عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاوز الله لامتي ما حدثت به انفسها ما لم تلا به او تعمل به. هذا حديث جليل وهو في الصحيحين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الترمذي علينا وعليه رحمة الله باب ما جاء في من يحدث نفسه بطلاق امرأته حدثنا قتيبة قال حدثنا ابو عوانة عن قتادة عن زرارة ابن اوفى عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاوز الله لامتي ما حدثت به انفسها ما لم تكلم به او تعمل به الترمذي وهذا الحديث حديث واسع شامل يدخل في ابواب كثيرة وهو مثال برحمة من رحمات الله سبحانه وتعالى التي رحم الله بها عبادة فربنا جل جلاله قد تفضل على امة الاسلام بالفضل العظيم في شرائع الدين والتيسير ومضاعفة الاجر وغفران الذنوب والتجاوز عن الخطأ في مواضع كثيرة وهذا من فضل الله ومن رحمته سبحانه وتعالى والحديث الذي عندنا في هذا اليوم مظهر من مظاهر رحمة الله بهذه الامة قول الترمذي حدثنا قتيبة هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن ظريف الثقفي البغلاني ولد عام تسع واربعين ومئة وتوفي عام اربعين ومئتين وهو ثقة جليل وحافظ من كبار الحفاظ قال حدثنا ابو عوان وهو بوظاح ابن عبد الله اليشتري ابو عوانة الواسطي البصري ولد عام اثنين وعشرين ومئة وتوفي عام ست وسبعين ومئة وهو ثقة من الثقات ام قتادة وهو قتادة ابن دعامة السدوسي الحافظ الكبير والعلم الجليل وهو من خيار المفسرين كل عام ستين وتوفي عام سبعة عشرة ومئة وكان يحفظ حفظا عجيبا وتفسيره يعني تفسير قتادة من اروع التفاسير عن زرار وهو زرار ابن اوفى العامري الحرشي ابو حاجب البصري القاضي راضي البصرة وقد توفي عام ثلاث وتسعين وقيل تسعين وقيل ست ومياه هناك اختلاف كبير جدا في وفاة وهو ثقة من كما قال وحينما اورده ابن حبان في الثيقات قال كان من العباد واذا العزة قال فيه ثقة رجل صالح اذا هو ثقة عابد كما اختصر الحافظ ابن حجر ذلك وابو داوود الطيالسي قال عنه كان على قضاء البصرة مات وهو ساجد. نسأل الله حسن الخاتمة وقد اوردها البخاري في موطنين في صحيحه. ذكره في الايمان فقال باب اذا حدث ناسيا في الايمان. وانظر الى دقة البخاري بانه يستنبط الاحكام ثم قال وقول الله وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به لا تؤاخذني بما نسيت يعني ذكر الاية من سورة الاحزاب الاية الخامسة وذكر الاية ثلاثة وسبعين من سورة الكهف ثم ساقه من طريق مصعر قال حدثنا قتادة قال حدثنا زرارا وتأمل ان عند الترمذي عن قتادة عن زرارة لكن عند البخاري في صحيحه فيه التصريح بالسماع من زرارة ابن اوفى عن ابي هريرة يرفعه قال ان الله تجاوز لامتي عما وسوست او حدثت به انفسها ما لم تعمل به او تتكلم وايراد بخار اللائتين في هذا فيه يعني التفاتات الى احكام فقهية جليزة ليس عليكم جناحي لا اتم عليكم فيما فعلتموه مخطئين ولكن الاثم فيما فعلتموه عن عمد تؤاخذني من المؤاخذة وهي المحاسبة على الشيء من فوائد الحديث اولا في هذا الباب الذي اورده الترمذي هنا واورده البخاري يعني البخاري حينما اورده اراد بيان حكم من انا في يمينه عن غير عمد ناسيا او جاهلا وذكر هاتين الايتين. فالاولى فيها نفي الاثم عن الجاهل في الحكم وفي الثانية نفيه عن الناس فيظهر من ذلك ان مذهبه هو القول بعدم وجوب الكفارة على من حنث في اليمين ناسيا او جاهلا ثانيا تقدم الحديث عند البخاري برقم الفين وخمس مئة وثمانية وعشرين وسوف نرجع اليه لكن فيما ورده البخاري في هذا الباب في الايمان للاستدلال به على عدم وجوب الكفارة على الناس او الجهل وليس فيه ذكر هذين الصنفين ولكنه الحق الجهل والنسيان بالوسوسة ولذا قال الكرماني قاس الخطأ والنسيان على الوسوسة فكما انهما لا اعتبار لها عند عدم التوطن فكذا الناس والمخطئ لا توطين لهما ثالثا من الامور التي تترتب على من حنث في يمينه عن غير عمد ان ينفك عنه عند اول علمه به ومن الامثلة على ذلك ان يحلف المرء على يمينه ثم يأتي صورة من صور الحنف بها على جهل منه بانها من صور الحمد وبعدها يتبين له ذلك فهذا ليس عليه الكفارة وانما يلزمه ترك هذا الفعل مباشرة اما الموضوع الثاني الذي اخرج فيه البخاري الحديث فقال باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه ولا عتاقة الا لوجه الله. هكذا هو البخاري والترمذي ربما استفاد من البخاري هذا لما اورد الباب اشار الى حديث انما الاعمال بالنيات ماذا قال البخاري؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم لكل امرئ ما نوى قال ولا نية للناس والمخطئ ثم قال حدثنا الحميري قال حدثنا سفيان قال حدثنا مصعر عن قتادة عن زرارة ابن اوفى عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لي عن امتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل او تكلم طبعا قوله لوجه الله اي ابتغاء من ضعفه ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى المخطئ هو من اراد الصواب فصار الامر الى غير ذلك. من غير قصد منه. اما معنى تجاوز اي سامح وعفى ليه؟ اي لاجلي ما وسوست به صدورها اي ما حدثتهم به انفسهم من اعمال السوء من فوائد الحديث اولا ان الطلاق والعتاق واشباهها لا يقع شيء منها الا اذا كان عن قصد وفي هذا رد على من قال بان الطلاق والعتاق تقعان عمدا كان او مخطئا ذاكرا كان او ناسيا قال داودي وقوع الخطأ في الطلاق والعتاق ان يريد ان يلفظ بشيء غيرهما فيسبق لسانه اليهما. واما النسيان ففيما اذا حلف ونسى ثانيا ان الشريعة الاسلامية قد رغبت بعتق الرقاب فينبغي على من اراد ان يعتق ان يخلص النية لله تعالى وان يبتغي بذلك مرضاة الله تعالى لينال الثواب يوم القيامة فلنعشق لغير الله كأن يكون لصنم او شيطان فان العتق يقع زجرا للمعتق ويأثم على فعله اثما عظيما ثالثا ان العبرة في الطلاق والعتاق تكمن في نية المعتق او المطلق. فما كان يقصده في فؤاده فهو الذي يحكم به رابع عند الحديث على اكرام الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بان عفا عما يكون من الوسواس من الوساوس التي تبدر من امتك. ما لم تعمل او تتكلم بالسوء الذي كان يوسوس به خامسا توسيع الله تعالى لامة محمد صلى الله عليه وسلم في ابواب الخير. وذلك ان العبد اذا هم لفعل حسنة فلم يعملها الله له حسنة وان هم لفعل سيئة ولم يعملها كتبها الله له حسنة ايضا وذلك اذا كان تركها ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى. فهذا من رحمة الله. الترمذي لما اورد الخبر قال هذا حديث حسن صحيح ثم قال والعمل على هذا عند اهل العلم ان الرجل اذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيئا حتى يتكلم به اذا اتى الترمذي بما يتعلق بمعنى هذا الحديث. هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته