بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في رسالة عقيدة اهل السنة والجماعة ونؤمن بانه عنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو. ويعلم ما في البر والبحر. وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان. اما بعد بقي معنى الكلام عن قول الله عز وجل ولا رطب ولا يابس والرتب واليابس اليه ما تنقسم الاشياء فهي اما ان تكون رطبة واما ان تكون يابسة وبالتالي فيكون المذكور ها هنا من ذكر العامي بعد الخاص فيشمل كل شيء كل شيء فانه معلوم لله سبحانه وتعالى بل انه مكتوب في اللوح المحفوظ ومن اهل التفسير من قال ان الرتب ما ينبت واليابس ما لا ينبت ومنهم من قال ان الرطبة هو الحي واليابس هو الميت والله سبحانه وتعالى اعلم قال سبحانه الا في كتاب مبين هذا الكتاب المبين هو اللوح المحفوظ الذي هو محفوظ عن الخطأ ومحفوظ عن الزيادة والنقصان فالله عز وجل كتب في هذا اللوح المحفوظ مقادير كل شيء قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وكان عرشه على الماء سبحانه وتعالى للذاكر فهذا لوح محفوظ عظيم وكتاب مبين كتب الله عز وجل فيه كل شيء و ذلك مدون الى قيام الساعة. كل ما يقع وكل ما يكون فانه مكتوب في هذا اللوح المحفوظ نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ونؤمن بان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام. وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير هذه مفاتيح الغيب التي جاءت في الاية السابقة وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو هذه الخمس مفاتح الغيب هي المذكورة في هذه الاية التي معنى الان وهذا الذي فسر فسر به النبي صلى الله عليه وسلم هذه الاية فقال كما في الصحيح في البخاري وغيره قال مفاتح الغيب خمس ثم تلا هذه الاية وفي رواية ايضا في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مفاتح الغيب خمس لا يعلمها الا الله لا يعلم متى تقوم الساعة الا الله ولا يعلم ما تغيظ الارحام الا الله ولا يعلم ما في غد الا الله ولا تدري نفس باي ارض تموت الا الله ولا يعلم متى ينزل الغيث الا الله حديث في البخاري فهذه مفاتح الغيب يعني هذه امهات الغيب والا فمسائل الغيب لا حصر لها لكن هذه امهات مسائل الغيب قال سبحانه ان الله عنده علم الساعة يعني متى تكون الله سبحانه وتعالى اختص اه بعلم وقتها فلا احد يشارك الله سبحانه في علم وقت الساعة انما هذا شيء يختص الله عز وجل به وفي حديث جبريل لما سأل عليه السلام نبينا صلى الله عليه وسلم متى الساعة قال ما المسئول عنها باعلم من السائل فاذا كان اعلم الخلق بالله صلى الله عليه وسلم لا يعلم متى الساعة فكيف بمن سواه علم الساعة الى الله عز وجل ولكن الله سبحانه قد جعل لها علامات وامارات فقد جاء اشراطها وذلك حتى يستيقظ الغافلون من غفلتهم هناك علامات تدل على قرب قيام الساعة وهذه العلامات يمكن تقسيمها الى ثلاثة اقسام علامات مضت وانقضت كمثل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فانها من علامات الساعة بعثت انا والساعة كهاتين والقسم الثاني علامات ظهرت مبادئها ولما تستتم والقسم الثالث علامات لم تقع وستقع ومن ذلك العلامات التي يعدها جمهور اهل العلم المتأخرين بالعلامات الكبرى فاشراط الساعة الكبرى هذه لم تقع بعد ولكنها ستقع لان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بوقوعها قال سبحانه ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث انزال الغيث الى الله سبحانه وتعالى علم وقته الى الله كما مر معنا في الحديث السابق حديث البخاري قال لا ولا يعلم متى نزول متى ينزل الغيث الا الله فنزول الغيث علمه الى الله سبحانه وتعالى وقد يقول قائل ماذا نقول فيما نسمع في نشرات الاخبار الجوية باحتمال ان ينزل المطر غدا مثلا الجواب عن هذا ان يقال انه لا يستطيع احد البتة من هؤلاء او من غيرهم ان يجزم بان الغيث الذي انزاله من الله سبحانه وتعالى سيقع يقينا في وقت محدد هذا لا يمكن ان يكون من احد وكم ظهرت علامات تدل على ان نزول الغيث قريب ثم لم ينزل شيء لان امر ذلك الى الله سبحانه وتعالى وحتى اصحاب هذه الارصاد انما يقولون ان الفرصة مهيأة بنزول الغيث لا يلزمون بنزول الغيث ومن جزم بذلك فانه ادعى ما لا علم له به بل ادعى مشاركة الله سبحانه وتعالى فيما يختص به فلا يعلمون متى ينزل الغيث على وجه اليقين الا الله تبارك وتعالى قال سبحانه ويعلم ما في الارحام الله سبحانه وتعالى يعلم ما في الارحام ومتعلقات ما في الارحام كثيرة من ذلك جنس ما في الارحام من ذكر او انثى كذلك رزقه كذلك عمله كذلك كونه شقيا او سعيدا ما مآله في الاخرة الى غير ذلك من متعلقات ما في الارحام علم ذلك الى الله سبحانه وتعالى فلا احد يشارك الله جل وعلا في هذا العلم وها هنا ايضا يطرح سؤال فيقول قائل وماذا عن هذه الاجهزة الحديثة التي تحدد جنس الجنين اهو ذكر ام انثى والجواب عن هذا ان يقال ان متعلقات ما في الارحام لا تتعلق الجنسي فقط اليس كذلك انما هي متعلقات اخرى كثيرة وليس فقط ما يتعلق الجنس هذا هو الاول والامر الثاني متى علم هؤلاء ما في الارحام لما علم ذلك غيرهم فالملك يعلم ذلك فان هناك وقت فان هناك وقتا يعلم فيه من المخلوقين من يعلمه الله سبحانه وتعالى بجنس هذا الجنين فذلك انه اذا مرت اربعون يوما ثم اربعون يوما ثم اربعون يوما يرسل الله عز وجل الملك فيسأل اذكر ام انثى ويخبره الله سبحانه وتعالى هل هو ذكر ام انثى فحينئذ يعلم الملك لكن قبل ذلك علم هذا مخزون مخزون عن الخلق علمه الى الله سبحانه وتعالى بمعنى ارأيت لما كان الجنين نطفة هل يعرف احد جنس هذه النطفة اهي ذكر ام انثى لا احد يعلم ذلك اذا مرجع ذلك الى الله سبحانه وتعالى ومعرفة العباد بهذا بهذه المعرفة انما كانت متأخرة لما اعلم الله سبحانه وتعالى القبوا بذلك قال سبحانه وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ما يكون في المستقبل ما يكون في يوم غد هل سيكون الامر الذي نحب او الامر الذي نكره ما الذي سيحصل على وجه التحديد علم هذا الى الله سبحانه وتعالى لا يعلم ما يكون غدا الا الله والانسان قد يقدر في نفسه انه سيفعل كيت وكيت غدا ولكن هذا قد يقع قد لا يقع انما على وجه اليقين والتحديد لا يمكن لاحد ان يجزم بما سيكون انما علم ذلك الى الله سبحانه وتعالى وكم تمنى اناس وخططوا ان يكون اليوم المقبل او الليلة المقبلة ان يكون كذا وكذا ولكن حصل ضد ما كانوا يقدرون او يتمنون اذا ما يكون في الغد في المستقبل علمه الى الله سبحانه وتعالى هذا غيب اختص الله جل وعلا به قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله قال سبحانه وما تدري نفس باي ارض تموت المكان الذي يتوفى فيه الانسان علمه الى الله عز وجل والله لا يمكن لاحد ان يعلم اين سيموت واذا كان لا يعلم اين سيموت مع انه يمكن ان يلزم نفسه بمكان ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى قادر على ان ينقله عنه رغبة او رهبة اذا لان يكون جهله بالزمان من باب اولى وهو الذي لا يمكن فيه اي تحديد ولا يمكن فيه اي تقييد بخلاف المكان يعني اذا كان المكان الذي يمكن ان يلزم الانسان نفسه بالبقاء فيه ومع ذلك فانه لا يمكن الجزم بانه سيموت فيه فكيف بالزمان اذا من باب اولى الا يعلم متى يموت الانسان الا الله سبحانه وتعالى اذا وما تدري نفس باي ارض تموت علم ذلك الى الله سبحانه وتعالى وكم من الناس من لازم بقعة من بقاع الارض رجاء ان يموت هناك ولكنه في اللحظات الاخيرة من حياته ساقه الله الى البقعة التي شاء سبحانه وتعالى ان يموت فيها فذهب اليها فمات اذا علم ذلك الى الله سبحانه وتعالى طيب يبقى عندنا ها هنا سؤال وهو ماذا نقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم ان يموت في المدينة فليفعل هذا حث من النبي صلى الله عليه وسلم على ان يموت الانسان في المدينة مع ان علم موقع وفاة الانسان الى الله عز وجل فما توجيه هذا الحديث الجواب ان النبي صلى الله عليه وسلم حث في هذا الحديث على اتخاذ سبب من اسباب الوفاة في المدينة وهو ملازمة البقاء فيها فهذا سبب للوفاة فيها وقد مر بنا في بحث الاسباب ان السبب لا يوجب المسبب وانما مرجع ذلك الى بمشيئة الله سبحانه وتعالى وعلمنا ان كل سبب هو بحاجة الى سبب يعينه فاكثر والى ان تزول الموانع واعظم مانع مشيئة الله عز وجل قد تفعل السبب ويشاء الله عز وجل ان لا يوصل هذا السبب الى المسبب وبالتالي نفهم هذا الحديث على انه ماذا حث على فعل السبب لا غير لا على ان الانسان يعلم انه سيموت في المدينة او يموت في غيرها ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم علق هذا بالاستطاعة فقال من استطاع منكم ان يموت بالمدينة فليفعل يعني ليلازم ذلك قال له لازم البقاء في المدينة لعل ان يكون هذا سبب لعل هذا ان يكون سببا لان يتوفاه الله عز وجل في هذه المدينة الطيبة نالوا الاجر العظيم بان يكون النبي صلى الله عليه وسلم له شفيعا او شهيدا عليه الصلاة والسلام يوم القيامة قال سبحانه ان الله عليم خبير هذه اه الجملة اظن انه مر الكلام فيها وهي ان اسم الله العليم دال على ثبوت صفة العلم لله عز وجل والخبير دال على ثبوت صفة الخبرة وقلنا ان بعض الاسماء اخص من بعض ولذلك فالخبرة هي تفيد معنى العلم لكنه علم خاص وهو العلم ببواطن الامور وخفاياها العلم ببواطن الامور وخفاياها العلم صفة العلم صفة عامة تدل على ثبوت علم الله عز وجل بكل شيء خفي او جلي والخبرة تدل على ما هو اخص اذا بعض الاسماء اخص من بعض والله عز وجل اعلم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ونؤمن بان الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء قال تعالى وكلم الله موسى تكليما فقال تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه وقال تعالى وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا بعد ان تكلم بعد ان اورد المؤلف رحمه الله بعض الادلة التي تتعلق باعتقاد اهل السنة والجماعة بعلم الله سبحانه وتعالى انتقل الى ما يتعلق باعتقاد اهل السنة والجماعة في كلام الله سبحانه وتعالى قال رحمه الله ونؤمن بان الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء الكلام صفة كمال اتصف الله سبحانه وتعالى بها والله عز وجل اخبر عن نفسه بانه يتكلم واخبر بثبوت صفة الحديث له سبحانه وتعالى وكذلك اخبر بثبوت صفة المناداة وكذلك اخبر بثبوت صفة المناجاة كل ذلك ثابت لله سبحانه وتعالى في ادلة الكتاب والسنة اهل السنة والجماعة يعتقدون ان الله عز وجل يتكلم بكلام حقيقي وان كلامه يليق به سبحانه وتعالى لا ككلام المخلوقين على حد قوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير اذا نثبت لله عز وجل الكلام حقيقة ومع ذلك فاننا نعتقد ان كلام الله عز وجل ليس ككلام المخلوقين وبالتالي فاننا نفوض العلم بكيفية كلام الله عز وجل اليه. فنقول الله اعلم كيف هو كلامه سبحانه وتعالى لكننا نجزم بثبوت كلامه بل وانه يتكلم بما شاء وذلك ان الله سبحانه وتعالى لا لا يحد كلامه فهو يتكلم بما شاء اذا شاء ان يتكلم بالقرآن بالعربية تكلم واذا شاء ان يتكلم بالتوراة بالعبرية تكلم واذا شاء ان يتكلم بالانجيل بالسريانية تكلم فالله سبحانه وتعالى يتكلم بما شاء متى شاء في الوقت الذي يشاؤه سبحانه وتعالى يتكلم فالله سبحانه وتعالى لم يزل متكلما صفة الكلام صفة ذاتية فعلية ذاتية من حيث ان الله عز وجل لم يزل متصفا بها ما كان معطلا على الكلام ثم حدث له الكلام تعالى الله عن ذلك انما لم يزل الله عز وجل متكلما اما احاد الكلام فالله عز وجل يتكلم به اذا شاء فقد تكلم سبحانه بالقرآن لما شاء وتكلم بالفاتحة لما شاء وتكلم بسورة البقرة لما شاء فهو يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء بالكيفية التي يشاؤها سبحانه وتعالى مما لا نعلمه ويعلمه هو سبحانه وتعالى قال رحمه الله مستدلا على ما ذكر وكلم الله موسى تكليما تأمل معي كيف ان هذه الاية قد دلت على ثبوت الكلام حقيقة ويقينا لله سبحانه وتعالى فان الله عز وجل قد اكد ثبوت كلامه بذكر المفعول المطلق اليس كذلك والقاعدة في العربية ان المفعول المطلقة المؤكد لعامله يرفع توهم المجاز هكذا يذكر اللغويون والبلاغيون يعني اياك ان تظن ان الله سبحانه وتعالى لا يتكلم حقيقة بل الله عز وجل يتكلم حقيقة اياك ان تشك في ذلك اذا تأمل مثلا في قوله تعالى وذللت قطوفها تذليلا اذا هذا تذليل حقيقي واقع ولابد؟ اليس كذلك دل على هذا التأكيد بالمفعول المطلقة كذلك الامر في قوله وكلم الله موسى تكليما اذا اياك ان ينتابك شك بثبوت تكليم الله سبحانه وتعالى لموسى عليه الصلاة والسلام وقد ذكر شارح الطحاوية قصة طريفة وهي ان احد المبتدعة من المعتزلة جاء الى الامام ابي عمر ابن العلاء احد القراء السبعة المشهورين عند المسلمين ومعلوم ان المعتزلة ينفون صفة الكلام عن الله عز وجل عندهم الله لا يتكلم الكلام عندهم ليس صفة قائمة بالله انما هو شيء مخلوق كالسماوات والارض والحيوانات ولا شك ان هذا ضلال مبين بل كفر بالله سبحانه وتعالى المقصود ان هذا الرجل جاء الى هذا الامام وقال اني اشتهي ان تقرأ هذه الاية وكلم الله موسى تكليما وبناء على هذا يكون المتكلم من موسى يعني موسى هو الذي كلم الله لينفي عن الله ان يكون هو المتكلم فقال الامام ابو عمرو ابن العلاء رحمه الله قال الامام ابو عمرو ابن العلاء قال هبني قرأتها كذلك فماذا سنصنع في قوله تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ما الحيلة في هذه ولذلك جمع المؤلف رحمة الله تعالى عليه بين هاتين الايتين فاوردهما عقيبة بعض المقصود ان هذه الاية فيها اثبات صفة الكلام لله عز وجل وفيها ان الله عز وجل خص الكليم موسى عليه الصلاة والسلام بهذا الشرف العظيم ولذلك قد اخبر الله سبحانه وتعالى بانه اصطفاه بذلك اني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي والله عز وجل خصه بذلك كما انه قد خص ادم عليه الصلاة والسلام بكلامه كما انه قد خص نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بكلامه لان الله عز وجل قد كلمه بلا واسطة لما عرج به عليه الصلاة والسلام الى السماء في ليلة الاسراء والمعراج ثم قال المؤلف رحمه الله وقال تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه هذه ايضا فيها اثبات صفة كلام لله سبحانه وتعالى وانه يكلم من يشاء جل وعلا الله سبحانه وتعالى قد يكلم عباده بلا واسطة وقد يبلغ كلامه لعباده بواسطة الكلام بلا واسطة كما حصل مع موسى كما حصل مع ادم ومع نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام وقد يبلغ العبادة وقد يبلغ العباد كلامه بواسطة بواسطة الملك الموكل بابلاغ وحي الله سبحانه وتعالى وهو جبريل عليه الصلاة والسلام وكلام الله عز وجل يقسمه العلماء الى قسمين كلام شرعي وكلام كوني اما الكلام الشرعي فمنه ما انزل الله سبحانه وتعالى في كتبه التي انزلها على انبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام واما الكلام الكوني فانه الكلام الذي يدبر الله سبحانه وتعالى به هذا الكون ويخلق المخلوقات انما امرنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون بكن توجد الاشياء فتخرج من حيز العدم الى الوجود وسبحان الخالق العليم جل وعلا قال سبحانه وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا هذا ايضا يتعلق بموسى عليه الصلاة والسلام فان الله سبحانه وتعالى ناداه وناجاه والفرق بين المناداة والمناجاة ان المناداة تكون بالصوت الرفيع واما المناجاة فانها بصوت خفيظ ولذلك ابن القيم رحمه الله يقول في النونية ام اجمع العلماء من اهل اللسان واهل كل لساني ان الندا الصوت الرفيع وضده وهو النجاء كلاهما صوتان وهذا يدلنا على ان المعتقد الحق معتقد اهل السنة والجماعة هو الصواب في هذا الباب من ان كلام الله عز وجل كلام بحرف وصوت الله عز وجل يتكلم بصوت ولو لم يرد في الادلة قد جاء في عدد من الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوت الصوت في كلام الله عز وجل اقول لو لم يرد هذا فان الكلام من حيث هو كلام لابد ان يكون بصوت ولذلك ذكر الصوت ها هنا من باب التأكيد من من باب التأكيد انه كلام حقيقي ومن ذلك ما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى ينادي يوم القيامة بصوت يا ادم اخرج بعث النار من ذريتك فهذا هو بضعة احاديث اخرى تدل على ثبوت الصوت في كلام الله عز وجل كذلك الحرف كلام الله عز وجل بحرف ويدل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ بحرف من كتاب الله فله به عشر حسنات لا اقول الف لام ميم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف المقصود ان هذا هو الفرق بين المناداة والمناجاة وكلاهما ثابت لله سبحانه وتعالى بالكيفية التي لا نعلمها ويعلمها هو سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ونؤمن بانه لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل ان تنفذ كلمات ربي ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله. ان الله عزيز حكيم اتاني الايتان تدلان على ان كلام الله عز وجل كلام عظيم وكلام كثير لا حد له ويكفي ان تعلم ان كل مخلوق يخلق فان الله سبحانه وتعالى يخلقه بكلامه تصريفه وتدبيره سبحانه وتعالى لهذا الكون يكون بكلامه فكم هي المخلوقات التي تنشأ في اللحظة الواحدة و كم هي الامور التي تتصرف وتدبر في هذا الكون في اللحظة الواحدة وكل ذلك بكلامه سبحانه وتعالى اذا هذا يدل على ان كلام الله عز وجل كلام كثير عظيم لا يمكن للعباد ان يحصوه ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر والف البحر تدل على الاستغراق يعني كل بحار الارض لو انها جميعا كانت حبرا يمد هذه الاقلام بحيث تكتب كلام الله عز وجل فان كل ذلك ينفد فان كل ذلك ينفذ وكلام الله سبحانه وتعالى لا ينفذ ما نفذت كلمات الله ان الله عزيز حكيم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ونؤمن بان كلماته اتم الكلمات صدقا في الاخبار وعدلا في الاحكام وحسنا في الحديث. قال الله تعالوا احسن الله اليكم. وحسنا في الحديث قال الله تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. وقال ومن اصدق من الله حديثا كلام الله سبحانه وتعالى احسنوا الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال كما في صحيح مسلم اما بعد فان خير حديث كلام الله كلام الله عز وجل خير الحديث ويكفي ان الله سبحانه وتعالى وصفه بالصدق والعدل وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا قال اهل التسيير كلمات الله عز وجل صدق في الاخبار وعدل في الاحكام يعني ان كلام الله سبحانه وتعالى جميعا صدق والصدق معروف وهو مطابقة الكلام للواقع لا يمكن ان يقع في كلام الله عز وجل مخالفة للواقع حاشى وكلا ان يكون كذب في كلام الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا كذلك احكامه سبحانه وتعالى سواء اكانت احكاما تكليفية او كانت احكاما جزائية كل ذلك هو من عدل الله سبحانه وتعالى فلا يمكن ان يكون في كلام الله ظلم كذلك الله سبحانه وتعالى كلامه موصوف بالحسن بل هو احسن الكلام الله نزل احسن الحديث كتابة متشابها مثاني الى اخر ما بين سبحانه وتعالى اذا احسنوا الكلام وخير الكلام كلام الله سبحانه وتعالى وهو صدق وعدل والعقول ان رزقت انصافا تأملت شيئا من كلام الله عز وجل فانها مضطرة للاذعان بذلك ان خير الكلام كلام الله عز وجل بل فضل كلام الله على كلام غيره كفضله هو سبحانه وتعالى على غيره هذا مما لا شك فيه ولا ريب ومن احاط بشيء من العلم بكلام الله سبحانه وتعالى فانه ولا شك سيصل الى هذه النتيجة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ونؤمن بان القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلم به حقا والقاه الى جبريل عليه السلام فنزل به جبريل عليه السلام على قلب صلى الله عليه وسلم قال تعالى قل نزله روح القدس من ربك بالحق فقال تعالى وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين احسنت انتقل المؤلف رحمه الله بعد الكلام عن صفتي كلام الى الكلام عن القرآن والعلاقة بين الكلام والقرآن علاقة عموم وخصوص فان القرآن اخص من صفة الكلام لانه بعض كلام الله عز وجل لانه بعض كلام الله سبحانه وتعالى اذا القرآن من كلام الله عز وجل المؤلف رحمه الله تعالى يقول ونؤمن بان القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلم به حقا اي والله وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ما هو الكلام الذي يسمعه اليس هو القرآن اذا القرآن كلام الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يعرض نفسه على القبائل في مواسمهم في مواسم العرب كان يقول الا رجل يحملني فابلغ كلام ربي فان قريشا منعتني ان ابلغ كلام ربي اذا القرآن كلام الله عز وجل حقا الذي قال الحمد لله رب العالمين هو الله عز وجل والذي قال قل اعوذ برب الناس هو الله عز وجل والذي قال ما بين هذا وهذا هو الله عز وجل والكلام ينسب لمن قاله مبتدأ لا لمن تكلم به مبلغا الكلام كلام الباري والصوت صوت القارئ هذه مسألة مهمة قد يلبس بها بعض الناس كيف نقول ان القرآن كلام الله والعباد يتكلمون به والجواب عن هذا ما ذكرت لك الكلام ينسب لمن قاله مبتدأ لا لمن تكلم به مبلغا فالكلام كلام الباري والصوت صوت القارئ اذا ذكرت بيتا من الشعر و تكلمت به بلسانك فهل نقول هذا كلامك؟ او نقول هذا كلام الشاعر الفلاني اقول هذا كلام الشاعر الفلاني. وان كنت قد بلغته وان كنت ماذا قد بلغته فالكلام فالقرآن اذا كلام الله سبحانه تكلم به حقيقة اذا ليس عبارة عن كلام الله ولا حكاية عن كلام الله بل القرآن كلام الله لفظه ومعناه ولذلك اطبق السلف رحمهم الله على بيان عقيدتهم في القرآن الكريم بقولهم القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود القرآن كلام الله هو الذي تكلم به منزل منه سبحانه وتعالى كما اخبر الله عز وجل فيما سمعت من الايات وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين غير مخلوق كلام الله عز وجل ليس مخلوقا المخلوق هو المفعول الذي يخلقه الله سبحانه وتعالى اما الصفة التي تقوم بالله عز وجل فحاشى وكلا ان تكون شيئا مخلوقا انما الكلام صفة للمتكلم فاذا كان المتكلم مخلوقا فكلامه مخلوق اما اذا كان المتكلم هو الحي الذي هو الاول والاخر الحي الذي لا يموت سبحانه وتعالى فان كلامه غير مخلوق منه بدأ فهو الذي تكلم به سبحانه وتعالى ابتداء واليه يعود يعني يعود القرآن الى الله سبحانه وتعالى في اخر الزمان كما ثبت بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان الارض الى اه لم يبق فيها الا شرار الخلق الذين هم معرضون عن كلام الله عز وجل لا يلتفتون اليه فان الله سبحانه وتعالى يرفعه من المصاحف ومن صدور الناس هذا القرآن عزيز وانه لكتاب عزيز متى ما انصرف الناس عنه واعرضوا عنه ولم يبالوا به فان الله سبحانه وتعالى يرفعه واسأل الله ان لا ندرك ذلك الوقت الذي لا يبقى فيه عند الناس شيء من كلام الله عز وجل اي قيمة للحياة اذا لم يبقى بين الناس كلام الله سبحانه وتعالى نعوذ بالله من تلك الحال المقصود ان القرآن كلام الله منه نزل واليه يعود او كما يقول بعض اهل العلم اليه يعود حكمه فيكون هذا كالتأكيد للجملة الاولى منه بدأ واليه يعود يعني يعود الى الله عز وجل حكمه قال المؤلف رحمه الله تكلم به حقا والقاه الى جبريل عليه الصلاة والسلام فسمعه جبريل من الله هذا الذي يعتقده اهل السنة والجماعة ان جبريل عليه الصلاة والسلام سمع كلام الله لما تكلم الله به سمع هذا القرآن من الله لما تكلم به ثم ان جبريل عليه الصلاة والسلام نزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل الذي سمعه من ربه العظيم سبحانه وتعالى الذي تكلم به ثمان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تلقوا هذا القرآن وسمعوه من النبي عليه الصلاة والسلام ثم تلقاه عنهم التابعون واهل مجرة الى يومنا هذا اذا القرآن يرجع سنده الى النبي صلى الله عليه وسلم ثم النبي صلى الله عليه وسلم سمعه من جبريل وجبريل سمعه من الله سبحانه وتعالى هذا الذي عليه معتقد اهل السنة والجماعة وحذاري من بنيات الطريق يعني من المذاهب الرديئة التي عليها المبتدعة المخالفون للحق في هذا المقام بقيت عندنا ها هنا وقفة تتعلق بكلام المؤلف رحمه الله تعالى وهو ونؤمن بان القرآن كلام الله تعالى تكلم به حقا القرآن كلام الله عز وجل حقا لا شك في ذلك ولا ريب وهذا مما ينبغي ان نتنبه له يا اخوة وهو ان هذا القرآن الذي بين ايدينا كلام الله عز وجل فما اكثر المشككين في ذلك في هذا الزمان وما اكثر الشبه التي تثار على كتاب الله وعلى نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فحذاري من هذا الامر لابد من ان نصل الى اعتقاد جازم ويقين تام بان هذا القرآن الذي بين ايدينا كلام الله سبحانه وتعالى حقا وصدقا والدلائل والبراهين التي تدل على ذلك كثيرة جدا لو تأمل الانسان في هذا القرآن فقط فانه والله لو تأمل في ادنى او في اقل سورة فيه لجزم بانه كلام الله وان الذي بلغنا اياه رسول الله حقا فهو اعظم دليل وبرهان على ان نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله عز وجل حقه اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم والله انه لكاف وشاف وانه لدليل قاطع على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ان هذا كلام الله عز وجل حقا و لعلنا بعون الله سبحانه وتعالى وتوفيقه نتذاكر في شيء من الدلائل والبراهين على ان هذا القرآن كلام الله سبحانه وتعالى حقا وصدقا نؤجل هذا لانه كلام يطول نؤجله ان شاء الله تعالى الى الدرس القادم اسأل الله سبحانه لي ولكم ولجميع المسلمين التوفيق والسداد والهداية والرشاد وان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يصلح قلوبنا واحوالنا وان يملأها يملأ قلوبنا بحبه والسنتنا بذكره وان يوفقنا لطاعته وان يستعملنا في مراضيه وان يتوفانا وهو راض عنا غير غضبان انه لسميع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان