بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال النووي علينا وعليه رحمة الله الثالث والعشرون عن علي بن حاتم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اتقوا النار ولو بشق تمرة متفق عليه وفي رواية لهما عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم وينظر اشأم منه فلا يرى الا ما قدم وينظر بين يديه فلا ينظر الا النار تلقاء وجهه. فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة هذا الحديث الذي اتفق البخاري ومسلم على تخريجه من حديث علي ابن حاتم رضي الله عنه والرواية التي ساقها النووي هي رواية جليلة اتقوا النار ولو بشق تمرة الانسان يؤدي العبادات والطاعات فعلا وثرجا لاجل ان يوقى من النار وجاءت الرواية التي بعدها وهي ايضا في الصحيحين مفصلة للرواية السابقة ودافعا للاجمال الوارد في الرواية الاولى ما منكم من احد الا سيكلمه ربه في هذا البيان ان الانسان سيلقى ربه بعمله ليس بينه وبينه ترجمان والترجمان هو المفسر للسان فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم. الانسان يرى اعماله هناك وينظر اشأم منه فلا يرى الا ما قدم اي ينظر الى يساره فيرى اعمالهم وينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه ولذلك الانسان يتقي النار بالعمل الصالح قال فاتقوا النار فجاءت هذه الفاء رابطة فاتقوا النار ولو بشق تمر اي على الانسان ان لا يفرط في الاعمال الصالحة وان لا يترك شيئا يقربه الى الله ويقيه النار قال فمن لم يجد فبكلمة طيبة. وهذا يعني فيه اشارة الى اهمية الكلمة الطيبة ومكانتها وان الانسان اذا لم يتوفر له ما ينفقه من الصدقات فيتصدق على الاخرين ببشاشة الوجه والكلمة الطيبة اذا التقوى طلب النجاة من العذاب بفعل الطاعات وترك المنهيات وهذا الحديث فيه فوائد جديدة. اولا الحث على الصدقة حتى لو كانت قليلة فانها عظيمة عند الله يوم القيامة ثانيا من الاسباب التي تنجي العبد من النار الاكثار من الصدقات وتضييب نفوس الناس بالكلام الحسن الذي ينفع ثالثا عدم التهوين في قيمة الفعل الذي يفعله المؤمن لانه قد يكون باخلاصه سببا في نجاته يوم القيامة. فالانسان لا يفرط بعمل لان هذا العمل قد يكون سببا في نجاته ولا يتساهل الانسان في اثم لانه قد يكون سببا في هلاكه رابعا القليل من العمل الصالح يجدي وينجي حينما يكون مصحوبا بالنية الخالصة لله تعالى بل ان العمل الصالح ينفع في الدنيا وينفع في الاخرة وفيه النجاة حتى قيل انه بالصدقات تدفع الكربات الاعمال الصالحة والاحسان للاخرين هذه القربات بالقربات تدفع الكربات خامسا الرواية الثانية هي بمثابة شرح وبيان للرواية الاولى. حتى يعني تدرك براعة الاختيار الامام النووي واخبار بما سيحصل لكل احد بين يدي الله. لان الانسان سيلقى الله بعمله لا محالة سادسا الخوف من النار. يجب ان يستمر في الانسان. ما دام في هذه الحياة لاجل ان يعمل للوقاية من النار. ما دمت في هذه الحياة فعليك ان تعمل وان لا تفرط سابعا من لم يجد ما يتصدق به فليكثر من الكلمات الطيبة فهي احسانا على السامعين. وباب من ابواب الحسنات كبير ثامنا الكلمة الطيبة هي التي فيها تطييب قلب انسان وشرطها ان تكون طاعة او مباحة. فانت تطيب فيها قلب انسان لكن شرطها ان تكون طاعة لله او مباحة لانه بعض الذين في قلوبهم مرظ يعني يطيب لهم سماع الشيء المحرم. فنحن هنا نشترط ان تكون طاعة او مباحة تاسعا طيب الكلام ولين المقال له اثر طيب في النفوس وينزع الشحناء والبغضاء من القلوب لذا كان سببا من اسباب النجاة من النار عاشرا الاعمال الصالحة ينميها الله لاصحابها كما ينمو الزرع لمن بذره في الارض الطيبة والله يضاعف لمن يشاء بحسب اخلاصه في عمله والله عظيم العطاء. عليم بنيات العباد حادي عشر اذا قرأ المؤمن هذه الاحاديث تيقن بان هذه الدنيا محل امتحان واختبار وان كل ما فيها من الاموال والاولاد انما هو زائل يذهب بمجرد دخوله الى القبر فيقوده ذلك الى مباشرة الاعمال التي تخلصه من النار وتقربه الى الله تعالى ثاني عشر ان التناصح بين عباد الله تعالى كان من دأب الانبياء وعباد الله الصالحين فعلى المؤمن ان يكون ناصحا في بيته. وبين اهله واخوانه فيحثهم على فعل الخيرات والابتعاد عن المنهيات لينالوا رحمة ربهم جل في علاه وتأمل خطاب النبي صلى الله عليه وسلم في توجيه الصحابة لما قال ما منكم من احد الا سيكلمه ربه فينبغي على الانسان ان يستحضر هذا ثالث عشر اثبات صفة الكلام لله. من غير تجفيف ولا تمثيل بخلاف من انكر ذلك من الفرق التي ظلت عن صراط الله المستقيم رابع عشر في الحديث تكليم الله للعباد ومحاسبته لهم وبيان شدة الفزع في ذلك اليوم فينبغي على المؤمن ان يكثر من الاعمال الصالحة. التي تكون سببا في امانه ودخوله الجنة مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن اولئك رفيقا هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته