يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير. اللزوم التعلم على الجادة المرسومة عند اهل العلم من خير ما يعين على التحصيل. من خير ما يعين على التحصيل. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال رحمه الله تعالى ومن شرط المفتي ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا خلافا ومذهبا شرع المؤلف رحمه الله في بيان الافتاء واحكامه والمفتي هو المخبر بحكم شرعي ومقام الافتاء مقام عظيم يجب على المؤمن الا يتصدى له الا وعنده من الاهلية والعلم ما يكون له حجة امام الله عز وجل ولهذا قال المؤلف من شرط المفتي ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا خلافا ومذهبا وان يكون كامل الالة في الاجتهاد فلابد في المفتي على ما مشى عليه المؤلف لابد ان يكون مجتهدا والمجتهد هو الذي يعرف من ادلة الكتاب والسنة وما يكون تابعا لهما ما يتمكن به من استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها من الكتاب والسنة وقوله رحمه الله وان يكون كامل الالة في الاجتهاد اي ان يكون مجتهدا وتقدم معنى المجتهد ثم ان المجتهدين ينقسمون الى اقسام القسم الاول مجتهد مطلق وهو الذي يتمكن من استنباط الاحكام الشرعية من نصوصها من الكتاب والسنة فيستنبطها بنفسه والقسم الثاني مجتهد بين المذاهب بحيث انه يخرج عن مذهبه لكن لا يخرج عن المذاهب الاربعة والقسم الثالث مجتهد في المذهب فيجتهد في اقوال امامه وفي الرواية عن وفي اقوال اصحاب المذهب فيختاروا ما يرى ان الدليل يدل عليه والرابع مجتهد في باب من ابواب الفقه كالفرائض مثلا والخامس مجتهد في مسألة من المسائل والواجب على المفتي ان يتقي الله عز وجل يتصدر في هذا المكان ولهذا المنصب الا اذا توافرت فيه الشروط والاهلية ومن ذلك ان يكون عنده علم في الاحكام الشرعية وان يكون له علم وحلم ووقار وسكينة وان يكون قويا على ما هو وعلى معرفته وان يكون ورعا متعففا متكففا لا يمد يده او يذل نفسه للناس. لانه حينئذ يستضعف ويستصغر قال رحمه الله ومن شروط المستفتي ان يكون من اهل التقليد وليس للعالم ان يقلد من شروط المستفتي ان يكون من اهل التقليد اي ان لا يستطيع ان يعرف الحكم الشرعي بنفسه وان يستنبطه بنفسه فحينئذ وظيفته السؤال والتقليد قال الله عز وجل فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فالواجب على من لم يعرف الحكم الشرعي سواء كان من طلبة العلم ولكنه لم يبلغ مرتبة الاجتهاد والتمكن منه. او كان عاميا الواجب على كل هؤلاء ان يسألوا اذا جهلوا لقول الله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون قال وليس للعالم ان يقلد اي ليس للعالم الذي يتمكن من استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها ليس له ان يقلد غيرة وان يتبع قول غيره الا عند تعذر ذلك بالنسبة اليه واما اذا كان يتمكن من ان يستنبط الحكم بنفسه فالواجب عليه ان يستنبط الحكم بنفسه بان العالم اذا استنبط الحكم بنفسه فاستنباطه للحكم يكون اقوى في قلبه من تقريده لغيره قال رحمه الله والتقليد قبول قول القائل بلا حجة فعلى هذا قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم يسمى تقليدا وهذا اللازم الذي ذكره المؤلف بقوله فعلى هذا يكون قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم يسمى تقليدا هذا ليس لازم وذلك لان قول النبي صلى الله عليه وسلم حجة بذاته فليس فيه تقليد لقول الغيب الذي يتبع قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يقال انه مقلد بل انه متبع لانه اتبع من قوله حجة واتباع قول غير النبي صلى الله عليه وسلم ليس بحجة وهذا هو الفرق بين قبول قول القائل غير النبي صلى الله عليه وسلم بلا حجة وبين قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم فقبول قول النبي صلى الله عليه وسلم امر واجب وهو حجة لانه هو الشرع وهو الحجة وقبول قول غير النبي صلى الله عليه وسلم بلا حجة يسمى تقليدا بان قول غيره ليس حجة فكل من سوى النبي صلى الله عليه وسلم فانه يحتج لقوله الا يحتج بقوله قال رحمه الله ومنهم من قال التقليد قبول قول القائل وانت لا تدري من اين قاله اي ان تقبل قولا قاله عالم وانت لا تدري من اين اتى بهذا القول قال رحمه الله فان قلنا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بالقياس فيجوز ان يسمى قبول قوله تقليدا وهذا فيه نظر كما تقدم لان اقوال النبي صلى الله عليه وسلم وافعاله حجة فلا يصح ان تسمى قياسا او ان يسمى او ان يسمى من اتبعها وتأسى بها عن يسمى مقلدا بل هو عالم لان العالم حقيقة هو من يعرف الحكم بدليله فاذا عرف الانسان الحكم بدليله من كتاب او سنة فهو عالم كما قيل العلم معرفة بجريره ما ذاك والتقليد يستويان والحاصل ان التقليد هو قبول قول الغير من غير حجة بان يتكلم عالم مثلا بقول من الاقوال فتأخذ به من غيري ان تأخذ بهذه الحجة او ان تعلم هذه الحجة. وانما اعتمادا على ثقتك به. هذا يسمى تقليدا وعما اذا اتبعت هذا العالم وعرفت دليله فعلمت الحكم بدليله فهذا لا يسمى تقليدا. فمن يعرف الحكم بدليله يسمى عالما واما من يعرف الحكم من غير الدليل فيسمى مقلدا قال رحمه الله وعما الاجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض المجتهد ان كان كامل الالة في الاجتهاد في الفروع فاصاب فله اجران. وان اجتهد واخطأ فله اجر واحد. شرع المؤلف رحمه الله في بيان الاجتهاد وشيء من احكامه قال واما الاجتهاد والاجتهاد افتعال من الجهد او الجهد وهو في الاصل بذل الجهد والطاقة والمشقة باجراء بذل جهد والطاقة لادراك امر من الامور ومن ذلك قول الله عز وجل والذين لا يجدون الا جهدهم فيسخرون منهم اي لا يجدون الا طاقتهم وما يقدرون عليه واما اصطلاحا فالاجتهاد هو بذل الجهد والطاقة لادراك حكم شرعي اي اي ان المجتهد يبذل جهده وطاقته في تحصيل الحكم الشرعي وفي ادراك الحكم الشرعي وفي معرفة ادلته. وما يتعلق بذلك وقد تقدم ان المجتهد وقد تقدم بيان اقسام المجتهدين وان المجتهدين ينقسمون الى خمسة اقسام القسم الاول مجتهد مطلق والقسم الثاني مجتهد بين المذاهب والقسم الثالث مجتهد في المذهب والقسم الرابع مجتهد في باب من الابواب والقسم الخامس مجتهد في مسألة من المسائل قال رحمه الله فالمجتهد ان كان كامل الالة في الاجتهاد في الفروع فاصاب فله اجران وان اجتهد لو اخطأ فله اجر واحد. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا اجتهد الحاكم فاصاب فله اجران واذا اجتهد اخطأ فله اجر واحد فكل مجتهد فانه مصيب للاجر لكن ان اصاب الحق فله اجران اجر اصابة الحق واجر الاجتهاد وان لم يصب الحق فله اجر واحد وهو اجر اجتهاده وليعلم ان كل من بحث مسألة علمية واجتهد فيها وليعلن ان كل من اخطأ في حكم شرعي فان خطأه يرجع الى واحد من اسباب خمسة السبب الاول نقص العلم بحيث لا يكون عنده من العلم ما يتمكن به من معرفة هذا الحكم الشرعي وحينئذ يقع في خطأ السبب الثاني القصور في الفهم بان يكون عنده علم لكنه قاصر من حيث الفهم وحينئذ يقع في الخطأ والسبب الثالث التقصير في الطلب بحيث انه لا يبذل جهده وطاقته وانما يبحث قليلا ثم يقول لم اجد شيئا وحينئذ يقع في الخطأ والسبب الرابع من اسباب الخطأ في الحكم الشرعي سوء الارادة والقصد بان يكون قصده من البحث والمراجعة والمطالعة الانتصار لنفسه او بمذهبه او لشيخه ونحو ذلك فمثل هذا لا يوفق للصواب السبب الخامس الذنوب والمعاصي فان الذنوب والمعاصي سبب لحرمان العبد فضل الله عز وجل والتوفيق ولهذا قال الشافعي رحمه الله شكوت الى وكيع سوء حفظي فارشدني الى ترك المعاصي وقال اعلم بان العلم نور ونور الله لا يؤتاه عاصي فعلى طالب علم ان يحرص على البحث والتحري والاجتهاد والاجتهاد الحقيقي الذي يؤجر فاعله عليه وما تحققت فيه ثلاثة شروط الشرط الاول ان يكون من اهل الاجتهاد اي في علمه اي بلغ مرتبة في العلم. تؤهله الى الاجتهاد في الاحكام الشرعية والشرط الثاني ان تكون المسألة المجتهد فيها مما يصح فيها الاجتهاد فخرج بذلك اصول العقيدة والمسائل التي اجمع عليها العلماء فمثل هذا ليس محلا للاجتهاد لانه اذا اجتهد فيها فقد خالف النص او خرق الاجماع والشرط الثالث ان يكون اجتهاده موافقا للنصوص الشرعية والقواعد المرعية المعروفة عند الائمة في هذا الشأن ثم قال المؤلف رحمه الله ومنهم من قال كل مجتهد في الفروع مصيب ولا يجوز كل مجتهد في الاصول الكلامية مصيب لان ذلك يؤدي الى تصويب اهل الضلالة والمجوس والكفار والملحدين ودليل من قال ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا قوله صلى الله عليه وسلم من اجتهد واصاب فله اجران. ومن اجتهد واخطأ فله اجر واحد ووجه الدليل ان النبي صلى الله عليه وسلم خطأ المجتهد تارة وصوبه اخرى ختم المؤلف رحمه الله تعالى كتابه في هذه المسألة وهي هل كل مجتهد مصيب حول اي هل كل مجتهد توصل لرأي رجحه هل يكون مصيبا للحق فكل من اجتهد اصاب الحق وهذا من لازمه ان يكون الحق متعددا عند الله عز وجل او انه ليس كل مجتهد يكون مصيبا. والصحيح في هذه المسألة ان المصيبة في الفروع واحد فليس كل مجتهد يكون مصيبا لان الحق عند الله عز وجل واحد فمن اصابه فقد ادرك الحق ومن لم يصبه فهو مخطئ ولكنه معذور باجتهاده وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء وعامة المذاهب ودليل هذا القول انه ليس كل مجتهد يكون مصيبا قول الله عز وجل وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نافشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما تميز الله تعالى نبيه سليمان عن ابيه داود ميزه بهذا الفهم في قوله ففهمناها سليمان مما يدل على انه اصاب الحق ولو كان الحق متعددا وكلاهما مصيب ما كان لتخصيص سليمان ثمرة ولا فائدة ولا معنى ومما يدل على انه ليس كل مجتهد يكون مصيبا قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا اجتهد الحاكم فاصاب فله اجران واذا اجتهد فاخطأ فله اجر واحد فوجه الدلالة من هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم خطأ المجتهد تارة وصوبه اخرى. كما قال المؤلف فهو دليل على ان الحق واحد اذ لو كان الحق متعددا لم يخطئ احدا منهما بل كلهم مصيب ومما يدل على انه ليس كل مجتهد يكون مصيبا اننا لو قلنا ان كل مجتهد يكون مصيبا للحق لكان لله عز وجل حكمان في المسألة وتكون المسألة في حكم الله تكون حراما وحلالا تكون صحيحة وفاسدة وهذا يلزم منه التناقض والجمع بين النقيضين فتبين بهذا انه ليس كل مجتهد يكون مصيبا بالنسبة لحكم الله عز وجل والا للزم من ذلك ان يكون حكم الله تعالى في المسألة اكثر من حكم وليعلم ان العالم وطالب العلم متى اخلص النية لله عز وجل وجد واجتهد في تحري الحق وفي البحث عن الحق فان الله تعالى يوفقه وييسر امره وينبغي للعالم ولطالب العلم اذا اراد ان يبحث مسألة واعيته ان يكثر من الاستغفار بين الاستغفار سبب للفتح وقد اشار الله تعالى الى ذلك بقوله انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله. ولا تكن للخائنين خصيما. واستغفر الله ان الله كان غفورا رحيما وقال لتحكم ثم قال واستغفر الله مما يدل على ان الاستغفار له شأن عظيم في الفتح على الانسان ووجه ذلك ان الاستغفار من تقوى الله تعالى وقد قال الله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا. وقال تعالى ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا ولنختم التعليق على هذه الرسالة القيمة وهي الورقات للامام الجويني لنختمها بوصية جامعة لطالب العلم وهي ان يعلم طالب العلم فضل العلم العلم فضله عظيم وشرف كبير فهو نوع من الجهاد في سبيل الله قال الله تعالى يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم الكفار يجاهدون بالسيف والسنان والمنافقون يجاهدون بالعلم والبيان والامة الاسلامية في زمننا في حاجة بل في ضرورة الى النوع الثاني من انواع الجهاد وهو الجهاد بالعلم لاسباب ثلاثة السبب الاول ظهور كثير من البدع والخرافات التي لم تكن معروفة من قبل وثانيا ظهور متعالمين يدعون العلم والافتراء على الشريعة والشريعة منهم براء وثالثا ظهور جدال ومراءة في مسائل هي من ثوابت الشريعة صار بعض الناس يجادل فيها فلهذه الاسباب الثلاثة وهي اهمها صار طلب العلم في هذا الزمن من الامور المهمة التي تحتاجها الامة ولذلك يتعين على طالب العلم في هذا الزمن ان يجد ويجتهد ويحرص على العلم الشرعي فان العلم الشرعي فضله عظيم. قال النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وقال من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة وقال وما اجتمعا وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيت الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده في هذا ينبغي لطالب العلم ان يتأدب باداب العلم ومن اهمها اولا الاخلاص لله عز وجل فان العلم عبادة فاعبد الله مخلصا له الدين وقال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء فيخلص في طلبه للعلم والاخلاص في طلب العلم يتحقق بامور اولا ان ينوي بطلبه للعلم رفع الجهل عن نفسه لاجل ان يعبد الله تعالى على علم وعلى بصيرة من امره لان الانسان ولد جاهلا وخرج من بطن امه جاهلا. كما قال عز وجل والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا فينوي اولا بطلبه للعلم ان يرفع الجهل عن نفسه ثانيا ان ينوي بطلبه للعلم رفع الجهل عن غيره فاذا رفع الجهل عن نفسه فانه يسعى الى ان يرفع الجهل عن غيره وهذا من حقوق المسلم على اخيه المسلم بل هو من كمال الايمان. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه ثالثا ان ينوي بطلبه للعلم الدفاع عن شريعة الله ممن يحاول ان يستنقصها او ان يورد الشبه والشكوك فيها او عليها رابعا ان ينوي لطلبه للعلم الدعوة الى الله عز وجل لان الدعوة الى الله لا يمكن ان تتم الا بالعلم الشرعي لقول الله تعالى قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني فلابد للداعية الى الله عز وجل من ان يكون عن علم وبصيرة فيما يدعو اليه وفي من يدعوه وفي طريق الدعوة ووسيلتها التي يوصلها الى المدعو ثانيا من اداب طالب العلم ان يحرص على الجد والاجتهاد والمثابرة والمثابرة في طلب العلم الشرعي العلم الشرعي نوع من الجهاد فهو يحتاج الى صبر ومصابرة ومثابرة وقد قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون والعلم يحتاج الى تفرغ تام ولهذا قيل العلم ان اعطيته كلك ادركت بعضه وان اعطيته بعضك فاتك كله فمهما تفرغ الانسان للعلم الشرعي فانه لن يدرك العلم كله. وانما يدرك بعضا منه. وما اوتيتم من العلم الا قليلا واما اذا كان الانسان يجعل للعلم اوقاتا يسيرة ولا يتفرغ للعلم فلن يدرك العلم. وان ادرك امورا ومسائل يسيرة تكون متفرقة ثالثا من اداب طالب العلم التي ينبغي له ان يتصف بها ان يحرص على الحفظ حفظ المتون هو اساس العلم وهو الخزينة عن الحفظ والخزينة التي يتمكن طالب العلم من الاغتراف منها ومن الاخذ منها متى شاء مطالب العلم على قدر حفظه يرتقي في العلم فينبغي ان يحرص على حفظ المتون في حفظ في كل فن من فنون العلم متنا يتعلق بهذا الفن سواء كان الفن من العقيدة او الفقه او اصول الفقه او النحو عن غير ذلك وينبغي لطالب العلم حينما يختار متزا من المتون لحفظه ان يكون هذا المتن فيه ثلاثة اوصاف اولا ان يكون المتن معتمدا عند علماء الفن وثانيا ان يكون المتن محررا بحيث تكون المسائل الموجودة في هذا الفن محررة ومعتمدة المذهب او عند علماء هذا الفن والثالث ان يكون هذا المتن مخدوما بالشروح والحواشي لاجل ان يرجع اليها اذا اشكل عليه عبارة او اشكلت عليه مسألة من المسائل فيرجع الى هذه الشروع والحواشي والتعليقات ومن اداب طالب العلم ان يحرص على التواضع ولين الجانب فلا يستكبر ولا تظهر عليه الخيلاء وان يرى نفسه منزلة فوق منزلته التي انزله الله تعالى لانه قد يوجد من المنتسبين للعلم من يظن انه اذا تعلم شيئا من الاحكام الشرعية انه فاق الناس وانه فوق الناس فيستكبر عليهم وهذا من الخطأ بل الواجب بل الواجب على العالم وعلى طالب علم انه كلما ارتفع في العلم تواضع ومن تواضع لله عز وجل رفعه وحينئذ لا يستكبر ولا يستنكف عن سؤال من دونه ممن يكون عنده علم واحاطة في مسألة من المسائل فقد يكون عند التلميذ في مسألة من المسائل ما ليس عند شيخه فلا يلزم من الفضل العام الفضل الخاص خامسا من اداب طالب العلم ان يحرص على الظبط والمراجعة مع نفسه ومع اخوانه بحيث يستذكر ويراجع ما درسه وما حفظه لان المراجعة سبب لثبات العلم واستقراره في قلبه ومن اداب طالب العلم وهو من اهمها ان يكون عاملا بعلمه فيحرص على العمل بالعلم بان العمل بالعلم هو ثمرة العلم فعلم الى عمل كشجر بلا ثمر بل حينئذ يكون العلم حجة عليه عند الله عز وجل. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم القرآن حجة لك او عليك طالب العلم على العمل بالعلم وطالب العلم اذا عمل بما علم فانه يستفيد فوائد اولا انه اتقى الله عز وجل حيث عمل بهذا العلم ليكون له حجة عند الله تبارك وتعالى وثانيا انه اذا عمل بعلمه ازداد علما فيزيده الله تعالى علما وهدى وتوفيقا قال الله تعالى والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم وقال عز وجل واتقوا الله ويعلمكم الله وثالثا انه اذا عمل بعلمه فانه يحفظ العلم لان العلم اذا لم يعمل به الانسان فانه ينسى ورابعا ان الانسان اذا عمل بالعلم فانه يزداد ثقة عند الناس يكون موثوقا عندهم محبوبا مقبولا فيحتجون باقواله ويرجعون اليه عند السؤال. لانهم يرونه يطبق علمه. تطبيقا عمليا فيزداد ثقة عند الناس وهذا من عاجل بشرى المؤمن ان يكون له قبول عند الناس في الدنيا فهي من للبشرى للمؤمن عند الله عز وجل ومن اداب طالب العلم ايضا ان يحرص على ضبط الاصول والقواعد والضوابط فان المسائل العلمية والفروع الفقهية لا حصر لها وانما تحصر القواعد والضوابط والاصول عليه ان يحرص على ظبط الاصول والقواعد والظوابط. اغتنم القواعد الاصول فمن تفته يحرم وصولا ولهذا قيل من حرم الاصول حرم الوصول ومن الاداب التي ينبغي لطالب العلم ان يحرص عليها ان يحرص على تقييد ما يمر به من الفوائد والمسائل النادرة والا يعتمد في ذلك على حافظته الانسان مهما قويت ذاكرته فانه عرظة للنسيان فاذا مرت به فائدة او قاعدة او مسألة من المسائل الغرائب او مر به نقل من النقول التي يحسن لطالب العلم ان يحفظها وان يعرفها فليقيد لذلك اما كتابة واما اشارة الى موضعه من الموضع الذي مر عليه اثر اثناء قراءتها ومن الاداب والامور التي ينبغي ايضا لطالب علم ان يعتني بها ان يحرص على التركيز في طلب العلم الشرعي وفي المطالعة فليس العلم بكثرة القراءة وليس العلم بكثرة جمع الكتب. ولكن العلم بظبط الاصول والقواعد والظوابط مطالب العلم اذا حرص على امهات المصادر وامهات الكتب وركز عليها تركيزا بحيث انه ينقطع على هذه الكتب وهذه المصادر والمراجعة فانه يستفيد كثيرا بخلاف الذي يشتت ذهنه وعقله في القراءة تارة في هذا الكتاب وتارة في هذا الكتاب. فمثل هذا فمثل هذا في الواقع لا يصح ان يوصف بانه طالب علم وانما يصح ان يوصف بانه مثقف والمثقف هو من يعرف من كل شيء شيئا اسأل الله تعالى ان يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى وان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يجعل ذلك حجة لنا لا علينا وان يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الاحياء من هم الميتين. كما اسأله سبحانه وتعالى ان يوفق ولاة امرنا لما يحب ويرضى. وان يرزقهم بطانة الصالحة الناصحة وان يهيئ لهم من امرهم رشدا انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجا اللزوم التعلم على الجادة المرسومة عند اهل العلم من خير ما يعين على التحصيل. من خير ما يعين على التحصيل