يكون من اهل رحمة الله جل وعلا. اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الادب المفرد للبخاري ومسند احمد وغيره باسناد صحيح. ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني لاذبح الشاة واني لارحمها قال عليه الصلاة والسلام والشاة ان رحمتها رحمك الله والشاة ان رحمتها رحمك الله. فكيف برحمة عباد الله فالله الله يا طلبة العلم والله الله يا معشر الدعاة برحمة الناس و الحرص على الخير لهم ومن اعظم ما يكون من رحمتهم دلالتهم على الخير. ودعوتهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فانه بالتزام شرع الله عز وجل ينالون رحمة الله واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون فيرحمون بدعوتهم وتوجيههم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن عن المنكر يكون عند المسلم رقة لهم رجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم يشق عليه جدا ان يتعرض مسلم لعذاب الله وغضبه ويراه واقعا في معصية الله ثم لا يحرك ساكنا هذا دليل على غلظة ودليل على قسوة اما المسلم الصادق فهو رحيم. ولذا يجد ويجتهد في التعليم. ثم هو اذا علم كان رحيما بالمتعلم يترفقوا به ويعطيه العلم ميسورا ومفهوما ولا يعسر عليه ولا يشدد عليه. ثم اذا استقام على طاعة الله عز وجل. وسلك طريق الخير فعليه ان يرحمه باعتباره اخا له صديقا له وزميلا له بطلب العلم وفي الدعوة الى الله ما احوجنا يا ايها الاحبة الى ان نتراحم بيننا يا طلبة العلم ويا ايها الدعاة الى الله اننا في امس الحاجة الى الرحمة فيما بيننا والى ترك القسوة والغلظة والشدة والبغضاء والشنآن الذي وقع في قلوب بعضنا او في كثير منا ولا حول ولا قوة الا بالله. بل ترفق يا عبد الله لاخوانك. وقدم ما استطعت الليم اللينة والرفق في معاملته. ارحمه. وارجو لهم الخير. ولا تتمنى خطأهم ولا تتمن زلاتهم ولا تفرح بذلك ان هذا دليل على فساد في القلب ولا ضعف في رحمته. بل المسلم الصادق يتألم اذا اخطأ اخوه. ولو كان عاصيا ولو كان مبتدعا فانه اذا لم يكفر ببدعته له حظ من الولاية ولاية المسلم لاخوانه اما الكافر فانه لا يرحم من هذه الجهة ولكن يرحم من جهة دعوته الى الله تبارك وتعالى المقصود يا اخواني ان طلبة العلم والدعاة والاخوة فيما بينهم حري ان يتعاملوا بالرحمة ان تمتلئ قلوبهم رحمة فيما بينهم وان يتناصحوا بل حتى اذا اقتضت المصلحة اصول الزجر واصول التشديد والهجر فانه ينبغي ان يكون دافع ذلك لا التشفي. ولا الانتقام وانما ايضا الرحمة اسأل الله عز وجل ان يجعلني واياكم من الرحماء المتراحمين فيما بينهم. ولعل في هذا القدر كفاية والله عز وجل اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده رسول نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان