بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد. وعلى آله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فاذا قيل لك ما الاصول ما الاصول الثلاثة التي يجب على الانسان معرفتها فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فان قيل لك من ربك فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته. وهو معبودي ليس لي معبود سواه والدليل قوله تعالى الحمد لله رب العالمين. وكل ما سوى الله عالم وانا واحد من ذلك العالم فان قيل لك بم عرفت فان قيل لك بما عرفت ربك؟ فقل باياته ومخلوقاته ومن اياته الليل والنهار سوى القمر ومن مخلوقاته السماوات السبع والارضون السبع. وما بينهما. والدليل قوله تعالى ومن اياته الليل النهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر. واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم اياه تعبدون وقوله تعالى ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام. ثم استوى على العرش يغشي الليل الى النهار يطلبه حثيثا. والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره. الا لهم الخلق والامر. تبارك الله العالمين والرب هو المعبود. والدليل قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذي من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا واتباه بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا الحمد لله اندادا وانتم تعلمون. قال ابن كثير رحمه الله تعالى الخالق لهذه الاشياء هو المستحق للعبادة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذا ابتداء من المصنف رحمه الله تعالى ببيان المقصود من تأليف هذه الرسالة وما قبله من المهمات التي هي موطئات لهذا المقصود من بيان الواجبات الاربع ثم الواجبات الثلاثة ثم ما يتصل بذلك هذه الرسالة صنفت لبيان الاصول الثلاثة الا وهي مسائل القبر من ربك وما دينك؟ ومن نبيك والجواب عليها لهذه الرسالة بل ان هذه الرسالة من هذا الموضع الى اخرها جواب على هذه الاسئلة الثلاث فمن كان عالما بما في هذه الرسالة من بيان تلك الاصول العظام كان حريا ان يثبت عند السؤال ذلك لانها قرنت بادلتها وقد جاء في الحديث الذي في الصحيح ان من المسؤولين في القبر من يقول ها ها لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته استدل العلماء قولي هذا المفتون في قبره سمعت الناس يقولون شيئا فقلته على ان التقليد لا يصلح في جواب هذه المسائل الثلاث جواب من ربك يعني من معبودك ثواب ما دينك؟ جواب من نبيك ولهذا يذكر الشيخ الامام رحمه الله تعالى بعد كل مسألة مما سيأتي يذكر الدليل من القرآن وقد بينا لاول هذا شرح شرح ان المؤمن يخرج من التقليد ويكون مستدلا لما يعلمه ويعتقده من هذه المسائل بالحق اذا علم الدليل عليها مرة في عمره ثم اعتقد ما دل عليه الدليل فان استقام على ذلك حتى مماته حتى موته فانه يكون مؤمنا يعني مات على الايمان لان استمرار استحضار الدليل والاستدلال لا يشترط لكن الذي هو واجب ان يكون العبد في معرفته للحق في جواب هذه المسائل الثلاث ان يكون عن دليل واستدلال ولو لمرة في عمره ولهذا يعلم الصغار والاطفال عندنا رسالة الاصول الثلاثة الاخرى التي فيها جواب ايضا مع بعض الاستدلال باقصر مما هنا يعلمون جواب هذه المسائل الثلاث حتى اذا بلغ الغلام او الجارية اذا هو قد عرف عن دليل واستدلال قال رحمه الله تعالى فاذا قيل لك ما الاصول الثلاثة التي يجب على الانسان معرفتها فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم معرفة العبد ربه يعني معرفة العبد معبوده لان الربوبية في هذا المقام يراد بها العبودية لما؟ لان الابتلاء بالانبياء والمرسلين لم يقع في معاني الربوبية الم تر ان ان الله جل وعلا قال قل من يرزقكم من السماء والارض امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر هذه مقتضيات الربوبية فسيقولون الله المشركون في كل زمان لم يكونوا ينازعون بتوحد الله جل وعلا في ربوبيته ولهذا فسر العلماء سؤال القبر من ربك بمن معبودك لما؟ لان الابتلاء لم يقع في الربوبية وقد سئل الشيخ الامام رحمه الله تعالى عن الفرق بين الربوبية والالوهية في بعض النصوص باحد الاسئلة التي وجهت اليه فكان من جوابه ان قال هذه مسألة عظيمة وذلك ان الربوبية اذا اطلقت او اذا افردت فانه يدخل فيها الالوهية لان الربوبية تستلزم الالوهية وتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الالهية والالوهية تتضمن الربوبية لان الموحد لله جل وعلا في الوهيته هو ضمنا مقر بان الله جل وعلا واحد في ربوبيته ومن ايقن بان الله جل وعلا واحد في ربوبيته استلزم ذلك تلزم ذلك ان يكون مقرا لان الله جل وعلا واحد في استحقاقه العبادة ولهذا تجد في القرآن اكثر الايات فيها الزام المشركين بما اقروا به الا وهو توحيد الربوبية على ما انكروه الا وهو توحيد الالهية من مثل قول الله جل وعلا في سورة الزمر ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله. هذا توحيد الربوبية قال بعدها قل افرأيتم ما تدعون من دون الله ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات ضره او ارادني برحمة هل هن ممسكات رحمته؟ قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون قال قل افرأيتم والفاء هنا رتبت ما بعدها على ما قبلها وما قبلها هو توحيد الربوبية وما بعدها هو توحيد الالهية. ولهذا في القرآن يكثر ان يحتج على المشركين باقرارهم بتوحيد الربوبية على ما انكروه الا وهو توحيد الالهية لهذا قال جل وعلا ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين اربابا ايأمركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون المعنى هنا باربابا اي معبودين. وكذلك قوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون يعني معبودين لان عدي ابن حاتم لما قال للنبي عليه الصلاة والسلام انا لم نعبدهم ففهم من معنى الربوبية في الاية معنى العبادة وهذا هو الذي يفهمه من يعرف اللسان العربي قال النبي عليه الصلاة والسلام كما هو معروف الم يحل لكم الحرام فاحللتموه الم يحرم عليكم الحلال فحرمتموه؟ قال بلى قال فتلك عبادتهم. اذا الربوبية تطلق ويراد منها العبودية في بعض المواضع تارة بالاستلزام وتارة بالقصد وبعض علمائنا قال ان لفظ الالوهية والربوبية يمكن ان يدخل في الالفاظ التي يقال انها اذا اجتمعت تفرقت واذا تفرقت اجتمعت وهذا وجيه قال الشيخ رحمه الله تعالى هنا فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم والمعرفة ترادف العلم بحق المخلوق لاكثر المواظع اما في حق في حق الله جل وعلا فان الله جل وعلا يوصف بالعلم ولا يوصف بالمعرفة وذلك لان العلم قد لا يسبقه جهل بينما المعرفة يسبقها جهل عرف الشيء بعد ان كان جاهلا به لكن العلم قد لا يسبقه جهل به ولهذا يوصف الله جل وعلا بالعلم ولا يوصف المعرفة ايضا يقال ان التعبير بالعلم اوجه للمواضع التي يحتاج فيها الى التعبير بالمعرفة وذلك لان المعرفة اكثر ما جاءت في القرآن مذموما لانه يتبع المعرفة الانكار. اما العلم فاوتي به في القرآن ممدوحا قال جل وعلا الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم الذين خسروا انفسهم فهم لا يؤمنون فهنا وصفهم بالمعرفة ثم بين ان معرفتهم تلك لم تنفعهم وقال جل وعلا يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها لكن العلم اثني عليه في القرآن واما المعرفة وربما بل اكثر المواضع فيها نوع ذم لها لكن هذا ليس على اطلاقه لانه قد جاء في صحيح مسلم ابن الحجاج رحمه الله تعالى بعض طرق حديث ابن عباس الذي فيه ارسال معاذ الى اليمن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له فليكن اول ما تدعوهم اليه الى ان يعرفوا الله فانهم عرفوا الله فاخبرهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات الى اخره وصار في المعرفة هنا بمعنى العلم بالتوحيد كما في الروايات الاخرى. لكن التعبير بالمعرفة كما استعمله الشيخ رحمه الله تعالى هنا صحيح و اكثر وذلك لانه قد ورد الاستعمال به وان كان اكثر ما جاء استعمال لفظ المعرفة في كونه مذموما قال هنا معرفة العبد ربه يعني معبودة معرفة العبد دينه معرفة العبد نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم هذه الاصول الثلاثة هي التي سيأتي تفصيلها والجواب عليها ثم بدأ يشرح رحمه الله تعالى ويفصل معرفة العبد ربه عن طريق السؤال والجواب لان هذا اوقع في النفس واقرب الى التعليم ان قيل لك من ربك فقل ربي الله. الذي رباني وربى جميع العالمين نعمته لفظ الربوبية فيه معنى التربية رباه تربية و معنى التربية تدريج المربى لمصاعد الكمال كل كمال بحسبه واعظم انواع التربية التي ربى بها الله جل وعلا الناس ان بعث لهم الرسل يعلمونهم ويرشدونهم ما يقربهم الى الله جل وعلا. وهذه هي اعظم نعمة قال جل وعلا قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. فاعظم النعمة ارسال الرسل ولهذا كان من انواع التربية التي ربى الله جل وعلا بها العالمين ربى الله جل وعلا بها الناس ان بعث لهم رسلا يبشرون وينذرون وهناك انواع كثيرة من التربية تربية الاجسام تربية الغرائز تربية الفكر تربية العقل كل هذا قد من الله جل وعلا على ابن ادم به. وكذلك اذا نظرت ومن غير ان يطرد به عرف هذا يسمى عبادة يفسر ذلك تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى للعبادة باول كتابه او رسالته العبودية حيث قال ان العبادة اسم جامع الى اوسع من ذلك من خلق الله جل وعلا الواسع والعالمون الذين هم كل ما سوى الله جل وعلا فتجد ان معاني الربوبية والتربية بالنعم والتربية في تدريجها في مدارج الكمال بما يناسبها. والله جل وعلا اعلم بما يصلح وربك يخلق ما يشاء ويختار. وجدت ان معاني الربوبية بهذا المعنى الذي هو التربية ظاهر جدا ايضا الربوبية لها معنى اخر وهو الذي سلف من لما نقول من معنى توحيد الربوبية يعني اعتقاد ان الله جل وعلا هو الخالق لهذا الخلق وحده وهو الرزاق وحده وهو الذي يدبر الامر وهو القاهر وهو ذو الملك الى اخر معاني الربوبية قال جل وعلا الحمد لله رب العالمين تدل الشيخ بهذه الاية الحمد لله رب العالمين معنى الحمد كل حمد لان الالف واللام هنا للاستغراء لاستغراق انواع الحمد فكل حمد موجود او وجد او يوجد والحمد معناه الثناء بصفات الكمال فهذا الحمد وهو الثناء بصفات الكمال لله واللام هنا للاستحقاق يعني مستحقا لله جل وعلا الحمد لله كل انواع الحمد وجميع انواع المحامد مستحقة لله لان اللام هنا لام الاستحقاق الاستحقاق اللام تارة تكون للملك وهذا اذا كان ما قبلها من الاعيان. وتارة تكون للاستحقاق. وهي اذا كان ما قبلها من المعاني اذا قلت الدار لفلان الدارعين فتكون اللام لفلان يعني ملك اذا كان ما قبل اللام معنى صارت اللام للاستحقاق تقول الفخر لفلان يعني الفخر مستحق يستحقه فلان الحمد لله الحمد معنى لهذا صارت اللام بعده للاستحقاق فكل حمد مستحق لله الاله الذي لا يعبد بحق الا هو هذا الاله نعته انه رب العالمين رب العالمين والعالمين جمع عالم والعالم اسم لاجناس ما يعلم. وهو كل ما سوى الله جل وعلا كما قال الشيخ رحمه الله تعالى وكل من سوى الله عالم وانا واحد من ذلك العالم عالم الانسان عالم الطير عالم النبات عالم الملائكة عالم الجن عالم السماوات عالم الاراضين عالم الماء الى اخي كل ما سوى الله جل وعلا عالم وانا واحد من ذلك العالم والعالمون جمع عالم. والعالم كل ما سوى الله جل وعلا من الاجناس المختلفة اذا ما دام انك واحد من ذلك العالم فاول من يخاطب بهذه الاية المؤمن الحمد لله رب العالمين يستيقن المؤمن بتلاوته لهذه الاية ربوبية الله جل وعلا له واستحقاقه للحمد واستحقاقه جل وعلا لكل ثناء ولكل وصف بالكمالات ثم قال رحمه الله فاذا قيل لك بما عرفت ربك الربوبية تحتاج الى معرفة يحتاج الى علم وهذا العلم جاء في القرآن الدلالة عليه قال جل وعلا قل انظروا ماذا في السماوات والارض وقال جل وعلا اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شيء الدعوة الى النظر في الملكوت في القرآن بما استدل على على الله جل وعلا على ربوبيته قال الشيخ هنا فاذا قيل لك بما عرفت ربك فقل باياته ومخلوقاته ومن اياته الشمس والقمر والليل والنهار ومن مخلوقاته السماوات والارض لا شك ان الليل والنهار والشمس والقمر من ايات الله كما قال جل وعلا ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر وكذلك السماوات والارض هي ايات لله جل وعلا كما قال ابو العتاهية بشعره السائر وفي كل شيء له اية تدل على انه الواحد والشيخ رحمه الله ها هنا فرق بين الايات والمخلوقات مع ان في القرآن ما يثبت ان السماوات والارض من الايات فلم فرط الجواب ان تفريق الشيخ رحمه الله تعالى بينهما دقيق جدا وذلك ان الايات جمع اية والاية هي البينة الواضحة الدالة على المراد البينة الواضحة الدالة على المراد ان في ذلك لاية وما كان اكثرهم مؤمنين. يعني الدلالة بينة واضحة على المراد منها ان في ذلك لايات للمتوسمين يعني لدلالات واظحة بينات على المراد منها وهنا ننظر الى انه بالنسبة لمن سئل هذا السؤال كون الليل والنهار هو الشمس والقمر اية اظهر منه عند هذا المسؤول او المجيب من السماوات والارض لم لان تلكم الاشياء التي وصفت بانها ايات متغيرة متقلبة تذهب وتجيء اما السماء فهو يصبح ويرى السماء ويصبح ويرى الارض فالفه للسماء ولا الارض يحجب عنه كون هذه ايات لكن الاشياء المتغيرة التي تذهب وتجيء هذه اظهر في كونها اية ولهذا ابراهيم الخليل عليه السلام طلب الاستدلال بالمتغيرات قال جل وعلا وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما افل قال لا احب العافرين لما؟ لانه استدل بهذه الحركة على الحدود تدلى لهذا التنقل على انه اية لغيره فلما رأى القمر بازغا تدل بالقمر. فلما رأى الشمس باذغة تدل بالشمس لانها متغيرات اما السماوات والارض فهي ايات لكنها في الواقع عند الناظر ليست مما يدل دلالة ظاهرة واضحة على المراد عند مثل المسؤول هذا السؤال. مع كونها عند ذوي الفهم وذوي الالباب العالية انها ايات كما وصفها الله وجل وعلا في كتابه فالشمس والقمر والليل والنهار متغيرات تقبل وتذهب فهي ايات ودلالات على الربوبية. وان هذه الاشياء لا يمكن ان تأتي بنفسها لكن السماء ثابتة الارض ثابتة ينظر الى هذه وهذه وتلك متغيرات والتغير يثير السؤال لم ذهب ولم جاء لما اتى الليل ولما اتى النهار؟ لما زاد الليل ولما نقص النهار وهكذا؟ فهي في الدلالة اكثر من دلالة المخلوقات مع ان في الجميع دليلا ودلالة لهذا قال فاذا قيل لك بما عرفت ربك قل باياته ومخلوقاته فالايات تدل على معرفة الله والعلم بالله وكذلك المخلوق قال تدل على العلم بالله والمعرفة بالله لكن ما سماه ايات اخص مما سماه مخلوقات. وهذا جواب اعتراض. قد اعترض به بعضهم على الشيخ رحمه الله تعالى في تفريقه بين الايات والمخلوقات تفريقه رعاية لحال من يعلم هذه الاصول تفريق دقيق مناسب رحمه الله تعالى الدليل قوله تعالى ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر يعني مما يدل عليه دلالة واضحة ظاهرة بينة جلية الليل والنهار والشمس والقمر فان المتأمل اذا تأمل الليل والنهار ووجد هذا يدخل في هذا وذاك يدخل في ذاك وهذا يطول وذاك يقصر علم ان الليل من حيث كونه ليلا والنهار من حيث كونه نهارا انها اشياء لا يمكن ان تأتي بنفسها بل هي مفعول بها ظاهر الليل ما هو الليل ما هو ذهاب الضوء والنهار ما هو؟ مجيء مجيء الضوء الشمس اتت بضيائها فصار نهارا القمر لما ذهبت الشمس اتى القمر فصار ليل هذا لا شك يدل على ان هذه الاشياء مفعول بها واذا كانت مفعولا بها فمن الذي فعلها هذا السؤال؟ الجواب عليه سهل ميسور اكثر الناظرين بل لكل ناظر الا وهو ان هذه تدل على انها محدثة ولابد لها من محدث وان محدثها هو الذي خلقها وسيرها على هذا النحو الدقيق العجيب وهو رب العالمين. لهذا قال في الاية الاخرى اية الاعراف ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا يعني يجعل انه يغشي الليل يجعل الليل غشا للنهار يطلبه هذا يذهب وهذا يطلب الاخر يزيد مرة يأخذ الليل من النهار يزيد جذبا ويطلبه طلبا حاثا ومرة النهار يأخذ ويطلب من الليل طلبا حاثا اليغشي من المغشي؟ والمغشي هو الله جل وعلا. يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا. والشمس والقمر والنجوم بامره الا له الخلق والامر؟ تبارك الله رب العالمين فذكر الربوبية للعالمين بعد ذكر هذه الاصناف من الايات والمخلوقات ثم ذكر ان معنى الربوبية هو العبادة والدليل قوله جل وعلا يا ايها الناس اعبدوا ربكم وهذه الاية بها امر وهو اول امر في القرآن اول امر في القرآن الامر بعبادة الله قالوا اعبدوا ربكم اعبدوا ربكم الرب وقعت عليه العبادة ان مفعول به اعبدوا ربكم العابد هم الناس والمعبود هو الرب اليس كذلك فتلخص ان الرب هو هو المعبود لانه قال اعبدوا ربكم الرب مفعول به ما الذي فعل العبادة فصار معبودا ولهذا ساق عن ابن كثير رحمه الله تعالى ان من فعل هذه الاشياء هو المستحق للعبادة ان رب يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا والسماع بناء الى اخر الاية. قال ابن كثير الذي فعل هذه الاشياء هو المستحق للعبادة. لهذا جاء ما بعدها ما بعد الامر امر بالعبادة من قوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم وهو قوله الذي خلقكم جاء تعليلا لما سبق لما كان مستحقا للعبادة قال يا ايها الناس اعبدوا ربكم كأن سائلا سأل لم كان مستحقا للعبادة لما امرنا بان نعبده قال الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء الى اخره. فهذه الاشياء من معاني ربوبيته وقد ذكرنا من قبل ان الربوبية تستلزم الالوهية. ولهذا صارت الربوبية هنا في قوله اعبدوا ربكم هي العبودية والرب هو المعبود والفاعل لتلك الاشياء هو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه لانه هو وحده الذي وهو وحده الذي رزق وهو وحده الذي جعل الارض فراشا وهو وحده الذي جعل السماء بناء وهو وحده الذي انزل من السماء ماء جميعا لم يعملوا شيئا من ذلك فالمستحق للعبادة هو الذي فعل وخلق وصنع وبرأ وصور ابدع تلك الاشياء نعم نعم نعم نعم هذا اللي كما هو متكرر الاخ يسأل سؤال وجيه وهو انه جاء في حديث ابن عباس تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة فهنا يقول الاخ وصف الله لانه بانه ذو معرفة وانه يعرف وهذا فيه نظر لانه المتقرر في القواعد في الاسماء والصفات ان باب الافعال اوسع او من باب والصفات وباب الصفات اوسع من باب الاسماء وباب الاخبار اوسع من باب الافعال وباب الصفات وباب الاسماء فقد يطلق ويضاف الى الله جل وعلا فعل ولا يضاف اليها الصفة كما انه قد يوصف الله جل وعلا بشيء ولا يشتق له من الصفة من الصفة اسما ولهذا يدخل في هذا كثير مما جاء. مثل صفة صفة مثل ما وصف الله جل وعلا به نفسه في قوله ويمكرون ويمكر الله يستهزئون الله يستهزئ بهم ان الله لا يمل حتى تملوا ونحو ذلك مما جاء مقيدا بالفعل ولم يذكر صفة بالاسم فهذا يقال فيه انه يطلق مقيدا يمكن ان يحمل عليه حديث ابن عباس هذا تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة نقول ان الله جل وعلا يعرف في الشدة من تعرف الرخاء على نحو تلك القاعدة كما يقال ان الله جل وعلا يمكر بمن مكر به يستهزئ بمن استهزأ به يخادع ومن خادعك ولا يقال ان الله جل وعلا ذو مكر وذو استهزاء وذو مخادعة هكذا مطلقا بالصفة. وانما كما هي القاعدة ان باب الافعال اوسع من باب الصفات الاخ يسأل يقول ما الفرق بين الحمد والشكر هناك فروق كثيرة بين الحمد والشكر لكن الذي يضبطها ان الحمد هو الثناء باللسان والثناء على كل جميل واما الشكر فمورده اللسان والعمل فلا يقال مثلا فلان حمد حمد الله جل وعلا بفعله. بل لابد ان يكون الحمد باللسان لكن الشكر يمكن ان يكون باللسان ويمكن ان يكون بالعمل قال جل وعلا ان اشكر لي ولوالديك وقال جل وعلا اعملوا آل داوود شكرا فمن حيث المورد الشكر اعم من الحمد لانه يشمل حمد النساء الثناء والمدح باللسان وبالعمل والحمد اخص لانه لا يكون الا باللسان ومن حيث ما يحمد عليه او ما يثنى عليه وما يمدح فان الحمد اعم فهذا من الاشياء التي يقول فيها العلماء ان بينهما عموم وخصوص يجتمعان في شيء ويفترقان في نعم وانواع العبادة التي امر الله بها مثل الاسلام والايمان والاحسان ومنه الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والانابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من العبادة التي امر الله بها كلها لله. والدليل قوله تعالى وان المساجد لله لا تدعو مع الله احدا فمن طرف منها شيئا لغير الله فهو مصلح كافر. والدليل قوله تعالى ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان كان له به فان باحسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون وفي الحديث الدعاء مخ العبادة والدليل قوله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم دافئين لما تقرر ان الرب هو المعبود كان من المناسب ان تذكر انواع العبادة التي يعبد الله جل وعلا بها والتي يجب افراد الله جل وعلا بها والعبادة عرفت بعدة تعريفات فمنها انها عرفت بان العبادة هي كل ما امر به من غير اقتضاء عقلي ولا اضطراد عرفي وهذا هو تعريف الاصوليين بكتبهم ومعنى ذلك ان الشيء الذي امر به من غير ان يقتضي العقل المجرد الامر به لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة وهذا التعريف مناسب لانه ايسر في الفهم اولا والثاني انه قريب قريب المأخذ من النصوص فقال ان العبادة اسم جامع ليجمعوا اشياء كثيرة جامع لاي شيء لكل ما يحبه الله ويرضاه كيف نصل الى ان هذا العمل او القول يحبه الله ويرضاه لابد ان يكون مأمورا به او مخبرا عنه بان الله جل وعلا يحبه ويرضاه انواعها قال من الاقوال والاعمال فهناك قول وعمل فاذا العبادات تنقسم الى عبادات قولية وعبادات عملية ليس ثم قسم ثالث اما ان تكون العبادة قولية واما ان تكون عملية قال الظاهرة والباطنة قد يكون القول ظاهرا وقد يكون باطنا وقد يكون العمل ظاهرا وقد يكون باطنا فتحصل ان انواع العبادات هي الاقوال والاعمال التي يحبها الله ويرضاها والقول قد يكون باللسان وقد يكون بالجنان قول اللسان انواع كثيرة من ما امر الله جل وعلا به مثل الذكر والتلاوة كلمة المعروف ونحو ذلك هذي كلها من انواع العبادات اللسانية قول القلب قول القلب هو نيته قصده التبثت النية على قوم اي كانوا يتلفظون بها نعم النية قول لكنها قول القلب اذا قصد القلب وتوجه الى شيء كان قائلا به ليس متكلما لان الكلام من صفات صفات اللسان كلام ظاهر اما القول قد يكون ظاهرا وقد يكون باطنا العمل عمل القلب وعمل الجوارح وهذه الانواع التي ذكرها الشيخ رحمه الله تعالى ممثلا بعضها من الاقوال والاعمال بعضها ظاهر وبعضها باطن بعضها لساني وبعضها قلبي وبعضها عمل قلبي وبعضها من عمل الجواد فمثلا الاخلاص هذا عمل القلب التوكل عمل القلب لا يصلح الاخلاص الا لله جل وعلا اخلاص العبادة. اخلاص الدين الا لله جل وعلا. كما قال تعالى تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم انا انزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين الا لله الدين الخالص قل الله اعبد مخلصا له ديني توكل كذلك من اعمال القلب التي ليست الا لله الخوف من اعمال القلب التي ليست الا لله يعني خوف العبادة خوف السر سيأتي ايضاحوه ان شاء الله في موضعنا الرغبة الرهبة الانابة الخضوع الذل ذل العبادة خضوع العبادة الى اخره وسيأتي تفصيلها ان شاء الله تعالى هذه كلها من اعمال القلب. هي داخلة في انواع العبادة الاعمال الظاهرة مثل الاستغاثة الاستغاثة طلب الغو طلب الغوث طلب ظاهر مثل الاستعانة طلب العون هذي من الاعمال الظاهرة ذبح واضح انه عمل جوارح. النذر واضح انه قول اللسان وعمل الجوارح ونحو ذلك فاذا هذه العبادات التي مثل بها اراد ان يشمل تمثيله اقسام العبادات القولية والعملية الظاهرة والباطنة يجمعها جميعا انها عبادات والعبادة لا تصلح الا لله جل وعلا. العبادات الظاهرة او الباطنة القلبية او اللسانية. الجوارح القلبية او اللسانية او التي موردها الجوارح فهي لا تصلح الا لله. فمن صرف شيئا منها لغير الله فقد توجه بالعبادة لغير الله منافيا لما قال الله جل وعلا يا ايها الناس اعبدوا ربكم ومنافيا لاقراره بان معبوده هو الله جل وعلا اذا اقر العبد بان قوله من ربك؟ يعني من معبوده وان الله جل وعلا قال يا ايها الناس اعبدوا ربكم يعني وحده دون ما سواه فانه اذا توجه بشيء من هذه الانواع لغير الله جل وعلا كان متوجها بالعبادة لغير الله وذلك هو الشرك الدليل قوله تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احد وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا فلا تدعو الدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث الذي استدل به الشيخ وهو قوله عليه الصلاة والسلام الدعاء مخ العبادة وهو حديث انس بن مالك واسناده فيه ضعف لكن معناه هو معنى الحديث الصحيح حديث النعمان ابن بشير الذي رواه ابو داوود والترمذي وجماعه وهو قوله عليه الصلاة والسلام الدعاء هو العبادة هو العبادة يعني مخ العبادة لان الدعاء هو العبادة بمنزلة قول النبي صلى الله عليه وسلم الحج عرفة قال تعالى وان المساجد لله الا تدعوا مع الله احدا لا تدعو يعني كما ذكرت لكم من قبل لا دعاء مسألة ولا دعاء عبادة فلا تدعو مع الله احدا يعني لا تعبدوا مع الله احدا وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا هذا نهي ان يدعو الناس احدا مع الله جل وعلا يعني ان يعبدوا احدا مع الله جل وعلا. واذا كان الدعاء هنا بمعنى دعاء المسألة فيكون معنى الاية وان المساجد لله فلا تسألوا سؤال عبادة مع الله احدا. لا تطلبوا طلب عبادة مع الله احدا واللفظ دع تدعو يشمل دعاء العبادة دعاء المسألة. فهذه الاية دليل على وجوب افراد الله جل وعلا بالعبادة. فان قال قائل لك حين الاستدلال بها ان الدعاء هنا دعاء المسألة و غيره من أنواع العبادة التي تزعمون من الذبح والنذر ومن الاستغاثة الاستعاذة ونحو ذلك انها لا تدخل في النهي في هذه الاية فيكون جوابك ان الدعاء في القرآن جاء بمعنيين جاء ويراد به العبادة وجاء ويراد به المسألة فمثلا في قوله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي ظاهر ان الدعاء المراد به العبادة لانه قال ان الذين يستكبرون عن عبادتي فيدخلون جهنم داخرين. وكذلك في قوله تعالى مخبرا عن قول ابراهيم عليه السلام واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعو ربي عسى ان لا اكون بدعاء ربي تقيا. قال جل وعلا بعد ذلك فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله ففي الاية الاولى اخبر عن ابراهيم انه قال واعتزلكم وما تدعون ثم قال جل وعلا فلما اعتزلهم وما يعبدون فدل على ان ابراهيم عليه السلام حين قال واعتزلكم وما تدعون اي وما تعبدون لان الله جل وعلا قال بعدها فلما اعتزلهم وما يعبدون وهذا من الادلة الظاهرة ان الاية هذه تشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة. وقد اورد على ائمتنا رحمهم الله تعالى حين قرروا التوحيد في مقالهم وفي كتبهم ان هذه الاية انما هي دليل للمسألة واما غيرها مما تدعون انه عبادة وان هذه الاية فيها نهي عنه كالذبح والنذر ونحو ذلك انه لا يدخل في الاية فكان الجواب ان الدعاء نوعان دعاء عبادة ودعاء مسألة وهذا يأتي بالقرآن وذاك ياتي بالقرآن والاية تشمل النوعين لان الدعاء اذا كان في القرآن يأتي تارات لهذا وتارات لهذا فتحديده في هذه الاية باحد النوعين ونفي النوع الاخر هذا نوع تحكم وهو ممتنع نقف عند هذا القدر نكمل ان شاء الله تعالى غدا اسأل الله جل وعلا ان ينفعني واياكم. هذا سؤال بالمناسبة قال هل يصح ان يقال توكلت على الله ثم عليك توكلت على الله ثم عليك؟ والجواب ان هذا لا يصلح لان الامام احمد وغيره من الائمة صرحوا بان التوكل عمل القلب ما معنى التوكل؟ هو تفويض الامر الى الله جل وعلا بعد بذل السبب اذا بذل السبب فوض العبد امره الى الله فصار مجموع بذله للسبب وتفويضه امره لله مجموعها التوكل ومعلوم ان هذا عمل القلب كما قال الامام احمد. ولهذا سئل الشيخ محمد بن ابراهيم مفتي الديار السعودية السابق رحمه الله تعالى عن هذه العبارة فقال لا تصح لان التوكل عمل القلب. لا يقبل ان يقال به ثم توكلت على الله ثم عليك انما اللي يقال فيه ثم ما يسوغ ان ينسب للبشر بعض اهل العلم واقتنا قالوا ان هذه العبارة لا بأس بها توكلت على الله ثم عليك ولا ينظر فيها الى اصل معناها وما يكون من التوكل في القلب وانما ينظر فيها الى ان العامة حين تستعملها ما تريد التوكل الذي يعلمه العلماء وانما تريد من مثل معنى اعتمدت عليك ومثل وكلتك ونحو ذلك فسهلوا فيها باعتبار ما يجول في خاطر العامة من معناه وانهم لا يعنون التوكل الذي هو لله لا يصلح الا لله لكن الاولى ان المنع لان هذا الباب ينبغي ان يسد ولو فتح باب انه يستسهل في الالفاظ لاجل مراد العامة فانه يأتي من يقول مثلا الفاظ شركية ويقول انا لا اقصد بهكذا مثل الذين يظهروا ويكثروا على لسانهم الحلف بغير الله بالنبي او ببعض الاولياء ونحو ذلك يقولون لا نقصد حقيقة الحلف ينبغي وصف ما يتعلق بالتوحيد وما ربما يكونوا قد يخطفه او يضعفه ينبغي وسط الباب امامه حتى تخلص القلوب والالسنة لله وحده لا شريك له نكتفي بهذا القدر. وصلى الله وسلم على نبينا