بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فما زلنا في دراسة كتاب الورقات في اصول الفقه للامام الجويني رحمه الله تعالى المعروف بامام الحرمين. وكنا في الدرس الماظي قد تعرفنا على انقسام الكلام الى حقيقة والى مجاز. وعرفنا ان الحقيقة اما حقيقة شرعية كاطلاق الصلاة على الافعال والاقوال المخصوصة المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم وحقيقة عرفية كاطلاق الدابة على ذوات الاربع. وكذلك حقيقة لغوية كاطلاق الصلاة على الدعاء واليوم باذن الله عز وجل نبدأ في الكلام عن المجاز وقد تعرف المؤلف رحمه الله تعالى المجاز كما مر معنا في الدرس الماظي بقوله والمجاز ما استعمل في غير ما اصطلح عليه من المخاطبة. فاذا نظرنا وجدنا ان الناس قد جرى استعماله لكلمة الاسد على الحيوان المفترس. فاذا استعمل الاسد في غير هذا الاستعمال الظاهر والاستعمال الحقيقي فان هذا يعتبر من باب فمثلا اذا قلت رأيت اسدا ينقض على الفريسة فهذا آآ اطلاق الاسد على ايش؟ على آآ على الحقيقة. واذا قلت رأيت اسدا يقاتل في سبيل الله ويضرب بسيفه في اعداء الله فانك تستعمل الاشد في هذا السياق على المعنى المجازي وليس على المعنى الحقيقي. عرف المؤلف المجاز كما مر معنا في الدرس الماضي بقوله والمجاز ما تجوز عن من موضوعه يعني عن موضوعه الاصلي. وهو الشيء الذي وضع له اللفظ والمجاز ايها الاخوة الكرام عدة انواع ذكرها المؤلف المجاز النوع الاول من المجاز هو المجاز بالزيادة وقد مثل له المؤلف رحمه الله تعالى بقوله مثل قوله تعالى ليس كمثله شيء يقولون ان الكاف هنا زائدة معنى الاية ليس مثله ليس مثله شيء وبعض اهل العلم يرون ان الادب مع القرآن يقتضي ان لا نطلق لفظة الزيادة على اي شيء في كتاب الله عز وجل وانما نقول صلة ما نقول زيادة نقول ايش؟ نقول صلة. ليس مثله شيء سبحانه وتعالى فهذه هذا مجاز بالزيادة لان الكاف يؤتى بها في الاصل للتشبيه لكنها زيدت هنا لا لاجل هذا المعنى. لا لاجل هذا المعنى. والنوع الثاني من انواع المجاز هو المجال بالنقصان والمجاز بالنقصان مثل له المؤلف بقوله مثل قوله تعالى واسأل القرية والمراد واسأل اهل القرية فان الذي يسأل ليس هو الجدران والبيوت ما احد يروح يطلع في الشارع يسأل البيوت ويسأل الجدران وانما يتوجه الى اهل القرية فيسألهم ولهذا كان المراد بهذه الاية ايش؟ المراد واسأل اهل القرية. فلهذا سماه المؤلف مجازا بالنقصان النوع الثالث من انواع المجاز هو المجاز بالنقل ومثل له المؤلف رحمه الله بقوله كالغائط فيما يخرج من الانسان ونريد ان نشرح هذا المثال ما معنى كلمة الغائط فيما يخرج من انسان؟ نقول كلمة الغائط اطلاقها في الحقيقة اللغوية تطرق على المكان المنخفض. طيب لما كان المكان المنخفظ هذا يذهب اليه الناس لقضاء الحاجة سمى العرب الخارج من الانسان باسم المكان الذي يقضى فيه فسموا البراز اجلكم الله سموه غائطا. ليش؟ لانه يذهب الى الغائط لاجله فسموه غائطا ولهذا سماه المؤلف قال هو مجاز بالنقل معنى هذا اننا نقلنا هذا اللفظ من المحل الى ما يحل فيه والنوع الرابع من انواع المجاز هو المجاز بالاستعارة ومثل له المؤلف بقوله كقوله تعالى جدارا يريد ان ينقض الارادة من اوصاف الانسان من اوصاف الحي وليست من اوصاف الجمادات فاستعار فاستعيرت الارادة هذي من الانسان واعرناها لمن؟ للجدار من باب التشبيه فقيل ان الجدار يريد ان ينقض وقد استعيرت له هذه الصفة من صفات الانسان وليست من صفاته والمراد بقولنا جدارا يريد ان ينقض. يعني جدارا قد ما اذا المجاز عندنا مجاز بالزيادة وعرفناه ومجاز بالنقصان وعرفناه ومجاز بالنقل وعرفنا ايضا معنى ومجاز بالاستعارة. تلخص من هذا ان الكلام ينقسم الى حقيقة وهو ما استعمل في موظوعه الاصلي وذكر له والمؤلف رحمه الله تعريفا اخر فقال هو ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة وذكر ان الحقيقة شرعية عرفية ولغوية. ثم النوع الثاني من انواع الكلام وهو المجاز. وهو اما بزيادة كقوله تعالى ليس كمثله شيء او بنقصان واسأل القرية والاصل المراد واسأل اهل القرية او مجاز بالنقل كما ذكر المؤلف كالغائط الذي نقل من المكان المنخفظ الى اطلاقه على ايش؟ على الخارج والرابع المجاز بالاستعارة كاستعارة الارادة من الانسان واطلاقها على الجدار في قوله تعالى جدارا يريد ان ينقض. ننتقل الان الى موضوع اخر وهو موضوع الامر وهو من مواضيع علم اصول الفقه المهمة يعني الكلام السابق في حقيقة الكلام وتقسيم الكلام هذا كلام ليس من صلب اصول الفقه وانما اوتي به كنوع من المقدمات واما الكلام عن الامر والكلام عن النهي فهذا من صلب الصلب في علم اصول الفقه وقد بدأ المؤلف رحمه الله تعالى الكلام عن الامر بتعريف الامر فعرفه بقوله هو استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب وما معنى استدعاء الفعل بالقول الاستدعاء هو الطلب الاستدعاء هو طلب فمعنى استدعاء الفعل بالقول يعني طلب الفعل بالقول فاذا قلت لشخص قم فانت تطلب منه فعلا وهو القيام كيف طلبت منه هذا الفعل؟ هل كان طلبك بالاشارة او بالكتابة او اي طريق؟ نقول كان طلبك له بالقول بقولك قم وكذلك اذا قلت للشخص اجلس او قلت له صلي او اقم الصلاة او ات الزكاة فكل هذه اوامر لانها تتضمن طلب الفعل طلب الفعل بايش بالقول وهذا هو الاصل الامر حقيقة الامر انه يكون بايش؟ بالقول ولكن قد تقوم الكتابة مقامه. والا فالاصل انه يكون بالقول ننتقل بعد ذلك الى قيد اخر في الامر وهو قول المؤلف رحمه الله ممن هو دونه. فان الامر او فان طلب الفعل فان طلب بالفعل قد يكون من شخص الى من هو دونه. وقد يكون من شخص بمن هو فوقه. وقد يكون من شخص لمن يساويه. تقول مثلا لزميلك ده اعطني قلما. فهذا التماس منه ان يتكرم عليك باعطائك القلب. ولا يسمى هذا امرا كان بصيغة فعل الامر اذا هذا بالنسبة للمساوي. طيب اذا كان من ادنى الاظعف الى الاعلى والاقوى فان هذا يسمى دعاء فان العبد الضعيف المسكين يقول لربه وهو يرفع يديه الى السماء اغفر لي يا رب فقوله اغفر لي هو دعاء ولا يسمى امرا وان كان بصيغة فعل الامر. ولكن اذا قال الله عز وجل لعباده اقيموا الصلاة اتوا الزكاة فان هذا امر لمن هو دونه لمن هم دونه وهم العباد. فيكون هذا هو الامر بالمعنى الشرعي وكل امر صادر من الشارع سواء كان في الكتاب او في السنة الى العباد ليمتثلوه هذا ينطبق عليه هذا المعنى. ثم قال المؤلف رحمه الله تبين مسألة وهي كون الامر مفيدا للوجوب. فقال ممن هو دونه على سبيل الوجوب وهذا يعني اشارة الى مسألة من مسائل اصول الفقه وهي هل الامر او هل المندوب مأمور به حقيقة او لا؟ وهذه مسألة مذكورة في مطولات علم الاصول ولا نريد ان نفصل فيها لكن اكثر الاصولية يقولون ان المندوب يعني الشيء المستحب هو مأمور به. يقال انه مأمور به. وان كان هذا الامر ليس امر وجوب. ولهذا قوله رحمه الله على سبيل الوجوب هذا هو الاصل في الامر والا فاذا صدر الامر لا على سبيل الوجوب فان هذا لا ينفي عنه كون لا ينفي كونه امرا طيب ننتقل الى صيغة الامر. ما هي صيغة الامر قال المؤلف صيغته افعل. وافعل هذه ليس المراد بها فقط هذه الصيغة لا ما كان على نمطها وما كان على وزنها وما كان على آآ شاكلتها فتقول مثلا قم اقعد اذهب قال الله عز وجل اقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل. اذا هذه صيغة امر وامثلتها في الكتاب والسنة كثيرة اقيموا الصلاة اتوا الزكاة اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم الى غير ذلك من الايات في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم طيب على ماذا يدل الامر؟ هل الاصل في الامر انه يدل على الوجوب او على الاستحباب؟ نقول الامر اما ان يرد متجردا عن القرائن فيدل حينئذ بنفسه على ايش؟ على الوجوب واحد. حينما نقول يدل بنفسه يعني اذا لم تأتي ادلة اخرى تبين دلالته على وجه من الاوجه فاننا نحمله على الوجوب. اما اذا جاءت ادلة اخرى تدلنا على معناه انه يراد به الاستحباب او يراد به الاباحة نعمل بهذه الادلة وهذه قاعدة دائما في اصول الفقه. شوف كل مسألة في اصول الفقه الاصل انك اذا وجدت ادلة تدل دلالة صريحة على الامر خلاص ما تحتاج ان تقول والله هذا الامر لازم نحمله على الوجوب لا اذا جاءت الادلة تدل على الاستحباب خلاص انتهى الامر لكن اذا تجرد عن القرائن ولم تأتي ادلة اخرى تدل على معناه فاننا نقول الاصل في الامر انه يدل على ايش؟ انه يدل على وجوب فقول الله عز وجل اقيموا الصلاة نقول ما حكم الصلاة؟ نقول مستحبة نقول لا الصلاة واجبة. واما اذا جاءت ادلة اخرى بينوا معناه فانه يحمل على ما دلت عليه تلك الادلة مثلا قد يأتي الدليل ويدل على كونه مستحب او مباح او غير ذلك من دلالات الامر. هذا ما يتعلق بدرس اليوم وان شاء الله في الدرس القادم نواصل الكلام عن هذه المباحث الله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين